الأدواء العصبية في الأطفال
ادواء عصبيه في اطفال
neurological diseases in children - maladies neurologiques chez les enfants
عمر إسماعيل
أولاً- اضطرابات حجم الرأس وشكله:
-1 صغر الرأس :microcephaly
يُقال بصغر حجم الرأس حين يكون قياس محيطه أقل من القياس الوسطي المناسب للعمر والجنس بأكثر من ثلاثة انحرافات معيارية، ويقسم صغر حجم الرأس إلى أولي وثانوي.
أ- صغر حجم الرأس الأولي: وهو الأكثر مشاهدة ولا ترافقه تشوهات في الجملة العصبية المركزية أو في خارجها. وترافق معظم حالاته متلازمات وراثية مثل متلازمة داون trisomy 21 وإدوارد trisomy 18 ومواء القطة وغيرها. وقد تورث هذه الحالة صفةً صبغية جسدية متنحية autosomal recessive ونسبة حدوثها 40000/1. ولدى معظم المرضى مظهر وصفي مع ميلان الجبهة، وتبارز الأنف والأذنين، وهم يعانون تخلفاً عقلياً واختلاجات. وهناك نموذج آخر من هذا الداء يورث صفةً جسدية سائدة dominant ويكون التخلف العقلي فيه خفيفاً ومن دون سحنة مميزة خاصة.
ب- صغر حجم الرأس الثانوي: تنجم معظم هذه الحالات عن أذيات في الدماغ تؤدي إلى نقص تطوره بدءاً من الحياة الجنينية أو في السنوات الأولى من العمر، أي في فترة نمو الدماغ السريعة. أهم هذه العوامل أخماج باطن الرحم (كالڤيروس مضخم الخلايا cytomegalovirus والحصبة الألمانية وداء المقوسات). ويسببها أيضاً تعاطي أدوية إنهاء الحمل أو التعرض للأشعة والأذيات حول الولادة والتهابات السحايا والدماغ والاضطرابات الاستقلابية كفرط فنيل ألانين phenylalanine في الأم أو في الوليد. والتحام الدروز الباكر غير المعالج معالجة مناسبة.
المظاهر السريرية والتشخيص:
يجب الاهتمام بقياسات الرأس بفترات منتظمة، لا بقراءة وحيدة، مع إجراء مقارنة تسارع نمو محيط الرأس بخطوط النمو الخاصة للعمر والجنس. ومن المهم تقصي وجود سيرة أسرية لصغر حجم الجمجمة أو لأمراض عصبية أو استقلابية وأخذ قصة مفصلة عن الأذيات ما حول الولادة؛ أو التهاب السحايا أو الدماغ. ويجب قياس محيط رأس الوالدين والأشقاء إضافة إلى فحص شكل الجمجمة واليوافيخ fontanelle بحسب العمر والبحث عن التشوهات المرافقة.
يدل صغر الرأس الملاحظ عند الولادة على إصابة باكرة حدثت في أثناء الحياة الجنينية غالباً، ولا يسبب صغر حجم الرأس أذية دماغية إذا ما حدث بعد عمر 2-3 سنوات.
تجرى للأطفال دراسة الصبغيات ولاسيما بوجود تشوهات مرافقة، كما يفيد CT أو MRI في كشف الاضطرابات التطورية والإقفارية وكذلك التكلسات الناجمة عن إنتانات باطن الرحم. كما تفيد معايرة أضداد أخماج باطن الرحم TORCH عند الأم ووليدها لتشخيص حالات الإصابة في الحياة الجنينية. وتشمل التحاليل الأخرى رحلان الحموض الأمينية في الدم والأمونيا ومستوى الفنيل آلانين في دم الأم.
المعالجة:
ليس لمعظم الحالات المذكورة علاج نوعي. وعند تحديد السبب على الطبيب تقديم الاستشارة الوراثية مع تقديم الدعم المعنوي للأسرة وتحويل هؤلاء الأطفال إلى الجهات المعنية بالتطور العقلي للمراقبة والمساعدة.
-2 كبر حجم الرأس :macrocephaly
قد يكون كبر الرأس أسرياً، ويورث صفةً جسدية سائدة. وغالباً ما يكون الطفل رخواً مع تأخر تطوره الحركي من دون تأخر مرافق في التطور الروحي. يحدث ازدياد مطّرد لمحيط الرأس في السنة الأولى من الحياة عادة ليصل إلى أكثر من خط الـ 90 مئوي من الخط البياني السوي. وليس لهذه الحالات شأن مرضي، ويتم تأكيد التشخيص بقياس محيط رأس الوالدين والأشقاء.
قد يكون كبر حجم الرأس لثخن عظام الجمجمة، كما في فقر الدم الانحلالي haemolytic anaemia أو الرخد rickets وتكوّن العظم الناقص osteogenesis imperfecta وعسر الودانة achondroplasia.
قد ترافق بعض الحالات الاستقلابية ضخامة حجم الرأس مثل أمراض الليزوزيمات مثل داء تاي ساكس وأدواء الغانغليوزيد وأدواء عديدات السكاريد المخاطية وبعض اضطرابات الحموض الأمينية (كبيلة شراب القيقب (maple syrup وحثل المادة البيضاء leukodystrophy كحثل المادة البيضاء المبدّل اللون metachromic leukodystophy ويكون حجم الرأس كبيراً في الأطفال المصابين بالورام الليفي العصبي neurofibromatosis.
يعتمد التشخيص على السيرة المرضية والفحص العصبي، ومن المهم جداً نفي حالات استسقاء الدماغ لما للعلاج الباكر من أهمية في تطور الطفل الروحي والحركي.
يعتمد العلاج على السبب، وهو داعم غالباً.
-3 استسقاء الرأس :hydrocephalus
يؤدي كلٌّ من نقص امتصاص السائل الدماغي الشوكي غالباً أو زيادة إفرازه نادراً إلى ارتفاع ضغط السائل الدماغي الشوكي داخل الرأس. ويسمى هذا استسقاء الرأس المتصل communicative. أما الاستسقاء الناجم عن انسداد جريان السائل الدماغي الشوكي ولا سيما انسداد قناة سيلفيوس التي تصل بين البطين الثالث والبطين الرابع؛ فيدعى الاستسقاء اللامتصل.
أسباب استسقاء الدماغ:
أكثر الأسباب مصادفة شذوذات مسال aqueduct سيلفيوس أو آفات البطين الرابع التي تعوق خروج السائل الدماغي الشوكي إلى الصهاريج حول قاعدة الدماغ.
قد يكون تضيق مسال سيلفيوس خلقياً يورث بنسبة قليلة بصفة متنحية مرتبطة بالجنس. وقد يرافق عيوباً خلقية أخرى في الأنبوب العصبي، أو إنه قد يحدث عقب التهابات السحايا أو نزوف الدماغ. وقد يحدث انسداد في مخارج البطين الرابع بسبب أورام الحفرة الخلفية وتشوه كياري Chiari malformation ومتلازمة داندي - ووكر Dandy- Walker.
وأكثر أسباب الاستسقاء المتصل شيوعاً هي النزف تحت العنكبوتية والتهابات السحايا وأخماج باطن الرحم والارتشاحات الابيضاضية.
المظاهر السريرية: تتبدل الأعراض والعلامات بحسب عمر الطفل وسرعة ترقي الاستسقاء وبحسب العامل المسبب.
أكثر العلامات مشاهدة عند الرضع هي تزايد حجم الرأس مع توسع اليوافيخ وأوردة فروة الرأس؛ وترافقها عادةً جبهة عريضة وانحراف العينين نحو الأسفل وتحدد في حركة العينين للأعلى (علامة غروب الشمس). وفي الحالات المتقدمة تظهر أعراض ارتفاع الضغط داخل القحف كالميل إلى النوم والخمول أو الهياج والقياء ونقص الشهية.
العلاج الرئيسي هو معالجة السبب إن أمكن ذلك، مع الحاجة إلى وضع تحويلة بطينية صفاقية ventriculoperitoneal shunt في معظم الحالات. يمكن خزع قاع البطين الثالث في بعض حالات استسقاء الرأس اللامتصل. وأهم تعقيدات وضع التحويلات هي التهابات السحايا.
الإنذار: يعتمد الإنذار على العامل المسبب وعلى السرعة في إنقاص الضغط المرتفع داخل القحف وبالتالي الحفاظ على ثخن القشرة الدماغية وحمايتها من التأذي.
-4 التحام الدروز الباكر :early craniosynostosis
الشكل (1) الرأس الزروقي. |
الشكل (2) الرأس الوارب. |
ويطلق على التحام درز واحد أو أكثر من الدروز القحفية، وآلية التعظم الباكر غامضة وقد وجد لدى بعض المرضى طفرات جينية لمستقبلات عامل نمو الأرومة الليفية fibroblast growth factor receptor (FGFR).
يكون التحام الدروز الباكر إما ثانوياً تالياً لعدم نمو الدماغ وزيادة حجمه؛ وإما أولياً وهو نادر غالباً، نسبة حدوثه 2000/1 وهو مجهول السبب، وتقدر المتلازمات الصبغية بـ 10-20% من مجمل الحالات.
المظاهر السريرية: من الشائع حدوث التحام درز واحد ولاسيما الدرز السهمي sagittal؛ مما يؤدي إلى رأس متطاول ومضغوط من الجانبين يدعى الرأس الزروقي scaphocephaly وهذا الشكل هو أكثر شيوعاً في الذكور (الشكل1).
أما التحام الدرز الإكليلي والدرز الجبهي الوتدي فيؤديان إلى تسطح الجبهة في الجهة الموافقة مع ارتفاع الحجاج. وتسمى هذه الحالة الدنح الجبهي (الرأس الوارب) frontal plagiocephaly وتشيع في الإناث. (الشكل2). أما الحالات التي يرافقها تسطح القفا في جهة واحدة فغالباً ما تنجم عن الوضعية في أثناء النوم خاصة عند الأطفال قليلي الحركة كما في الإصابات العضلية والشلل الدماغي.
يؤدي التحام الدرز اللامي lambboid إلى تسطح العظم القفوي في جانب واحد وتبارز الجبهة في الجهة الموافقة. أما الرأس المثلثي trigonocephaly فينجم عن التحام الدرز الجبهي metopic؛ في حين يؤدي التحام الدرز الإكليلي إلى الرأس المخروطي (تسنم الرأس) turricephaly.
التدبير: يكون الأطفال المصابون بالتحام درز وحيد سويَّين عدا المظهر الجمالي، وتستطب الجراحة لإصلاح التشوه من الناحية الجمالية. يعتمد الإنذار على الدرز المصاب والتشوه المرافق. وقد يزداد الضغط داخل القحف في حالات التحام درزين أو أكثر فيستطب حينئذ التداخل الجراحي العلاجي.
ثانياً- الشلل الدماغي :cerebral palsy
ما زال معدل حدوث الشلل الدماغي ثابتاً خلال الـ40 سنة الأخيرة على نحو 2 من كل 1000 ولادة حية على الرغم من تطور العناية بالولدان والخدج والوقاية من تأذي الدماغ في فترة ما حول الولادة.
تشخيص الشلل الدماغي صعب في الطفولة الباكرة. ففي دراسة أمريكية شفي معظم الأطفال الذين كان من المعتقد أنهم مصابون بشلل دماغي في عمر سنة واحدة ببلوغهم الـ7 سنوات من العمر.
تعريف الشلل الدماغي: الشلل الدماغي هو اضطراب في التوازن والحركية والمقوية ناجم عن أذية دماغية مكتسبة خلال مراحل التطور الدماغي؛ أي من الحياة الجنينية إلى نهاية السنة الثانية من الحياة تقريباً. هذه الأذية ثابتة وغير مترقية، ويطلق عليها اعتلال الدماغ الثابت static encephalopathy. ومع ذلك فإن حالة الطفل تتبدل وفقاً لنمو الدماغ وزيادة مَقْدرات الطفل التطورية.
تصنيف الشلل الدماغي: هناك عدة طرائق لتصنيف الشلل الدماغي؛ وأكثرها شيوعاً الطريقة التي تعتمد على نموذج الاضطراب الحركي وتوزع الإصابة في الجسم.
يعد الشلل الدماغي التشنجي spastic أكثرها شيوعاً؛ إذ إنه يؤلف نحو 85% من الإصابات. ويتلوه الشلل الدماغي الكنعي (مختل الحركة) dyskinetic بنسبة 8.5% والشلل الدماغي الرنحي الأتكسي ataxic في 6.5%.
