logo

logo

logo

logo

logo

جرائم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية

جرايم اعتداء علي ملكيه ادبيه وفنيه

offenses of infringement of literary and artistic property - offenses d’infraction à propriété littéraire et artistique

 جرائم الاعتداء على الملكية الأدب

جرائم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية

عيسى مخول

 الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وفقاً للقانون رقم (12) لعام 2001

الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وفقاً لقانون العقوبات

 

«أنا أفكر إذاً أنا موجود»، قول شهير لديكارت عبر فيه عن فكرة مهمة مغزاها أن الأفكار أمر ضروري لاستمرار البشرية وتقدمها. وما إنتاجات العالم الأدبية والفنية اليوم إلا امتداد لإنتاجات البشرية على مر العصور. فالفكرة الجيدة كفرخ الطير ما يلبث أن ينبت له جناحان، ويطير من دون اعتراف منه بحدود زمان أو مكان، وخصوصاً في العصر الحالي الذي يتميز بالتطور الكبير لوسائل الاتصالات الحديثة، حيث أصبح أي عمل أدبي أو فني بأقصى الأرض في متناول يد أي إنسان في أقصاها الآخر. ومن أسوأ ما قد يحصل هو وقوع هذه الإبداعات في أيدي قراصنة الفكر والاستفادة منها من دون أي عناء أو تعب وفقدان مبدعها الأصلي لحق الاستفادة منها.

إذاً أليست حماية الملكية الأدبية والفنية أحد أهم عوامل الإبداع والبحث العلمي لأي مجتمع يطمح إلى التقدم! فكيف يمكن لأي مبدع أو مؤلف أن يبذل ماله وفنه وعصارة فكره من دون إصدار قوانين لحماية حقوقه الأدبية والفنية؟

وفي الجمهورية العربية السورية وعلى الرغم من أن القانون رقم (12) الصادر بتاريخ 27 شباط/فبراير 2001 يعدّ أول تشريع سوري ينص على حقوق المؤلف على نحو مستقل عن قانون العقوبات فإننا لا نستطيع أن نغفل الحماية الواردة في قانون العقوبات بما يتضمنه من نصوص لحماية الملكية الأدبية والفنية.

ولذلك سيتم دراسة جرائم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وفقاً للقانون رقم /12/ الصادر بتاريخ 27 شباط/فبراير 2001، وقانون العقوبات العام.

أولاً - الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وفقاً للقانون رقم (12) لعام 2001:

أضحت الحاجة ماسة في خضم التطور التكنولوجي للاتصالات إلى إعادة تأكيد مبدأ الحماية الجزائية لحقوق الأدباء والفنانين. فصدر القانون رقم (12) بتاريخ 27 شباط/فبراير 2001 المتعلق بحماية حقوق المؤلف، ويقضي القانون بحماية حقوق المبدعين والمفكرين في شتى ميادين الأدب والفنون من مختلف أشكال العبث، سواءً بالانتحال أم بالتشويه، أم بالطمس، أم بأي شكل من أشكال المس بهذا النتاج وبنسبته إلى صاحب الحق فيه.

وقد عرفت المادة الأولى من هذا القانون لفظ المصنف بأنه «الوعاء المعرفي الذي يحمل إنتاجاً أدبياً أو علمياً أو فنياً مبتكراً مهما كان نوعه أو أهميته أو طريقة التعبير فيه أو الغرض من تصنيفه».

وتتمتع جميع المصنفات بالحماية وفق أحكام هذا القانون، وتشمل الحماية بصفة خاصة - وفقاً لنص المادة الثالثة - ما يلي:

1) المصنفات المكتوبة مثل الكتب والكتيبات والنشرات والمخطوطات والمحاضرات وما شابهها من المواد المكتوبة.

