logo

logo

logo

logo

logo

اللباس

لباس

Clothing - Habillement

اللباس

 

اللباس أو المَلْبَس clothing مصطلح شامل يعني الكساء garment والثوب dress والزي costume، وكل ما يرتديه الناس، ويتبعه من غطاء رأس وحذاء وتسريحات ومجوهرات وأدوات تجميل وغيرها، وهو مظهر من مظاهر ثقافات الشعوب وحضاراتها.

تأثر تطور اللباس وتنوعه على مر العصور بالعوامل الجغرافية كالمناخ وتوافر المواد الضرورية له، وبالحوادث المختلفة كالحروب والثورات والتبادلات التجارية والحركات الدينية وغيرها، كما تأثر بالتطور التقني كطرائق الغزل والنسج والحياكة والخياطة. وثمة وظائف أخرى تفرض نفسها على اللباس وتنوعه، أهمها الوقاية من عوامل الطبيعة والمكانة الاجتماعية والتزام الدُرْجة (الموضة أو الطراز السائد لمجموعة معينة من الناس في زمن معين) والزينة. وتحتل المكانة الاجتماعية والدُّرجة المكانة الرائدة في طراز لباس الناس وتعقيده وتذوقه الفني. وإن تتبع تاريخ اللباس لدى الشعوب المتحضرة- بما في ذلك التبدلات الطارئة على الدُّرجة- يقود إلى معرفة جميع هذه المؤثرات.

المؤثرات الجغرافية والتاريخية والتقنية

يعد ارتداء الملابس مسألة بديهية لجميع الناس في أقطار الأرض كلها؛ بغض النظر عن المكان والمناخ اللذين يعيشون فيهما. ويعزى ذلك إلى أسباب عدة أهمها ستر العورة ووقاية الجسم من عوامل مختلفة، والتواصل والزينة.

فالفطرة السليمة تفرض على المرء ستر أجزاء من الجسم لا يصح لغيره النظر إليها، وهذا ما تأمر به الشرائع والأعراف كلها؛ وما تحدّث به القرآن الكريم منذ بدء الخليقة، إذ يرد في قصة آدم u قوله تعالى: ]فأَكَلا مِنها فَبَدَتْ لَهُما سَوءاتُهُما وطَفِقَا يَخْصِفانِ عَلَيهِما مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ وعَصى آدمُ رَبَّهُ فَغَوَى[ (طه121) وقوله: ]يا بَني آدمَ قَد أنْزَلْنا عَلَيْكُم لِباساً يُوارِي سَوءاتِكم وريشاً ولِباسُ التَّقوى ذلكَ خيرٌ[ (الأعراف 26). أما وقاية الجسم من الحر والقر وعوامل الطقس وتقلباته فمسألة استنبطها الإنسان بالبداهة والتجربة، وطورها بما ملك من عقل وقدرات وفق الشروط المناخية التي يعيش فيها. كذلك كان اللباس من أهم وسائل التعارف بين البشر، ودليلاً على الهوية والجنس والسن والوضع الاجتماعي والمهنة وحتى العقيدة. وتؤدي الزينة دوراً كبيراً في إبراز النواحي الجمالية في المظهر، وتمنح المرء نوعاً من الثقة بالنفس والتمايز عن الآخرين بالمكانة والثروة، والظهور بالمظهر الأنيق.

ترجع أصول الألبسة المنسوجة المغضنة والمثناة والملتفة إلى الحضارات الزراعية المتاخمة لأحواض الأنهار الدافئة، كبلاد الرافدين ونهر النيل والسند والغانج وغيرها؛ تلك الحضارات التي عرف سكانها زراعة النباتات الليفية ونسجها، ووجدوا الراحة في ارتداء الملابس المستطيلة الفضفاضة التي تحيط بالجسم (كالإتْب والإزار والجلباب والساري) أكثر من لبس الأدم وجلود الحيوانات. أما الملابس المخيطة فهي من ابتداع الرعاة ومربي الماشية في السهوب والغابات الباردة، حيث استعمل هؤلاء إبراً من العظم وخيوطاً من معي الحيوان لتكييف الجلد على هيئة الجسم. ومع تمازج الشعوب وانتقال الحضارات تطور اللباس، وكادت مادّته وأساليب تصنيعه وأدواتها تتشابه في معظم أنحاء المعمورة.

ومن أهم الإنجازات التقنية التي أثّرت في تطور اللباس في العالم اختراع النول البدائي الضيق لنسج قماش يمكن ارتداؤه ثوباً كالإتب (وهو ثوب يشقّ في وسطه تلقيه المرأة في عنقها من غير كمَّين ولا جيب). ثم صار بالإمكان إضافة قطعتي الكمَّين لإتاحة حرية الحركة. وقد يترك أسفل الكم مفتوحاً أو يخاط؛ ليلبس الذراع، وهذا ما أدّى إلى تنوع فتحة الكم وتطويرها. ولزيادة عرض الثوب أضيف شريط مستقيم بين حاشيتي الثوب، ثم كُيّف؛ ليناسب شكل الجسم.

ومن الإنجازات التقنية المهمة أيضاً استعمال الصنارة الواحدة أو الصنارتين في الحياكة، وكذلك إدخال قالب حياكة الجوارب في القرن السادس عشر؛ لتحل محل الجوارب المخيطة أو المشغولة بالصنارة، ومن ثم اختراع مكنة الحياكة الدوارة ومكنة الخياطة في القرن التاسع عشر؛ التي استعملت أول الأمر لتحضير ملابس الجنود على نطاق واسع، ثم وفرت فيما بعد إمكانات تقليد الملابس المخيطة يدوياً وباهظة الكلفة وإنتاجها بكميات اقتصادية.