أما بالنسبة إلى توزع الإصابة على الجسم فهناك الشلل الدماغي الشقي (الفالج) hemiplegia والذي يشمل شق الجسم وتكون إصابة الطرف العلوي فيه أشد من السفلي غالباً. والشلل الرباعي quadriplegia الذي يصيب الأطراف الأربعة وتكون فيه إصابة الطرفين العلويين أشد من إصابة الطرفين السفليّين، ويوصف بالشلل الشقي المزدوج (الفالج المضاعف) double hemiplegia. وترافقه أحياناً إصابة العضلات المعصبة من البصلة السيسائية، والشلل الرباعي الذي ترافقه إصابة الأطراف الأربعة ولكن تكون إصابة الطرفين السفليّين فيه أشد من إصابة الطرفين العلويّين. وهناك نموذج نادر من الشلل الدماغي يصيب العضلات البصلية على نحو رئيس؛ ويدعى الشلل فوق البصلي suprabulbar palsy.
المظاهر السريرية: تختلف المظاهر السريرية وفقاً لنوع الشلل الدماغي. وعلى نحو عام يتأخر التطور الحركي في المصابين بالشلل الدماغي ويلاحظ الأهل ذلك في عمر 6-8 شهور غالباً؛ إذ يتأخر الطفل بالجلوس والتقلب من جانب إلى آخر. ويمكن للأطفال المصابين بالشلل الشقي hemiplegia أن يبدو لديهم تفضيل استخدام إحدى اليدين handedness على نحو مبكر قبل عمر السنة وهو عرض مهم، حتى لو كان الطفل يفضل استخدام اليد اليمنى باكراً.
من الأعراض المهمة صعوبات التغذية إذ تشعر الأمهات بأن أطفالهن يحتاجون وقتاً أطول إلى الأكل وصعوبة بالتحول إلى الغذاء بالمواد الصلبة أو نصف الصلبة فيميل هؤلاء الأطفال إلى دفع اللقمة والطعام إلى خارج الفم مع حدوث شَرَق متكرر. كما يشيع القلس المعدي المريئي ولا سيما في حالات الشلل الرباعي. وقد تصادف متلازمة سانديفر Sandifer بسبب تخريش منطقة أسفل المريء بالقلس المعدي المريئي، والتي تتجلى بحدوث قعس lordosis ظهري ورقبي، مع إمالة الرأس إلى الجانب وتشنج في الأطراف الأربعة. وقد يلاحظ في الحالات الشديدة من الشلل الدماغي الرباعي، ازدياد المقوية المعمم باكراً ويتخذ هؤلاء الأطفال وضعيات من القعس الظهري والرقبي.
يتأخر الأطفال المصابون بالشلل الدماغي بالجلوس ويميلون إلى الاستناد والذراعان خلف الظهر لحفظ التوازن بسبب التشنج في عضلات الورك. وقد يجلس الطفل في وضعية W في حالات الشلل النصفي السفلي التشنجي. قد يتأخر النطق عند الأطفال المصابين بالشلل الدماغي ويتماشى هذا مع شدة الإصابة ولكن من دون تأخر الفهم والارتكاس العاطفي والابتسام.
الأعراض المرافقة: يحدث لدى الأطفال المصابين بالشلل الدماغي مجموعة من الشكايات والأعراض تترافق نسبياً على نحو طردي وشدة الأذية الدماغية.
يجد هؤلاء الأطفال صعوبات متوسطة إلى شديدة في التعلم وقد يرافقها نقص السمع. ويكون معظم المصابين ناحلين مع نقص في الكتلة العضلية لوجود صعوبة في التغذية. وقد يحتاج بعضهم إلى الأنبوب الأنفي المعدي أو إلى تفميم المعدة لتحسين حالة التغذية لديهم. وقد يصاب هؤلاء بالتهاب المريء والقلس المعدي المريئي وذات الرئة الاستنشاقية المتكررة. وقد يذهب خطأ من لا يدقق فيظن أن نوب فرط المقوية مع ميلان الرأس إلى الجانب والانزعاج الشديد؛ هي نوب اختلاجية شقية لا متلازمة سانديفر. ويجب في هؤلاء الأطفال دراسة حموضة المريء، ويعالج هذا دوائياً غالباً أو جراحياً أحياناً.
يشيع حدوث الإمساك في الأطفال قليلي الحركة، وهو إذا استمر أدى إلى خطورة حدوث توسع قولون مكتسب ونوب متكررة من المغص بعد الطعام والتبرز بالإفاضة. وعلاج الإمساك عرضي، وسلس البول incontinence مشكلة شائعة في الشلل الدماغي الشديد ويجب أن يبدأ تدريب الطفل على الاستمساك منذ أن يصبح جاهزاً تطورياً.
ونقص السمع من الأمور الشائعة أيضاً وقد يحتاج الأطفال المصابون إلى سماعات مع تأهيل نطق. كما يشاهد نقص الرؤية والحول في نصف الأطفال المصابين تقريباً لأسباب متعددة منها أخماج باطن الرحم التي تسبب الشلل الدماغي وترافق الساد وأذيات الشبكية. كما قد يصادف اعتلال الشبكية في الخداج، وكذلك إصابة مقلة العين (صغر أو كبر العين) الذي يرافق الحالات الصبغية والجينية من الشلل الدماغي. وقد يصاب الأطفال بقصر بصر أو مد بصر أو عمى قشري بسبب الأذية الدماغية. والصرع شائع الحدوث في الشلل الدماغي ويصاب به ثلث الأطفال تقريباً.
معالجة الشلل الدماغي: لا يوجد علاج شافٍ للأذية الدماغية. وبالتعريف فإن هذه الأذية الدماغية ثابتة ولا تترقى، وعلاج المشاكل المرافقة عرضي. يتطلب تدبير الشلل الدماغي عملاً جماعياً multidisciplinary يشارك فيه الأهل والمعالج الفيزيائي ومعالج النطق والمعالج المهني occupational therapist إضافة إلى فريق طبي من طبيب أطفال واختصاصي في الإعاقة العصبية neurodisability وطبيب الأمراض العصبية عند الأطفال وطبيب تغذية وطبيب العظمية إضافة إلى اختصاصات أخرى كالعينية والسمعيات وغيرها.
ويعالج التشنج بمرخيات العضل وبحقن العضل المتشنج بالسم الوشيقي. تتأثر البقيا بحسن العناية الصحية بالطفل، ويموت 20-50% من الأطفال بمنتصف سن المراهقة.
ثالثاً- التخلف العقلي :mental retardation
يصاب 3% من الأطفال بالتخلف العقلي الذي يتظاهر بصعوبات تعلم متوسطة، و0.4% بصعوبات تعلم شديدة ولا يعرف سبب هذه الإصابات في60-65% من الحالات.
يتجلى التخلف العقلي بتأخر تطور روحي حركي، ويميل بعضهم إلى أن يكون هادئاً في حين يصاب آخرون بفرط الحركة والهياج والعنف، حتى إيذاء النفس.
الأسباب: هناك أسباب عديدة لصعوبات التعلم متوسطة الشدة والشديدة، منها: الشذوذات الصبغية والجينية وعيوب تطور الدماغ، ومنها اضطرابات التغذية، وأخماج باطن الرحم والتسمم بالرصاص ومتلازمة طفل الكحولية fetal alcohol syndrome وأذيات الدماغ الرضية وسواها.
الاستقصاءات: يجرى لهؤلاء الأطفال تصوير الدماغ بالرنين المغنطيسي وتنميط صبغي ومسح استقلابي للحموض الأمينية في الدم والحموض العضوية في البول، وينصح بعيار kinase creatine (CK) خصوصاً عند الذكور في السنوات الأولى، وتحري الصبغي X الهش fragile X syndrome. أما فائدة تخطيط الدماغ فمحدودة جداً في هذه الحالات.
التدبير: يتابع هؤلاء الأطفال من قبل فريق متعدد الاختصاصات multidisciplinary ويفضل إجراء استشارة وراثية أيضاً.
رابعاً- الصرع في الأطفال:
النوبة الاختلاجية: هي اضطراب مفاجئ وعابر في وظيفة القشر الدماغي ينجم عن حدوث انفراغات كهربائية متوافقة تتجلى سريرياً بأعراض حركية أو حسية أو عصبية مستقلة أو كلها معاً.
الصرع :epilepsy هو حدوث نوبتين اختلاجيتين أو أكثر من دون عامل محرض.
الصرع الأساسي أو مجهول السبب :epilepsy idiopathic تعبير يطلق عندما لا يمكن معرفة سبب الاختلاجات ويكون المريض طبيعياً.
الصرع الثانوي أو العرضي epilepsy Ìsymptomatic/ secondary يطلق هذا التعبير على الحالات التي يمكن تحديد سببها.
ويذكر فيما يلي نماذج من الصرع الأكثر مشاهدة في الأطفال:
-1 الصرع الموضع الحميد مع ذرى (حسكات) صدغية مركزية benign childhood epilepsy with centrotemporal spikes:
هو نمط شائع من الصرع الموضع في الطفولة إنذاره ممتاز، ويحدث في أطفال أسوياء تراوح أعمارهم بين 2 و14 سنة، وقمة حدوثه بين 9 و10 سنوات. وهناك عادة قصة عائلية إيجابية للصرع (الاختلاجات الموضعة).
تقتصر العلامات الحركية والأعراض الحسية الجسمية على الوجه غالباً. وتتضمن الأعراض البلعومية الفموية تقلصات مقوية وخدر اللسان والوجنة أحادي الجانب (خاصة على طول اللثة). ترافقها أصوات صادرة عن الحلق وعسر البلع وإلعاب شديد. وقد تنتشر التقلصات المقوية - الرمعية أو الخدر للأطراف في الجهة نفسها. قد يكون الوعي سليماً أو مضطرباً والاختلاج الموضع قد يتطور إلى اختلاج معمم ثانوي. عدد النوب في معظم المصابين قليل، وتحدث نوبة واحدة فقط في 20% منهم تقريباً، وتحدث النوب المتكررة في نحو 25%. يحدث هذا الشكل من الصرع في أثناء النوم في 75% من المرضى، في حين يشاهد الاختلاج الموضع المعقد في ساعات الاستيقاظ غالباً.
نمط تخطيط الدماغ الكهربائي EEG عادة مُشخص لهذا النوع من الصرع بوجود أمواج حادة وذرى في المنطقة الصدغية المركزية centrotemporal أو المنطقة الرولاندية rolandic مع فعالية كهربائية قاعدية طبيعية normal background activities. مضادات الاختلاج ضرورية للأطفال المصابين بنوب متكررة ولا يجب أن توصف على نحو منوالي بعد الاختلاج الأول. الكاربامازبين هو الدواء المفضل الذي يجب أن يستمر العلاج به مدة سنتين على الأقل أو حتى عمر 14-16 سنة حين يهدأ المرض تلقائياً.
التهاب الدماغ لراسموسين :epilepsia partialis continua¨ Rasmussen encephalitis هو التهاب دماغ التهابي تحت حاد، وهو من أسباب الحالة الصرعية الموضعة المستمرة. وقد يسبق ظهور النوبة الصرعية الموضعة مرض حموي غير نوعي. هذه النوب قد تكون متكررة بشدة أو مستمرة، وتبدأ عادة قبل عمر 10 سنوات.
يظهر تخطيط الدماغ الكهربائي وجود فعالية اشتدادية منتشرة مع موجات بطيئة.
قد يكون سبب المرض مناعياً لوجود أضداد ذاتية ترتبط بمستقبلات الغلوتامات glutamate receptors وتحرضها. يترقى المرض غالباً وقد يكون قاتلاً، ولكنه قد يتوقف تلقائياً تاركاً عقابيل عصبية بؤرية كالخزل الشقي.
العلاج بمضادات الاختلاجات مع الستيروئيدات القشرية والغلوبولين المناعي وريدياً.
-2 الاختلاجات المعممة :generalized seizure
أ- نوب الغياب (قديماً: الصرع الصغير) :absence epilepsy
تتميز بتوقف الفعالية الحركية أو الكلام توقفاً مفاجئاً مع رمش الحاجبين وحركات مص شفاه أو بلع أحياناً أو حركات تلقائية غير هادفة كشد الثياب ولا ترافقها نسمة (أورة) أبداً. هذه الاختلاجات غير شائعة قبل عمر الخمس سنوات وأكثر حدوثاً عند الفتيات. ونادراً ما تستمر النوبة أكثر من 30 ثانية ولا تحدث بعدها حالة ما بعد الاختلاج، وقد تتكرر أكثر من 20 مرة يومياً، هذه الصفات تميز نوب الغياب من الاختلاجات المعقدة الموضعة. لا يفقد المريض مقوية الجسم ولكن الرأس قد يسقط قليلاً للأمام.
