logo

logo

logo

logo

logo

الكيمياء الحركية

كيمياء حركيه

Kinetic chemistry - Cinétique chimique

الكيمياء الحركية

 

الكيمياء الحركية kinetic chemistry فرع من فروع علم الكيمياء، ويعنى بدراسة سرعة التفاعلات وآليتها (ميكانيكيتها)، أي الخطوات المتتابعة التي تؤدي إلى تكوين المواد الناتجة. فالتساؤل عن حدوث التفاعل خلال مدة معيّنة من الزمن هو من اختصاص الكيمياء الحركية، أما التساؤل عن إمكانية حدوثه أو عدمها فيحدده علم الترموديناميك.

تختلف التفاعلات الكيمياوية بعضها عن بعض بمقدار الزمن اللازم لحدوثها. فبعض التفاعلات تحدث في الحال ولا تحتاج إلى زمن طويل لحدوثها، مثال ذلك اشتعال الغازولين في أسطوانات آلة السيارة لتحريكها، بينما طهي الطعام (وهو مجموعة من التفاعلات) يحتاج إلى وقت لإتمامه. والطبقة الحديثة من الدهان الحاوي على زيت بزر الكتان يجف ببطء، إذ يتبخر المذيب أولاً ثم يحدث التفاعل التدريجي لراتنجات زيت بزر الكتان مع الأكسجين. ويحتاج التفاعل لإتمامه إلى أسابيع أو أشهر. وبتعبير علمي، فإن السرعة التي يحدث فيها تفاعل كيمياوي تدعى سرعة التفاعل rate of reaction، ويمكن التعبير عنها بتغيّر معين خلال فترة معينة من الزمن مقدرة بالثواني أو الدقائق أو الساعات أو الأيام أو السنوات. وعادة ما يعبر عن سرعة التفاعل الكيمياوي، بدلالة التغير في تركيز إحدى مكوِّنات التفاعل أو ضغطها. ويمكن أن تعرّف السرعة rate بأنها معدل النقصان في تركيز إحدى المواد المتفاعلة أو معدل الزيادة في تركيز إحدى المواد الناتجة من التفاعل.

عندما يحدث تفاعل كيمياوي، فإن التغير الحاصل (الذي تُبيِّنه المعادلة الكيمياوية) قلما يحدث حسب ما هو مذكور في المعادلة وإنما (غالباً) يجري عن طريق سلسلة من تفاعلات كيمياوية، وتدعى هذه آلية التفاعل. فاحتراق البروبان C3H8:

لا يمكن أن يحدث في مرحلة واحدة حيث تصطدم خمسة جزيئات O2 وجزيء C3H8 مع بعضها. ويفيد قياس سرعات تفاعل ما في معرفة حقيقة آليته.

العوامل المؤثرة في سرعة التفاعل

تتوقف سرعة التفاعل الكيمياوي على طبيعة المواد المتفاعلة وعلى الشروط التي يجري وفقها التفاعل. فبعض التفاعلات بطبيعتها سريعة، وأخرى بطبيعتها بطيئة. فسطح من الصوديوم مقطوع حديثاً يكمد في الحال عند تعرضه للهواء وبخار الماء لأن الصوديوم يخسر إلكتروناته بسهولة، في حين يتفاعل الحديد مع الهواء وبخار الماء - حيث يتشكل الصدأ - بصورة أبطأ بكثير في شروط التفاعل نفسها، والسبب في ذلك أن الحديد لا يخسر إلكتروناته بالسهولة التي يخسر فيها الصوديوم إلكتروناته.

ومن الشروط المؤثرة في سرعة التفاعل قدرة المواد المتفاعلة على التماس بعضها مع بعض. فمعظم التفاعلات تشمل جزيئين أو أكثر. فمن البدهي، أن يحصل تماس بين المواد المتفاعلة حتى يحدث التفاعل. ولهذا السبب تجري التفاعلات في معظم الحالات في المحلول أو في الحالة الغازية، ففي هذه الشروط تتمكن الدقائق المتفاعلة من الاختلاط بعضها مع بعض على المستوى الجزيئي مما يسمح للدقائق المتفاعلة »سواء كانت جزيئات أم أيونات (شوارد ions) أن يصطدم بعضها مع بعض.

