logo

logo

logo

logo

logo

الدية

ديه

wergild / blood money - wergeld / prix de l’homme

 الدِية

الدِية

وهبة الزحيلي

تعريفها والفرق بينها وبين الأرش وحكومة العدل، وحكمها الشرعي
الدِّيَة مدى تفاوت الناس في الدية
شروط وجوبها  دية غير المسلم ففيها اجتهادات ثلاثة
نوعها ومقدارها دية من لم يعرف قاتله، من يتحملها؟
تشديد الدية وتخفيفها هل يتحمل بيت المال الدية ومتى؟
وقت أداء الدية هل تسقط الدية ومتى؟
الملزم بأداء الدية  
   

تعريفها والفرق بينها وبين الأرش وحكومة العدل، وحكمها الشرعي:

الدِّيَة:

واحدة الديات، والهاء عوض من الواو، أصلها وِدْية مشتقة من الوَدْي: وهو دفع الدية، كالعِدة من الوعد، يقال: وَدَيت القتيل أديه وَدْياً ودية: أعطيت ديته، واتّديت: أخذت ديته، وإذا أَمَرْت منه قلت: دِ فلاناً، وللاثنين: دِيا، وللجماعة: دُوا فلاناً. وهي لغة: المال الواجب أداؤه لولي القتيل.

وهي في الشرع: المال الواجب بالجناية على النفس أو ما في حكمها، وما في حكمها: مثل ذهاب العقل، وإتلاف السمع أو البصر وغيرها من منافع الأعضاء الأساسية، وقطع اليدين أو الرجلين، أو الأنف أو الأذنين أو العينين، أو كسر الصلب، فهي واجبة شرعاً بالاعتداء على النفس أو ما دون النفس.

وأما الأرش: فهو المال الواجب المقدر شرعاً بالاعتداء على ما دون النفس مما ليس فيه دية كاملة من الأعضاء، فالأرش يطلق على دية العضو، والدية تطلق على بدل النفس أو ما في حكمها. وأما حكومة العدل: فهي الأرش غير المقدر شرعاً، بالاعتداء على ما دون النفس من جرح أو تعطيل أو غيرهما، ويكون تقديره للحاكم بمعرفة أهل الخبرة.

وحكم الدية الشرعي: وجوب الأداء لما قدَّره الشرع إلا أن يكون هناك عفو من أولياء الدم. وثبت حكمها في القرآن الكريم والسنة والإجماع. أما القرآن فقول الله تعالى: ]وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا[[النساء92]. وتجب الدية أيضاً في القتل العمد بسقوط القصاص بالصلح على الدية. وأما السنة: فمنها حديث عمرو بن حزام في الديات: «أن رسول الله r كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه الفرائض والسنن والديات. وكان في الكتاب: أن من اعتبط مؤمناً قتلاً عن بينة فإنه قَوَد إلا أن يرضى أولياء المقتول، وإن في النفس: الدية مئة من الإبل…» (أخرجه مالك والنسائي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقي موصولاً). وأما الإجماع: فإن العلماء أجمعوا على وجوب الدية.

شروط وجوبها:

اشترط فقهاء الحنفية لوجوب الدية شرطين هما:

1- العصمة:

أن يكون المقتول معصوم الدم، فلا دية بقتل حربي (من بيننا وبين بلاده عداوة وحرب)، وباغٍ (من خرج على الإمام العادل يبغي خلعه) لفقد العصمة، وقد وافق بقية الفقهاء على هذا، إلا أن الشافعية قصروا معصوم الدم على غير حالة الحرب.

2- التقوم:

أن يكون المقتول متقوماً، فلا تجب الدية في رأي الحنفية بقتل حربي أسلم في دار الحرب، ولم يهاجر إلينا، وكان قاتله مسلماً أو ذمياً (معاهداً) خطأ. وأوجب بقية الفقهاء هذه الدية، لأن التقوم في رأيهم بالإسلام، وهذا مسلم قتل خطأ، والله تعالى يقول في الآية السابقة: ]وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِه[[النساء29]. وجعل الحنفية التقوّم في دار الإسلام فقط، لا بمجرد الإسلام، وهذا المقتول ليس من أهل دار الإسلام، وقال الله تعالى: ]فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ[[النساء29] أوجب الله تعالى لهذا المقتول جزاء قتله الكفارة فقط، وهي عتق رقبة، ولم يوجب له الدية، فلا يدخل تحت صدر الآية التي قبلها [النساء29] فهو مؤمن ديناً لا داراً؛ لأنه مكثِّر سواد الحربيين، ومن كثّر سواد قوم فهو منهم بنص حديث عبد الله بن مسعود: «من كثَّر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم كان شريك من عمل به» [أخرجه أبو يعلى في مسنده، نصب الراية 4/346].

