logo

logo

logo

logo

logo

الغرناوية (الساركوئيد)

غرناويه (ساركوييد)

sarcoidosis - sarcoïdose



الغرناوية (الساركوئيد)

 

محمود نديم المميز

 الأسباب الصفحة السريرية
الآلية المناعية التشخيص
التشريح المرضي التطور والإنذار
الاضطرابات الوظيفية المعالجة
الساركوئيد الصدري  

 

 

الساركوئيد Sarcoidosis مرض جهازي مجهول السبب أول من وصفه هتشنسون Hutchinson منذ نحو القرن، منتشر في مناطق مختلفة من العالم ولكنه أكثر انتشاراً في الدول الاسكندنافية وبين السود الأمريكيين والهنود الغربيين والإيرلنديين، ونسبة إصابة النساء فيه ضعف إصابة الرجال، يصادف في كل الأعمار ولكنه يكثر بين سن 20 و40.

أكثر ما يصيب هذا المرض الرئتين والعقد البلغمية المحيطية والطحال والكبد والأمعاء والعظام والجملة العصبية المركزية والغدد النكفية والغدد الدمعية والقلب. إلا أن الإصابات الصدرية هي الأكثر حدوثاً وهي السبب غالباً في تعطيل المريض والوفاة نتيجة القصور التنفسي المؤدي إلى حدوث القلب الرئوي.

 الأسباب

الساركوئيد تفاعل ورمي حبيبي غير متجبن من النوع المشاهد في المستأرجات allergen غير القابلة للانحلال ولم يُميز لها عامل مسبب مؤكد، وهو مرض غير معد بالرغم من ملاحظة زيادة حدوثه زيادة طفيفة في بعض العائلات.

اتهمت في إحداث الآفة عوامل كثيرة منها: الڤيروسات والمتفطرات وغبار طلع أشجار الصنوبر والفطور، لكن أكثر النظريات قبولاً هي أن الساركوئيد تفاعل غير عادي لعوامل مخرشة أو عدوانية، وقد دعا تشابه الورم الحبيبي في التدرن والساركوئيد إلى الشك في أن يكون العامل المسبب عصيات السل غير النموذجية، لكن عدم عزل العامل المسبب وغياب عصية كوخ والتفاعل التوبركولوني السلبي في غالبية المرضى وعدم الاستجابة للمعالجة الدرنية ينفي إمكان ارتباطها بالسل؛ ولاسيما أن العديد من العضويات يمكن أن تحدث تفاعلاً التهابياً مشابهاً للورم الحبيبي الغرناوي ولكن لم يذكر وجود علاقة لأي منها بالآفة.

الآلية المناعية

يدخل العامل المسبب غالباً عن طريق الاستنشاق، وتتسرب الخلايا المناعية إلى الرئتين نتيجة لذلك، فيحدث التهاب الأسناخ الذي تكثر فيه الخلايا اللمفاوية وخاصة اللمفاويات «ت» (T) المفعلة من نوع الخلايا المساعدة helper cell وينقص عددها في الدوران بسبب استنـزافها من الدم المحيطي، وتفرز خلايا «ت» (T) المفعلة عوامل جاذبة للوحيدات تعزز الوحيدات والبالعات في الأسناخ وتؤدي إلى تشكل الورم الحبيبي granuloma ويرافق تفعل البالعات تشكل الخلايا العرطلة والبشرانية في الورم الحبيبي، كما تزداد الفعالية الاستقلابية يرافقها ارتفاع مستوى الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE) في النسيج الرئوي والسائل السنخي القصبي والمصل إضافة إلى أن زيادة فعالية خلايا (T) تحرض خلايا (B)؛ مما يؤدي إلى ارتفاع الغلوبولينات المناعية ج (IGg) في المصل والأضداد الدورانية والمركبات المناعية.

ويؤدي تفعيل البالعات إلى تنشيط الأرومات الليفية fibroblast وتكاثر النسيج الليفي موضعياً وتشكل الألياف الشبكية حول الورم الحبيبي وبالتالي حدوث التليف fibrosis. ومن العلامات المميزة للساركوئيد فقد الاستجابة التحسسية من النمظ المتأخر الثالث (III)، تحدث في ثلثي المرضى تجاه التفاعل التوبركوليني وتجاه التفاعل الجلدي للمبيضات البيض Candida والنكاف mumps. أما التفاعلات المناعية من النموذج (I) و (II) فلا تتأثر، إلا أن كمون التفاعلات المناعية هذا ليس نوعياً بالنسبة إلى الساركوئيد؛ بل يحدث أيضاً في داء هودجكن وفي المصابين بالهزال وباليوريمية والمرضى الذين يعالجون شعاعياً أو يتناولون الأدوية المثبطة للمناعة والمرضى الذين استؤصلت فيهم الغدة السعترية thymus.