2) المصنفات الفنية و المسرحية والموسيقية سواء أكانت منوطة أم لا مصحوبة بكلمات أم لا والسينمائية والإذاعية والتلفزيونية والغنائية والتوزيع الموسيقي وتصميم الرقصات والتمثيل الإيمائي.

3) مصنفات الفنون التشكيلية والتطبيقية والتصوير الفوتوغرافي.

4) مصنفات المصورات والخرائط الجغرافية والتصاميم والمخططات المتصلة بالطبوغرافيا أو بفن العمارة أو بالعلوم.

5) مصنفات البرمجيات الحاسوبية بما في ذلك وثائق تصميمها ومجموعات البيانات، وتشمل الحماية عنوان المصنف إلا إذا كان العنوان لفظاً جارياً للدلالة على موضوع المصنف المادة (3/هـ).

ويستثنى من الحماية: 

1) مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والمراسيم والأنظمة والاتفاقات الدولية والأحكام القضائية وقرارات الهيئات الإدارية وسائر الوثائق الرسمية، وكذلك الترجمات الرسمية لها. 

2) الأنباء اليومية المنشورة أو المذاعة أو المبلغة علناً. 

من جهة أخرى، حدد القانون رقم (12) لعام 2001 الأفعال التي تكون جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية حيث نصت المادة (40) على أنه:

يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبغرامة لا تقل عن مائة ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين: 

1) كل من اعتدى على أي حق من الحقوق المشمولة بالحماية في المواد /7،6،5/ من هذا القانون.

2) كل من نسب لنفسه مصنفاً ليس من تأليفه. 

3) كل من تصرف أو حاز أو عرض للبيع أو أذاع على الجمهور بأية وسيلة كانت، أو أدخل إلى أراضي الجمهورية العربية السورية مصنفاً؛ مخالفاً بذلك أحكام الحماية المقررة بموجب هذا القانون بقصد الاستغلال التجاري. 

4) كل من أعاد في الجمهورية العربية السورية إنتاج مصنفات محمية مخالفاً أحكام هذا القانون، وكذلك كل من باع هذه المصنفات أو أصدرها أو تولى نقلها ونشرها وتأجيرها وهو يعلم بالمخالفة، وتتعدد العقوبات بتعدد المصنفات موضوع الاعتداء.

إن نص المادة /40/ يبين أن المشرع السوري قد حدد موضوع جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وعقوبتها، وحدد ركنيها المادي والمعنوي.

1- أركان الجريمة:

سيُبين أولاً ماهية الأفعال التي يتكون منها الركن المادي لجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية قبل أن يُبين القصد الجزائي المطلوب توافره لدى فاعلها. ولكن قبل البدء في ذلك فإن ثمة عنصراً أساسياً لا تتوافر جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية في جميع صورها إلا بتوافره، يتمثل في انتفاء إذن المؤلف.

الركن الأول: انتفاء إذن المؤلف:

لابد أولاً من تعريف المؤلف، فهو الشخص الذي يخرج الفكرة من إطارها الذاتي الداخلي للعالم الخارجي في مصنفات متنوعة ومختلفة، بحيث يكون لها أثر خاص متميز عما سبقه.

يمثل رضا المؤلف الشخصي ضرورة لا غنى عنها ليس فقط فيما يرجع إلى القرار المبدئي الذي يكشف المؤلف أو الفنان النقاب عن الإنتاج، وإنما أيضاً فيما يرجع إلى أي عمل لا حق من شأنه تغيير الاستغلال الأولي في شكله مثل الترجمة؛ أو نطاقه مثل إعادة الطباعة، وبصفة عامة كل وجه من وجوه الاستغلال الممكنة. 

من هنا كان ضمن الشروط التي يتحقق بها الوجود القانوني لهذه الجريمة هو انعدام إذن المفكر أو الفنان أو من يقوم مقامه. وهذا ما شدّدت عليه نصوص المواد (5) و(6) و(14) من القانون رقم 12 لعام 2001.