تأثر تطور اللباس كذلك بالمواد المتوافرة لصنعه ومناطق إنتاجه. فالأقمشة الأولى كانت من الصوف أو الكتان، وكلاهما قابل للغسل. والصوف مختلف الألوان في الطبيعة، ويقبل الصباغ بسهولة. أما الكتان فيُلبس في المناطق الدافئة لبرودته، غير أن صباغه أصعب، لذا كان يترك غالباً بلونه الطبيعي، أو يُقصر [ر: القصارة]. أما الحرير فنسيجه جيد الامتصاص للصباغ، وتصنع منه أفخر الثياب. وكذلك القطن الذي تحتل أليافه المكانة الأولى في صناعة النسيج والألبسة. ونسيج القطن رطب قابل للغسيل وسهل الصباغ ويمكن تشكيله بتصاميم مختلفة.

شهد القرن العشرون اختراع الخيوط الصنعية المنوعة غير القابلة للانكماش أو التغضن؛ والمقاومة للعثّ والبقع والأرخص تكلفة. وجاء إنتاجها متوائماً مع متطلبات الحرب وسوق الأقمشة بعدها، لتنوعها ورخص ثمنها. وما تزال الصناعة والتقانة تنتجان مواد جديدة وأساليب تصنيع مبتكرة من مواد مصنَّعة غير منسوجة بطريقة البثق أو الضغط أو اللصق، كالملابس الورقية المستهلكة والڤينيل vinyl للمماطر والأحذية المانعة للماء [ر: القماش غير المنسوج]. وهناك بعض المواد غير المنسوجة القابلة للقولبة بجيوبها وفتحاتها وسحّاباتها (زمّاماتها). كما يمكن لحم بعض الملابس ولصقها بالحرارة، وكذلك الجمع بين المواد الطبيعية والصنعية بتركيبات مختلفة من أجل الدفء وخفة الوزن، وهذا التطور قد يضع نهاية للقماش المنسوج والخياطة والأزرار.

ولبعض الحقائق التاريخية كالحروب أثرها في تطور اللباس، وكذلك التعامل مع الأجانب، والتأثير المتبادل بين الشعوب كما حدث في العالم الإسلامي. إضافة إلى مزاج العصر وانتشار الدُرجة. وكانت الحروب دائماً مناسبة لتبدلات تقنية جوهرية في مجالات مختلفة، منها صناعة الملابس بالجملة على النحو الذي شهده القرن التاسع عشر، كما يمكن أن تكون سبباً من أسباب تبدل الطراز أو الدُّرجة (الموضة)  كتقصير مئزر النساء (التنورة) إلى الركبة، ولبسهن السراويل (البنطال) في الحربين الأولى والثانية. كذلك تبدل زي البلاد، كما حدث في الصين بعد أن سيطر شعب المانشو Manchu عليها (سلالة تشيينغ 1644-1911). وقد تسبب التوسع الاستعماري الأوربي في تبني الشعوب المغلوبة اللباس الغربي وشيوعه في العالم.

اللباس علامة على المكانة الاجتماعية

مع أن اللباس وجد أصلاً لوقاية الجسم، فقد كان للزي دوره في جميع الحضارات لتحسين مظهر من يرتديه وللدلالة على مكانته بين الناس، بما في ذلك المرتبة والوظيفة والعمر والجنس والموطن والوضع الاجتماعي وحتى الدين. وتثبت ذلك الرسوم والأنصاب والتماثيل الأثرية المنتشرة في مناطق مختلفة من العالم منذ أكثر من 4000 سنة، وهي تدلّ دلالة قاطعة على مكانة صاحبها ووظيفته في المجتمع، والمثال على ذلك تمثال أورنينا [ر]، وموجودات قبور الفراعنة ومنحوتات المعابد في الهند وملابس نبلاء شعب المايا في أمريكا الوسطى.

ومهما يكن نوع المناخ السائد؛ فإن الشخصيات البارزة في كلّ شعب ترتدي عادة لباساً مميزاً بفخامته وجماله وقيمته المادية مما لايستطيع العامة الحصول عليه، بغضّ النظر عن فوائده العملية. وكانت قيمة اللباس تعتمد في غالب الأحيان على ندرته ونوعيته، أو على مقدار ما يستهلكه من المواد، أو مهارة صنّاعه وتفننهم وجهدهم. ومن الأمثلة على نوعية هذه الملابس الفاخرة تلك المربعات المطرزة في رداء كان مخصصاً لكبار موظفي الإدارة الامبراطورية في الصين، وقبعة الريش التي كان يرتديها محاربو الأزتك في أمريكا، و«الكُلوتة» المزركشة لأمراء المماليك، والصدرة المزينة بالجواهر لنبلاء عصر النهضة في أوربا، والفراء الثمين والألماس لنجوم السينما في القرن العشرين. ولقد كان للمجوهرات والأحجار الكريمة ميزات إضافية دائماً من حيث كونها استثماراً وادخاراً في المجتمعات غير المستقرة اقتصادياً كتيجان الملوك في العصور الماضية، وعقود الذهب والأساور التي ترتديها نساء الريف.