وعندما تكون المواد المتفاعلة كافة بطور واحد، يدعى التفاعل الحادث تفاعلاً متجانساً homogeneous reaction؛ مثال ذلك التفاعلات الجارية بين الغازات أو تلك التي تحدث في المحاليل.

أما في حالة التفاعلات غير المتجانسة؛ أي عندما تكون المواد المتفاعلة في طورين أو أكثر، فيحدث التفاعل بين المواد المتفاعلة عند سطوح تماس هذه الأطوار. ولذلك فإن سطوح التماس هي التي تحدد سرعة التفاعل.

لتركيز المواد المتفاعلة تأثير كبير على سرعة التفاعل، سواءً كان متجانساً أم غير متجانس. فالخشب، مثلاً، يحترق في جو من الأكسجين النقي أسرع بكثير من احتراقه في جو من الهواء.

ولدرجة حرارة الجملة المتفاعلة تأثير في سرعة التفاعل. فمعظم التفاعلات تجري بسرعة أكبر عند رفع درجة الحرارة.

وللحفّاز (الوسيط) تأثير في سرعة التفاعل. والحفّاز هو مادة يؤثر وجودها في سرعة التفاعل من دون أن تستهلَك، أي لا تدخل في التفاعل.

قياس سرعة التفاعل

 

تركيز HI (مول/لتر)

الزمن (ثا)

0.100

صفر

0.0716

50

0.0558

100

0.0457

150

0.0387

200

0.336

250

0.0296

300

0.0265

350

   
 
 

الشكل (1)

تقاس سرعة التفاعل بقياس تركيز إحدى المواد المتفاعلة أو الناتجة في فترات زمنية منتظمة خلال التفاعل.

وفي أثناء حدوث التفاعل الكيمياوي، تتغير تراكيز المواد المتفاعلة الناتجة من التفاعل بمرور الزمن. فتراكيز المواد المتفاعلة تتناقص في أثناء التفاعل، بينما تزداد تراكيز المواد الناتجة نظراً لتشكل هذه المواد. وتقاس السرعة بوساطة قياس تغير تركيز إحدى المواد المتفاعلة أو الناتجة من التفاعل مع الزمن. يقاس التركيز بالمول/لتر. ويقاس الزمن عادة بالثانية، فسرعة التفاعل تقاس بالمول/لتر.ثا. فإذا كان تغير تركيز مادة متفاعلة ما 0.5 مول/لتر كل ثانية فسرعة التفاعل تكون 0.5 مول.لتر-1. ثا-1. والسرعة لا تبقى، من أجل معظم التفاعلات، ثابتة مع تقدم التفاعل. فهي تتوقف، عادة، على التركيز الذي يتغير هو نفسه مع تقدم التفاعل. ويبيّن الجدول (1)، على سبيل المثال، معطيات تجريبية حول تفكك يوديد الهدروجين عند درجة الحرارة 805 ْس.

وقد رسمت هذه النتائج في خط بياني (الشكل-1)، فالمحور الشاقولي يبيّن تركيز HI. [HI]، مقدراً بالمول/لتر.

يتبين من الشكل (1) أن تركيز HI ينخفض بسرعة في الثواني الخمسين الأولى من التفاعل، فالسرعة البدائية كبيرة نسبياً. ويتغير التركيز بمقدار صغير فقط في الخمسين ثانية بين 300 و350 ثانية من بداية التفاعل، أي إن التفاعل قد تباطأ بشكل ملحوظ، ويبيِّن مقدار ميل المنحني (تركيز/زمن) سرعة التفاعل. فكلما كان المنحني أكثر ميلاً، كانت السرعة أعلى.

