logo

logo

logo

logo

logo

النكاف

نكاف

mumps - oreillons



النكاف

أحمد شريتح

النكاف والحمل 

 

 

النكاف oreillons أحد أهم أمراض الطفولة الأولى، وهو خمج ڤيروسي حاد يصيب الأطفال في سن المدرسة وفي سن المراهقة، ويشكل خمج الغدد اللعابية (والنكفة خاصة) الإصابة السريرية الأكثر أهمية.

النكاف مرض تطوره سليم غالباً وتبقى المضاعفات العصبية والغدية (الخصية) نادرة نسبياً.

وصف أبقراط Hippocrate النكاف في القرن الخامس قبل الميلاد ولم يعرف أنه مرض مستقل حتى القرن التاسع عشر من قبل العالمين Trousseau وHamilton، وعزل الڤيروس المسبب كل من Johnson وGoodpasture في بداية القرن العشرين. ثم عرفت خصائص ڤيروس النكاف الفيزيائية والبيوكيميائية في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1967.

المسببات:

ڤيروس النكاف mumps virus هو المسبب لمرض النكاف، وهو ڤيروس ذو محفظة يحوي الـ RNA من جنس الڤيروسات المخاطانية paramyxovirus من عائلة الـ Paramyxoviridae. يتميز ڤيروس النكاف بوجود نمط مصلي واحد إذ لا يبدي أي تبدلات مستضدية variations antigéniques (على عكس باقي الڤيروسات من مجموعته).

يحوي الغلاف الشحمي للڤيروس العديد من البروتينات والغليكوبروتينات أهمها:

1- الغليكوبروتين HN: المسؤول عن تثبيت الڤيروس على الخلايا الهدف في الحي (invivo) وعن التراص في الزجاج (in vitro).

2- الغيلكوبروتين F (بروتين الالتحام): المسؤول عن اختراق الڤيروس للخلية في الحي وعن الانحلال الدموي بوجود الكريات الحمر في الزجاج.

الإمراض:

تنتقل العدوى transmission مباشرة من الشخص المصاب في بداية مرضه أي في الطور اللاعرضي. يتكاثر الڤيروس في الخلايا الظهارية لأغشية الطرق التنفسية العليا ثم ينتقل عبر الدم وقد يؤدي إلى إصابات حشوية متعددة.

يظهر الڤيروس في اللعاب قبل 6 أيام من بدء التظاهرات السريرية للمرض، ويختفي بعد خمسة أيام من اكتمال اللوحة السريرية متزامناً مع ارتفاع مستويات الأضداد النوعية الإفرازية «IgA sécrétoires spécifiques». تمتد فترة العدوى نحو عشرة أيام ويستمر طرح الڤيروس في البول لعدة أسابيع.

يسبب الڤيروس داخل الخلايا ظهور الفجوات vacuoles أو النوى ذات المظهر الخاص (الغليظة) noyaux pycnotiques وذلك قبل بدء الانحلال الخلوي.

التظاهرات السريرية:

تراوح فترة حضانة النكاف بين 14 و24 يوماً. يبقى المرض لاعرضياً في نحو 30-40% من المصابين، وتتفاوت شدة الأعراض السريرية كثيراً في المصابين بين أعراض الإنفلونزا والإصابات الحشوية حتى الإصابة العصبية والسحائية.

1- العلامات العامة:

تشبه الأعراض في الـ 48 ساعة الأولى متلازمة الإنفلونزا مع حرارة لا تتجاوز الـ 38.5ْ وآلام عضلية منتشرة (ولاسيما في العنق) وقهم، ودعث، وقياء وتبقى الحالة العامة مقبولة.

2- الإصابات الغدية:

أ- إصابة الغدة النكفية parotidite: تظهر الإصابة في 95% من الحالات العرضية وهي ثنائية الجانب في 90% منها، تكون النكفة مؤلمة عفوياً أو بالمضغ أو بالجس مع آلام أذنية ونادراً ما يرافق الإصابة الضزز الانعكاسي trismus reflexe. تكون فتحة قناة Sténon محمرة بشدة، لكن من دون إفرازات. وتتورم النكفة لتملأ الحيز بين الخشّاء وحافة الفك السفلي الخلفية، ثم يمتد التورم إلى الأمام وإلى الأسفل، ويقدر الورم سريرياً بالرؤية أكثر منه بالجس، ويبلغ التورم ذروته في مدة 1-3 أيام وتندفع شحمة الأذن إلى الأعلى والخارج. وتتراجع إصابة الغدة النكفية في مدة 8-10 أيام غالباً دونما تقيح أو ضمور ثانوي. وتتجلى الإصابة مخبرياًً بارتفاع مستوى الأميلاز اللعابي في الدم والبول.