وغالباً ما يرتدي عِلية القوم من أجل المظهر ألبسة أكثر من الشخص العادي أو المتوسط الحال، وألوانها وترتيباتها ملفتة للنظر، سواء كانت مريحة للابسها أم لا، كالأحذية الضيقة والقفازات والصدرة والمشد والتنورة التحتية jupon (petticoat)، كتلك التي كانت ترتديها النساء الإنكليزيات في القرن التاسع عشر. ومن أكثر الأمثلة وأقدمها على نوعية اللباس الفائض عن الحاجة الأكمام الخارجية الفضفاضة والطويلة جداً التي يرجع أصلها إلى أردية بلاد فارس القديمة، وانتقلت إلى أوربا عن طريق الحروب الصليبية. واستمرت طرازاً في بلاط ملوكها إلى القرن السادس عشر، وما تزال تلتزم في بعض الأزياء إلى اليوم.

كذلك قد تبحث الشخصيات البارزة وأصحاب الوجاهة والمال عن الجمال وإبراز المكانة بتبني صرعات قد تغدو آخر مستجدات الأزياء. وهذا السلوك غير شائع عموماً في المجتمعات الريفية غير الغربية التي تعيش حياة رتيبة غير متكلفة. إذ نجد أن الأميرة الهندية الثرية والفلاحة الفقيرة كلتاهما ترتديان الساري المعروف تمشياً مع التقليد منذ قرون. أما الغرب بمراكزه المدنية الكثيرة، ومواصلاته السهلة، ومستويات معيشته المرتفعة نسبياً؛ فقد اعتاد على تبدلات الدُّرجة ومبتكرات الأزياء التي عفت رموزها، وخرجت عن المألوف. وغدت مراكز تسوق الأزياء في لندن وباريس ونيويورك وروما مقصد الطبقات الثرية من أكثر المجتمعات. ويقوم التلفاز ومجلات الأزياء والسينما والمسرح اليوم بدور بارز في نشر آخر الصرعات. ويلفت النظر أن متوسطي الحال والأقل شأناً من العلية يحاولون دائماً تقليد من هم أعلى شأناً، وينتج من ذلك فقدان الزي المميز لتلك الطبقة مكانته وميزاته؛ ليغدو مبتذلاً؛ فتهجره لتبحث عن غيره. ومن أقدم الأمثلة على ذلك الشريط الأرجواني على الرداء الروماني المعروف باسم «التُنك» tunic (وهو القُباء عند العرب). فقد كان في الأصل رمزاً للمواطنة، ولكن حمله شاع بدءاً من القرن الأول للميلاد، وفقد مغزاه حتى ارتداه الخدم وبسطاء الناس. وما يزال الزي اليومي الذي كانت ترتديه النبيلات والنبلاء في أواخر القرون الوسطى حياً إلى اليوم بعد أن تحول إلى الرداء الأكاديمي الجامعي، والرداء الكنسي في بعض التقاليد المسيحية. كذلك تحولت السترة الخطافية (الفراك tailcoat) الخاصة بالنبلاء في القرنين السادس عشر والسابع عشر إلى زي رسمي لأعضاء الفرق «الأوركسترالية» ورؤساء السقاة في المطاعم والنوادي الفخمة.

وعلى خلاف ذلك يمكن للزي أن يرتقي في المستوى الاجتماعي من طبقة أدنى إلى أعلى. فالتخريم في الأصل كان من لباس الفلاحين في فرنسا أول الأمر،  وكانت الراهبات يتعلّمن فنّ تخريم الياقات في الأديرة قبل أن تتبناه حاشية الملك لويس الرابع عشر. وإبّان الثورة الفرنسية كان البحارة والمزارعون الوحيدين الذين يرتدون السراويل الضيقة (البنطال)، ولما لبسها نبيل إنكليزي متعاطف مع الثورة؛ كانت السبب في نبذه من المجتمع وطرده من الجامعة. وقد يعاب الرجل اليوم في بعض المناسبات، أو يُرفض حضوره من دون ربطة عنق، كما تعاب المرأة بنوعية لباسها.

اللباس في الحضارات القديمة

تمتدّ حقبة العالم القديم من خمسة آلاف عام أو أكثر إلى القرن الخامس للميلاد، ومصادر المعلومات عنها النقوش النافرة والتماثيل والأختام والمزهريات واللوحات الجدارية، وكذلك اللقى الأثرية التي كشفت عنها التنقيبات، وبقايا بعض الثياب والمنسوجات والجلود التي تعود إلى تلك الحقبة، وما تزال في حالة مقبولة.

كان لباس العالم القديم عامة يتألف من نوعين أساسيين ملائمين لمناخين مختلفين ونمطين من أنماط المعيشة، وهما: اللباس الجلدي المكيف مع الجسم الذي كان يرتديه الرعاة الرحل والمقاتلون في سهوب آسيا الباردة، واللباس المنسوج المثنى والفضفاض الذي كان يرتديه الحضر في بلاد الرافدين والشام والبلاد المحيطة بحوض البحر المتوسط. ومع هجرات الشعوب الرحل واندفاعها جنوباً وشرقاً وغرباً تمازج النوعان، واختلطا، وظهرت الملابس المخيطة المنسوجة التي غدت اللباس الأساسي للأمم المتمدنة.