فقد جاء في نص المادة /5/ أن لمؤلف المصنف المشمول بالحماية وحده الحق في تقرير نشر مصنفه، وفي اختيار طريقة هذا النشر، وله وحده ولمن يأذن له خطياً حق استثمار مصنفه مالياً بأي وسيلة أو شكل كان، ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون إذن كتابي منه أو ممن يخلفه، ونصت المـادة /6/ على أنه للمؤلف إدخال ما يرى من التعديل أو التحوير على مصنفه، وله الحق في ترجمته إلى لغة أخرى، ولا يجوز لغيره أن يمارس ذلك إلا بإذن كتابي منه أو ممن يخلفه.  ونحت المادة /14/ المنحى نفسه حينما أكدت أنه يحق للمؤلف أن ينقل إلى غيره الحق في مباشرة حقوق الاستثمار المنصوص عليها في المادتين /5، 6/ من هذا القانون، ويكون ذلك بصورة كتابية وبتحديد واضح لكل حق في التصرف على حدة. 

فمناط هذه الجريمة هو قيام المعتدي بممارسة واحدة أو أكثر من الصلاحيات الاستئثارية المقررة قانوناً للمؤلف. وإن المشرع السوري حينما سعى إلى تأمين الحماية الجزائية اللازمة لحقوق الملكية الأدبية والفنية لم يجد بداً من إفراغ الأعمال المادية التي تتحقق بها هذه الجريمة في قالب مفتوح يتسع لطائفة كبيرة ومتنوعة من الوقائع الماسة بحقوق المؤلف.

الركن الثاني: الركن المادي:

لا بد من تحديد الأفعال الداخلة في تكوين هذه الجريمة، وبموجب هذه الأفعال يتم الاعتداء على حق من حقوق المؤلف. وقد عرفت المادة الأولى هذه الحقوق بأنها مجموعة المصالح المعنوية والمادية التي تثبت للشخص على مصنفه. وهذه هي الأفعال الأصلية والملحقة التي تكون الركن المادي لهذه الجريمة.

أ) الأفعال الأصلية لجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية:

عاقبت المادة /40/ من القانون رقم (12) لعام 2001 كل من يعتدي على حق من الحقوق المنصوص عليها في المواد/5 و6 و7/، لذلك لابد من بيان الأفعال التي يعتدى بها على هذه الحقوق؛ وبالتالي تشكل الركن المادي لجريمة المساس بالحقوق الأدبية والفنية. وتقسم هذه الاعتداءات إلى ثلاثة أنواع: الاعتداء الواقع على حق المؤلف في تقرير نشر مصنفه، الاعتداء الواقع على حق المؤلف في تعديل مصنفه، والاعتداء الواقع على حق المؤلف في نسبة المصنف إليه.

 qالاعتداء الواقع على حق المؤلف في تقرير نشر مصنفه:

إن للمؤلف وحده الحق في نشر مصنفه، وله سلطة الاستئثار بنتاج جهده الفكري وفقاً للمادة (5)، فللمؤلف حق نشر مصنفه بنفسه أو بواسطة غيره، ويكون ذلك بنسخ صور للمصنف تكون في متناول الجمهور، فيجوز لأي فرد أن يحصل على نسخة من المصنف بمقابل أو بغير مقابل كما يقع أحياناً. فمن حصل على نسخة من المصنف سواء من المؤلف أم الناشر لا يجوز له استعمال هذه النسخة إلا لمنفعته الشخصية، فله أن يقرأ نسخة الكتاب التي اشتراها وأن يشاهد الفيلم الذي استأجره، ولكن ليس له أن يباشر على النسخة حقوق المؤلف أو الناشر، فليس له أن يعرض الفيلم على الجمهور في صالة من صالات العرض. وفي حال ارتكابه أي فعل يعدّ اعتداء على حقوق المؤلف في نشر مصنفه يكون عرضة للعقوبة المنصوص عليها في المادة /40/.

