logo

logo

logo

logo

logo

كامو (ألبير-)

كامو (البير)

Camus (Albert-) - Camus (Albert-)

كامو (ألبير ـ)

(1913ـ 1960)

 

ولد الأديب والفيلسوف الفرنسي ألبير كامو Albert Camus في الجزائر وبدأ دراسة الفلسفة فيها ثم اضطُرَّ إلى التوقف عنها بسبب إصابته بالسل. قام برحلات في أوربا وانتقل إلى فرنسا عام 1938. انضم إلى المقاومة ضد الاحتلال النازي، ثم صار رئيس تحرير مجلة «الصراع»  Combat ء(1944ـ1946).

بدأت ملامح التوجه الفكري لكامو تتبدى مع نشر كتابه «على الوجه وبالمقلوب» L’Envers et l’endroit ء(1937) وهو سيرة ذاتية عبّر فيها عن مشاعر متناقضة تقوم على حب الحياة واليأس منها، وتتأرجح ما بين الشعور بالعزلة ومأساوية الوجود والانبهار بالكون. وكانت الطبيعة المتوسطية المليئة بالألوان والضياء حاضرة في أعماله وعلى الأخص في كتاب «الصيف»  L’Etéء(1954)، وفي الدراسات التي نشرها تحت عنوان «أعراس» Noces ء(1939). أحب كامو المسرح، فأسّس وأدار فرقة مسرحية، وكان يقوم بالتمثيل والإخراج وإعداد الأعمال للخشبة كما في مسرحية «قدّاس من أجل راهبة» Requiem pour une none ء(1956) المأخوذة عن فوكنر Faulkner، و«الممسوسون» Les Possédés ء(1959) المأخوذة عن دستويفسكي Dostoïevski.

سمحت الكتابة الصحفية لكامو بإيجاد طريقة مباشرة للتعبير والنضال من أجل العدالة ولتصوير الواقع بكل ما فيه من بؤس وتدهور، كما هو الأمر في التحقيقات الصحفية ذات البعد السياسي التي وصف فيها الحالة المزرية لسكان منطقة القبائل في الجزائر، وأيضاً المقالات التي كتبها عن الأحياء الفقيرة ونشرت بعد موته، وتلك التي نشرها بعنوان «حالات راهنة»  Actuellesء(1939ـ1958). وظل ينشر مقالاته على نحو منتظم ما بين عامي 1938 و1940 في جريدة «الجزائر الجمهورية» L’Alger Républicain، ثم في جريدة «المساء الجمهورية» Le Soir Républicain.

قسّم كامو أعماله إلى مجموعتين أسماهما حلقة التمرد Cycle de la révolte، وحلقة العبث Cycle de l’absurde، فكان بذلك أول من أطلق تسمية «العبث» التي وَسَمَت توجهاً أدبياً وفلسفياً نال شهرة كبيرة في الخمسينيات من القرن العشرين. والعبث بالنسبة لكامو هو شعور القلق والجزع المتولّد عن الإحساس بوطأة التاريخ. هذا الإحساس بعبثية الحياة يولّد التمرد الذي يمكن أن يكون فردياً في بداية الأمر، ثم يتحول إلى تمرد جماعي. فقد تمرد كامو على آلية الحياة، إذ يعيش الإنسان على وتيرة واحدة إلى أن يصحو يوماً ويشعر بأنه غريب في هذا العالم وأن الزمن هو العدو الذي يبدد جهوده ويهتك به ويرميه في أحضان الموت. وهذه هي الحقيقة التي يفترض أن يتصدى لها هذا الإنسان؛ فلا أخلاقياته ولا جهوده ولا ذكاؤه تجدي أمام هذا العالم العبثي الذي يغص باللاعقلانيين. والحرية التي يظن أنه يتمتع بها وهمية، فهو عبد للأحكام المسبقة والعادات. وتبقى العلاقات البشرية زائفة والتواصل مفقوداً وسوء الفهم هو المسيطر، وتزداد من ثمّ الهوة بين الناس. أما الإنسان الصامت فهو مدان كما هي حال مُرسو Meursault في «الغريب» L’Etranger ء(1944) الذي لم يذرف الدموع على والدته المتوفية، ولم يتصرف كما هو متوقع منه.

كان كامو ثائراً على العرف وعلى الإيديولوجيات القائمة على الاستعباد والتخويف، كما ندّد بأسطورة التطوير والتقدم التي تخدع الناس متذرعة بوعود مستقبلية لتبرير ظلم الحاضر ومن ثمّ تسوّغ الرضوخ والاستسلام بدلاً من إيجاد ظروف أفضل. كره كامو الهروب أو الانتحار ووجد نفسه في التمرد على القيم الاجتماعية والعقائد الدينية، وكذلك في مجابهة الموت وتقبل الوضع الإنساني من دون عقد الآمال على الغد أو على حياة أخرى. وعُرف بمقولته الشهيرة «أنا أثور إذن أنا موجود». أما السؤال الأساسي الذي تطرحه أعمال كامو فهو: هل الحياة جديرة بأن تُعاش؟ ومع أنه رفض أن يعطي جواباً متكاملاً عن ذلك، إلا أنه أوحى بأنه يمكن للإنسان تجاوز عبثية الحياة من خلال وعيه وتمرده المستميت على قدره. وهذا هو ما يميز «أسطورة سيزيف»  Le Mythe de Sisypheء(1944)، في حين يظهر التمرد على منطق الحياة والشغف بالمستحيل في مسرحية «كاليغولا» Caligula التي أنهى كتابتها عام 1941، لكنها لم تقدم على الخشبة إلا في عام 1945 حين منحها الكاتب بعداً سياسياً لم يكن حاضراً في النسخة الأولى. وفي مسرحية «سوء التفاهم» Le Malentendu ء(1944) تنبع مأساوية الحدث من موقف كان يمكن لكلمة واحدة أن تقلبه رأساً على عقب، وبذلك تكون هذه المسرحية عرضاً واضحاً لأُسُس العبث وتجلياته ونتائجه.

