logo

logo

logo

logo

logo

الجرف القاري

جرف قاري

continental shelf - plateau continental

 الجرف القاري

الجرف القاري

ماهر ملندي

تعريف الجرف القارّي

تحديد الجرف القاري

النظام القانوني للجرف القاري

تسوية المنازعات حول الجرف القاري

الجرف القاري في سورية

   

تشغل المحيطات والبحار نحو ثلاثة أرباع مساحة الكرة الأرضية. وهي تلك المساحات المغمورة بالمياه المالحة ذات الأهمية في ميدان المواصلات بما تحتويه من ثروات طبيعية هائلة. وفي هذا يقول سبحانه وتعالى: ]وَهُوَ الَّذِي سَخَّر البَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنُه لَحْماً طَرِيّاً وتَسْتَخْرِجُوا مِنهُ حِليَةً تَلْبَسْونَهَا وَتَرَى الفُلْكَ مَوَاخِر فِيهِ ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون[ (النحل14). وقد تطوَّرت قواعد القانون الدولي للبحار عرفياً، قبل أن تستقر مدونة في متن القرارات والمعاهدات الدولية. وبحيث لم يعد يُعنى هذا القانون باستغلال المياه السطحية لأعالي البحار فحسب، وإنما أيضاً بالنظام القانوني للمناطق البحرية المجاورة للإقليم البري لكل دولة وما تحتويه من ثروات وموارد، وكذلك بقاع البحر وما تحته والفضاء الذي يعلوه والسفن التي تمخر البحار والغواصات التي تجوب أعماقه وبالمنشآت المستخدمة لاستثماره. كما ازداد الاهتمام الدولي بالبحار، نتيجة التقدم الهائل في وسائل النقل والمواصلات والأساليب التكنولوجية لاستغلال البحار وثرواتها. ولهذا سعت الدول دائماً نحو فرض سيادتها على أكبر مسافة ممكنة من البحار الملاصقة لسواحلها والاستئثار بالسيطرة عليها. مما أفرز وجهات نظر متباينة ونزاعات دولية لا تحصى. لذلك، فقد توالت المعاهدات لتحديد ممارسة الاختصاص الوطني في حوض الأبيض المتوسط، منذ أن عقدت روما وقرطاجة اتفاقية عام 509 قبل الميلاد. وتمَّ أيضاً تدوين قواعد الحرب البحرية وقمع القرصنة في تصريح باريس لعام 1856 واتفاقية جنيڤ لعام 1864 واتفاقيات لاهاي للأعوام 1899-1907م. وقد أخفقت جميع الجهود التي بذلتها عصبة الأمم من أجل تقنين قواعد القانون الدولي للبحار وتطويرها بما يتلاءم مع احتياجات العصر والتقدم العلمي. وذلك بالرغم من التوصل عام 1923م إلى عقد اتفاقية جنيڤ حول النظام الدولي للموانئ البحرية. ولكن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة نجحت في عقد أول مؤتمر دولي حول قانون البحار، نجم عنه التوصل إلى عقد اتفاقيات جنيڤ الأربع بتاريخ 21/4/1958م حول البحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة وأعالي البحار والجرف القاري Le plateau continental والصيد البحري. كما تمَّ عقد مؤتمرٍ ثانٍ في جنيڤ عام 1960م، ولكنه لم يلقَ أي نجاح يُذكر. إذ تبيَّن بعد فترة وجيزة أنَّ هذه الاتفاقيات لم تستطع مواكبة التطورات السريعة التي شهدها المجتمع الدولي، وخاصة بعد حصول عددٍ كبير من الدول النامية على استقلالها ومطالبتها بممارسة السيادة الدائمة على مصادرها الطبيعية، بما في ذلك الاستفادة من الثروات والموارد البحرية. لذلك فقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 17/12/1970م إعلاناً بالمبادىء التي تحكم أعماق البحار والمحيطات، التي تتجاوز حدود الولاية الوطنية. كما دعت الجمعية العامة إلى عقد مؤتمر ثالث حول قانون البحار، وقد انعقد بالفعل اعتباراً من عام 1973 على شكل اجتماعات ومفاوضات دورية استغرقت تسع سنوات. وقد أثمرت أعماله بتاريخ 10/12/1982 إقرار اتفاقية قانون البحار في مدينة مونتيغوباي الواقعة في دولة جامايكا. وقد دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ اعتباراً من 16/11/1994 بعد انقضاء عام على إيداع الصك الستين للتصديق. وتتكوَّن الاتفاقية من /320/ مادة وتسعة ملاحق. إذ نصت المادة /311/ على أن أحكامها تتقدم على تلك المنصوص عليها في اتفاقيات جنيڤ لعام 1958 في حال تعارضها وفيما إذا كانت الأطراف واحدة في جميع هذه الاتفاقيات. أما إذا اختلف الأطراف كلياً أو جزئياً، فعندها تتم العودة إلى مبدأ الأثر النسبي للمعاهدات الوارد في المادة الثالثة من اتفاقية ڤيينا لعام 1969 حول قانون المعاهدات. أي إن المعاهدة لا تلزم إلاَّ أطرافها، باستثناء القواعد الكاشفة عن أعراف دولية أو قواعد آمرة تتمتع بصفة الإلزام تجاه أعضاء المجتمع الدولي كافة ، وكما نصت على ذلك أيضاً المادة /38/ من اتفاقية ڤيينا لعام 1969م. وقد باشرت العديد من الدول باعتماد تشريعات وطنية تتلاءم وأحكام الاتفاقية في كل ما يتعلق بالشؤون البحرية. وهذا مافعلته الجمهورية العربية السورية مؤخراً بإصدارها قانون الولاية البحرية رقم /28/ تاريخ 19/11/2003م والذي يهدف إلى موائمة التشريعات الوطنية السورية مع نصوص اتفاقية عام 1982م، بما لا يمس السيادة ومتطلبات تحقيق التنمية الاقتصادية. ويحل هذا القانون محل المرسوم التشريعي رقم /304/ لعام 1963م والقانون رقم /37/ لعام 1981م. وبذلك أصبحت سوريا مستعدة للانضمام والتصديق على اتفاقية جامايكا لعام 1982م حول قانون البحار. ولهذا فقد تمَّ تشكيل اللجنة الوطنية لقانون البحار بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم /535/ تاريخ 28/1/2002م، ويرأسها وزير دولة، وتضم أيضاً ممثلين عن الوزارات المعنية. وتقوم هذه اللجنة بدراسة ومناقشة الاتفاقيات البحرية الدولية تمهيداً لبيان مدى الحاجة لانضمام سورية إليها. وكذلك إعداد مشاريع القوانين البحرية الوطنية ذات الصلة، بما ينسجم مع التطورات الحديثة ونصوص اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار.