يُحصل على القيمة الدقيقة للسرعة عند زمن معين بتعيين ميل المنحني في النقطة الموافقة لهذا الزمن. فالميل، الذي يساوي السرعة، هو نسبة تغير التركيز إلى تغير الزمن كما يُقرَأ من المنحني. ففي الشكل (1)، تعين سرعة تفكك يوديد الهدروجين بعد مرور 100 ثانية من بداية التفاعل برسم مماس للمنحني في النقطة الموافقة لـ 100 ثانية، ثم يُقاس (من المنحني) تغير في التركيز (وليكن 0.027 مول/لتر)، هذا التغير يوافقه تغير في الزمن قدره (110 ثا) من المنحني. فنسبة هذين المقدارين تساوي 0.027 مول/لتر/110 ثا أي عند هذه النقطة الميل = 0.027 مول/لتر/110ثا = 0.00025 مول لتر-1 ثا-1 = 2.5 ×10-4 مول لتر-1ثا-1.

السرعة والتركيز

تتغير السرعة بتغير التركيز (الشكل-1). وتعطى العلاقة بين سرعة التفاعل وتراكيز المواد المتفاعلة بمعادلة يطلق عليها اسم قانون السرعة. وعموماً، فإن السرعة تتناسب مع جداء تراكيز المواد المتفاعلة، كل منها مرفوع إلى قوة. فعلى سبيل المثال، عند تفاعل مادتين A وB تكون المعادلة الكيمياوية:

وتعطى سرعة التفاعل بالعلاقة: 

 [A]n [B]m السرعة

وتحدد قيمة كل من n وm تجريبياً. يستعاض عن رمز التناسب بالرمز (=)، إذا استعمل ثابت k يطلق عليه اسم ثابت السرعة rate constant. ومعادلة السرعة تصبح:

k [A]n [B]m = السرعة

وهذا هو قانون سرعة التفاعل. وعندما تُعرف قيم k وn وm، فإن قانون السرعة يسمح بحساب سرعة التفاعل إذا كانت التراكيز معروفة. فسرعة تفاعل حمض السلينيوم (IV) مع أيون اليوديد في وسط حمضي عند درجة حرارة الصفر سلسيوس.

(1)

وجدت تجريبياً أنها تعطى بقانون السرعة: *. وتسمح المعادلة بحساب سرعة التفاعل عند الدرجة الصفر سلسيوس لأي مجموعة من تراكيز I- وH2SeO3 وH+.

يلاحظ أن القوة التي يرفع لها تركيز أي مادة متفاعلة لا علاقة لها بتاتاً بأي عدد داخل في معادلة التفاعل. وواقع الحال أنه لا يمكن معرفة هذه القوى إلا بإجراء تجارب خاصة لتعيينها.

يطلق اسم رتبة order التفاعل على مجموع القوى في قانون السرعة. ففي تفاعل تفكك غاز N2O5 إلى NO2 وO2، الذي قانون السرعة له هو:

   k[N2O5]1    =   السرعة

توجد مادة متفاعلة واحدة. والقوة المرفوع لها تركيز N2O5 هي 1، فالتفاعل يعدّ من المرتبة الأولى. أما في قانون سرعة تفكك HI، فتركيز HI مرفوع إلى القوة 2 لذلك يعد التفاعل من المرتبة الثانية. إذا دخلت في قانون السرعة مادتان متفاعلتان أو أكثر كل منها مرفوع إلى قوة، فيمكن وصف رتبة التفاعل بالنسبة لكل مادة. ففي قانون سرعة التفاعل (1)، رتبة التفاعل بالنسبة لـ H2SeO3 تساوي 1، وهو من المرتبة الثالثة بالنسبة لـ I- ومن المرتبة الثانية بالنسبة لـ H+. ورتبة التفاعل الكلية هي مجموع رتب التفاعل بالنسبة لكل مادة متفاعلة. رتبة التفاعل قد تكون عدداً صحيحاً أو كسراً وقد تكون سالبة. والقوة السالبة تعني أن التركيز في المخرج (المقام)، وكلما ازداد تركيز هذه المادة، صغرت سرعة التفاعل. وقد تكون قوة التركيز صفراً، وهذا يعني أن لا علاقة للسرعة بتركيز هذه المادة.

