logo

logo

logo

logo

logo

تسوية النزاعات الضريبية ب-الطرق الإدارية

تسويه نزاعات ضريبيه بطرق اداريه

NULL - NULL

 النزاعات الضريبية

النزاعات الضريبية

تسوية النزاعات الضريبية بالطرق الإدارية

محمد خير العكام

مفهوم النزاع الضريبي

خصائص النزاع الضريبي

أسباب النزاع الضريبي

أطراف النزاع الضريبي

المرحلة الإدارية لتسوية النزاع الضريبي

 

إذا كان أداء الضريبة واجباً على المكلفين بموجب القوانين التي تسنها السلطات التشريعية فإن تلك القوانين أصبحت تتضمن منح هؤلاء المكلفين حق الاعتراض على تقديرها من قبل الإدارات الضريبية إدارياً أمام لجان نصت عليها تشكيلاً واختصاصاً، كما فتح الباب أمامهم لطرق باب القضاء لرفع الظلم عنهم في هذا المجال، بحسبان أن حق التقاضي أصبح مكفولاً في كل الشرائع والدساتير، ويمكن إيجاد جذور ذلك في مختلف المواثيق والشرائع.

وقد أثار النزاع الضريبي ولم يزل العديد من الموضوعات الجديرة بالبحث والتي لا تقتصر على النواحي الفقهية بتحديد طبيعة النزاع وخصائصه وأسبابه، بل تتجاوزها إلى المجال العملي، حين يتعلق الأمر بإجراءات هذا النزاع وتشكيل اللجان المختصة به وآثارها، كما تعدى ذلك الحدود المحلية للقانون الضريبي المحلي إلى الحدود الدولية حين يتعلق الأمر بتطبيق اتفاقيات تجنب الازدواج الضريبي، حيث يفسح في المجال للنظر في تلك النزاعات بين الدول من خلال القواعد التي وضعتها تلك الاتفاقيات وخروجاً عن القواعد العامة التي تنص عليها القوانين الداخلية لكل دولة منها.

أولاً ـ مفهوم النزاع الضريبي:

تشير كلمة نزاع عموماً إلى وجود خلاف بين شخص وآخر، يدعي كل منهما أحقيته في الشيء موضوع الخلاف، فإذا كان موضوع الخلاف ضريبياً كان ذلك النزاع ضريبياً. فالنزاع الضريبي هو تعبير عن الخلاف الذي يثور بين الإدارة الضريبية والغير بمناسبة قيامها بوظائفها التي كفلها لها قانون فرض الضريبة، وهو أول الطريق الذي يسلكه صاحب الحق في المطالبة بحقه أمام الجهة المختصة بنظر هذا النزاع.

والنزاع الضريبي بهذا المعنى أشمل من الدعوى الضريبية التي تعني حق المكلفين في المطالبة بحقهم أمام القضاء، إذ يبدأ النزاع الضريبي من نشوء الحق الضريبي في ذمة شخص معين، حتى حل هذا النزاع سواء في مرحلته الإدارية أم القضائية. أما الدعوى الضريبية فتشير إلى المرحلة القضائية لحل هذا النزاع.

وكذلك يختلف النزاع الضريبي عن الخصومة الضريبية، فالخصومة لفظ عام يتعلق بنزاع بين شخصين أو أكثر حول حق أو مركز معين، وتتحول إلى نزاع عند رفعها إلى القضاء، أي إن كل نزاع هو في أصله خصومة تكون في حالة سكون يحركه صاحب المصلحة برفع أمره إلى القضاء الذي يجب تفسيره بمعناه الواسع، أي لكل من له حق الفصل في هذا النزاع سواء كانت جهة إدارية أم قضائية.

والنزاع الضريبي هو النزاع الذي يتعلق بقانون فرض الضريبة مباشرة، ومن ثم يمكن القول إن النزاع الضريبي هو كل نزاع يتعلق بتقدير وتحقق الضريبة وتحصيلها، فإن النزاع الذي يتعلق بتطبيق قانون الضريبة بصورة غير مباشرة لا يعد نزاعاً ضريبياً، فالنزاع الضريبي هو النزاع الذي تكون الإدارة الضريبية طرفاً فيه إذا تعلّق بتحديد المكلفين بالضريبة وتحققها وتحصيلها وفق قانون الضرائب الذي تختص بتطبيقه.

وبناء على ذلك فإن الشروط الواجب توافرها في النزاع كي يكون نزاعاً ضريبياً:

1ـ أن يكون أحد أطرافه إدارة ضريبية: فالنزاع الذي يكون بين طرفين ليس أحدهما الإدارة الضريبية لا يعد نزاعاً ضريبياً ولو تعلّّق بضريبة، كالنزاع بين مكلفين شريكين على براءة ذمة أحدهما من الضريبة وفقاً للعقد المبرم بينهما.

2ـ أن يتعلق النزاع بعمل من أعمال الضريبة: أي يجب أن يكون النزاع متعلقاً بما تقوم به الإدارة الضريبية من أعمال مؤثرة في تحديد دين الضريبة، أي الأعمال المتعلقة بعلاقة المكلف بالإدارة الضريبية فقط، أما الأعمال التي تتعلق بعلاقة الإدارة الضريبية بغير المكلفين فلا تدخل في مفهوم النزاع الضريبي، كالنزاع بين الإدارة الضريبية وموظفيها.

