logo

logo

logo

logo

logo

الكارولنجي (الفن-)

كارولنجي (فن)

Carolingian art - Art Carolingien

الكارولنجي (الفن ـ)

 

لم يبدأ الفن الكارولنجي l’art Carolingien مع شارلمان  Charlemagneء(742ـ814)، ولم يأت نتيجة لجهوده وحده، ذلك أن أسلافه كانوا قد قدموا كثيراً في هذا المجال، ولاسيما تلك الأديرة والكنائس القائمة في الشمال من نهر اللوار la Loire.

ميثاق شارلمان مؤرخ 17 آذار 779م في منطقة إكس لاشابل،

 وهو إعفاء لدير القديس جيرميني دي بري من الضرائب

في عام 768م تولى شارل الحكم مع أخيه كارلومان Carloman وذلك بعد وفاة أبيهما بيبان القصير Pépin. وبعد وفاة كارلومان عام 771م صار شارل الملك الوحيد، وعرف باسم شارل الأول الكبير أو (شارلمان). أعطى شارلمان اسمه إلى السلالة الحاكمة التي عرفت باسمه (سلالة الكارولنجيين) التي دام حكمها من عام 751 حتى عام 987، أي من عهد بيبان القصير حتى عهد لويس الخامس Louis v، وكان عهد شارلمان متميزاً بالازدهار، وكانت العاصمة إكس لا شابيل/آخن Aix- la Chapelle /Aachen محور الدولة في حوض الراين. وفي عيد الميلاد عام 800م قام البابا ليون الثالث بتتويج شارلمان امبراطوراً، وكان المساعدون يهتفون مرددين: «الحياة والنصر لشارلمان الذي توَّجَهُ الخالق امبراطوراً للرومان…» وكان ذلك في كنيسة القديس بطرس في روما، وكان عمر شارلمان 32سنة عندما صار امبراطور الغرب.

كانت خصائص الإصلاح في الفن عند شارلمان كما في السياسة تهدف إلى القضاء على فوضى البرابرة وطراز فنونهم الزخرفية اللاتشخيصية، والعودة بالفن في أوربا إلى الفن التشخيصي وتقاليد الامبراطورية الرومانية، مما جعله يقتبس من المصادر الآتية:

منمنمة اناجيل إيبون: القديس متى

 (مدرسة ريميس ـ الربع الأول

 من القرن التاسع الميلادي)

ـ فنون إيطاليا القديمة.

ـ الحضارة البيزنطية.

صوّرت الأساطير شارلمان بطل العالم المسيحي، وأضفت عليه هالة البطولة لإعادته تأسيس الامبراطورية الرومانية، فغدت أساس فكرة الامبراطورية الرومانية المقدسة. إضافة إلى مأثرته توحيد أقطار من أوربا، ولكن لمدة قصيرة. أحاط شارلمان نفسه برهبان خبراء بالقانون الروماني، وجعلته الأساطير محور سلسلة قصص وروايات مختلفة. لم يكن الامبراطور شارلمان مثقفاً بحسب مفهوم العصور التالية، ولكنه كان يتذوق الفن ويحرص على معرفة كل شيء والاطلاع على نتائج الدراسات المختلفة. وفي عهده ظهر مفهوم (المدرسة) في مدن كانت نائمة، وفي مجتمعات غير مكترثة. أحاطته الأساطير بنبلائه وعلمائه الذين كان يجالسهم ويجعلهم أصدقاءه الذين أضاءت آراؤهم عقله وأغنت أفكاره؛ وكان من أولئك الأعلام:

ـ آلكوين Alcuin المثقف الإنكليزي المسؤول عن مدرسة يورك York.

ـ ثيودولف Theodulf الذي نقل من الأندلس غنى الثقافة العربية الإسلامية المزدهرة والمتميزة.

ـ بولس الشماس Paul Diacre الذي عمل في بلاط لومبارديا Lombardia.

ـ إغِنهارد Eginhard الذي ألف كتاب «حياة شارلمان» تقليداً للمؤرخ اللاتيني سويتون Suétone.

ـ جون سكوت إرجينا Scotus Erigena اللاهوتي الإيرلندي.

ـ إغيسهارد الجرماني Eguishard.

ـ غربرت Gerbert الفيلسوف.