التشريح المرضي

يتشكل الورم الحبيبي (الحبيبوم) في الساركوئيد من زمرة من البالعات الكبيرة تعرف بالخلايا الظهارانية epithelioid وبعض الخلايا العرطلة متعددة النوع من نوع لانغهانس Langhans التي تشابه تماماً الخلايا العرطلة المشاهدة في التدرن والتي لا يقل عدد نواها عن 40 نواة محاطة بحلقة من اللمفاويات. ويشاهد عادة ضمن الخلايا الظهارانية اندخال خلوي بأجسام شومان والأجسام النجمية، وهي تساعد على التشخيص ولكنها ليست مقتصرة على الساركوئيد بل تشاهد في التسمم بالبيريليوم berylliosis وداء كرون Crohn’s disease وأحياناً في التدرن. والتنخر نادر جداً في الورم الحبيبي، وإن حدث يكون قليلاً جداً، وتشفى الآفة بتشكل ندبة ليفية والتكلس نادر جداً بعكس التدرن، وحين يتشكل التليف الرئوي يكون بشكل لوحات متعددة ونادراً ما يكون منتشراً، ويمكن أن يترافق أحياناً ودرجة بسيطة من تشوه القصبات ينجم عنه نفاخ رئوي معاوض ولكن هذه التبدلات لا تؤدي إلى انسداد السبل التنفسية.

الاضطرابات الوظيفية

يختلف تأثير التبدلات التشريحية المرضية في وظائف الرئة من مريض إلى آخر وغالباً ما تكون متباينة مع الملامح السريرية والشعاعية. وبصورة عامة يظهر في المرضى المصابين بضخامة عقد سرية من دون إصابة رئوية شعاعياً، نقص في حجوم الرئة وخاصة السعة الحيوية القصوى الطوعية مع نقص في نسبة انتشار أول أكسيد الكربون (DLCO). أما في المرضى المصابين بارتشاح رئوي فالملامح الوظيفية تكون أشد ولاسيما في المرضى المصابين بتليف رئوي؛ لذا يكون في أولئك اضطراب شديد في حجوم الرئة وتكون عادة نسبة الحجم الباقي/ السعة الكلية للرئة طبيعية مع نقص في المطاوعة الرئوية ونسبة انتشار أول أكسيد الكربون (DLCO) مع نقص في اِلأكسجة (PO2) ونقص الضغط الجزئي لثاني أكسيد الكربون (PCO2) من دون وجود دليل على إصابة سادة؛ وإنما تكون الإصابة عادة حاصرة أو محددة.

الساركوئيد الصدري

يصيب الساركوئيد الرئة في 90% من الحالات تقريباً، وتكون الصورة الشعاعية غير طبيعية في أكثر من 85% من الحالات، ويعتمد تصنيف الساركوئيد الصدري على أساس المظاهر الشعاعية وتقسم إلى ثلاث مراحل:

الشكل (1) مراحل الساركوئيد الصدري

 

الشكل (2)

- المرحلة الأولى(I) : تتصف بوجود ضخامة عقد سرية في الجانبين بشكل متناظر، وقد تكون الضخامة في جانب واحد وقد ترافقها ضخامة عقد بلغمية جانب الرغامى وخاصة في الأيمن، وتحدث هذه المرحلة بوجود الحمامى العقدة في أكثر من 40% من المرضى وتترافق هذه المرحلة وحمى خفيفة وآلام مفصلية متعددة وارتفاع سرعة التثفل.

وكثير من هؤلاء المرضى لاعرضيون (أكثر من 50% في هذه المرحلة)، إلا أن القليل منهم قد يكون لديهم أعراض شديدة، وقد يشكو بعضهم من سعال مع ألم صدري ناجم عن ضخامات العقد التي تتراجع من نفسها في 80% من الحالات في مدة سنتين، وتتطور الحالات الباقية إلى المرحلة الثانية وتترافق وكثافات رئوية وقد يحدث تكلس محيطي بشكل قشرة البيضة.