وليس الإسلام والعقل والبلوغ شرطاً لوجوب الدية، فتجب الدية للمقتول مسلماً كان أو ذمياً معاهداً، أو حربياً مستأمناً، لقوله تعالى: ]وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ[[النساء29] وتجب الدية في مال الصبي والمجنون إن قتل غيره، لعموم الآية المتقدمة: ]وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاّ أَنْ يَصَّدَّقُوا[[النساء29].

واختلف الفقهاء على رأيين في إيجاب الدية لمن قُتل بسبب ممارسة حق التأديب كالأب مع ابنه، والولي والوصي مع اليتيم، والزوج مع زوجته بسبب نشوزها أو تركها الصلاة مثلاً، والمعلِّم مع التلميذ بغير إذن أبيه.

فقال أبو حنيفة والشافعية: يجب ضمان الدية في هذه الأحوال؛ لأن المقصود هو التأديب والزجر، لا الهلاك، ولأن «التأديب مقيد بشرط السلامة» كالمرور في الطريق العام.

وقال المالكية والحنابلة والصاحبان من الحنفية: لا ضمان في هذه الأحوال، ما لم يكن إسراف أو زيادة على المعتاد؛ لأن التأديب فعل مشروع للزجر والردع، فلا يضمن التالف به، كما في حال تطبيق العقوبات الشرعية من حد أو تعزير، والقاعدة الفقهية تقول: «الجواز الشرعي ينافي الضمان».

نوعها ومقدارها:

للفقهاء آراء ثلاثة في ذلك:

1- ذهب أبو حنيفة في الصحيح من مذهبه، ومالك: إلى أن الدية تجب في واحد من ثلاثة أنواع: الإبل والذهب  والفضة، لحديث عمرو بن حزم في الديات: «وإن في النفس الدية: مئة من الإبل» (تقدم تخريجه) وفيه أيضاً: «وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورِق اثنا عشر ألف درهم» (الورِق: الفضة. والدينار يساوي 4.45 غم ، أو 4.80 غم في رأي الآخر).

2- وذهب الصاحبان (أبو يوسف ومحمد) وأحمد: إلى أن الدية تجب من ستة أجناس: وهي الإبل والذهب والفضة والبقر والغنم الحُلَل، والخمسة الأولى هي أصول الدية عند الحنابلة، وأما الحُلَل فليست أصلاً عندهم؛ لأنها تختلف ولا تنضبط. وفي رواية عن أحمد: أن الحلل أصل، وقَدْرها: مئتا حلة من حُلل اليمن، كل حلة بُرْدان: إزار ورداء جديدان. وكل شيء أحْضَره الملزم بالدية لزم ولي القتيل قبوله.

ودليل هذا الاتجاه أن عمر t قام خطيباً، فقال: «ألا إن الإبل قد غلت» قال الراوي: «فقوَّم على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورِق اثني عشر ألفاً، وعلى أهل البقر مئتي بقرة، وعلى أهل الشاء ألفي شاة، وعلى أهل الحُلَل مئتي حلة» [أخرجه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، نصب الراية 4/362] وأخرج أبو داود مثل المذكور عن جابر بن عبد الله فقال: «فرض رسول الله r على أهل الإبل مئة من الإبل… إلخ» [نصب الراية 4/363].

3- وذهب الشافعي في مذهبه الجديد: إلى أن الواجب الأصلي في الدية هو مئة من الإبل إن وجدت، وعلى القاتل تسليمها للولي سليمة من العيوب، فإن عُدمت بأن لم توجد في موضع يجب تحصيله منه، أو وجدت فيه بأكثر من ثمن المثل فالواجب قيمة الإبل بنقد البلد الغالب، وقت وجوب تسليمها بالنقد ما بلغت؛ لأنها بدل متلف، فيرجع إلى قيمتها عند فقد الأصل. ودليله حديث عمرو بن شعيب - عن أبيه عن جده - المتقدم، ويؤكده من المعقول: أن ما ضمن بنوع من المال وتعذر وجبت قيمته، كذوات الأمثال.

ومقدار الدية كما ثبت في الروايات السابقة، مع اختلاف الفقهاء في مقدار دراهم الفضة، فهي عند الجمهور اثنا عشر ألف درهم، عملاً بتقدير عمر، وعند الشافعية: ثمانية آلاف درهم، عملاً بحديث عمرو بن شعيب حيث قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله r ثماني مئة دينار، أو ثمانية آلاف درهم.

