logo

logo

logo

logo

logo

الميراث

ميراث

heritage / inheritance - héritage

 الميراث

الميراث

أحمد الحسن، وهبة الزحيلي

مفهوم الميراث شهر حق الإرث
أركان الميراث حقوق دائني التركة في أموال المورّث وحمايتهم من تصرفات الوارث
شروطه نظام الميراث وقواعد التوريث
أسباب الإرث ميراث ذوي الأرحام
موانع الإرث ميراث بقية الورثة
المركز القانوني للوارث في التركة المناسخة
 

أولاًـ مفهوم الميراث Inheritance:

تعريف الميراث:

أ ـ الميراث لغة: مصدر ورِث الشيء وراثة وميراثاً وإرثاً، معناه: انتقال قٍنية (ما يقتنى) عن غيرك من غير عقد ولا ما يجري مجرى العقد، ويطلق بمعنى الموروث، وهو المال أو الشيء المنتقل عن الميت لورثته من بعده بنسب أو سبب، مأخوذ من البقاء، وأصله موروث فقلبت واوه ياءً لانكسار ما قبلها.

والمستحق للمال بالإرث يسمى وارثاً، وجمعه: ورثة ووارثون وورَّاث، ومن استُحق ماله بالإرث يسمى مورّثاً.

ب ـ الميراث اصطلاحاً: هو اسم لما يستحقه الوارث من مورثه بسبب من أسباب الإرث.

أو هو: حق قابل للتجزئة يثبت لمستحقه بعد موت من كان له وذلك لقرابة أو زوجية أو ولاء.

شرح التعريف:

> حق: لفظ يراد به حق الوارث ويشمل الأموال وغيرها كحق الشفعة والقصاص.

> قابل للتجزئة: تعني أنه يصلح لأن يثبت لبعض الورثة النصف ولبعض آخر السدس وهكذا.

> يثبت لمستحقه بعد موت من كان له: قيد يراد منه إخراج الحقوق التي تثبت لمستحقها في حال حياة من كانت له كالحقوق التي تثبت بالهبة أو الشراء.

> لقرابة أو زوجية أو ولاء: قيد آخر يهدف إلى إخراج الوصية لأنها حق يثبت لمستحقه بعد موت من كان له ولكن بغير سبب القرابة. والإرث بالولاء أو الموالاة: يكون بسبب قرابة حكمية أنشأها الشارع من العتق. فولاء العتق: هو صلة بين السيد وبين من أعتقه يتمتع العبد المعتق من خلالها بما يسمى العصوبة السببية. فإن لم يكن للمتوفى عَصَبة نسبية، فخوله أن يأخذ الباقي بعد أصحاب الفروض، وأن يأخذ التركة كلها إن لم يكن للمتوفى وارث ذو فرض مقدر شرعاً.

علم المواريث: هو علم بقواعد فقهية وحسابية يعرف بها المستحقون للإرث وما يستحقه كل منهم وأسباب استحقاقهم وشروطه وموانعه.

ويسمى هذا العلم أيضاً بعلم الفرائض؛ لأنه يشتمل على الفرائض، وهي السهام المفروضة التي تولى الله سبحانه وتعالى تقديرها بنفسه في كتابه الكريم على الرغم من أن هذا العلم يشتمل على التعصيب أيضاً، لكنه سمي بعلم الفرائض تغليباً للحقوق المفروضة على الحقوق المستحقة بالتعصيب؛ لأن الله تعالى قال بعد القسمة &http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64831;فَرِيضَةً مِنَ اللهِ&http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64830; [النساء 11].

ويطلق على هذا العلم أيضاً علم التركات، والتركة تطلق عند الجمهور على كل ما خلفه الميت من الأموال والحقوق الثابتة له مطلقاً.

وهي عند الحنفية ما يخلّفه الميت من الأموال صافياً عن تعلّق حق الغير بعينه.

وثمرة هذا الخلاف أن التركة تشمل الحقوق مطلقاً عند الجمهور ومنها المنافع والحقوق والاختصاصات، أما عند الحنفية فإن المنافع والحقوق غير المالية لا تدخل في التركة إذ إنهم يحصرون التركة في المال أو الحق الذي له صلة بالمال.

3ـ استمداده: استمد هذا العلم من القرآن في الآيات الثلاث من سورة النساء وهي (11، 12، 176) ومن السنة النبوية في أحاديث، منها الحديث المتفق عليه عن ابن عباس: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر" أي العصبات من جهة الأب.

والفرض: النصيب المقدر شرعاً للوارث.

والسهم: الجزء المعطى لكل وارث من أصل المسألة الذي هو الجامع للأسهم، مثل: اثنين من ستة.

والعصبة: من لم يكن له نصيب مقدر شرعاً بصراحة، فيأخذ ما أبقى ذوو الفروض.

4ـ نطاق الميراث:

يرى جمهور الفقهاء أن نطاق الميراث هو كل ما يخلَّفه الميت من الأموال والحقوق سواء أكانت الحقوق مالية أم غير مالية، فيشمل الأشياء المادية من منقولات وعقارات؛ والحقوق العينية كحقوق الارتفاق من المسيل والشرب، والمنافع كحق الانتفاع بالعين المؤجرة؛ والحقوق الشخصية كحق الشفعة وحق خيار الشرط، وتشمل أيضاً ما تسبب فيه الإنسان من صيرورة الخمر خلاً بعد وفاته، وشبكة نصبها فوقع فيها بعد موته صيد، وكذلك الدية المأخوذة في قتله، والمكافأة التي تعطى للموظف عند نهاية الخدمة فإنها تعد من تركته لأنها مستقطعة من مرتّبه فهي بمنزلة توفير جزء من راتبه.

ونطاق الميراث عند الحنفية: الأموال المحوزة بكل أنواعها من عقارات ومنقولات، سواء كانت المنقولات قيمية أم مثلية، وسواء أكانت تلك الأموال تحت يد المالك أو يد نائبه كيد المستأجر والمستعير والوديع، أم لم تكن تحت يده ولا يد نائبه، كالأموال المغصوبة والمسروقة.

وكذلك الأموال التي لم تدخل في حيازته ولكن له حق مقدر معلوم فيها، وإن لم يعين بذاته، كنصيبه من غلات الوقف التي استحقها في حياته ولم يتسلمها، والدين الذي له في ذمة غيره، وكذلك الحقوق العينية التي ليست بمال في ذاتها ولكنها تقَّوم بمال أو هي متصلة بأموال، وتزيد في قيمة العين كحق الشَّرب، وحق المسيل، وحق العُلُوّ، وكذلك خيارات الأعيان كالعين التي تعلق بها خيار العيب، فإن خيار العيب يكون للورثة لأن العين قد ورثت ومعها حق السلامة من العيوب فكان للوارث أن يختار بقاءها مع عيبها، أو فسخ العقد الذي انعقد على أساس السلامة، وكذلك خيار فوات الوصف المرغوب فيه فإنه ورث العين مع ذلك الوصف المرغوب فيه فكان له الحق في إبقائها مع تخلفه، أو فسخ العقد الذي فوَّت فيه الوصف مع أنه جزء من الاتفاق وكذلك خيار التعيين.

أما الحقوق الشخصية التي تتعلق بمحض الإرادة والاختيار من غير أن تكون تابعة لعين مملوكة للمورث، والتي لا تعد أمولاً بذاتها فإنها في رأي الحنفية لا تورث، مثال ذلك الخيارات الشخصية البحتة كخيار الشرط وخيار الرؤية فإنهما ليسا إلا حق الفسخ من غير سبب قائم متصل بالعين، بل من حيث الرضا بالصفقة في جملتها، ومثل ذلك حق الشفعة فإنه بعد المطالبة بها وقبل القضاء لا تورث عند الحنفية، وكذلك لا تورث عندهم المنافع، فمن استأجر بيتاً مدة معلومة فإن الإجارة تبطل بموت المستأجر، لأن المنافع ليست أموالاً عندهم وإن كانت تقوّم بالعقد، وكذلك إذا كانت الوصية بالمنفعة لشخص فإنها تنتهي بوفاته؛ لأن المنفعة لا تورث، وكذلك قبول الوصية، فإذا مات الموصى له قبل أن يعرف له قبول للوصية أو رد؛ لزمت الوصية وصحت وعدّ عدم الرد قبولاً؛ ولا ينتقل حق الرد والقبول إلى الورثة لأنه إرادة شخصية.

استدل الجمهور بما جاء في "خلاصة البدر المنير" لابن الملقن وبما جاء في "التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير" لابن حجر من أن النبيr قال: "من خلف مالاً أو حقاً فلورثته".

واستدل الحنفية بما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرةt أن النبيr قال: "فمن توفي من المؤمنين فترك ديناً أو كَلاّ أو ضَياعاً فعليّ وإليّ، ومن ترك مالاً فلورثته". والكَلّ: اليتيم، والضَياع: العيال أي الأولاد من غير معيل.

وقالوا: إن كلمة "حقاً" ليست من الحديث وإنما هي مدرجة من الراوي.

وسبب الخلاف بين الجمهور والحنفية: يعود إلى اختلافهم في تفسير كلمة المال، فالمال عند الجمهور: ما له قيمة وهو يشمل الأعيان والمنافع، والمال عند الحنفية: اسم لغير الآدمي خلق لمصالح الآدمي وأمكن إحرازه والتصرف فيه على وجه الاختيار.

والمنافع: لا تحرز فلا تكون أموالاً متقومة بذاتها فلا تورث.

كما أن الفقهاء اتفقوا على أن الحقوق الشخصية لا تورث؛ فالوظيفة لا تورث وكذلك الولاية، ولكنهم اختلفوا في تفسير الحقوق الشخصية فأدخل الحنفية في الحقوق الشخصية خيار الشرط وخيار الرؤية وحق الشفعة ولذلك قرروا أنها لا تورث، والجمهور لم يدخلوا هذه الحقوق في معنى الحقوق الشخصية بل عدّوها حقوقاً مالية تخدم المال أو تتبعه.

ثانياً ـ أركان الميراث:

 للميراث ثلاثة أركان هي: المورّث والوارث والموروث.

المورّث: هو الميت الذي فارق الحياة حقيقة، وهو المشاهد موته، أو الذي فارق الحياة حكماً، وهو المفقود الذي يثبت موته بحكم الحاكم وقد ترك مالاً أو حقاً.

الوارث: هو المستحق للإرث حين موت المورَّث من الأحياء حقيقة أو الملحق بهم كالمفقود الذي لم يثبت موته بحكم الحاكم والحمل ويستحق الإرث بسبب شرعي.

والمستحق للإرث من الذكور عشرة وهم: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد من قبل الأب وإن علا، والأخ الشقيق، والأخ لأب، والأخ لأم، وابن الأخ الشقيق وإن نزل، وابن الأخ لأب وإن نزل، والعم الشقيق وإن علا، والعم لأب وإن علا، وابن العم الشقيق وإن نزل، وابن العم لأب وإن نزل، والزوج، والمولى المعتق.

والمستحق للإرث من النساء سبع وهنّ: البنت، وبنت الابن وإن نزل أبوها، والأم، والجدة من قبل الأم، والجدة من قبل الأب، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والزوجة وإن تعددت، والمعتقة ذات الولاء.

وتجدر الإشارة إلى أن الوارث الأقرب يحجب الوارث الأبعد إن اجتمعوا كالابن مع ابن الابن.

الموروث: وهو ما تركه الميت من أموال وتشمل الأعيان والمنافع والحقوق التي يمكن إرثها عنه على خلاف في ذلك بين الفقهاء كما سبق بيانه.

وهذه الأركان لا بد من اجتماعها حتى يتحقق الإرث، فإذا فقد أحدها انتفى الإرث، لأن الإرث هو استحقاق شخص مال شخص آخر بفرض أو عصوبة أو رحم، فإذا فقد واحد من هذه الأركان فقد الإرث.

فلو مات شخص عن ابن وابن ابن أخذ الابن المال، ولا شيء لابن الابن من الميراث لأنه محجوب بالابن مع أن فيه قوة الأخذ؛ إذ لولا وجود الابن لورث التركة، وكذا لو عُدمت التركة كما لو مات عن أقارب ولم يترك شيئاً كانت الأقارب وارثة له؛ لأن فيهم قوة الأخذ، ولكنهم لم يأخذوا شيئاً لعدم التركة.

