logo

logo

logo

logo

logo

كوش

كوش

Kush - Koush

كـوش

 

كوش Kush هو الاسم الذي أطلقه المصريون القدماء على بلاد النوبة العليا التي تقع في  أقصى شمالي السودان الحالي، وتمتد على جانبي نهر النيل من الشلال الثاني إلى دنقله في الجنوب. وقد قامت في هذه المنطقة مملكة حملت الاسم نفسه، وظهرت قوتها في مراحل ضعف الدولة المصرية. تختلف هذه المنطقة عما يجاورها، فالأرض الخصبة ضيقة على الوادي، حيث تحدها من الشرق والغرب تلال من الحجر الرملي، مما يجعلها من البلاد الفقيرة التي كانت تسكنها قبائل زنجية أطلق المصريون عليها اسم «نحسيو» (زنوج). سميت المنطقة كلها أرض «كوش» ثم أطلق عليها الإغريق إثيوبيا. فالكوشيون- والحالة هذه- هم أسلاف النوبيين الحاليين. وقد اختلط الكوشيون مع العرب فيما بعد، ففقدوا شكلهم العام القديم، كما رقّ في سحنهم الطابع الزنجي حتى كاد ينمحي.

تعدّ بلاد كوش من المناطق المهمة بالنسبة لمصر القديمة؛ وذلك لوجود الذهب في صحرائها؛ ولأنها الممرّ الذي يوصل المصريين إلى إواسط إفريقيا، التي استوردوا منها العاج والأبنوس والحيوانات الغريبة والأقزام وبعض أنواع الحجارة كالغرانيت والديوريت.

وهكذا يتساوق تاريخ كوش مع مراحل التاريخ المصري القديم، وقد خضعت هي لنفوذ الدولة المصرية القديمة (2780-2230ق.م) والدولة المصرية الوسطى (2050ق.م)، وتذكر النصوص أن سنفرو مؤسس الأسرة المصرية الرابعة وساحورع ومزرع من ملوك الأسرة الخامسة قد غزوا بلاد النوبيين وقبائلهم، ولكن هذه القبائل كانت تتمرد كلما أحسّت بضعف مصر، كما فعلت عند نهاية عهد بيبي الثـاني (من ملوك الأسرة السادسة) وبقيت كذلك متمردة طوال الفترة الانتقالية الأولى (2230-2050ق.م).

ولكن مصر جددت نشـاطها العسكري في عصر الدولـة الوسطى، حيث بلـغ الأوج في عهد المـلك سنوسرت الثالث (1878-1843) الذي استخدم الأسطول المصري، ووصل في فتوحاته إلى القسم الشمالي من بلاد كوش، وأقام هناك قلعتي قمة وسمنة على جانبي نهر النيل، لمراقبة المنطقة فضلاً عن اثنتي عشرة قلعة بناها في مواقع حصينة؛ ولذلك عدّ فاتح النوبة.

وكانت مملكة كوش مستقلة في عصر الهكسوس (1730-1580ق.م)، أما في عصر الأسرة الثامنة عشرة (1580- 1087ق.م) فقد استعاد المصريون نشاطهم العسكري في كوش، فحاربها أمنحوتب الأول وتحوتمس الأول الذي توغل فوصل إلى دنقله، وأصبحت مدينته نباتا Napata عند جبل برقل (الشلال الخامس) تحت سلطة سلالته مدة خمسمئة عام تقريباً، بل أخذ النفوذ المصري يتوغل كثيراً نحو الجنوب حتى وصل إلى موقع الخرطوم الحالي، ولكي ينظم تحوتمس الأول أمور هذه المملكة الجنوبية جعل المنطقة ابتداء من مدينة الكاب شمالي إدفو حتى آخر حدوده في السودان وحدة واحدة يحكمها موظف أطلقوا عليه «الابن الملكي لكوش»، ومنذ ذلك اليوم أخذت بلاد النوبة وشمالي السودان تصطبغان بالصبغة المصرية البحتة، وبدأت الثقافة المحلية تختفي تدريجياً حتى كادت تتلاشى مع مرور الزمن.

