logo

logo

logo

logo

logo

إيبرية

ايبريه

Iberia - Ibérie

إيبرية   الاسم القديم لشبه الجزيرة التي تشغلها اليوم إسبانية والبرتغال، ومازال هذا المصطلح مستخدماً ويشير إليه الجغرافيون بشبه جزيرة إيبرية la péninsule ibérique وهي تؤلف الجزء الجنوبي الغربي من القارة الأوربية، يحدها من الغرب المحيط الأطلسي، ومن الشمال فرنسة والمحيط الأطلسي، ومن الشرق البحر المتوسط، ومن الجنوب المحيط الأطلسي والبحر المتوسط (الذي يفصل بينهما مضيق جبل طارق)، ولإيبرية ميزات نوعيّة خاصة من الناحيتين الجغرافية والتاريخية، وذلك بفضل الأوضاع الطبيعية والجيولوجية التي تحدد شروط الحياة البشرية والنشاط الاقتصادي فيها من جـهة، وعمق المؤثرات الناجمة عن تفاعل الحضارات المتتالية التي عرفتها شبه الجزيرة، ولاسيما الفتح العربي وما رافقه من نقل مفهومات الحضارة العربية الرائدة ومقوماتها وأسسها. تبلغ مساحة شبه الجزيرة نحو 589500 كم2، يضاف إليها مساحة مجموعة من الجزر الملحقة بها وهي: جزر أرخبيل الباليار (الباليارس) الإسبانية الواقعة غربي المتوسط والتي تبلغ مساحتها نحو 5014كم2 ويقطنها نحو 760.500 نسمة (1999)، ومجموعة جزر كناري الواقعة في المحيط الأطلسي وتبلغ مساحتها ما يقرب من 7242كم2 ويقطنها 1.607.000 نسمة، ومجموعة من الجزر تتبع إسبانية من الناحية الإدارية اليوم، وهكذا يصل إجمالي مساحة شبه الجزيرة (بكاملها بما فيها الجزر) 596927 كم2 منها 504682كم2 تابعة لإسبانية مقابل 92245كم2 للبرتغال. ويصل عدد سكان شبه الجزيرة في عام 1997 إلى 49.268.000 نسمة منهم 39.323.000 إسباني و9.945.000 برتغالي، وعلى هذا تصل الكثافة السكانية العامة إلى 83 نسمة /كم2، ومن الطبيعي ألا تكون هذه الكثافة متجانسة في جميع نقاط شبه الجزيرة، ولكن ما يلفت النظر هنا، هو التباين الشديد في قيمها بين الدولتين الآنفتي الذكر، إذ إنها تصل في البرتغال إلى 108 نسمة/كم2 في حين لا تتجاوز 78 نسمة /كم2 في إسبانية. إن أصل سكان إيبرية هو جماعة الكلتيين ـ الإيبريين، وهي مجموعة عرقية ناجمة عن تزاوج الكلتيينCeltes (جماعة قادمة أصلاً من جنوب غربي ألمانية وتتكلم لغة هندية ـ أوربية) والإيبريين Ibéres (وهي جماعة أصلها من الصحراء الكبرى في إفريقية)، هذا وقد عرفت إيبرية الكثير من القواعد والمحطات التجارية التي أسسها الفينيقيون (القرطاجيون)، وكذلك اليونانيون، كما أنها كانت في مرحلة ما جزءاً من الامبراطورية الرومانية، ونتيجة لضعفها الناجم عن سلسلة حروبها التي خاضتها مع قرطاجة، تعرضت إيبرية لغزو مجموعات قادمة من الشمال فاحتلها الفاندال Vandales بين عامي 395و409، ثم احتلها القوط الغربيون (الفيزقوط) Wisigoths عام 410، وبقوا فيها حتى الفتح العربي الإسلامي الذي اكتمل بين عامي 711 و714، ولقد ترك هذا الفتح آثاراً حضارية واضحة المعالم حتى اليوم في مرافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والفنية والثقافية والعلمية، وقد أطلق العرب على شبه جزيرة إيبرية في البداية اسم «أبارية» ثم سميت بعد ذلك باسم «باطقة» ثم سميت «إشبانية» وعرفت أخيراً باسم الأندلس. وتعدُّ اللغتان الإسبانية والبرتغالية لغتين رسميتين