logo

logo

logo

logo

logo

المعالجة الحيوية للأورام

معالجه حيويه اورام

biotherapy of tumors - biothérapie des tumeurs



المعالجة الحيوية للأورام

 

مشير العمار

أساسيات المناعة الورمية
خلايا الجملة المناعية
طبيعة المستضدات الورمية
المعالجة الحيوية للسرطان
 

 

تعتمد المعالجة الحيوية للأورام الخبيثة biotherapy for malignant tumors (ويمكن تسميتها المعالجة المناعية  immunotherapy أيضاً) في فعاليتها للقضاء على الورم على نحو أساسي على تفعيل آليات المقاومة والدفاع الطبيعية في جسم الإنسان المصاب (الثوي)، أو على أدوية طبيعية المنشأ مشتقة أصلاً من الفقاريات.

نشأت المعالجة الحيوية لتكون رابع السبل المتَّبعة في علاج السرطان بعد الجراحة والمعالجة الشعاعية والمعالجة الكيميائية، وقد ازداد دور هذا السبيل العلاجي بل الأمل في دور مستقبلي أعمق وأوسع مع ازدياد فهم وسائل الدفاع الطبيعية الموجودة سلفاً في جسم الإنسان لمقاومة التنشؤات الخبيثة (أي فهم آليات الجهاز المناعي ودوره في هذه المواجهة من جهة، وفهم أوضح لسلوك الخلية الخبيثة من جهةٍ ثانية)، والازدياد المتسارع لتطورات التقانة الحيوية biotechnology إذ أصبح من الممكن الحصول على جزيئات بأحجام كافية للتداخل في عمليات حيوية دقيقة تتم داخل العضوية.

ومع أن هذا السبيل لعلاج الأورام لايزال في طفولته الأولى - مقارنة بباقي السبل العلاجية من جهة، والمتوقع من تطورات على مستواه من جهةٍ أخرى - أخذت العديد من العلاجات المناعية الناجحة في تدبير العديد من أنماط السرطان عند الإنسان مكاناً مهماً في شجرة القرارات العلاجية المتفق عليها عالمياً.

كيف تواجه الجملة المناعية عند الإنسان الخلية الورمية؟

"أساسيات المناعة الورمية":

تعتمد المعالجة الحيوية في فعاليتها على نحوٍ رئيس على تفعيل وسائط الدفاع المناعية عند الإنسان، لذا لابد من البدء أولاً بمعرفة آلية عمل الجملة المناعية.

تعمل الجملة المناعية على كشف الجزيئات أو العوامل الممرضة للسِّوى nonself وإزالتها من دون أن يكون لها - في الحالة الطبيعية - أي رد فعل تجاه خلايا الذات self.

ويختلف هذا الجهاز عن باقي أجهزة الجسم من حيث:

1- أن خلاياه ليست على تماس ثابت ودائم بعضها ببعض.

2- أن خلاياه جوّالة دوماً وعلى نحو حر عبر كامل الجسم داخل الجملة الوعائية (اللمفاوية والدموية) وخارجها.

إن أي رد فعل مناعي عند الإنسان يعني عملاً متكاملاً تقوم به مجموعة من الخلايا وهي: اللمفاويات lymphocytes، والوحيدات monocytes، والبلاعم macrophages، والأسسات basophiles، واليوزينيات eosinophiles، والخلايا التغصنية dendritic cells، والخلايا البطانية endothelial cells، إضافة إلى خلايا أخرى تختلف من مكان إلى آخر.

ومع أهمية كل من هذه العناصر لإنجاح رد الفعل المناعي وإيصاله لهدفه توجد بعض ردود الأفعال المناعية المعتمدة على نحو رئيسي على نمط خلوي دون غيره من خلايا الجملة المناعية غير أنها لا بد أن تتآزر مع باقي عناصر المجموعة المناعية لتحقيق التناغم الخلوي اللازم لتحقيق الهدف.

ويمكن تقسيم رد الفعل المناعي تجاه الخلية الورمية إلى نمطين:

1- رد الفعل المناعي المتواسط بالخلايا cell-mediated response، وهو الأكثر فاعلية وأهمية في هذا المجال - أي في القضاء على الخلايا الورمية الخبيثة - وتعد اللمفاويات الصغيرة الآتية من التوتة (اللمفاويات التائية T cells) والبلاعم هي الأكثر أهمية لهذه العملية.

2- رد الفعل المناعي المتواسط بالأضداد (الخلطي) antibody-mediated (humoral) response وشأنه هنا أقل أهمية.