وسبب الاختلاف: هو سعر صرف الدينار، ففي رأي الجمهور: مقدار الدينار يساوي اثني عشر درهماً، عملاً بحديث عمر المتقدم، وأن رجلاً من بني عدي قتل، فجعل النبي r ديته اثني عشر ألفاً [أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن ابن عباس].

وفي رأي الشافعية: مقدار الدية من الدراهم ثمانية آلاف درهم، ولكل فريق دليله.

تشديد الدية وتخفيفها:

الدية إما مغلظة مشددة، وإما مخففة.

أما الدية المشددة أو المغلظة: فتقتصر على حالة الوفاء بها بالإبل خاصة؛ لأن الشرع ورد بها، فلا تتغلظ الدية في الدنانير والدراهم بالزيادة. وتغليظ الدية يكون في القتل العمد بالصلح عليها، وفي شبه العمد عند الجمهور. وكذلك في رأي المالكية في حال قتل الوالد ولده.

وإذا غلِّظت الدية تجب مثلثة في رأي المالكية والشافعية ومحمد بن الحسن، أي ثلاثون حقة، وثلاثون جَذَعة، وأربعون خَلِفة أي حاملاً، لخبر الترمذي بذلك، وهو رأي عثمان بن عفان t وزيد بن ثابت t.

وتلزم مربَّعة في رأي الحنفية ما عدا محمد بن الحسن والحنابلة، وهي خمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون، وخمس وعشرون حِقّة، وخمس وعشرون جَذَعة، لحديث السائب بن زيد عن النبي r قال: «دية الإنسان: خمس وعشرون جذعة ، وخمس وعشرون حِقة، وخمس وعشرون بنات لبون، وخمس وعشرون بنات مخاض» [ذكره الأمير الحسين في الشفاء، وأخرجه أبو داود موقوفاً على علي وابن مسعود رضي الله عنهما، وهو الأصح].

وأما الدية المخفَّفة: فتجب في القتل الخطأ ونحوه مخمّسة باتفاق المذاهب وهي: (عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة) في رأي الحنفية والحنابلة، لقول ابن مسعود: قال رسول الله r: «في دية الخطأ عشرون حقة، وعشرون جذعة، وعشرون بنت مخاض، وعشرون بني مخاض».

وفي رأي المالكية والشافعية: يجعل (بنو اللبون) بدلاً من (بني المخاض) لما روى الدار قطني وسعيد بن منصور في سننهما عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود مرفوعاً.

وتغلظ دية القتل الخطأ في رأي الشافعية والحنابلة في حالات ثلاث هي:

1- إذا حدث القتل في حرم مكة تحقيقاً للأمن في قوله تعالى: ]وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً[(آل عمران97).

2- إذا حدث القتل في الأشهر الحرم وهي (ذو القَعْدة وذو الحجة والمحرَّم ورجب).

3- إذا قتل القاتل قريباً له ذا رحم محرم، كالأم والأخت والبنت.

والخلاصة: تغلظ دية القتل العمد بتثليثها وبتخصيصها بالجاني وتعجيلها عليه في رأي المالكية والشافعية، وبتربيعها في رأي الحنفية والحنابلة. ودية شبه العمد: تخفف من ناحيتين: وهما بفرض الدية على العاقلة (عصبات القاتل) وبالتأجيل بثلاث سنوات. وتغلظ من ناحية واحدة: وهي التثليث في رأي، والتربيع في رأي آخر، كما تقدم.

ودية الخطأ: تخفف من نواحٍ ثلاث: إلزام العاقلة بها، والتأجيل في ثلاث سنين، والتخميس.

وقت أداء الدية:

تجب دية العمد وشبه العمد والخطأ في رأي الحنفية مؤجلة في ثلاث سنين، عملاً بفعل عمر t، ويكفي العامد تغليظ الدية عليه، وإيجابها في ماله.

وذهب جمهور الفقهاء: إلى أن دية العمد تجب معجَّلة (حالَّة) غير مؤجَّلة في مال الجاني؛ لأن الدية فيه بدل عن القصاص.

وأما دية الخطأ: فتجب بالاتفاق مؤجلة في مدى ثلاث سنوات، تخفيفاً عن العاقلة (العصبة) لما روي عن عمر وعلي: أنهما قضيا بالدية على العاقلة في ثلاث سنين، ولا مخالف لهما في عصرهما، فكان إجماعاً.

وتجب دية شبه العمد بالاتفاق أيضاً مؤجلة لثلاث سنين، في كل سنة ثلثها.