في إيبرية اليوم، وتدين الأغلبية من السكان بالمسيحية (أكثرهم كاثوليك مع وجود أقلية بروتستنتية)، وفيها أقلية إسلامية وأخرى يهودية. الدراسة الطبيعية العامة 1ـ الوضع التضريسي: يغلب على إيبرية الطابع الهضبي العام (هضاب ميزيتا Meseta)، حيث تمتد فيها أوسع الهضاب الأوربية المكونة من صخور القاعدة الهرسينية غرباً، ومن صخور الحقب الجيولوجي الثاني التي تقبع فوق صخور القاعدة القديمة شرقاً، كما تمتد فيها بعض الرقع التي تحجبها التوضعات الثلاثية القاريّة الشديدة التخلُّع والمتوضعة أصلاً ضمن الأحواض الانهدامية المنتشرة في أواسط شبه الجزيرة، كما هي الحال في حوضي قشتالة Castille القديم (شمالاً) والحديث (جنوباً)، اللذين يشرفان على بقية الهضاب بسلسلة من الجروف الكلسية من ارتفاعات تراوح بين 80 و100م، وتكوّن هذه التوضعات وخصوصاً على أطرافها الغربية هضبة ذات سطح حتّي يعدُّ واحداً من أكمل السطوح الحتية في العالم، ومع ذلك فإن الأقسام الشمالية لهذه الهضاب تبدو للوهلة الأولى وكأنها منخفضات مفصولة عن المحيط الأطلسي بسلسلة جبلية شاهقة في حين أن أقسامها الجنوبية مائلة ومدفوعة باتجاه الجنوب. وبين هذين القطاعين، تمتد السلسلة المركزية الملتوية متجهة من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، ومشرفة من ارتفاعات تصل إلى نحو 2000م. أما على الأطراف الشمالية للهضاب، فيشاهد تباين تضريسي شديد، ذلك لأن توضعات الحقب الثاني التي تطل من ارتفاعات تصل إلى 1500م تُكوّن أولى أقدام سلاسل البيرينيه وطلائعها، في حين أن صخور القاعدة القديمة مع غطائها الرسوبي وبفعل تراكب سلسلة مهمة من الصدوع ومن الفوالق تشرف من ارتفاعات تزيد على 2400م غربي توضعات الحقب الثاني. أما السواحل الغربية المسايرة للمحيط الأطلسي، ومع أن فروق الارتفاعات هنا قليلة الأهمية نسبياً، فيلاحظ تنوع جغرافي شديد. إذ في أقصى الشمال وحيث تسود الصخور الغرانيتية تكثر مصبات الأنهار المعلقة وخط الساحل هنا شديد التعرج غني بما يعرف بالرياس (أودية أنهار غمرتها مياه البحر)، في حين أن القطاع المحصور بين نهر مينهو Minho وجنوب مدينة بورتو البرتغالية قطاع مستقيم تماماً. وإلى الجنوب يلاحظ وجود توضعات الحقبين الثاني والثالث على السطح. كما تقوم الأنهار على طول هذا الساحل بترسيب كميات كبيرة من اللحقيات المنقولة من المناطق الداخلية مكوّنة مناطق زراعية خصبة. وفي الأقسام الشمالية الشرقية لشبه الجزيرة تمتد سلسلة جبال قطلونية من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي وهي حلقة وصل بين جبال البيرينيه وبين السلسلة الإيبرية، وتتألف من صخور تعرضت لحركات التوائية عنيفة، تصل ارتفاعاتها إلى 2500م، وإلى الغرب من السلسلة المذكورة يمتد حوض إيبره Ebre الرسوبي بمتوسط ارتفاع يراوح بين 250و500م، وهو غني جداً بتوضعات الجصّ العائدة للحقب الثالث والتي تقبع مباشرة فوق صخور القاعدة القديمة، ولقد تعمقت الأنهار هنا بشدة مكوّنة سلسلة من المصاطب اللحقية النموذجية، وإلى الشمال من الحوض المذكور تمتد سلسلة جبال البيرنيه (البورتات أي البوابات كما سماها العرب قديماً) على طول 430كم بين خليجي غسكونية (بسكاي) غرباً