خلايا الجملة المناعية:

إن الخلية المركزية في هذه المنظومة هي الخلية اللمفاوية التي تشكل 20% تقريباً من كريات الدم البيض، ولهذه اللمفاويات ثلاثة أنواع رئيسة هي:

أولاً- اللمفاويات التائية:

تتكون هذه الخلايا من طلائع precursors في نقي العظام، تهاجر في مرحلة النمو الجنيني إلى التوتة، حيث تستكمل نموها وتمايزها قبل أن تستأنف هجرتها الثانية باتجاه كل الأعضاء والعقد اللمفاوية، ومن مواقعها هذه تبدأ تجوالها الوظيفي في الدم المحيطي لتصل إلى كل نسج الجسم وأعضائه حيث يمكن أن تتلقى تنبيهاً من أي مستضد ورمي فيتحول عندها إلى هدف لهذه الخلايا. وإن عودة هذه الخلايا من الأوعية الدموية إلى الدوران اللمفي لتعود من خلاله إلى مسكنها العقدي (أي في إحدى النواحي العقدية) يمكِّن الأعضاء اللمفاوية في كامل الجسم من أن تستجيب لوجود الورم ولكن كلٌ بحسب القطاع النسيجي الذي ينزح إليه دورانه اللمفاوي.

لقد أتاح التطور الكبير في مجال البيولوجيا الجزيئية القدرة على دراسة العديد من الجزيئات الموجودة على سطح الكريات البيض وتحديدها اعتماداً على الأضداد وحيدة النسيلة monoclonal antibodies (mAbs)، وسمح تحديد هذه الجزيئات بمعرفة الفروق الشكلية فيما بين الكريات البيض وبالتالي الخروج بأنماط جديدة لهذه الكريات بل لاحقاً تحت أنماط، لكلٍ منها علامة فارقة على سطحها اتُفِق على تسميتها بخصلة التعريف clusters of differentiation or cluster  determinant (CD). وهكذا أصبح للكريات البيض على نحو عام علامة سطحية خاصة CD مشتركة فيما بينها وتختلف عن باقي الخلايا. ثم هناك علامات سطحية تميز تحت أنماط الكريات البيض فيما بينها بعضها ببعض ليس شكلياً فحسب بل وظيفياً أيضاً، وهكذا يمكن تقسيم اللمفاويات التائية إلى زمر بناءً على الاختلافات الشكلية والوظيفية فيما بينها وهي:

1)- الخلايا التائية المساعدة (المساعفة)  :(CD4+) T helper cells "Th" وهي تمتلك مستقبِلاً نوعياً معَداً من الناحية الجينية ليميِّز البَبتيد المثير لرد الفعل المناعي وهو ما يسمى epitope= antigenic peptide، الذي تقدمه جزيئات معقد التوافق النسجي الكبير نمط 2  major histocompatibility complex (MHCII)  المتمركزة على البلاعم. ثم من جهةٍ ثانية تعمل هذه الخلايا على إفراز اللمفوكينات (بروتينات تفرزها خلايا الجملة المناعية بكميات زهيدة جداً لكنها ذات فعل مناعي مهم) التي تقوم بحث لمفاويات تائية إضافية، وبلاعم ولمفاويات تائية سامة cytotoxic T lymphocytes (CTL) وتسخرها للهدف نفسه. وهكذا فإن اللمفاويات التائية تمثِّل مركز قيادة يوجه العديد من الخلايا الأخرى وظيفياً نحو الهدف المراد منها في الجملة المناعية. ويتضح من المخطط الأول (مخطط 1) أن هذه الخلايا تعمل على تفعيل الخلايا اللازمة لمواجهة المستضد وحث تكاثرها وتعزيز قدرتها الوظيفية، أما المخطط الثاني (مخطط 2) فيُظهر شأنها في إفراز السيتوكينات المختلفة بحسب مراحل تمايزها المختلفة. ومن جهةٍ أخرى يوجد نمطان لهذه الخلية Th1 وTh2 عند التفعيل المستضدي المزمن ثم تتحول هذه الخلايا لخلايا ذاكرة نوعية.