درجة الحرارة

 
 

الشكل (2) طاقة التنشيط لتفاعل ناشر للحرارة

تزداد سرعة التفاعلات الكيمياوية عموماً مع ارتفاع درجة حرارة التفاعل. ويمكن شرح تأثير درجة الحرارة على سرعة التفاعل، عن طريق النظرية الحركية للغازات التي تبرهن أن متوسط الطاقة الحركية لمجموعة من الجزيئات يتناسب طرداً مع درجة الحرارة المطلقة. ولذلك فإن ارتفاع درجة الحرارة يزيد من عدد الجزيئات التي لديها طاقة حركية عالية جداً. وهذه الجزيئات عالية الطاقة هي التي يمكن أن تتفاعل عند تصادمها. فعند أي درجة حرارة T1 يوجد عدد من الجزيئات يملك طاقة حركية متوسطة. وبعضها الآخر لديه طاقة أقل أو أكثر من المتوسط عند تلك الدرجة. لذلك فإن عدداً محدوداً من الجزيئات عند هذه الدرجة لديه الطاقة الكافية E0 لأن يتفاعل ويكوِّن النواتج عند التصادم. وعند درجة حرارة أعلى T2 فإن عدداً أكبر من الجزيئات سوف يكون له طاقة التنشيط اللازمة للتفاعل. وبالتالي، فإن التفاعل يحدث بسرعة أكبر. ويمكن إيضاح التأثير في الشكل (2) حيث يظهر توزيع الطاقة الحركية بين الجزيئات عند درجتي حرارة مختلفتين T1 وT2 حيث T2 هي درجة الحرارة الأعلى. تمثّل المساحة المظللة عدد الجزيئات التي لديها طاقة حركية تساوي طاقة التنشيط أو أكثر، ويلاحظ أن هذه المساحة أكبر عند درجات الحرارة العالية حيث سيكون لعدد كبير من الجزيئات طاقة كافية لكي تتفاعل عندما تتصادم، أي إن سرعة التفاعل تزداد بازدياد درجة الحرارة. وبتعبير آخر فإن قيمة ثابت سرعة التفاعل k تزداد كلما ارتفعت درجة الحرارة. أما من الناحية النظرية فقد أوجد العالم السويدي أرينوس Arrhenius في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين معادلة رياضية تربط بين طاقة التنشيط Ea ودرجة الحرارة المطلقة T وثابت سرعة التفاعل النوعي :k

حيث k ثابت سرعة التفاعل، A ثابت له واحدات k، Ea طاقة التنشيط وR الثابت العام للغازات. ومن المهم جداً ملاحظة أن قيمة k تتناقص كلما ازدادت قيمة Ea، وهذا يعني أن سرعة التفاعل عندئذ تتناقص.

طاقة التنشيط

تحتاج الجزيئات كي يتفاعل بعضها مع بعض مقداراً من الطاقة يختلف باختلاف نوعها. تدعى هذه الطاقة طاقة التنشيط activation energy ويرمز لها بالرمز Ea، وتمثل طاقة التنشيط هذه الطاقة اللازمة لتكسير الروابط الموجودة في الجزيئات المتفاعلة أو تحرير الإلكترونات الخارجية كي تنتقل من ذرة إلى أخرى. فكلما كانت طاقة التنشيط كبيرة كان التفاعل بطيئاً. ووفقاً لهذا فإن الجزيئات المتفاعلة لا تتحول مباشرة إلى مواد ناتجة بل يجب أن تكون لديها طاقة كافية للتغلب على حاجز طاقة التنشيط. ويبين الشكل (2) طاقة التنشيط لتفاعل ناشر للحرارة.