فسيفساء في صدر كنيسة جيرميني دي بري

 تعود للقرن التاسع الميلادي

كان مجلسهم مجلساً أعلى للمعرفة يهدف إلى خدمة الفكر وازدهار الأدب والفن، ويدل على الانفتاح الغربي الذي أسهم في تجديد الأشكال الجمالية والنص الديني وفن كتابة خطّه. وكان شارلمان مهتماً بإحياء الثقافة اللاتينية والفن الكلاسي، والكتابة المقدسة، وتشجيع فعاليات الكتّاب ناسخي المخطوطات ومصوريها في البلاط الامبراطوري والأديرة. وظهرت (مدرسة البلاط) نموذجية بفعالياتها الفنية والثقافية. وكانت هناك مدارس أخرى عدة تأسست لتعليم أبناء الطبقات في مختلف أنحاء الامبراطورية. وهكذا فقد شهدت أوربا نهضة حضارية وحركة إحياء تراث الأدب والفن الكلاسيين. وكان فنانو البلاط يعتمدون على المصادر الرومانية القديمة التي اقتبسوا منها البعد الثالث للمكان وتقنيات الإيهام، كما اقتبسوا من الفن الإيرلندي العبقرية الزخرفية وجمالية الزخارف المحيطة بالحروف. واهتم الامبراطور شارلمان بالعمارة في عصر كان الجميع فيه يشعرون بالحنين إلى مباني البازيليكات (الكنائس) البيزنطية ذات الطراز المعماري الجميل بالأعمدة الرشيقة ولوحات الفسيفساء الرائعة. ويعد مبنى مصلى إكس لا شابيل/آخن نسخة معمارية عن مبنى كنيسة سان فيتال San Vitale في مدينة رافينا Ravenna الإيطالية. وهناك مبنى كنيسة القديس مارتان Saint Martin الذي وصف غريغوار دو تور Gégoire de tours روعته. وكان للبازيليك Basilique مخطط بشكل صليب يوناني متساوي الأضلاع، أو لها شكل صليب لاتيني له حنيات مزدوجة ورواق عارض مزدوج.

واهتم شارلمان بتزيين داخل مباني المعابد والقصور بروائع الرسوم الجدارية ولوحات الفسيفساء. وإذا كانت تلك الروائع قد زالت وغدت بقاياها نادرة؛ فإن أهمها الفسيفساء التزيينية في حنية كنيسة جيرمينيي- ديه- بريه Germigny- des- Prés. والجدير بالذكر أن تلك الرسوم الجدارية كانت قريبة من جمالية الفن الروماني القديم أكثر من قربها من الفن البيزنطي. ويدل على ذلك الرسوم الجدارية في قبو سان جيرمان دوكسير Saint Germain d’Auxerre، والرسوم الجدارية في سانتا ماريا Santa Maria de castel seprio المكتشفة في لومبارديا عام 1944.

وكان من ثمرات النهضة الحضارية في عهود الكارولنجيين الدراسات اللاتينية نثراً وشعراً والمخطوطات الجميلة بصورها الصغيرة (المنمنمات) التي من روائعها:

ـ صورة شارلمان وابنه بيبان التي تعود إلى القرن العاشر (في مودين- مكتبة كابيتولاري).

ـ صورة تتويج شارلمان امبراطوراً من قبل البابا ليون الثالث في روما بريشة الفنان المشهور جان فوكيه J.Fouquet.

ـ صورة الإنجيلي القديس (متى) ـ من القرن التاسع ـ تزين إنجيلاً أُعد للمطران إيبون Ebbon، تبدو كأنها صورة شخصية حقيقية للقديس المستغرق في استلهامه وتوجيه نظره إلى النص الذي يدوّنه وفي خلفية الصورة تبدو التلال والمباني والأشجار.

ـ صورة الملك شارل الخامسCharles V الأصلع يتلقى الكتاب المقدس من فيفيان Vivien راهب كنيسة القديس مارتان، وتعد هذه الصورة من روائع فن مدرسة تور.

ـ صورة دير القديس ريكيه Riquet.

ـ مجموعة أناجيل المطران إيبون.