المخطط (1) يبين أن الخلايا التائية تعمل على تفعيل الخلايا اللازمة لمواجهة المستضد وحث تكاثرها وتعزيز قدرتها الوظيفية

 

2)- الخلايا التائية الفاتكة أو اللمفاويات التائية السامة للخلية T :killer cells or- cytotoxic T lymphocytes “CTL هذه الخلايا تحمل عادةً الـ CD8 ولكن قد تكون إيجابية أيضاً للـ CD4، وهي خلايا قادرة على حل الخلايا الورمية في الزجاج غير أن قدرتها على ممارسة الوظيفة نفسها والكفاءة نفسها عند الإنسان غير مثبت حتى الآن. تفرز هذه الخلايا أيضاً - كسابقتها- اللمفوكينات والتي يكون لإفرازها أهمية كبيرة إذا ما كان هناك عوَز باللمفاويات ذات الـ CD4+. ومثل سابقتها تعد الـ CTL مبرمجة وراثياً لتعرف المستضدات، إذ تتفعَّل وتأخذ بالتكاثر حين تماسها مع المستضد المقدَّم من قبل معقد التوافق النسجي الكبير النمط الأول MHC class I سواء المتثبت على الخلية الورمية أم على البلاعم، ويزيد وجود اللمفوكينات من فعالية الـ CTL وسرعة تكاثرها، ثم بعد ذلك يتم حل الخلية الورمية من خلال ما تفرزه هذه التائيات من مواد سامة خلوياً في المحيط الورمي.


المخطط (2) يظهر شأن الخلايا التائية في إفراز السيتوكينات المختلفة بحسب مراحل تمايزها المختلفة

 

3)- الخلايا التائية الكابتة :T suppressor cell ربما لا تكوِّن هذه الخلايا زمرة مستقلة بعينها من اللمفاويات التائية يمكن الاستدلال عليها من خلال خصلة تعريف خاصة بها (أي CD نوعي) - علماً بأنه كان يُظَنُ بأنها تائيات ذات CD8+ - غير أن وجود لمفوكينات كابتة suppressor lymphokines مثل transforming growth factorbβ (TGFbβ)، الإنترلوكين10 (IL10) التي تطلقها لمفاويات تائية إيجابية الـ CD8 و الـ CD4 لتعمل على كبح الجهاز المناعي أدى إلى الإقرار بوجود هذا النمط  أو تحت الزمرة الخلوية من التائيات - وظيفياً - وإن لم يكن هناك خصلة تعريف مميزة لها. إذاً تعمل هذه الزمرة من اللمفاويات بالحالة الطبيعية مثل عمل القاطع في التيار الكهرَبائي"off switch" للجملة المناعية التي تم تفعيلها مناعياً من قبل مستضد ما. ومن هنا تتبين أيضاً إحدى الثغرات التي يمكن للخلية الورمية الناشئة الهروب من رقابة الجهاز المناعي المشددة عبرها والنجاة لتشكيل ورم، أي إن للورم القدرة على إرسال إشارات كابحة للجهاز المناعي إما مباشرةً وإما على نحو غير مباشر عبر هذه الزمرة الخلوية وبالتالي تثبيط الجهاز المناعي تثبيطاً في غير مكانه أو زمانه أو في الحالين معاً.

4)- البلاعم  :macrophage تُشتق هذه الخلايا من خلايا نقوية مولِّدة وتجول في الدوران المحيطي حيث تُعرف بالوحيدات، وتتابع طريقها نحو مستقرها في الكبد والطحال والرئة حيث تستكمل نضجها لتكوِّن البلاعم. يتمركز على سطح هذه الخلايا مستقبلات لكلٍ من المتممة C3، وشدفة الغلوبولين المناعي الثابتة FC، غير أن المعلم السطحي الحيوي والأكثر أهمية من حيث شأنه في رد الفعل المناعي ضد الأورام الذي يتمركز على البلاعم هو جزيء معقد التوافق النسجي الكبير من النمط الثاني MHC class II، حيث تقوم البلاعم بدورها الجوهري - وهو تقديم المستضد للمفاويات التائية ليتعرّفه - من خلال هذا الجزيء، ويتم هذا العمل بمساعدة أنماط خلوية أخرى في بعض النسج كالخلايا ذات التغصنات في الجلد، والخلايا النجمية astrocytes في الدماغ. كما تتقن هذه الخلايا دوراً مناعياً آخر في مواجهة الخلية الورمية بإفراز مواد قاتلة للخلية مثل أكسيد الآزوت، وجذور مفرطة الأكسدة، وفوق أكسيد الهدروجين وحالاّت بروتين السيرين، وقد تفرز أيضاً عامل نخرة الأورام tumor necrosis factor (TNF-aα). وللبلاعم فعل مضاعف إذ تقدم المستضد للتائيات المساعدة من جهة لتعرّفه، وتشارك في التصدي للخلية الورمية وقتلها على نحو غير نوعي (أي من دون التعرف) حالما يتم تفعيلها من قبل اللمفوكينات مثل الأنترفيرون gγ-IFN الذي تحرره اللمفاويات التائية. كما تطلق البلاعم أيضاً لمفوكيناتها الخاصة والمفعِّلة للجهاز المناعي كالأنترفيرون والأنترلوكين 1، وهي تعزز رد الفعل المناعي من خلال تفعيل بالعات أخرى ولمفاويات تائية لحشدها كلها في مواجهة الهدف نفسه. من جهةٍ ثانية للبلاعم شأن في كبح جماح رد الفعل المناعي وتنظيمه كي لا يخرج عن السيطرة بإفرازها مواد مثبطة لعمله كـالبروستاغلاندين E2 الذي يثبِّط رد الفعل المناعي بتثبيط تكاثر اللمفاويات التائية  Tوالفاتكة بطبيعتها NK. ومن الجدير بالذكر أن دراسة الخزعات المأخوذة من أورام بشرية تراجعت بسبب رد الفعل المناعي أكدت أن للمفاويات التائية والبلاعم الشأن الأكبر في مكافحة الورم وتراجعه.