ثالثاً ـ شروطه:

ثلاثة وهي موت المورث، وحياة الوارث حقيقة أو حكماً، وهي حياة الجنين المقدرة عند موت المورث، وانتفاء الموانع، أو العلم بجهة الميراث بأن يعلم الإنسان أنه وارث إما من جهة القرابة النسبية، وإما من جهة الزوجية، أو منهما (المادة 260) من قانون الأحوال السوري.

رابعاً ـ أسباب الإرث:

للإرث أسباب ثلاثة وهي: النكاح والنسب والولاء.

1ـ النكاح: المقصود به عقد الزواج الصحيح ولو لم يحصل دخول أو خلوة وهو يشمل الزوج والزوجة، وترث المرأة من زوجها في عدة الطلاق الرجعي؛ لأن الزوجية في الطلاق الرجعي قائمة ما دامت في العدة، فإن مضت العدة ولم يرجعها زوجها تحول إلى طلاق بائن بينونة صغرى (ما دون الثلاث) فلا ترثه إن مات، وكذلك لا توارث بينهما في الطلاق البائن بينونة كبرى (أي الطلاق ثلاث) ولو كانت في العدة إذا طلقها في حال صحته، فإن طلقها في مرض موته فراراً من إرثها وهو ما يسمى بطلاق الفرار؛ فإنها ترث منه عند جمهور الفقهاء على جهة العموم معاملة له بنقيض قصده، خلافاً للشافعية الذين لا يورثونها لأن البينونة قطعت الزوجية التي هي سبب الإرث.

ولا توارث في النكاح الفاسد المجمع على فساده كالنكاح بغير شهود، ولا توارث في النكاح الباطل كنكاح المتعة ولو أعقبه دخول أو خلوة لأنه ليس بنكاح شرعي.

النسب: هو اتصال بين إنسانين بالاشتراك في ولادة قريبة أو بعيدة يرث بها الأقارب وهم أصول وفروع وحواشٍ.

3ـ الولاء: هو أن يرث المعتق عتيقه إذا مات إن اتفق ديناهما ولم يخلف وارثاً سواه، والولاء قرابة حكمية أنشأها الشارع من العتق.

وقد ألغى قانون الأحوال الشخصية السوري المادة (263) من الاعتبار درجة مولى العتاقة وزاد بدلاً منها درجة الرد على أحد الزوجين إذا لم يوجد عصبة نسبية، ولم يوجد أحد من ذوي الأرحام؛ عملاً برأي عثمان بن عفان الذي أجاز الرد على جميع ذوي الفروض.

خامساً ـ موانع الإرث:

موانع الإرث المتفق عليها ثلاثة: الرق والقتل واختلاف الدين.

1ـ الرق: يمنع التوارث من الجانبين فلا يرث الحر من قريبه الرقيق ولا يرث الرقيق من قريبه الحر، ولم يذكر القانون السوري هذا السبب نظراً لإلغاء الرق.

القتل: فهو في رأي الحنفية القتل الحرام المباشر سواء أكان عمداً أم خطأً، ولا يشمل القتل بالتسبب، والقتل العمد فقط في رأي المالكية وفي القانونين المصري (المادة 5) والسوري (المادة 223، 264). وأي قتل مطلقاً مباشرة أو تسبباً ولو بحق في رأي الشافعية فهو أوسع الآراء، والقتل بغير حق في رأي الحنابلة ويشمل العمد وشبه العمد والخطأ وما جرى مجرى الخطأ، كالقتل بالتسبب وقتل الصبي والمجنون والنائم في رأي الحنابلة، ولا يشمل عندهم القتل بغير حق كالمكلَّف بالقصاص.

3ـ اختلاف الدين: باتفاق المذاهب الأربعة: فهو تغاير الدينين بين المورث والوارث، بالإسلام وغيره، فلا يرث المسلم غير المسلم وعلى العكس، ولا توارث بين غير المسلمين، للحديث النبوي الذي أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن عبد الله بن عمرو: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" ونص القانون السوري (المادة 264) فقط على اختلاف الدين بين المسلم وغيره.

وليس اختلاف الدارين مطلقاً مانعاً للإرث في رأي الجمهور (المالكية والشافعية والحنابلة) فيرث أهل الحرب بعضهم بعضاً، سواء اختلفت جنسياتهم أم اتحدت، ويعد اختلاف الدار مانعاً للإرث عند الحنفية فقط فيما بين غير المسلمين، وليس بين المسلمين. لكن القانون السوري (المادة 264) نص على أنه: "لا يمنح الأجنبي حق الإرث إلا إذا كانت قوانين بلاده تمنح مثل ذلك للسوريين" وذلك أخذاً بمبدأ المعاملة بالمثل، وهذا شامل ـ مع الأسف ـ المسلمين من جنسيات مختلفة، وهو لم يقل به فقيه، مثلاً: لا يورِّث السوريون الأتراك، ولا يورِّث الأتراك السوريين أخذاً بالمقابلة أو المعاملة بالمثل. وهذا مصادم للنص القرآني: &http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64831;إِنَّما الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون&http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64830; [الحجرات 10]، وهذا يحتاج إلى تعديل [ر: الأحوال الشخصية ج 3، د. مصطفى السباعي: ص 49].

سادساً ـ المركز القانوني للوارث في التركة:

1ـ وقت انتقال التركة إلى الوارث:

تعترض الحي إحدى حالتين بالنسبة إلى سبب الموت، فإما أن يمرض الإنسان مرضاً يفضي به إلى الموت وهو ما يسمى بمرض الموت، وإما أن يموت فجأة من دون أن يسبق ذلك بمرض أو علة.

وقد بحث الفقهاء مسألة خلافة المريض مرض الموت في أمواله، كما بحثوا وقت انتقال التركة إلى الوارث على جهة الاستقرار، ولا بد من عرض المسألتين لمعرفة المركز القانوني للوارث في حالة مرض قريبه مرضاً مفضياً إلى الموت، وفي حالة الموت الحقيقي.

أ ـ خلافة المريض مرض الموت في أمواله:

لما كان المرض الذي أفضى إلى الموت هو سببه العادي فقد ثبت حق الورثة والدائنين في التركة من وقت حدوث ذلك المرض؛ لأن الحقوق تضاف إلى أسبابها، فالمرض إذا اتصل بالموت صار المرض موصوفاً بأنه مميت؛ إذ الموت يحدث بضعف القوى شيئاً فشيئاً، وكل جزء من المرض مضعف لبعض القوى، وكل وقت يمر بالشخص مريضاً هو جزء من الطريق الذي ينتهي بالموت، فكان الموت مضافاً إلى المرض من وقت نزوله بالمريض، ويكون الموت قد ابتدأ يدبّ في الجسم من وقت حلول المرض به، إذ يكون المرض كالجراحات المفضية إلى الموت، فيكون ابتداء عجز الإنسان منذ ذلك الوقت، فتصير الذمة لا تصلح لتعلق حقوق الدائنين بها، فيتعلق حق الدائنين بأموال المريض مرض الموت لا بذمته، وعلى ذلك قرر الفقهاء أن حق الدائنين في استيفاء ديونهم وحق الورثة في الخلافة يثبتان من وقت نزول مرض الموت.

وإذا كان كلا الحقين يثبت من وقت نزول مرض الموت فهما مختلفان في نوع التعلق ومداه، فالغرض من تعلق حق الدائنين بماله هو التمكن من الاستيفاء، لذا فإن هذا الحق يتعلق بقيمة أموال المريض لا بذات الأموال، أي لا تصبح ذات الأموال ملكاً للدائنين بل إن حقهم تحول من ذمة المدين إلى مالية التركة وقيمتها، فيجوز للورثة بعد موت قريبهم أن يسددوا الديون المترتبة على الميت لاستبقاء موجودات التركة لهم، كما يجوز للورثة أن يشتروا بعض أعيان التركة من مورّثهم إذا كان البيع بالقيمة الفعلية لتلك الأعيان، كما يصح للمريض مرض الموت أن يبيع بعض تلك الأعيان من أجنبي بالقيمة الفعلية، ولو كان حق الدائنين متعلقاً بذات المال لا بقيمته لما جاز للمريض أن يبيع بقيمته، ولا جاز للورثة أن يشتروا بعض المال في حياة المريض بقيمته.

وفائدة تعلق حق الدائنين بقيمة التركة أن المريض لو وهب أمواله فإن الهبة موقوفة على إجازة الدائنين، ولو باع بأقل من القيمة ـ أي بغبن فاحش ـ فإن البيع موقوف على إجازة الدائنين حماية لديونهم، وأما حق الورثة في الخلافة فإنه يكون بعد الديون في الرتبة، وهو يتعلق بثلثي التركة بعد الدين لا بالتركة كلها.

وهل يتعلق حق الورثة في حال مرض الموت بذات التركة وعينها أو يتعلق بقيمة التركة؟

قال أبو حنيفة: يتعلق حق الورثة بقيمة التركة بالنسبة إلى تصرفات المريض للأجنبي (غير الوارث)، أما بالنسبة إلى تصرفات المريض مع الورثة؛ فإن حق الورثة يتعلق بذات التركة وبقيمتها دفعاً للإيثار الذي يجعله المريض لبعض ورثته دون غيرهم؛ إذ الإيثار كما يكون بالمحاباة بالتبرع أو بالبيع بأقل من القيمة فإنه يكون كذلك بأعيان يختارها له ولو كانت بقيمتها فلا ينفذ ذلك التصرف إلا إذا رضي سائر الورثة.

وقال الصاحبان من الحنفية: إن حق الورثة كحق الدائنين يتعلق بقيمة التركة لا بأعيانها وذواتها، فيجوز عندهما أن يبيع المريض مرض الموت بعض أعيان ماله إلى أحد ورثته بالقيمة، لأن هذا التصرف لا يمس حق الورثة؛ إذ حق الورثة متعلق بمالية التركة وقيمتها، ومهما يكن وجه تعلق حق الورثة في الخلافة حال مرض الموت، فإنه من المتفق عليه أن الحق ثابت، بيد أنه لا بد من تمحيص هذه المسألة لمعرفة نوع ذلك الحق، أهو حق الملكية في ثلثي ما يبقى بعد الدين أو هو مجرد الحق في الخلافة، ولا يثبت ملكاً وإنما الملكية تثبت ابتداءً من وقت الوفاة؟

يرى متقدمو الحنفية أن ذلك الحق هو حق ملكية، ويستدلون على ذلك بما أخرجه الدارقطني والبيهقي عن معاذ بن جبلt أن النبيr قال: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم" وهو حديث ضعيف.

وهذا التصدق يكون باستبقاء الملك على الذمة في وقت مرض الموت في الثلث، وهذا يستلزم أن يكون الثلثان قد زال ملكهما عن المريض، وإذا زال ملكهما عن المريض فإنه يؤول إلى الورثة لأن الملك لا يزول إلى غير مالك.

وذهب المتأخرون إلى أن حق الوارث في وقت مرض الموت لا يتجاوز حقه في الخلافة فحسب، وإنما هذا الحق ثبت في وقت المرض، لكي يصان ثلثا التركة للوارث، فيمنع المريض من التصرف به.

بيد أن متقدمي الحنفية لا يرون أن حق الورثة في حالة مرض الموت هو حق ملك من كل وجه، فالملكية الحقيقية لا تظهر إلا بالوفاة، ولكن إذا ثبتت الملكية بالموت، فإنها تثبت مستندة إلى أول أعراضه وهو مرض الموت.

ب ـ حق الورثة في المال بعد الوفاة:

إن حقوق الورثة بعد وفاة المريض مرض الموت تكون أقوى منها قبل الوفاة؛ لأن فرض حق قبل الوفاة إنما هو لمنع الاعتداء على الحق المقرر الثابت بعدها، فإذا مات الإنسان بسبب مرض أو مات موتاً مفاجئاً فما هو وقت انتقال الملكية إلى الورثة؟

إن كانت خالية من الديون فإنها تنتقل إلى الورثة بعد الوفاة بلا خلاف، وإن كانت مدينة ففيها نظريتان في الفقه الإسلامي:

النظرية الأولى لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة في المذهب: هم يرون أن ملكية الوارث تكون من وقت الوفاة في الجزء الذي لا يقابل بالدين، فالمشغول بالدين من التركة لا تثبت ملكيتهم فيه، بل يكون على حكم ملك الميت؛ لأن له ذمة تبقى إلى أن تسدد ديونه، ويستغنى عن ماله استغناء تاماً، ويكون الجزء الباقي من التركة للورثة على جهة المتبوع.