ازدهر فن الصور الصغيرة (المنمنمات) في مدارس فرنسا في مدن ريمس Reims وتور Tours وميتز Metz. وفي مدارس ألمانيا في رايشناو Reichenau وسان غال Saint Gall وفولدا Fulda. وكانت مدرسة المنمنمات في بلاط شارلمان تزيّن مخطوطات الامبراطور بالصور، وتحرص فيها على التقيّد بالرسميات والمواقف وحسن اختيار الموضوعات. فهناك إنجيل زيّنه غودسكالك Godescalc لأجل الامبراطور، وإنجيل سان ميدار دو سواسون St.Médard de Soissons. والجدير بالذكر أن مدارس فن الصور الصغيرة في شرقي الامبراطورية بشّرت بظهور المدرسة التعبيرية الألمانية القوطية. وتطور فن الطباعة البدائية وازدهر فن الميناء المُحَجَّزة émail cloisonné (محدد بشريط معدني يشكل رسماً). وأبدع الفنانون روائع عاجية، وعدوا العاج كالذهب مادة ثمينة تتميّز بقيمتها الجمالية وأهميتها الرمزية، يشبه لونه لون الحليب، أو لون الرخام أو العنبر. وإن عمل العاج فن صعب الممارسة، استخدم فيه الفنانون تقنيات مختلفة كالحفر والنحت والتخريم. وكان العاج يحفظ بوساطة معدن ثمين، ويستخدم في تزيين جلد المخطوطات النفيسة. وتشكل عاجيات العصر الكارولنجي مجموعة فنية وجميلة ومهمة لا مثيل لها. إنها من الروائع الفنية التي يتحدث عنها تاريخ الفن، ومن هذه الروائع لوح عاجي جميل يمثل مشهد صلب السيد المسيح وظهور القديسات الثلاث عند القبر، وهو من القرن التاسع ومحفوظ في متحف ليفربول.

واهتم فنانو العصر الكارولنجي بفن نقش الأحجار الكريمة، وتألقوا في هذا الميدان الفني، وأبدع الفنانون روائع المجوهرات في عهد شارلمان، وكانت الكنائس تُعنى بالقطع البرونزية الرائعة فصارت بقاياها نادرة. مثل مقعد يعرف باسم «مقعد داغوبير» Dagobert. واحتفظت الكنيسة بروائع جميلة بلغت درجة من الجمال الفني لم يتجاوزها العصر الوسيط. ولكنوز شارلمان في (إكس لا شابيل/آخن) شهرتها الكبيرة. واستخدم الفنانون أيضاً تقنية الطرْق، والمعدن المطروق، وثمة روائع فنية استخدم فيها الفنان تقنية الصبّ. وقد خص المطران برفارد كاتدرائية هيلدسهايم Hildesheim بعمودين وشمعدان وأبواب برونزية تتميز بجمالها ونوعيتها العالية. وتميزت أبواب كاتدرائية أوغسبورغ Augsburg بالدقة الفنية وتقنية الصبّ.

استمرت مراكز الإبداع بفضل طلبات الملوك الذين تولوا الحكم بعد وفاة شارلمان وتقسيم امبراطوريته، وبفضل طلبات الهواة الدينيين المرتبطين عموماً بالسلالة الكارولنجية الحاكمة مثل: إيبون مطران مدينة ريمس ودروغون Drogon مطران مدينة ميتز.

لقد كان عصر السلالة الكارولنجية عصر نهضة فنية وحضارية في الغرب مهّد لظهور الفن الرومانسكي وأخيراً عصر النهضة الإيطالية الذي اهتم من جديد بإحياء التراث الكلاسي اليوناني والروماني.

بشير زهدي

 مراجع للاستزادة:

 

- G. BAZIN, Histoire de L’ Art (Grammond, Paris 1953).

- Mémoire du monde, Sous la direction de N. Laneyrie Dagen (Larousse 1997).

- J. CALMETT, Charlemagne (P. U. F 1951).

- L. ALPHEN, Les Barbares (P. U. F. 1940).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 821
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 587
الكل : 31635848
اليوم : 70703

بويه (كارين-)

بويّه (كارين ـ) (1900-1941)   كارين بويّه Karin Boye شاعرة وروائية سويدية، ولدت في مدينة جوتبوري Göteborg على الساحل الغربي للسويد في عائلة اهتمت بالأدب. وعند انتقال العائلة إلى ستوكهولم وهي في التاسعة من عمرها كانت قد بدأت كتابة الشعر. درست العلوم الإنسانية في جامعات أُبسالا Uppsala وستوكهولم، ومرت أثناء ذلك بأزمة نفسية حادة، بسبب عدم قناعتها بجذورها المسيحية وكذلك بسبب انفصامها الجنسي، مما كان له الأثر الكبير في بلورة شخصيتها الأدبية.
المزيد »