الملزم بأداء الدية:

اتفق الفقهاء على دية القتل العمد تجب على القاتل في ماله وحده، ولا تتحملها العاقلة؛ لأن الأصل في كل إنسان أن يسأل عن أعماله الشخصية، سواء من الناحية المدنية بضمان الإتلافات، أم من الناحية الجنائية بعقوبة الجرائم، ولا يسأل عنها غيره لقوله تعالى: ]وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[[الأنعام 164]، ]كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينّ[[الطور 21]، ]قُلْ لا تُسْأَلُونَ عَمّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ}[[سبأ 25]. ويؤكده قول النبي r: «لا يجني جانٍ إلا على نفسه» [أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه عن عمرو بن الأحوصt] وفي رواية: «إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه» [أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي رَمْثة] وورد في السنة بنحو خاص: «لا تعقل العاقلة عمداً ولا عبداً ولا صلحاً ولا اعترافا» [أخرجه البيهقي عن الشعبي، وأبو عبيد القاسم بن سلاَّم في كتاب الأموال].

وأما دية شبه العمد والخطأ: فتجب على العاقلة بطريق التعاون والتخفيف والمواساة على العاقلة، في رأي جمهور الفقهاء، لحديث أبي هريرة قال: «اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله r، فقضى أن دية جنينها غُرة: عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها» [حديث متفق عليه بين أحمد والشيخين].

وأما المالكية: فليس عندهم جريمة شبه العمد، وإنما هو في حكم العمد، فيوجبون دية شبه العمد في مال القاتل، لا في مال العاقلة؛ لأن هذا القتل موجَب فعل قصده الجاني، فلا تتحمله العاقلة عنه كالقتل العمد.

والعاقلة في رأي الحنفية والمالكية: هم أهل الديوان، أي ديوان الجند أو العسكر وغيره من الدواوين، لفعل عمر رضي الله عنه، فهم أهل النصرة، فإن لم يكن ديوان فهم أقارب القاتل العصبات الأقرب فالأقرب، ويُبدَأ بالإخوة، ثم بالأعمام، ثم من بعدهم من القرابة؛ لأن الإنسان يستنصر بهم.

ويرى الشافعية والحنابلة: أن العاقلة هم قرابة القاتل من قبل الأب وهم العصبة النسبية كالإخوة والأعمام من دون أهل الديوان، لما روى المغيرة بن شعبة t: أن النبي r قضى في المرأة بديتها على عصبة القاتل [أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنَّسائي].

وأما فعل القاصر ففيه رأيان: يرى الحنفية والمالكية والحنابلة (الجمهور) أن دية القتل العمد الصادر من الصبي أو المجنون على عاقلته، وقالوا: عمد الصبي وخطؤه سواء، لما روي أن مجنوناً صال على رجل بسيف، فضربه، فرفع ذلك إلى الإمام علي]، فجعل ديته على عاقلته، بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم، وقال: عمده وخطؤه سواء.

وذهب الشافعية في القول الأظهر عن الإمام الشافعي: أن عمد الصبي عمد إذا كان مميزاً، وإن لم يكن له تمييز فهو خطأ قطعاً، فتجب الدية في ماله إذا كان مميزاً، وكان القتل عمداً، ولا تتحملها عنه عاقلته؛ لأن العاقلة لا تتحمل دية القتل العمد أو حالة الصلح أو الاعتراف كما تقدم. وبما أن فعله يعد عمداً إذا كان مميزاً فلا تتحمل العاقلة دية القتيل الذي جنى عليه، وتكون الدية عليه مغلظة.

مدى تفاوت الناس في الدية:

اختلف الفقهاء على قولين:

فقال الحنفية والمالكية: دية العمد عند العفو عن القصاص غير محدودة، والواجب هو ما يتم التراضي عليه بين الجاني وولي الدم، سواء أكان المال قليلاً أم كثيراً، فإن لم تحدد الدية كانت بحسب المقدار الشرعي (مئة من الإبل أو ما ينوب منابها من الدنانير والدراهم، أو العملات الورقية الحالية).

وقال الشافعية والحنابلة: دية العمد بحسب المقدار المحدد شرعاً: مئة من الإبل، لقوله r في حديث عمرو بن حزم المتقدم: «في النفس مئة من الإبل».

- وقد يتفاوت الناس أيضاً في الدية، فتكون أنقص من مئة من الإبل، بأحد أسباب أربعة وهي الأنوثة، والرق، وقتل الجنين، والكفر، فالسبب الأول يردها إلى الشطر، والثاني إلى القيمة المختلفة بحسب كل رقيق، والثالث إلى الغُرة، والرابع إلى الثلث فأقل في رأي الشافعية.