تدل الكشوف الأثرية في مدن الرافدين وبلاد الشام، مثل كيش ولغش وأور وكذلك جارتها ماري، والتي تعود إلى أكثر من 2000 عام قبل الميلاد، على أن لباس السومريين من الذكور كان يتألف من قطعتين رئيسيتين همـا: المئزر skirt والشال shawl. فالمئزر (التنورة)، ويسمونه القناق Kaunak هو في الأصل جلد شاة خشن الملمس يلف حول الخصر متدلياً متراكب اللفقين، وقد استمر هذا الطراز أمداً طويلاً، وصارت مادته من الصوف المنسوج المزين بخصل معقودة من شعر الحيوانات، أو بورود وأزهار من صوف أو كتان أو حرير. واستبدل به فيما بعد رداء فضفاض هو التُنك أو القميص. أما الشال فثوب يلف حول الجسم، ويتشح به من فوق الكتف الأيسر، وقد يشبك، ويزين بعقدة أو بحواش أو بالجوهر. وكانت المرأة ترتدي شيئاً مماثلاً غير أن ثوبها أطول، وقد يبلغ القدمين، أو يجاوزهما، ويغطي الجذع كاملاً. وكانت النساء والرجال حفاة عامة، عدا الكهنة الذين يرتدون الصنادل. وشعور الجميع طويلة، لكن النساء يعقصن شعورهن إلى أعلى بطريقة مبالغ فيها، وربما كانت شعوراً مستعارة.

ظلّ الطراز السومري سائداً في الحضارة البابلية (بدءاً من ق 18 ق.م) غير أنه أصبح أكثر ترفاً وتعقيداً، وفي الحضارة الآشورية (ق 14-7 ق.م) ظهرت القمصان بأكمام قصيرة، مصبوغة لعامة الناس، وبيضاء مقصورة للكهنة. وارتدت النساء الثوب الطويل، وفوقه وشاح أو عباءة. أما معطف الملك والكهنة فكان بشراريب طويلة، ويلف على الجسم لولبياً، وعليه حزام فيه خنجر، وللنخبة وزرة مهدبة من الخلف ووشاح، وشعر الرأس واللحية طويل ومضفور، ويتزين الجميع بأساور وعقود من ذهب، وتضع النساء الخُمُر على وجوههن أو يتشحن بها، ويحتذي العامة الصنادل، أما الجنود فيحتذون النعل أو الحذاء.

أما لباس سكّان سهوب أوراسيا من المحاربين البداة والرعاة كالسكيثيين (المعاصرين لآشور) فكان من الجلد والفرو يصنعون منهما «التنك» المخيط من الأكتاف بأكمام طويلة، والسراويل مزمومة داخل «الجزمة» high boot، وفوقها رداء بأكمام، وعلى رؤوسهم قلنسوات مدببة أو قبعات بحواش مدلاة. ومن مبتكراتهم أيضاً بعض المصاغ الذهبي على هيئة حيوانات أو أزهار يزينون به دروعهم، ويخيطونه على ملابسهم.

وقد طوّر الفرس من بلاد العجم (نحو القرن السادس ق.م) لباسهم عن اللباس البدوي الذي كان يرتديه أجدادهم. واشتمل على معطف مطابق للجسم بأكمام طويلة مفتوح من الأمام، وفوقه «البَتُّ» candys؛ وهو رداء بياقة وشرائط للربط يحمل على الكتف، واشتقّ منه القفطان وبعض طرز اللباس في أوربا في العصور الوسطى. ومن ألبسة العجم الأخرى السراويل العريضة التي شاعت في العالم الإسلامي بعد ذلك، ونقلها التجار البنادقة إلى الغرب، وكذلك الحذاء المنعول المعقوف المقدمة ذو الكعب. وكان دهاقين فارس يقلّدون الآشوريين بإطالة شعورهم وعقصها إلى أعلى ويلبسون قبعة أسطوانية من لباد أو من فرو. وفي العصر الساساني (ق3-6م) زادت السراويل عرضاً إلى درجة المبالغة، وتبدل طراز الشعر بحسب مزاج الملوك، وارتدت النساء الخمر الطويلة، وانتشر لبس الحرير المصبوغ والملون.

وفي مصر القديمة المعاصرة لحضارة الرافدين، كان اللباس السائد مئزراً يستر العورة أو «تنورة» للرجال وثوباً ضيقاً للنساء يسمى «كالاسيري» kalasiry يلقى فوق الكتفين، ويرتدي الجنسان عباءة معقودة من الأمام. وقد يرتدون في بعض الأحيان عدة طبقات من الثياب بأطوال مختلفة بعضها فوق بعض، وفي عهد المملكة الحديثة تحول «الكالاسيري» إلى قميص بأكمام للرجال والنساء. ومادة اللباس الأساسية في مصر على امتداد العصور هي الكتان الأبيض اللون. وكان الجنود يرتدون كسوة مضربة إلى عهد المملكة الحديثة التي تبنت الزردية (رداء من الزرد) من صنع بلاد الشام.

طور الكريتيون المتأثرون بحضارات النيل وبلاد الشام لباساً منمقاً للغاية من الجلد، وخاصة للنساء، يتألف من سترة ضيقة مخرمة مفتوحة من الأمام يبرز الصدر عارياً منها، وتنورة مخروطية مشدودة من الوسط مستوحاة من القناق السومري مهدبة الحواشي أو على شكل سرائد متوازية. ويرتدي الرجال تنورة أو وزرة مشدودة بحزام عريض وحذاء بنعل رقيق وعلى أكتافهم رداء كالمعطف.

 

نماذج من لباس العصور القديمة

اللباس في العصرين اليوناني والروماني

تميز اللباس اليوناني من زمن هوميروس حتى العصر الهيليني (من ق10ق.م حتى ق1م) ببساطة تتناسب مع الحياة الرياضية، ويتألف من قطعتين مستطيلتين متهدلتين للنساء والرجال ترتديان بأشكال مختلفة، منها ما يشبه القميص، ومنها ما يلّف على الجسم كالخيتون chiton، وله طيات وثنيات كثيرة، وكالهيماتيون himation المأخوذ عن الدوريين.

