logo

logo

logo

logo

logo

ليون الكبير

ليون كبير

Leo the Great - Leo le grande

ليون الكبير

(400 ـ 461)

 

البابا ليون الكبير (لاون ـ ليو) Pope St. Leo I  The Great، لاهوتي أرستقراطي روماني، وأشهر بابا Pope في تاريخ الكنيسة الغربية، وإليه يعود الفضل في تثبيت العقيدة الأرثوذكسية Orthodox وإيقاف غزو قبائل «الهون» برئاسة أتيلا Attila لإيطاليا سنة 452م. اشتهر بلقب «البابا الأول»، حيث ارتقى السدة البابوية مدة إحدى وعشرين سنة (من 440 حتى وفاته)، واستطاع بحصافته البالغة وأخلاقه الرفيعة وسلطته القوية أن يجعل الكنيسة الرومانية عالمية. ولد في توسكانيا Tuscany (إيطاليا) وتُوفي في روما.

كان شماساً متميزاً في الكنيسة الرومانية في عهد البابا سيلستين الأول Celestine I (422 -432)، وعُرف بعلاقاته الواسعة حتى خارج روما، أهداه كاسيان Cassianus سنة 431 مؤلفه الشهير «حول مفهوم التجسد ضد النسطورية» De Incarnatione Domini Contra Nestorium. حاز القديس ليون ثقة امبراطور الغرب فالنتينيان الثالثValentinian III  الذي عهد إليه بمهمة حل النزاع في غاول Gaul بين أبرز قائدين: إتيوس Aetius وألبنوس Albinus، وفي أثناء غيابه توفي البابا سيكتوس الثالث Sixtus III سنة440، فانتخب ليون بالإجماع لخلافته في المنصب البابوي.

حرص البابا ليون الكبير على الحفاظ على وحدة الكنيسة ونشر تعاليم العقيدة، كما تسلمها الرسول بطرس St. Peter من السيد المسيح، ومواجهة العقبات التي نشأت من جراء تفكك الامبراطورية الرومانية، ومحاربة البدع العقائدية التي انتشرت في العالم المسيحي ولاسيما في الشرق. فعندما عرف سنة 443م بتفشي المانوية [ر] Manichaeism في روما وانتظامها في جمعيات سرية قبل مجيئ الونداليين أو الفانداليين Vandals سنة 439م، هاجمهم علناً وأحرق كتبهم، وحذر المسيحيين من بدعهم. وحثّ الامبراطور فالنتنيان الثالث على إصدار مرسوم صارم ضدهم سنة 445م، حدد فيه سبع عقوبات لأتباعها، فتمكن البابا ليون من طردهم خارج البلاد، كما حذر أساقفة أبرشية كامبانيا Campania وصقلية سنة 447م من عواقب انحرافهم عن الطقوس الرومانية فيما يخص توقيت المعمودية، ودعاهم إلى حضور مجمع كنسي روماني لتعليمهم ممارسات العقيدة الصحيحة.

ولم تتوقف جهوده في محاربة الهرطقات عند روما بل امتدت لتطول إسبانيا، فكتب إلى أساقفتها مقالات مطوّلة يحثهم على العودة إلى العقيدة الصحيحة ويدعوهم إلى عقد مجمع كنسي عالمي يوضح العقيدة الصحيحة، لكنه لم يعقد لأسباب سياسية. ونجح ليون أيضاً في فرض سلطته على غاول، فعمل على تأسيس مركز أسقفية فيها كوسيط بينها وبين الكرسي البابوي.

كما امتد نفوذه سنة 445م إلى امبراطورية الشرق فأمر ديوسقورس Dioscorus وريث كيرلس Cyril بطريرك الإسكندرية، باتباع العقيدة الرومانية وطقوسها الكنسية، ولاسيما أن مؤسس كنيسة الإسكندرية مرقُس Mark هو تلميذ الرسول بطرس Peter. وعندما تهددت سلطته في العالم الروماني ناشد ليون الكبير الامبراطور فالنتينيان الثالث لدعمه، فأصدر مرسومه الشهير سنة 445م بمنح أسقف روما الأسبقية من حيث الكرامة علي باقي البطريركيات بناء على حقوق بطرس، وكرامة المدينة. فتجددت بذلك سلطة روما والبابا على الشرق، خاصة عندما اشتد الخلاف العقائدي حول طبيعة السيد المسيح، وظهور هرطقة أصحاب الطبيعة الواحدة (المونوفيزيقية Monophysitism أو الأفتيخية نسبة إلى مؤسسها الأسقف أفتيخي القسطنطيني Eutyches) في القسطنطينية، التي تبناها ديوسقورس سراً على الرغم من أنه كان مدافعاً عن العقيدة الأرثوذكسية التي اعتنقها القديس كيرلس. وحين أدان بطريرك القسطنطينية فلافيانوس Flavian هرطقة أفتيخي وطرده، رفع شكواه إلى امبراطور الشرق ثيودوسيوس الثاني Theodosius II لإحالة قضيته إلى محكمة روما والإسكندرية، فوافق البابا ليون الكبير، بعد اطلاعه على جوهر المونوفيزيقية فلافيانوس في الحكم على أفتيخي، ووجَّه كتاباً له يشرح فيه تعليم العقائد الأرثوذكسية عن التجسيد واتحاد الطبيعتين في المسيح، وقد عُرف هذا الكتاب في تاريخ الكنيسة باسم «رسالة إلى فلافيانوس»، وهو من أهم الآثار الدينية المسيحية بعد كتابات القديس أوغسطين [ر] St. Augustine.

