logo

logo

logo

logo

logo

النكوص

نكوص

Regression - Régression

النكوص

 

النكوص regression هو الارتداد إلى مرحلة باكرة في حياة الفرد، ويمثل إحدى الآليات الدفاعية التي يلجأ إليها الفرد ليتجنب ما يعانيه من صراع أو قلق جزئي أو كلي بالعودة إلى مرحلة أو نمط سابق في حياته. فإذا اصطدم الفرد بعائق يعوق إشباع دافع لديه ولم يستطع التغلب عليه فإنه يتعرض للإحباط[ر]، وهنا قد يرجع إلى بعض الأنماط السلوكية القديمة التي كانت تشبع رغباته ودوافعه في مراحل نموه السابقة وتحقق له الطمأنينة على الرغم من أنها لا تكون ملائمة لمرحلة نموه الحالية. فالطفل الذي يشعر بانصراف الأهل عنه للعناية بأخيه الصغير يلجأ إلى النكوص من خلال طلب الحليب مثلاً من الزجاجة كما كان يفعل وهو صغير. ومن أمثلة النكوص المألوفة ما يُشاهد عند بعض الناس من تذكر أيامهم الماضية ولاسيما الطفولية منها وما يشعر به من سعادة فيها وزيارته للأماكن التي نشأ فيها أيام طفولته. إن هذا النكوص لا يدل على اضطراب في الشخصية لأنه وسيلة دفاعية مألوفة يلجأ إليها الإنسان لما يجد فيها من لذة ومتعة تبعده عن مشاغل الحياة وصعوباتها.

وقد يحدث النكوص (الارتداد) للمرضى أو المنحرفين الذين اعتادوا السرقة أو التزوير أو المقامرات أو تعاطي الخمور أو إدمان المخدرات إذ قد يعودون إلى حالاتهم الأولى إثر حدوث أزمة في حياتهم. وقد يمتد النكوص ليشمل جميع جوانب شخصية الفرد وميوله واتجاهاته وقد يظل قاصراً على ناحية معينة دون غيرها.

وقد يرجع النكوص إلى وجود مشكلة قوية تعترض الفرد ولا يستطيع حلها فيعود إلى أسلوب بدائي من السلوك فيبكي أو يصيح أو يحبو أو يضرب، أي إن الارتداد لا يقتصر على السلوك بأشكاله كافة بل يمتد ليشمل تفكير الفرد أيضاً.

ويمكن أن يحدث النكوص على مستوى البنى النفسية الثلاث (الهو- الأنا- الأنا الأعلى) ويكون على علاقة أيضاً بالمحتوى والعمل. ولهذا فإن نكوصات الهو هي الأكثر عناداً وجرأة في حين تكون النكوصات على مستوى وظائف الأنا مؤقتة وتعد جانباً من النمو السوي للطفل.

ويذكر فرويد[ر] Freud ثلاثة أنواع متداخلة من النكوص وهي: الموضوع والزمن والشكل، وكان يرى أن النكوص مرجعه المقاومة التي تحول دون إشباع الليبيدو[ر] في صورة ناضجة من جهة، وجذب الليبيدو إلى نقطة التثبيت الذي نشأ في مرحلة سابقة من جهة أخرى.

أما يونغ[ر] Jung فيرى في النكوص العملية الوحيدة التي يقابل بها الفرد المواقف التي تصل صعوبتها إلى حد لا يستطيع التغلب عليها. ويعزو يونغ كذلك عدداً من الظاهرات النفسية المرضية إلى أنها لون من ألوان الارتداد إلى أسلوب كان من مظاهر حياة الطفولة.

ويرفض مكدوجيل رأي فرويد ويونغ لتعليل الظاهرات النكوصية، ويعتقد أن وسائل الطفل في السلوك النكوصي تظل كامنة، وقد تظهر ثانية إن تعطل عمل الوظائف الذهنية العالية.

أسباب النكوص

يمكن عزو النكوص إلى أسباب كثيرة قد أدت إليه منها:

قد يكون النكوص حيلة لتسويغ الإخفاق في التكيف مع المواقف الجديدة التي يواجهها الفرد فيرتد إلى أنماط سلوكية طفلية تسوغ عدم قدرته على مواجهة المشكلات وعلى تكيفه مع الواقع الجديد.

- الشعور بالخوف أو القلق لدى الأفراد.

- الأمل في احتمال العثور على الإشباع الذي يبحث عنه الفرد.

- اعتماد الطفل اعتماداً كبيراً على الآخرين، وذلك يمنعه من أن يتعلم كيف يمكن أن يصبح معتمداً على نفسه.

- طريقة تربية الأهل للطفل، إذ إن الأسلوب الذي يعتمد على الدلال الزائد وتلبية جميع رغبات الطفل كلما بكى يجعله أنانياً وميالاً إلى أن يظل طفلاً متمتعاً بمزايا الطفولة ومتعلقاً بها بعيداً عن تحمل المسؤوليات ومواجهة المشكلات.