- المرحلة الثانية :(II) تتظاهر بشكل ارتشاح رئوي مع ضخامات عقدية سرية في الجانبين في 20% من المرضى، وتبدو فيهم بعض الأعراض كضيق النفس والسعال والحمى مع آفة تنفسية حاصرة ونقص عامل انتشار أول أكسيد الكربون، ولكن قد يكون المريض لاعرضياً على الرغم من وجود ظلال رئوية واسعة الانتشار، وسير هذه المرحلة أسوأ من المرحلة الأولى؛ إذ إن 50% من المرضى يشفون عفوياً في مدة سنتين وبعضهم في فترة أطول و30-40% منهم يحتاج إلى المعالجة بالستيروئيدات. ويتطور المرض في 10-20% من المرضى إلى المرحلة الثالثة ويحتاجون إلى معالجة بالستيروئيدات فترة طويلة الأمد.

- المرحلة الثالثة (III): يظهر فيها تليف رئوي يتلو الارتشاح الرئوي وتكثر مشاهدته في المناطق العلوية والمتوسطة مؤدياً في النهاية إلى تشكل فقاعات أو تكهفات، وتليف لوحي شديد يرافقه ضيق نفس شديد مع نقص الأكسجة، ويحدث في المريض أخيراً القلب الرئوي cor Pulmonale واسترخاء البطين الأيمن، وتبدي وظائف الرئة اضطراباً في التهوية حاصراً شديداً قد يكون غير عكوس، ويتحسن 30% من المصابين تحسناً ملموساً بالمعالجة بالستيروئيدات. ونادراً ما يشاهد ارتشاح الساركوئيد للغشاء المخاطي للقصبات مؤدياً إلى تضيقها، كما شوهدت عدة عقيدات ساركوئيدية على المخاطية. ويجب تفريق الآفة في المرحلتين الثانية (II) والثالثة (III) عن:

1- التهاب الأسناخ المليف مجهول السبب cryptogenic fibrosing alveolitis.

2- التدرن الرئوي.

3- التهاب الأسناخ الأرجي الخارجي extrinsic allergic alveolitis.

 4- السرطان.

5- تغبرات الرئة pneumoconiosis.

6- داء الرشاشيات القصبي الرئوي bronchopulmonary aspergillosis.

7- التهاب الفقار المقسط spondylitis.

8- داء كثرة المنسجات histiocytosis.

 

مظاهر الساركوئيد خارج الرئوي:

تؤلف الإصابة الرئوية 90% من حالات الإصابة بالساركوئيد، ولكن يجب التفتيش دوماً عن وجود المرض في الأجهزة المختلفة الأخرى في الجسم والتي قد ينبه وجودها للشك بوجود إصابة صدرية، يمكن ذكرها فيما يلي تباعاً بحسب نسبة حدوثها.

1- الإصابة الكبدية والهضمية: تؤلف نحو 80% من الإصابات وإيجابية خزعة الكبد في المرضى المصابين بضخامة عقد سرية في الجانبين قريبة من هذه النسبة، كما يلاحظ ارتفاع معدل الفوسفاتاز القلوية والإنزيمات الكبدية الأخرى.

2- الإصابة الجلدية: تؤلف (20-40%) من الإصابات وأكثر الآفات الجلدية شيوعاً الحمامى العقدة erythema nodosum، وهي عقيدات مؤلمة متوذمة بلون أحمر بنفسجي لامع تظهر على الذقن والساعدين والحافة الأمامية للظنبوبين والركبة والأليتين، ولكن هذه العقيدات ليست علامة واسمة نوعية للساركوئيد؛ إذ تشاهد كتفاعل تجاه بعض الأدوية كالسلفا والتوبركولين وحبوب منع الحمل أو ترافق العدوى بالعقديات أو الفطور أو الجذام. تترافق الحمامى العقدة وارتفاع درجة الحرارة وآلام مفصلية، وتتراجع عفوياً أو بالمعالجة بالستيروئيدات. وقد شوهدت ضخامات عقد منصفية مع وجود حمامى عقدة وتفاعل توبركولين سلبي بمتلازمة لوفغرين Löfgren.