واشتق الرومان لباسهم عن الإتروسكيين [ر] مباشرة، فارتدى الرجال التنك الصوفي المثنى من دون أكمام، وارتدت النساء الاستولا stola الشبيه به والطويل إلى الأرض، أو «الكاميزيا» (جدّ القميص) الشبيه بسابقه غير أنه قصير إلى الركبة، ثم أضيفت إليه أكمام، وصار من الكتان أو القطن أو الجلد. وفوق التنك دثار يسمى «التوغا» toga (رداء روماني مستطيل فضفاض يرتديه الأكاديميون اليوم في المناسبات) أو «الباليوم» pallium (رداء روماني عريض غدا اليوم طيلسانا يرتديه الأساقفة). وكانت مراتب الرومان تعرف ببنود أرجوانية مختلفة العرض على الكتف فوق التنك. ولا يخرج علية القوم من الرومان إلا وعليهم التوغا الذي هو شعار المواطنة، ويمنع على العبيد والمنفيين ارتداؤه، ويلفّ حول الجسم تحت الذراع الأيمن ومن فوق الكتف اليسرى، وهو أرجواني اللون للامبراطور، وأبيض للأثرياء من الناس، ومن الصوف الطبيعي للعامة. أما لباس الرجل فالنعل أو الخفّ المخيط أو بمسامير ورباط من جلد مختلف الارتفاع. وقد تأثر الرومان بالشعوب التي سيطروا عليها فاقتبسوا عن المشرق لبس الحرير والثياب الفاخرة وزينة الشعر للنساء، ونقلوا عن بلاد الغال طرزهم في اللباس كالبرنس ذي القلنسوة cucullus والسراويل (البنطال) braccae، وقد تجاهل سكّان بلاد الشام وحوض المتوسط لبس البنطال أول الأمر؛ لأنهم عدّوه لباس الغزاة غير المتحضرين، كما منع لبسه بادئ الأمر في روما نفسها. ولكنه كان لبس جنود الحاميات في المناطق الباردة، ولما زاد نفوذ البرابرة (كالهون والقوط وغيرهم) في روما في القرن الخامس الميلادي أصبح البنطال شائعاً فيها. كذلك برز تأثير البرابرة في تعديل شكل التنك؛ ليصبح طويلاً فضفاضاً عريض الأكمام من دون حزام يسمى دلماتيكا dalmatika نسبة إلى منطقة دلماسيا في القرن الثالث للميلاد، وشاع لبسه بين المسيحيين الأوائل، خاصة أقباط مصر الذين زخرفوه بتطريز ملون فاخر، وكانوا يرتدونه فوق التنك العادي. 

أزياء العصور الوسطى: تطورت الأزياء المذكورة جميعها؛ لتصبح في العصور الوسطى الأزياء الشائعة في أوربا، وجمعت بين الألبسة الفضفاضة المثناة للشعوب المتحضرة التقليدية والألبسة المخيطة على قدر الجسم للشعوب البربرية التي غزتها. وظلت مستقرة مع بعض التعديل والتطوير في عهود عدم الاستقرار من العصور الوسطى. ومع تنامي ثروات الشعوب الأوربية وتوسع آفاقها وازدياد تعقيدات الحياة الاجتماعية فيها ازداد اللباس فخامة وترفاً وزخرفة بما يتناسب مع الترتيب الطبقي، وشهد على مدى القرون تبدلات سريعة في الزي والموضة حتى وصل إلى القرن العشرين حين مالت الأزياء نحو البساطة والمساواة والراحة بما يتناسب مع المجتمعات الصناعية.

ففي المراحل الأولى من العصور الوسطى وفي بيزنطة كان اللباس رومانياً في أساسه مع بعض التعديل المقتبس من لباس شعوب الشمال الأوربي البربرية، وتدل ألواح الفسيفساء في رافينا Ravenna على أن لباس البلاط البيزنطي في القرن السادس كان التنك الطويل بكمين طويلين، وفوقه ملاءة مثبتة بمشبك على الكتف الأيمن، وحوافّه مزينة بصفين من المربعات المطرزة tablion من الأمام والخلف وما تزال بعض نماذج اللباس البيزنطي ترتدى إلى اليوم من رجال الكنيسة المسيحية في القداديس كالرداء chasuble والغفارة cope وكذلك الطيلسان المختصر. وكانت ملابس البيزنطيين من الحرير الهفهاف أو الدامسكو أو البروكار، وكانوا يحصلون على الحرير من الصين، ثم أتقنوا إنتاجه بأنفسهم بعد أن قطع الساسانيون طريق الحرير. في هذه الحقبة كانت بعض الشعوب البدوية غير المتحضرة من شمالي أوربا  قد بدأت تستقر في قرى زراعية من الغرب الأوربي، وترتدي ملابس مكيفة على الجسم من الفراء والجلد والصوف، ويرتدي الرجال سترة مغلقة من دون أكمام أو التنك بأكمام، وهناك مزيج عجيب من لباس الأرجل والأقدام، وفيها السراويل الضيقة الطويلة أو العريضة القصيرة إلى الركبة، والنعال المثبتة بشرائط، والجوارب الجلدية أو القماشية. أما لباس النساء الأساسي فهو الكيرتل kirtle (ثوب طويل إلى الأرض) فوق قميص من كتان، يضاف إليه عند الخروج رداء آخر قصير عريض الكمين ومفتوح من الأمام، وخمار يغطي شعر الرأس المنسدل أو المجدول. ويتزين الجميع بالمصوغات الذهبية والمصنوعة من العظم.

