logo

logo

logo

logo

logo

التهاب الكبد الفيروسي.

التهاب كبد فيروسي.

viral hepatitis - hépatite virale



التهاب الكبد الڤيروسي

سمير مرعي

التهاب الكبد A التهاب الكبد D
التهاب الكبد B التهاب الكبد E
التهاب الكبد C  التهاب الكبد G

 

 

ما يزال التهاب الكبد الڤيروسي Viral Hepatitis مشكلة صحية مهمة، في الدول المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء، ومكّنت التطورات الحديثة في البيولوجيا الجزيئية من تعرّف الڤيروسات الستة التي تتجلى التظاهرة البدئية للإصابة بهـا بالتهاب الكبد، وفهم الآلية الإمراضية لذلك، وصنّفت تلك الڤيروسات ذات التوجه الكبدي بالأحرف A، B، C، D، E، G. كما يمكن لڤيروسات كثيرة أخرى أن تسبب التهاب الكبد كجزء من مسارها السريري كڤيروس الحلأ البسيط  (HSV) herpes simplex virus ، والڤيروس المضخم للخلايا(CMV) cytomegalovirus  وڤيروس ابشتاين - بار Epstein-Barr virus (EBV)، وڤيروس الحماق varicella، وڤيروس العوز المناعي البشري(HIV) human immunodeficiency virus ، وڤيروس الحصبة الألمانية rubella virus، والڤيروسات الغدية adenovirus، والڤيروسة الصغيرة ب 19 Parvovirus B19، والڤيروسات المنقولة بمفصليات الأرجل، وحين الإصابة بأحد هذه الڤيروسات يكون التهاب الكبد جزءاً من مرض يصيب أجهزة متعددة، وسيتناول البحث الڤيروسات ذات التوجه الكبدي فقط.

أولاً- التهاب الكبد A:

السببيات:

ينتمي ڤيروس التهاب الكبد (HAV) A إلى عائلة الڤيروسات البيكورنية picornaviru، يبلغ قطره 27 نانومتراً ويحوي RNA.

الوبائيات:

طريق الانتقال الأكثر شيوعاً من شخص إلى آخر هو الطريق الغائطي- الفموي fecal- oral route عن طريق تناول الطعام الملوث بالبراز. ويختلف زمن اكتساب الخمج بحسب الحالة الاجتماعية والاقتصادية والظروف الحياتية، ففي البلدان النامية حيث يتوطن الخمج يخمج معظم الناس في العقد الأول من الحياة.

تحدث النسبة الأعلى من الخمج بين الأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة، والنسبة الأدنى تحدث بين البالغين الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة.

تضمنت مصادر الخمج المسجلة في الولايات المتحدة التماس الصميمي الشخصي مع شخص مخموج بڤيروس التهاب الكبد A، ومراكز العناية بالأطفال، والسفر الدولي، وجائحات منقولة بالغذاء أو بالماء، والنشاطات الجنوسية الذكرية male homosexual activity واستخدام الأدوية حقناً Injection drugs.

والانتقال بنقل الدم أو من الأم إلى الوليد (الانتقال العمودي) نادر، وفي 50% تقريباً من الحالات المسجلة لم يحدد مصدر الخمج، ومن المحتمل أن يكون الانتشار الغائطي الفموي من الناس المصابين بأخماج لاعرضيه - ولاسيما الأطفال الصغار- هو السبب في عديد من الحالات مجهولة المصدر.

تحدث معظم أخماج الـ HAV في المجتمعات المزدحمة بشدة، حيث ينتشر الخمج أولاً ضمن أفراد الأسرة ثم ينتشر خارج العائلة، وتعد الفاشيات المنقولة بالغذاء أكثر شيوعاً من المنقولة بالماء.

والانتقال ضمن المستشفى غير عادي، ولكن تم تسجيل فاشيات من المرض انتقلت من المرضى المقبولين في المستشفى إلى العاملين في القطاع الصحي، كما حدثت فاشيات في وحدات العناية المشددة بالوليد من ولدان مخموجين بتسرب الدم المخموج بالـ HAV إلى باقي الولدان.

يحدث المرض السريري اليرقاني بصفة رئيسة في البالغين المماسين للأطفال، ولما كان معظم الأطفال المخموجين في مراكز العناية بالأطفال غير عرضيين، أو أن تظاهرات المرض فيهم غير نوعية؛ فإن انتشار أخماج الـ HAV داخل هذه المراكز وخارجها غالباً ما يحدث قبل معرفة الحالة الأساسية الأولى، وغالباً ما تحدث الفاشيات في المراكز الكبيرة للعناية بالأطفال وفي المراكز التي يقبل فيها أطفال يحفّضون.

وفي معظم الأشخاص المخموجين يكون الطرح الڤيروسي الأعلى في البراز، وقابلية العدوى وانتشار الڤيروس في مدة أسبوع حتى أسبوعين قبل بداية المرض، ثم تتناقص خطورة الانتقال بعد ذلك وتصل إلى أقل نسبة بعد أسبوع من بداية اليرقان، ومع ذلك فإن الڤيروس يمكن أن يكشف في البراز لمدة أطول ولاسيما في الولدان والأطفال الصغار، تراوح فترة الحضانة بين 15-50 يوماً (وسطياً 25-30 يوماً).

التظاهرات السريرية:

تتصف بداية خمج ڤيروس التهاب الكبد بأنها مفاجئة ومصحوبة بشكاوى جهازية تتجلى بحمى ودعث malaise وغثيان وقياء وقهم وعدم ارتياح بطني. تحدث الأعراض الجهازية في نحو 30% من الأطفال المخموجين الذين يقل عمرهم عن 6 سنوات، ويحدث اليرقان في القليل من هؤلاء الأطفال، أما الأطفال الأكبر والبالغون فيكون الخمج فيهم عرضياً ويستمر عدة أسابيع ويحدث اليرقان في 70% من الحالات تقريباً، وقد يحدث المرض المستمر أو الناكس ويستمر مدة 6 أشهر. والتهاب الكبد الصاعق نادر لكنه أكثر شيوعاً في المصابين بمرض كبدي أساسي سابق، ولا يحدث التهاب كبد مزمن.