أما الأنوثة أو دية المرأة: فاتفق أكثر الفقهاء على أن دية المرأة نصف دية الرجل، عملاً بالمرويات وبالمعقول. أما المرويات: فمنها حديث مرفوع إلى النبي r عن معاذ بن جبل أن «دية المرأة نصف دية الرجل» [أخرجه البيهقي، وقال: إسناده لا يَثْبُت مثله، نصب الراية 4/363].

ومنها آثار كثيرة عن الصحابة رضي الله عنهم وهم عمر، وعلي، وعثمان، وابن عباس، وابن عمر، وزيد بن ثابت، واشتهر ذلك بينهم، فكان هناك إجماع من الصحابة على تنصيف دية المرأة.

وأما المعقول: فإن المرأة في ميراثها وشهادتها على النصف من الرجل، فكذلك ديتها. والسبب: أن الدية تعويض عمن يلتزم بالإنفاق على الأسرة، فكانت الخسارة به كبيرة، وأما المرأة فضياعها أقل خطراً، والاعتداء عليها نادر، وليس في ذلك مساس بكرامة المرأة أو نقص شأنها الاجتماعي أو الإنساني.

ومع ذلك قال جماعة: وهم ابن عُلية وأبو بكر الأصم من نفاة القياس: إن دية المرأة كدية الرجل، لعموم حديث عمرو بن حزم المتقدم: «في النفس مئة من الإبل» ورجح جماعة من المعاصرين هذا الاتجاه.

وأما دية غير المسلم ففيها اجتهادات ثلاثة، هي:

- ذهب الحنفية: إلى أن دية الذمي (المعاهَد) والمستأمن كدية المسلم، فلا يختلف قدر الدية بالإسلام والكفر، لتكافؤ الدماء، وعملاً بعموم الآية الكريمة: ]وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ[[النساء92]، ولأن النبي r «جعل دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار» [أخرجه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب، مع أحاديث أخرى تؤيده، نصب الراية 4/266].

- وذهب المالكية والحنابلة: إلى أن دية الكتابي (اليهودي والنصراني) أو المستأمن نصف دية المسلم، ونساؤهم نصف ديات نساء المسلمين، لقوله u: «دية المعاهد نصف دية المسلم» [أخرجه أصحاب السنن الأربعة عن عبد الله بن عمرو، نصب الراية، المرجع والمكان السابقان] وفيه روايات أخرى بمعناها.

- واتجه الشافعية: إلى أن دية اليهودي والنصراني والمعاهد والمستأمن ثلث دية المسلم، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه [ «فرض على كل مسلم قتل رجلاً من أهل الكتاب أربعة آلاف درهم» [أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه، وهو مروي أيضاً عن عمر وعبادة بن الصامت].

واتفق غير الحنفية على أن دية المجوسي والوثني المستأمن كعابد الشمس والقمر والزنديق ثماني مئة درهم، أي ثلثا عشر دية المسلم، وأن نساءهم نصف ديات المسلمات، أي أربع مئة درهم، عملاً بقول بعض الصحابة مثل عمر وعثمان وابن مسعود، وبعض التابعين كسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء وعكرمة والحسن البصري.

وأما دية الجنين: إذا انفصل عن أمه ميتاً، ذكراً أو أنثى، عمداً أو خطأ غُرة عبد أو أمَة، فقيمتها خمس من الإبل، أي نصف عشر الدية، أو ما يعادلها وهو خمسون ديناراً، أو خمس مئة درهم في رأي الحنفية، أو ست مئة درهم في رأي الجمهور، على الخلاف السابق في تقويم الدينار بالدراهم، حيث قوَّمه الحنفية بعشرة دراهم، وفي رواية: ثمانية دراهم، والجمهور باثني عشر درهماً.

ودليله حديث أبي هريرة المتقدم: «اقتتلت امرأتان من هُذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر ، فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى رسول الله r، فقضى أن دية جنينها غرة: عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها» [متفق عليه بين أحمد والشيخين ، منتقى الأخبار مع نيل الأوطار 7/69].

دية من لم يعرف قاتله، من يتحملها؟

ربما لا يعرف القاتل فهل يذهب دم المقتول هدراً من دون أن يلزم أحد بدفع الدية لأقارب القتيل أو أوليائه، وإذا ألزم بها أحد فمن الذي يطالب بها؟ بحث الفقهاء هذه المسألة؛ لأن القاعدة الشرعية هي: «لا يطل دم في الإسلام» أي لا يهدر، ويمكن بيان حكمها في أحد الاحتمالات الآتية:

الاحتمال الأول:

الموت في حال الزحام: ارتأى الإمام أحمد رحمه الله: أن من مات من زحام يوم الجمعة، أو في الطواف مثلاً فديته في بيت المال.