ب- إصابة الغدد اللعابية: وهي إصابة أقل شيوعاً تكون عادة في الجانبين، ويكون التورم أشد وضوحاً في قاع الفم وتحت الذقن.

جـ- التهاب المعثكلة pancréatite: تبدأ تظاهراته بين اليومين السابع والتاسع من بدء المرض بآلام شرسوفية، وغثيانات أو بشكل بطن جراحي حاد مع ترفع حروري وتدهور الحالة العامة. يندر تطور الإصابة نحو التهاب المعثكلة الحاد النخري ويغلب تراجعها نحو الشفاء.

د- التهاب الخصية الحاد orchite: يندر حدوثه في سن الطفولة في حين ترتفع نسبة الحدوث إلى 15-30% بعد سن البلوغ. تكون إصابة الخصية وحيدة الجانب (في 95% من الحالات) وتزداد خطورة حصول الإصابة ثنائية الجانب مع التقدم بالعمر. وهنا يأتي دور الوقاية بتطبيق اللقاح الحي المضعف. يزداد التشحيص صعوبة حين الإصابة المعزولة للخصية؛ وتأتي إصابة الخصية غالباً بعد 4 إلى 8 أيام من إصابة النكفة فتعود الحرارة إلى الارتفاع ويكون كيس الصفن مؤلماً جداً. يشفى التهاب الخصية غالباً  في أسبوع إلى أسبوعين دونما عقابيل ويصادف ضمور الخصية atrophie testiculaire في 30% من الحالات، وترافق هذه المضاعفة الخطرة حالات نادرة جداً من غياب النطاف azoospermie الناجم عن الالتهاب الخلالي الذي يؤدي إلى التحول الهياليني hyalinisation وإلى تصلب الأنابيب الناقلة للنطاف tubes séminifères.

هـ- التهاب المبيض ovarite: يحدث بنسبة 5% من الحالات ولاسيما بعد سن البلوغ، وينجم عنه ألم بطن وارتفاع الحرارة. ومن عقابيله بعيدة المدى انخفاض معدل الخصوبة hypofertilité وحدوث سن الإياس المبكر.

و- التهاب الثدي mastite: يحدث بعد أسبوع من التهاب الغدة النكفية في اليافعات مع ألم الثدي وزيادة حجمه، وهي مضاعفة نادرة.

وعبور ڤيروس النكاف إلى حليب الأم لم ترافقه حالات عدوى الوليد بالرضاعة الوالدية.

3- الإصابات العصبية:

يتمتع ڤيروس النكاف بتوجه شديد tropisme إلى البنى السحائية والعصبية:

أ- التهاب السحايا النكافي méningite ourlienne: قد تسبق هذه الإصابة الإصابات الغدية (ولاسيما النكفة) أو تتلوها، وقد تكون إصابة السحايا معزولة مما يجعل التشخيص أكثر تعقيداً. تتظاهر المتلازمة السحائية في 50% من الحالات وتكون مخاتلة أو صريحة، ويظهر البزل القطني سائلاً رائقاً غير متوتر وزيادة نسبة بروتين السائل الدماغي الشوكي (0.5-1.5 غرام في اللتر)، ويكون محتوى السائل الدماغي الشوكي طبيعياً في حين تظهر بعض العناصر اللمفاوية.

يبقى مخطط الدماغ الكهربائي طبيعياً. يظهر اختبار الـ ELISA الغلوبولينات المناعية النوعية Ig spécifiques، ويكون إيجابياً في 30-100% من الحالات بالنسبة إلى الـ IgG وفي 75% من الحالات بالنسبة إلى الـ IgM. تتراجع التظاهرات السريرية لالتهاب السحايا كما تتراجع الحرارة في أسبوع تقريباً.

ب- التهاب الدماغ encéphalite: يرافق التهاب السحايا النكافي في 10% من حالاته التهاب الدماغ، وتكون تظاهراته متنوعة:

- تبدل الوعي الذي قد يصل إلى حالة الغيبوبة.

- حدوث النوب الاختلاجية ولاسيما بالأعمار الصغيرة.