حجتهم: قول الله تعالى: &http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64831;وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَّمْ يَكُنْ لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإنِ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَينٍ&http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64830; [النساء 12].

وجه الاستدلال هو أن ما يشغل بالدين من التركة فإنه خارج عن ملكية الورثة، فيكون الميراث بعد الدين لا قبله، ولأن التركة إنما تكون في مقدار ما يستغني عنه الميت، والجزء الذي يقابل الدين يحتاج إليه الميت لبراءة ذمته مما عليه من الديون، فيبقى على ذمته حتى تبرأ، وتتعلق حقوق الدائنين بكل التركة على الشيوع، لأن الجزء الذي يقابل الدين شائع فيها، ولا يناله الهلاك، فما يهلك بآفة سماوية من التركة لا يسقط نظيره من الدين؛ إذ كل جزء من التركة مشغول بالدين للاستيثاق فيصير الدين ثابتاً في الباقي كاملاً، فما دام ثمة تركة ودين لم يسدد، فحاجة الميت إلى ماله ثابتة، فتكون التركة بمنزلة ضمان لسداد الدين من غير تفرقة بين جزء وجزء، والضمان في كل جزء كامل غير منقوص.

النظرية الثانية للشافعية والحنابلة في رواية: هم يرون أن التركة بموت الإنسان تثبت فيها ملكية الورثة ولو كانت مستغرقة بالدين، فتكون على ملك الورثة، لكن الديون تكون متعلَّقة بها؛ إذ هم خلفاء الميت، وتتحقق هذه الخلافة بمجرد الوفاة؛ إذ الأمور لا تتراخى عن أسبابها إلا لمانع يمنع عمل الأسباب، والموت سبب للتوريث فتتحقق الوراثة من فور حدوث الموت، ووجود الديون متعلقة بالتركة وكونها مشغولة بحاجة الميت لا يمنع تحقق الوراثة إذا كان ذلك التعلق للاستيثاق من الأداء، ولضمان حقوق الدائنين، وذلك ليس بمانع من تحقق الوراثة كما لم يمنع الرهن ملكية العين المرهونة للمدين.

واستدلوا على ذلك أيضاً بقول النبيr: "من ترك مالاً أو حقاً فلورثته".

وجه الاستدلال أن النبيr بين أن مال الميت للورثة، ولم يفرق بين كون الميت مديناً أو غير مدين.

إذن: ما هو متعارف على ألسنة بعض العلماء من أنه لا تركة إلا بعد سداد الدين فإنه ليس متفقاً عليه بين الفقهاء؛ لأن الشافعية يرون أن ملكية الورثة تثبت لهم في التركة من فور الوفاة.

2ـ ثمرة الخلاف في موعد انتقال التركة إلى الوارث هل بمجرد الوفاة أو عند سداد الديون:

ترتب على الخلاف بين نظرية جمهور الفقهاء ونظرية الشافعية في وقت انتقال التركة إلى الوارث اختلافهم في بعض الأحكام منها:

أ ـ نماء التركة: قد تنمو التركة في الفترة التي بين الوفاة وبين سداد الديون كشجر أثمر أو زرع حصد أو دابة سمنت أو نتجت، وكذلك غلات التركة كأجرة دار للسكن أو أرض للزراعة، فكل هذا يعد نماء للتركة، وقد اختلف الفقهاء في ملكية ذلك النماء لاختلافهم في ملكية التركة.

فالجمهور الذين يرون أن ملكية الورثة تثبت من وقت الوفاة في الجزء غير المشغول بالدين يقررون أن ملكية النماء تكون على ذلك النحو، فتتعلق حقوق الدائنين بالنماء بالقدر الذي كان متعلقاً بأصل التركة، فإن كانت التركة مستغرقة بالدين، فإن حق الدائنين يتعلق بكل النماء حتى تستوفى ديونهم وما يفضل يكون للورثة، وإن كانت التركة غير مستغرقة بالدين فإن الدين يتعلق بالنماء بمقدار تعلقه بالتركة.

والشافعية والحنابلة في رواية الذين يرون أن الملكية تثبت للورثة من وقت الوفاة يقررون أن نماء التركة وغلاتها يكون ملكاً للورثة، ولا يتعلق بها حق الدائنين؛ لأن الغلة نماء الملك فتكون على ملكهم، والديون قد تعلقت برقبة التركة لا بنمائها كزوائد الرهن، فإنها تكون على ملك الراهن ولا يتعلق بها حق المرتهن كما يتعلق بأصل العين المرهونة.

وبذلك يفرق الشافعية بين العين وبين نمائها، فالعين يتعلق بها الدين، والنماء لا يتعلق به دين، ووجه التفرقة أن العين آلت إليهم ملكيتها محملة بالدين لضعف ذمة المدين بالموت عن تحمله، أما النماء فنشأ على ملكهم نشأة مستقلة، حتى إن الشافعية قرروا أن النماء المتصل بالعين كسمن الدابة يكون ملكاً للورثة، فعند بيع العين يكون فرق الثمن الذي أوجده السمن حقاً خالصاً للورثة وليس للدائنين فيه حق.

ب ـ مؤونة التركة: قد يكون للتركة مؤونة كنفقات الحفظ والصيانة أو التغذية فعلى من تكون هذه النفقات؟

يرى جمهور الفقهاء أنه إن كان على الميت دين فإن النفقة تكون من مال التركة نفسها؛ لأن حق الدائنين قد تعلق بالتركة بقدر ديونهم وما بقي فهو للورثة، وإن لم يكن في التركة ما ينفق منه كانت النفقة بين الدائنين والورثة كل على قدر حصته؛ على أن يضاف إلى الدين بقدر ما أنفق الدائن أو يستدان عليها بأمر القاضي لأجل الإنفاق.

أما الشافعية والحنابلة في رواية فإنهم يرون أن النفقات تكون على الورثة لأنهم يعدّون ملكية الورثة ثابتة من وقت الوفاة.

ج ـ ما يجدّ من الملك: وهي الأمور التي باشر المالك أسبابها كما لو قتل عمداً فعفا الورثة عن الدية؛ أو كان القتل شبه عمد أو خطأ وأخذ الورثة الدية، وكما لو نصب شبكة في حياته فوقع بها صيد بعد موته.

وحكم ما ذكر عند جمهور الفقهاء حكم سائر التركة لأنه حادث على ملك الميت فتتعلق حقوق الدائنين به ولا تنتقل ملكيته إلى الورثة إن كان الدين مستغرقاً له، ولا ينتقل المقدار المشغول منها بالدين إن كان الدين لا يستغرق التركة.

أما الشافعية والحنابلة في رواية فيرون أن المذكورات هي كنماء التركة فتكون ملكاً للورثة فقط فلا يتعلق بها حق الدائنين.

د ـ ثبوت الشفعة: إن كان في التركة حصة شائعة في عقار والميت شريك فيه فباع الشريك حصته فهل تثبت الشفعة في العقار؟

إن كان الدين غير مستغرق للتركة فإن الشفعة تثبت للورثة؛ لأن جزءاً من التركة على جهة الشيوع هو للوارث، فإذا كانت لهم حصة شائعة في العقار فإنه بمقتضاها يثبت حق الشفعة، وإن كانت التركة مستغرقة بالدين فلا تثبت الشفعة للورثة؛ لأنه لا ملكية للورثة في هذه الحال، وملكية الشفيع وقت البيع للعقار المشفوع فيه شرط لثبوت الشفعة.

أما الشافعية والحنابلة في رواية: فيثبتون حق الشفعة للورثة؛ لأنهم مالكون، فحق الشفعة قد استوفى شروط تحققه فيثبت.

وليس للدائنين حق الشفعة باتفاق الفقهاء؛ لأن حقهم إنما هو للاستيثاق من الاستيفاء وليس بحق ملك ثابت مستقر، فلا يتحقق بالنسبة إليهم حق الشفعة.

سابعاً ـ شهر حق الإرث:

هو الإعلام الذي يصدر من المحاكم الشرعية بإعلام الوفاة والوراثة المثبت لحق الوارث ونصيبه في الميراث.

ولا يجوز بيع أي شيء من التركة قبل شهادة التوريث، فإذا كان في التركة عقار لا يسري البيع في حق الغير إلا بعد شهره في التسجيل، ولا تنتقل الملكية فيه إلى المشتري إلا بذلك أيضاً.

ثامناً. حقوق دائني التركة في أموال المورّث وحمايتهم من تصرفات الوارث:

ـ مراتب الديون:

ليست كل الديون متساوية في قوتها وإن اتحدت في تعلُّقها بالتركة، فالديون التي تعلقت بالتركة قبل الوفاة أقوى من الديون التي لم تتعلق بالتركة إلا بعد الوفاة، فإن كان في الديون دين قد وثق برهن من التركة قبل الوفاة؛ فهو أقوى من سائر الديون التي لم يكن لها هذا التوثيق، ولذلك تكون الأعيان المرهونة مخصصة لسداد الديون المتعلقة بها، فلا يسدد منها سواها إلا بعد سداد ديونها منها، وما بقي يكون لسائر الغرماء الذين لم يكن لهم ذلك التوثيق العيني فيها.

فالدين الموثق برهن يكون كل جزء منه ضامناً له، ولا يتجزأ الضمان قبل الوفاء بديونه، فلا تخلص حصة الوارث منها بسداد ما يخصه من ديون، فلا خلاص لأي جزء من التركة إلا بسداد الديون كلها إذا كانت كلها مرهونة،فليس لأي وارث أن يختص بجزء من التركة في هذه الحالة ويسدد ما يخص حصته من الديون؛ إلا إذا ارتضى الدائنون فإنهم إن رضوا يكونون قد تنازلوا عما لهم من حق.

كما أن الديون التي ليست متعلقة بالأعيان قبل الوفاة ليست على مرتبة واحدة، فمنها ديون الصحة ومنها ديون المرض.

فديون الصحة: هي الديون التي تثبت في حال الصحة بالبينة أو الإقرار، والديون التي تثبت بالبينة في حال المرض، والديون التي باشر المريض أسبابها في مرضه، كثمن ما اشتراه أو دين اقترضه في حال مرضه، فهذه الديون كلها لا تعد ديون مرض، لأنها ثابتة في حال الصحة أو ثابتة في حال المرض بحجة كاملة تثبت على الكافة ولا تعد حجة قاصرة.

أما ديون المرض: فهي الديون الثابتة في حال المرض بإقرار المريض في مرضه فقط من غير حجة سوى الإقرار الذي حدث في مرض الموت.

والحنفية وحدهم هم الذين فرقوا بين ديون المرض وديون الصحة من دون جمهور الفقهاء، وأساس التفرقة عند الحنفية أن حقوق الدائنين تعلقت بمال المريض في مرضه الذي اتصل بالموت، وإذا كانت حقوق الدائنين قد تعلَّقت بها فلا يلزمهم ما يثبت بالإقرار في حال المرض؛ لأن الإقرار حجة قاصرة على المقر، أما الإقرار في حال الصحة فإنه يلزم الكل؛ لأن الديون وقت الصحة محلها الذمة فكل إقرار بدين يجعل الذمة مشغولة به، فإذا جاء المرض الذي اتصل بالموت فإن كل دين يتعلق بالأعيان مع الذمة.

كما أن الدين الذي يثبت بالإقرار وحده في حال المرض من غير أي قرينة تؤيد الإقرار يكون مظنة المحاباة، والمحاباة في مرض الموت في حكم الوصايا، فتقدم ديون الصحة في الأداء على ديون المرض.

أما عند جمهور الفقهاء فالإقرار حجة ملزمة لا تلغى إلا إذا ثبت نقيضها، وتعلق حق الدائنين بالمال إنما ينكشف بالموت، ولو تمَ تضييق حدود الإقرار لكان في ذلك تضييق على المريض في إبراء ذمته، فيكون لكل دائن مقدار بنسبة دينه من غير تفرقة بين دين صحة ودين مرض فالجميع سواء.