يكون الطور البادري في الرضع والأطفال في سن ما قبل المدرسة خفيفاً، وقد يمرّ من دون الانتباه له، ويحدث الإسهال غالباً في الأطفال فيما تغلب مشاهدة الإمساك في الكهول. وقد يكون اليرقان في الأطفال صغار السن مخاتلاً إلى درجة لا يمكن معها كشفه إلاّ مخبرياً، وغالباً ما يلاحظ البول الغامق اللون واليرقان بعد ظهور الأعراض الجهازية. تتصف معظم أخماج الـ HAV في الكهول بأنها عرضية وربما كانت الأعراض شديدة الوطأة، وهي تتضمن الألم في الربع العلوي الأيمن من البطن واغمقاق لون البول واليرقان، وتستمر الأعراض فترة تقل عن الشهر، ثم تعود الشهية بالتدريج وكذلك القدرة على تحمل الجهد والإحساس بالصحة الجيدة، ويشفى معظم المصابين شفاءً تاماً. وقد يحدث النكس في بعضهم على مدى عدة أشهر، ومن النادر حدوث التهاب الكبد الصاعق المؤدي إلى الموت. ولا يتطور الالتهاب نحو الازمان ولا يستمر وجود الفيروسات في الدم أو حملها في المعي.

الاختبارات التشخيصية:

يجب التفكير بالإصابة بخمج الـ HAV حين وجود قصة يرقان في العائلة أو الأصدقاء أو رفاق الصف أو مراكز الرعاية اليومية أو في العاملين فيها؛ وحين السفر إلى منطقة يتوطن فيها الـ HAV.

أما مخبرياً فيشخص الخمج الحاد بكشف الـ IgM النوعي المضاد لـ HAV، وهو يرتفع في بداية المرض ويختفي في مدة 4 أشهر، وقد يستمر مدة 6 أشهر أو أكثر، فوجود الـ IgM المصلي يدل على خمج حديث أو معاود وقد تصادف نتائج إيجابية كاذبة. ويصبح الـ Anti-HAV-IgG قابلاً للكشف بعد ظهور الـ IgM بفترة قصيرة، ووجود IgG في الدم مع سلبية الـ Anti-HAV-IGM يدل على إصابة قديمة مع وجود مناعة.

يطرح الڤيروس في البراز قبل بداية الأعراض بأسبوعين حتى مرور أسبوع بعدها، ويلاحظ غالباً ارتفاع الإنزيمات ناقلات الأمين AST وALT، والبيليروبين، والفوسفاتاز القلوية ALP و5 - نيوكليوتيداز وgγGT، ولكن ذلك لا يساعد على التشخيص التفريقي، ويجب أن يقاس   P.TوP.TT من أجل تقدير مدى الأذية الكبدية؛ إذ أن تطاولهما يعدّ علامة إنذارية سيئة ويتطلب الاستشفاء.

المعالجة: داعمة فقط.

المضاعفات:

القاعدة في معظم حالات التهاب الكبد A هي الشفاء، ولكن قد يحدث في بعض الحالات التهاب كبد صاعق، يتجلى بارتفاع ناقلات الأمين ارتفاعاً مترقياً في البداية؛ ثم عودتها إلى الحد الطبيعي أو إلى قيم أدنى من الحد الطبيعي على الرغم من ترقي الإصابة المستمر، وتنحدر وظيفة الكبد التصنيعية ويتطاول زمن البروترومبين (PT) وغالباً ما يرافقه نزف، وتهبط مستويات الألبومين في المصل مما يؤدي إلى حدوث الوذمة والحبن، وترتفع مستويات الأمونيا مما يؤدي إلى حدوث تبدل في الوعي يترقى من الوسن drowsiness نحو الذهول stupor ثم السبات العميق coma، وقد يصل المرض إلى مرحلته الانتهائية ومن ثم الموت في أقل من أسبوع، وقد يكون السير مخاتلاً أحياناً.

الوقاية:

يعدّ الأشخاص المخموجون بـ HAV مصدراً للعدوى مدة تقارب الـ 7 أيام بعد بداية اليرقان، وينبغي إبعادهم في هذه الفترة عن المدرسة أو مراكز رعاية الأطفال أو العمل. ويعد غسل اليدين جيداً أمراً مهماً ولاسيما بعد تبديل الحفاضات وقبل تحضير الطعام أو تقديمه. وفي المستشفى تتبع احتياطات مشددة بما في ذلك غسل اليدين الجيد مدة أسبوع بعد بداية الأعراض من أجل المرضى الذين لم تضبط مصرّاتهم بعد والذين يحفّضون.

1- اللقاح: تقدمت الوقاية من خمج الـ HAV تقدماً كبيراً؛ بعد توافّر اللقاح المعطَل inactivated والممنّع immunogenic الآمن، وهو يستعمل للأطفال بعمر سنتين أو أكثر (وحالياً أكثر من سنة)، تعطى منه جرعتان في العضل يفصل بينهما 6-12 شهراً.

يحدث الانقلاب المصلي في 90% من الأطفال بعد الجرعة الأولى ليصل إلى 100% تقريباً بعد الجرعة الثانية، وقد تكون الاستجابة المناعية في ناقصي المناعة دون المستوى المثالي. ويمكن إعطاء اللقاح مع اللقاحات الأخرى في الوقت نفسه مع اختيار أمكنة مختلفة للإعطاء، والمرشحون لأخذ اللقاح هم: الأطفال الذين يزيد عمرهم على سنة ونصف ويعيشون في مجموعات سكانية يتوطن فيها المرض، أو في حالات تفشي الخمج HAV، والمرضى المصابون بمرض كبدي مزمن، والرجال الجنوسيون homosexual أو ثنائيو الجنس bisexual، ومستخدمو المخدرات زرقاً، والأشخاص المعرضون للخطر مهنياً.

2- الغلوبولين المناعي immune globulin: تتجاوز فعالية الغلوبولين في الوقاية من الخمج العرضي symptomatic infection 85%،؛ حين يعطى عضلياً في مدة أسبوعين من التعرض لخمج الـ HAV، ولا يستطب استخدام IG بعد أكثر من أسبوعين من التعرض.

يستخدم الـ IG للوقاية من التعرض له في الحالات التالية وهي:

أ- القاطنون في منزل المريض والمتماسون جنسياً مع حالات HAV.

ب- الرضع المولودون من أمهات مخموجات بالـ HAV.