وقال بهذا القول عمر وعلي رضي الله عنهما وإسحاق بن راهويه، بدليل أن سعيد بن منصور روى في سننه عن إبراهيم النخعي أن رجلاً قال: قتل رجل في زحام الناس بعرفة، فجاء أهله إلى عمر، فقال: بيِّنتكم على من قتله. فقال علي: يا أمير المؤمنين، لا يطل دم امرئ مسلم، إن علمت قاتله، وإلا فأعطه ديته من بيت المال.

وقال الحسن البصري والزهري فيمن مات من الزحام: ديته على من حضر، لأن قتله حصل منهم (المغني لابن قدامة 8/69، ط دار المنار) أي إن الحنابلة يرون أنه إذا لم يحلف المدّعون على القتل في حال جهالة القاتل، ولم يرضوا يمين المدعى عليه فداه الإمام من بيت المال، كما أنهم لم يروا إلزام المدعى عليه الدية إذا نكل عن الحلف.

الاحتمال الثاني:

اللجوء إلى أيمان القسامة: شرعت القسامة في السنة النبوية لصيانة الدماء وعدم إهدارها في الإسلام، فيما إذا وجد قتيل في مَحِلَّة أو قرية، ولم يعرف القاتل، وكان بين أهل هذه المحلة وبلد القتيل عداوة (وهي المسماة بقرينة اللَّوث) فيبدأ في رأي الحنفية بتحليف خمسين رجلاً من أهل المحلة خمسين يميناً، فإن حلفوا فيقضى على أهل المحلة بالدية في القتل العمد، وعلى عاقلة أهل المحلة (أهل الديوان إن وجد، أو الأقارب العصبات) في القتل الخطأ (بدائع الصنائع للكاساني 7/286، تبيين الحقائق للزيلعي 6/170). ومثل ذلك وجود قتيل في سفينة أو سيارة أو عربة. ولكن على أن تتوافر شروط القسامة المقررة فقهاً، ومنها أن يكون الموضع الذي وجد فيه القتيل مملوكاً لأحد الناس، أو في حيازة أحد، وإلا فلا قسامة ولا دية، لأنه لا يلزم أحد بحفظه، كما إذا وجد قتيل في صحراء أو برية ليست مملوكة لأحد، أو وجد القتيل في وسط نهر عظيم كدجلة والفرات والنيل، وكان يجري على سطح الماء، أو وجد القتيل في المساجد الجامعة العامة أو الشوارع، أو الجسور أو الأسواق العامة، أو على دابة تسير وليست في يد أحد؛ لأن هذه الأماكن ليست مملوكة لأحد، ولا في يد أحد.

ففي هذه الأحوال تكون الدية في بيت المال، وضابط ذلك: أن كل مكان يكون التصرف فيه لعامة المسلمين، لا لواحد منهم ولا لجماعة محصورين فلا قسامة ولا دية على أحد، وإنما الدية على بيت المال؛ لأن «الغرم بالغنم».

ومذهب الحنفية متفق مع القاعدة الشرعية وهي «اليمين على المدعى عليه».

والحالفون يتخيرهم ولي الدم، لأن اليمين حقه، فيختار من يتهمه بالقتل، فيحلف كل واحد منهم يميناً: «بالله ما قتلته، ولا علمت له قاتلاً».

ومستند إلزام بيت المال بالدية في الأمثلة السابقة: ما أخرجه البخاري عن سعيد بن عبيد الطائي، عن بشير بن يسار: أن رجلاً من الأنصار يقال له: سهل بن أبي حَثْمة روى حديثاً جاء فيه: «فقال رسول الله r: تأتون بالبينة على من قتله؟ قالوا: ما لنا بيِّنة، قال: فيحلفون لكم، قالوا: ما نرضى بأيمان يهود، وكره رسول الله r أن يبطل دمه، فوداه بمئة بعير من إبل الصدقة» (نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 4/392).

الاحتمال الثالث:

في أثناء ممارسة حق التأديب:

يثبت حق التأديب المشروع للسلطان أو الوالي، وللأب في تأديب ابنه، أو الوصي أو الولي في تأديب الصبي اليتيم، وللزوج في تأديب زوجته حال نشوزها أو لتركها الصلاة أو بقية أركان الإسلام، وللمعلم في تأديب التلميذ بغير إذن أبيه.