q الاعتداء الواقع على حق المؤلف في تعديل مصنفه:

إن للمؤلف حق إدخال ما يرى من التعديل على مصنفه وفقاً للمادة /6/، ومن أهم صور ذلك تلخيص المصنف أو تحويله من لون من ألوان الآداب أو الفنون إلى لون آخر كتحويل الرواية إلى مسرحية أو فيلم سينمائي. فجميع هذه الصور هي من حق مؤلف المصنف الأصلي. فإذا اعتدى أحد على هذا الحق؛ فلصاحب الحق الأصلي أن يمنع هذا الاعتداء؛ فيوقف أي حذف أو تغيير يقع بغير إذنه، ويكون المعتدي عرضة للعقوبة المنصوص عليها في المادة /40/.

q الاعتداء الواقع على حق المؤلف في نسبة المصنف إليه:

إن للمؤلف الحق في نسبة المصنف إليه، فيكتب اسمه ولقبه ومؤهلاته العلمية وغير ذلك على كل نسخة من نسخ المصنف الذي ينشره ليتعرفه الناس. ويستتبع ذلك أن من يقتبس شيئاً من مصنفه يجب عليه أن يشير إلى اسمه وإلى المصنف. ويكون المعتدي على هذا الحق أيضاً عرضة للعقوبة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة /40/. ولكن التحليلات والاقتباسات القصيرة من المصنف بعد نشره لا تعدّ مساً بحقوق المؤلف إذا قصد بها النقد أو المناقشة أو التثقيف أو الإخبار مادامت تشير إلى المصنف واسم المؤلف إذا كان معروفاً. 

ب) الأفعال الملحقة لجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية:

نصت المادة (40) على مجموعة من الأفعال التي ألحقها المشرع بجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية، وعاقب عليها بالعقوبة المقررة لعقوبة الأفعال الأصلية نفسها. وتقسم هذه الاعتداءات إلى ثلاثة أنواع: الأول يتعلق بطرح المصنف المقلد للتداول، والثاني يتعلق بإنتاج المصنفات المقلدة، والثالث يتعلق باستيراد المصنفات المقلدة.

q طرح المصنف المقلد للتداول:

يتحقق عرض المصنف المقلد للتداول بمجرد وضعه في متناول الجمهور؛ دونما نظر لما يبدي حياله من إقبال أو إحجام. فالعرض للبيع يقوم قانوناً ولو لم يحصل البيع فعلاً؛ وبالتالي فإن مجرد ضبط نسخ مقلدة معروضة في إحدى المكتبات يكون بحد ذاته كافياً لتبرير إيقاع العقوبة. وقد حرص المشرع السوري على تحصين حقوق الملكية الأدبية والفنية ضد كل ما يقع عليها من اعتداءات، فلم يكتفِ بالنص على حالة عرض المصنف للبيع فقط، وإنما تجاوزها لشمل كل واقعة عرض أو طرح للتداول أو إذاعة المصنف على الجمهور بأي وسيلة كانت. فمن يقوم بتأجير مصنف مقلد إنما يقوم في واقع الأمر بإظهاره بين الناس وإذاعته عليهم؛ مما يجعله عرضة للعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (3) من المادة /40/.

q إنتاج المصنفات المقلدة:

يتمثل الاعتداء بإتيان كل فعل يتحقق به استنساخ مصنف أصلي مخالفاً بذلك أحكام القانون؛ أي من دون الموافقة الصريحة من صاحبه. وتطبق العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (4) من المادة (40) على كل من أصدر هذه المصنفات المقلدة أو نقلها أو نشرها أو أجرها.

q استيراد المصنفات المقلدة:

يبدو اهتمام المشرع بحماية المصنفات المستوردة من الخارج من أي اعتداء ينالها واضحاً من خلال نص المادة /46/ من القانون رقم (12) لعام 2001 الذي جاء فيها أنه على جميع المحلات المرخص لها بنشر المصنفات في الجمهورية العربية السورية أن تحوز - فيما يتعلق بالمصنفات المعدة خارج البلاد - بياناً يوضح مصدر هذه المصنفات والإذن أو الاتفاق الذي يخوله القيام بالنسخ أو التوزيع أو البيع.

