logo

logo

logo

logo

logo

نيكراسوف (نيقولاي-)

نيكراسوف (نيقولاي)

Nekrasov (Nikolay-) - Nekrasov (Nikolay-)

نيكراسوڤ (نيقولاي ـ)

(1821 ـ 1878)

 

ولد الشاعر الروسي نيقولاي ألكسييڤيتش نيكراسوڤ Nikolai Alekseevich Nekrasov لأسرة إقطاعية في بلدة نميروڤ Nemirov الأوكرانية، وأمضى طفولته وفتوته في محافظة ياروسلاڤل Yaroslavl. كان رب الأسرة ضابط مشاة يسوم أقنانه شتى صنوف الظلم والعذاب، ولقد تركت صور التعسف والاستبداد في الأسرة بصمات عميقة في نفس نيكراسوڤ الناشئ. ولحسن الحظ أن والدته الأرستقراطية البولونية الأصل التي أغدقت على ولدها كثيراً من الحنان كانت على جانب كبير من الثقافة، ولها يدين بأفضل لحظات طفولته. روت له من الحكايات والأساطير، وحدثته عن الشعراء العمالقة، وقرأت عليه من أشعارهم. وفي المدرسة الثانوية انكب الفتى على شعر بوشكين Pushkin، لكنه لم يتمكن من إنهاء دراسته، فأرسله أبوه إلى بطرسبورغ Petersburg للالتحاق بالكلية الحربية. بيد أنه ما لبث أن شق عصا الطاعة على أبيه، وانتسب إلى الجامعة مستمعاً مدة سنتين، فلم يتوان والده عن حرمانه من كل دعم مادي، وهكذا وجد الشاب نفسه في مدينة غريبة لامال لديه ولا مأوى ولا أصدقاء. ولكي يكسب ما يقوم بأوده راح يعطي دروساً شبه مجانية، ويعمل في الصحف والمجلات، وينسخ أدوار الممثلين، ويكتب لهم الأغاني، كما كتب المقالات والحكايات والقصائد والقصص والمسرحيات، لكن ذلك كله لم ينقذه من براثن الفاقة. وكتب فيما بعد متذكراً هذه الفترة العصيبة من حياته: «ثمانية أعوام وأنا أكافح ضد العوز، رأيت خلالها الموت جوعاً، وجهاً لوجه».

أصدر نيكراسوڤ ديوانه الأول تحت عنوان «أحلام وأصوات» Dreams and Sounds عام 1840، وبدأ خطواته الأولى في المحافل الأدبية، خاصة بعد تعرفه الناقد بِلنسكي Belinsky، وترؤسه مجلة «المعاصر» The Contemporary عام 1847، وبعد إغلاقها ترأس «المجلة العلمية الوطنية» NOF، وسار بها على خطى سابقتها. وعلى الرغم من الرقابة الصارمة، فقد استمر الشاعر في الكتابة، ونشر مجموعة أعماله في عام 1856 فلقيت نجاحاً كبيراً. وكان عطاؤه غزيراً، في السبعينيات خاصة، فصدرت أعماله المعروفة «الجد» The Grandfather، «نساء روسيات» Russian Women، «المعاصرون» The Contemporaries، والقسم الأكبر من ملحمته «من هو السعيد في روسيا؟» Who is Happy in Russia? ت(1879). وفي بطرسبورغ بدأت شمعة حياة الشاعر تتراقص، مؤذنة بالنهاية الوشيكة، فقد أقعده مرض السرطان الذي لم يلبث أن أودى بها، وبرحيله خبا النجم الأخير من الرعيل الأول من الديمقراطيين الثوريين الروس.

ترك نيكراسوڤ كمَّاً كبيراً من القصائد والملاحم الشعرية كان أبطالها الرئيسيون: الوطن والشعب والفلاح الروسي خاصة، حتى إن النقاد أطلقوا عليه لقب شاعر الديمقراطية الفلاحية الثورية. ويتجلى اهتمام الشاعر بحياة الفلاح الروسي أكثر ما يتجلى في قصائده «في القرية»« و«القرية المنسية» و«أخبار ريفية» و«أولاد الفلاحين» و«السكة الحديدية»، وفي ملاحمه المعروفة «الجد» و«البرد القارس» Biting Frost و«من هو السعيد في روسيا؟»، وكذلك في » تأملات على مدخل القصر» Meditations on the Front Steps of the Palace و«أورينا ـ أم الجندي» Urina -The Solidier’s Mother و«كاليسترات» Kalistrat وغيرها.

تعد ملحمة «من هو السعيد في روسيا؟»، التي كتبها الشاعر في الفترة مابين 1863-1877 قمة إبداعه. فهي دائرة معارف حقيقية للحياة في روسيا عشية إصلاحات 1861 التي ألغت القنانة. وموضوع الملحمة قريب جداً من الحكايات الشعبية، فأبطالها يجوبون روسيا الشاسعة، من أقصاها إلى أقصاها، بحثاً عن الإنسان السعيد فيها، وفي أثناء تطوافهم يتعرفون حياة الشعب القاسية، وحياة الإقطاعي المخزية، لكن لا الفلاح سعيد في حياة العبودية، ولا السادة سعداء في حياتهم الطفيلية. وأخيراً يعثر الباحثون على الإنسان السعيد، إنه غريشا Grisha، ابن الفلاح الأجير والحلاّبة الريفية، الذي يعيش حياة فقر مدقع، لكنه يخصص حياته من أجل إسعاد شعبه. وغريشا ليس وحيداً، بل هناك المئات من الـ«غريشات» المناضلين الواثقين من أن هذا الشعب المضطهد سيستيقظ، وسينتصر، وهذا ما يملأ قلبه وقلوب زملائه سعادة وثقة بالنصر.

تميز شعر نيكراسوڤ بأنه جاء مكرَّساً لخدمة المصلحة العامة، معبراً عن أفكار الفئات التقدمية ومشاعرها وتطلعاتها، داعياً إلى النضال من أجل إنصاف فئات الشعب المسحوقة، ومن أجل هذه المصلحة العامة نذر الشاعر ثلاثين عاماً من حياته.

هاشم حمادي

 

 مراجع للاستزادة:

 

- DIMITAR ANAKIEV,(Ed.), Eastern European Literature, (Britannica Book of the Year 2001).

- WILHELM LETTENBAUER, Die russische Literatur, (Kindlers Literatur Lexikon Bd.1, DTV,München 1974).


التصنيف : الآداب الأخرى
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 226
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 558
الكل : 31827885
اليوم : 27428

أحمد جودت باشا

أحمد جودت باشا (1237 ـ1312هـ/1822ـ1895م) أحمد جودت باشا, رجل دولة تركي عثماني, ومؤرخ شهير, وأديب, من القرن التاسع عشر للميلاد. ولد في لوفجة Lofea شمالي بلغارية, حيث كان والده حاجي إِسماعيل آغا عضواً في المجلس الإِداري للمدينة. وتلقى أحمد مبادئ العلوم الإِسلامية في مسقط رأسه, وتابعها, وتعمق فيها, في إِحدى مدارس اصطنبول, عاصمة الدولة العثمانية, والمركز الأكبر للإِشعاع الفكري فيها, مضيفاً إِليها بعض العلوم العصرية, كالرياضيات, والفلك,والجيولوجية, والفلسفة. وسعى وهو في العاصمة,لإِجادة اللغتين العربية والفارسية, حتى نظم الشعر بهما كما نظمه بالتركية, فأعطي اسم «المخلص جودت» الذي عُرف به. ونال نتيجة دراساته الإِجازة التي تسمح له بالانخراط في سلك القضاء.
المزيد »