ج- فريق مركز رعاية الطفل وموظفوه والأطفال ومن هم على تماس معهم منزلياً في حالات تفشي المرض.

د- حالات تفشي المرض في المؤسسات والمستشفيات.

ولا يوصى باستخدام IG منوالياً في حالات التعرض خارج المنزل والتعرض الفرادي sporadic.

ثانياً- التهاب الكبد B:

السببيات:

ينتمي ڤيروس التهاب الكبد ب (HBV) hepatitis B إلى عائلة الـ Hepadenaviride، وهي مجموعة من الڤيروسات الدنوية DNA ذات التوجه الكبدي ليس لها تأثير ممرض في الخلية noncytopathogenic، يبلغ قطره 42 نانومتراً. يتألف جينوم genome الڤيروس B من DNA ثنائي الطوق double-stranded، مؤلف من 3200 نوويد تقريباً. وقد تمَّ تحديد 4 جينات في هذا الڤيروس هي جينات المستضد السطحي S، واللبي C، وX وP. يحتوي دم المصاب على ذريرتين particles مؤلفتين من المستضد السطحي لالتهاب الكبد ب (HBsAg)، الأولى ذريرة كروية الشكل بقطر 22 نانومتراً، والثانية ذريرة نبيبية الشكل tubular عريضة ذات أطوال مختلفة تصل حتى 200 نانومتر. يحتوي الجزء الداخلي من الجسيم الڤيروسي virion على مستضد التهاب الكبد ب اللبي (HBcAg) والقفيصة النووية nucleocapsid التي ترمز لـ DNA الڤيروس، ومستضد غير بنيوي nonstructural يدعى المستضد e لالتهاب الكبد ب (HBeAg)، وهذا المستضد يعمل كواسم marker للتكاثر الڤيروسي الفعّال.

الوبائيات:

ينتقل الـ HBV بالدم وسوائل الجسم بما فيها نتحات الجروح والمني، ومفرزات عنق الرحم، واللعاب، وأكثر ما يكون تركيزه في الدم والمصل، وأقله في اللعاب.

يعدّ الأشخاص المصابون بخمج بالـ HBV المستودعات الأساسية للخمج، وطرق الانتقال الشائعة هي التعرض لسوائل الجسم المخموجة عبر الجلد percutaneous وعبر الأغشية المخاطية أو باستخدام المحاقن غير المعقمة، أو بالاتصال الجنسي مع شخص مخموج، والتعرض حوالي الولادة perinatal لأم مخموجة. وقد أصبح الانتقال بوساطة نقل الدم المخموج أو مشتقات الدم نادراً حالياً في الكثير من الدول المتقدمة بسبب تقصي المتبرعين بالدم منوالياً وتعطيل الڤيروس في بعض المشتقات الدموية. قد يحدث الانتقال من شخص إلى آخر في بعض حالات التماس لفترات طويلة كالسكن ضمن عائلة فيها شخص مصاب بخمج مزمن بالـ HBV، وضمن الأسرة الواحدة حيث يحدث الانتقال غير الجنسي بصفة أساسية من طفل إلى آخر، والخطورة في الأطفال الأصغر سناً أعلى لاكتساب الخمج.

 الآليات الدقيقة للانتقال من طفل إلى آخر غير معروفة، ويبدو أن تماس الجلد غير السليم أو الأغشية المخاطية بالمفرزات الملوثة بالدم أو ربما اللعاب هي الطرق الأكثر احتمالاً للانتقال، وقد يحدث الانتقال عبر الاشتراك باستخدام بعض الأدوات مثل أجهزة غسيل الملابس، ودورات المياه، وشفرات الحلاقة أو فرشاة الأسنان. ويبقى HBV حيّاً في البيئة مدة أسبوع أو أكثر، لكنه غير فعّال inactivated باستخدام المطهرات الشائعة مثل مبيض الثياب المنزلي الممدد بالماء بنسبة واحد إلى عشرة.

ولا ينتقل HBV بالطريق البرازي - الفموي. وعلى الرغم من اكتشاف الـ HBsAg في حليب الأمهات المخموجات أحياناً؛ فإن الإرضاع الوالدي من ثدي الأمهات المخموجات ليس أكبر خطراً في إصابة الرضع بالتهاب الكبد من الإرضاع الاصطناعي، على الرغم من احتمال تسرب الڤيروس الموجود في دم الأم إلى الرضيع عبر التشققات الموجودة في حلمة الثدي.

أما انتقال HBV حوالي الولادة فكثير الحدوث ويتم في أثناء المخاض أو الولادة، والانتقال ضمن الرحم نادر، ونسبته أقل من 2% من الأخماج حوالي الولادة في معظم الدراسات.

ونسبة اكتساب الوليد للـ HBV من الأم المخموجة تصل إلى 70%- 90% من الولدان من أمهات فيهن HBsAg و HBeAg إيجابيان، وتنخفض هذه النسبة إلى 5%-20% إذا كانت الـ HBeAg سلبية في الأم.

أثبتت دراسات عديدة أن نسبة انتقال الـ HBV في الطفولة الباكرة أعلى بكثير من انتقالها حوالي الولادة، وقدرت حالات الأطفال المخموجين بالـ HBV سنوياً في الولايات المتحدة في الثمانينات وقبل إدخال لقاح الـ HBV منوالياً في خطة تمنيع الأطفال؛ بـ 16000 حالة، وكانت النسبة الأعلى من الانتقال بين الأطفال المهاجرين إلى الولايات المتحدة من البلدان التي يتوطن فيها الـ HBV مثل جنوبي آسيا والصين. وتتضمن عوامل الخطورة الأخرى في الأطفال الصغار:

أ- التماس المنزلي مع شخص مصاب بخمج مزمن بالـ HBV.

ب- الإقامة في مؤسسات العناية بالعجزة والمعوقين.

ج- مرضى التحال الدموي hemodialysis.