- الأنانية حينما لا يعبأ الفرد بحقوق الآخرين ولا يهتم إلا بإشباع دوافعه وحاجاته الذاتية، وقد يكون الاهتمام الزائد بمطالب الجسم نوعاً من الارتداد إلى مرحلة الطفولة المبكرة.

- وقوف بعض الآباء حجر عثرة في سبيل الفطام النفسي لأبنائهم (استقلالهم نفسياً) فيشب الفرد من هؤلاء عاجزاً عن التخلص من الأسر النفسي للأسرة ويحن دائماً إلى العادات التي درج عليها في طفولته.

- الفرار من الألم والخطر وذلك يتحقق في قضية النكوص المرضي.

أشكال النكوص وأساليبه

تبدو أشكال النكوص وأساليبه في حالات عدة أهمها:

- مبالغة الفرد في التحدث عن ماضيه أو ماضي آبائه أو أجداده وذلك حين يخفق في حياته الحاضرة.

- سلوك بعض النساء المتقدمات في السن حين ينزعن إلى الظهور بمظهر الفتيات في اللباس والحركات ونغمة الصوت.

- تحدث بعض الراشدين أحياناً بأسلوب الصغار.

- اضطراب نفسي يُشاهد لدى بعض الأطفال إذ يتبعون أشكالاً سلوكية مثل التبول اللاإرادي والحبو ومص الإبهام، وغالباً ما يحدث هذا حينما يهتم الأهل بالمولود الجديد فيكون نكوص الطفل بمنزلة أسلوب لجذب اهتمامهم ورعايتهم.

- إسراف الفرد في تناول المأكل والمشرب عند مواجهة المشكلات بسبب ارتداده إلى المرحلة الفمية وهي مرحلة الرضاعة في طفولته الأولى.

- اعتماد الطفل الصغير على المحيطين به فلا يقطع أمراً ولا يتخذ قراراً ولا يخطو خطوة من دون أن ينتظر التوجيه من غيره مما يجعله يسلم قياده للآخرين، وقد يلجأ إلى البكاء في مواجهته لأبسط الأمور وذلك طمعاً في مساعدة غيره له وتأكيداً على اعتماده عليهم.

 - قد تعدّ عادة تدخين «السجائر» حالة نكوصية يتم من خلالها استبدال «السيجارة» بمص الأصبع.

- الإغراق في أحلام اليقظة إغراقاً يغدو معه البالغ كالطفل الذي كان يعيش في عالم من الأوهام في طفولته الأولى. إنه نوع من الهروب أمام التوتر.

- ويعدُ مثالاً صارخاً للنكوص مرضُ فصام الشخصية schizophrenia المزمن عندما تصير حياة المصاب أشبه ما تكون بالحيوانات، يتصرف ويتكلم كالأطفال ويخاف من أبسط الأشياء ويتغوط ويتبول في فراشه.

أياً كان فإن كل الأساليب النكوصية تؤدي إلى تحقيق الغرض المؤقت من وجودها، فالمدخن يشعر بالراحة المرتبطة بوضع «السيجارة» في فمه/ والباكي يشعر بالراحة لأن بكاءه يلفت نظر الآخرين إليه ويجعلهم يعطفون عليه.

كمال بلان

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الإحباط ـ الأنا ـ الدافعية والدوافع ـ الذهان.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ فخري الدباغ، أصول الطب النفساني (دار الطليعة، بيروت 1983).

ـ نعيم الرفاعي، الصحة النفسية (منشورات جامعة دمشق، 2001).

ـ رالف ر. غربنسون، فن التحليل النفسي وممارسته، ترجمة: ميخائيل أسعد، عبد الرزاق جعفر (دار الآفاق الجديدة، بيروت 1988).


التصنيف : تربية و علم نفس
النوع : صحة
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 33
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 637
الكل : 31696716
اليوم : 51298

جيفونس (وليم ستانلي-)

جيفونس (وليم ستانلي ـ) (1835ـ1882م)   وليم ستانلي جيفونس William Stanley Jevons عالم منطق واقتصادي إنكليزي، ولد في أيلول في ليفربول عام 1835م في إنكلترة، وتوفي قرب هاستينغر. أسهم مع ليون فالراس Leon Walras في النمسة وكارل منجر Karl Menger في سويسرة، في وضع نظرية القيمة-المنفعة التي ترى أن قيمة أية سلعة تتحدد بالمنفعة التي يحصل عليها المستهلك من هذه السلعة. وكان لجيفونس دور واضح في تطوير هذه النظرية بإدخال مفهوم «منفعة الوحدة الأخيرة»، لتصبح «نظرية المنفعة الحدية». فقد شرح في كتابه «نظرية الاقتصاد السياسي» (1871) نظرية المنفعة الحدية أو منفعة الوحدة الأخيرة للمستهلك التي تحدد قيمة السلعة عنده. لقد ترك جيفونس بصمات في تطوير علم الاقتصاد إذ يعد مؤسس حقبة جديدة في تاريخ الأفكار الاقتصادية.
المزيد »