3ـ أن يكون مرجع النزاع القانون الضريبي: أي الخلاف الذي يدور بين طرفي النزاع حول تفسير قانون فرض الضريبة أو تأويله أو تطبيقه على الوجه الصحيح. فلا يعد نزاعاً ضريبياً ذلك الذي يتعلق بتفسير قوانين أخرى، ويكون النزاع ضريبياً إذا كان القانون الضريبي هو مرجعه الرئيس ولو شاركه في ذلك قوانين أخرى، كالنزاع حول الحجر الإداري على أموال المكلفين الناتج من عدم أو التأخر في دفع الضريبة المتوجبة على المكلف.

ثانياً ـ خصائص النزاع الضريبي:

للنزاع الضريبي ذاتيته الخاصة التي تميزه من غيره من النزاعات، إذ يتعلق النزاع الضريبي غالباً بالفصل في حقوق تدعيها الدولة وتنشغل بها ذمة المكلف الذي يحاول إثبات براءة ذمته من هذا الادعاء أو التقليل من قيمته، وهذا الحق المالي يختلف عن غيره من الحقوق المالية التي يتنازع بشأنها أطراف الدعاوى الأخرى غير الضريبية، إذ يغلب في الدعاوى غير الضريبية أن يكون المدعي دائناً بمال حصل عليه المدعى عليه أو قبضه فعلاً أو حصل مقابله على سلعة أو خدمة أديت له، بخلاف الضريبة التي يلزم المكلف بأدائها جبراً من دون أن يكون قد حصل على مقابل مباشر لها وهذا يرتبط بمفهوم الضريبة ذاته محل الحق المطالب به.

لذلك فقد اتسم النزاع الضريبي بعدد من الخصائص لعل أهمها:

أحد أطرافه الدولة ممثلة في وزارة المالية بما لها من امتيازات في تقدير وتحصيل الضريبة.

يتعلق بنشاط يزاوله المكلف أو مال يديره أو يملكه أو ينفقه، غالباً ما يكون هذا النشاط اقتصادي الطابع.

إن إثبات الحق فيه يحتاج إلى وسائل خاصة.

ثالثاً ـ أسباب النزاع الضريبي:

يرجع الكثير من الفقهاء أسباب النزاع الضريبي إلى نوعين من الأسباب هما: أسباب تشريعية أو قانونية وأسباب إدارية:

1ـ الأسباب التشريعية أو القانونية، لعل أهمها:

أ ـ تعقيد في اختيار النظام الضريبي، من المعلوم أن كل دولة تختار النظام الضريبي الذي يتناسب ونظامها الاقتصادي والسياسي ودرجة تطورها الصناعي، إلا أن هذه الأنظمة أصبح فيها الكثير من القواعد التي تتطلب الدراسة والتحليل.

ب ـ تعقيد في إجراءات تطبيق الضريبية: فلكل ضريبة الكثير من اللوائح والقرارات والتعليمات والتفسيرات التي تستعصي أحياناً على الخبراء القانونيين والمحاسبين معرفة مدلولها الدقيق، كما لا يقتصر تحديد الضريبة على فهم القوانين الضريبية بل يتعداه أحياناً إلى الكثير من القوانين، كقانون الاستثمار وقانون أصول المحاكمات والقانون التجاري والشركات وغيرها، مما يجعل الإلمام بالمعاملة الضريبية الصحيحة أو تحديد الالتزام الضريبي على نحو دقيق أمراً فيه الكثير من الصعوبة على كل من الإدارة الضريبية والمكلفين.

ج ـ صعوبة في فهم المصطلحات الضريبية: يلاحظ على المصطلحات الضريبية صعوبة إدراك مدلولها من قبل الشخص العادي، لذلك عادة ما تتطلب الإدارات الضريبية تقديم الإقرارات الضريبية للمكلفين من قبل محاسبين متخصصين، كما يلاحظ أن المعنى الضريبي لبعض المصطلحات يختلف عن المعنى الاقتصادي لها، كمفهوم القيمة المضافة والدخل والاستهلاك، بل قد يختلف مدلول المصطلح من قانون ضريبي إلى آخر، فمعنى البيع في قوانين الضريبة على القيمة المضافة أوسع من معناه في قوانين ضريبة الدخل.

لذلك فإن التقليل من النزاعات الضريبية يتطلب رفع الثقافة الضريبية للمكلفين وتعريف المصطلحات الضريبية في قوانين فرض الضريبة وضبط مدلولها بدقة وتقليل التفسيرات واللوائح وتبسيط إجراءات التحقق حتى يتمكن المكلف من القيام بالتزاماته بأقل تكلفة، فإن هذا التبسيط يفيد كلاً من المكلف والإدارة الضريبية ويقلل من النزاعات الضريبية.

2ـ الأسباب الإدارية: لعل أهمها:

أ ـ السلطة التقديرية: يترك قانون فرض الضريبة عادة سلطة تقديرية واسعة للإدارة الضريبية في تقدير المطرح الضريبي وغيرها من إجراءات تحقق الضريبة وتصفيتها وهذه السلطة عندما يقررها القانون يفترض أن تمارسها الإدارة الضريبية بموضوعية وحياد بهدف تحقيق المصلحة العامة من دون أي محاباة أو تعنت أو انحراف في السلطة أو تجاوز لحدودها، لذلك فللحد من هذه السلطة لا بد من:

(1)ـ عدم المغالاة في تقدير المطرح الضريبي للمكلف، كأن يكون غير مستند إلى أسس واقعية تدعمه أو عدم الجدية في دراسة اعتراضات المكلفين.