تمثّل النقطة A في هذا الشكل معدل طاقة المواد المتفاعلة، أما النقطة D فتمثّل طاقة المواد الناتجة، كما تمثّل النقطة B طاقة الجزيئات المنشطة. ويقال إن الجزيئات موجودة في الحالة المنشطة أو الحالة الانتقالية، عندما تكون الجزيئات قد تصادمت وأصبحت لديها طاقة كافية لأن تتحول إلى مواد ناتجة. تمثّل المسافة BC حاجز التنشيط وتساوي قيمتها طاقة التنشيط Ea1، والتي يمكن تعريفها إنها أقل مقدار من الطاقة تحتاجه الجزيئات المتفاعلة عند النقطة A لتصل إلى الحالة المنشَّطة، وتكون قادرة على تكوين النواتج. فالجزيئات التي تتصادم من دون أن تكون لديها طاقة مساوية على الأقل لمستوى طاقة النقطة B لا يمكن أن تؤدي إلى حدوث أي تفاعل.

يتضح مما سبق، أن الجزيئات المتفاعلة لا بد وأن تعبر خلال الطريق ABD لتكوين النواتج، وأنه لا يمكنها المرور من النقطة A إلى D مباشرة. وبتعبير آخر لابد أن تتغلب الجزيئات المتفاعلة على حاجز طاقة التنشيط قبل أن تتحول إلى نواتج. والطاقة Ea1 هي الطاقة اللازمة للتفاعل

 
 

الشكل (3) طاقة التنشيط لتفاعل ماص للحرارة

وهي تساوي الفرق بين الطاقة في الحالة النشطة وطاقة المواد المتفاعلة:Ea1 = EB - EA

 وبالطريقة نفسها فإن Ea2 هي طاقة التنشيط للتفاعل المعاكس

 

وهي تساوي:Ea2 = EB - ED

وبذلك يكون الفرق في الطاقة بين Ea1 وEa2 كالآتي:

ΔE =  (EB - EA) - (EB - ED) = ED - EA

إن ΔE هي الفرق في الطاقة بين المواد الناتجة والمواد المتفاعلة، وهي تمثّل التغير في حرارة التفاعل ΔH. (التغير في الأنطلبية[ر]) عند حجم ثابت. ويلاحظ أن قيمة ΔH كمية سالبة لأن EA > ED. وفي هذه الحالة فإن التفاعل ناشر للحرارة.

أما إذا كان التفاعل ممثلاً بالشكل (3) فإن:

ΔH = ED - EA

ويتضح من الشكل (3) أن ED > EA، وبذلك تكون قيمة ΔH موجبة وفي هذه الحالة يكون التفاعل ماصاً للحرارة.

قياس سرعة التفاعل

تدرس التفاعلات الكيمياوية عموماً عند درجة حرارة ثابتة، حيث يمكن القيام بتفاعل كيمياوي معروف المكوّنات؛ ويعيَّن نقص تركيز إحدى المواد المتفاعلة أو ازدياد تركيز إحدى المواد الناتجة كتابع للزمن وبالطرق المناسبة. أما تأثير درجة الحرارة على سرعة التفاعل فيمكن إيجاده بإجراء التفاعل عند درجات حرارة مختلفة. ومن الطرق الشائعة لمتابعة تغيرات التركيز مع الزمن، التي تحدث في تفاعل ما، أخذ عينات من التفاعل عند فترات زمنية متعددة وإيقاف التفاعل في هذه العينات بسرعة بالطرق المناسبة كالتبريد المفاجئ إلى درجة حرارة أخفض بكثير من درجة حرارة التفاعل أو إضافة مادة كيمياوية أخرى حسب نوع التفاعل، ومن ثم تحليل هذه العينات لتقدير التركيز لإحدى المواد الناتجة أو المتفاعلة. وبالنسبة للتفاعلات الغازية التي يرافقها تغير في الحجم، فإنه يمكن متابعة تغيرات الضغط بالنسبة للزمن عند حجم ثابت، أو تغيرات الحجم عند ضغط ثابت. والجدير بالذكر أن هناك طرقاً أخرى متعددة لقياس سرعة التفاعل يمكن استعمالها في ظروف مناسبة، يذكر منها على سبيل المثال:

1- طريقة الناقلية الكهربائية electrical conductivity،

 2- طريقة معامل الانكسار refractive index،

3- طريقة المطياف الضوئي spectroscopy،

4- طريقة المطياف الكتلي mass spectroscopy.