أما العقيدات الساركوئيدية فتشاهد في نحو 5% من الحالات، وهي عقيدات متفرقة بحجم (1) سم مصفرة، فوقها جلد متوسف جاف، وتظهر على الوجه وخاصة الأنف (الذأب الشرثي) (الشكل3) وعلى الندبات والأمكنة الأخرى كالكتف والذراعين. أو تظهر الإصابة الجلدية بشكل حطاطات أو لويحات مسطحة كبيرة ذات سطح محبب أو متوسف على الأطراف والجذع، ويؤكد التشخيص بالخزعة الجلدية (الشكل4)، وغالباً ما ترافق هذه الإصابات الجلدية تظاهرات أخرى للمرض.

3- الإصابة العينية: من (10-20%) وتشمل التهاب الغرفة الأمامية الحاد الذي يتظاهر بوجود سائل قيحي فيها، وقد يؤدي إلى تشوه الحدقة بسبب حدوث التصاق في الوجه الخلفي وقد يؤدي إلى تشكل ساد. كما يمكن أن تصاب الغرفة الخلفية وهي مضاعفة شائعة وقد تسبب التهاباً في المشيمة والشبكية (الشكل 5) كما يمكن أن تصاب الأجسام المهدبة والملتحمة والأجفان، وقد تصاب الغدد الدمعية مسببة جفافاً في العين، وقد تؤدي اضطرابات الرؤية أحياناً إلى العمى أو نقص رؤية شديد قد يستمر عدة أشهر أو سنوات. وغالباً ما ترافق الإصابة العينية إصابة الأعضاء الأخرى وخاصة الرئة.

الشكل (3)

الذئب الشرثي اصطلاح يستخدم لوصف ارتشاح بلون بنفسجي غامق على جلد الأنف في الغرناوية المزمنة. ومن المهم تفريق هذا المظهر عن فيمة الأنف والعد الوردي

الشكل (4)

آفات غرناوية يمكن أن تظهر في أي مكان وتأخذ أشكالاً عقيدية أو حطاطية أو لويحية

4- ضخامة الغدد النكفية والغدد اللعابية الأخرى من (5-20%): حمى الغدد النكفية (UVEO-parotid fever) تتصف هذه المتلازمة بمرض حموي خفيف مع التهاب الغرفة الأمامية للعين وتورم الغدد النكفية في الجانبين وشلل العصب الوجهي في جانب واحد أو في الجانبين وتسمى متلازمة هيرفوردت (Heerfordt)، وأهم علامة مميزة لها ضخامة الغدد النكفية إضافة إلى وجود انتشار الإصابة في أعضاء أخرى كالعقد اللمفاوية والرئة. سير هذه المتلازمة غير وصفي ولكن الأعراض تخف في أسابيع أو أشهر وقد تعود لتظهر ثانية.

5- ضخامة العقد البلغمية (10-15%): أكثر ما تصاب العقد البلغمية في المنصف وقد تصاب العقد في أماكن أخرى سواء بإصابة زمرة مفردة من العقد في الرقبة أم بإصابة ضخامات عقدية شاملة وهي أقل حدوثاً. قد تجس العقد المفردة بصعوبة، وقد يبلغ قطرها (3-4)سم، وتكون قاسية ومتحركة، ونادراً ما تكون مؤلمة، وتشابه عقد داء هودجكن بصورة عامة.

أ- التهاب العنبية الخلفي وهو مضاعفة شائعة نسبياً في الغرناوية، ويمكن أن تسبب التهاب المشيمة، والتهاب الشبكية.

ب - التهاب العنبية الأمامي الحاد في الغرناوية. يُلاحظ وجود مستوى سائل قيحي في البيت الأمامي (تقيح البيت الأمامي Hypopyon)، وقد نجم تشوه الحدقة من حدوث التصاق خلفي في القزحية. وإذا لم تُعالج هذة الإصابة العينية فوراً فقد تؤدي إلى تشكل ساد Cataract.

الشكل (5)

6- ضخامة الطحال والجهاز الدموي 7%: يتضخم الطحال وقد يبلغ حجماً كبيراً. يستعمل الطحال المصاب المستأصل في تحضير تفاعل كڤايم Kveim test بشكل مسحوق معاير ثم يحقن تحت الأدمة وتقرأ النتيجة بعد أربعة أسابيع بظهور عقدة مكان الحقن إذا كان التفاعل إيجابياً، فإذا أخذت خزعة منها وفحصت ظهرت الآفة الأساسية وهي الورم الحبيبي غير المتجبن المصادف في الساركوئيد، وتكون نسبة إيجابيته نحو 70%، وقد يكون هذا التفاعل إيجابياً في الجذام نظير الدرني وبعض الأدواء اللمفاوية الأخرى.