- إصابات الأعصاب القحفية التي تحدث في 5% من الحالات (إصابة العصب القحفي الثاني والثالث والخامس والسادس والسابع والتاسع).

- الإصابة السمعية إما مباشرة بإصابة العصب الثامن وإما بالتهاب الدهليز ويرافق ذلك دوار ورأرأرة.

- الرنح المخيخي :ataxie cérébelleuse هي إصابة نادرة، وقد تكون إصابة المخيخ معزولة وترافقها دائماً زيادة اللمفاويات في السائل الدماغي الشوكي، أما التصوير المقطعي المحوسب فيكون طبيعياً.

- حصول إصابة حسية حركية قد تترافق واضطراب عمل المصرات (نتيجة التهاب النخاع) أو حصول متلازمة Guillain- Barre.

- قد يحصل استسقاء الدماغ (موه الرأس) (hydrocéphalie) نتيجة لانسداد قناة Sylvius ولاسيما في صغار الرضع.

- تندر إصابة متن (بارانشيم) الدماغ، وهي إن حدثت ترافقت ونسبة مرتفعة من العقابيل بعد سن البلوغ.

4- إصابات أخرى:

أ- إصابة قلبية وعائية تترافق واضطراب النظم troubles du rythme واضطراب التوصيل conduction. كما وصفت حالات التهاب التامور أو التهاب الشغاف.

ب- إصابة كلوية: تتجلى ببيلة دموية وبروتينية دونما تبدل في وظائف الكلى.

جـ- إصابة عينية وتشمل التهاب القزحية والتهاب الشبكية والمشيمية.

د- إصابة الرئة والجنب وهي نادرة جداً.

هـ- إصابات مفصلية نادرة جداً.

النكاف والحمل:

قد يعرض حدوث النكاف في المرأة الحامل في الثلث الأول من الحمل للإجهاض أو لتشوهات الأجنة، أما الإصابة في فترات الحمل اللاحقة فيندر أن تؤدي إلى التشوهات الولادية، ولكنها قد تؤدي إلى نقص النمو داخل الرحم.

النكاف في الملقحين:

توسع التلقيح ضد النكاف في القرن الماضي، ومع ذلك قد تظهر حالات نكاف في الملقحين ولكن أعراضها وعلاماتها السريرية مخففة جداً ويصعب تشخيصها.

ومع أن النكاف يعد من أمراض الطفولة الأكثر سلامة، لكن يجب الانتباه لإمكان حدوث مضاعفات حادة ومهددة للحياة، أهمها: التهاب الدماغ والمضاعفات العصبية المرافقـة والتهاب المعثكلة النخري الحاد واعتلال الجنين والمضغة، وإصابة الوليد بالاعتلالات التنفسية الشديدة.

تشمل عقابيل الإصابة بڤيروس النكاف الإصابات العصبية الحسية (الصمم)، واضطراب المشي كما تشمل أيضاً ضمور الخصية ونقص الخصوبة على الرغم من ندرتهما.

التشخيص:

يعتمد التشخيص أساساً على التظاهرات السريرية، ويتم تأكيد الإصابة بالفحوص البيولوجية حصرياً للأشكال اللانمطية أو الخطرة أو للدراسات الوبائية.

1- فحوص نوعية:

أ- فحوص مباشرة: يتم فيها عزل الڤيروس من اللعاب والبول والسائل الدماغي الشوكي ونادراً من المصل ثم يزرع الڤيروس بعد التثفيل، وهي عملية شاقة ومكلفة، ولذلك استبدلت بها التقنيات غير المباشرة.

ب- فحوص غير مباشرة: استبدلت تقنيات الـ ELISA  بتقنيات تثبيت المتممة وتثبيط التراص، وهي فحوص كمية Quantitative للـ IgM تجري بفحص مصلي واحد؛ إذ تستمر الأضداد في المصل وسطياً ما بين 12 و 110 أيام. ويمكن الاعتماد على معايرة الـ IgG النوعي في المصل وفي السائل الدماغي الشوكي في حالات التهاب السحايا المشتبه، وذلك للوصول إلى التشخيص الدقيق.

وحديثاً تم الاعتماد كثيراً على تحري الـ IgM اللعابي بوساطة تقنيات المناعة الشعاعية radio-immunologique، وتعدّ ذات حساسية جيدة، علماً أن تقنيات تحري الـ IgA والـ IgG اللعابي تبقى قليلة النوعية.