د- مرضى اضطرابات عوامل التخثر الذين يتلقون مشتقات الدم على نحو متكرر.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت خطورة انتقال المرض مهملة نتيجة انتشار لقاح الـ HBV، وانخفضت نسبة أخماج الـ HBV الجديدة في الأطفال إلى أقل من 10%، وأصبح الخمج الحاد بالـ HBV أكثر شيوعاً بين المراهقين والبالغين ولاسيما في مجموعات الخطورة التالية: مستخدمي المخدرات زرقاً، وتعدد الشركاء الجنسيين، والشباب الصغار الذين يمارسون الجنس مع الرجال، والتعرض للدم ولسوائل الجسم الأخرى، ومجموعة المؤسسات وبرامج خدمة الأطفال المعوقين، ومرضى التحال الدموي، والاتصالات الجنسية والتماس المنزلي مع شخص مصاب بخمج حاد أو مزمن بالـ HBV. وثلث الأشخاص المخموجين ليس فيهم عامل خطورة، ونسبة الخمج بين المراهقين والبالغين السود تزيد 3-4 أضعاف عمّا هي في البيض، كما أن HBV في المراهقين والبالغين ترافقه أمراض أخرى منتقلة بالجنس تتضمن الإفرنجي syphilis والخمج بـ HIV (ڤيروس العوز المناعي المكتسب).

تختلف درجة شيوع خمج الـ HBV وطرق الانتقال اختلافاً واضحاً من بلد إلى آخر، فتوطن HBV خفيف في معظم مناطق الولايات المتحدة وكندا وأوربا الغربية وأستراليا، ويحدث الخمج بصفة أساسية في المراهقين والبالغين، وتقدر نسبة المواطنين المصابين بخمج مزمن بـ 0.2-0.9%، في حين أن الـ HBV يتوطن بكثرة في الصين وجنوبي آسيا وأوربا الشرقية ووسط آسيا من الجمهوريات السوڤييتية سابقاً، ومعظم الشرق الأوسط وإفريقيا وحوض الأمازون وجزر الباسيفيك. وفي هذه المناطق تحدث معظم أخماج الـ HBV في الرضع والأطفال الذين تقل سنهم عن 5 سنوات، وتبلغ نسبة من أصيبوا بالخمج 70%- 90% من عامة البالغين، والخمج مزمن في 8% إلى 15% من مجموع السكان.

ونسبة استيطان الخمج فيما تبقى من مناطق العالم متوسطة، ونسبة الخمج المزمن فيها 2% إلى 7% من مجموع السكان. تراوح فترة الحضانة incubation period في الخمج الحاد من 45 إلى 160 يوماً (وسطياً 60 يوماً).

التظاهرات السريرية:

يتظاهر HBV في الشخص المصاب بعدة أعراض سريرية غير نوعية مثل القهم والغثيان والدعث، أو يتظاهر بشكل التهاب كبد مع يرقان، أو بشكل التهاب كبد صاعق مميت، الخمج اللاعرضي شائع. ومن المحتمل تعلق المظاهر السريرية بالعمر، فالتهاب الكبد اللايرقاني anicteric أو الخمج اللاعرضي أكثر شيوعاً في صغار الأطفال.

وقد تظهر باكراً في سير المرض مظاهر خارج كبدية تسبق اليرقان مثل الآلام المفصلية، والتهاب المفصل arthritis، والطفح البقعي macular rashes، ونقص صفيحات الدم thrombocytopenia، والتهاب جلد الأطراف الحطاطي acrodermatitis (متلازمة Gianotti- Crosti). ولا يمكن تمييز التهاب الكبد B من الأشكال الأخرى لالتهابات الكبد الحادة استناداً إلى العلامات أو الأعراض السريرية أو الموجودات المخبرية غير النوعية.

يعرّف التهاب الكبد المزمن بالـ HBV بأنه وجود مستضد التهاب الكبد السطحي (HBsAg) في المصل مدة 6 أشهر على الأقل بعد بدء التهاب الكبد، أو بوجود HBsAg في شخص فيه الاختبارات سلبية بالنسبة إلى الأضداد النوعية للمستضد اللبي لڤيروس التهاب الكبد (Anti-HBc).

يحدِّد عمر الطفل حين الإصابة بالخمج الحاد تطوره إلى خمج مزمن؛ إذ يحدث خمج HBV المزمن في 90% من الرضع المخموجين حوالي الولادة، وفي 25-50% من الأطفال المخموجين بين 1-5 سنوات من العمر، وفي 6-10% من المخموجين في مرحلة الطفولة الأكبر والبلوغ، كما تزداد خطورة التطور نحو خمج مزمن في المضعفين مناعياً والمصابين بمرض أساسي مزمن.

ويصاب أكثر من 25% من الرضع والأطفال الأكبر الذين يصابون بالخمج المزمن بالـ HBV بتشمع cirrhosis أو كارسينوما الخلية الكبدية.

 تكون مستويات ناقلات الأمين  alanine transaminaseطبيعية في الأطفال المخموجين حوالي الولادة، وتكون التبدلات النسجية الكبدية طفيفة كذلك لعدة سنوات أو عقود بعد الخمج البدئي. أمّا الخمج المزمن المكتسب في مرحلة متأخرة من الطفولة أو في المراهقة فيرافقه مرض كبدي أكثر فاعلية مع ارتفاع مستويات ناقلات الأمين المصلية.

والمرضى إيجابيو المستضد (HBeAg-Positive Chronic Hepatitis B) HBeAg E تكون تراكيز HBV-DNA والـ HBsAg فيهم عالية وهم أكثر نقلاً للخمج.

يرافق الانقلاب المصلي ووجود أضداد (Anti-HBeAg) HBeAg وتناقص الـ HBV-DNA ونقص تراكيز ناقلات الأمين (ALT)، وقد يكون مسبوقاً بسورة exacerbation عابرة من المرض الكبدي. ويمكن أن يحدث الانقلاب المصلي reversion أيضاً مع غياب (Anti-HBeAg).

وتتحول الإصابة في بعض المرضى مع مرور الوقت إلى خمج مزمن لا يرقاني بالـ HBV، ويبقى المستضد السطحي HBsAg إيجابياً وتتناقص تراكيز HBV-DNA وقد يختفي HBeAg وتظهر أضداد HBeAg.