يتابع المريض بعد نوبة الاختلاج نشاطه السابق على نحو طبيعي، تثير نوبة الصرع الصغير هذه فرط التهوية مدة 3-4 دقائق.
يظهر تخطيط الدماغ الكهربائي (مخطط-1) موجات حادة (حسكات) وصفية معممة بمعدل 3 في الثانية وأمواج بطيئة 3/ second spikes and slow waves ولا سيما في أثناء فرط التهوية.
المخطط (1) صرع الغياب الطفلي |
ترافق الاختلاجات المعقدة غير الوصفية (صرع الغياب غير الوصفي) مكونات حركية تتألف من حركات عضلية مقوية في الوجه والأصابع أو الأطراف أو فقد مقوية الجسم أحياناً.
العلاج الأساسي هو الإيتوسكسمايد ethosuximide وفالبروات الصوديوم sodium valproate الإنذار جيد.
-3 الصرع المعمم المقوي - الرمعي :tonic-clonic
هذه الاختلاجات شائعة جداً وقد تتلو الاختلاج الموضع مع بدء بؤري (تعمم ثانوي) أو تحدث وحدها. قد ترافقها نسمة مما يشير إلى بدء بؤري لنوبة الاختلاج. من المهم أن يُسأل أهل الطفل عن وجود النسمة إذ إن وجودها يشير إلى مكان الآفة أحياناً. يفقد المريض الوعي مباشرة وتنحرف العينان إلى الخلف، ويبدو تقلص مقوٍ في عضلات الجسم كلها ويزرق الطفل مع انقطاع النفس apnea، يُستهل الطور الرمعي بتقلصات رمعية تتناوب مع ارتخاء المجموعات العضلية المختلفة. ويتباطأ الطور الرمعي كلما اقتربت نوبة الاختلاج - التي تستمر عادة عدة دقائق - من نهايتها، ويتنهد المريض عندما تقترب النوبة من النهاية.
قد يعض المريض لسانه في أثناء الاختلاج ولكنه نادراً ما يتقيأ، ومن الشائع فقدان السيطرة على المصرات وخاصة المثانة في هذا الشكل من الاختلاج، كما يجب نزع الألبسة الضيقة والمجوهرات حول العنق. ويجب أن يوضع المريض على جنبه، والعنق والفك السفلي يجب أن يوضعا بوضعية فرط البسط لمساعدة التنفس. ويجب ألا يفتح الفم بإصبع الطبيب أو بأي جسم لأن أسنان المريض قد تُستنشق أو قد تحدث أذية الجوف الفموي البلعومي في المريض. يكون الطفل بعد نوبة الاختلاج نصف مسبوت semicomatose ويبقى في حالة نوم عميق مدة نصف ساعة حتى ساعتين. وإذا فحص المريض في أثناء نوبة الاختلاج أو مباشرة بعدها قد ترى لديه منعكسات وترية مشتدة أو رمع أو أخمصيان بالانبساط (علامة بابنسكي)، ويحدث بعد الاختلاج قياء وصداع جبهي مزدوج شديد.
يظهر تخطيط الدماغ الكهربائي هبات معممة من أمواج حادة أو ذرى وأمواج بطيئة spikes and slow waves وقد يكون طبيعياً بين النوب.
العلاج الأساسي هو فالبروات الصوديوم.
-4 الصرع الخلجاني (الرمعي العضلي) myoclonic في الأطفال:
يتميز هذا الاضطراب باختلاجات متكررة تتألف من تقلصات عضلية قصيرة متناظرة غالباً مع فقد مقوية الجسم والسقوط أو الانحناء slumping نحو الأمام وقد يسبب أذيات للوجه والفم. يتضمن الصرع الخلجاني مجموعة مختلفة من الحالات بأسباب مختلفة ونتائج متنوعة. يمكن تصنيف الصرع الخلجاني عند الأطفال في خمس مجموعات:
- (1) الخلجان الحميد عند الولدان benign myoclonic epilepsy of infancy: يبدأ في فترة الرضاعة الباكرة، ويتألف من هجمات من حركات رمعية خلجانية محددة في العنق والجذع أو الأطراف في أثناء النوم غالباً. قد تختلط الفعالية الخلجانية بالتشنجات الطفلية. تخطيط الدماغ الكهربائي طبيعي والإنذار جيد مع تطور طبيعي، وتتوقف الخلجانات بعمر أقل من سنة. مضادات الاختلاج غير مستطبة.
- (2) الصرع الخلجاني (الرمعي العضلي) الوصفي ذو البدء في الطفولة الباكرة: يكون الأطفال الذين يصابون بهذا النوع من الصرع طبيعيّين قبل بدء الاختلاجات مع حمل ومخاض وولادة طبيعية وتطور سليم. متوسط عمر البدء سنتان ونصف السنة ويراوح ذلك بين 6 أشهر حتى 4 سنوات. تردد الاختلاجات الخلجانية متغاير، قد تحدث عدة مرات يومياً أو يبقى الطفل من دون اختلاج عدة أسابيع. يكون لدى بعض الأطفال اختلاجات حرارية أو اختلاجات حرارية مقوية - رمعية قد تسبق بدء الصرع الخلجاني، ويكون لدى 50% من المرضى تقريباً صرع مقو - رمعي معمم إضافة إلى الصرع الخلجاني.
ترى في تخطيط الدماغ الكهربائي موجات حادة (ذرى، حسكات) سريعة fast spike wave complexes ذات تردد أكثر من 2.5 هرتز ونظم سوي normal back ground مرافق في أغلب الحالات.
ولدى 30% من الأطفال على الأقل قصة صرع عائلية تشير إلى وجود أرضية وراثية في بعض الحالات.
النتيجة طويلة الأمد جيدة نسبياً، ويحدث التأخر العقلي في قليل من المصابين، ويشفى أكثر من 50% منهم بعد عدة سنوات، ومع ذلك تحدث في عدد لا بأس به من هؤلاء المرضى مشاكل اللغة والتعلم والاضطرابات السلوكية والعاطفية مما يتطلب متابعة طويلة الأمد.
- (3) الصرع الخلجاني الشديد (الرمعي العضلي) في الرضع :severe myoclonic epilepsy of infancy هو مجموعة من الاضطرابات ذات إنذار سيء. تبدأ الاختلاجات المقوية - الرمعية المعممة أو البؤرية في السنة الأولى من الحياة. غالباً ما يرافق الاختلاج المعمم خمج الطرق التنفسية العلوية وحمى خفيفة، ويتطور إلى حالة صرعية. ويشاهد تأخر التطور العقلي في 30% من المصابين. ووجود سيرة أسرية للصرع أقل مصادفة مما في الصرع الخلجاني الوصفي.
يبدي تخطيط الدماغ الكهربائي موجات بطيئة حادة، ويعند الصرع على الأدوية.
ترافق معظم هذه الحالات طفرة في جين SCNA1 ويحدث تقهقر فكري ومشاكل سلوكية في 75% من الأطفال المصابين.
- (4) الصرع الخلجاني (الرمعي العضلي) الشبابي :juvenile myoclonic epilepsy (JME)يبدأ بين عمر 12 و16 سنة ويكوّن 5% تقريباً من الصرع الخلجاني، له علاقة بالوراثة وقد وجدت علاقة مع جين متوضع على الذراع القصير للصبغي السادس. يرى في المرضى رمع (خلجات) عضلي متكرر حين الاستيقاظ قد يتعذر معه تمشيط الشعر وتنظيف الأسنان. تميل الاختلاجات إلى التراجع مع تقدم النهار، وأغلب المرضى لا يطلب العناية الطبية في هذه المرحلة حتى إن بعضهم قد ينكر وجودها. بعد عدة سنوات يرافق هذه الاختلاجات اختلاج معمم مقوٍ - رمعي. تظهر في تخطيط الدماغ الكهربائي موجات حادة غير منتظمة بتردد 4-6 ثانية (المخطط-2) تثار بالتنبيه الضوئي. الفحص العصبي عادة سوي ويستجيب أغلب المرضى للفالبروات استجابة ممتازة، وقد تستمر المعالجة طوال الحياة.
المخطط (2) الصرع الخلجاني الشبابي (JME) |
- (5) الصرع الخلجاني المترقي: يضم مجموعة غير متجانسة من الاضطرابات الوراثية النادرة، إنذارها سيء، وتشمل:
> الصرع الرمعي العضلي مع الألياف العضلية الممزقة ragged red fiber.
> داء الليبوفوسين العصبي ceroid lipofucionosis.
> الحثل العصبي المحواري الشبابي juvenile neuroaxonal dystrophy.
> داء لافورا Lafora: يشاهد في الأطفال بين عمر 10-18 مع اختلاج معمم مقوٍ - رمعي، وبعد ذلك يتفاقم الرمع العضلي باطراد ويصبح واضحاً مع ترقي الحالة. كما يصبح التدهور العقلي جلياً خلال سنة من بدء الاختلاج، وتعد الاضطرابات العصبية تظاهرات مهمة فيه ولا سيما المخيخية وخارج الهرمية. يظهر تخطيط الدماغ انفراغات poly spikewave خاصة في الفص القفوي مع بطء مترق ونظم قاعدي مضطرب.
من الصعب السيطرة على هذه الاختلاجات، وقد تستجيب لمشاركة الفالبروات مع بنزوديازبيم مثل clonazepam.
ينتقل مرض لافورا صفة صبغية متنحية، ويؤكد التشخيص بالخزعة الجلدية التي تظهر فيها أجسام اندخالية إيجابية لصبغة شيف.
> داء لينوكس - غاستو Lennox - Gastaut: يتظاهر هذا النوع من الاختلاجات بين عمر 3-7 سنوات، ويتميز بعدة أنواع من الاختلاجات أكثرها شيوعاً الطور المقوي إضافة إلى الرمع ونوب السقوط والغيبوبة، يسبق هذا الاضطراب في معظم الحالات التشنج الطفلي مع تأخر تطور روحي حركي. قد تتكرر الحالة الصرعية الاختلاجية وغير الاختلاجية convulsive/ non convulsive status epilepticus في أثناء سير المرض.
يبدي تخطيط الدماغ الكهربائي (مخطط-3) موجات حادة (ذرى) بطيئة 2.5/ ثانية slow spike wave، ويعند الداء على الأدوية المضادة للاختلاج، ويرافق الاختلاجات في 75% من المصابين تأخر عقلي ومشاكل سلوكية. من العلاجات المستعملة الفالبروات واللاموترجين والبنزوديازبين وحديثاً الزونيزامايد zonisamide والفيوريناميد.
المخطط (3) داء لينوكس - غاستو |
> التشنجات الطفلية أو متلازمة ويست infantile spasms¨ West syndrome: تبدأ بين عمر 4 و8 أشهر وتتميز بوجود تقلصات متناظرة في العنق والجذع والأطراف على ثلاثة أنماط:
< بالانعطاف flexor spasms تحدث بصورة مجموعات من الهجمات تتألف من انعطاف العنق والأطراف على الجذع انعطافاً مفاجئاً.
< بالانبساط extensor spasms تحدث بصورة مجموعة من الهجمات تتألف من بسط الجذع والأطراف وهي الأقل شيوعاً.
< مختلطة mixture spasms تتألف من العطف في بعض النوب أو الانبساط في بعضها الآخر، وهي النمط الأكثر شيوعاً.
تستمر نوبة الاختلاج بضع دقائق مع فترات قصيرة بين النوب، وقد يليها أو يسبقها البكاء مما يؤدي إلى الالتباس بالقولنج المعوي colic.
تحدث التشنجات في أثناء النوم أو الاستيقاظ، ولكن تتطور عندما يكون الطفل بحالة وسن أو حالاً بعد الاستيقاظ. تخطيط الدماغ الكهربائي (المخطط-4) مضطرب النظم القاعدي مع هبات عشوائية من مركبات الموجات الحادة والموجات البطيئة spikes and slow waves غير متناظرة وغير متواقتة ثنائية الجانب عالية الفولتاج يدعى اللاانتظام العالي hypsarrhythmia.