وباستثناء أعالي البحار وقيعانها، تخضع جميع المناطق البحرية الأخرى ذات التسميات المختلفة لسيادة الدولة الساحلية أو تمارس على بعضها اختصاصات الولاية الوطنية فقط، بما يتفق مع قواعد القانون الدولي والقيود التي فرضتها الأعراف الدولية ونصوص اتفاقيات جنيف لعام 1958 وجامايكا لعام 1982م حول قانون البحار. وهذه المناطق هي: المياه الداخلية والأرخبيلية والبحر الإقليمي والمنطقة المتاخمة والمنطقة الاقتصادية الخالصة والخلجان والمضائق والقنوات البحرية والبحار المغلقة، وكذلك الجرف القاري، ولكل منها نظامها القانوني الخاص بها.

أولاً- تعريف الجرف القارّي:

ويسمَّى أحياناً الرصيف أو الإفريز القاري أو العتبة القارية. وهو امتداد اليابسة المغمورة بالمياه باتجاه قاع البحر. ونظراً لما يحتويه الجرف القاري من ثروات طبيعية هائلة، بيولوجية ومعدنية وبترولية ونباتية وحيوانية، فقد جذب اهتمام الدول التي طالبت بممارسة اختصاصات سيادية على الجرف القاري الذي يشكّل امتداداً لسواحلها، بما يخدم مصالحها الحيوية وخاصة مع تطور الوسائل التقنية الحديثة.

فقد أصدر الرئيس الأمريكي «ترومان» بتاريخ 28/9/1945 إعلاناً صرِّح فيه أن حكومة الولايات المتحدة الأمريكية تعدُّ الثروات الطبيعية الموجودة في قاع البحر وباطنه ضمن منطقة الجرف القاري الواقع ما وراء بحرها الإقليمي مملوكة لها وخاضعة لولايتها واختصاصها الوطني. وقد شكَّل هذا الإعلان سابقة لنشوء قاعدة في القانون الدولي. وما لبثت أن تتالت التصريحات الصادرة عن دول عديدة؛ وذلك لتبرير ممارسة اختصاصاتها على المناطق المغمورة بالمياه القريبة من سواحلها، والتي تشكِّل امتداداً طبيعياً لها. وهكذا استقر مفهوم الجرف القاري في اتفاقية منفردة بين اتفاقيات جنيڤ الأربع لعام 1958م، كما تكرَّس في اتفاقية عام 1982حول قانون البحار، ولكن مع وجود بعض الاختلافات الجوهرية بينهما.