تعداد الكريات البيض في هذه الإصابات طبيعي وقد يكون ناقصاً في القليل من الحالات.

7- الإصابة العظمية: تصادف في (3-8%) بشكل إصابة موضعة تسبب نفاخاً مؤلماً في العظام وخاصة العظام القصيرة في أصابع اليدين والقدمين (الشكل 6)، وتبدو على الصورة الشعاعية بشكل كيسات عظمية موضعة، كما يشاهد ارتفاع كلس الدم نتيجة ارتفاع نسبة ألفاهيدروكسيل (alfa hydroxil) الناجم عن تفعيل البالعات السنخية في الرئة مما يؤدي إلى زيادة البيلة الكلسية أو فرط كلس البول الذي قد يسبب تكلسات انتقالية وتشكل حصيات في المجاري البولية.

الشكل (6)

التهاب الأصابع في الغرناوية. تبدي الإصبع السبابة اليسرى انتفاخاً وعلامات التهابية واضحة، وخاصة في السلامية القريبة والمفاصل بين السلامية

8- الإصابة العصبية والغدية 5%: قد يصاب العصب الوجهي أو الأعصاب المحيطية الأخرى وقد يحدث التهاب السحايا والدماغ، ووصفت إصابات تشغل حيزاً في بعض مناطق الدماغ space-occupying leasion، والتشخيص صعب ولا سيما حين عدم وجود إصابة غرناوية في الأجهزة الأخرى والإنذار سيئ غالباً.

وقد يؤدي غزو الساركوئيد القسم الخلفي من الغدة النخامية أو تحت المهاد إلى البيلة التفهة، كما ذكرت حوادث قصور الدرق.

9- إصابة القلب أقل من 5%: إصابة القلب بالساركوئيد نادرة، ولكنها جزء من صورة الآفة الجهازية، إلا أن القلب قد يصاب بصورة واضحة مع وجود مرض محدد في أعضاء أخرى، وقد يصاب أي جزء من القلب وحين يصاب الحجاب البطيني والجهاز الناقل تظهر اضطرابات النظم ويكون من الصعب معالجتها، ومن الشائع حدوث الموت المفاجئ، ولكن المعالجة بالستيروئيدات مجدية وقد تؤهب لحدوث أم دم بطينية.

10- إصابة الجهاز البولي التناسلي: الورم الحبيبي في النسيج الكلوي شائع حين الإصابة بالساركوئيد ولكن ليس ما يدل عليه سريرياً، وتعزى الاضطرابات الكلوية المهمة مثل التكلس الكلوي nephrocalcinosis لفرط كلس الدم والبول، وتشاهد اضطرابات الكلس ولاسيما في المرضى المصابين بالساركوئيد الفعال المزمن وليس في المرضى المصابين بضخامات عقدية سرية أو الساركوئيد الهاجع، ويعزى اضطراب الكلس إلى التحسس من الڤيتامين (D) تحسساً لا طبيعياً. وذكرت بعض حوادث التهاب البربخ، كما تصاب الرحم - نادراً- مسببة نزفاً طمثياً أو رحمياً.

الصفحة السريرية

قد يبدأ المرض بشكل مخاتل فيشكو المريض ألماً وحمى وضيق نفس من دون أعراض موجهة، أو يظهر بشكل انتقائي بأعراض جلدية أو عينية أو عصبية محيطية أو كبدية أو قلبية، وقد لا يبدو في بعض المرضى عرض ما، وما يلفت الانتباه لإصابتهم صورة شعاعية منوالية غير طبيعية.