المخطط (4) متلازمة ويست (الغرب) |
تصنف التشنجات الطفلية في مجموعتين: أساسية (أولية) أو عرضية. في الحالات الأساسية تكون قصة الحمل بالطفل طبيعية والتطور الروحي والحركي والفحص العصبي وتصوير الرأس بالرنين المغنطيسي كلها طبيعية ولا توجد عوامل خطر مرافقة، وتكوّن هذه المجموعة نحو 10-20% من التشنجات الطفلية.
أما التشنجات الطفلية العرضية symptomatic فترتبط بعوامل ولادية وخلقية تشمل اعتلال الدماغ بنقص الأكسجة hypoxic ischemic encephalopathy، والأخماج الولادية congenital infections. والأخطاء الخلقية في الاستقلاب والمتلازمات الجلدية العصبية كالتصلب الحدبي tuberous sclerosis والتشوهات الدماغية الخلقية كالدماغ الأملس lissencephaly. وتشمل الحالات ما بعد الولادة أخماج الجملة العصبية المركزية ورضوض الرأس والنزف داخل البطينات واعتلال الدماغ بنقص الأكسجة.
الإنذار جيد في التشنجات الطفلية الأساسية، ويحدث تأخر عقلي في 80-90% من المجموعة الثانية، وتترقى حالاتهم لاحقاً إلى أنواع صرعية أخرى. ولطبيعة الآفة العصبية المرافقة شأن مهم في تحديد الإنذار.
تشمل العلاجات الفيغاباترين vigabatrin وفالبروات الصوديوم والستيروئيدات والنيترازبام nitrazepam .
> متلازمة لانداو - كلفنر:Landau- Kleffner syndrome سببها غير معروف وهي أكثر شيوعاً في الصبيان، متوسط العمر حين البدء خمس سنوات ونصف السنة، تتميز هذه الحالة بفقدان المهارات اللغوية. تحدث الاختلاجات في 70% من حالاتها وقد تكون بأنماط متعددة: بؤرية أو خلجانية رمعية معممة أو نوب غياب غير وصفية. وتكثر الاضطرابات السلوكية كالهياج ونقص الانتباه، وتظهر انفراغات كهربائية في مخطط الدماغ في الفصين الصدغيّين (مخطط-5).
المخطط (5) متلازمة لانداو - كلفنر |
CT وMRI سويان، وأما PET scans فقد يبدي نقص الاستقلاب أو زيادته في الجانبين.
يجب أن تبدأ المعالجة الكلامية باكراً وتستمر عدة سنوات. تستجيب الحالة للعلاج بـالكاربامازبين مع كلونازيم أو من دونه. أما فرط الحركة فيعالج بمتيل فينيدات methylphenidate.
استطبابات الرنين المغنطيسي في المصابين بالصرع:
> بدء الاختلاجات بعمر أقل من السنة.
> وجود نقيصة عصبية بالفحص السريري neurologic deficit.
> تأخر أو تراجع التطور الروحي الحركي developmental delay/ regression.
> الاختلاجات الموضعة focal seizures.
> الاختلاجات المعندة refractory seizures.
مبادئ عامة لمعالجة الصرع:
> التأكد من تشخيص النوبة اختلاجية المنشأ مع حدوث اثنتين أو أكثر منها.
> حين الشك يجب الانتظار والمراقبة واستشارة الاختصاصي.
> لا يعطى العلاج تجريبياً أو اعتباطياً.
> البدء بالعلاج بجرعة صغيرة وزيادتها تدريجياً في عدة أسابيع، بحسب الحالة والوزن والسيطرة على النوب.
> حين الحاجة إلى المشاركة الدوائية يدخل الدواء الثاني تدريجياً إلى الجرعة المناسبة يتلوه محاولة سحب الدواء السابق تدريجياً أيضاً.
> يجب الاقتصار على أقل عدد من الأدوية، فواحد أفضل من اثنين أو أكثر.
> الاستمرار بالعلاج مدة سنتين خاليتين من النوب.
> إيقاف الدواء أو الأدوية على نحو بطيء بمدة 4-6 أشهر أو أكثر.
خامساً- الأمراض العصبية العضلية عند الأطفال:
التظاهرات السريرية:
يكون الاضطراب في الأمراض العصبية العضليةneuromuscular conditions إما في الجذور الأمامية للنخاع الشوكي وإما في الأعصاب المحيطية وإما في العضلات.
-1 في مرحلة الوليد: يجب الشك في الأمراض العصبية العضلية في كل وليد لديه تقفع contracture مفاصل متعدد أو رخاوة أو صعوبات في الرضاعة أو اضطرابات تنفسية أو الحاجة إلى الدعم التنفسي على الرغم من عدم وجود إصابة رئوية صريحة. وإن الشلول العينية وانسدال الأجفان (الإطراق) ptosis هي علامات لإصابة عضلية خلقية.
-2 مرحلة الرضاعة والطفولة الباكرة: أهم الأعراض في هذه المرحلة تأخر التطور الحركي (تأخر الجلوس، الزحف، الوقوف) مع تطور ذهني جيد. ولكن قد يرى في بعض الأطفال تأخر تطور روحي وحركي كما في حالة حثل دوشين، لذلك ينصح بعيار إنزيم كرياتين كيناز creatine kinase. يشير الضعف العضلي الذي يرافق الأخماج إلى احتمال وجود الاعتلالات العضلية الخلقية أو حالات الوهن العضلي الولادي.
-3 الطفولة المتأخرة: يكون الضعف العضلي في هذه الأعمار واضحاً لعدم القدرة على النهوض من الاضطجاع من دون التسلق على الساقين (علامة غاور (Gower’s sign (الشكل3)، وكذلك صعوبة صعود السلالم والركض والتعب بسهولة.
الشكل (3) علامة غاور |
وقد يكون المشي على صدر القدمين مؤشراً على وجود علة عصبية عضلية.
الاستقصاءات المخبرية:
يجب انتقاء الاستقصاءات المخبرية لكل حالة على حده وفقاً لعمر البدء، ونمط توزع الضعف العضلي، والتقفعات المفصلية والجنس والقصة العائلية؛ وذلك بسبب تنوع الاستقصاءات وكلفتها.
-1 الدراسات الجينية :DNA لبعض الأمراض العضلية اختبارات جينية عالية الدقة كالحثل العضلي الوتاري (التأتري) myotonic dystrophy والحثل العضلي الوجهي الكتفي العضدي facioscapulohumeral muscular dystrophy وضمور العضل نخاعي المنشأ spinal muscular atrophy وفي مثل هذه الحالات قد تكون دراسة الطفرات الجينية الاختبار الأول المناسب.
-2 خزعة العضلات: تساعد خزعات العضلات ودراستها بالتلوينات المختلفة وبالمجهر الإلكتروني على تشخيص العديد من الأمراض العضلية.
-3 الدراسة الفيزيولوجية العصبية: تساعد دراسة سرعة النقل العصبي nerve conduction velocity وتخطيط العضلات electromyography على التوجيه نحو اعتلالات الأعصاب الأسرية أو الاعتلالات العضلية الولادية أو الاعتلالات العضلية العصبية.
-4 الدراسة الكيميائية: يرتفع الكرياتين كيناز ارتفاعاً بيّناً في معظم الحثول العضلية في حين قد يرتفع ارتفاعاً خفيفاً في الإصابات العضلية العصبية المنشأ، ويكون سوياً في اعتلالات الأعصاب.
قد ترتفع لاكتات الدم في اعتلال العضلات المرافق لبعض اضطرابات المتقدرات. وتفيد معايرة الكارنيتين والأسيل كارنتين carnitine/ acylcarnitine في حالات اضطرابات أكسدة الحموض الدسمة.
-5 تصوير العضلات: قد تظهر الأمواج فوق الصوتية والرنين المغنطيسي بنية العضلات وتوزع الإصابة العضلية في اعتلالات وحثول العضلات، وقد يساعد على انتقاء مكان أخذ الجرعة.
التدبير:
التشخيص الأكيد مهم وضروري لتقييم حالة الطفل ووضع الخطة المستقبلية بحسب إنذار المرض وتطوره. ليس للأمراض العصبية العضلية الوراثية حتى الآن علاج شافٍ حقيقي على الرغم من التطورات الأخيرة في العلاجات الجينية.
إن الهدف من تدبير هذه الحالات يتوجه على نحو أساسي إلى دعم الأسرة وتعليم الطفل والوقاية من المضاعفات وعلاجها وتعزيز القدرات الحركية والتخفيف من الأعراض المرافقة.
سادساً - الحثول العضلية:
تتصف هذه المجموعة من الأمراض بأنها وراثية ومترقية. وتتميز خزعة العضلات بالتغيرات الحثلية التالية:
> اختلاف واضح في حجم الألياف العضلية.
> اندخال ليفي شحمي بين الألياف العضلية من دون ارتشاح التهابي أو ارتشاح خفيف.
> وجود ألياف مفرطة التصنع وألياف ضامرة وألياف عضلية متنكسة ومتنخرة.
ومع تطور التلوينات المناعية يمكن تحديد البروتين العضلي الناقص في العديد من هذه الحالات.
أ- الحثل العضلي لدوشين وبيكر أو اعتلال الديستروفين duchenne/ Becker muscular dystrophy, dystrophinopathy: اعتلال الديستروفين هو أكثر حثل عضلي شيوعاً عند الأطفال، وهو مرتبط بالجنس لذلك فهو يصيب الذكور فقط. وجين الديستروفين المتوضع على الصبغي الجنسي X أكبر جين معروف حتى الآن. تكون الإناث إما سليمات أو حاملات للوراثة مع حدوث تظاهرات سريرية خفيفة للحثل في حوالي 17% منهن.
تتفاوت الإصابة عند الذكور من إصابات باكرة وشديدة إلى إصابات خفيفة متأخرة بالظهور.
تبدأ معظم الحالات الشديدة بأعمار باكرة، ويتأخر المشي ثم تبدأ أعراض الضعف العضلي الصريحة بالظهور في عمر 3-4 سنوات كصعوبة الركض والقفز وصعوبة النهوض من وضعة القرفصاء (علامة(Gower والسقوط المتكرر والتعب المبكر مقارنة بالأقران.
تظهر خزعة العضلات في مرض دوشين غياب بروتين الديستروفين غياباً كاملاً في حين يكون ناقصاً في مرض بيكر.
لا يوجد علاج شاف لهذا المرض حتى الآن. وأظهرت بعض الدراسات أن الستيروئيدات قد تكون لها فائدة في إبطاء سير المرض وتأخير المضاعفات أو تخفيفها.
ب- حثول عضلات زنار الأطراف :limb- girdle muscular dystrophy هي مجموعة من الأمراض تتصف بضعف زنار (حزام) الأطراف، ويختلف بعضها عن بعض باختلاف البروتين العضلي الناقص. قد تكون هذه الأمراض خفيفة إلى شديدة تشابه نظيرتها في نموذج حثل دوشين، وهي تنتقل بصفة جسدية متنحية أو سائدة.
ج- الحثل الوجهي الكتفي العضدي :facioscapulohumeral muscular dystrophy ينتقل هذا المرض على نحو جسدي سائد، ويتميز بالضعف الوجهي مع ضعف في تثبيت لوح الكتف مما يؤدي إلى علامة تجنح اللوحين winging مع ضعف في رفع اليدين فوق الرأس إضافة إلى القعس lordosis الظهري الشديد. لا تصاب العضلة القلبية ولكن قد تحدث بعض اضطرابات النظم. تترقى الإصابة إلى ضعف عضلات ذات الرأسين وذات الرؤوس الثلاثة والعضدية وكذلك الزنار الحوضي.
د- حثل امري دريفيوس Emery-Dreifuss: يتميز هذا الحثل العضلي المرتبط بالجنس بالتطور المبكر للتقفعات العضلية ولاسيما وتر أشيل والمرفقين وعضلات العمود الفقري، مما يؤدي إلى صلابة في العمود الفقري spinal rigidity. وقد يتطور اعتلال العضلة القلبية إلى إحداث حصار قلبي خطير مهدد للحياة.
هـ- الحثل العضلي الوتاري (التأتري) :myotonic dystrophy يورث هذا المرض صفة جسدية سائدة، ويتميز بظاهرة الاستباق anticipation فيزداد المرض شدة،ً ويظهر في أعمار مبكرة عبر الأجيال المتلاحقة، وذلك بسبب الميل إلى زيادة في تكرارية النوكلوتيدات الثلاثية الشاذة في جين المرض CTG Trinucleotide repeatمن جيل إلى جيل.