وليون شرقاً، ويصل أقصى ارتفاع لها إلى 3404م في قمة أنيتو Aneto، وتتكون هذه السلسلة من قطاع محوري تعود صخوره إلى القاعدة القديمة، في حين أن التوضعات التي تغلب عليها الطبيعة الكربوناتية الأحدث عمراً والتي تظهر على السفوح الشمالية والجنوبية على حد سواء، تعرضت لحركات التوائية عنيفة جداً، ومع الارتفاع الكبير لهذه السلسلة الجبلية فإنها لم تكوِّن حاجزاً طبيعياً أمام الانتقال والتفاعل البشري والحضاري بين سفح وآخر كما تشير إلى ذلك طبيعة العلاقات وعمقها بين القطلان سكان السفوح الشمالية والباسك (البشكنس) سكان السفوح الجنوبية. وهنالك حالياً سلسلة من طرق السيارات ومن السكك الحديدية والأنفاق تحت الجبلية التي تجتاز المنطقة لتصل بين شبه الجزيرة جنوباً وفرنسة ومنها بقية أنحاء أوربة شمالاً. وإلى الجنوب من حوض إيبره، تمتد سلسلة جبال الإيبر من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي بطول يزيد قليلاً على 400كم وبعرض يراوح بين 100و150كم وتراوح ارتفاعاتها بين 800 و2000م. وفي أقصى الجنوب الشرقي، وعلى طول ساحل البحر المتوسط تمتد السلاسل الأندلسية (البيتيكية) بطول يزيد على 800كم وبعرض يراوح بين 300 و500كم، وغالباً ما يتجاوز ارتفاعها 2000م وتغلب عليها صخور الشيست والدولوميت الشديدة التخلع وهي غنية بالممرات والمسالك الطبيعية التي يتجاوز عرضها 1 كم في معظم الأحيان، لدرجة يبدو معها التجزؤ واضحاً في جسم هذه الكتلة الجبلية الشديدة التعقيد المسؤول عن تعدد ظواهر أغطية الجرف. 2ـ المناخ: إن الوضع التضريسي الشديد التعقيد في شبه جزيرة إيبرية يعطل ظاهرة النطاقية المناخية المعروفة، ويمكن التأكيد بأن جبال البيرينيه تؤلف الحدود الشمالية لنطاق عمل المؤثرات المناخية المتوسطية هنا، لأن سفوحها الشمالية هذه لاتعرف الجفاف الصيفي، كما أنها مغطاة بغطاء غابي كثيف على عكس السفوح الجنوبية، ويستثنى من ذلك أقسامها الغربية التي تتلقى الرياح القادمة من المحيط الأطلسي محملة بالأمطار الصيفية، مع معدل أمطار سنوي يتجاوز 1000مم غالباً، وباتجاه الجنوب وعلى طول سواحل المحيط الأطلسي ينخفض معدل الهطل كما تزداد مدة الجفاف تدريجياً (ثلاثة أشهر جفاف مع معدل هطل سنوي لا يتجاوز 750مم في لشبونة). أما واجهة البحر المتوسط فإنها تختلف عن واجهة الأطلسي بكون مناخها أكثر جفافاً، وبنظام هطولاتها إذ يحدث الهطل الأعظمي في شهر أيلول مع تناقص تدريجي في فصل الشتاء، أو بعدم انتظام الهطولات على مدى خطوط العرض. إن هذه التباينات تعزى في إطارها العام إلى تباين تأثير المسطحات المائية المعنية، التي تمر عليها الرياح قبل وصولها إلى القارة، فهي أي المسطحات المائية في حالة المحيط الأطلسي أكثر أهمية بكثير من البحر المتوسط. أما المناطق الداخلية، فتتمتع بمناخ قاري حيث التباينات والفروق الحرارية اليومية والسنوية المهمة، وحيث انخفاض معدلات الهطل السنوية، وحيث انزياح الهطولات من فصل الشتاء إلى فصل الربيع، علماً بأن معدل الهطل السنوي هنا يراوح عموماً بين 400 و600مم، وقد ينخفض عن ذلك بكثير، مع هطل أعظمي في شهر أيار حتى حزيران، وهذا ما يؤدي إلى عجز الميزان المائي لما للبخر هنا من تأثير