ـ حلول الديون المؤجلة:

إذا مات المدين وكانت عليه ديون مؤجلة فهل تحلّ بوفاته أو تبقى مؤجلة إلى أجل استحقاقها؟ للفقهاء في ذلك رأيان:

أ ـ مذهب الجمهور: أن الديون المؤجلة تصبح حالة بوفاة المدين واشترط المالكية لحلول الدين بوفاة المدين شرطين: الأول: ألا يشترط المتداينان عدم حلول الدين بوفاة المدين، فإن كان ذلك الشرط وجب اتباعه؛ لأن العقد شريعة المتعاقدين، وينتقل أجل الدين إلى الورثة. والثاني: ألا تكون وفاة المدين بعدوان من الدائن؛ لأن العدوان لا يكون في الشرع سبباً لاكتساب الحقوق.

حجة الجمهور:

أ) ـ ما أخرجه الترمذي وحسنه عن أبي هريرةt عن النبيr أنه قال: "نفس المؤمن معلّقة بدينه حتى يقضى عنه".

وجه الاستدلال: يقتضي هذا الحديث التعجيل بقضاء الدين فكّاً لهذه النفس المرهونة بالقضاء، وذلك يستلزم سقوط الأجل تبرئة لذمته وتبريداً لجلدته.

ب) ـ آثار ثابتة عن الصحابة والتابعين لم يعرف لها مخالف، فقد روي عن ابن عمر وكثير من التابعين أن الديون المؤجلة تحلّ بالموت.

ج) ـ إن التأجيل كان أساسه الثقة بالمدين وقد مات، فلم يعد الوجه الذي كان يطمئن به الدائن فينتظر إلى انتهاء الأجل، كما أن التأجيل فيه ضرر بالمدين؛ لأن تأخير الوفاء تأخير لبراءة ذمته التي هو في أشد الحاجة إليها.

د) ـ إن في التأجيل ضرراً بالوارث؛ لأن فيه تأخيراً لاستخلاص حقه في الميراث؛ لأن الميراث لا يستخلص إلا بعد أداء الدين لقوله تعالى: &http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64831;مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِها أَوْ دَيْنٍ&http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64830; (النساء 12).

هـ) ـ لأن التأجيل كان أساسه أن الدين وصف قائم في الذمة، وإذا مات المدين فقد تعلَّق الدين بالمال، ولا توجد ذمة قوية تحل به، فما دام قد تعلَّق الدين بالمال، كانت المصلحة في التعجيل بأدائه لفكاك رقبة المال.

ب ـ وذهب الحنابلة إلى أن الديون المؤجلة تستمر مؤجلة ولا تحل بوفاة المدين.

حجة الحنابلة:

أ) ـ ما روي عن النبيr أنه قال: "من ترك مالاً أو حقاً فلورثته".

وجه الاستدلال: التأجيل حق للمدين اكتسبه باتفاق ورضا من الجانبين فينتقل إلى الورثة كسائر الحقوق التي كانت للميت في حياته.

ب) ـ إن الأجل في كثير من الأحيان يقابله بعض المال وذلك في غير القروض، بل يجيء في ثمن الأشياء، فالمعروف أن ثمن الشيء نسيئة يكون أكثر منه معجلاً، فإذا حلّ الثمن بموت المشتري كان في ذلك غبن عليه وعلى ورثته من بعده.

 ـ قسمة التركة وتصرف الوارث في التركة عندما يكون الميت مديناً:

أ ـ قسمة التركة وفيها رأيان:

إذا كانت التركة مدينة بدين مستغرق لها، فإن التركة لا تقسم عند جمهور الفقهاء، وأجاز الشافعية قسمتها على أن تكون كل حصة متحملة ما يخصها من دين.

وسبب الخلاف بين الجمهور والشافعية يعود إلى أن الجمهور يرون أن الملكية لا تثبت للورثة عند استغراق الدين للتركة، وأن الضمان فيها لا يقبل التجزئة. أما الشافعية فإنهم يرون أن استغراق التركة بالديون لا يمنع ملكية الورثة لها مع تعلق حق الدائنين بها، وأن ضمان التركة للدين يقبل التجزئة، فتتبع كل حصة من الدين ما يناسبها من التركة.

أما إذا كانت التركة مدينة بدين غير مستغرق أو كانت موسرة فإنه باتفاق الفقهاء تجوز قسمة التركة، بيد أنهم اختلفوا في شكل القسمة، فالجمهور: يجيزون القسمة على أن يخصص للديون جزء من التركة توفى منه ويقسم الباقي على الورثة والموصى له بمقدار الوصايا وأنصبة الميراث، والشافعية يجيزون قسمة التركة على أن تتحمل كل حصة منها حصتها من الديون التي تكون بإزائها لأنهم يرون تجزئة الضمان.

وهذا كله في الدين الذي لم يتعلق بالتركة قبل الوفاة، أما الدين الذي تعلق بالتركة قبل الوفاة فإنها لا تقسم باتفاق الفقهاء حتى توفى الديون.

ب ـ تصرف الوارث في التركة:

إذا كانت التركة مستغرقة بالدين فإن جمهور الفقهاء يرون أنه لا يجوز للورثة أن يتصرفوا في التركة بناء على أن التركة المشغولة بالدين لا تنتقل ملكيتها إلى الورثة، بيد أنهم أجازوا للورثة التصرف في التركة في الحالات التالية:

أن يطلب إليهم القاضي بيع التركة أو بعضها لسداد الدين، وفي هذه الحالة يكون البيع صحيحاً نافذاً.

أن يقبل الدائنون تسوية الأمر بينهم وبين الورثة ويرتضوا بأن يقوم الورثة ببيع التركة وسداد الدين، وفي هذه الحالة إما أن يحددوا لهم السعر الذي تباع به السلع وإما أن يفوضوهم بالبيع تفويضاً مطلقاً، فإذا تصرف الورثة في هذه الحالة فإن تصرفهم صحيح نافذ؛ لأن المنع من التصرف إنما كان لحق الدائنين وقد وافقوا على تصرف الوارث في التركة.

أن يستخلصوا التركة إما بسداد الدين وليس للدائنين اختيار في قبول ذلك السداد، وإما بتقديم كفيل يرضاه الدائنون فتثبت المطالبة في ذمته، ويكون ذلك الضمان تبرعاً بأن يبرئ الضامن الميت من الدين، أو يضمن الورثة مجتمعين الدين، ويرتضي الدائنون ضمانهم، فتنتقل الديون إلى ذمة الورثة،أو يضمن أحد الورثة سداد الديون متبرعاً ويقبل الدائنون ذلك، ففي كل تلك الأحوال تستخلص التركة ويكون للورثة حق التصرف ولو كانت التركة مستغرقة بالدين، وإذا كانت التركة غير مستغرقة بالدين بأن كان الدين لا يحيط بها فإن ملكية الورثة للتركة عند جمهور الفقهاء تثبت في الجزء غير المشغول بالدين، وفي هذه الحالة يجيز الجمهور قسمة التركة بشرط أن يخصص للدين قدر يكفيه من التركة.

فإذا كانت التركة قد قسمت على هذا الوضع؛ فإن تصرف كل وارث في حصته في عينها أو منافعها جائز تصرفه، بيد أن التصرف في عينها بالبيع أو الهبة يكون قابلاً للنقض إذا نقضت القسمة لكون الجزء المخصص للدين لم يكفه أو لهلاك الجزء المخصص من التركة للدين، وإما لظهور دين جديد لم يكن معروفاً، ففي هذه الأحوال ينقض التصرف لنقض القسمة، وبما أن تلك الأحوال نادرة الوجود؛ فإن الوارث لا يمنع من التصرف لأجلها، ولا تغرير بأحد لأن التغرير يكون حين يتوقع النقض ويكثر.

أما إذا لم تقسم التركة ولم يخصص جزء من التركة للدين وتصرف الوارث حال كون التركة مدينة بدين لا يستغرقها فثمة حالتان:

الأولى: أن يكون البيع لشيء معين.

الثانية: أن يكون البيع لحصة شائعة في التركة كلها.

فإن كان البيع لشيء معين من التركة قبل القسمة، ففي هذه الحالة يكون البيع بيع شيء تعلق به حق الدائنين ولغيره من الورثة ملكية فيه، فيكون البائع قد باع ما يملكه مع ما لا يملكه، فلا ينفذ تصرفه في حق غيره، بل يكون موقوفاً وينفذ في حصته إلا إذا ارتضى الدائنون وسائر الورثة هذا التصرف فإنه ينفذ في جميع العين.

ولو انفرد الوارث بالإرث وباع شيئاً معيناً وفي الباقي سداد للدين فإن البيع ينفذ.

هذا كله إذا كان التصرف في جزء معين من التركة. أما إذا كان البيع لحصة شائعة فيختلف الحكم إذا كان التصرف لسداد الديون أو لحسابه الخاص، فإن كان البيع لسداد الديون فإنه يكون صحيحاً في حصته من التركة التي يقابلها حصته من الدين؛ لأن من حقه أن يخلص نصيبه ولو شائعاً من الدين فينفذ البيع فيما يقابل حصته، ولا بد من أن يكون ذلك الغرض واضحاً إما باتفاقه مع الدائنين على ذلك؛ وإما بتسديد ذلك الجزء من الدين بالفعل.

وإذا كان بيع الوارث حصة شائعة من التركة لحسابه الخاص لا لسداد الديون فإنه يجوز إذا كانت تلك الحصة التي باعها لا تتجاوز حصته التي يستحقها بعد سداد الديون، وحينئذ يكون البيع نافذا؛ لأنه باع ما يملك شائعاً، وله بيقين ملك شائع إذا كانت التركة غير مستغرقة بالدين، ومن المعروف في شركة الملك أن من يبيع حصته الشائعة يكون بيعه نافذاً ما دام لم يتجاوز حصته.

هذا هو رأي جمهور الفقهاء في التصرف بالتركة من قبل الوارث، وأما الشافعية الذين قرروا انتقال ملكية التركة المستغرقة بالديون إلى الورثة فإنهم منعوا تصرف الوارث بناء على قاعدة مقررة عندهم، وهي أن العين التي تعلق بها حق الغير لا يجوز التصرف بها، فلا يجوز بيع العين المرهونة قبل فكاك الرهن، وعلى ذلك فإن التصرف بالتركة لا يجوز ويكون باطلاً إلا إذا كان لأجل سداد الدين، فبيع الوارث لحساب نفسه لا يجوز، ثم إن منع التصرف لحق الشارع وحق الدائن، ولذلك لا يسوغ البيع ولو أذن الدائن إلا إذا أبرأ المدين من الدين، وهذا الحكم عند الشافعية سواء أكانت الديون مستغرقة للتركة أم غير مستغرقة لها.

على أي حال ينبغي في معرض الحديث الإجابة عن الحالات التي لا يجوز للورثة التصرف في التركة، فتصرفوا فيها مخالفين ذلك الأصل؛ وما حكم ذلك التصرف؛ وما أثر ذلك التصرف في المال العقار والمال المنقول؟

يرى الحنفية والمالكية أن العقد صحيح؛ بيد أنه موقوف على إجازة الدائنين إن أجازوه نفذ وإلا بطل، في حين يرى الشافعية والحنابلة بطلان هذا التصرف ابتداء؛ لأنهم لا يعتدّون بالعقد الموقوف فالعقد عندهم إما صحيح نافذ وإما باطل.

نظام الميراث وقواعد التوريث:

أنواع الوارثين ومراتبهم:

مستحقو الإرث: إما من طريق الفرض الشرعي، وإما من طريق التعصيب، وإما في رأي الحنفية والحنابلة بقرابة الرحم.

فيرث أولاً أصحاب الفروض الشرعية المقدرة بالقرآن أو السنة أو الإجماع، ثم يرث العصبات الذين يأخذون ما أبقته الفرائض الشرعية، ثم يرث ذوو الأرحام إذا لم يوجد أحد من ذوي الفرائض أو العصبات.

أما أصحاب الفروض: فهم الذين لهم سهام مقدرة في كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله عليه الصلاة والسلام أو الإجماع، سواء كانوا من ذوي قرابة النسب أم قرابة السبب. فذو الفرض: هو ذو النصيب المقدر شرعاً.

وقرابة النسب: ثلاثة من الرجال: وهم الأب والجد والأخ لأم، وسبعة من النساء. والنساء السبع هن: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة. والقرابة السببية هي قرابة الزوجية: الزوج، والزوجة.