يتظاهر المرض بأعمار مختلفة بحسب شدة الإصابة. وتتظاهر الإصابات الخلقية منذ الولادة بضعف عضلي وجهي وقصور تنفسي قد يحتاج إلى التهوية الميكانيكية. يكون الضعف العضلي أشد في العضلات القاصية Distal على نمط مغاير لما يشاهد في الحثول الأخرى، ويكون ضعف العضل الوجهي جلياً مع فم مثلثي الشكل. خلل الوتار العضلي (بطء الاسترخاء بعد التقلص) يمكن كشفه بفتح الأصابع بصعوبة وبطء بعد الإطباق لعدة ثوانٍ.
يعد هذا الحثل مرضاً جهازياً ويؤدي إلى الساد cataract واللانظميات القلبية واضطرابات تحرك الأمعاء واضطرابات غدية كالسكري واعتلال دماغي كالنعاس الشديد.
يتم التشخيص باختبارات DNA والكشف عن تكرارية النوكلوتيدات الثلاثية CTG.
-2 الحثول العضلية الخلقية congenital muscular dystrophy:
هي مجموعة من الأمراض تتميز بتبدلات حثلية في الخزعة العضلية، وتتظاهر منذ الولادة أو خلال الأسابيع الأولى من الحياة بضعف عضلي قد ترافقه انكماشات مفصلية مع ارتفاع في إنزيمات العضلات.
تقسم الحثول العضلية الخلقية إلى قسمين بحسب ترافقها والتخلف العقلي أو عدمه.
لا يرافق التخلف العقلي معظم الحثول العضلية الأكثر شيوعاً، كحثل العضلات الخلقي مع عوز الميروسين merosin- deficent muscular dystrophy، وقد ترافقها أحياناً شذوذات دماغية بنيوية ويصاب الأطفال بالصرع في 30% من الحالات.
أما الحثول العضلية الخلقية مع التخلف العقلي فترافقها غالباً تشوهات دماغية كما في حثل فوكوياما Fukuyama.
-3 اعتلالات العضلات الخلقية :congenital myopathies
تتميز هذه المجموعة من الحثول تشريحياً بعدم وجود التنخر والتنكس في الألياف العضلية. وتبدأ أعراض الضعف العضلي باكراً وقد تكون منذ الولادة ويرافق بعضها ضعف عضلي وجهي مع قصور تنفسي باكر؛ وتتميز بعض هذه الاعتلالات بسحنات خاصة أو توزع الإصابات العضلية توزعاً خاصاً، معظم هذه الاعتلالات غير مترقية أو تترقى على نحو بطيء، وتنتقل على نحو جسدي سائد أو متنحٍ مرتبط بالجنس أحياناً.
-4 الضمور العضلي النخاعي المنشأ spinal muscular atrophy:
يحدث هذا المرض بسبب إصابة خلايا القرون الأمامية في النخاع الشوكي مما يؤدي إلى تنكس الجذور العصبية والضمور العضلي، والجين المسؤول عن هذا المرض هو جين "بقيا العصبون الحركي" survival motor neuron (SMN1) الذي يتوضع على الصبغي الخامس. وترتبط شدة الإصابة بجين البروتين المثبط لاستماتة العصبونات neuronal apoptosis inhibitor protein (NAIP).
تكون الإصابة العضلية أشد في الطرفين السفليّين عمّا في العلويَّين مع ضعف عضلي دانٍ وظهور تقلصات حزمية أكثر ما تشاهد في اللسان؛ وحركات خلجانية ناعمة متعددة في الأصابع polyminimyoclonus في الأعمار الأكبر.
يمكن تقسيم هذا المرض إلى ثلاثة أنماط رئيسية:
في النمط الأول تكون الإصابة شديدة باكراً، وقد تظهر منذ الولادة برخاوة عضلية شديدة مع عسر بلع وشَرَق وأخماج تنفسية متكررة ولا يستطيع المصاب الجلوس أبداً، ويموت معظم المصابين قبل نهاية العام الأول من العمر.
وفي النمط الثاني تتظاهر الأعراض في نهاية السنة الأولى ويستطيع الأطفال المصابون الجلوس من دون الوقوف والمشي، وقد يبقون على قيد الحياة حتى بداية العشرينات بمساعدة التهوية الميكانيكية المتقطعة.
أما في النمط الثالث فيمكن للأطفال المصابين المشي مشية متهادية waddling مع وجود قعس قطني lumbar lordosis، ولا يتأثر مأمول الحياة life expectancy في هؤلاء المرضى.
التشخيص: يتأكد التشخيص بتحري طفرة SMN1 إذ تبلغ إيجابيتها نحو 97%. وتبدي خزعة العضل تغيرات عضلية عصبية المنشأ مع وجود حزم من ألياف عضلية متضخمة وأخرى ضامرة.
التدبير: لا علاج شافياً، والتدبير عرضي بدعم التنفس والمعالجة الفيزيائية.
-5 اعتلالات الأعصاب الخلقية :congenital neuropathies
أو داء شاركو- ماري - توث Charcot-Marie-Tooth disease هي مجموعة مختلفة من الأمراض تُورث غالبيتها على نحو سائد. تصنيف هذه الأمراض معقد ولكن هناك صنفان رئيسان:
الأول هو نمط نزع النخاعين demyelination ويتميز ببطء سرعة النقل العصبي، أما النمط الثاني فيصيب المحاوير axonal ويتصف بانخفاض سعة الاستجابة amplitude.
يتظاهر المصابون بالضعف العضلي القاصي distal وبتشوه القدمين غالباً بشكل أقدام مقوسة (القفداء) وضمور عضلي في الساقين وبين الأصابع.
يوضع التشخيص بتخطيط الأعصاب وقياس سرعة النقل العصبي nerve conduction velocity وبدراسة DNA في بعض الحالات.
سابعاً- اضطرابات الحركة :movement disorders
اضطرابات الحركة في الأطفال هي مجموعة من الحالات المختلفة ذات الأسباب المتعددة. قد يساعد نمط الاضطراب الحركي الأساسي على تحديد الآلية الإمراضية ومكان الإصابة. في حين يساعد عمر البدء والموجودات العصبية المرافقة على تصنيف الاضطراب وانتقاء الاستقصاءات. وتكون اضطرابات الحركة مختلطة غالباً؛ إذ يظهر الفحص السريري عدة أنواع من الحركات الشاذة في المريض مع سيطرة أحدها على المشهد السريري.
-1 الرنح (أتكسية) :ataxia
يرافق الرنح إصابات المخيخ، كتشوهات الحفرة الخلفية الخلقية مثل تشوه كياري والقيلة الدماغية وعدم تخلق الدودة المخيخية. وتشمل الأسباب الخمجية الرئيسية للرنح خراج المخيخ والتهاب التيه الحاد والرنح المخيخي الحاد. ويعد MRI الوسيلة المفضلة لاستقصاء التشوهات الخلقية في المخيخ والدودة والبنى ذات العلاقة.
أ- عدم تخلق الدودة المخيخية :agenesis of cerebellar vermis يتظاهر في فترة الرضاعة بنقص مقوية معمم وضعف المنعكسات الوترية العميقة وتأخر التطور الحركي، مع وجود رنح جذعي، ويؤكد MRI التشخيص ويكشف الآفات المرافقة إن وجدت.
ب- داء جوبيرت :Joubert disease هو شكل عائلي للرنح يورث صفة جسدية متنحية. اضطرابات التنفس وصفية في مرحلة الرضاعة وتتميز بحدوث فترات متناوبة من فرط التهوية وتوقف التنفس، وقد يرافقها تخلف عقلي واضطراب حركات العين.
ج- الرنح المخيخي الحاد :acute cerebellar ataxia يصيب على نحو رئيس الأطفال بعمر 1-3 سنوات ويُشخص بنفي باقي أسباب الرنح. يحدث غالباً بعد مرض ڤيروسي مثل الحماق أو أخماج ڤيروسات الكوكساكي أو الإيكو بنحو 2-3 أسابيع، ويعتقد أنه يمثل استجابة مناعية ذاتية لعامل ڤيروسي يؤثر في المخيخ. يكون البدء حاداً وقد يكون الرنح الجذعي شديداً يحول دون الوقوف أو الجلوس. والرأرأة الأفقية واضحة في نحو 50% من الحالات، وإذا كان الطفل قادراً على الكلام يظهر عسر التلفظ (الرتة dysarthria).
فحص السائل الدماغي الشوكي CSF سوي غالباً، لا يستطب MRI منوالياً وغالباً ما يكون طبيعياً.
يبدأ الرنح بالتحسن بمدة عدة أسابيع وقد يستمر أحياناً حتى الشهرين. يكون الإنذار بالنسبة إلى الشفاء التام ممتازاً، ولكن تحدث في قليل من المرضى عقابيل طويلة الأمد تشمل اضطرابات الكلام والسلوك إضافة إلى الرنح وعدم تناسق الحركات.
د- التهاب التيه الحاد :acute labyrinthitis قد يكون من الصعب تفريق هذه الحالة عن الرنح المخيخي الحاد عند الدارجين. ترافق الإصابة أخماج الأذن الوسطى والدوار الشديد والقياء وشذوذات وظيفة التيه ولاسيما الاختبار الحراري باستخدام الماء البارد، سير المرض قصير ويشفى تلقائياً.
هـ- متلازمة العين الراقصة dancing eye syndrome أو اعتلال الدماغ الخلجاني :myoclonic encephalopathy هي حالة نادرة تتميز بحدوث رنح مترق ونفضات عضلية رمعية والرمع العيني (حركات نواسية عشوائية في العين). قد ترافق هذه الحالات ورماً أرومياً عصبياً neuroblastoma لذلك يجب نفيه قبل بدء العلاج بالستيروئيدات القشرية.
و- الأسباب السمية: قد ينجم الرنح عن أسباب سمية كمضادات الاختلاج ولاسيما الفينتوئين والكاربامازبين واللاموتريجين والسموم الأخرى كالكحول والتاليوم.
ز- أورام الدماغ: قد تتظاهر أورام الدماغ ولاسيما أورام المخيخ وأورام الفص الجبهي والورم الأرومي العصبي بالرنح.
ح- الاضطرابات الاستقلابية: تتميز بعض الاضطرابات الاستقلابية بحدوث الرنح:
> بيلة حمض الآرجينو سوكسينيك.
> داء هارتنبHartnup ويرافقه تحسس للضياء.
> فقد البروتينات الشحمية بيتا في الدم abetalipoproteinemia الذي يبدأ في الطفولة على شكل إسهال دهني وفشل نمو. وتظهر اللطاخة الدموية وجود الكريات الحمر الشائكة acanthocytosis كما تنقص مستويات الكولسترول والغليسيريدات الثلاثية في المصل؛ أما البروتينات الشحمية بيتا فتكون غائبة من المصل.
يتأخر ظهور الرنح والتهاب الشبكية الصباغي والتهاب الأعصاب المحيطية والضعف العضلي والتخلف العقلي.
ط- الأمراض التنكسية في الجملة العصبية المركزية neurodegenerative diseases:
- (1) رنح توسع الشعيرات ataxia-telangiectasia: هو أكثر حالات الرنح التنكسي شيوعاً وينتقل صفة صبغية جسدية متنحية. يبدأ الرنح بعمر السنتين ويتطور إلى فقدان القدرة على المشي في مرحلة المراهقة. ينجم توسع الأوعية الشعرية الرنحي عن طفرات في جين الداء الذي يتوضع على الصبغي 11q22 -q23. وتعد اللاأدائية الحركية العينية oculomotor apraxia من الموجودات الشائعة، وتعرّف بأنها صعوبة متابعة العين لجسم ما، لذلك يحدث تجاوز الهدف بحركة جانبية من الرأس يليها إعادة تثبيت العينين، كما تعد الرأرأة الأفقية من الموجودات الشائعة أيضاً.
يصبح توسع الأوعية الشعرية واضحاً في منتصف مرحلة الطفولة ويشاهد في الملتحمة البصلية وفوق جسر الأنف وعلى الأذنين والسطوح المكشوفة من الأطراف، ويبدو بفحص الجلد فقدان المرونة. يتعرض الأطفال المصابون برنح توسع الشعيرات لحدوث الأورام اللمفاوية الشبكية (اللمفوما والابيضاض وداء هودجكن) إضافة إلى أورام الدماغ أكثر من سواهم بنسبة 50-100 مثل. تنجم الوفاة عن خمج أو عن انتشار الورم.