قد تحدث في المرضى المصابين بالتهاب كبد مزمن لا يرقاني هجمات أو سورات من التهاب الكبد، وقد يبدو في بعض المرضى الذين يتخلصون من الـ HBeAg تبدلات نسجية تدل على أذية كبدية. والمرضى الذين تبدو فيهم هذه التبدلات النسجية الدالة على التهاب كبد مزمن ب - بقطع النظر عن حالة HBeAg - معرضون للوفاة بدرجة عالية بسبب القصور الكبدي مقارنة بالمصابين بالتهاب الكبد ب من دون هذه التبدلات النسجية لالتهاب الكبد أو التليف fibrosis. والعوامل الأخرى التي قد تؤثر في السير الطبيعي لالتهاب الكبد المزمن هي الجنس والعرق وإدمان الكحول ووجود ڤيروسات التهاب الكبد الأخرى C أو D.

يعرّف شفاء التهاب الكبد ب بأنه تخلّص الجسم من HBsAg، وعودة تراكيز إنزيمات ناقلات الأمين المصلية إلى الحد الطبيعي، وقد تشاهد أضداد لـ  (Anti-HBsAg) HBsAg.

قد يتخلص البالغون المصابون بخمج مزمن من الـ HBsAg ويظهر فيهم Anti-HBsAg بنسبة 1%-2% سنوياً، أما في الطفولة فنسبة التخلص السنوي من HBsAg أقل من 1%، وقد يعود الخمج المزمن الشافي إلى التفعيل في مضعفي المناعة.

الاختبارات التشخيصية:

اختبارات كشف المستضدات في المصل متوافرة لكشف الـ HBsAg، والـ HBeAg، وكذلك اختبارات كشف أضداد الـ HBsAg (Anti-HBs)  وأضداد المستضد اللبي (Anti-HBc)  من نوع IgM، وأضداد HBeAg، إضافة إلى اختبارات التهجين hybridization وتقنيات التضخيم الجيني (gene amplification techniques)، وتقنية التفاعل السلسلي للبوليميراز (polymerase chain reaction (PCR لكشف HBV-DNA وعياره.

المستضد السطحي HBsAg قابل للكشف في المرحلة الحادة، وهو يختفي في معظم المرضى قبل أن تصبح كمية Anti-HBs المصلي قابلة للكشف (تدعى المرحلة الفاصلة بين اختفاء الأول وظهور الثاني مرحلة الفجوة في سير الخمج).

والضد النوعي IgM للمستضد اللبي C (Anti-HBc) ذو نوعية عالية لتأكيد تشخيص الخمج؛ لأنه يظهر باكراً في أثناء سير المرض، ويستمر في مرحلة الفجوة في الأطفال الأكبر والكهول، بيد أن الضد IgM النوعي لـ HBcAg لا يظهر عادة عند الرضع المخموجين حوالي الولادة perinatally.

قد يظهر في الأشخاص المصابين بخمج مزمن بالـ HBV المستضد السطحي HBsAg وأضداد المستضد اللبي Anti-HBc، ويكشف كل من Anti-HBs والـ Anti-HBc في الأشخاص المصابين بخمج شافٍ، في حين يكشف الـ ِAnti-HBs وحده في الأشخاص الممنعين بلقاح التهاب الكبد ب.

يعكس كشف HBeAg في المصل وجود مستويات عالية من HBV، كما أن كشفه وكشف الـ HBV-DNA مفيد لاختيار الحالات المرشحة للمعالجة بمضادات الڤيروسات، ولمراقبة الاستجابة للمعالجة.

المعالجة:

 لا يوجد معالجة لالتهاب الكبد ب الحاد وكذلك لا يفيد الغلوبولين المناعي النوعي لالتهاب الكبد ب (HBIG) ولا الستيروئيدات، وإنما يحدث في 25%-40% من البالغين المصابين بخمج مزمن بالـ HBV مرض كبدي هاجع طويل الأمد (غياب HBV-DNA، أو غياب HBeAg) بعد المعالجة بالإنترفيرون - ألفا (interferon-alfa). ونسبة الهجوع هذه أعلى بـ 20% تقريباً من نسبة الهجوع العفوي في الأشخاص غير المعالجين.

وينقص معدل الوفيات والمضاعفات السريرية للتشمع cirrhosis في المرضى البالغين الذين تخلصوا من الـ HBeAg، والمعلومات المتوافرة قليلة حول فعالية المعالجة في الأطفال. وقد أظهرت عدة دراسات أن نحو 30% من الأطفال الذين كان تركيز ناقلات الأمين ALT فيهم عالياً وعولجوا بـ interferon-alfa مدة 6 أشهر؛ قد تخلصوا من الـ HBeAg مقارنة بـ 10% تقريباً في أطفال لم يعالجوا، ولكن الإنترفيرون ألفا أقل فعالية في معالجة الأخماج المزمنة المكتسبة في الطفولة الباكرة ولاسيما إذا كانت تراكيز ناقلات الأمين طبيعية.

استعمل الـ lamivudine لمعالجة خمج الـ HBV المزمن في الأطفال بعمر سنتين أو أكبر، وأظهرت الدراسات أن الاستجابة الڤيروسية فيهم (غياب HBV-DNA، HBeAg) بعد سنة من المعالجة كانت أفضل من استجابة الذين تلقوا علاجاً غفلاً placebo (23% مقابل 13% على الترتيب). كما استعمل الـ adefovir dipivoxil لمعالجة خمج الـ HBV المزمن في البالغين ولكن فعاليته وسلامته في الأطفال غير مؤكدة.

يحمل الأطفال والمراهقون المصابون بالتهاب كبد ب مزمـن خطورة عالية للإصابة بمرض كبدي شديد مع تقدم العمر بما في ذلك كارسينوما الخلية الكبدية الأولية primary hepatocellular carcinoma، ومع أن ذروة حدوثها في العقد الخامس من العمر؛ فإنها قد تحدث في الأطفال الذين يصابون بالخمج حوالي الولادة أو في الطفولة الباكرة، فعامل الخطر الأساسي لتطور مرض كبدي شديد هو الإصابة بالخمج حين الولادة أو في الطفولة الباكرة، ويجب أن يقيّم الأطفال المصابون بمرض كبدي مزمن بالـ HBV دورياً  لتحري المضاعفات الكبدية باستخدام اختبارات ناقلات الأمين المصلية وتراكيز  aα- fetoprotein، وفحص البطن بالصدى.