ثانياً- الخلايا الفاتكة بطبيعتها  :natural killer cells (NK)

هي لمفاويات كبيرة محبَّبَة تشكل 10-15% من لمفاويات الدم المحيطي. على سطحها خصلة التعريف CD16، في حين تفتقد للـ CD3 (الذي يوجد على سطح اللمفاويات عموماً) وللـغلوبولينات السطحية التي توجد على سطح اللمفاويات البائية. هذه الخلايا تبدو قادرة على حل العديد من الخلايا الورمية البشرية بما فيها خلايا اللمفوما وابيضاض الدم من دون الحاجة إلى أن تتعرفها من خلال مستضداتها، ووسيلتها للارتباط بالخلايا الورمية هي جزيئات الارتباط مثل ICAM-1. يمكن للإنترلوكين 2 أن يرتبط بالـ NK، هذا الارتباط يزيد من تكاثر الـ NK ويزيد من فعاليتها لتكون قادرة على الفتك بطيف أوسع من الخلايا الورمية. وتعرف هذه الخلايا الفاتكة NK مفرطة الفعالية بالفاتكات المفعَّلة باللمفوكين lymphokine - activated killer cells (LAK)، وهي قادرة على القضاء على الخلايا الورمية العصية على الـ NK، كما أنها لا تحتاج إلى أعداد كبيرة مقارنةً بالـNK  للفتك بأورام ذات أحجام كبيرة نسبياً. 

ثالثاً- اللمفاويات البائية (للمناعة المتواسطة بالأضداد):

ذكر أن شأنها في المناعة ضد الأورام صغير؛ إذ أن للمناعة الخلوية الشأن الأكبر في هذا المجال. وعلى نحو عام يتبين في المناعة الخلطية ضد الأورام أن الأضداد يمكنها أن ترتبط بالخلية الورمية بموقع ارتباط خاص متوضع على المستضد الذي تظهره الخلية الورمية - يُسمى الحاتمة epitope - وفي الوقت نفسه ترتبط بالمتممة مما يجعل الخلية الورمية بهذا الارتباط على مقربة من المتممة مما يتيح حل غلافها الخلوي وتحطيمها. من جهةٍ ثانية - وقد تكون الأكثر أهمية - فإن أضداد الجملة الخلطية قد ترتبط بجزئها الثابت والمسمى FC بمستقبل الـ FC على سطح الخلايا البالعة، والمعتدلات، والـ NK والـ LAK لترتبط من خلالها بالمستضد على سطح الخلايا الورمية، ومن خلال هذه الطريقة بالارتباط  أو تلك فإن خلايا الجملة المناعية الفاعلة ترتبط بهدفها كي يتسنى لها القضاء عليه بالخطوة التالية. وإن عملية حل الخلية الورمية اعتماداً على اتحاد كلٍ من الجملة المناعية الخلوية والخلطية يرمز لها بـ Antibody-dependent cell-mediated cytotoxicity (ADCC)، وقد وُظِّف هذا العمل التكاملي بين الجملتين علاجياً في بعض الأورام عند إعطاء الإنترلوكين 2 مع الأضداد وحيدة النسيلة mAb.