- (2) رنح فريدرايخ :Friedreich’s ataxia ينتقل صفة صبغية جسدية متنحية. يبدأ الرنح متأخراً مقارنة برنح توسع الشعيرات، ولكنه يتظاهر قبل عمر 10 سنوات غالباً. يكون الرنح مترقياً ببطء ويشمل الطرفين السفليين بدرجة أشد منه في الطرفين العلويين، ويكون اختبار رومبرغ Romberg إيجابياً والمنعكسات الوترية العميقة غائبة (خاصة منعكس وتر أشيل) والاستجابة الأخمصية بالانبساط. يبدو في المرضى كلام انفجاري مع عسر التلفظ (الرتة). وتوجد الرأرأة عند معظم الأطفال، كما يتميز رنح فريدرايخ بالتشوهات الهيكلية التي تشمل القدم القفداء (القدم المقوسة) pes cavus وأباخس المطرقة، إضافة إلى الجنف الحدبي المترقي. وسبب الوفاة في معظم المرضى هو اعتلال العضلة القلبية الضخامي الذي يتطور إلى قصور القلب الاحتقاني. وهذا المرض معند على المعالجة.
- (3) الرنح الشوكي المخيخي:spinocerebellar ataxia هناك عدة أشكال مشابهة لرنح فريدرايخ.
> ففي داء روسي ليڤي Roussy-Levy disease يكون لدى المصابين ضمور في عضلات الطرف السفلي مع ضمور عضلي يشبه نظيره في اعتلالات الأعصاب الخلقية.
> متلازمة رامسي هانت: ويرافق الرنح فيها صرع رمعي عضلي.
> الضمورات الزيتونية الجسرية المخيخية atrophy olivopontocerebellar (OPCA) تشمل خمسة أنماط فرعية على الأقل، وهي ذات وراثة سائدة dominant تبدأ في العقد الثاني أو الثالث من العمر بحدوث الرنح وشلول الأعصاب القحفية.
-2 الرَقَص :chorea
أ- رقص سيدنهام :Sydenham chorea
هو أكثر أنواع الرقَص المكتسب شيوعاً، وهو التظاهرة العصبية الوحيدة للحمى الرثوية ويشاهد في الأطفال خاصة. إن رقص سيدنهام هو على الأرجح استجابة مناعية ذاتية للجملة العصبية المركزية بعد الإصابة بالمكورات العقدية المجموعة A.
تشمل المظاهر الثلاثة الرئيسة المميزة لرقص سيدنهام: الرقص ونقص المقوية وعدم الثبات العاطفي. يكون الرقص متناظراً، وقد تقتصر حركات الرقص على جانب واحد من الجسم. تكون الحركات سريعة ونفضية، وهي أكثر وضوحاً في الوجه والجذع والقسم القاصي من الأطراف، وتنتقل بسرعة من مجموعة عضلية إلى أخرى، وهي تزداد بالشدة وتختفي في أثناء النوم. قد تكون البداية مفاجئة لكن سير الرقص الوصفي سير مترق ببطء. قد يكون نقص المقوية علامة بارزة، وحين يرافق الرقَص الشديد يصبح الطفل عاجزاً عن تناول الطعام وارتداء الملابس والمشي، يصاب الكلام غالباً ويصبح غير مفهوم أحياناً. وتعد فترات البكاء غير المسيطر عليها مع تقلبات المزاج الشديدة مميزة للمرض، وقد تنجم جزئياً عن الإعاقة الحركية والشعور بالعجز. هناك عدة علامات وصفية ترافق رقص سيدنهام تشمل قبضة الحلاَّب milkmaid’s grip (تقلب شدة الانقباض والارتخاء عند المصافحة) واليد الرقصية choreic hand (اتخاذ اليد المبسوطة شكل الملعقة بسبب العطف عند الرسغ وبسط الأصابع)، وحركة اللسان السريعة darting tongue (عدم القدرة على إبقاء اللسان ممدوداً خارج الفم أكثر من عدة ثوان) وعلامة الكب pronator sign ((دوران الذراع وراحة اليد للخارج عندما ترفع فوق الرأس). قد يستمر رقص سيدنهام عدة أشهر وقد يبقى حتى سنة إلى سنتين، ويحدث عند 20% من الأطفال رقص متكرر مدة سنتين بعد النوبةالأولى. تعالج الحالات ذات العلامات الخفيفة معالجة محافظة مع تجنب الشدة قدر الإمكان أما الرقص المعند فيعالج بتجربة الديازبام وحين فشله تستخدم الفينوتيازينات أو الهالوبيريدول. ومع أن الفينوتيازينات والهالوبيريدول أدوية فعالة في معالجة رقص سيدنهام فإن استخدامها المديد قد يتضاعف بحدوث اضطراب حركي آخر هو عسر الحركة الآجل tardive dyskinesia.
يتعرض المصابون برقص سيدنهام لحدوث التهاب القلب الرثوي ولاسيما التضيق التاجي؛ لذلك يجب البدء بالوقاية بإعطاء البنسلين الفموي يومياً، والاستمرار على ذلك حتى مرحلة الكهولة.
قد تتظاهر الذئبة الحمامية الجهازية SLE أو ترافق أعراضاً وعلامات عصبية تشمل الاختلاجات ومتلازمات الذهان psychoses والتهاب السحايا العقيم وعلامات عصبية معزولة مختلفة بما فيها الرقص. قد يكون الرقص هو العلامة التي تتظاهر بها الذئبة الحمامية الجهازية خاصة في الطفولة، وتكون أضداد الفوسفوليبيد موجودة في المصل في معظم هؤلاء المرضى. يرافق وجود أضداد الفوسفوليبيد الجائلة في الدوران نسبة حدوث عالية من الخثارات الشريانية والوريدية. ويجب تحري وجود أضداد الفوسفوليبيد في كل طفل مصاب برقص مجهول السبب.
ب- داء هنتنغتون :Huntington disease
اضطراب تنكسي مترق في الجملة العصبية المركزية، يصيب نحو 1/10000 من الأشخاص ويورث صفة جسدية سائدة. ينجم داء هنتنغتون عن طفرة جينية تؤدي إلى حدوث متوالية CAG كثيرة التكرار، ويقع هذا الجين على الصبغي 4p16.3. يبدأ المرض بين عمر 35 و55 سنة غالباً، وهو نادر عند الأطفال. ويتميز في الطفولة بحدوث صمل وسوء الوتار (خلل التوتر). يميل الرقص إلى أن يشمل العضلات الدانية وغالباً ما تدمج الحركات الشاذة في أفعال شبه متعمدة كمحاولة لإخفاء الاضطراب الحركي. يكون التخلف العقلي والمشاكل السلوكية واضحة في الأطفال، وتشيع الاختلاجات المقوية الرمعية وهي معندة على مضادات الاختلاج على نحو وصفي. توجد العلامات المخيخية في 50% من الحالات واللاأدائية العينية الحركية oculomotor apraxia في 20% من الحالات. سير المرض أكثر سرعة في الأطفال والفترة الوسطية لحدوث الوفاة هي 8 سنوات مقارنة بـ 14 سنة عند الكهول. يظهر MRI فرط كثافة الأتبة (البَطامَة) putamen في البالغين المصابين بالشكل الصملي اللاحركي akinetic-rigid form. لا توجد معالجة نوعية لداء هنتنغتون، ولكن حالما يثبت التشخيص يجب على طبيب الأطفال طلب استشارة وراثية للعائلة. ومع أن الفحص البيولوجي الجزيئي (تكرار النوكليوتيد الثلاثي (CAG متوافر فإن استخدامه غير مستحب في الأطفال دون سن الرشد. يرتكس المرضى البالغون اللاعرضيون (قبل ظهور الأعراض) الذين يكون الاختبار إيجابياً فيهم على نحو يماثل ارتكاس المصابين بالسرطان حين تثبت إصابتهم.
الأسباب الأخرى للرقص: تشمل الاختلاجات اللانموذجية والانسمام الدوائي (مثل الفينتوئين والأميتربتيلين والفولفينازين) والاختلاجات المحرضة بالهرمونات (مثل مانعات الحمل الفموية) والحمل/ الرقص الحملي chorea gravidarum وداء لايم وقصور الدريقات وفرط الدرقية وداء ويلسون). كذلك قد يحدث الرقص بعد جراحة القلب وتوقف الدوران.
-3 خلل الوتار (خلل التوتر) :dystonias
الوتار هو حركة انفتالية دورانية بطيئة متقطعة تحدث دوراناً ووضعية مبالغ فيهما في الأطراف والجذع. تشمل الأسباب الرئيسة للوتار الاختناق حول الولادة والوتار العضلي المشوه والأدوية وداء ويلسون (التنكس الكبدي العدسي).
أ- خلل الوتار العضلي المشوه :dystonia musculorum deformans (DMD) هو اضطراب مترق ببطء يبدأ في الطفولة وتبلغ نسبة حدوثه 1/1000، وهو مجهول السبب، يورث DMD صفة جسدية سائدة.
ينجم هذا الاضطراب عن طفرات في جين DMD الذي يتوضع على الصبغي 9q34. يكون المظهر الأول للمرض خلال الطفولة غالباً اتخاذ وضعية معينة في الطرف السفلي في جانب واحد وخاصة في القدم التي تتخذ وضعية البسط مع الدوران؛ الأمر الذي يسبب المشي على صدر القدم tiptoe walking. تكون حركات خلل التوتر متقطعة في البداية وتزداد في حالات الشدة، وفي النهاية تصاب الأطراف الأربعة وعضلات الجذع إضافة إلى عضلات الوجه واللسان ويتأذى الكلام والبلع. قد يستجيب المرضى المصابون بخلل التوتر المعمم لجرعات عالية من التري هكسي فينيديل (Artane) trihexyphenidyl، وتشمل الأدوية الأخرى الفعالة: الكاربامازبين والليفودوبا والديازبام والبروموكربتين. ويفيد تنبيه الدماغ العميق deep brain stimulation عن طريق مساري تُزرع داخل النوى القاعدية.
ب- خلل الوتار المستجيب للدوبا dopa-responsive dystonia (DRD) أو داء سيغاوا Segawa: هو أحد أشكال خلل التوتر الأساسي في الطفولة، وهو أكثر شيوعاً في الإناث، ويتظاهر وصفياً بعمر 6.5 سنة وسطياً بحدوث وضعية خلل توتر في الطرف السفلي. يتوضع جين خلل الوتار المستجيب للدوبا على الصبغي 14q 22.1- 22.2وهو يرمز إنزيم GTP سيكلوهيدرولاز، المرض أسري مع وراثة جسدية سائدة. يستجيب DRD على نحو واضح لجرعات صغيرة يومياً (50-250ملغ) من الليفودوبا levodopa.
ج- خلل الوتار الشدفي segmental dystonia: وهو أكثر شيوعاً عند البالغين، ويميل إلى أن يقتصر على مجموعة محددة من العضلات، وهو يشمل معص الكاتب writer’s cramp وتشنج الجفن وخلل التوتر الفموي الفكي السفلي buccomandibular dystonia. قد يستجيب الأشخاص البالغون المصابون بخلل التوتر الشدفي خاصة تشنج الجفن إلى الحقن الموضعي للذيفان الوشيقي. أما استئصال المهاد القري cryothalamectomy مع توضع آفة في المهاد البطيني الجانبي فيحتفظ به على نحو رئيس للمرضى الذين لديهم إصابة بالطرف.
د- الأدوية: هناك أدوية محددة قادرة على إحداث ارتكاس خلل الوتار الحاد عند الأطفال. قد تسبب الجرعات العلاجية من الفينتوئين أو الكاربامازبين نادراً خلل توتر مترقياً في الأطفال. قد يحدث ارتكاس تحسسي ذاتي idiosyncratic reaction تجاه مركبات الفينوتيازين يتميز بوضعة خلل توتر حاد. إعطاء الدي فنهيدرامين وريدياً يؤدي إلى تراجع سريع لخلل التوتر الناجم عن الأدوية.
هـ- داء ويلسون :Wilson disease عيب خلقي في نقل النحاس نادر الحدوث (تبلغ نسبة حدوثه 1/40000 حتى 1/100000 من الولادات الحية) يورث صفة جسدية متنحية. ويتميز بحدوث تشمع الكبد وتبدلات تنكسية في الجملة العصبية المركزية خاصة في النوى القاعدية.