والأطفال الذين تكون تراكيز ناقلات الأمين المصلية (ALT) فيهم مزدادة (أكثر من ضعفي الطبيعي)، والذين يكون تركيز الـ aα-fetoprotein فيهم عالياً، أو فيهم موجودات غير طبيعية بفحص الكبد بالأمواج فوق الصوتية؛ يجب أن يحوّلوا إلى اختصاصي بالأمراض الهضمية، وكل المصابين بالتهاب كبد ب مزمن ولم يلقحوا ضد التهاب الكبد A يجب أن يلقحوا بلقاح التهاب الكبد A.

الوقاية:

يتوافر حالياً للوقاية من التهاب الكبد ب لقاح مصنّع من الـ DNA المأشوب، وهو يتمتع بقدرة تمنيعية عالية في الأطفال. يُعطى جرعة أولى عضلياً حين الولادة، وجرعة ثانية بعمر شهر حتى الشهرين، وجرعة ثالثة بعمر 6-18 شهراً.

كما يوجد الغلوبولين المناعي لالتهاب الكبد ب (HBIG) والحماية فيه مؤقتة، وينحصر استطباب استخدامه في حالات معينة بعد التعرض، كالأطفال المولودين من أمهات إيجابيات الـ HBsAg الذين يجب أن يعطوا لقاح ڤيروس التهاب الكبد ب حين الولادة مباشرة وبعمر شهر حتى شهرين وعمر 6 أشهر، إضافة إلى إعطاء 0.5 مل HBIG مع أول جرعة لقاح وفي أقرب وقت ممكن بعد الولادة - ولكن في مكان مختلف عن مكان إعطاء اللقاح - لأن فعاليته تتناقص مع الزمن الذي مرّ على الولادة.

ثالثاً- التهاب الكبد C:

السببيات:

ڤيروس التهاب الكبد (HCV) hepatitis C Virus C صغير، يحوي طوقاً واحداً من RNA، وهو عضو من عائلة الـ flavivirus، وله عدة أنماط مصلية ونميطات.

الوبائيات:

تقدر نسبة انتشار خمج الـ HCV في عامة الناس في الولايات المتحدة بـ 1.8%، وتبلغ نسبة الانتشار 0.2% في الأطفال أقل من 12 سنة من العمر، و 0.4% في المراهقين بين 12-19 سنة، ويختلف الانتشار من شخص إلى آخر حسب وجود عوامل خطورة.

تقدّر خطورة التعرض لخمج HCV بعد نقل الدم في الولايات المتحدة بأقل من حالة واحدة لكل مليون وحدة منقولة؛ بسبب استبعاد المعطين عالي الخطورة ووحدات الدم إيجابية الـ Anti-HCV بالاختبارات الضدية. وقد سجلت فاشية واحدة من HCV رافقت إعطاء غلوبولين مناعي (IGIV) وريدياً في الولايات المتحدة.

تحدث أعلى نسبة للانتشار المصلي لخمج الـ HCV) 60%-90%) في الأشخاص الذين يتعرضون على نحو متكرر عبر الجلد للدم أو لمشتقات الدم مثل مستخدمي المخدرات زرقاً، والمصابين بالناعور hemophilia، والذين يعالجون بركازات عوامل التخثر clotting factor concentrates.

ويرى الانتشار المتوسط (10%-20%) في الأشخاص الأقل تعرضاً للدم أو مشتقاته مثل مرضى التحال الدموي hemodialysis. وتحدث نسبة الانتشار الأدنى حين التعرض عبر الأغشية المخاطية وعبر تفرق اتصال غير ظاهر في الجلد مثل السلوك الجنسي عالي الخطورة (1%-10%)، وفي حالات التعرض الفرادي sporadic عبر الجلد كما في العاملين في القطاع الصحي (1%).

كما يمكن لسوائل الجسم الأخرى الملوثة بالدم المخموج أن تكون مصدراً للخمج، أمّا الانتقال الجنسي بين الشريكين الشرعيين فغير شائع؛ إذ إن نسبة الخمج 1.5% فقط بين الزوجين من دون عوامل خطورة أخرى.

والانتقال عن طريق التماس ضمن العائلة غير شائع، وفي معظم الأطفال المخموجين المراهقين لا يعرف مصدر الخمج.

إن خطورة الانتقال من الأم إلى الوليد حوالي الولادة تقدر بـ 5-6% وسطياً، ويحدث الانتقال فقط من الأم إيجابية HCV-RNA في زمن الولادة.

يرافق تزامنَ الخمج الولادي ڤيروس العوز المناعي المكتسب (HIV) بزيادة نسبة انتشار HCV حوالي الولادة ويتعلق هذا بالتركيز المصلي من HCV-RNA الوالدي، ومع أن أضداد HCV المصلية والـ HCV-RNA اكتشفت في اللبأ colostrum؛ فإنه لم يثبت انتقاله بالإرضاع الوالدي، فقد أثبتت الدراسات أن نسبة الانتقال واحدة في الإرضاع الوالدي وفي التغذية بالزجاجة.

ويعد كل الأشخاص الذين تحمل دماؤهم أضداد الـ HCV أو HCV-RNA خامجين.

فترة الحضانة:

تراوح فترة الحضانة بين أسبوعين وستة أشهر (6-7 أسابيع وسطياً)، وتراوح الفترة بين التعرض وتڤيرس الدم viremia بين الأسبوع والأسبوعين.

التظاهرات السريرية:

من الصعب تمييز علامات التهاب الكبد C، وأعراضه من أعراض التهاب الكبد A أو B وعلاماتهما.

يميل المرض الحاد إلى أن يكون خفيفاً مع بداية مخاتلة، ومعظم الأخماج غير عرضية. يحدث اليرقان في أقل من 20% من المرضى، والتبدلات المرضية في اختبارات وظائف الكبد عموماً أقل من التبدلات المشاهدة في المصابين بالتهاب الكبد B.

يحدث الخمج المستمر بالـ HCV في 50% إلى 60% من الأطفال المخموجين حتى حين غياب دليل حيوي كيميائي على وجود مرض كبدي، ومعظم الأطفال المصابين بخمج مزمن غير عرضيين.

ومع أن التهاب الكبد المزمن يحدث في 60% إلى 70% تقريباً من البالغين المخموجين؛ فإن المعلومات المحدودة تشير إلى أن أقل من 10% من الأطفال المخموجين مصابون بالتهاب كبد مزمن، وأقل من 5% منهم يصابون بالتشمع cirrhosis، ويعد الخمج بالـ HCV السبب الرئيسي لزرع الكبد liver transplantation في البالغين في الولايات المتحدة.