نظرية التصادم في التفاعلات الغازية

افترضت النظرية الأولى المتعلقة بالتفاعلات الغازية أن الجزيئات لا تتفاعل مع بعضها إلا إذا اقترب بعضها من بعض وحصل تماس بينها، أي تصادمت. وفي أثناء التصادم تحدث إعادة ترتيب في الروابط الكيمياوية فتتشكل جزيئات جديدة من الجزيئات القديمة. وكمثال على ذلك تفكك يوديد الهدروجين عند درجة الحرارة 556 كلـڤن عند تركيز يساوي مول في اللتر. وجد بنتيجة الحسابات أن عدد الجزيئات المتصادمة من يوديد الهدروجين يساوي 6 ×3110 جزيء في السنتمتر المكعب في كل ثانية، وبالتالي فإن عدد التصادمات 3×3110 لأنه يلزم جزيئان لكل تصادم. ومن التجارب التي أجريت على تفكك يوديد الهدروجين عند التركيز نفسه ودرجة الحرارة نفسها، وجد أن عدد الجزيئات التي تتفكك فعلاً يساوي 2×1410 جزيئاً فقط في كل سنتمتر مكعب في الثانية. وهذا يعني أن تصادماً واحداً فقط بالتقريب من كل 1710 تصادم يكون مجدياً في حدوث تفكك يوديد الهدروجين وهذا يمثل جزءاً ضئيلاً من عدد التصادمات الكلية.

يمكن أن تكون بعض التصادمات غير شديدة ولا تؤدي إلى أي تغير في الجزيئات المتصادمة. فلكي يكون التصادم فعّالاً يجب أن يتوافر شرطان آخران وهما: أن تكون لدى الجزيئات المتصادمة كمية معينة من الطاقة على الأقل، وأن تكون الجزيئات المتصادمة في الوضع المناسب عند التصادم.

نظرية الحالة النشيطة (الحالة الانتقالية)

لا يمكن أن تتكوَّن المواد الناتجة مباشرة في جميع التفاعلات الكيمياوية، بل لا بد أن تمر بما يسمى بالحالة النشطة، وهي التي يتكوَّن فيها ما يسمى المعقَّد المنشّط activated complex وهو مركب نشيط غير ثابت اقترح أن يكون تركيبه وسطاً بين المواد المتفاعلة والمواد الناتجة، وفي حالة توازن مع المواد المتفاعلة، كما تبيّن المعادلة الآتية:

وطاقة هذا المركب دوماً أعلى من طاقة المواد الناتجة أو المواد المتفاعلة، وهي مطابقة لقمة منحني الطاقة (الشكل-4).

   

الشكل (4) تغير الطاقة وكذلك التغيرات الجزيئية خلال التفاعل

   

يبين الشكل (4) حالة تفاعل H2 مع I2، فالناتج هو HI. ويوضح الشكل تغير الطاقة وكذلك التغيرات الجزيئية خلال التفاعل، لا يمكن فصل المركب الوسطي غالباً ولكنه يمكن أن يتفكك إما لإعطاء النواتج أو لإعطاء المواد المتفاعلة حسب ظروف التفاعل.

التفاعلات الأولية

يحدث كثير من التفاعلات الكيمياوية عبر عدد من الخطوات، يمثّل كل منها تفاعلاً أولياً. وهذا يعني أن التفاعل الأولي elementary reaction هو التفاعل الذي يحدث خلال خطوة واحدة. فعلى سبيل المثال تحول الأوزون إلى أكسجين:

يمكن أن يحدث في خطوتين:

وكل خطوة من الخطوتين السابقتين تعدّ تفاعلاً أولياً.

آلية التفاعل

تحدث معظم التفاعلات الكيمياوية عبر عدد من الخطوات المتتابعة، التي تمثّل ما يسمّى آلية التفاعل. ومن الصعب جداً أن تقترح آلية تفاعل ما بمجرد معرفة قانون سرعة التفاعل. كما يصعب أيضاً إيجاد قانون سرعة التفاعل من أي آلية مقترحة إلا إذا كانت هذه الآلية تحتوي على ما يسمى بالخطوة المحدِّدة لسرعة التفاعلrate determining step  التي تعرّف بأنها أبطأ خطوة من الخطوات المكونة للتفاعل.