العصبة النسبية (أو العصوبة النسبية) ثلاثة أنواع:

العصبة بالنفس: وهي كل قريب للمتوفى، لا يتوسط في نسبه إلى الميت أنثى، وهم أربع جهات:

أ ـ جهة البنوة: وهي جزء من الميت، من الابن وابن الابن مهما نزل.

ب ـ جهة الأبوة: وهي أصل الميت، من الأب وأبي الأب مهما علا.

ج ـ جهة الأخوة: وهي جزء أبي الميت، من الأخ الشقيق أو الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، أو لأب.

د ـ جهة العمومة: وهي جزء جد الميت، من العم الشقيق، ثم لأب، وبعدهما ابن العم الشقيق ثم ابن العم لأب مهما نزل. ثم عم الأب الشقيق أو لأب، ثم ابن عم الأب الشقيق، أو ابن عم الأب، ثم عم الجد، ثم ابنه، ويقدَّم القريب على البعيد.

وتقدم جهة البنوة على جهة الأبوة، وجهة الأبوة على جهة الأخوة، وجهة الأخوة على جهة العمومة. والترجيح يكون أولاً بالجهة، ثم بقرب الدرجة، ثم بقوة القرابة.

أما الترجيح بالجهة المقدمة أولاً فتقدم جهة البنوة على جهة الأبوة، وهذه تقدم على جهة الأخوة، وهذه تقدم على جهة العمومة، فيقدم الأبناء على الآباء، وكذلك يقدم أولاد البنين على الأب، ويقدم الآباء على الإخوة، والإخوة على الأعمام.

وأما الترجيح بقرب الدرجة إلى الميت: فيقدم الابن على ابن الابن، والأب على الجد، والأخ على ابن الأخ، والعم على ابن العم، وعم الميت على عم أبيه.

وأما الترجيح بقوة القرابة من المتوفى: فيقدم ذو القرابتين على ذي القرابة الواحدة، كالأخ الشقيق على الأخ لأب، وابن الأخ الشقيق على ابن الأخ لأب، والعم الشقيق (لأبوين) على العم لأب، وابن العم لأبوين على ابن العم لأب.

العصبة بالغير: هي كل أنثى لها فرض مقدر، وجد معها ذكر من درجتها، فتصير به عصبة، فتتعصب البنت مع الابن، وبنت الابن مع ابن الابن من درجتها. والأخت الشقيقة تتعصب بشقيقها، والأخت لأب تتعصب مع الأخ لأب.

العصبة مع الغير: هي كل أنثى تصير عصبة باجتماعها مع أنثى أخرى، ولها حالتان فقط هما:

الأخت الشقيقة تتعصب مع البنت أو بنت الابن، فتصير كأخ شقيق، تحجب الإخوة لأب، والأخت لأب تتعصب مع البنت، أو بنت الابن، فتحجب ابن الأخ الشقيق ومن بعده.

مثل: مات شخص عن أب وابن وبنت، وأخت شقيقة: للأب السدس فقط، ولا شيء له من طريق التعصيب؛ لوجود الابن. وللابن والبنت للذكر ضعف الأنثى، ولا شيء للشقيقة على الرغم من تعصبها مع البنت، لسقوطها بالابن وبالأب.

وقد نص القانون المصري (المادة 16ـ22) والسوري (المادة 274ـ280) على أنواع العصبة بالنفس، وأحوال الجد مع الإخوة.

ميراث ذوي الأرحام:

ذو الرحم في اللغة: هو صاحب القرابة مطلقاً، سواء أكان صاحب فرض؛ أم عصبة؛ أم غيرهما.

وفي مصطلح علماء الميراث: هو كل قريب ليس بصاحب فرض ولا عصبة، فيُحرز جميع المال عند الانفراد، أي عدم وجود أصحاب الفروض والعصبات. مثل أولاد البنات، وأولاد الأخوات، وبنات الإخوة، والجد الرحمي (أبي الأم) والجدة الرحمية (أبي الأم)، والخال، والخالة.

واتجه القانون السوري في توريث ذوي الأرحام للأخذ فيه بمذهب أبي يوسف؛ لسهولة تطبيقه، ولم يأخذ بمذهب محمد لتعقيده. وهم أربعة أصناف مذكورة في القانون المصري (المادة 31) والسوري (المادة 290).

الصنف الأول من فروع الميت: وهم كل من كان من فروع الميت الذين يدلون إليه بواسطة الأنثى، وهم نوعان: أولاد البنات وأولاد بنات الابن مهما نزلوا ذكوراً وإناثاً، كبنت البنت، وبنت ابن البنت.

الصنف الثاني من أصول الميت: وهم كل من كان من أصول الميت الذين يتصلون به بواسطة الأنثى، سواء أكانوا رجالاً وهم الأجداد الرحميون؛ أم نساء وهن الجدات الرحميات، كأبي أم الميت، وأم أبي أم الميت.

الصنف الثالث فروع أبوي الميت: وهم بنات الإخوة وإن نزلوا، وأولاد الأخوات وإن نزلوا، وأولاد الإخوة لأم وإن نزلوا.

الصنف الرابع فروع أجداد الميت: وهم كل من كان من فروع أحد أجداد الميت أو جداته الذين ليسوا بأصحاب فروض ولا عصبة، سواء أكانوا قريبين أم بعيدين، كالأعمام لأم، والعمات، والأخوال والخالات، وأولادهم.

وإرثهم بحسب ترتيب أصنافهم المذكورة، فيقدم كل صنف على من بعده، وهو التقديم بالجهة، أي إن جهة الفرع مقدمة على جهة الأصل، وجهة الأصل مقدمة على جهة الأُخوة، وجهة الأخوة مقدمة على جهة العمومة والخؤولة. ومتى وجد شخص واحد من أي جهة استحق جميع المال بعد فرض أحد الزوجين.

وقد أخذ القانون المصري (المادة 22ـ38) والسوري (المادة 291ـ297) بمذهب الحنفية وهي طريقة أهل القرابة، حيث يورث ذوي الأرحام كالعصبات، أي الأقرب فالأقرب إلى الميت، واختار القانونان رأي أبي يوسف؛ لأنه المفتى به في المذهب لوضوحه، ولكونه أيسر في التطبيق.

وقواعد توريث كل صنف على النحو الآتي:

التقديم بالدرجة: أي يقدم في الميراث أقربهم درجة إلى الميت، فمن مات عن ابن بنت، وابن بنت ابن، كان المال كله للأول؛ لأنه أقرب درجة من الثاني.

التقديم بالإدلاء بصاحب فرض أو عصبة (التقديم بالوارث): فيقدم من يدلي بصاحب فرض أو عصبة على من يدلي بذي رحم، فمن مات عن بنت بنت ابن، وابن بنت بنت، كان المال كله للأولى، لأنها بنت صاحبة فرض بالسدس، فتكون أولى.

للذكر ضعف الأنثى إذا تساووا في الدرجة وفي الإدلاء بصاحب فرض، وهذا رأي أبي يوسف، فمن مات عن بنت ابن بنت، وبنت بنت بنت، كان المال بينهما مناصفة، لأن الوارثين استويا في الدرجة وفي الإدلاء بصاحب فرض.

4ـ لا يعتد بالإدلاء بجهتين: لأن جهة القرابة ـ وهي البنوة ـ واحدة فالتوريث يكون بجهة واحدة، ولا عبرة بتعدد الجهات في إرث ذوي الأرحام، كما لو ماتت امرأة عن أم وزوج هو ابن عمها أيضاً، فإن الأم تأخذ الثلث، والزوج يأخذ النصف بالفرضية، ثم يأخذ السدس بالتعصيب، لأنه ابن عم.

أحوال الوارثين من أصحاب الفروض:

مجموع الوارثين من ذوي الفرائض اثنا عشر:

> أربعة من الرجال: وهم الأب، والجد أبو الأب، والأخ لأم، والزوج.

> وثمان من النساء: وهن الزوجة، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، والأخت لأم، والأم، والجدة (أم الأم وأم الأب).

علماً أن الورثة أربعة أقسام: قسم يرث بالفرض فقط، وهم سبعة: الزوج، الزوجة، الأم، الجدة لأم، الجدة لأب، الأخ لأم، الأخت لأم. وقسم يرث بالتعصيب فقط وهم اثنا عشر: العصبة بالنفس ما عدا الأب، والجد، والمعتق والمعتقة (في الماضي). وقسم يرث مرة بالفرض ومرة بالتعصيب وقد يجمع بينهما وهو اثنان: الأب والجد أبو الأب، فكل منهما يرث السدس فرضاً مع الابن أو ابن الابن، ويرث بالتعصيب إذا لم يوجد الفرع الوارث، ويجمع بين الفرض والتعصيب إذا كان معه أنثى من أصحاب الفروض، وزاد أكثر من السدس، فيأخذه تعصيباً. وقسم يرث مرة بالفرض ومرة بالتعصيب ولا يجمع بينهما، وهن أربعة: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، فإن انفردت كل واحدة عمن يعصبها ورثت بالفرض، وإن كان معها من يعصبها فترث بالتعصيب.

وبناء عليه ستم توضيح أحوال أصحاب الفروض إجمالاً:

1ـ أحوال الأب:

لا يحرم من الميراث أصلاً، ويحجب غيره، ويختلف ميراثه بحسب نوع الفرع الوارث ذكراً أو أنثى، فأحواله ثلاث: (شرح السراجية: 28، القوانين الفقهية 389، مغني المحتاج: 3/11، 14ـ 15، المغني 6/177، القانون السوري (المادة 266)، المصري (المادة 9، 21).

الحالة الأولى: السدس فرضاً يأخذه عند وجود الفرع الوارث المذكر وهو الابن أو ابن الابن مهما نزل.

الحالة الثانية: يرث تعصيباً فقط فيأخذ كل التركة أو الباقي منها بعد أصحاب الفرض، عند عدم الفرع الوارث مطلقاً ذكراً أو أنثى.

الحالة الثالثة: السدس فرضاً والباقي تعصيباً عند وجود الفرع الوارث المؤنث، وهو البنت أو بنت الابن مهما نزل أبوها.

مثال: إذا مات رجل عن: زوجة وأب وابن فللزوجة ثمن التركة لوجود الفرع الوارث، وهو الابن، وللأب: سدس التركة فرضاً فقط، والباقي للابن.

2ـ أحوال الجد:

أي الجد لأب (الجد الثابت) وهو الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أنثى. والجد كالأب في الأحوال الثلاث السابقة (القانون السوري: المادة 265) ولكن لا يرث شيئاً مع وجود الأب واسطة الميراث.

ميراث الجد مع الإخوة أو الأخوات الشقيقات أو لأب، أما عند اجتماع الجد مع الإخوة والأخوات لأم، فيسقطون بالجد الثابت، كما يسقطون بالأب.

فإذا اجتمع الجد مع الإخوة أو الأخوات الشقيقات أو لأب فهناك حالتان (القانون المصري المادة 22، والسوري المادتان 279، 280):

الأولى: أن يكون الموجود مع الجد العصبي من الإخوة والأخوات وارثاً بالتعصيب بأن كانوا ذكوراً فقط؛ أو ذكوراً وإناثاً؛ أو إناثاً عصبن مع الفرع الوارث من الإناث، وذلك بأن يجتمع مع الجد أخ شقيق؛ أو أخ شقيق مع أخت شقيقة؛ أو أخ لأب مع أخت لأب؛ أو أخت شقيقة أو لأب مع البنت أو بنت الابن، فيجعل الجد كالأخ ويرث معه بالتعصيب، ويقاسم الإخوة أو الأخوات ما لم ينقص عن السدس، فإن نقص عنه يعطى عندئذ السدس فرضاً.

الثانية: أن يكون الموجود من الأخوات مع الجد وارثاً بالفرض: كأخت شقيقة أو لأب أو أكثر، ولا معصب مع الجد؛ استحق السدس فرضاً والباقي بطريق العصوبة.

مثال: مات شخص عن جد وأخ شقيق وأخت شقيقة، المسألة من (5): للجد سهمان، وللأخ سهمان، وللأخت سهم واحد.

3ـ أحوال الزوج:

للزوج حالتان:

الأولى: النصف عند عدم وجود الولد وولد الابن وإن سفل، فإذا ماتت امرأة وتركت زوجاً وأخاً شقيقاً، فللزوج النصف، والباقي للأخ.