فالاعتداء على حق الملكية الأدبية والفنية يتحقق مع كل عملية استيراد إلى أرض الجمهورية العربية السورية كلما ثبت نشر المصنفات أو نسخها أو توزيعها أو بيعها من دون وجود الإذن أو الاتفاق الذي يخوله ذلك؛ وبالتالي يعاقب الفاعل بموجب الفقرة الثالثة من المادة /40/ من القانون رقم /12/ لعام 2001.

الركن الثالث: الركن المعنوي:

تتطلب جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية توافر القصد الجرمي العام لدى الفاعل؛ أي إثبات نية الفاعل المتجهة نحو ارتكاب الفعل المجرم، فمن يقوم بإعادة طباعة كتاب على عدة نسخ لعرضها في السوق يكون مرتكباً لهذه الجريمة بمجرد أنه قام بالطبع وهو عالم أنه يعتدي على حق المؤلف الشرعي ويريد ذلك. ولكن هل المشرع السوري اكتفى بتوافر القصد العام في جميع الأفعال التي تعدّ جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية؟

في الواقع بالرجوع إلى نص المادة /40/ في فقرتها الثالثة - أي فيما يتعلق بالأفعال التي يتم من خلالها طرح المصنف المقلد للتداول بأي وسيلة - فإن المشرع تطلب القصد الجرمي الخاص حيث اشترط أن تقع هذه الأفعال بقصد الاستغلال التجاري. أما فيما يتعلق بالأفعال الأخرى المكونة لجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية؛ فاكتفى المشرع بالقصد الجرمي العام.

2- العقوبة:

نص القانون رقم (12) لعام 2001 على مجموعة من العقوبات السالبة للحرية والمالية والنفسية التي يمكن أن تفرض سواء على الشخص الطبيعي، أم الاعتباري الذي ارتكب إحدى الاعتداءات المنصوص عليها في هذا القانون.

فنصت المادة /40/ من القانون رقم (12) لعام 2001 على العقوبة المفروضة على أحد الاعتداءات على حق الملكية الأدبية والفنية، وهي عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبغرامة لا تقل عن مئة ألف ليرة سورية أو بإحدى هاتين العقوبتين. وتتعدد العقوبات بتعدد المصنفات موضوع الاعتداء. وشددت المادة /41/ من القانون ذاته العقوبة المنصوص عليها في المـادة (40) في حال التكرار بحيث تصبح ضعفها.

وتضمنت المادة /42/ العقوبة التي يمكن الحكم بها على الشخص الاعتباري، فيجوز للمحكمة أن تقضي بإغلاق المنشآت التي استغلها المخالفون أو شركاؤهم في ارتكاب فعلهم لمدة معيّنة أو نهائياً، ويجوز للمحكمة أن تقضي بمصادرة جميع الأدوات والأجهزة المخصصة للنشر غير المشروع الذي وقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون والتي لا تصلح إلا لهذا النشر.

ويجوز للمحكمة أن تقرر عقوبة نفسية تتمثل بنشر الحكم في صحيفة واحدة أو أكثر على نفقة المحكوم عليه.  و يحق لوزارة الثقافة أن تصادر أو تطلب مصادرة جميع نسخ المصنف المعاد إنتاجها خلافاً لأحكام هذا القانون. 

ثانياً- الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية وفقاً لقانون العقوبات:

أفرد المشرع السوري لحماية حقوق الملكية الأدبية والفنية المواد (708) حتى (715) من قانون العقوبات. ومن خلال دراسة نصوص هذه المواد سيتم تناول أولاً أركان جريمة الاعتداء على الملكية الأدبية و الفنية قبل البحث في عقوبتها.