ثانياً- تحديد الجرف القاري:

عرَّفت المادة الأولى من اتفاقية عام 1958م الجرف القاري  بأنه يشمل قاع البحر وباطن المناطق المغمورة الملاصقة للساحل والكائنة خارج نطاق البحر الإقليمي إلى عمق مئتي متر من سطح الماء أو إلى ما يتعدى هذا العمق إلى الحد الذي يسمح فيه باستغلال الموارد الطبيعية لهذه المنطقة. ويستدل من هذا التعريف أنه لا يوجد جرف قاري إلاَّ خارج حدود البحر الإقليمي، حيث تتضمن ممارسة السيادة على البحر الإقليمي حكماً، الولاية على سطح المياه وأعماق البحر وما تحت القاع لمسافة لا تتجاوز اثني عشر ميلاً بحرياً.

أما تحديد امتداد الجرف القاري، فيتم بالاستناد إلى معيارين: معيار قياسي، أي بلوغ مستوى العمق مئتي متر تحت سطح الماء. أو معيار استثماري، وهو المدى الذي يسمح باستغلال موارد الجرف، حتى لو تجاوز ذلك مسافة مئتي متر عمقاً تحت سطح الماء.

وقد أثار هذا التحديد فيما بعد مشكلات عديدة، إذ عمدت بعض الدول، وخصوصاً الدول الكبرى التي تسمح قدراتها التكنولوجية بذلك، إلى مد جرفها القاري لمسافات سحيقة بذريعة أن هذه المسافات تسمح لها باستغلال الموارد الطبيعية للجرف، وهذا ما أدى في أغلب الأحيان إلى نشوب نزاعات بين الدول المتقابلة أو المجاورة. بالمقابل، هنالك حالات ينعدم فيها الجرف القاري بالمعنى الجيولوجي حينما يكون عمق المياه ضحلاً جداً، كما هي الحال في منطقة الخليج العربي. وهنالك دول أخرى ينحدر جرفها القاري بشكل حاد وشديد على مسافة قريبة من الساحل، كما هو الأمر بالنسبة في الدول الواقعة على الساحل الغربي في جنوبي القارة الأمريكية، مما لايسمح بالاستغلال المثمر للثروات التي يحتويها الجرف.

لذلك، ومع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الطبيعة الجيولوجية للجرف القاري بين منطقة وأخرى؛ فقد اعتمدت اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار معايير أخرى لتحديد الجرف القاري تختلف تماماً عن تلك المنصوص عليها في اتفاقية جنيڤ لعام 1958م، وهذه المعايير تستند إلى المسافة التي يبلغها الجرف القاري ابتداءً من اليابسة والحد الخارجي للحافة القارية. بالفعل، فقد عرَّفت المادة /76/ من اتفاقية عام 1982م الجرف القاري لأي دولة ساحلية بأنه يشمل: «قاع وباطن أرض المساحات المغمورة بالمياه والتي تمتد إلى ماوراء بحرها الإقليمي في جميع أنحاء الامتداد الطبيعي لإقليم تلك الدولة البري حتى الطرف الخارجي للحافة القارية أو إلى مسافة مئتي ميل بحري من خط الأساس الذي يُقاس منه عرض البحر الإقليمي، إذا لم يكن الحد الخارجي للحافة القارية يمتد إلى تلك المسافة». وفي جميع الأحوال، لا يجب أن يمتد الجرف القاري إلى أبعد من مسافة/350/ ميلاً بحرياً من خط الأساس.