(2)ـ عدم افتراض الاستمرار في ممارسة النشاط من دون أدلة تفيد ذلك.

(3)ـ عدم رفض الأدلة المقدمة من المكلف أو دفاتره المعتمدة من محاسب قانوني إلا عند مخالفتها لمبدأ الأمانة والشروط القانونية التي تحكم تنظيمها.

والإصلاحات الضريبية الجارية في الدول حالياً تقلل إلى حد بعيد من ممارسة هذه السلطة وتهدف إلى خلق مناخ من الثقة المتبادلة بين المكلف والإدارة الضريبية، كتشجيعها على الربط الذاتي والفحص بالعينة والقرارات المسبقة، والتقليل من استخدام أسلوب الدخل المقطوع أو إيجاد وسائل لتحديد المطرح الضريبي من دون تدخل من العاملين لدى الإدارة الضريبية.

ب ـ الفساد الإداري: تعد بيئة العمل الضريبي مجالاً جاذباً لممارسة الفساد الإداري من قبل موظفي الإدارة الضريبية، فكلما قل تدخلهم وقلت سلطتهم التقديرية الواسعة الممنوحة لهم وكلما رفع مستوى دخولهم وفعّلت مستويات رقابتهم من الإدارات الأعلى وتحملت الإدارات الضريبية مسؤوليتها عن الأخطاء التي ترتكبها بحق المكلفين وتحمّل الموظف الخطأ الذي يصر على ارتكابه وتأكد سوء نيته من ذلك، قلت حالات الفساد الإداري الضريبي ومن ثم النزاعات الضريبية.

ج ـ تدني مستوى تأهيل وتدريب الأطر الضريبية وتدني مستوى ثقافتها الضريبية لحقيقة دورها الذي يجب أن تقوم به في علاقتها بالمكلفين من شفافية ووضوح وتعاون وتقديم كل عون للمكلف من أجل تنفيذ التزاماته الضريبية، فكلما تدنى هذا المستوى كثرت النزاعات الضريبية.

رابعاً ـ أطراف النزاع الضريبي:

الأصل أن النزاع الضريبي يقوم بين طرفين هما المكلف والإدارة الضريبية، وقد يكون هذا المكلف، مكلفاً قانونياً وقد يكون من يتحمل عبء الضريبة في الواقع، وقد يكون شخصاً طبيعياً، وقد يكون شخصاً اعتبارياً، وقد يكون مقيماً، وقد يكون غير مقيم، إلا أن هذا لا يمنع أن يكون غير المكلف طرفاً في النزاع الضريبي في بعض الحالات، فقد يكون أحد طرفي النزاع كل شخص له مصلحة فيه ولو لم يكن مكلفاً أو ملزماً مباشرة بأداء الضريبة، كأن يكون ممن يمكن أن يضار من الحكم بها. وقد جعل القانون للإدارة الضريبية الحق في سلوك طرق الاعتراض الإدارية والقضائية، واستثنى من ذلك ما يتعلق بقرارات اللجان الداخلية الإدارية البحتة، فلا يحق للإدارة الضريبية الطعن في قراراتها في لجان فرض الضريبة، بحسبان أن هذه القرارات صادرة عن الإدارة الضريبية ذاتها، إلا أنه يختلف الحال عندما يصبح القرار صادراً عن لجان الطعن الضريبي التي تتمتع باستقلال نسبي عن الإدارة الضريبية، ففي هذه الحالة يمكن للإدارة الضريبية كما يمكن للمكلف بالشروط نفسها الطعن في قرارات هذه اللجان أمام المرجع القضائي المختص.

خامساً ـ المرحلة الإدارية لتسوية النزاع الضريبي:

1ـ أهمية المرحلة الإدارية لتسوية النزاع الضريبي: اختلفت تشريعات الدول في ضرورة إعطاء الإدارة الضريبية اختصاصاً في النظر في النزاع الضريبي في المرحلة التي تسبق عرضه على القضاء، وقد اختلفت الدول في هذا المجال اختلافاً كبيراً، فمنها من رفضت قيام الإدارة الضريبية بهذا الدور لاعتقادها بعدم حياد اللجان الإدارية التي تشكل لهذا الغرض وعدم إمكانية توفير الضمانات اللازمة للمكلف عند النظر في تلك النزاعات أمام هذه اللجان وفضّلت اللجوء إلى القضاء مباشرة ومن هذه الدول بلجيكا واليونان.

وهنالك دول أخرى على العكس من الاتجاه السابق جعلت المرحلة الإدارية للنظر في النزاع الضريبي شرطاً للنظر في النزاع في مرحلته القضائية، ومن ثم لا يصح النظر في النزاع الضريبي قضائياً قبل البحث في التظلم المقدم من المكلف أمام اللجان الضريبية كما هو الحال في اليمن وفرنسا ولبنان، لكن أغلب الدول اتخذت موقفاً وسطاً بين الموقفين السابقين، إذ سمحت للمكلف بتقديم تظلم إلى لجان الطعن الضريبي من دون أن تجعل ذلك شرطاً لازماً للنظر في النزاع أمام المرجع القضائي المختص وذلك كي تفسح المجال للتقريب بين وجهتي نظر المكلف والإدارة الضريبية فيما يتعلق بموضوع النزاع، مما قد يؤدي إلى انتهاء هذا النزاع في وقت مبكر من دون اللجوء إلى القضاء بإجراءاته المكلفة والمعقدة والطويلة، وفي ذلك مصلحة للمكلف في توفير المال والوقت من أجل تحديد مركزه الضريبي والتعجّيل في استقرار أوضاعه المالية، كما فيه مصلحة للإدارة الضريبية ذاتها مما يؤدي إلى سرعة تحصيل الضرائب وقلة تكلفتها، كما يخفف عن القضاء عبئاً ثقيلاً.