وقد أثار مجمع أفسُس Ephesus الثاني (449) أو «المجمع اللصوصي» Robber Synod غضب البابا ليون الكبير، ولم يعترف به لعدة أسباب؛ كان أبرزها الاعتراف بهرطقة أفتيخي المزعوم أنه أرثوذكسي، واتهام فلافيانوس بإحياء النسطورية وعزله ثم موته، وتثبيت الدستور النيقاوي، وأخيراً عدم تمكن ممثلي البابا الذين حضروا المجمع من إعلان رسالته «بيان إيمان الكنيسة الرومانية»، وهو ما سعى إليه ديوسقورس بغية تعيين شماسه «أناطولي» Anatolius  بطريركاً على القسطنطينية ظناً منه أنه من أتباعه، الأمر الذي أدى إلى انتصار المونوفيزيقية على الأرثوذكسية ونفي أساقفتها. وقد عقد البابا ليون الكبير للدفاع عن الأرثوذكسية مجمعاً في روما، أدان به جميع قرارات مجمع أفسُس اللصوصي، فخسرت المونوفيزيقية بذلك أهميتها وانتصرت الأرثوذكسية. وعندما دعا امبراطور الشرق مرقيون Marcian خليفة ثيودوسيوس إلى عقد مجمع مسكوني رابع «مجمع خلقيدونية» Council of Chalcedon سنة 451، » برئاسة البطريرك القسطنطيني «أناطولي»، حضره ممثلون عن البابا، وتم فيه فحص قرارات المجمع اللصوصي والانتهاكات التي أقدم عليها ديوسقورس، حيث حكم المجمع على ديوسقورس وأنزلوه من منصبه. وعمل آباء المجمع الخلقيدوني على تحديد تعليم الإيمان الأرثوذكسي متخذين من تعاليم كيرلس وشروحاته إلى جانب تعاليم يوحنا الإسكندري ورسالة ليون الكبير إلى فلافيانوس نموذجاً يحتذى للعمل به. وقد أكد البابا ليون الكبير قرارات المجمع الخلقيدوني وأصدر مرسومه برفع شأن بطريركية القسطنطينية على سائر بطريركيات المشرق، ثم تمكن من إقناع امبراطور الشرق بإنزال أسقف الإسكندرية الضال تيموثيوس يلورس Timotheus Ailurus من كرسيه ورفع الأرثوذكسي تيموثيوس سالوفاسيولس Timotheus Salophaciolus مكانه.

لم يهمل البابا ليون الكبير طوال عهده البابوي رعايته للكنيسة العالمية في الغرب والشرق، وبذل قصارى جهده لحماية جوهر العقيدة المسيحية وأسرارها المقدسة من أي بدعة، وكما تسلمها بطرس الرسول من السيد المسيح عملاً بوعد متى (16: 16-19). فكان له الأثر الأكبر في ريادة الكنيسة الرومانية، وجعل روما مركزاً دينياً مهماً، وعاصمة للعالم المسيحي بأكمله. وتكريماً له تحتفل الكنيسة الغربية وبعض الكنائس الأنغليكانية بعيد القديس ليون الأول في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر (سابقاً 11 نيسان/إبريل)، في حين خصصت الكنائس الأرثوذكسية الشرقية يوم 18 شباط/فبراير لإحياء هذا العيد.

سوسن بيطار

الموضوعات ذات الصلة:

البابا والبابوية ـ البطريركية ـ المجمع الديني.

مراجع للاستزادة:

ـ أحمد شلبي، المسيحية (مكتبة النهضة، القاهرة 1967).

ـ تيلورد، أسقف رومة ، ترجمة جورج خوام (المكتبة البولسية، بيروت 1987).

ـ لويس غرديه وج. قنواتي، فلسفة الفكر الديني، ترجمة الصالح وجبر (دار العلم للملايين، بيروت 1979).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 369
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 602
الكل : 31785855
اليوم : 61316

كزانتزاكيس (نيكوس-)

كزانتزاكيس (نيكوس ـ) (1885ـ 1957)   نيكوس كَزانتزاكيس Nikos Kazantzakis، روائي وشاعر ومسرحي وفيلسوف يوناني، يعد من أبرز الشخصيات الثقافية في القرن العشرين. ولد في مدينة ميغالوكاسترو Megalokastro التابعة للامبراطورية العثمانية، وهي اليوم إيراكليون Iráklion عاصمة جزيرة كريت Crete اليونانية. كان والده مزارعاً وتاجر أعلاف كما كانت والدته فلاحة، فنشأ الصبي بين الفلاحين في مرحلة انتفاضة كريت ضد الحكم العثماني، وقد لجأت عائلته إلى الجزيرة اليونانية ناكسوس Náxos حيث تلقى تعليمه في «مدرسة الصليب المقدس الفرنسيسكانية» ثم في ثانوية إيراكليون، ثم انتقل عام 1903 إلى أثينا  حيث  درس الحقوق في جامعتها. وبعد تخرجه سافر إلى باريس حيث درس الفلسفة في « كوليج دي فرانس » Collège de France على يدي هنري برغسون Henri Bergson بين 1907 ـ 1909. تطوع في الجيش اليوناني وشارك في حرب البلقان، ثم قام برحلات طويلة إلى إنكلترا وإسبانيا وروسيا ومصر وفلسطين واليابان والصين، ونشر كثيراً من كتب الرحلات عن هذه البلدان وسكانها وانطباعاته عنها.
المزيد »