وفي الحقبة المتأخرة من العصور الوسطى لم يطرأ سوى تعديل طفيف على زي الفلاحين الذين يعيشون على الزراعة، أما النبلاء وأصحاب الثروة فقد تأثر لباسهم بالأزياء المشرقية التي انتقلت إليهم عن طريق التجار الإيطاليين والنورمان بعد استيلائهم على صقلية المسلمة وعن طريق الحروب الصليبية، فصارت أكثر تفصيلاً وتكيفاً مع الجسم. وارتدى الرجال والنساء البردة الطويلة التي يسمونها «بلياوت» bliaut بدلاً من التنك الفضفاض القديم، ولها أكمام طويلة مخروطية أو متدلية، ومشدودة إلى العجز والبطن وفق المزاج الشرقي. وفوق البردة معطف خارجي قصير يسمى «سوركوت» surcoat. وهذا اللباس المميز يبدو بأجلى مظاهره في لباس البلاط الإسباني المعقد. ومن الأشياء الأخرى المأخوذة من المشرق القفطان والعمامة وأثواب الحرير الموشاة بأشكالها المختلفة والياقة المستطيلة، وفي هذه الحقبة ظهرت القفازات والعباءة القصيرة والأحذية الدقيقة البوز والقبعات الكتانية الضيقة.

وفي  أواخر العصر الوسيط وبدايات عصر النهضة (القرنين 14 و15) صار اللباس أكثر فخامة وتعقيداً يعكس مظاهر الثراء والتركيز على المكانة الاجتماعية والعناية بالفنون الجميلة في بلاطات الملوك والأمراء مثل بلاط فيليب البورغندي Philip of Burgundy وبلاط آل ميدتشي Medici في فلورنسا [ر]. وقد حاول الحكام عبثاً إصدار قوانين تحد من المبالغة في اللباس، وخاصة لدى أصحاب الثروات والبرجوازيين الجدد الذين كانوا يتطلّعون إلى التفوق على النبلاء في المظهر. وكان اللباس يصنع من قماش يراوح بين الكتان والصوف الناعم الإيطالي أو الفلمنكي وبين الحرير الدمشقي والمخمل والبروكار الموشى بخيوط الذهب والفضة باهظ الثمن، وقد تعلّم الصنّاع الإيطاليون نسجه من الحرفيين المسلمين، وانتقلت صناعته إلى فرنسا بعد ذلك، وقلد الألمان الإيطاليين في هذه الصنعة ولكن بطباعة تصميمات النقوش- خاصة شعارات النبالة- على القماش بدلاً من نسجها. وابتكر البورجوازيون في المقابل زياً مميزاً متعدد الألوان يسمى «موتلي» motley؛ كأن تكون ساق البنطال فيه حمراء والأخرى صفراء مخططة، وسترة ذات حواف مشربة متدلية صارت فيما بعد لباساً مميزاً للخدم. وكان لباس الرجال قصيراً على العموم، مع احتفاظ رجال البلاط ورجال الدين بالزي السابق الطويل وفي المناسبات على غرار ما يشاهد اليوم من أزياء تقليدية في احتفالات تتويج الملوك ولباس القضاة والأكاديميين. وتحوّلت سترة الرجال القديمة pourpoint إلى صدرة ضيقة بكتفين عريضتين جداً وكمين معلقين؛ تسمى دوبلت doublet، ومعها جوارب طويلة ملاصقة للجسم، ويرتدون فوق السترة رداء يسمى «كوتهاردي» cotehardie وهو رداء قصير مطرز بقبة زورقية مع صفين من الأزرار الصغيرة، أو عباءة مفتوحة من أصل فرنسي فلمنكي تدعى «هوبلاندة» houppelande قصيرة إلى الركبة أو طويلة إلى الأرض. أما النساء فكن يرتدين ثوباً ضيقاً يسمى «كيرتل» kirtle؛ وله حزام وأكمام ضيقة ولفاع liripipe وفوقه «كوتهاردي» أو معطف عريض من الجانبين وحوافه من الفراء. ولا يتسع المجال للخوض هنا في تطورات اللباس في العصور التالية، خاصة في أوربا والعالم الغربي بعد عصر النهضة والثورة الصناعية. فقد بدأت طرز اللباس تتمايز بعضها من بعض، واتخذت طابعاً قومياً وإقليمياً مع طغيان الطراز الغربي الذي غدت أزياؤه منتشرة في أصقاع المعمورة كلّها، ويمكن للصور أن تقدم فكرة عنها.

 

نماذج من اللباس العثماني ولباس العصور الوسطى

اللباس في الحضارة العربية الإسلامية

اللباس التقليدي في بلاد الإسلام من المغرب العربي إلى الشرق الأوسط مستوحى من الملابس المطابقة للجسم، وأشكال منوعة من الأردية الفوقية الفضفاضة مع تأثيرات فارسية قديمة. فالتقاليد الإسلامية تميل إلى إخفاء خطوط الجسم تواضعاً وحشمة؛ ووقاية من مؤثرات المناخ القاسي في السهوب والبادية. غير أن مظاهر الغنى والذوق تبدو جلية  في نوعية القماش والزركشة والمصاغ. وتبين المخطوطات المصورة والخزف الإسلامي ورسوم المستشرقين كثيراً من تفاصيل اللباس عند العرب والمسلمين.