ولكن في هذه الحالة يثور التساؤل عن إلزامية الاستمرار في نظر الطعن أمام تلك اللجان قبل اللجوء إلى القضاء، فقد اختلفت التشريعات في هذا الخصوص، فعلى الرغم من اعتبار المغرب مرحلة التظلم الإداري من قرار فرض الضريبة أمام لجان الطعن الضريبي اختيارياً، إلا أنه ألزم المكلف الذي اختار هذا الطريق بالاستمرار فيه حتى نهايته قبل اللجوء إلى القضاء. أما المشرع السوري فقد اتخذ موقفاً آخر في هذا المجال حين عد اللجوء إلى المرحلة الإدارية للنظر في النزاع الضريبي أمام لجان الطعن الضريبي اختيارياً بموجب المادة (32) من قانون ضريبة الدخل رقم 24/2003 وقد أكد ذلك اجتهاد محكمة القضاء الإداري بالقرار رقم (5825) في القضية رقم أساس 324 لعام 1977 "إن من طولب بضريبة أو رسم يعارض في أساس تكليفه فإن له أن يلج باب القضاء طالباً ابتداءً وانتهاءً سواء قصد لجان فرض الضريبة أمام لجان إعادة النظر أو لم يقصد"، ولكنه لم يلزم المكلف في الاستمرار في النظر حتى آخر مرحلة من مراحل التسوية الإدارية والمتمثلة في صدور قرار من لجنة إعادة النظر، وتؤكد ذلك الفقرة /ب/ من المادة (12) من قانون مجلس الدولة السوري رقم /55/ لعام 1959 التي لم تجعل التظلم في النزاع الضريبي منها وجوبياً واجتهاد المحكمة الإدارية العليا رقم (250/1) في الطعن رقم أساس (517) لعام 2001 الذي قال: "إن استمرار لجنة إعادة النظر في البت باعتراض المكلف على الرغم من تبلغها الحكم القضائي القطعي القاضي بوقف تنفيذ التكليف الضريبي يجعل من قرارها المتضمن تثبيت التكليف الضريبي منعدم الأساس القانوني ومتعين الإلغاء".

2ـ التظلم الإداري وتسديد الضريبة المفروضة من قبل الإدارة الضريبية:

سواء كان التظلم الإداري في النزاع الضريبي جوازياً أم وجوبياً فإن التشريعات الضريبية اختلفت في كون هذا التظلم يوقف تحصيل الضريبة المفروضة بحق المكلف أم لا، ففي ألمانيا تقديم التظلم الإداري من فرض الضريبة يوقف تنفيذ القرار الصادر من قبل لجنة الفرض في تحصيل الضريبة، وكذلك الحال عند التظلم منه في ضريبة الدخل في سورية، فالضريبة لا تصبح واجبة الدفع قبل الانتهاء من مهل الاعتراض عليها أمام اللجان الإدارية المختصة أو النظر في تلك الاعتراضات من قبل اللجان، ويستفاد ذلك من المادة (27) وما بعد من قانون ضريبة الدخل رقم (24) لعام 2003، أما في اليونان فإن التظلم الإداري من قرار فرض الضريبة يجب أن يرفق بتسديد جزء من قيمتها لا ينقص عن 30%.

3ـ أهمية توافر الضمانات التي تكفل فاعلية التظلم الإداري: من أجل تفعيل دور التظلم الإداري من قرار فرض الضريبة لا بد من توفير:

أ ـ الحيادية والكفاءة في عضوية لجان التظلم: لا بد من توفير ذلك في عضوية لجان التظلم الإداري كي تؤدي دورها في إنهاء النزاع الضريبي، فقد حرص المشرع على توفير ذلك في ضريبة الدخل الفرنسية، إذ وسّع المشرع الفرنسي من اختصاص تلك اللجان وقسمها إلى نوعين: لجان محلية للطعون الضريبية مؤلفة من ستة أعضاء يرأسهم قاضٍ يسميه وزير العدل واثنان يمثلان الإدارة العامة للضرائب وثلاثة يمثلون المكلف أحدهم يجب أن يكون خبيراً مالياً يحدد بواسطة الغرف التجارية والصناعية والنقابات المهنية المعنية حسب الحال، ولجنة استشارية تختص في مسائل فرض العقوبات على إساءة استخدام القانون والتعسف فيه تشكل من مستشار من مجلس الدولة ومستشار من محكمة النقض، وهذه اللجنة لها الحق في معاقبة موظفي الإدارة الضريبية والمكلفين على السواء. أما في ضريبة الدخل المصرية المفروضة بموجب المادة (120) من القانون رقم 91/2005 فتشكل لجان الطعن بقرار من وزير المالية على النحو الآتي: رئيس من غير العاملين في الإدارة الضريبية المعنية وعضوان من موظفي الإدارة الضريبية يختارهما الوزير واثنان من ذوي الخبرة يختارهما الاتحاد العام للغرف التجارية بالاشتراك مع اتحاد الصناعات المصرية من بين المحاسبين والمراجعين لشركات الأموال بالسجل العام لمزاولي المهن الحرة للمحاسبة والمراجعة، أما المشرع الضريبي السوري فلم يؤمن هذا الحياد في تشكيل لجان الطعن الضريبي سواء في ضريبة دخل الأرباح الحقيقية أم في ضريبة الدخل المقطوع فتشكل اللجان من أعضاء معظمهم ممن يمثلون الإدارة الضريبية مما يضعف من فاعلية هذه اللجان في إنهاء النزاع الضريبي والتعامل مع التظلم الإداري بالجدية اللازمة، ويستنتج ذلك من المواد (29 و33 و38 و48 و50) التي تنص على تشكيل تلك اللجان في ضريبة الأرباح الحقيقية وضريبة الدخل المقطوع في ضريبة الدخل رقم (24) لعام 2003 وتعديلاته.