الثانية: الربع مع الولد أو ولد الابن وإن سفل، فلو تركت امرأة زوجاً وولداً أو ولد ابن، فللزوج الربع، والباقي للولد أو ولد الابن. [السراجية: 31، القوانين الفقهية: 388، الرحبية: 25، المغني 6/178، القانون المصري (المادة 11) والسوري (المادة 268)].

4ـ أحوال الإخوة والأخوات لأم:

لهؤلاء ثلاث أحوال:

الأولى: السدس للواحد منهم ذكراً أو أنثى، فمن ترك أخاً شقيقاً، وأخاً أو أختاً لأم: فللأخ أو الأخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق.

الثانية: الثلث للاثنين فصاعداً ذكوراً وإناثاً، فمن ترك أماً وإخوة أو أخوات لأم وعماً: فللأم السدس، وللإخوة أو الأخوات لأم الثلث، والباقي للعم.

الثالثة: حجبهم عن الميراث، فإنهم يسقطون ولا يرثون مع وجود الفرع الوارث؛ الولد أو ولد الابن وإن سفل، وكذلك يسقطون مع وجود الأصل الوارث المذكر؛ الأب أو الجد العصبي (من جهة الأب) بالاتفاق، فمن ترك زوجة وإخوة لأم وابناً وأبا فللزوجة الثمن، ويحرم الإخوة لأم من الميراث، وللأب السدس، وللابن الباقي تعصيباً لأنه عصبة. [شرح السراجية: 30، تبيين الحقائق للزيلعي، القوانين الفقهية لابن جُزَي: 388، مغني المحتاج 3/11، المغني: 6/183، القانون (المادة 10، 26) السوري (المادة 262)].

أحوال النساء:

أصحاب الفروض من النساء ثمان (شرح السراجية: 34، 35، 40، 44، 48، القوانين الفقهية: 388، 389، مغني المحتاج 3/9، 13، 14، 15، 16، 17، المغني 6/172، 174، 176، 206ـ212).

1ـ أحوال الزوجة:

للزوجة حالتان:

الأولى: الربع للزوجة الواحدة فأكثر عند عدم وجود الفرع الوارث (الولد أو ولد الابن) وإن سفل.

الثانية: الثمن مع الفرع الوارث (الولد أو ولد الابن) وإن سفل، سواء أكان الولد من هذه الزوجة أم من غيرها [القانون المصري (المادة 11) والسوري (المادة 268)].

2ـ أحوال البنت:

للبنات الصلبيات (المباشرة) أحوال ثلاث:

الأولى: النصف للواحدة إذا انفردت عمن يساويها وعمن يعصبها، كأب وبنت، للبنت النصف فرضاً، وللأب الباقي فرضاً وتعصيباً.

الثانية: الثلثان للاثنتين فصاعداً إذا لم يكن معهن من يعصبهن،كأب وبنتين، للبنتين الثلثان فرضاً، وللأب الباقي فرضاً وتعصيباً.

الثالثة: التعصيب بالغير؛ مع الابن الذكر، فيأخذ الابن ضعف الأنثى، كابن وبنت، للابن ضعف الأنثى. القانون المصري (المادتان 12، 19) والسوري (269، 277).

3ـ أحوال بنات الابن:

لبنات الابن ست أحوال، الثلاثة الأولى كما في ميراث البنات وثلاث أخرى:

الأولى: النصف للواحدة عند عدم البنت أو الابن أو من يساويها، كأب وأم وبنت ابن: لبنت الابن النصف، وللأم السدس، والباقي للأب فرضاً وتعصيباً.

الثانية: الثلثان للاثنتين فأكثر عند عدم البنت أو الابن أو من يساويهما من أبناء الابن، فمن مات عن أب وبنتي ابن، لبنتي الابن الثلثان، والباقي للأب.

الثالثة: التعصيب مع ابن ابن في درجتها: للذكر ضعف الأنثى، كبنت ابن وابن ابن، لهما كل التركة على حسب الفريضة الشرعية: &http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64831;لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ&http://arab-ency.com.sy/law/details/25866/7#64830; (النساء11).

الرابعة: السدس للواحدة فأكثر مع البنت الواحدة تكملة للثلثين المقررين في القرآن للإناث البنات أو بنات الابن، فمن مات عن بنت وبنت ابن وابن ابن: للبنت النصف، ولبنت الابن مع ابن الابن الباقي تعصيباً، للذكر ضعف الأنثى. فإن لم يبق من التركة شيء فلا نصيب لبنت الابن، كأب وأم وزوج وبنت وبنت ابن وابن ابن: لكل من الأب والأم السدس، وللزوج الربع، وللبنت: النصف، فلم يبق شيء لبنت الابن وابن الابن.

الخامسة والسادسة: الحجب: تحجب بنت الابن بالابن، ففي حال وجود ابن وبنت ابن: للابن التركة كلها تعصيباً، ولا شيء لبنت الابن.

وتحجب بنت الابن بالبنتين الصلبيتين فأكثر، إلا أن يكون معها أو أدنى منها ولد ذكر فيعصبها، ويكون الباقي حينئذ للذكر ضعف الأنثى. ففي أب وأم وبنتين وبنت ابن: لكل من الأبوين السدس، وللبنتين الثلثان، ولا شيء لبنت الابن؛ لاستنفاد البنتين كامل النصيب وهو الثلثان.

فإن وجد مع بنت الابن ابن ابن، أو ابن ابن ابن، فيعصبها كل منهما، لحاجتها إليه، فإن لم تحتج إلى ابن ابن الابن، بأن بقي لها شيء من نصيب البنات، فلا يعصبها ابن ابن الابن، وتستقل هي بفرضها، ويبقى هو عصبة بنفسه، يأخذ الباقي بعد الفروض (القانون المصري المادتان 12، 19)، (والسوري 269، 277).

4ـ أحوال الأخوات الشقيقات:

للأخت الشقيقة فأكثر خمس أحوال هي:

الأولى: النصف للواحدة إذا انفردت عمن يساويها وعمن يعصبها، بأن لم يكن معها أخ شقيق، كزوج وأخت شقيقة: لكل منهما النصف فرضاً.

الثانية: الثلثان للاثنتين فصاعداً عند عدم وجود المعصب، فمن مات عن إخوة لأم وشقيقتين: للإخوة للأم الثلث؛ وللشقيقتين الثلثان.

الثالثة: التعصيب بالغير: تتعصب الأخت الشقيقة فأكثر بالأخ الشقيق فأكثر، فيكون للذكر ضعف الأنثى، كأخ شقيق وأخت شقيقة، التركة كلها بينهما، على أن يكون للأخ ضعف الأخت.

الرابعة: التعصيب مع الغير: بأن يكون مع الأخت فأكثر بنت أو بنت ابن، أو هما معاً واحدة فأكثر، ولم يكن مع الأخت أخ شقيق يعصبها، فتتعصب الأخت بالبنت، فيكون لها أو للأكثر الباقي بعد أصحاب الفروض، للقاعدة: "اجعلوا الأخوات مع البنات عصبة".

الخامسة: السقوط بالفرع الوارث المذكر: وهو الابن، أو ابن الابن وإن نزل، وكذا تسقط بالأب اتفاقاً، وبالجد في رأي أبي حنيفة، خلافاً للصاحبين وبقية المذاهب، وقد أخذ القانون في مصر وسورية برأي الجمهور، أي لا تسقط بالجد.

مثال: مات شخص عن بنت وأخت شقيقة وأم: للأم السدس، وللبنت النصف، وللشقيقة الباقي تعصيباً مع البنت، كما ذكر في الحالة الرابعة.

5ـ أحوال الأخوات لأب:

لهن ست أحوال، منها الخمس المذكورة للأخوات الشقيقات:

الأولى: النصف للواحدة إذا انفردت عن مثلها، ولم يكن معها أخ لأب أو شقيقة، كزوج وأخت لأب: لكل واحد منهما النصف.

الثانية: الثلثان للاثنتين فأكثر عند عدم الأخ لأب، أو الأخوات الشقيقات، كالحكم السابق في الشقيقات. كإخوة لأم، وأختين لأب: للإخوة لأم الثلث وللأختين لأب الثلثان.

الثالثة: السدس للواحدة مع الشقيقة تكملة للثلثين، إذا لم يكن مع الأخت لأب أخ لأب يعصبها، كزوجة، وشقيقة، وأخت لأب: للزوجة الربع، وللشقيقة النصف فرضاً، وللأخت لأب: السدس فرضاً، ويرد الباقي على الأختين.

الرابعة: التعصيب بالغير: إذا كان معها أخ لأب، كأخ لأب وأخت لأب، علماً أن العصبة يأخذ ما أبقى ذوو الفروض، ولا شيء له إذا لم يُبق له أصحاب الفروض شيئاً.

الخامسة: التعصيب مع الغير: أي مع البنت أو بنت الابن أو هما معاً، واحدة فأكثر، تأخذ الباقي بعد هؤلاء، كبنت أو بنت ابن وأخت لأب.

السادسة: الحجب عن الميراث: تحجب الأخت لأب بما تحجب به الأخت الشقيقة، من وجود الفرع الوارث (الابن أو ابن الأب مهما نزل) وبالأب، وتزيد الأخت لأب بحجبها بالجد العصبي، خلافاً لأبي حنيفة.

مثال: مات شخص عن: أم وبنت وأخت شقيقة وأخت لأب: للأم السدس، وللبنت النصف، وللشقيقة الباقي، ولا شيء للأخت لأب، لسقوطها بالشقيقة المتعصبة بالبنت.

6ـ أحوال الأخت لأم:

تبين حكمها في بحث أولاد الأم؛ لأن الأنثى والذكر سواء.

7ـ أحوال الأم:

لها ثلاث أحوال:

الأولى: السدس: عند وجود الفرع الوارث مطلقاً: وهو الولد أو ولد الابن وإن سفل، أو الاثنين من الإخوة والأخوات فصاعداً، من أي جهة كانا.

الثانية: ثلث التركة كلها عند عدم الفرع الوارث والعدد من الإخوة، ولم يكن مع الأبوين أحد الزوجين.

الثالثة: ثلث الباقي إذا كان مع الأبوين أحد الزوجين، وهي مسألة الغرَّاوين، كما في زوج وأب وأم، أو زوجة وأب وأم. في المثال الأول: للزوج النصف، وللأب الباقي تعصيباً، وللأم ثلث الباقي بعد فرض الزوج. وفي المثال الثاني: للزوجة الربع، لعدم الفرع الوارث، وللأب الباقي تعصيباً، وللأم ثلث الباقي.

ومسألة الغرَّاوين هي شعراً:

وإن يكن زوج وأم وأب

 فثلث الباقي لها مرتب

8ـ أحوال الجدة:

المراد: الجدة العصبية لا الرحمية، والعصبية: هي التي لا يدخل في نسبتها إلى الميت جد رحمي، وهي أم أحد الأبوين، كأم الأم، وأم الأب، وأم أبي الأب، وأم أم الأم، وأم أم الأب.

وللجدة لأب أو الجدة لأم حالتان:

الأولى: السدس للواحدة فأكثر عند عدم الأم، سواء من أي جهة كانت (أبوية أو أمية) أم من الجهتين (ذات القرابتين) إذا كن في حال التعدد متحاذيات (متساويات) في الدرجة؛ كأم أم مع أم أب، فإن كن متفاوتات في الدرجة؛ فالقربى تحجب البعدي.

الثانية: الحجب: تحجب الجدة مطلقاً (أبوية أو أمية، أو من جهتين ذات قرابتين) بالأم. وتحجب الجدة لأب بالأب. وأما الجدة الأمية فلا تسقط بالأب، فلو توفي شخص عن أب، وأم أم، ورثت معه السدس؛ لأنها لم تنتسب إليه.

والجدة ذات القرابتين: أن تزوج امرأة ابن ابنها بابنة ابنها الآخر، فيولد منهما ولد، فهذه المرأة جدة لهذا الولد من جهة أبيه، ومن جهة أمه.

مصطلحات: الحجب ـ العول ـ الرد.

الحجب:

الحجب لغة: المنع، وشرعاً: المنع من الميراث كله أو بعضه، وله نوعان:

1ـ حجب النقصان:

وهو أن ينقص فرض وارث من سهم أعلى إلى أدنى لوجود شخص آخر، كالزوج ينتقل من النصف إلى الربع بسبب وجود الولد، وكالأم مع وجود الابن، تنتقل من الثلث إلى السدس.