وهنا يُلاحظ أن إنشاء المنطقة الاقتصادية الخالصة قد قلَّل كثيراً من أهمية الجرف القاري. وذلك لأن هذه المنطقة التي تمتد إلى مسافة مئتي ميل بحري تستطيع احتواء الجرف القاري، إذ تتمتع الدولة الساحلية بحقوق متشابهة نوعاً ما على المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري. هذا إذا لم يتجاوز امتداد الجرف القاري مسافة مئتي ميل بحري. أما إذا ما تجاوزت هذه المسافة إلى ما لا يتعدى /350/ ميلاً بحرياً، فعندها يطبق النظام القانوني الخاص بالجرف القاري دون سطح المياه، مقابل أداء مساهمات مادية وعينية عن استغلال الموارد غير الحيّة للجرف ضمن المسافة الواقعة ما بين 200 و350 ميلاً بحرياً (المادة /82/ من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

ثالثاً- النظام القانوني للجرف القاري:

لاتوجد فوارق كثيرة بين مانصّت عليه اتفاقية جنيڤ لعام 1958م والمواد 76 و77 من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار، فيما يتعلق بالنظام القانوني للجرف القاري، والتي حدّدت حقوق الدولة الساحلية على الجرف بالآتـي:

1- تمارس الدولة الساحلية على الجرف القاري حقوقاً سيادية لأغراض استكشافه واستغلال موارده الطبيعية.

2- إن الحقوق السيادية التي تمارسها الدولة الساحلية على جرفها القاري هي حقوق خالصة، بمعنى أنه إذا لم تقم الدولة الساحلية باستكشاف الجرف القاري أو استغلال موارده الطبيعية، فلا يجوز لأحد أن يقوم بهذه الأنشطة دون موافقة صريحة من الدولة الساحلية.

3- لا تتوقف حقوق الدولة الساحلية على الجرف القاري على احتلال فعلي أو حكمي ولا على أي إعلان صريح.

4- لا تمس حقوق الدولة الساحلية على الجرف القاري النظام القانوني للمياه العلوية أو الحيز الجوي الذي يعلو هذه المياه.

5- لا يجب أن تتعدى ممارسة الدولة الساحلية لحقوقها على الجرف القاري على حرية الملاحة وغيرها من حقوق وحريات الدول الأخرى أو أن تسفر عن أي تدخل لا مبرر له في تلك الملاحة والحقوق والحريات.

يتضح إذاً من النصوص الآنفة الذكر أن الجرف القاري لا يخضع لسيادة الدولة الساحلية، وإنما تمارس عليه حقوقاً سيادية فقط لاستكشاف موارده الطبيعية واستغلالها. وهي حقوق ثابتة وشاملة ومانعة، بحيث تتضمن كل الحقوق المقررة للدولة الساحلية التي تستطيع أن تمنع الغير من المشاركة في ممارستها، بغض النظر عن وضع يدها فعلياً أو قانونياً على الجرف أو بإصدار إعلان صريح من قبلها. بمعنى آخر، إن هذه الحقوق هي طبيعية وأبدية، تتضمن، إضافة إلى استغلال الموارد الطبيعية للجرف، وضع الكابلات وخطوط الأنابيب المغمورة وإقامة الجزر الاصطناعية وغيرها من المنشآت والتركيبات وأعمال الحفر في الجرف القاري. ويمكن للدول الأخرى القيام بهذه الأعمال أيضاً، لكن بعد الحصول على موافقة الدولة الساحلية وفق قوانينها وأنظمتها الداخلية (المواد /79/ و/80/ و/81/ من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار).

رابعاً- تسوية المنازعات حول الجرف القاري:

يثير موضوع تحديد الجرف القاري بين الدول ذات السواحل المتقابلة أو المجاورة مشكلات عديدة، نظراً للأهمية التي يكتسبها هذا الجرف من جميع النواحي، الإستراتيجية والاقتصادية والسياسية. وقد حاولت اتفاقية جنيڤ لعام 1958م حول الجرف القاري، ثم اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار تلافي أي خلافات مستقبلية بهذا الشأن، عندما نصتا بأنه يجري تعيين حدود الجرف القاري الملاصق لإقليمي دولتين أو أكثر ذات سواحل متقابلة أو مجاورة بواسطة خط الوسط أو بتطبيق مبدأ الأبعاد المتساوية الذي تبعد كل نقطة فيه بعداً متساوياً عن أقرب النقاط على خطوط الأساس التي يجري منها قياس عرض البحر الإقليمي لكلٍ من هذه الدول. هذا إذا لم تتوصل الأطراف المعنية إلى اتفاق منصف فيما بينها أو إذا كانت هنالك ظروف خاصة تبرّر تحديد آخر، كوجود الجزر أو ظروف ملاحية أو لها علاقة بالصيد أو باعتماد السكان على الجرف لتلبية حاجاتهم الغذائية… إلخ.