حدد موقع الجين المسؤول عن داء ويلسون على الصبغي 13q14 -21. وعرف أن هناك طفرات عديدة في جين داء ويلسون هي المسؤولة عن تنوع تظاهرات المرض. الآلية الأساسية في داء ويلسون هي نقص إطراح النحاس عن طريق الصفراء، وهو ناجم جزئياً عن عيب ليزوزيمي في خلايا الكبد. الأعراض الأولى للداء عند الأطفال هي أعراض كبدية كثيراً ما تفسر خطأ على أنها التهاب كبد خمجي، ونادراً ما تحدث المظاهر العصبية لداء ويلسون قبل عمر 10 سنوات. خلل التوتر المترقي هو العرض الأول غالباً ثم يحدث الرعاش (الرجفان) في الأطراف، ويكون وحيد الجانب في البداية ثم يصبح في النهاية رعاشاً خشناً معمّماً ومعنّداً (يدعى رعاش خفق الجناح wing- beating tremor). ويشاهد فرط الإلعاب والابتسامة الجامدة والرتة (عسر التلفظ) والصمل والتقفع وخلل التوتر والرقص الكنعي. وتعد حلقة كايزر - فليشر Kayser -Fleischer ring علامة مميزة وهي أفضل ما ترى باستخدام المصباح الشقي. يصبح المرضى غير المعالجين وعلى نحو وصفي طريحي الفراش ومعتوهين.
و- داء هاليرفوردن - سباتز :Hallervorden - Spatz اضطراب تنكسي نادر يورث صفة جسدية متنحية ويتوضع الجين على الصبغي 20q13. تبدأ الآفة في الطفولة وتتميز بخلل وتار مترق وصمل ورقص كنعي ويصبح الشناج spasticity مع الاستجابة الأخمصية بالانبساط والرتة وتدهور الذكاء واضحة في طور المراهقة. يظهر التشريح المرضي العصبي وجود تجمعات شديدة من الأصبغة الحاوية على الحديد في الجسم الشاحب والمادة السوداء.
ز- الكنع athetosis: يرافق الأذية الدماغية حول الولادة على نحو شائع، ويكون أحياناً الاضطراب الحركي الرئيس في حالة التحساس الذاتي idiosyncrasy من الفينوتيازين. قد يحدث داء الرقص الكنعي choreoathetosis بعد إجراء عمليات المجازة القلبية بالتبريد لعلاج آفات القلب الخلقية.
ح- الرعاش (الرجفان) tremor: هو حركة لا إرادية تتميز باهتزاز منتظم في جزء من الجسم. قد يكون الرعاش واضحاً في أثناء الراحة resting tremor أو مع تثبيت الوضعة postural tremor أو مع الحركةaction tremor . يعرف التململ العصبي (النفرزة) jitteriness بأنه رجفانات نظمية تحدث حول محور ثابت وتكون ذات سعة متساوية وهي أكثر حركة لا إرادية شيوعاً في الرضع السليمين. يكون التململ العصبي أكثر وضوحاً حين يبكي الرضيع أو يفحص(مثل منعكس مورو)، وتعد غير طبيعية حين يكون الرضيع مستيقظاً ومتنبهاً أو إذا استمر الرجفان إلى ما بعد الأسبوع الثاني من العمر. تشمل الأسباب العضوية للنفرزة الخمج والنزف داخل القحف واعتلال الدماغ بنقص الأكسجة ونقص سكر الدم ونقص كلسيوم الدم ونقص مغنزيوم الدم والتعرض قبل الولادة للماريجوانا الوالدية ومتلازمة سحب المخدرات.
ط- الرعاش الأساسي :essential tremor مرض عائلي يورث صفة جسدية سائدة. قد تبدأ الحالة خلال الطفولة وتكون عادة مترقية ببطء. يكون الرجفان وعلى نحو وصفي وضعياً (له علاقة بالوضعية) وهو يختفي على نحو شائع في أثناء الراحة. إذا سبب الرجفان صعوبة في الكتابة أو نشاطات الحياة اليومية يعطى لعلاجه البروبرانولول أو البريميدون وتكون الاستجابة جيدة عادة. يحدث رجفان الكتابة الأولي primary writing tremor في أثناء الكتابة ويتميز برجفان نفضي ويستجيب غالباً لحاصرات بيتا أو الأدوية المضادة للكولين.
ي- الأدوية: تشمل الأدوية التي قد تسبب الرجفان الأمفيتامينات وحمض الفالبروات ومضادات الذهان neuroleptics ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة والكافئين والتيوفللين.
ك- الاضطرابات الاستقلابية: قد يكون الرعاش التظاهرة الأولى للاضطرابات الاستقلابية وتشمل نقص سكر الدم وفرط نشاط الدرقية والورم الأرومي العصبي وورم القواتم. يتظاهر داء ويلسون غالباً برجفان الوضعة ويستمر مع الحركة.
قد يحدث في الأطفال الذين شفوا من رض الرأس الشديد رعاش في الأجزاء الدانية من الجسم يتفاقم بالحركة ويستجيب للبروبرانولول.
ثامناً - الاضطرابات التنكسية في الجملة العصبية المركزية:
الاضطرابات التنكسية العصبية neurodegenerative disorders هي مجموعة من الأمراض تؤدي إلى تدهور مترقٍ في الوظائف العصبية مع فقدان القدرة على التنقل أو النطق أو السمع أو الرؤية، وكثيراً ما ترافقها اختلاجات وتقهقر ذهني. النسبة الكلية لحدوث هذه الأمراض نحو 0.6 لكل ألف ولادة حية.
على الرغم من ندرة هذه الأمراض فإن التشخيص الدقيق إن أمكن مهم لتحديد الإنذار ونمط الوراثة. وقد يحتاج بعضها إلى العلاج الباكر للحصول على النتائج الجيدة، كما في داء ويلسون.
المقاربة السريرية:
> القصة: من الضروري التأكد من قصة التراجع وفقد المهارات المكتسبة لتمييز الأمراض التنكسية من الأمراض غير المترقية والثابتة.
التطور الروحي الحركي الأولي سوي غالباً أو شبه سوي، يتلوه مرحلة من التباطؤ أو التوقف، مع عدم اكتساب مهارات جديدة، ثم يبدأ التراجع بفقدان المهارات السابقة.
قد يكون البدء مخاتلاً أو حاداً أحياناً يرافق الأخماج الڤيروسية. وقد يترقى التراجع على نحو متدرج وثابت، أو بسرعة أحياناً.
> إصابة المادة البيضاء أو الرمادية: تؤدي إصابة المادة البيضاء على نحو أساسي إلى اضطراب حركي مع علامات إصابة عصبون علوي كالتشنج وصعوبة التنقل. أما إصابة المادة الرمادية فتؤدي إلى تراجع عقلي وذهني وتراجع القدرات البصرية أو السمعية وكذلك الاختلاجات.
> الأعراض الجهازية: من الشائع اشتراك الأجهزة الأخرى في الأمراض التنكسية العصبية كما في الإصابة العينية والضخامات الحشوية والتشوهات الهيكلية كما ترافق البقع والتصبغات الجلدية الاضطرابات الجلدية العصبية.
> القصة العائلية: تورث معظم الأمراض التنكسية العصبية خصوصاً الاستقلابية صفة جسدية متنحية فالقصة العائلية لإصابات الأقارب وزواج الأقارب قد تكون موجهة ومساعدة على التشخيص.
التظاهرات السريرية بحسب العمر:
-1 مرحلة الرضاعة (0-2 سنة): التظاهرات صعبة التمييز ومخاتلة. يبدأ التراجع بفقد الطفل الاهتمام بالمحيط مع عدم اكتساب المهارات التطورية الحركية الروحية للعمر.
حين عدم وجود دلائل سريرية (ضخامات حشوية أو تبدلات جلدية) يجب التفكير بقصور الدرقية واعتلالات الحموض الأمينية والعضوية، وفرط غليسين الدم اللاكيتوني non- ketotic hyperglycinaemia وداء منكز Menkes وتتظاهر في هذا العمر بالاختلاجات والهياج والبكاء الذي يرافق القعس الظهري مع ضخامات حشوية أو من دونها ولهذه التغيرات أسباب متعددة (الجدول 1).
|
(جدول رقم 1) التراجع الروحي الحركي في مرحلة الرضاعة |
-2 مرحلة ما قبل المدرسة (2-5 سنوات): يؤثر التراجع في هذا العمر في اللغة والسلوك والتنقل. قد ترافق هذه الاضطرابات مظاهر خفيفة شأن ما يشاهد في داء سان فيلبيو، أو بمظاهر صريحة كالتشنج الشديد كما في حالات حثل المادة البيضاء المتبدل اللون.
تبدأ في هذا العمر المظاهر السريرية لبعض الحالات مع أعراض توحدية (انعزالية) autism مثل متلازمة ريت وأنجلمان. والاختلاجات قد تكون كذلك من المظاهر الأولية للاضطرابات التنكسية (الجدول 2).
|
(جدول رقم2) التراجع الروحي الحركي في مرحلة قبل المدرسة |
-3 مرحلة المدرسة: غالباً ما يتظاهر التراجع هنا في الأداء الدراسي وضعف الذاكرة وبطء التعلم. وقد ترافقها اختلاجات أو لا ترافقها (الجدول 3).
(جدول رقم3) التراجع الروحي الحركي في مرحلة المدرسة |
تصنيف الآفات التنكسية في الجملة العصبية المركزية:
يمكن تصنيف هذه الاضطرابات إلى مجموعات مختلفة:
-1 اضطرابات خزن الليزوزيمات lysosomal storage diseases:
أ- أدواء السفنغولبيد :sphingolipidoses
> غانغليوزيد gangliosidosis.
> داء كرابKrabbe .
> حثل المادة البيضاء المتبدل اللون.
ب- أدواء البروتينات السكرية :glycoproteinose
> الداء الفوكوزيدي fucosidosis.
ج- أدواء عديدات السكاريد المخاطية mucopolysaccharidoses.
د- أدواء الشحوم المخاطية mucolipidoses.
-2 اضطرابات البيروكسوسومات :peroxysomal
> حثل المادة البيضاء الكظري adrenoleukodystrophy.
-3 بيلة الحموض العضوية :organic aciduria
> كانافان Canavan.
-4 اضطرابات استقلاب المعادن:
أ- داء ويلسون Wilson.
ب- داء منكز Menkes.
-5 داء الليبوفوسين الشحمي العصبي neuronal ceroid lipofuscinoses.
-6 التنكسات النخاعية المخيخية spinocerebellar degeneration.
أ- رنح فريدريك Friedreich’s ataxia.
ب- فقد البروتين الشحمي بيتا من الدم Abetalipoproteinaemia.
ج- رنح توسع الشعيرات ataxia telangiectasia.
-7 إصابات النوى القاعدية:
> هاليرفوردن - سباتز Hallervorden- Spatz.
-8 الأخماج مثل التهاب الدماغ المصلب المنتشر تحت الحاد.
بعض الأمراض التنكسية العصبية بحسب العمر: فيما يلي أكثر الأمراض شيوعاً بحسب البدء.
-1 خلال مرحلة الرضاعة (0-2 سنة):
أ- متلازمة ريت Rett’s syndrome: مرض مرتبط بالجنس يصيب الإناث على نحو رئيس. ويمكن كشف جين MEC P2 في 85% من الحالات. يتظاهر بعد فترة من التطور الروحي الحركي الطبيعي تمتد حتى عمر 6-18 شهراً بتراجع النطق والوظائف الدقيقة لليدين واضطرابات النوم والهياج، ويتأخر نمو محيط الرأس مع صغر حجمه.
يؤدي السير السريري إلى تراجع عقلي شديد وحركات يدين متكررة (كغسل اليدين) والتشنج والجنف scoliosis وتحدث اختلاجات في ثلثي المرضى. إضافة إلى نوب فرط التهوية أو حبس النفس.
يعتمد التشخيص على نحو أساسي على القصة السريرية لإصابة أنثى مع صغر حجم الرأس. موجودات EEG غير وصفية.
ب- متلازمة الليبوفوسين العصبي عند الرضيعinfantile neuronal ceroid lipofuscinoses : يدعى هذا المرض أيضاً داء Batten ينتقل بصفة جسدية متنحية ويتميز بتراكم تصبغات دهنية lipopigments في النسج وتصنف بحسب عمر البدء.
يبدأ داء باتين في الرضيع في نهاية السنة الأولى بتوقف التطور الروحي الحركي مع الاختلاجات وفقد الرؤية واضطرابات حركية وصغر الجمجمة، ويترقى الداء تدريجياً إلى فرط الاستثارة والرخاوة ثم تشنجات فرط المقوية.