فعندما يحدث أحد التفاعلات الأولية بسرعة أصغر من أي تفاعل أوّلي آخر يكون هذا التفاعل الخطوة المحددة لسرعة التفاعل. وسرعة هذه الخطوة هي التي تحدد سرعة التفاعل الكلية سواء كانت هذه الخطوة في أول التفاعل أم في آخره أم في وسطه. وهذا يعني استحالة حدوث التفاعل بسرعة أكبر من سرعة أبطأ خطوة فيه.

فمثلاً لو كان التفاعل العام الافتراضي الآتي:

وكان قانون سرعة التفاعل المستنتج تجريبياً هو من الشكل:

k [A]x [B]y = سرعة التفاعل

لتأثرت قيم كل من x وy بمعاملات المواد المتفاعلة المشترِكة في الخطوة المحدِّدة لسرعة التفاعل فقط، وليس بمعاملات المواد المشترِكة في المعادلة الكيمياوية العامة، التي هي مجموع الخطوات المتسلسلة المكونة لآلية التفاعل. ويمكن اقتراح آلية مناسبة للتفاعل بشرط أن تكون متوافقة مع المعلومات التجريبية. وإذا اتضح نتيجة للدراسات أن هناك معلومات لا تتفق مع الآلية المقترحة (كالتأكد مثلاً من وجود مركب وسطي غير متضمن في الآلية المقترحة) وجب عند ذلك تعديل هذه الآلية حيث تحقق جميع الملاحظات التجريبية. مثال ذلك أنه وجد تجريبياً أن تفاعل ثنائي أكسيد الآزوت (النتروجين) وأحادي أكسيد الكربون CO هو تفاعل من الرتبة الثانية بالنسبة لـ NO2، ومن الرتبة صفر بالنسبة لـ CO عند درجة حرارة أخفض من 225 ْس.

بخلاف ما يمكن استنتاجه لأول وهلة من المعادلة الكيمياوية السابقة أنه تفاعل من الرتبة الأولى بالنسبة لكل من NO2 وCO. وعلى هذا الأساس اقتُرح أن هذا التفاعل يتبع الآلية الآتية:

وحيث إن سرعة التفاعل الكلي هي سرعة الخطوة البطيئة؛ فإن قانون سرعة التفاعل يكون:

K1 [NO2]2 = السرعة ويتفق هذا مع قانون السرعة المستنتج تجريبياً.

غدير زيزفون

الموضوعات ذات الصلة:

الأنطلبية.

مراجع للاستزادة:

ـ روبرت أ. ألبرتي وروبرت ج. سلبي، الكيمياء الفيزيائية، ترجمة حسن كلاوي ويحيى وليد البزرة وفؤاد الصالح (المركز العربي للتعريب والتأليف والترجمة والنشر، دمشق 1996).

- HANS KUHN and HORST - DIETER FÖRSTERLING, Principles of Physical Chemistry (John Wiley &Sons, Ltd 2000).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 688
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 559
الكل : 31713110
اليوم : 67692

الدرافيدية (اللغات-)

الدراڤيدية (اللغات -)   تعد اللغات الدراڤيدية Dravidian Languages من أكبر عائلات اللغات وتضم نحو ثلاث وعشرين لغة، يبلغ عدد الذين يتكلمونها نحو 220 مليون نسمة. موطنها الحالي جنوبي الهند، غير أنها انتشرت في جميع أنحاء آسيا الجنوبية وما بعدها: في مناطق أخرى من الهند وسريلانكا والباكستان وبنغلادش، ومينمار (بورما) وسنغافورة وماليزيا وجنوبي إفريقيا وجزر فيجي والبحر الكاريبي. وهناك ما يشير إلى أن اللغات الدراڤيدية كانت في الماضي أكثر انتشاراً في الهند، غير أن توسع اللغات الهندية الأوربية Indo-European في شمال الهند دفعها جنوباً.
المزيد »