3ـ كفاية الضمانات الإجرائية للنظر في التظلم الإداري: إن توفير هذه الضمانات هو الضامن الحقيقي ليكون لهذه اللجان دور جدي في إنهاء النزاع الضريبي، فإن قانون فرض ضريبة الدخل المصري ألزم اللجان أن تحدد جلسة للنظر في هذا التظلم على أن ينظر فيه بصورة سرية كما ألزم اللجنة بمناقشة جميع أوجه الخلاف الذي يتناوله التظلم، وإذا تخلف المكلف أو من يمثله عن حضور هذه الجلسة بعد تبليغه أصولاً يتم إخطاره مرة ثانية حتى تضمن اللجنة وصول الإخطار إليه على أن تكون المدة الفاصلة بين كل تبليغ والبت في الاعتراض خمسة عشر يوماً، أما في سورية فلم تشترط حضور المكلف جلسة مناقشة التظلم إلا إذا كان من فئة كبار المكلفين في التعديل الجاري على قانون ضريبة الدخل الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 51/2006. حبذا لو كان ذلك متاحاً لجميع المكلفين لا لفئة كبار المكلفين فقط.

4ـ لجان التظلم الإداري في قانون ضريبة الدخل في سورية رقم (24) لعام 2003 وتعديلاته:

أ ـ في الضريبة على أرباح المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية فئة الأرباح الحقيقية:

تقوم الضريبة على الأرباح الحقيقية على أساس تقديم الإقرار الضريبي مع مرفقاته للإدارة الضريبية، إذ يتم تحقق الضريبة استناداً إليه، فتقوم الدوائر المالية بتدقيق الإقرار، وللدوائر المالية أن تستوضح وتناقش ذوي العلاقة إذا رأت فائدة من ذلك، وإذا قبل المكلف ملاحظات الدوائر المالية يعد التعديل الناتج من ذلك جزءاً متمماً لإقراره ويحرر الضبط اللازم بذلك، ويبلغ المكلف إخباراً فردياً بالضريبة المفروضة عليه من الدوائر المالية المختصة يعد بمنزلة تكليف مؤقت بها، ويعطي المكلف بموجب المادة (29) وما بعدها من القانون مهلة /30/ يوماً لبيان اعتراضه إلى الدوائر المالية المحلية تبدأ من اليوم التالي لتبليغه الإخبار بالتكليف المؤقت أصولاً.

ـ تعرض التكاليف المعترض عليها على لجان الطعن التي تشكل في مركز كل محافظة من:

ـ مدير المالية أو من ينوب عنه في حال غيابه ويمكن تفريغ موظف رئيس لهذا الغرض رئيساً.

ـ ممثل عن إحدى الإدارات أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام الأكثر صلة بالمهنة موضوع التكليف يختاره وزير المالية من قائمة تصدر في كل سنة بالاتفاق مع الجهات ذات العلاقة عضواً.

ـ خبير يختاره وزير المالية من قائمة للخبراء تعدها وزارة المالية سنوياً بالاتفاق مع النقابات المختصة أو غرف الصناعة والتجارة عضواً.

ويكون مراقب الدخل المختص مقرراً في اللجنة ولا يشترك في التصويت فيها، وتجتمع لجنة الطعن بدعوة من رئيسها، ولا تصبح قراراتها قانونية إلا بحضور جميع أعضائها. وتتخذ قراراتها بأكثرية الأصوات، وعلى رؤساء لجان الطعن دعوة أحد ممثلي الإدارات أو الهيئات العامة أو المؤسسات أو شركات القطاع العام عوضاً عن العضو الخبير في هذه اللجان عند النظر في تكاليف القطاعين العام والمشترك.

تدرس لجنة الطعن جميع التكاليف المؤقتة المعترض عليها، وتدقق جميع البيانات والتكاليف التي تفرضها الدوائر المالية مباشرة واعتراضات المكلفين المقدمة خلال المهلة المحددة وتقرر اللجنة التكاليف بعد تعديلها عند الاقتضاء زيادة أو نقصاناً.

 يبلغ قرار اللجنة إلى كل من المعترضين والإدارة المالية (الضريبية) إخباراً فردياً مرفقاً به صورة عن قرار لجنة الطعن. وقد سمح القانون بطلب إعادة النظر لكل من المكلفين المعترضين والإدارة المالية في المادة (32) وما بعدها منه. وأشار إلى بعض حالات إعادة النظر في قرارات لجان الطعن على سبيل المثال لا الحصر، وهي:

ـ عندما يكون قرار لجنة الطعن مبنياً على وثائق غير صحيحة.

ـ عندما يعتمد التكليف على التقدير في تحديد الأرباح الصافية.

ـ عندما يكون التكليف غير متفق مع نصوص القانون والتعليمات النافذة.

ـ عندما يتخذ قرار اللجنة بالأكثرية.