1- أركان الجريمة:

يتألف النموذج القانوني لهذه الجريمة من ثلاثة أركان:

الركن الأول: موضوع الجريمة:

إن موضوع هذه الجريمة هو إحدى العناصر الفنية والأدبية المعددة في المادة /708/:

«يعتبر أثراً أدبياً أو فنياً بالمعنى المقصود في هذا الفصل كل إنتاج فكري مهما كانت قيمته وسواء أكان خطياً كالكتب والكراريس والجرائد والخطب والمحاضرات أو صوتياً كالموسيقى أو بالحركة كالرقص والتمثيل الصامت أو صناعياً كالبناء والنحت والرسم والنقش والسينما والتصوير».

وقد ألحقت المادة /709/ بهذه العناصر ما يلي:

1) الترجمة والتكييف والتهذيب والنقل على ألا تمس حقوق منشئ الأثر الأصلي.

2) مجموعة القطع المنتجة ومجموعات الآثار التي يكسبها جمعها بمؤلف واحد صبغة خاصة.

3) نقل الخطب والمحاضرات ودروس الأساتذة وكل تعبير شفوي عن الفكر سواء بالكتابة أم بالآلات الناطقة.

4) نقل نصوص المخطوطات القديمة ونشرها على أن يكون لكل شخص حق نشرها أو نقلها مباشرة.

في حين أن المادة /711/ من قانون العقوبات تنص على أنه لا تسري أحكام هذه الجريمة على:

1) الاقتباس عن أثر أدبي أو فني أو علمي لأجل تأليف الكتب المدرسية والتحليل والاستشهاد وفي معرض مقالة أو كتاب انتقادي شرط أن يذكر المصدر.

2) الوثائق الرسمية الصادرة عن السلطة والقرارات القضائية والمرافعات والخطب الملقاة في المجتمعات العامة والمجالس الرسمية. على أن حق جمع الخطب و المرافعات العائدة لمؤلف واحد في نشرة واحدة يعود لهذا المؤلف وحده.

الركن الثاني: الركن المادي:

يتحقق الركن المادي لهذه الجريمة:

(1) إما وفقاً لما نصت عليه المادة /712/ وذلك بوضع اسم مغتصب على الأثــــــــــــــــر الأدبي أو الفني أو بتقليد إمضاء المــــــــؤلف أو الإشارة التي يستعملها، أو المـــــــــــادة /713/ بتقليد الأثر الأدبي أو الفني سواء أصبح ملكاً للعموم أم لم يصبح. وفي هذه الحالة تكون عقوبة الفاعل بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من 100 إلى 500 ل.س أو بإحدى هاتين العقوبتين.

(2) وإما وفقاً لما نصت عليه المادة /714/ بإتيان عمل من شأنه أن يمس بحقوق الملكية الأدبية والفنية المضمونة بالقوانين والمعاهدات إما بالطبع أو النقل أو بالترجمة أو التهذيب أو الإسهاب أو بالتكييف أو النقل لفن آخر أو بالتمثيل أو العزف أو التلاوة أو الإلقاء على العموم. وفي هذه الحالة تكون عقوبة الفاعل الغرامة من 100 إلى 250 ليرة سورية وبالحبس حتى سنة.

الركن الثالث: الركن المعنوي:

بالنسبة إلى الجريمة المنصوص عليها في المادة /712/ فلا يكفي توافر القصد الجرمي العام، بل يتطلب توافر قصد خاص، وهو قصد الغش أو قصد الربح. حيث جاء في نص هذه المادة: «كل من وضع بنية الغش اسماً مغتصباً على أثر أدبي و فني، كل من قلد إمضاء المؤلف أو الإشارة التي يستعملها بقصد غش المشتري أو لجني الربح غير المشروع».