ويتعرض له خمسة من ذوي الفروض ـ لكل واحد فرضان أعلى وأدنى ـ وهم: الزوجان، وبنت الابن، والأخت لأب، والأم. فالزوج: ينتقل من النصف إلى الربع بالفرع الوارث للزوجة منه أو من غيره.

والزوجة: تنتقل من الربع إلى الثمن بالفرع الوارث للزوج منها أو من غيرها.

وبنت الابن: تنتقل من النصف إلى السدس بالبنت الصلبية.

والأخت لأب: تنتقل من النصف إلى السدس بالأخت الشقيقة.

والأم: تنتقل من الثلث إلى السدس بالفرع الوارث مطلقاً، وبالعدد من الإخوة من أي جهة.

2ـ حجب الحرمان:

هو أن يمنع وارث من الإرث مطلقاً، وبالعدد من الإخوة من أي جهة. وابن الابن يحجب بالابن، والأخ لأم يحجب بالأب.

والورثة بالنسبة إلى هذا الحجب نوعان:

النوع الأول: من لا يحجب حجب حرمان، وهم ستة: ثلاثة ذكور، وثلاث إناث وهم: الأب، والأم، والابن، والبنت، والزوج، والزوجة.

النوع الثاني: من يحجب حجب حرمان، وهم سبعة: الجد والجدة، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، وأولاد الأم، وبنات الابن، وابن الابن.

الجد يحجب بالأب، والجدة تحجب بالأم، والشقيقات يحجبن بالابن وابن الابن وبالأب إجماعاً، وبالجد عند أبي حنيفة.

والأخوات لأب يحجبن بالأختين الشقيقتين إذا لم يكن معهن معصب.

والأخوات لأم: يحجبن بالأب، والجد، والفرع الوارث (الابن والبنت، وابن الابن، وبنت الابن).

وبنات الابن يحجبن بالبنتين فأكثر إذا لم يكن معهن معصب.

وابن الابن يحجب بالابن.

(شرح السراجية: 84ـ 89، القوانين الفقهية: 386 وما بعدها، شرح الرحبية: ص 43ـ 46، كشاف القناع: 4/469 وما بعدها، القانون المصري (المادتان 23 ـ 29) والسوري (المادتان 281 ـ 287).

العَوْل:

العَوْل: لغة الجور والظلم. وشرعاً: زيادة في مجموع السهام من أصل المسألة؛ ونقص واقعي في الأنصبة. ويترتب عليه أن ما زاد يقسم في فرائض جميع الورثة على نسبة واحدة، مثل (6) ترفع التركة إلى عدد أكثر من المخرج فتصير (7) ثم يدخل النقص في فرائض جميع الورثة بنسبة واحدة، فيضرب رقم العول في أصل المسألة، ويعطى كل واحد حصته من نتيجة الضرب. وتسمى المسألة عائلة، كزوج وشقيتين، أصل المسألة (6)، ومجموع السهام (7)، وسميت بذلك أخذاً من العول بمعنى الزيادة.

فالعول: زيادة في مجموع السهام، ونقص في حصص الورثة.

يقال: عال الميزان: إذا ارتفع، ويقابلها المسألة العادلة؛ لأخذ كل صاحب فرض حقه كاملاً غير منقوص.

وأول من حكم بالعول عمر بن الخطابt في مسألة هي زوج وأختان، أو زوج وأم وأخت، فشاور الصحابة فيها، فأشار العباس أو زيد بن ثابت إلى العول، وقال: أعيلوا الفرائض، فأقره عمر على ذلك وقضى به، وتابعه أغلب الصحابة غير ابن عباس، بعد وفاة عمر.

الذي يعول من المسائل هو (6، 12، 24).

الستة تعول إلى سبعة، كزوج وأختين شقيقتين: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، المسألة من (6) وتعول إلى (7).

وقد تعول إلى ثمانية في مسألة المباهلة، وهي زوج وشقيقتان وأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، وللأم السدس (1)، المسألة من (6) وتعول إلى (8).

وقد تعول إلى (9) كما في المسألة المروانية، وهي زوج وشقيقتان وأختان لأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، ولأختي الأم الثلث (3)، المسألة من (6) وتعول إلى (9).

وقد تعول الستة إلى (10) كما في المسألة الشريحية أو أم الفروخ، وهي زوج وشقيقتان وأختان لأم وأم: للزوج النصف (3)، وللشقيقتين الثلثان (4)، وللأختين لأم الثلث (2)، وللأم السدس (1)، المسألة من (6) وتعول إلى (10).

والاثنا عشر قد تعول إلى (13)، مثل: زوجة وشقيقتين وأخت لأم: للزوجة الربع (3)، وللشقيقتين الثلثان (8)، وللأخت لأم السدس (2)، المسألة من (12) وتعول إلى (13).

وقد تعول إلى خمسة عشر (15)، كزوج وبنتين وأم وأب: للزوج الربع (3)، وللبنتين الثلثان (8)، وللأم السدس (2)، وللأب السدس (2)، والمسألة من (12)، وتعول إلى (15).

وقد تعول إلى سبعة عشر (17)، كزوجة وشقيقتين وأختين لأم وأم: للزوجة الربع (3)، وللشقيقتين الثلثان (8)، وللأختين لأم الثلث (4)، وللأم السدس (2)، المسألة من (12)، وتعول إلى (17).

والأربعة والعشرون: تعول عولاً واحداً أي مرة واحدة إلى (27)، مثل مسألة المنبرية التي أجاب فيها عليt وهو على المنبر، وهي: زوجة وبنتان، وأب وأم: للزوجة الثمن (3)، وللبنتين الثلثان (16)، وللأب السدس (4)، وللأم السدس (4)، والمسألة من (24) وتعول إلى (27).

(شرح السراجية: 97ـ 103، الشرح الصغير للدردير 4/645ـ 648، مغني المحتاج 3/32ـ34، المغني 6/189ـ192، القانون المصري (المادة 15) والسوري (المادة 273). ونص المادة فيهما: "إذا زادت أنصباء الفروض على التركة، قسمت بينهم أنصباؤهم في الإرث").

الرد:

الرد: ضد العول،؛ لأنه زيادة في الأنصباء، نقص في السهام، فيرد ما فضل عن فرض ذوي الفروض النسبية عليهم بقدر سهامهم، ولا يرد على الزوجين.

وهو في اصطلاح الفقهاء: دفع ما فضل من فروض أصحاب الفروض النسبية إليهم بقدر حقوقهم عند عدم وجود العصبة. فهو ضد العول؛ لأنه بالعول يزداد أصل المسألة فيدخل النقص على سهام أصحاب الفروض، وفي الرد ينقص أصل المسألة وتزداد السهام.

والقانون المصري (المادة 30) والسوري (المادة 288) أجازا الرد على غير الزوجين إذا لم يوجد عصبة، وكذا أجازا الرد على أحد الزوجين إذا لم يوجد أحد من العصبة النسبية، أو أحد من ذوي الأرحام، والإضافة الثالثة المتعلقة بالأرحام لم يقل بها الفقهاء، وإنما اعتمد القانونان على المصلحة. وأما الرد على الزوجين فأجازه متأخرو الحنفية.

قاعدة الرد:

مسائل الرد عند الفقهاء أربعة أقسام، فقد يكون في المسألة صنف واحد ممن يرد عليه أو أكثر، وعلى كلا التقديرين إما أن يكون في المسألة أحد ممن لا يرد عليه، أو لا يكون:

القسم الأول: أن يكون الموجود في المسألة صنفاً واحداً ممن يرد عليه؛ من دون من لا يرد عليه من الزوجين، فيجعل أصل المسألة هو عدد رؤوسهم، ويقسم المال على عدد الرؤوس، كمن مات عن: ابنتين أو أختين، أصل المسألة من (2) فتعطى كل واحدة منهما النصف فرضاً ورداً، لتساويهما في الاستحقاق. ومن مات عن بنت فلها كل التركة فرضاً ورداً.

الثاني: أن يكون الموجود في المسألة أكثر من صنف واحد ممن يرد عليه، وليس معهم من لا يرد عليه، فيجعل أصل المسألة هو مجموع سهام الفروض للمجتمعين.

مثل: جدة وأخت لأم، لكل منهما السدس، فأصل المسألة من اثنين، لأنهما مجموع سهامهما، لأن أصل المسألة من (6)، فيكون للجدة السدس وهو سهم، وللأخت لأم السدس، وهو سهم أيضاً، ويوزع الباقي عليهما بالسوية.

الثالث: أن يكون في المسألة مع الصنف الواحد الذي يرد عليه أحد ممن لا يرد عليه (أحد الزوجين): فيجعل أصل المسألة مخرج نصيب من لا يرد عليه، ويعطى فرضه منه، ثم يقسم الباقي على من يرد عليهم بعدد رؤوسهم.

كما في زوج وثلاث بنات، أصل المسألة مخرج نصيب الزوج 4/1 وهو أربعة (4) للزوج سهم واحد منها، والباقي هو ثلاثة للبنات فرضاً ورداً لكل واحدة سهم واحد.

الرابع: أن يكون مع الصنفين فأكثر أحد ممن لا يرد عليه، فيجعل أصل المسألة مخرج فرض من لا يرد عليه، ويعطى نصيبه منه، ثم يقسم الباقي على من لم يرد عليهم بنسبة أنصبائهم. ففي زوجة، وأم، وأخوين لأم، أصل المسألة من (4) للزوج، الربع وهو سهم، والباقي (3) يقسم بين الأم والأخوين لأم بنسبة سدس إلى ثلث، أي واحد إلى اثنين.

طريقة حساب المسائل الفرضية:

الحساب اصطلاحاً: علم بأصول يتوصل بها إلى استخراج المجهولات العددية بأعداد صحيحة ليس فيها كسور. وهذا يتطلب بيان مخارج الفروض، وأصول المسائل، وطريقة تصحيح المسائل.

مخارج الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى ستة، وهي نوعان:

النصف والربع والثمن.

الثلثان والثلث والسدس.

وأصول مسائل الفرائض سبعة وهي (2، 3، 4، 6، 8، 12، 24). ففي حال وجود العول والرد: يعرف أصل المسألة كما يأتي:

في العول: يعرف نصيب كل ذي فرض بأن يهمل الأصل الأول، ويعدّ الأصل بعد العول أصلاً، فتنسب السهام إليه، وتقسم التركة بحسبه ليتأتى إدخال النقص على كل وارث بنسبة نصيبه.

وفي الرد: يأخذ أحد الزوجين فرضه فقط منسوباً إلى أصل المسألة، ويقسم الباقي على أصحاب الفروض بنسبة فروضهم، ويرد عليهم بحسبها، فيكون نصيب كل ذي فرض منهم هو ما يستحقه فرضاً ورداً.

وأما في غير حالتي العول والرد فيعرف أصل المسألة على النحو الآتي:

أ ـ إذا كان في المسألة صاحب فرض واحد فأصل المسألة مخرج ذلك الفرض، مثل أب وأم: للأم الثلث، وللأب الباقي، وأصل المسألة من (3)، تأخذ الأم (1)، ويأخذ الأب الباقي وهو (2).

ب ـ إذا كان في المسألة اثنان من أصحاب الفرائض، وهما من نوع واحد من النوعين السابقين: الأول: النصف، والربع والثمن، والثاني: الثلثان والثلث والسدس.

يكون حينئذ أصل المسألة هو المخرج الذي يشمل ضعفه وضعف ضعفه، فالثمانية في النوع الأول مخرج الثمن، وضعفه وهو الربع، وضعف ضعفه وهو النصف.

والستة في النوع الثاني مخرج السدس، وضعفه وهو الثلث، وضعف ضعفه وهو الثلثان.

فكل واحد من مخرجي الثلث والثلثين داخل في مخرج السدس.

فإن مات شخص عن زوجة وبنت، المسألة من (8) لوجود النصف والثمن، للزوجة الثمن (1) وللبنت النصف (4) والباقي (3) رد على البنت.

وإن مات شخص عن أم وأختين لأم، المسألة من (6) لوجود السدس والثلث.

ج ـ إذا اجتمع في المسألة بعض أفراد النوع الأول مع كل أفراد النوع الثاني أو بعضه، ففيه تفصيل في الأمثلة الآتية:

> إذا اجتمع النصف بالثلثين والثلث: كزوج وأختين شقيقتين وأختين لأم تكون المسألة من (6).