مهم في هذا الوقت نظراً لارتفاع معدلات الحرارة الصيفية. أما الرياح السائدة فهي رياح غربية أو شمالية غربية. والنباتات السائدة في ظل هذه الأحوال المناخية تتمثل بالزيتون البري على طول الأشرطة الساحلية، وبأشجار النخيل القزمة في المناطق الداخلية، ثم أشجار البلوط والسنديان، وحشائش المراعي التي تنمو فوق مناطق الهضاب الداخلية خاصة. 3ـ النشاط الاقتصادي: تتصف إيبرية بفقر مواردها الطبيعية عامة، وبتخلفها الاقتصادي بالمقارنة مع بقية دول أوربة الغربية. وأهم أوجه النشاط البشري هي: ـ الزراعة: ويعمل بها ما يزيد على ربع سكان إيبرية. وتؤلف المحاصيل الزراعية عماد الصادرات. هذا وتمتاز شبه الجزيرة بالاتساع الكبير للرقعة المخصصة لزراعة الحبوب المختلفة (قمح ـ شعير ـ شوفان ـ ذرة) وخاصة في المناطق الجنوبية الغربية، إضافة إلى زراعة الزيتون التي تزدهر في جنوبي شبه الجزيرة، كما تنتشر زراعة الكرمة على نطاق واسع في البرتغال وفي شرقي إسبانية، وتنتشر زراعة الأرز والخضار المروية في مناطق انتشار الزراعة المروية في الداخل، وتشكل حرفة صيد السمك نشاطاً مهماً أيضاً، في حين أن الإنتاج الحيواني لايفي حاجة السكان من اللحوم والألبان ومشتقاتها. ـ الثروة المعدنية والصناعة: تعاني الصناعة عجزاً كبيراً في موارد الطاقة على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة لاستغلال موارد الطاقة الكهرمائية، ومع توفر كميات لابأس بها من الفحم في مناطق أستوريس Asturies وليون Leon في شمال غربي إسبانية. وكل ذلك لم يقف عقبة في وجه ظهور بعض الصناعات المهمة وعلى رأسها الصناعات التعدينية التي نشّطها وجود خامات الحديد والنحاس والرصاص والزنك والتنغستين والزئبق إضافة إلى اليورانيوم، ولاسيما في منطقة سيرامورينا Sierra Morena الإسبانية. وهنالك الصناعات الغذائية المختلفة والصناعات النسيجية المتمركزة في كل من برشلونة ومدريد في إسبانية وبورتو ولشبونة في البرتغال. إن الميزان التجاري خاسر لكلا الدولتين، ولكن القطع الأجنبي الذي يوفره العمال المهاجرون إلى دول أوربة الأخرى بالإضافة إلى النشاط السياحي الكبير يسدان قسماً كبيراً من هذا العجز، وأهم صادرات شبه الجزيرة النبيذ والحمضيات والزيت والصناعات الجلدية، أما وارداتها الرئيسية فهي النفط الخام ومنتجاته.    محمد فائد حاج حسن    الموضوعات ذات الصلة:   إسبانية ـ الأندلس ـ أوربة ـ البرتغال.   مراجع للاستزادة:   - P.BIROT et J. DRESCH, La Méditerranee et Moyen Orient t.I. 2e édition (PUF 1964).

اقرأ المزيد »




التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد : المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 347

آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 563
الكل : 31286298
اليوم : 34486

أبو هفان المهزمي

أبو هِفّان المِهْزمي (…ـ 255هـ/… ـ 869م)   أبو هِفّان، عبد الله بن أحمد بن حرب المهزمي العبدي، راوية، عالم بالشعر والأدب، من شعراء أهل البصرة، سكن بغداد، وبنو مهزم قبيلته ذكرها في شعره: فإنْ تسألي عنّا، فإنّا حلى العُلا                           بنو مِهزَمٍ، والأرضِ ذاتِ المناكبِ

المزيد »