وقد كان اللباس العربي الدارج في العصر الجاهلي بسيطاً ومتواضعاً، ويتألف من جلباب قصير إلى الركبتين يشد بمنطقة في الوسط كالحبل المبروم، وفوق الجلباب عباءة من «المرعز» أو وبر الجمل أو الصوف الخشن، ويستر الرأس كوفية وعقال لتثبيتها، وقد يرتدي الرحالة منهم والتجار الذين تربطهم علاقات بالبلاد المجاورة ملابس أقرب إلى تلك الشعوب. وفي صدر الإسلام تألفت الأزياء العربية من صنفين من الثياب: الثياب المخيطة التي تشمل القميص والجلباب والسراويل، والأردية التي تلبس فوقها كالريطة والعباءة والملحفة والمطرف والإزار والرباط. ومع ارتقاء مستويات المعيشة واتساع رقعة الدولة وازدياد الترف ازداد اللباس تنوعاً وتفنناً، وتمازجت أزياء الشعوب الإسلامية فيما بينها، كما تأثرت بأزياء الشعوب المعاصرة لها.

 

نماذج من اللباس في بلاد الشام

أما في العصر الحديث فيمكن القول إن لباس الخروج السائد للرجال في البلاد العربية في القرنين الماضيين من المغرب إلى المشرق، بل في الشرق الأوسط كله، لا يزيد على العباءة أو الجبة أو ما شابهها كالبرنس والدرّاعة، والثوب أو الجلابية، والغنباز (القنباز) والقَباء، وبعض المتممات الأخرى كالشال والشملة والحطة وغيرها.

فالعباءة رداء خارجي طويل فضفاض مفتوح من الأمام، مخيط من الأكتاف من وبر الجمل أو شعر الماعز، وفيه فتحتان للذراعين. وهناك أنواع من العبي تختلف أسماؤها تبعاً لمادتها وطريقة نسجها، فمنها البتية الرقيقة من صوف أو وبر، ومنها البِشْت من الصوف السميك. وتتنوع ألوانها بين الأبيض والأسود والكستنائي. وقد تطرز العباءة، وتزركش بخيوط الذهب والفضة.

والجبّة رداء شائع في مصر وبلاد الشام،  طويل بأكمام واسعة عريض من الأسفل مفتوح من الأمام من دون أزرار، ليس له جيوب ولا ياقة، يرتدى فوق الملابس الخارجية، ويلبسه اليوم رجال الدين في الغالب.

أما اللباس الرئيسي للرجال في كثير من البلاد العربية فهو الثوب، وتتعدد أسماؤه، وتتشابه طرزه مع بعض الخلاف في التفاصيل من مكان إلى آخر، ومنها الدشداشة والجلابية، والثوب رداء طويل فضفاض عريض من الأسفل بكمين وياقة وأزرار، وقماشه من القطن أو من نسيج خفيف أبيض صيفاً، ومن صوف أو جوخ ملون شتاء. ويعد الثوب مع الغترة أو الشماغ أو الكوفية والعقال الزي الرسمي لسكان دول الخليج العربي.

 وأما الجلباب فيكون من قطعة مزدوجة مستطيلة الشكل كالكيس المفتوح من الأسفل من قماش خفيف مخيط من الجانبين، فيه فتحة للرأس وفتحتان للذراعين، بكمين أو من دون أكمام، وله جيوب، وقد يطرّز صدره وأكمامه، ويسمى صاية في بلاد الشام إن كان قماشه من حرير. 

 والغنباز كلمة تركية، وفصيحها القباء، وهو رداء واسع سابغ مشقوق المقدمة من حرير أو قطن أو نحوهما بقبة عالية وكمين طويلين مشقوقي الطرفين، يضم جانب منه على جانب، ويحزم بمِنطقة من قماش خفيف، أبيض اللون صيفاً، ومن صوف أو جوخ أو قماش سميك ملون شتاء تسمى شملة أو شالاً.

وهناك أيضا القميص الذي يرتدى متدلياً خارج السروال، ويثّبت بأزرار بكمّين أو من دونهما. وقد يكون السروال واسعاً في قسمه العلوي ضيقاً عند الساقين؛ فيسمى «شروالاً»، ويثبت على الخصر بنطاق من قماش أو حبل مضفور يسمى «تكة»، وهو لباس أهل الشام في مدنهم وريفهم، أو يكون متناسقاً على قدر الجسم؛ فيسمى بنطالاً Pantalone (عن الإيطالية)، وقد تزم الساقان عند الكاحل، أو تتركان طليقتين. وفوق الجميع سترة (جاكيت)، أو صدرة تسمى «ميتان» أو معطف (ساكو) أو جبة بأطوال مختلفة. وإلى جانب ذلك كان الرجال في المناطق الشرقية من السلطنة العثمانية وبلاد فارس يرتدون القفطان المطرز بياقة عالية وأكمام طويلة قد تتجاوز الأصابع، ويحزم بمنطقة عند الخصر، يزينها خنجر. ويضع الجميع عند الخروج رداء فوق زيهم يتألف في بلاد العجم من معطف ضيق على قدر الجسم وكمين معلقين، وفي المناطق الأخرى رداء فضفاضاً بلفقين من غير حزام مغلقاً من الأمام كالجبة  أو مفتوحاً بردنين واسع الكمين من جوخ أزرق أو من صوف مخطط يسمى مِدْرَعَة، ويسميها العامة بِنيش binish أو فرجية، وهناك أيضاً البرنس المخطط ذو القلنسوة والمضربية التي ترتدى في الشتاء.

 أما لباس القدمين فالنعل أو الصندل أو الصرمة أو التاسومة أو البابوج من دون كعب أو «الجزمة»؛ وهي تسمية تركية تعني حذاء بساق طويلة. ومن ألبسة الرأس العمامة بأنواعها، والتربان، وهو من أصل هندي، ويتألف من عدة أمتار من الشاش تلف حول الرأس أو حول طاقية من لباد، وهناك أيضا القبعة الفاسية والطربوش من اللباد الأحمر.