وتعتمد العلامات الفيزيائية على العضو المصاب بالمرض فتبدو بأعراض نموذجية في الإصابة الخلالية الرئوية مثلاً، أما الموجودات الأخرى فقد تشمل الحمامى العقدة أو الطفح الجلدي، أو اعتلال الأعصاب المحيطي أو ضخامة الغدة النكفية أو ضخامة الكبد أو الطحال أو إصابة العقد البلغمية. أما الأعراض التي قد تلفت الانتباه لوجود إصابة صدرية فهي أعراض غير نوعية لمرض تنفسي تحت الحاد كالسعال والألم الصدري وضيق النفس البسيط إضافة إلى الوهن وارتفاع الحرارة. وتبدي صورة الصدر عندئذ ضخامات عقدية سرية ثنائية الجانب أو وحيدة الجانب. وسير هذه المرحلة سليم، ولكنها قد تتطور في حالات ضئيلة إلى ما بعد مرحلة الضخامة العقدية السرية ويشاهد ارتشاح رئوي بسيط لا ترافقه أعراض، وإذا تطور الارتشاح الرئوي وأصبح معمماً وشديداً أو رافقه تليف رئوي؛ فإن الأعراض عندئذ تكون ضيق نفس يزداد بالجهد مع سعال منتج لقشع قليل، وتكشف بالتدقيق إصابة قديمة بمرض عارض كالتهاب القزحية أو آلام مفصلية أو اندفاعات جلدية منذ سنين مرت من دون تمييز مشيرة إلى بدء الغرناوية، ومن النادر أن يراجع المريض بأعراض متقدمة نتيجة التليف الرئوي المنتشر من ضيق نفس معند كشكوى رئيسية مختلطة بأعراض قصور قلب حاد وألم صدري ونفث دموي، فالأعراض السريرية تختلف باختلاف مرحلة المرض من مرحلة بدئية لاعرضية؛ إلى وجود بعض الخراخر الفرقعية المبعثرة إذا كان الارتشاح الرئوي معمماً؛ إلى تعجر الأصابع في المراحل النهائية لتليف رئوي موجود لعدة سنوات.

التشخيص

يعتمد على ظهور توضعات المرض المتعددة ويجب التفتيش دوماً عن العقد المحيطية بإجراء خزعة للفحص النسيجي، وكذلك تؤخذ الخزع من الإصابة الجلدية أو من القناة الدمعية أو من الغدة النكفية أو من القصبات أو المهاميز الرغامية التي قد تكون إيجابيتها نحو 70% في الخزع العمياء، وحين وجود التليف تجرى الخزعة عبر القصبات. تفاعل التوبركولين سلبي في معظم الحالات، أما تعداد الكريات البيض والصيغة فيكون ضمن الحدود الطبيعية ولا ترتفع سرعة التثفل.

أما تفاعل ڤايم Kveim test فقد أصبحت قيمته تاريخية بسبب صعوبة الحصول على المادة اللازمة لإجرائه وطول المدة اللازمة لظهور النتيجة، وأصبح الاعتماد لإثبات التشخيص على الخزعة من الرئة أو من العقد اللمفاوية أو من الجلد.

قد يشاهد ارتفاع كلس الدم أو كلس البول،  وقد يكون ارتفاع مستوى الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE) موجهاً للتشخيص ولكنه لا يشاهد دوماً ويمكن الاستفادة منه في مراقبة الاستجابة للمعالجة بالستيروئيدات، أما الغسالة القصبية السنخية (BAL) فتبدو فيها زيادة نسبة الخلايا اللمفاوية 10% إلا أن هذا غير نوعي؛ إذ يرى في المدخنين وفي التهاب الأسناخ الأرجي الحاد والأورام اللمفية والتهاب الأسناخ المليف، لذلك يعد هذا الفحص موجهاً للتشخيص ولكنه غير مؤكد وقد يفيد في متابعة العلاج.

التفرس بالغاليوم gallium scanning طريقة غير نوعية إذ يزداد التقاط الغاليوم في (65-70%) من مرضى الساركوئيد، وهو يعكس كثافة التهاب الأسناخ.

اختبارات وظائف الرئة: يبدي وجود آفة رئوية حاصرة نقصاً في الحجوم الرئوية مع بقاء نسبة حجم الزفير القسري بالثانية الأولى/ السعة الحيوية القسرية (Fevi/FVC) ثابتة، إضافة إلى نقص المطاوعة الرئوية. إلا أن الاختبار الأكثر حساسية والذي يدل على تأذي الوظيفة التنفسية هو قياس سعة انتشار أول أكسيد الكربون (DLCO) الذي قد ينقص حتى في المرحلة الأولى من المرض. ونادراً ما توجد في بعض المرضى آفة سادة ناجمة عن امتداد المرض إلى داخل القصبات واضطرابات السبل الهوائية بسبب التليف.