عندما استولى ششنق الليبي على مملكة الشمال (945-924ق.م)، وأسس الأسرة الثانية والعشرين؛ لم يعترف به كهنة آمون ملكاً على مصر. وبعد فترة قصيرة وقع الصدام بين الطرفين، وكان من نتائجه أن فرّ كثير من كهنة آمون إلى كوش، واتخذوا من مدينة نباتا على سفح جبل برقل مقراً رئيساً لهم. وقد ساعدهم وضعهم الديني والثقافي؛ وكذلك الثروة التي حملوها معهم من طيبة، ومصاهرتهم لأهل البلاد الأصليين على سيادة المنطقة، وتأسيس أسرة حاكمة ادعّى مؤسسها أنه ليس حاكماً على كوش فقط بل على طيبة أيضاً، واستمرّ الحكام الجدد يعبدون آمون، ويتجهون بأفئدتهم إلى طيبة.

ثم ما لبث ملوك كوش أن استولوا على مصر كلها، وأسسوا الأسرة الخامسة والعشرين في عهد ملكهم القوي بعنخي. حكم بعد بعنخي ملوك عدة، ومصر مستقرة، إلى أن تسلّم العرش الملك الكوشي أطهارقا؛ حفيد بعنخي، فقام بتشجيع الساحل السوري على الثورة ضد آشور التي تحتل بلادهم. وبعد أن أخمد الملك الآشوري أسرحدون ثورة صور؛ حاصر منف عاصمة مصر القديمة واستولى عليها، وهنا اعترفت البلاد المصرية بسلطة الآشوريين، ودفعت لهم الجزية، بما في ذلك طيبة. ولم تمض سنوات قليلة حتى عاد أطهارقا، واستولى على منف، وهزم الحامية الآشورية. ولكن آشور بانيبال الذي خلف أباه »أسرحدون«، طرد أطهارقا من منف، واحتلّ طيبة (667ق.م). وحاول خليفة أطهارقا طرد الآشوريين، فاستولى على طيبة ثم منف، لكن الآشوريين هزموه، ولاحقوه حتى طيبة، إلى أن قام الملك المصري بسمتك الأول (663ق.م) مؤسس الأسرة السادسة والعشرين بطرد الآشوريين من مصر بمساعدة ملك ليديا؛ وبذلك انتهت السيطرة الكوشية على مصر.

ثم غزا بسمتك الثاني مملكة كوش، مما جعل ملوك نباتا يتقهقرون إلى مدينة مروى Meroe التي تبعد عن الخرطوم الحالية نحو 200كم، وتعرف هذه الفترة من تاريخ كوش بالعصر المرويّ.

بعد أن احتل الفرس مصر عام 525ق.م بقيادة قمبيز، حاول قمبيز السيطرة على مملكة كوش، فقاد حملة عسكرية بنفسه وصلت إلى مروى، ولكن الحملة أخفقت إخفاقاً ذريعاً. كما حاول البطالمة تقوية ملكهم وتوسيع سلطانهم على حساب مملكة كوش، مما دفع الكوشيين إلى نقل عاصمتهم إلى مروى منذ 300ق.م إلى 350م تقريباً.

غزا الأحباش الأكسوميون مملكة أكسوم مملكة كوش وقضوا عليها عام 350م. وتعدّ القبور الملكية؛ الأهرامات التي بنيت في العاصمتين نباتا ومروى أهم آثار المملكة الكوشية التي أدّت دوراً مهماً في تاريخ وادي النيل القديم.

محمود عبد الحميد أحمد

 الموضوعات ذات الصلة:

الفراعنة.

 مراجع للاستزادة:

ـ أحمد بدوي، المعجم الصغير في مفردات اللغة المصرية القديمة (القاهرة 1958).

ـ غاردنر، مصر الفراعنة، ترجمة نجيب ميخائيل إبراهيم (القاهرة 1973).

ـ محمود عبد الحميد احمد، دراسات في تاريخ مصر الفرعونية (دمشق 1996).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 561
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 698
الكل : 32109427
اليوم : 54732

التم (الأوز العراقي)

التم (الأوز العراقي)   التم طائر مائي يشبه الأوز، يوجد في كثير من أصقاع العالم مفضلاً البحيرات والمستنقعات. ينتسب إلى فصيلة البطيات Antides التي تضم 145 نوعاً. ويؤلف مع الأوز والأوز القطبي قبيلة الأوزيات Anserines. يتصف التم بعنق طويل يحتوي على 23-25 فقرة (بدلاً من 18-19 فقرة لدى الأوز) وبجسم ثقيل وقائمتين قصيرتين مجدافيتين تساعدانه في الانسياب على وجه الماء برشاقة. لون ريش الطيور الفتية أسمر أو رمادي، أما البالغة منها فلون ريشها أبيض (الشكل -1) أو أسود أو أبيض وأسود.
المزيد »