وفي الجزيرة العربية والريف في بلاد الشام يتألف لباس الرأس من طاقية وكوفية أو حطّة أو شماغ أو غترة واسعة من القطن مربعة الشكل مثنية قطرياً، وفوقها العقال أو من دونه.

ترتدي النساء المسلمات من ذوات الثراء في بيوتهن ملابس فاخرة من حرير أو كتان أو موصلين، يلي البدن منها شعار أو درع أو قميص مخيط بكمين غير مفرج من قماش رقيق من القطن أو الحرير أو الكتان، ويليه صدرة أو وشاح أو شال، وسراويل طويلة فضفاضة أو ضيقة من المخمل أو البروكار أو الحرير، وفوق الجميع جلباب (بالتركية فشتان أو فستان) من قماش فاخر، أو قفطان نسائي بفلقين (خاصة في تركيا وفارس) قصير من المقدمة يكشف عما تحته من لباس، ومثبت بأزرار أو من دون تثبيت. وقد تلبس المرأة فوق لباسها هذا عباءة أو ملاءة من غير أكمام أو ملحفة. وقد يستعاض عن ذلك عند البدو وسكّان جزيرة العرب بثوب أو جلباب من حرير أو قطن ملون؛ وفوقه بُرد أو شال أو عباءة أو ملاءة سوداء.

أما اليوم فقد غدت الأزياء الغربية عامة والبسيطة من غير تكلف هي لباس الخروج  السائد للنساء والرجال في معظم البلاد العربية، كما هو شأن أكثر بلاد العالم، خاصة في المدن؛ مع المحافظة على بعض التقاليد القديمة. وما تزال بعض مناطق الريف تحافظ على أزيائها التقليدية خاصة في المناسبات والاحتفالات العامة.

 

نماذج من اللباس في بعض البلدان العربية والإفريقية

 

نماذج من اللباس في بعض البلدان الآسيوية

 

 

نماذج من اللباس في بعض البلدان الأوربية

 

نماذج من اللباس في بعض بلدان القارة الأمريكية

صناعة الملابس

تعدّ صناعة الملابس اليوم من أكبر الصناعات في معظم دول العالم. وتعدّ الملابس والمواد الخام الضرورية لها من أهم السلع التجارية المتداولة بين الدول وأكثرها رواجاً. وتقوم دور الأزياء ومصانع الألبسة بالترويج لبضائعها بأساليب مبتكرة تجتذب الزبائن من مختلف أنحاء العالم. وعلى العموم فإن معظم المجتمعات المعاصرة تنحو اليوم نحو العالم الغربي، حيث تنتشر العلمانية والتصنيع والديمقراطية والتنمية، ويزداد الميل إلى التخفيف من الشكليات والتمايز الاجتماعي، وإلى ارتداء ما يريح، والابتعاد عن المبالغة في الزينة أو إبراز المكانة الاجتماعية. وقد تسارعت هذه الظاهرة بوضوح بعد الحرب العالمية الثانية حتى غدا كل ما يصلح كساء يُلبس. ومع احتفاظ دور الأزياء بمكانتها بين الطبقات الميسورة ومن يجاريها؛ فإن صناعة الألبسة اليوم تميل إلى تصنيع ملابس بأسعار زهيدة في متناول معظم طبقات الناس، وقد جرّها هذا التوجه إلى الإنتاج بالجملة؛  لذا غدت ملابس الناس في العالم متشابهة. وأخذت الملابس الرياضية تحتل تدريجياً مرتبة متقدمة بين الناس، في حين بدأت الملابس الرسمية وملابس المناسبات تتراجع عن مكانتها السابقة. ومع تقارب المناشط التي يمارسها الجنسان واختلاطهما، صارت ملابس الرجال والنساء أكثر تشابهاً في المظهر، فارتدت البنات البنطال وربطات العنق، وأطال الشباب شعورهم، ولبسوا القلائد والمصاغ. وإن تبدل المواقف هذا مجموعاً مع التطورات التقنية المتسارعة تسبب في فقد اللباس التقليدي مكانته، وربما أدى إلى ظهور عصر جديد لطرز اللباس مع اختلافات جوهرية فيما بينها؛ نتيجة لتفاوت الغاية من اللباس وطرائق إنتاجه ومادته واختلاف الأذواق والعادات والتقاليد. 

محمد وليد الجلاد

الموضوعات ذات الصلة:

الحرير ـ الخيوط ـ الصناعات النسيجية ـ الصوف ـ الغزل ـ القماش غير المنسوج ـ القطن ـ اللبد.

مراجع للاستزادة:

- DOUGLAS RUSSELL, Costume history and Style (Prentice-Hall 1983).

- FRANÇOIS BOUCHER, Twenty Thousand Years of Fashion (Abrams 1987).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد السادس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 854
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 31821409
اليوم : 20952

الإدا

الإدّا   «الإِدّا» Edda، نوع من الأغاني والقصائد أو الأناشيد الشعبية شاع في البلاد الاسكندنافية كافة. وهي ذات قالب شعري كان يميل إليه الاسكندنافيون في أشعارهم، وقد اشتهر منها خاصة مؤلفان اثنان أولهما شعريُّ وثانيهما نثريّ. فالإدّا الشعرية Edda poétique، أو القديمة Edda ancienne، أو «إِدّا سوموند» Edda de Soemond. كشف مخطوطها المسمّى «كوديكس ريغيوس 2365»، الأسقُف الأيسلندي برنيولف سفينسّون Brynjolf Sveinsson في عام 1642. والمخطوط موجود في مكتبة كوبنهاغن الملكية. ولهذا المخطوط نسخ متعددة.
المزيد »