أما عن مهلة طلب إعادة النظر فهي ثلاثون يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ تبليغ قرار لجنة الطعن، إذ تقدم طلبات إعادة النظر إلى الدوائر المالية وترسل مشفوعة برأيها إلى لجنة إعادة النظر وتتألف هذه اللجنة من:

ـ معاون وزير المالية لشؤون الإيرادات رئيساَ.

ـ قاض بدرجة مستشار استئناف يسميه وزير العدل عضواً.

ـ ممثل عن إحدى جهات القطاع العام الأكثر صلة بالمهنة موضوع التكليف يسميه وزير المالية بالاتفاق مع الجهات ذات العلاقة لا تقل درجته عن معاون مدير عضواً.

ـ خبير يختاره وزير المالية من قائمة الخبراء عضواً.

ـ أحد المديرين في الإدارة المركزية عضواً.

ويكون للجنة مقرر من ذوي الخبرة في ضريبة الدخل يسميه وزير المالية ولا يشترك في التصويت، وعند النظر في تكاليف القطاع العام والمشترك يمثلها في تلك اللجنة موظف ذو صلة بموضوع التكليف ويمكن تشكيل أكثر من لجنة إذا لزم الأمر، وعند ذلك يوزع العمل بين اللجان من قبل رئيس اللجنة المركزية التي يرأسها معاون وزير المالية والذي تعد لجنته اللجنة الرئيسية والبقية لجان فرعية.

تجتمع اللجنة بدعوة من رئيسها في مراكز المحافظات ذات العلاقة بالتكاليف المعروضة عليها على أن يكون الخبير من المحافظات ذات العلاقة، إلا أن إعادة النظر في التكليف لا يوقف التحصيل، ولا يمكن النظر فيه إلا بعد دفع تأمين مقداره (1000) ل.س من طالب إعادة النظر يحكم به للخزينة في حال تثبيت الضريبة نتيجة لإعادة النظر فيها إلا أنه تعاد إليه السلفة في حال حكم له جزئياً أو كلياً في طلباته.

أما عن كيفية ممارسة لجنة إعادة النظر لعملها فيتم على النحو التالي:

(1)ـ تدقيق الطلبات: تدرس اللجنة طلبات إعادة النظر استناداً إلى لوائح خطية ووثائق ثبوتية ويجوز لها أن توعز بإجراء تحقيقات إضافية أو تعيين خبراء إذا رأت ضرورة لذلك أو بناء على طلب صريح من المكلف، على أن يدفع سلفة لها على حساب النفقات خلال عشرة أيام من تاريخ طلبه تحت طائلة عدم سماع هذا الطلب.

(2)ـ حكم لجنة إعادة النظر: تحكم اللجنة بالاعتراض بقرار معلل وقطعي كما تحكم بالنفقات على الفريق غير المحق أو بجزء منها حسب الحال.

ويجوز للدوائر المالية والمكلف تقديم طلب تصحيح إلى لجنة إعادة النظر وفق الأصول السابقة بموجب المادة (37) وما بعد من القانون في الحالات التالية:

أ ـ إذا كان قرارها مبنياً على وثائق مزورة.

ب ـ إذا حكم على أحد الطرفين لعدم تقديمه مستنداً قاطعاً كان في حوزة خصمه.

ج ـ إذا لم تراع في التحقيق والحكم الأصول المبينة في القانون.

د ـ إذا لم تبت اللجنة في أحد الأسباب القانونية التي بينها خطياً أحد الطرفين.

هـ ـ إذا تضمن قرار اللجنة خطأ مادياً يؤثر في الحكم.

على أن يقدم طلب التصحيح خلال ستة أشهر في الحالة الأولى من الحالات السابق بيانها وثلاثين يوماً في الحالات الأخرى، تبدأ من اليوم التالي لتبليغ المكلف القرار المطلوب تصحيحه.

وتشكل الهيئة العامة للجان إعادة النظر في ضريبة الدخل على النحو التالي:

(1)ـ رئيس لجنة إعادة النظر الرئيسية رئيساً.

(2)ـ اثنان من القضاة الممثلين لوزارة العدل في اللجان والدوائر المذكورة يسميهما وزير المالية عضوين.

(3)ـ مدير الدخل ورئيس إحدى اللجان الإضافية للجنة إعادة النظر يسميه وزير المالية عضوين.

تختص الهيئة العامة للجان إعادة النظر بالبت في القضايا التي ترفع إليها من قبل رئيس اللجنة الرئيسية في حال تباين اجتهادات اللجان أو في حال طلب إحدى اللجان الفرعية العدول عن مبدأ اجتهادي مستقر للهيئة العامة، ولا تصح اجتماعاتها إلا بحضور جميع أعضائها وتصدر قراراتها بالأكثرية.

من الأحكام السابقة يمكن القول إن اللجان السابقة غير مستقلة في تشكيلها عن وزارة المالية ومن ثم فهي غير حيادية ولا تؤدي إلى بناء علاقة متوازنة بين المكلف والإدارة الضريبية ولا تحقق الغاية من إنشائها، أي تحقيق العدالة في التكليف وحماية المكلف من التعسف في استخدام سلطاتها والتقليل من الدعاوى القضائية لإنهاء النزاعات الضريبية وبناء الثقة المتبادلة وحسن النية والتعاون البناء بينها وبين المكلف.