أما فيما يتعلق بالجرائم المنصوص عليها في المواد /713 و714/ فيكفي لقيام الجريمة توافر القصد الجرمي العام. أي أن يتوافر لدى الفاعل العلم بأنه يقوم بالاعتداء على حق من حقوق الملكية الأدبية والفنية، وأن تتوافر لديه إرادة القيام بذلك.

2- العقوبة:

نص قانون العقوبات على مجموعة من العقوبات السالبة للحرية والمالية والنفسية التي يمكن أن تفرض على الشخص الذي ارتكب إحدى الاعتداءات المنصوص عليها في هذا القانون. فإضافة إلى عقوبتي الحبس والغرامة، يمكن الحكم على الجاني بنشر الحكم، ويمكن للقاضي أن يقضي بالحرمان من الحقوق التالية: الحق من أن يكون ناخباً أو منتخباً في جميع مجالس الدولة، والحق في أن يكون ناخباً أو منتخباً في جميع منظمات الطوائف والنقابات. إضافة إلى ذلك - وفي حال التكرار - يمكن أن يحكم القاضي بمنع المجرم من ممارسة التجارة أو الصناعة التي حصل الجرم في أثناء ممارستها.

بعد التعريف بالنصوص الجزائية المتعلقة بحماية الملكية الأدبية والفنية سواء المنصوص عليها في القانون رقم (12) لعام 2001 أم المنصوص عليها في قانون العقوبات يتبين وجود تشابه في الأفعال المنصوص عليها في القانونين؛ أي إن هناك تشابهاً في الأفعال المادية المكونة لجريمة الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية في هذين القانونين، ولكن العقوبة المقررة تختلف في قانون العقوبات عنها في القانون رقم 12 لعام 2001. هذا الأمر سيخلق مشكلة للقضاء الجزائي في تطبيق هذه القوانين عندما تعرض عليه القضايا المتعلقة بحماية الملكية الأدبية والفنية، ومثال ذلك الاعتداء على حق المؤلف في تقرير طبع مصنفه المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (40) من القانون رقم (12) لعام 2001 والمنصوص عليها أيضاً في المادة (714) من قانون العقوبات حيث نص كل منهما على عقوبة مختلفة عن الآخر.

ولذلك لابد من جمع كل النصوص الجزائية المتعلقة بحماية الملكية الأدبية والفنية في قانون واحد؛ بحيث يشمل هذا القانون كل الاعتداءات الواقعة على حق الملكية الأدبية والفنية.

مراجع للاستزادة:

 

- أسامة عبد الله قايد، الحماية الجنائية لحق المؤلف (دار النهضة العربية، القاهرة 1991).

- أنور طلبة، حقوق الملكية الفكرية (المكتب الجامعي الحديث، الإسكندرية 2006).

- جورج جبور، الملكية الفكرية لحقوق المؤلف (دار الفكر المعاصر، بيروت 1996).

- عبد الحفيظ بلقاضي، مفهوم حق المؤلف وحدود حمايته جنائياً (دار الأمان للنشر).

- محمد حسام محمود لطفي، المرجع العملي في الملكية الأدبية والفنية (مطبعة القاهرة، 1996).

- محمد واصل، الحقوق الملازمة للشخصية (الطبعة الأولى، 1995).

- نعيم مغبغب، الملكية الأدبية والفنية والحقوق المجاورة، دراسة في القانون المقارن (الطبعة الأولى، 2000).

- نواف كنعان، النماذج المعاصرة لحق المؤلف ووسائل حمايته (دار الثقافة، الأردن 1992).

 


التصنيف : القانون الجزائي
النوع : القانون الجزائي
المجلد: المجلد الثاني: بطاقة الائتمان ــ الجرائم الواقعة على السلطة العامة
رقم الصفحة ضمن المجلد : 313
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 555
الكل : 31200440
اليوم : 25597