فإذا مات المؤدَّب في أثناء التأديب في أحد هذه الأحوال فللفقهاء رأيان:

الرأي الأول للمالكية والحنابلة والصاحبين من الحنفية: لا ضمان في هذه الأحوال على المؤدِّب وإنما على بيت المال، ما لم يكن هناك إسراف أو زيادة على ما يحقق المقصود، أو يتجاوز المعتاد؛ لأن التأديب فعل مشروع للزجر والردع، فلا يضمن التالف به، كما هو الشأن في حال تطبيق الحدود الشرعية أو التعازير، عملاً بالقاعدة الشرعية: «الجواز الشرعي ينافي الضمان» (م - مجلة - 91) (المغني لابن قدامة 8/327، الميزان للشعراني 2/172، البدائع 7/305).

والرأي الثاني لأبي حنيفة ومالك والشافعي: أن الدية على العاقلة (العصبات) لما روي عن عمر] أنه بعث إلى امرأة ذُكرت بسوء، فأجهضت جنينها، فقال عمر لعلي: عزمت عليك لا تبرح حتى تقتسمها (أي الدية) على قومك. ولأن الحاكم جانٍ، فكان خطؤه على عاقلته كغيره، ولأن المقصود هو التأديب والزجر لا الهلاك، فإذا أفضى ذلك إلى التلف تبين أنه تجاوز الحد المشروع له، أو تخطى حدود السلطة المخولة له، ولأن هذا التأديب أمر مباح شرعاً، فيتقيد بشرط السلامة للغير كالمرور في الطريق العام ونحوه، فإن استيفاء الإنسان حقه في المرور مقيد بشرط السلامة للآخرين (الدر المختار ورد المحتار 5/401، البدائع، المكان السابق، مغني المحتاج 4/199).

q هل يتحمل بيت المال الدية ومتى؟

يتحمل بيت المال الدية في الأحوال الثلاث المتقدمة، وهي:

1- في حال وقوع قتيل في زحام في رأي الحنابلة ومن وافقهم.

2- إذا لم تتوافر شروط القسامة كوجود القتيل في مكان عام لا ملك فيه لأحد.

3- في أثناء ممارسة حق التأديب المشروع في رأي المالكية والحنابلة والصاحبين من الحنفية.

q هل تسقط الدية ومتى؟

تسقط الدية في بعض أحوال امتناع القصاص  أو سقوطه، علماً بأنه لا تلازم بينهما، فقد يسقط القصاص دون الدية وعلى العكس كما سيتبين:

1- الأبوة: يمتنع القصاص بين الوالد وولده لحديث: «لا يقاد الوالد - أي لا يقتص منه - بالولد» (أخرجه الترمذي والنَّسائي وابن ماجه عن عمر t)، فإذا لم يقتل الأب بابنه وجب عليه ديته.

2- تعذر استيفاء القصاص: إذا لم يمكن استيفاء القصاص القائم على مبدأ المماثلة أو المساواة والعدالة فلا قصاص، وينتقل إلى الدية كحال الاعتداء على ما دون النفس، فلا تساوي أو لا تماثل بين إبهام ذات مفصلين من الجاني بقطعه إبهاماً ذات مفصل واحد من المجني عليه، فلا قصاص، وإنما تجب الدية.

3- كون الاعتداء على ما دون النفس شبه عمد كاللطم المفضي إلى فقء العين والرمي بحصاة فتشل اليد، فلا قصاص في رأي الشافعي والحنابلة، وإنما تجب الدية المقررة شرعاً للعضو.

ويجب القصاص حينئذٍ في رأي الحنفية والمالكية؛ لأن شبه العمد عندهم له حكم العمد.

4- كون الفعل تسبباً عند الحنفية: فلا قصاص في الاعتداء على النفس أو ما دون النفس، لاشتراطهم كون الجناية مباشرة لا تسبباً خلافاً للجمهور، وإنما تجب الدية.

5- كون الجناية واقعة في دار الحرب في رأي الحنفية، سواء أكانت على النفس أم على ما دون النفس، فلا قصاص ولا دية عندهم في الاعتداء على النفس أو ما دونها على جناية وقعت في دار الحرب؛ لعدم ولاية الإمام عليها، خلافاً لبقية الأئمة، وذلك سواء أكان المعتدى عليه مسلماً أم غير مسلم؛ لأن العصمة (صون الدم) عندهم بالوجود في دار الإسلام، وأما الجمهور فأساس العصمة عندهم الإسلام أو الأمان.

وعلى هذا تجب عندهم دية المسلم المعتدى عليه في دار الحرب، لقوله تعالى: ]وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ[[النساء 92].

وقال أئمة الحنفية الثلاثة في الحربي يسلم فيقتله مسلم مستأمن قبل أن يخرج، فلا شيء عليه إلا الكفارة في القتل الخطأ عملاً بالآية نفسها فيما قبلها: ]فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ[[النساء92] أي تسقط الدية (أحكام القرآن للجصاص 2/241، ط دار الكتاب العربي- بيروت).