أما إذا لم تتوصل الأطراف إلى أي اتفاق ولم تستطع تحديد الجرف القاري وفق قاعدة خط الوسط أو مبدأ الأبعاد المتساوية، يمكن عندئذٍ اللجوء إلى محكمة العدل الدولية أو تطبيق أي إجراء آخر لتسوية النزاع بينها (المادة /6/ من اتفاقية جنيڤ لعام 1958م حول الجرف القاري والمادة /82/ من اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار). وهذا ما حصل بالفعل، فإضافة إلى عددٍ لا بأس به من القضايا التحكيمية، تولّت محكمة العدل الدولية النظر في عدة دعاوى تتعلق بتحديد الجرف القاري، ومثال ذلك أحكامها الصادرة في عام 1969م حول بحر الشمال، وعام 1982م في القضية الليبية/التونسية، وعام 1984م بين كندا والولايات المتحدة الأمريكية، وفي عام 1985 بين ليبيا ومالطا. وفي جميع أحكامها هذه، اعتمدت المحكمة على مبادىء العدالة والإنصاف من أجل التوصل إلى تحديد الجرف القاري بين الأطراف المعنية، خاصة وفقاً لمبدأ الأبعاد المتساوية أو خط الوسط، الذي لا يشكِّل حسب المحكمة قاعدة عرفية ملزمة.

خامساً- الجرف القاري في سورية:

اعتمد قانون الولاية البحرية في سورية رقم /28/ لعام  2003م عبارة الرصيف القاري بدلاً من الجرف القاري. إذ عرَّفته المادة /26/ منه أنه يشكِّل: «الامتداد الطبيعي للإقليم البحري السوري تحت سطح البحر إلى حدود الطرف الخارجي للحافة القارية». وقد حدّدت المادة /27/ طبيعة الحقوق التي تمارسها سورية على رصيفها القاري، على أنها «حقوق سيادية لأغراض استكشافه واستغلال موارده الطبيعية الحيّة وغير الحيّة». وأضافت المادة /28/ أنه «لا تتوقف حقوق الجمهورية العربية السورية على رصيفها القاري على إشغال فعلي أو حكمي ولا على أي إعلان صريح». هذه الأحكام تتطابق تماماً مع تلك المنصوص عليها في اتفاقية عام 1982م حول قانون البحار.

لكن أهم ما يمكن ملاحظته حول النصوص المتعلقة بالجرف القاري السوري المذكورة أعلاه، هو أن المشرع السوري اعتمد فقط على نظرية الامتداد الطبيعي للجرف إلى حدود حافته الخارجية. ومن ثم فهو لم يحدّد مسافة معينة لامتداد الجرف القاري. مما يعني أنه لايجب أن تتجاوز مسافة الجرف القاري السوري /350/ ميلاً بحرياً اعتباراً من خطوط الأساس التي قِيسَ منها امتداد البحر الإقليمي. ولكن في الواقع، من الصعوبة بمكان إمكانية تصور امتداد الجرف القاري السوري إلى هذه المسافة، بسبب الاعتبارات الجغرافية والطبيعية للسواحل السورية المطلة على البحر الأبيض المتوسط، ووجود جزيرة قبرص مقابلها.

مراجع للاستزادة:

- إبراهيم الدغمة، القانون الدولي الجديد للبحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983).

- بدرية عبد الله العوضي، الأحكام العامة في القانون الدولي للبحار (الكويت 1988).

- صلاح الدين عامر، القانون الدولي الجديد للبحار، دراسة لأهم أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (دار النهضة العربية، القاهرة 1983).

- عبد الكريم علوان، الوسيط في القانون الدولي العام، الكتاب الثاني (مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمّان 1997).

- محمد الحاج حمود، القانون الدولي للبحار، مناطق الولاية الوطنية (مطبعة الأديب، بغداد 1990).

- محمد المجذوب، القانون الدولي العام (منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت 2002).

- j. Combacou., Le droit international de la mer, P.U.F, Que sais- je, no 2257, (Paris, 1995).

- L. Lucchini, Le droit de la mer, Pédone, (Paris, 1997).

- M.Virally. M, Le nouveau droit international de la mer, Pédone, (Paris, 1983).

 


التصنيف : القانون الدولي
النوع : القانون الدولي
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 5
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 518
الكل : 28919519
اليوم : 15915