> إذا اجتمع الربع مع جميع أفراد النوع الثاني: كزوجة وأم وشقيقتين وأختين لأم، المسألة من (12).

> إذا اجتمع الثمن مع الثلثين والسدس: كزوجة 8/1، وبنتين 3/2، وأم 6/1، المسألة من (24) بضرب (3) في (8).

وأما طريقة تصحيح المسائل: فينظر إلى النسبة بين عدد الرؤوس (رؤوس الورثة) في كل مسألة فيكون بين العددين إما تماثل، وإما توافق، وإما تداخل، وإما تباين.

1ـ التماثل: كون أحد العددين مساوياً للآخر مثل (3) و(3)، وحينئذ يضرب أحدهما في أصل المسألة: مثل (3) زوجات، (3) بنات، عم: للزوجات الـ 8/1 = 3، وللبنات الثلثان 3/2 = 16، وللعم الباقي (5) لأنه عصبة، والمسألة من (24)، وتصح من (72) لأن عدد الزوجات (3) وعدد البنات (3) فهما متماثلان، فيضرب أحدهما بأصل المسألة 24 * 3 = 72، ومنها تصح المسألة، وكل من له شيء من السهام يأخذه مضروباً في المضروب به بأصل المسألة، ويسمى هذا المضروب جزء السهم، فتأخذ الزوجات (9) والبنات (48)، والعم (15).

2ـ توافق العددين: أن يكون بين أعداد الرؤوس التي انكسرت عليهم سهامهم موافقة بجزء من الأجزاء، بحيث لا يُعَُدُّ أقلُّهما الأكثرَ؛ كالأربعة والستة، فإنهما متوافقان بالنصف، أي ينقسمان من دون كسور على اثنين. وكالثمانية والعشرين فإنهما متوافقان بالنصف والربع، أي ينقسمان على اثنين وأربعة. وإذا توافق العددان فيضرب أصل الوفق في أصل المسألة (العادلة أو العائلة).

مثل: توفي شخص عن (4) زوجات 8/1، (6) بنات 3/2، عم له الباقي: للزوجات (3)، وللبنات (16) وللعم (5) والمسألة من (24)، وسهام الزوجات (3) في هذه المسألة لا تنقسم عليهن وهو (4)، وسهام البنات (16) لا تنقسم عليهن، وبين عدد الزوجات وعدد البنات الموافقة بالنصف، فيضرب وفق أحدهما في كامل الآخر 2 * 6= 12، والحاصل الـ 12 (جزء السهم)، يضرب في أصل المسألة وهو (24) فتصح من (288)، وكل من له شيء من السهام يأخذه مضروباً في جزء السهم وهو (12)، فللزوجات (36)، وللبنات (192)، وللعم (60).

تداخل العددين: هو أن ينقسم الأكثر على الأقل قسمة صحيحة بحيث لا يبقى من الأكثر شيء، مثل 3 و6. فإذا قُسمت الستة على الثلاثة مرتين فلا يبقى منها شيء، أو زيد على الأقل مثله أو أمثاله فيساوي الأكثر، فيؤخذ الأكبر من العددين المتداخلين وهو ستة، ويضرب بأصل المسألة، مثل: 3 زوجات 8/1، 6 بنات 3/2، عم له الباقي، للزوجات (3)، وللبنات (16)، وللعم (5)، والمسألة من (24). وعدد الزوجات وعدد البنات متداخلان فيؤخذ أكبرهما ويُضرب في أصل المسألة: 6 * 24 = 144، فتصح المسألة من (144)، وكل صاحب حق يأخذ سهامه مضروباً بالستة التي هي جزء السهم، فيكون للزوجات (18)، وللبنات (96)، وللعم (30).

تباين العددين: هو ألا يعدّ العددان المختلفان معاً عدداً ثالثاً كالتسعة والعشرة، وإذا تباين العددان يضرب أحدهما في الآخر، والحاصل يضرب في أصل المسألة (عائلة أو عادلة) مثل:

2 زوجة 8/1، 3 بنات 3/2، وعم له الباقي، والمسألة بضرب المخرجين فيكون (24)، وعدد الزوجات وعدد البنات متباينان، فيُضرب عدد رؤوس الزوجات وهو (2) في عدد رؤوس البنات وهو (3) فيبلغ ستة، أي إن جزء السهم يضرب في أصل المسألة 6* 24، فتصح المسألة من (144)، ومنها تصح، ويعطى للزوجتين 3 * 6 = 18، وللبنات الثلاثة 16* 6 = 96، وللعم 5*6 = 30.

ميراث بقية الورثة:

أولاً ـ المقر له بالنسب مع الغير: نص القانون السوري في المادة (298) على تعريف المقرّ له بالنسب وشروط استحقاق الميراث:"إذا أقر شخص بالنسب على غيره لمجهول النسب استحق له التركة بالشرائط التالية: 1ـ أن لا يثبت نسب المقر له إلى المقر عليه. 2ـ أن لا يرجع المقر عن إقراره. 3ـ أن لا يقوم به مانع من موانع الإرث، 4ـ أن يكون المقر له حياً وقت موت المقر أو وقت الحكم باعتباره ميتاً" ومثاله المشهور حالة زياد بن أبيه.

ثانياً ـ الحَمْل: نص القانون السوري في المواد (299 ـ 303) على حكم ميراث الحمل، وأنه يوقف له من تركة المتوفى أكبر النصيبين على تقدير أنه ذكر أو أنثى.

ثالثاً ـ التخارج: نص القانون السوري في المادة (304) على التخارج وهو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث على شيء معلوم.

والمادة (305) نصت على أنه: "كل ما لم يرد عليه نص في هذا القانون يرجع فيه إلى القول الأرجح في المذهب الحنفي".

رابعاً ـ ميراث المفقود: يعمل برأي الحنفية في ميراثه، فلا تثبت له حقوق إيجابية من غيره كالإرث والوصية، فلا يرث من غيره، ولا يستحق وصية غيره. واتفقت المذاهب الأربعة على أن المفقود يعدّ حياً بالنسبة إلى أمواله المملوكة له وفي حقوقه الأخرى؛ حتى تقوم البينة على وفاته؛ أو يحكم القاضي بوفاته؛ وذلك بعد أربع سنوات من تاريخ فقده.

خامساً ـ ميراث الأسير: إن كان معلوم الحياة فيرث من غيره ولا يورث عنه ماله. وأما إن كان مجهولاً فلا تعلم حياته ولا موته ولا ولادته فحكمه حكم المفقود فيما ذكر، فلا يقسم ماله، ولا تتزوج امرأته حتى يعلم حاله.

سادساً ـ ميراث الخنثى: إن كان خنثى غير مشكل، وهو الذي ترجحت فيه صفة الذكورة أو الأنوثة، فيعامل بما لحق به من الرجال أو النساء. وإن كان خنثى مشكلاً؛ فيعطى في مذهب الحنفية المفتى به أقل النصيبين من فرض ذكورته أو أنوثته.

سابعاً ـ ميراث الغَرْقى والهَدْمى والحَرْقى ونحوهم ممن جهل تاريخ وفاتهم: أخذ القانون المصري (المادة 3) والسوري (المادة 261) برأي جمهور الفقهاء غير الحنابلة، بما يلي:

"إذا مات اثنان، ولم يعلم من مات أولاً، فلا استحقاق لأحدهما في تركة الآخر، سواء أكان موتهما في حادث واحد أم لا".

ثامنا ًـ ميراث ولد الزنى واللعان واللقيط ممن لا أب له شرعياً: يرث كل واحد من هؤلاء باتفاق المذاهب الأربعة من أمه فقط وقرابتها، وهم الإخوة لأم بالفرض لا غير، وترث منه أمه وإخوته من أمه فرضاً لا غير؛ لتأكد صلته بأمه، ولا يرث هو أو يورث بالتعصيب؛ لجهالة أبيه.

المناسخة:

تعريفها: في اللغة: هي بمعنى النقل والتحويل، واصطلاحاً: هي انتقال نصيب بعض الورثة بموته قبل قسمة التركة إلى من يرث منه، وذلك أن يموت من ورثة الميت الأول واحد أو أكثر قبل قسمة التركة.

تصحيح المسائل: طريق العمل في هذه الحال أن تصحح مسألة الميت الأول بالقواعد السابقة، وتحفظ سهام الميت الثاني منها، وتعمل له مسألة أخرى، ثم تصحح مسألة الميت الثاني بتلك القواعد أيضاً. ثم ينظر بين سهام الميت الثاني من التصحيح الأول وبين التصحيح الثاني، فلا يخلو الأمر من ثلاثة أحوال: هي المماثلة، والموافقة، والمباينة.

أما المماثلة: فهي أن تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته فتصح المسألتان مما تصح منه المسألة الأولى. كأن يموت شخص عن زوج، وأم، وعم، المسألة من (6): للزوج النصف (3)، وللأم الثلث (2)، وللعم الباقي (1). ثم يموت الزوج عن ثلاثة بنين، فتصبح سهامه وهي (3) منقسمة على ورثته، فتصح المسألتان من (6): للأم (2) وللعم (1) وللأبناء الثلاثة (3).

وأما الموافقة فهي أن توافق سهام الميت الثاني مسألته بجزء من الأجزاء؛ كالنصف أو الثلث، كما إذا مات الزوج في المثال الأول عن ستة بنين، فسهامه الثلاثة لا تنقسم على مسألته، ولكنها توافق مسألته بالنصف، فيؤخذ وفق مسألته وهو (2)، ويضرب في مسألة الميت الأول وهي (6)، فيحصل (12)، ومنها تصح المسألتان. فمن له شيء من المسألة الأولى أخذه مضروباً في وَفْق المسألة الثانية وهو (2)، ومن له شيء في المسألة الثانية أخذه مضروباً في وَفْق المسألة الأولى.

وأما المباينة: فهي ألا تنقسم سهام الميت الثاني على مسألته، كما إذا مات الزوج في المثال الأول عن 5 بنين، فسهامه الثلاثة لا تنقسم عليهم، وتباين مسألته، فيضرب جميع مسألته وهي (5) في المسألة الأولى وهي (6) فالحاصل 30، ومنه تصح المسألتان: للأم 5 *2 = 10، وللعم 5 * 1 = 5، وللأبناء الخمسة (15)، فمن له شيء من المسألة الأولى أخذه مضروباً في المسألة الثانية، ومن له شيء من المسألة الثانية أخذه مضروباً في سهام مورثه.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ ناصر الغامدي، الخلاصة في علم الفرائض (دار طيبة الخضراء، ط4، مكة المكرمة 1426هـ).

ـ عبد اللطيف دريان، فقه المواريث في المذاهب الإسلامية والقوانين الوضعية ( دار النهضة العربية، بيروت، 1427هـ).

ـ الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، للدردير (دار الفكر، بيروت).

ـ ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار (دار الفكر، ط2، بيروت 1386هـ).

ـ الشنشوري، الفوائد الشنشورية في شرح المنظومة الرحبية (دار عالم الفوائد، ط1، مكة المكرمة 1422هـ).

ـ الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفظ المنهاج (دار الكتب العلمية، ط1، بيروت 1415هـ).

ـ ابن قدامة، المغني (دار هجر، ط1، القاهرة 1410هـ).

ـ الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للنسفي (دار المعرفة، بيروت).

ـ ابن نجيم، البحر الرائق (دار المعرفة، بيروت).

ـ ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (مطبعة الاستقامة، ط2، القاهرة1371هـ).

ـ ابن جزي، القوانين الفقهية (دار القلم، بيروت).

ـ عثمان بن علي الزيلعي الحنفي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (المطبعة الأميرية، بولاق، مصر سنة 1315هـ).

ـ الشرح الصغير للدردير بحاشية الصاوي (دار المعارف، مصر 1392هـ).

ـ محمد الشربيني الخطيب، مغني المحتاج بشرح المنهاج (مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر 1352هـ/1933م).

ـ عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة، المغني في الفقه الحنبلي (دار المنار، ط3، القاهرة 1367هـ).

ـ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (طبعاته المختلفة 1984ـ 2010م).


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد السابع: المحكمة الجنائية الدولية _ ولاية المظالم في الإسلام
رقم الصفحة ضمن المجلد : 350
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 565
الكل : 29655864
اليوم : 35874