6- جرائم البغاة وأهل العدل: أهل العدل هم أهل دار الإسلام، وشأن دارهم التزام العدل فيها، فسميت دار الإسلام دار العدل. والبغاة: هم قوم خرجوا بتأويل سائغ شرعاً على إمام المسلمين يبغون خلعه، وكانت لهم قوة ومنعة في بلد إسلامي، كالخوارج.

وقد اتفق أئمة المذاهب الأربعة على أنه لا ضمان على ما أتلفه كل فريق من نفس أو مال لدى الفريق الآخر أثناء المغالبة والحرب، أي لا قصاص ولا دية، لقول الزهري: كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون، فأجمعوا - أي في وقائعهم كوقعة الجمل وصِفِّين - على ألا يقام حدّ على رجل استحل فرجاً حراماً بتأويل القرآن، ولا يقتل رجل سفك دماً حراماً بتأويل القرآن، ولا يغرم مال أتلفه بتأويل القرآن (ذكره الإمام أحمد في رواية أبي بكر الأثرم، واحتج به) (منتقى الأخبار مع نيل الأوطار 7/169) ولأن الجرائم المرتكبة مشتملة على شبهة مسقطة للقصاص وضمان المال أي الدية ونحوها.

ولا يضمن بيت المال شيئاً من إتلافات أموال البغاة، لكن ترد إليهم أموالهم الموجودة؛ لأن أموالهم مصونة شرعاً.

ويسأل الباغي مدنياً وجنائياً عن كل ما يقع منه من الجرائم قبل المغالبة باعتباره مجرماً عادياً، وكذلك يسأل عن جرائمه التي تقع بعد انتهاء المغالبة.

7- تعذر الأخذ من بيت المال: إذا لم يمكن الأخذ من بيت المال في ضمان الدية فيرى القائلون بوجوب الدية ابتداء على العاقلة وهم الحنابلة بأن الدية تسقط كلها إذا لم تكن عاقلة، أو يسقط منها ما لم تحمله العاقلة إذا كان عددها صغيراً. وأما القائلون بوجوب الدية على الجاني ابتداءً وهم باقي الفقهاء فيرون إلزام الجاني بها أو بما بقي عنها (التشريع الجنائي الإسلامي للأستاذ عبد القادر عودة 2/198، مكتبة دار العروبة بمصر).

ويلاحظ أنه إذا لم يوجد نظام العاقلة كما في أغلب البلاد في هذا العصر، فينبغي أن تتحمل الخزانة العامة تلك الدية تحقيقاً للمساواة والعدالة وكذا تحقيق أغراض الشريعة.

8- عدم المطالبة بالدية أو العفو عنها: إذا لم يطالب أصحاب الحق بالدية، أو عفوا عن القاتل مطلقاً سواء عن القصاص والدية فتسقط الدية ولا حق لأحد بعد العفو عن الدية في تجديد المطالبة بها. والصلح على عدم الدية مثل العفو عنها.

ومن أمثلة عدم المطالبة بالدية: دية الجنين وهي خمسون ديناراً إذا أسقطته الأم بغير إذن زوجها، فلم يطالب بها، كما لم يطالب بها بقية الورثة، فتسقط الدية.

والخلاصة: تجب الدية دون القصاص في أحوال خمس وهي (1-5)، ولا تجب وإنما تسقط في أحوال أربع في أرقام (6-8) لأن الحال الأخيرة اشتملت على حالين، كما تسقط في رأي الحنفية في الحال الخامسة.

مراجع للاستزادة:

- علاء الدين الكاشاني، بدائع الصنائع (الطبعة الأولى، مطبعة الجمالية، مصر 1328هـ).

- أبو البركات (محمد بن أحمد الدردير) وحاشية الدسوقي، الشرح الكبير  (مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر 1219هـ).

- أبو إسحاق الشيرازي، المهذب (مطبعة عيسى البابي الحلبي، مصر).

- ابن قدامة، المغني (دار المنار).

- منصور بن يونس البُهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع (مطبعة الحكومة، مكة المكرمة 1394هـ).

- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط 4 (دار الفكر، دمشق، 1422هـ/2002 م).

- عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي (مكتبة دار العروبة، مصر).

 


التصنيف : العلوم الشرعية
النوع : العلوم الشرعية
المجلد: المجلد الثالث: الجرف القاري ــ الرسم والنماذج الصناعية
رقم الصفحة ضمن المجلد : 542
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 490
الكل : 29635910
اليوم : 15920