ويُظهر التشريح المرضي (بالمجهر الإلكتروني) اندخالات حبيبية granular في العصبونات ويتم التشخيص بعيار إنزيمات الكريات البيض ودراسة DNA.
ج- داء كراب :Krabbe يبدأ الشكل الشائع عند الرضيع في الأشهر الأولى بالهياج والتشنجات والتراجع الروحي الحركي، ويتطور المرض إلى فقد المهارات ثم إلى وضعية فصل المخ نحو نهاية السنة الأولى من الحياة، ويتم التشخيص بعيار إنزيمات الكريات البيض.
د- داء تاي - ساكس :Tay- Sachs يتظاهر في الرضيع بين 4-6 شهور بضعف حركي ثم يترقى المرض بسرعة إلى الرخاوة والاختلاجات مع فرط الاستثارة وكبر حجم الرأس وتحدث الوفاة نحو عمر 4 سنوات؛ ويتم التشخيص بمعايرة إنزيمات الكريات البيض.
هـ- داء بليزايوس - ميرزباتشر :Pelizaeus- Merzbacher هو اضطراب نزع نخاعين من المادة البيضاء يصيب المرض الذكور غالباً (X linked)وتوجد جين PLM في 85% من الحالات.
يبدأ في عمر السنة من الحياة بالرأرأة والخزل النصفي السفلي التشنجي واضطرابات حركية. يُظهر الرنين المغنطيسي تغيرات وصفية من نقص النخاعين في المخيخ.
و- حثل المادة البيضاء المتبدل اللون :metachromatic leukodystrophy تبدأ الإصابة في عمر 18 شهراً بالتراجع والرخاوة مع غياب المنعكسات الوترية (اعتلال أعصاب مرافق) تترقى ثم تنتهي بالوفاة في نحو عمر 8 سنوات.
يظهر الرنين المغنطيسي تبدلات متناظرة من نزع الميالين في المادة البيضاء في الدماغ، ويوضع التشخيص بعيار إنزيمات الكريات البيض.
ز- الحثل المحواري العصبي في الرضيع:infantile neuroaxonal dystrophy هو تنكس في الجملة العصبية المركزية والمحيطية يورث صفة جسدية متنحية، يتظاهر بالرخاوة مع ضعف المنعكسات الوترية في السنة الأولى، ويترقى إلى التشنج المعمم وحدوث القعس الظهري، فالوفاة في عمر نحو 5 سنوات.
يظهر التشريح المرضي محاوير شبه كروية الشكل axonal spheroids في خزعة جلد الإبط. يبدو بالرنين المغنطيسي ضمور مخيخ معمم مع نقص كثافة المادة البيضاء.
-2 مرحلة ما قبل المدرسة:
أ- متلازمة الليبوفوسين العصبي الطفلي المتأخر (داء بايتن) :late infantile neuronal ceroid lipofuscinoses يبدأ الداء في عمر 2-4 سنوات غالباً بالاختلاجات الرمعية العضلية والمقوية، ويترقى المرض إلى الصعوبات الحركية والرنح والعمى، وتنتهي بالوفاة في عمر 3-10 سنوات.
يُؤكَّد التشخيص بخزعة الجلد ومعايرة إنزيمات الكريات البيض.
ب- داء سان فيليبو :Sanfilippo هو أحد عديدات السكاريد المخاطية يبدأ بعمر 1-5 سنوات بالتأخر الروحي الحركي يليه بين 3-12 سنة الاضطراب السلوكي، ثَم الحالة الإنباتيةvegetative بين 10-15 سنة والموت بعمر 15-25 سنة. يوضع التشخيص بزيادة إطراح الهيبارين سلفات في البول ويُثبت بعيار إنزيمات الكريات البيض.
ج- داء غوشر النموذج العصبي :Gaucher يتظاهر بأعمار مختلفة (من عمر الرضاعة حتى المراهقة)؛ بعسر حركي عيني وشلل فوق النوى، ثم يترقى المرض إلى الرنح والعتاهة. يؤكَّد التشخيص ببزل النقي ورؤية خلايا غوشر فيه، وبمعايرة إنزيمات الكريات البيض.
المعالجة بتعويض الإنزيمات.
د- التنكس العصبي المترقي في الأطفال (داء ألبير) :Alper: يتضمن هذا المرض اضطرابات تبدو في مرحلة الرضاعة أو الطفولة الباكرة مع إصابة كبدية أو من دونها.
يتظاهر أولاً بالرخاوة وفشل النمو والاختلاجات مع تأخر التطور الروحي الحركي ونقص الوظيفة الكبدية، ويترقى بعد ذلك إلى حدوث نوب صرعية جزئية ونوب معممة، وتحدث الوفاة بالقصور الكبدي. وقد تبين أن حالات القصور الكبدي المثارة بالفالبروات هي سبب الإصابة بداء ألبير.
-3 مرحلة عمر المدرسة (5-12سنة):
أ- متلازمة الليبوفوسين العصبي الشبابي (داء باتين) juvenile neuronal ceroid lipofuscinoses: يتظاهر النموذج الشبابي من داء باتين بعمر 4-14 سنة باضطرابات سلوكية خفية وتراجع الرؤية ويترقى حتى التراجع العقلي والعلامات الهرمية وخارج الهرمية ويحدث العمى بعمر 2-6 سنوات، وتحدث الوفاة بعمر 20 سنة. ويؤكَّد التشخيص بفحص DNA.
ب- حثل المادة البيضاء الكظري المرتبط بالجنس :adrenoleukodystrophy هو اضطراب في البيروكسيمات peroxisomes يورث بصفة مرتبطة بالجنس متنحية، يتظاهر المرض بعمر 4-10 سنوات باضطرابات سلوكية شديدة ويترقى إلى ضعف عضلي سريع مع ضمور العصب البصري واختلاجات، ويتظاهر القصور الكظري على نحو متأخر.
يظهر الرنين المغنطيسي تبدلات وصفية في المادة البيضاء كما تكشف التحاليل المخبرية دلائل على القصور الكظري.
يحسّن العلاج بزيت (لورنزو) Lorenzo الموجودات المخبرية، ولكنه لا يؤثر في الإنذار. تتحسّن الحالة بزرع النقي عند الأطفال المصابين غير العرضئيين.
ج- رنح فريدراخ Friedreich’s ataxia: [ر. الرنح] يتظاهر في الطفولة والمراهقة برنح بطيء مترقٍ مع علامات هرمية واعتلال أعصاب محيطية وغياب المنعكسات الوترية مع علامة بابنسكي والقدم القفداء مقوسة pes cavus في الجانبين. يورث المرض بصفة جسدية متنحية ويعتمد التشخيص على كشف طفرة المرض.
د- داء نيمان - بيك نموذج ) C :(Niemann- Pick C يتظاهر في الطفولة المتأخرة بتراجع عقلي واختلاجات مع شلل القدرة على الحملقة إلى الأعلى vertical gaze palsy، ويترقى المرض إلى الرنح وعسر المقوية والضخامات الحشوية. يظهر بزل النقي خلايا رغوية بلون زرقة البحر ويمكن تحديد طفرة نيمان بيك NPC1) C) في بعض الحالات.
- 4مرحلة المراهقة:
أ- داء ويلسون :Wilson disease يجب تحري هذا المرض في كل حالات التراجع العصبي غير المفسر وتغيرات الشخصية إذ إن العلاج الباكر مهم.
يتظاهر عادة باضطرابات خارج هرمية في مراحل المراهقة (التظاهرات الكبدية في الأعمار المبكرة)، ويمكن كشف حلقة كايزر- فليشر Kayser- Fleischer في القزحية وهي غالباً وصفية لهذا المرض. التشخيص بمعايرة طرح النحاس في بول 24 ساعة.
العلاج الأساسي هو البنسلامين والزنك الذي يخفف من امتصاص النحاس في الأمعاء.
ب- التهاب النخاع المصلب المنتشر تحت الحاد :SSPE هو التهاب مزمن في الجملة العصبية المركزية، يعزى إلى فيروس الحصبة أو بعد لقاح الحصبة نادراً.
يتظاهر المرض بعد 5-7 سنوات من الإصابة بالحصبة باضطراب سلوكي، وبتراجع الأداء الدراسي، يتلوه اختلاجات رمعية معندة. يترقى المرض إلى اضطرابات هرمية وخارج هرمية ثم العتاهة، ويموت المريض عادة بعد 1-3 سنوات من بدء الداء.
يظهر تخطيط الدماغ مركبات دورية وصفية وترتفع أضداد الحصبة في السائل الدماغي الشوكي. لا يوجد علاج فعّال حالياً، وتنتهي الحالة على نحو عام إلى العتاهة والموت.
استقصاءات الأمراض التنكسية:
قد توحي القصة السريرية وأحياناً الموجودات السريرية النوعية التشخيص أو التشخيص التفريقي، ولكن غالباً ما تتشابه الحالات أو تفتقر إلى الموجودات النوعية مما يجعل إجراءات المسح الاستقصائي بما يتناسب مع العمر مبرراً وفي جميع الحالات.
-1 في مرحلة الرضاعة قد تُجرى الاستقصاءات التالية:
أ- هرمونات الغدة الدرقية والحاثة النخامية الدرقية TSH.
ب- الحموض الأمينية في الدم.
ج- الحموض العضوية في البول.
د- إنزيمات الكريات البيض white cells enzymes.
هـ- قد يفيد تخطيط الدماغ في حالات التشنج الطفلي وفرط غليسين الدم اللاكتوني.
و- معايرة اللاكتات والأمونيا وغازات الدم وسكر الدم على الريق.
ز- اختبارات أخرى: عيار نحاس الدم وبزل السائل الدماغي الشوكي لعيار الغليسين والنواقل العصبية.
-2 في مرحلة قبل المدرسة 2-5 سنوات قد تشمل الاستقصاءات بعض مما سبق مع:
أ- الحموض الأمينية في الدم.
ب- الحموض العضوية في البول.
ج- إنزيمات الكريات البيض.
د- خزعة الجلد ودراسات الكمونات البصرية المحرضة.
هـ- دراسات DNA.
و- إنزيمات الكبد واللاكتات وغازات الدم وسكر الدم.
-3 في مرحلة المدرسة تتضمن الاستقصاءات بعض مما سبق مع:
أ- إنزيمات الكريات البيض.
ب- استقصاءات داء باتين (خزعة الجلد والكمونات المثارة البصرية).
ج- دراسة DNA.
د- الحموض الدسمة طويلة السلسلة جداً.
هـ- تخطيط الدماغ.
و- أضداد الحصبة في السائل الدماغي الشوكي.
ز- عيار السيرو بلاسمين والنحاس في الدم ونحاس بول 24 ساعة.
اضطرابات الحموض الأمينية:
تنجم الأذية العصبية في اضطرابات استقلاب الحموض الأمينية عن تراكم مستقلبات سمية في الجسم. وتتظاهر هذه الاضطرابات إما على نحو حاد ولاسيما في الوليد بتثبط عام واختلاجات ووذمة دماغية وإما على نحو تحت حاد وإما مزمن بتراجع عقلي وعتاهة.
لا يوجد في معظم هذه الحالات علامات سريرية صريحة ويعتمد التشخيص على رحلان الحموض الأمينية في الدم ومعايرتها.
أكثر الاضطرابات شيوعاً هي بيلة الهوموسيستين homocystinuria وبيلة شراب القيقب maple syrup disease وبيلة الفينيل كيتون.
> بيلة الفينيل كيتون :phenylketonuria يكون الأطفال المصابون طبيعيّين باكراً بعد الولادة شعرهم أشقر وعيونهم زرق. وإن لم يكشف المرض يترقى إلى التراجع العقلي وصغر حجم الجمجمة والاختلاجات والاضطرابات الهرمية وخارج الهرمية.
يعتمد التشخيص الباكر قبل 3-4 شهور من العمر على اختبارات المسح الجماعي وإذا كان عيار فنيل أمين الدم مرتفعاً أكثر من 1000 مكغ/ل فهو اختيار مشخص.
يعتمد العلاج على نحو أساسي على الحمية قليلة الفينيل ألانين للمحافظة على مستوى من 4-6 ملغ/د.ل. وقد يحتاج الأمر في بعض الحالات إلى إضافة ل. دوبا L.Dopa. والعلاج بمضادات الاختلاجات عند حدوثها.
التصنيف : الجهاز العصبي
النوع : الجهاز العصبي
المجلد: المجلد الثاني عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 424
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 56544584
اليوم : 52240
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
كتاب أمراض الشيخوخة
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
كتاب علم المناعة
-
المجلد الثامن عشر