والتمرد على علاقة وثيقة بالموقف الملتزم الذي اتخذه كامو في أثناء انخراطه في المقاومة، فقد حاول تحليل الأسباب الأخلاقية للوقوف ضد النازية في «رسائل إلى صديق ألماني»  Lettres à un ami allemandء(1945)، وفي مسرحية «حالة حصار»  ء Etat de siège(ء1948)  التي تتحدث عن الواقع التاريخي والسياسي المعاصر، وتمجّد كل الذين وقفوا ضد ديكتاتورية فرانكو في إسبانيا. لكن أهم مؤلفات كامو هي بلا شك رواية «الطاعون» La Peste التي حصلت على جائزة النقاد في عام 1947، وتعالج ظاهراً وباء الطاعون الذي يتفشى في مدينة وهران الجزائرية، إلا أنها تبحث في الواقع موضوع الحرب والاحتلال والنازية وكل أساليب الاضطهاد والشر، مما يجعل منها جدارية متكاملة من المواقف الإنسانية التي تعكس الألم والفراق والمرض والموت ومشاعر الأخوّة،, وتبيّن أيضاً أن الإنسان ليس مجرد فكرة، وأن الأشياء التي تستحق الإعجاب فيه تفيض عن تلك التي تستجرّ الاحتقار.

اتخذ كامو مواقف سياسية مع السلام وضد الفاشية، كما أنه كان لفترة وجيزة قريباً من الشيوعيين، لكنه لم يلبث أن انفصل عنهم بسبب رفضه للعقائدية ولأي منظومة يمكن لها أن تقيّد الكائن البشري أو تشوهه. لكن هذه المواقف الإنسانية والملتزمة سرعان ما صارت إشكاليةً عندما اندلعت حرب الجزائر؛ فقد اتخذ كامو موقف الإدانة ذاته من الثوار الجزائريين ومن جيش الاحتلال، وأطلق من مدينة الجزائر عام 1956 نداءً من أجل هدنة مدنية لم يلقَ آذاناً صاغية، ويمكن عدّ روايته «السقوط» La Chute ء(1956) انعكاساً للجو العدائي المليء بسوء الفهم والإدانة الذي أحاط بالكاتب بسبب موقفه من الحرب. أما القصص القصيرة الست التي نشرها بعنوان «المنفى والملكوت» L’Exil et le Royaume ء(1944) فتتحدث عن المنفى الذي يمكن أن يجده الإنسان داخل ذاته فيحاول أن يخرج منه من خلال التوحد بالذات وبالآخرين وبالعالم. في إحدى هذه القصص تبدو شخصية جوناس صورة للكاتب الذي لايمكن له أن يبدع إلا في العزلة، وإن كان لا يريد أن ينفصل عن الآخرين وعن الزمن. وكانت هذه القصص الأخيرة تعبيراً عن الضيق والحيرة التي عاشها كامو في آخر حياته، وعن شكوكه التي لم تستطع جائزة نوبل عام 1957 أن تبددها، حتى وفاته في مدينة فيلبليفان Villeblevin في حادث سيارة.

تُرجمت مؤلفات كامو إلى أغلب لغات العالم، ومع أنه وقف ضد الوجودية Existentialisme التي كان جان بول سارتر J.P.Sartre قد أطلقها في عام 1952، إلا أن اسمه يرتبط دائماً باسم سارتر بوصفهما نموذجين للفكر الفرنسي ذي التأثير العالمي. وعلى الرغم من أن أعماله قد فُسّرت أحياناً على نحو سطحي لما تبدو عليه في الظاهر من البساطة والوضوح، إلا أنه عبّر فيها عن تجربة داخلية ثرية ومعقدة ودائمة التطور.

حنان قصاب حسن

مراجع للاستزادة:

 

- “Albert Camus, oeuvre fermée, oeuvre ouverte” in Cahiers Albert Camus, 5, (Gallimard 1985).

- J.GASSIN, L’Univers symbolique de Camus (Minard, Paris 1981).

- R.GRENIER, Albert Camus, soleil et ombre (Gallimard 1987).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 909
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 582
الكل : 31701519
اليوم : 56101

لاريونوف (ميخائيل فيدروفيتش-)

لاريونوڤ (ميخائيل فيودوروفيتش ـ) (1881 - 1964)   ميخائيل فيودوروڤيتش لاريونوڤ Mikhaïl Feodorovitch Larionov، فنان روسي طليعي، مصوّر وغرافيكي، مصمم ديكورات وأزياء للمسرح. ولد في تيراسبول Tiraspol جنوبي روسيا، وتوفي في فونتيناي- أو- روز Fontenay-aux-Roses قرب باريس. أمضى لاريونوڤ طفولته في مسقط رأسه، حيث الطبيعة الروسية الريفية، وتأثيرها البالغ فيه طفلاً وفناناً فيما بعد. درس في موسكو، في معهد «التصوير والنحت والعمارة» من 1898 إلـى 1908 وعلـى نحـو متقطّع، تحـت إشـراف الفنانيـن: ليڤيتان E.Levitan (1860 – 1900) وڤالنتين سـيروڤ V.Serov (1865 -1911)، وكوروڤين K.Korovin (1861 – 1939) الذي اهتم بأعمال الانطباعيين الفرنسيين وبالتصميم المسرحي، وقد تأثّر به لاريونوڤ وبتعاليمه، وتأثر من ثم بالتصوير الفرنسي ووسم تشكُّله الفني.
المزيد »