ب ـ لجان الطعن في ضريبة المهن والحرف الصناعية والتجارية وغير التجارية من فئة الدخل المقطوع: تشكل لجان التصنيف بموجب المادة (48) من القانون كما يلي:

أ ـ مراقب الدخل أو موظف مالي من الفئة الأول لا تقل خبرته عن ثلاث سنوات في قسم الدخل رئيساً.

ب ـ ممثل عن الدوائر المالية يسمى بناءً على اقتراح مدير المالية عضواً.

ج ـ ممثل عن المهنة عضواً.

يمكن الملاحظة من هذا التشكيل عدم استقلالية هذه اللجان عن وزارة المالية ومن ثم عدم حياديتها كلجان ضريبة الأرباح الحقيقية إضافة إلى أن المادة (42) من القانون أعطت وزارة المالية وحدها دون أن تشاركها النقابات المعنية الحق في وضع القواعد والأسس والأصول الواجب اتباعها من قبل لجان التصنيف لتحديد المطرح الضريبي والأرباح الصافية المقدرة.

ـ واللجان الاستئنافية ليست أحسن حالاً فهي مؤلفة بموجب المادة (50) من القانون كما يلي:

أ ـ موظف مالي من الفئة الأولى لا تقل خبرته عن ثلاث سنوات في المحاسبة التجارية أو المسائل الضريبية رئيساً.

ب ـ موظف خبير في إحدى الإدارات أو الهيئات العامة أو مؤسسات وشركات القطاع العام الأكثر صلة بالمهنة موضوع التكليف تحدده وزارة المالية عضواً.

ج ـ ممثل عن المهنة عضواً عضواً.

ومما يزيد من عدم الحيادية والتوازن ومن الخلل في تشكيل تلك اللجان ما أعطي لمراقب الدخل من صلاحيات في الفقرة /أ/ من المادة (49) من القانون بعد تعديلها بالمرسوم التشريعي رقم /51/ 2006، إذ أصبح يضع تقرير التكليف وحده ليؤسس عليه قرار اللجنة زيادة أو تثبيتاً، بعد أن كانت هذه المهمة منوطة بجميع أعضاء اللجنة لا بمراقب الدخل وحده، وهذا ما يقلل من الضمانات التي يجب أن تعطى لهذه اللجان لتؤمن التوازن بين حقوق المكلف والإدارة الضريبية ويقلل من دورها في إنهاء النزاعات الضريبية مع المكلفين.

5ـ طرق إنهاء النزاع الضريبي الإدارية الأخرى:

إضافة إلى تشكيل لجان للطعن الإداري في التكليف للنظر فيه أمام لجان مستقلة نسبياً عن الإدارة الضريبية، هنالك طرق إدارية أخرى لإنهاء النزاع الضريبي، منها الاتفاق المباشر والصلح أو التصالح والتحكيم وقد اختلفت التشريعات في الأخذ بهذه الطرق.

أ ـ الاتفاق المباشر: ويتم ذلك عبر اعتراض المكلف إلى الإدارة الضريبية التي يكون من واجبها في هذه الحالة الاتصال بالمكلف والاجتماع به مباشرة من أجل البت في هذا الاعتراض وقد أخذت بهذا النظام بعض الدول، ففي كندا يوجد في كل مصلحة ضريبية، فرع للنظر في الطعون مستقل عن الإدارة التي فرضت الضريبة ويقوم الموظف المختص في ذلك الفرع بفحص الاعتراض والتشاور مع المكلف بشأنه ثم يصدر رئيس ذلك الفرع قراراً نهائياً بذلك الاعتراض، وفي الولايات المتحدة إن لم تقبل الإدارة الضريبية إقرار المكلف نتيجة فحصها، فإنها تفرض عليه ضريبة إضافية بمقدار الزيادة بين الضريبة نتيجة فحص الإدارة وإقرار المكلف، وفي هذه الحالة إما أن يقبل المكلف بذلك باتفاق يوقع بينه وبين الإدارة وإما أن يرفض ذلك وعندها يحق للمكلف طلب الاجتماع الفوري بمراقب الفحص لشرح أسباب تظلمه، وإذا لم يصل إلى اتفاق معه نتيجة هذا الاجتماع فيصبح من واجب الإدارة إرسال خطاب للمكلف تبين له فيه حقوقه في الطعن وشروط الطعن وإجراءاته مع نسخة عن التقرير، وكما توجد أنظمة شبيهة بهذا النظام في كل من أستراليا والسعودية واليمن والأردن والسودان وفلسطين وغيرها من الدول، ويكون هذا النظام فعالاً في حل النزاعات الضريبية كلما احترمت الإدارة الضريبية حقوق المكلف وأعطي جميع الضمانات لممارستها وقدم له كل عون في ذلك.