التطور والإنذار

يشفى 60% من المصابين بالساركوئيد الصدري شفاء عفوياً وتتراجع صورة الصدر إلى الوضع الطبيعي في مدة سنتين على الأكثر، ويشفى 20% من المرضى بالمعالجة بالستيروئيدات، وتتطور الآفة في 20% من المرضى إلى تليف رئوي منتشر، يمكن إيقاف أعراض بعضهم أو تخفيفها بالمعالجة، وتستمر في الباقين نحو قصور القلب الأيمن وضيق النفس الشديد المعند الذي ينتهي بالوفاة، وقد شوهد هذا التطور المميت في السود الأمريكيين أكثر مما شوهد في الدراسات الأوربية، والحمامى العقدة كثيراً ما تكون عابرة، أما الآفات الجلدية فتكون مزمنة في الأغلب.

والتهاب الغرفة الأمامية للعين وخاصة المترافق والضخامة العقدية السرية المزدوجة يكون كذلك عابراً، إلا أن إصابة الغرفة الخلفية والتهاب القرنية الموسف وخاصة إذا رافقه تليف رئوي فغالباً ما يكون مستمراً.

وإصابة الجهاز العصبي المركزي تكون على الأكثر مستمرة ونتائجها سيئة، ويلاحظ أن كلس الدم يبقى مرتفعاً بدرجات مختلفة ما دام الساركوئيد موجوداً في عضو ما من الجسم.

المعالجة

مع عدم وجود علاج شاف للغرناوية فإن هناك معالجات مختلفة لبعض الحالات السريرية كإعطاء الأسبرين Aspirin أو الإندومتاسين Indomethacin لتسكين أعراض الحمامى العقدة وآلام المفاصل الحادة.

قد تخمد الستيروئيدات العوامل الفعالة للورم الحبيبي ولكن قدرتها على التأثير في سير المرض لم تثبت تماماً كما لم تثبت قدرتها على درء حدوث التليف. ولا تعطى الستيروئيدات في المرحلة الأولى من المرض؛ لأن التراجع العفوي هو القاعدة المنتظرة، ولكن يجب أن يراقب المرضى شعاعياً وسريرياً إضافة إلى قياس وظائف الرئة بفترات متقطعة.

وحُددت استطبابات الكورتيزون فيما يلي:

1- الآفات الرئوية المترقية بدلالة زيادة ضيق النفس مع استمرار نقص الوظائف الرئوية وخاصة سعة انتشار أول أكسيد الكربون (DLCO)، وترقي الإصابة الشعاعية بالمرحلة الثانية (II) والمرحلة الثالثة (III).

2- ارتفاع كلس الدم لتفادي تكلس الكلية والحلقة القرنية وكذلك ارتفاع كلس البول.

3- الإصابة العينية وخاصة التهاب الغرفة الخلفية للعين.

4- التهاب الأسناخ الكثيف المثبت بالغسالة القصبية السنخية.

5- الآفات الجلدية الشديدة.

6- الإصابة القلبية وخاصة الحزم الناقلة.

7- الإصابة العصبية المركزية والمحيطية.

8- إصابة الغدد اللعابية.

9- ضخامة الطحال.

 والكلمة غير متفقة حول مدة إعطاء الكورتيزون على أن استمرار زيادة كلس الدم مع إعطاء الكورتيزون يستدعي دراسة المريض لاحتمال وجود فرط نشاط جارات الدرق. وعلى العموم حين يستطب إعطاء السيتروئيدات في الساركوئيد الرئوي ولاسيما لتخفيف ضيق النفس المترقي تعطى جرعات عالية من الكورتيزون (40ملغ يومياً) من البريدنيزون Prednisone حتى يحدث التحسن الأقصى، ومن ثم تنقص الجرعة تدريجياً إلى أخفض جرعة يمكن بها المحافظة على ذلك، وتستمر المعالجة الداعمة (10ملغ يومياً) مدة (3-6) أشهر وأحياناً إلى سنة أو أكثر ومن ثم سحب الدواء بحذر خشية المعاودة.

وقد استعملت معالجات أخرى بما فيها العوامل المضادة للملاريا ومضادات الأورام في بعض الأحوال النادرة مثل الميتوتريكسات Methotrexate أو مثبطات المناعة مثل الأزاتيوبرين Azathioprine في الحالات المزمنة وخاصة في ارتشاح الجلد المزمن.

 

 

التصنيف : جهاز التنفس
النوع : جهاز التنفس
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 201
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 562
الكل : 29588427
اليوم : 43343