الاختبارات المصلية:

الاختباران الأساسيان المتوافران لتشخيص خمج الـ HCV هما: قياس أضداد الـ HCV، واختبار الحمض النووي الريبي RNA للڤيروس C. والمقايسة المناعية المرتبطة بالإنزيم enzyme immunoassay المستخدمة في كشف أضداد الـ HCV لا تقل حساسيتها عن 97% ونوعيتها أكثر من 99%، وهي تكشف الغلوبولين المناعي (IgG)، أما IgM فلا تتوافر وسائل لقياسه.

قد تظهر نتائج سلبية كاذبة باكراً في أثناء سير الخمج الحاد في الفترة الطويلة الفاصلة بين التعرض للخمج وبداية المرض وبين الانقلاب المصلي والتي تقدر بـ 15 أسبوعاً بعد التعرض؛ وفي مدة 5-6 أسابيع بعد بدء التهاب الكبد حين يصبح 80% من المرضى إيجابيين مصلياً بالنسبة إلى أضداد الـ HCV.

يكتسب الأطفال المولودون من أمهات إيجابيات الأضداد HCV أضداداً والدية منفعلة تستمر حتى 18 شهراً.

ويمكن كشف HCV-RNA في المصل أو المصورة بعد أسبوع إلى أسبوعين من التعرض للڤيروس، وفي عدة أسابيع قبل ظهور التبدلات المرضية في إنزيمات الكبد أو ظهور أضداد الـ HCV.

يستخدم اختبار سلسلة البوليميراز المنتسخة العكسية reverse transcriptase polymerase chain reaction لكشف الـ HCV-RNA في الممارسة السريرية لتشخيص الخمج باكراً، وذلك لتمييز الخمج في الرضع في مرحلة باكرة من الحياة (الانتقال حوالي الولادة) حين تتداخل الأضداد الوالدية مع الأضداد المنتجة من قبل الطفل نفسه؛ ولمراقبة المرضى الذين يعالجون بمضادات الڤيروسات، ومع ذلك فإنه قد تظهر نتائج إيجابية كاذبة أو سلبية كاذبة بسبب التعامل اليدوي أو التخزين غير المناسب أو تلوث عينات الاختبار.

وقد يكشف الـ HCV-RNA بشكل متقطع؛ لذلك فإن نتيجة مقايسة سلبية وحيدة ليست قاطعة أو جازمة في استبعاد التشخيص، وقد أصبحت المقايسات الكمية لقياس تراكيز الـ HCV-RNA متوافرة حالياً، ولهذه الاختبارات الكمية قيمة سريرية أساسية لأنها مشعر إنذاري في المرضى الذين يعالجون أو سيعالجون بمضادات الڤيروسات.

المعالجة:

يتفق الخبراء على أن المعالجة المفضلة هي إعطاء pegylated interferon-alfa مع الـ ribavirin التي يستجيب لها 40% من المرضى المصابين بالنمط الجيني 1، و 80% تقريباً من المرضى المصابين بالنمط الجيني 2 أو 3.

ونتائج التجارب المحدودة في معالجة الأطفال بالـ interferon-alfa تماثل النتائج المشاهدة في البالغين.

ويجب أن يحوّل الأطفال المصابون بمرض شديد أو بتبدلات نسجية تشريحية مرضية متقدمة (نخر جاسر bridging necrosis، أو تشمع فعّال) إلى طبيب اختصاصي بالجهاز الهضمي لتدبير التهاب الكبد المزمن، كما يجب أن يُعطى المصابون بالتهاب كبد مزمن بالڤيروس C لقاحي التهاب الكبد A وB.

وتزيد مع تقدم عمر المصابين بالتهاب كبدC  خطورة حدوث التهاب كبد مزمن ومضاعفاته بما في ذلك التشمع وكارسينوما الخلية الكبدية؛ مع أن هذه المضاعفة الأخيرة سجّلت في البالغين فقط.

ويجب أن يقيّم المصابون بخمج مزمن دورياً لتحري التهاب كبد مزمن، وذلك بإجراء الاختبارات المصلية للإنزيمات الكبدية بسبب احتمال حدوث مرض كبدي مزمن على المدى الطويل، واستمرار ارتفاع تراكيز ناقلات الأمين المصلية في الأطفال يستوجب تحويلهم إلى طبيب اختصاصي بالأمراض الهضمية لإجراء تدابير إضافية، ولم تحدد بعد الحاجة إلى عيار تراكيز الـ aα- fetoprotein وفحص البطن بالأمواج فوق الصوتية في الأطفال.

الوقاية:

لا يوجد حتى الآن أي لقاح للوقاية من الـ HCV ولم تثبت أي فائدة من إعطاء الغلوبولين المناعي.

رابعاً- التهاب الكبد D:

السببيات:

يقيس قطر ڤيروس التهاب الكبد D 36 إلى 43 نانومتراً، ويتشكل من جينوم genome ومستضد بروتيني دلتا  delta protein antigen، وكلاهما مغلف بالمستضد السطحي لڤيروس التهاب الكبد ب HBsAg.

الوبائيات:

قد يسبب ڤيروس التهاب الكبد (HDV) D الخمج في الوقت نفسه الذي يصاب به الشخص بالخمج بالڤيروس B، أو يمكن أن يخمج شخصاً مصاباً بالتهاب كبد سابق بالڤيروس B (خمج إضافي superinfection). وانتقال ڤيروس التهاب الكبد D مماثل لانتقال فيروس التهاب الكبد ب HBV (عبر الأغشية المخاطية والجلد)، فينتقل بالدم أو مشتقات الدم، وباستخدام المخدرات زرقاً، وبالاتصال الجنسي، أما الانتقال من الأم إلى الوليد فهو غير شائع، وقد يحدث الانتشار في العائلة في الأشخاص المصابين بخمج مزمن بالـ HBV.

يشيع في المناطق ذات الانتشار الأعلى جنوبي إيطاليا وأجزاء من أوربا الشرقية، وأمريكا الجنوبية وإفريقيا والشرق الأوسط. وهو على العكس من HBV غير شائع في الشرق الأقصى.