ب ـ الصلح: تجيز بعض التشريعات الضريبية أن يتفق المكلف والإدارة الضريبية على إنهاء النزاع القضائي بينهما بالصلح في بعض الحالات، سواء كان موضوع النزاع خلافاً في تحقق وتحصيل الضريبة مما تختص به المحاكم العادية أو الإدارية أم كان موضوعه جريمة ضريبية تنظر أمام المحاكم الجزائية، وهو نظام يفيد كلاً من المكلف والإدارة الضريبية، فمن ناحية المكلف يعفيه من عقوبة أشد ويوفر عليه تعطيل نشاطه أو الإساءة لسمعته، ومن ناحية الإدارة الضريبية يمكنها من تحصيل الضريبة والغرامات والتعويضات التي تترتب على الصلح في وقت مبكر وجهد أقل فيما لو استمر النزاع الضريبي بينها وبين المكلف، ولكن مع ذلك فإن نظام الصلح لا يخلو من النقد كونه يوفر للمكلف فرصة للإفلات من العقوبة وقد يشجعه على التمادي في المخالفة، ومع ذلك فهو مفيدٌ في بعض الحالات: فمعظم التشريعات الجمركية تأخذ بنظام التسويات الذي يعد صلحاً كما هو الحال في قانون الجمارك السوري رقم (38) لعام 2006، وقد أخذت السودان في إطار قانون ضريبة دخلها عام 1986 بنظام الصلح، إذ يقر هذا القانون بعدم جواز تقديم أي شخص للمحاكمة عن أي جريمة بمخالفة ذلك القانون إلا بموافقة وزير العدل وبناء على توصية من الأمين العام للمصلحة الذي يمكن له تسويتها بالصلح وذلك بدفع غرامة لا تتجاوز مبلغ الغرامة التي سوف يعاقب بها إذا أدين في تلك الجريمة، وهنالك نظام مشابه للنظام السابق في قانون ضريبة الدخل الفلسطيني رقم 13/2004. في المادة (39) منه وغيرها من الدول، وفلسفة الصلح تكمن في حث المكلف على دفع الضريبة المترتبة عليه مع الغرامات التي تحددها الإدارة الضريبية نتيجة للمخالفة المرتكبة وفي ذلك فائدة كبيرة للإدارة الضريبية.

ج ـ التحكيم: اختلف الفقهاء في جواز التحكيم في النزاعات الضريبية وانقسموا إلى ثلاثة آراء:

الأول: عدم جواز التحكيم في المسائل الضريبية لأن التحكيم يتم في عقود التراضي والضرائب تقوم على أسس تنظيمية يحكمها القانون كما أنه قد يهدد مصلحة الخزينة العامة.

الثاني: فرّق بين النزاع الذي يتعلق بمدى التزام المكلف بدفع الضريبة وهو لا يجوز الصلح فيه بحسبانه نزاعاً متعلقاً بالنظام العام وبين النزاع حول المبلغ الذي يستحق على المكلف بحسبانه في هذه الحالة نزاعاً على دين الضريبة وفي هذه الحالة يجوز الصلح فيها ويمكن التحكيم.

والثالث: يرى أن التحكيم جائز في المسائل الضريبية سواء كان النزاع موضوع التحكيم يتعلق بالتزام المكلف بالضريبة أم بمقدار الضريبة في حال سمح قانون فرض الضريبة بذلك، وسمح القانون بالتحكيم الجاري بموجبه بالطعن في الحكم التحكيمي، كما هو الحال في قانون التحكيم السوري رقم /4/ لعام 2008 في المادة (49) التي سمحت بالادعاء ببطلان الحكم التحكيمي، إلا أن قانون ضريبة الدخل السوري لم يسمح باللجوء إلى هذه الطريقة لحل النزاع الضريبي، ومن ثم يمكن القول معه إن التحكيم في إطار قانون ضريبة الدخل السوري غير جائز.

التشريعات الضريبية في الغالب تسمح بالتحكيم في الضرائب الجمركية كما هو الحال في قانون الجمارك السوري رقم /38/ لعام 2006 في المادة (89) وما بعد منه، كما تسمح بالتحكيم في الضريبة على القيمة المضافة كما هو الحال في ضريبة المبيعات المصري رقم 11/1999 في المادة (17) منه، كما قد يسمح بالتحكيم في إطار قانون ضريبة الدخل عندما يكون طرفا التحكيم إدارة عامة كما هو الحال في القانون رقم 97 لعام 1983 في مصر، كما سمح بالتحكيم الضريبي في إطار النزاعات الضريبية الدولية كما هو الحال في إطار حل النزاعات الضريبية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي إذ اتفقت الدول الأعضاء على حل تلك النزاعات عن طريق التحكيم في اتفاقية وقعت فيما بينها عام 1990 ودخلت حيز التنفيذ في عام 1995.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ رمضان صديق، إنهاء المنازعة الضريبية الناشئة عن تطبيق القوانين الضريبية والاتفاقيات الدولية (دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة 2006).

ـ محي محمد سعد، الإطار القانوني للعلاقة بين الممول والإدارة الضريبية (مكتبة ومطبعة الاشعاع الفنية، الإسكندرية 1998).

ـ إبراهيم عبد العزيز النجار، نحو تفعيل المرحلة الإدارة لتسوية المنازعات الضريبية (الدار الجامعية، الإسكندرية 2008).

ـ شريف مصباح أبو كرش، إدارة المنازعات الضريبية في ربط وتحصيل الضريبة (دار المناهج للنشر والتوزيع، ط1، عمان 2004).

ـ زكريا محمد بيومي، المنازعات الضريبية في ضريبة المبيعات (دار الكتب القانونية، المحلة الكبرى 1993).

ـ عبد الله صعيدي، قانون الضريبة على الدخل في مصر (دار النهضة العربية، ، ط1، القاهرة 2006).

ـ محمد خير العكام، «الضريبة على المهن الحرة ولجان الطعن الضريبي في ظل قانون ضريبة الدخل رقم 24/2003 وتعديلاته»، مجلة الميزان، العدد رقم /2/ دمشق، حزيران، 2008.


التصنيف : القانون المالي
النوع : القانون المالي
المجلد: المجلد الرابع: الرضاع ــ الضمان المصرفي
رقم الصفحة ضمن المجلد : 500
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 603
الكل : 31543252
اليوم : 59657