2- فحوص لانوعية: وتتلخص بارتفاع مستويات أميلاز المصل ولاسيما الإيزو إنزيم P التي توحي بوجود الخمج بڤيروس النكاف في غياب التظاهرات السريرية لإلتهاب النكفة.

الوبائيات:

يستوطن النكاف معظم المجتمعات غير الملقحة، وينتشر الڤيروس من مستودعه البشري بوساطة التماس المباشر والقطيرات المحمولة بالهواء والأدوات الملوثة باللعاب.

وللعوامل التالية شأن في وبائية المرض:

1- الفصول: تقع قمة الحدوث في نهاية الشتاء وبدء فصل الربيع.

2- الكثافة السكانية: لها شأن مهم في انتشار الڤيروس (كما في رياض الأطفال، والمدارس، وأماكن العمل…).

3- تزداد خطورة المرض مع تقدم العمر وتزداد نسبة حدوث المضاعفات والعقابيل بعد سن البلوغ.

4- كان للتمنيع الفعّال بعد إدخال اللقاح عام 1968 أبلغ الأثر في خفض معدل الحدوث السنوي بنسبة 90%.

5- إن غياب التغطية الشاملة باللقاح يسبب تباطؤ نشاط الڤيروس، مما يجعل المراهقين والبالغين أكثر قابلية للإصابة به. ويؤكد هذا  ضرورة إعطاء اللقاح لجميع الأطفال مع إعطاء جرعات استدراك rattrapage قبل دخول المدرسة مباشرة أو في سن البلوغ.

6- تبلغ نسبة الوفيات في الأشكال العصبية نحو 2 لكل 10 آلاف حالة.

المعالجة:

1- المعالجة العرضية:

أ- الراحة والمسكنات.

ب- مضادات الالتهاب غير الستروئيدية في حالات التهاب النكفة الشديد.

جـ- يعطى الأنترفيرون ألفا Interféron alpha في  التهاب الخصية لتخفيض نسبة المضاعفات.

د- في التهاب الدماغ والتهاب المعثكلة الحاد تعطى الأدوية من زمرة مضادات الإفراز antisécrétoires ومضادات القياء مع المراقبة في العناية المشددة.

هـ- المعالجة بالأضداد المناعية تصبح غير مجدية بعد تطور الأعراض السريرية.

2- الإجراءات الوقائية:

أ- عزل المرضى حتى الشفاء السريري ولاسيما في حالة التماس مع المراهقين أو النساء الحوامل.

ب- ليس هناك استخدام فعلي للأضداد المناعية (التمنيع السلبي).

3- التمنيع الفعّال باللقاح vaccination ou prophylaxie active:

ينصح بالتمنيع الفعّال بسبب السراية الشديدة للنكاف في الفترة اللاعرضية ولاسيما بسبب زيادة احتمال حدوث المضاعفات والعقابيل مع تقدم العمر:

 أ- يبقى التلقيح الطريقة المثلى لإنقاص المراضة والوفيات. يتمثل اللقاح بالڤيروس المضعف من خلال المرور المتسلسل في بيوض أجنة الدجاج والزراعة في خلايا جنين الصوص. فعالية اللقاح الوقائية تزيد على 95%، وتعطى الجرعة الأولى منه ضمن اللقاح الثلاثي (حصبة - حصبة ألمانية - نكاف) بدءاً من عمر 12 شهراً. ومن الممكن إعطاء لقاح النكاف معزولاً وحده إجراءً وقائياً في حالات التماس مع المصابين ولاسيما للمراهقين وللنساء في سن الخصوبة والإنجاب وكذلك في حالة الفاشيات. تظهر المناعة بعد التلقيح بأسبوعين وتدوم نحو 10 سنوات. وتعطى جرعة ثانية في سن دخول المدرسة (5) سنوات.

ب - مضادات استطباب اللقاح: الحمل، والحساسية لمكونات اللقاح، والأعواز المناعية الخلقية والمكتسبة وكذلك حالات الأمراض الحموية الحادة.

جـ- الآثار الجانبية للقاح: محدودة عموماً، وتظهر بشكل حمامى ارتكاسية مكان الحقن، ونادراً ما يظهر التهاب النكفة والارتكاس السحائي الذي يزول تلقائياً في بضعة أيام.

 

 

 


التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 91
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 485
الكل : 31265530
اليوم : 13718