فترة الحضانة:

تراوح فترة الحضانة في الخمج الإضافي بالڤيروس D (HDV superinfection) بين 2 و8  أسابيع. أما في الخمج بالڤيروسين B وD معاً فتماثل فترة الحضانة فيه ما هي عليه في التهاب الكبد B (45-160 يوماً، وسطياً 90 يوماً).

التظاهرات السريرية:

يسبب الڤيروس D التهاب كبد فقط في الأشخاص المصابين بخمج مزمن بالـ HBV؛ لأن HDV يتطلب HBV ڤيروساً مساعداً ولا يستطيع إحداث الخمج بغيابه.

تكمن أهمية خمج ڤيروس HDV  في قدرته على تحويل الخمج الكبدي المزمن بالڤيروس B HBV غير العرضي والخفيف إلى مرضٍ سريع السير أو أكثر شدة أو صاعق.

إن اشتراك الفيروسين D وB في الوقت نفسه يسبب مرضاً حاداً من الصعب تمييزه من خمج الـ HBV الحاد وحده، ما عدا زيادة احتمال حدوث التهاب كبد صاعق قد تصل نسبة الإصابة به إلى أعلى من 5%.

الاختبارات التشخيصية:

المقايسات المناعية الإنزيمية والشعاعية radioimmunoassay and enzyme immunoassay متوافرة لكشف أضداد HDV.

ويفرّق الخمج بالفيروسين B وD الذي يحدث في آن واحد coinfection عن الخمج الإضافي superinfection بعيار الغلوبولين المناعي (IgM) M للمستضد اللبي للڤيروس B Anti HBc؛ إذ إن غياب (IgM anti-HBc) يدل على أن الشخص مصاب بالتهاب كبد مزمن B، ثم أصيب بخمج إضافي بالڤيروس D.

واختبار الاستجابة الضّدّية IgM anti-HDV غير مفيد في التمييز بيـن الخمجين الحاد والمزمن؛ لأن IgM anti-HDV يستمر في الخمج المزمن. أما اختبارات كشف HDVAg وHDV-RNA فهي إجراءات بحثية research procedures أكثر منها عملية.

المعالجة:

داعمة، ولا يتوافر لقاح لـ HDVحتى الآن، بيد أن التلقيح ضد HBV يقي من الإصابة بخمج الـ HDV.

خامساً- التهاب الكبد E:

السببيات:

يحوي ڤيروس التهاب الكبد E طوقاً من RNA إيجابي الشحنة غير مغلّف non enveloped، وهو العامل الممرض الوحيد من ڤيروسات التهاب الكبد المعروف بانتقاله بطريق الأمعاء فقط.

الوبائيات:

ينتقل الـ HEV بالطريق الغائطي - الفموي fecal- oral route، والمرض أكثر شيوعاً في البالغين عما هو في الأطفال. معدل الوفيات مرتفع في المرأة الحامل، وقد سجلت حالات منه على شكل أوبئة epidemics أو فرادية sporadic في أجزاء من آسيا وإفريقيا والمكسيك. ويرافق الأوبئة عادة تلوث المياه.

وقد أبرز اكتشاف ڤيروس الخنازير - الذي له علاقة صميمية مع HEV الإنساني - إمكانية وجود المستودع الحيواني لـ HEV (zoonotic reservoir).

فترة العدوى بعد الخمج الحاد غير معروفة، لكن طرح الڤيروس مع البراز وتڤيرس الدم viremia يحدث بعد أسبوعين على الأقل، ويبدو أن الخمج المزمن لا يحدث.

التظاهرات السريرية:

خمج الـ HEV مرض حاد يتظاهر بيرقان ودعث وقهم وألم بطني وآلام مفصلية، وقد يكون الخمج تحت سريري أيضاً.

الاختبارات التشخيصية:

يمكن أن يشخص التهاب الكبد الحاد بالـ HEV بكشـف أضداد الڤيروس من نمط IgM في المصل، أو بكشف HEV-RNA بتقنية PCR في عينات المصل والبراز، وهذان الاختباران متوافران في المخابر التجارية ومخابر الأبحاث، ولكنهما غير مرخصين بعد لهذه الغاية، وقد وضع مركز مكافحة ومراقبة الأمراض في أمريكا (CDC) معايير خاصة لإجرائها.

المعالجة:

داعمة، ولا يوجد لقاح للمرض، ولا يفيد الغلوبولين المناعي في الوقاية من أخماج الـ HEV، وقد تفيد جميعة الغلوبولين المناعي المأخوذة من مرضى في مناطق توطن المرض.

سادساً- التهاب الكبد :(HGV) Hepatitis G virus G

السببيات:

يحوي ڤيروس التهاب الكبد (HGV) G طوقاً واحداً من الـ RNA وينتمي إلى عائلة Flaviviridae ويشترك بنسبة 27% مع الـ HCV، ولم يعزل بعد HGV وحده.

الوبائيات:

يعتقد بعضهم وجود حالات من التهاب كبد بالـ HGV في البالغين والأطفال في العالم كله، ويوجد الڤيروس في دم نحو 1.5% من المتبرعين بالدم في الولايات المتحدة، وقد سجلت حالات الخمج في 10%-20% من البالغين المصابين بخمج مزمن بالـ HCV وHBV وأكثر ما يحدث اجتماعهما معاً في مستخدمي المخدرات زرقاً.

طريق الانتقال الرئيسي هو التعرض المباشر للدم عبر الجلد بما في ذلك نقل الدم وزرع الأعضاء وزرق المخدرات، وفترة الحضانة غير معروفة.

التظاهرات السريرية:

مع معرفة إمكان حدوث الخمج المزمن وتڤيرس الدم viremia بالـ HGV؛ فإن الدراسات حول هذا الڤيروس فشلت في إظهار العلاقة بينه وبين المرض الكبدي الحاد أو المزمن.

الاختبارات التشخيصية:

يمكن وضع التشخيص في الأشخاص المصابين بخمج مزمن بكشف HGV-RNA بتقنية الـ PCR، ولكن هذا الاختبار غير متوافر تجارياً.

المعالجة:

لا يوجد علاج متاح أو مستطب، ولا توجد طريقة معروفة حالياً للوقاية من الخمج بالـ .HGV

 

 

 


التصنيف : أمراض الأطفال
النوع : أمراض الأطفال
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 126
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 472
الكل : 31737958
اليوم : 13419