السيتوكينات:

بعد الحديث عن وسائط الجملة المناعية في الدفاع ضد نشوء الورم (المناعة الخلوية وما يحتشد تحت لوائها من خلايا لمفاوية عديدة الأنماط، وبدرجةٍ ثانية المناعة الخلطية المعتمدة على الغلوبيولينات المناعية) لابدّ من التنويه بطيفٍ مهم من مفرزات الخلايا اللمفاوية التي تدعى السيتوكينات، وهي جزيئات بروتينية لكنها ليست أضداداً ولا تشبهها من الناحية الكيميائية الحيوية تُنتج بكميات زهيدة جداً ويمكن عدّها هرمونات الجملة المناعية؛ إذ إنها قادرة على التأثير في خلايا بعيدة عن تلك التي أفرزتها مباشرة أو على نحو غير مباشر وعلى عدة مستويات. أطلق في البداية على السيتوكينات المفرزة من اللمفاويات اسم لمفوكين، وعلى المفرزة من الوحيدات اسم مونوكين، غير أنه اتفق فيما بعد على اشتقاق الاسم من محور عملها (فهي تعمل بشكل وسيط أو هرمون ما بين الكريات البيض: (between leukocytes) مما دعا إلى تسميتها بالإنترلوكينات interleukins. وقد عرف حتى الآن خمسة عشر نوعاً من الإنترلوكين سميت بالأرقام من 1-15، يذكر منها: الإنترلوكين 2 الذي يفعِّل اللمفاويات الفاتكة كما ذكر سابقاً، والإنترلوكين 12 الذي يحث استجابة اللمفاويات المساعدة Th1 ويفعل على نحو عام التائيات. ومن السيتوكينات الأخرى يذكر الإنترفيرون و و . يحث الإنترفيرون غاما INF-gγ الذي تنتجه الـ NK ويعمل بدوره على زيادة القدرة السامة الخلوية للـ NK وللمفاويات التائية السامة، كما أن له فعلاً مضاداً للتكاثر الخلوي ومعدلاً للاستجابة المناعية. وهناك أيضاً عامل نخرة الورم TNF الذي يتدخل لإعاقة تروية الورم الدموية وعوامل حث المستعمرات C-SI. وقد ساعد تطور تقنيات البيولوجيا الجزيئية على تعرف هذه الزمرة المناعية على نحو أكثر وخاصة على تعرّف بنيتها الوراثية مما سهّل عملية استخلاصها اعتماداً على الجراثيم، ثمّ تنقيتها لتصبح متجانسة وقابلة للاستخدام عند الإنسان في استطبابات محددة، ويذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر: INF-bβ, INF-aα INF, IL-2, TNF-gγ، وعوامل نمو السلاسل النقوية (عوامل حث المستعمرات colony-stimulating factors) التي أصبحت من ضمن التطبيقات السريرية العلاجية في المصابين بالسرطان.

يلمس مما تقدم مدى التعقيد والتداخل في عمل هذه السيتوكينات في كل مراحل عمل المناعة الخلوية، مما يجعل التفكير بالتداخل في أي مستوى أو بأيٍ منها مجال بحثٍ واسع يحتاج إلى زمن ليس بالقصير غير أن الأبحاث على الرغم من التعقيد لا تزال واعدة ويكفي أنها تمكنت من الخروج حتى الآن بعدد منها لحيِّز المعالجة السريرية كالـ IL-2 الذي يؤمل منه الكثير في مستقبل المعالجة المناعية اعتماداً على السيتوكينات.

طبيعة المستضدات الورمية  :tumor antigens

إن غالبية المستضدات الورمية التي تمت دراستها كانت من طبيعة بروتينية ولاسيما بروتينات سكرية glycoproteins، وليس بالضرورة لهذا البروتين أن يكون سطحياً على الخلية الورمية أو أن يكون بنيوياً. وقد أصبح واضحاً أن المستضدات الورمية على نوعين، منها ما هو غير نوعي تشترك به الخلية الورمية مع عدة نسج أخرى أو مع أورام أخرى، ومنها ما هو نوعي تماماً لهذه الخلية الورمية ذاتها دون سواها، وهو الذي يمكن الاعتماد عليه على نحو رئيسي للمعالجة المناعية.

أمّا في اللمفومات والورم النقوي العديد فيتبين أن الخلايا الورمية هي نفسها خلايا الجملة المناعية، فهي تحمل على سطحها سلفاً جزيء غلوبولين مناعي وحيد النسيلة، وإن الموقع الذي يتحد من خلاله هذا الجزيء مع المستضد هو موقع نوعي خاص بهذا الغلوبولين حصراً وهو ما يسمى النمط الذاتي idiotype. هذه الأنماط الذاتية هي- إذاً بالنسبة للمفومات والورم النقوي العديد- المستضدات المرافقة لهذه الأورام. ويمكن استعمالها كأهداف للمعالجة المناعية بإعطاء أضداد وحيدة النسيلة (أي أضداد موجهة ضد الـ idiotype)، كما يمكن أن تكون مستضداً مناعياً تستخدم لاستثارة المناعة الخلطية  أو المناعة الخلوية لاستخلاص اللقاحات لهذه الخباثات الدموية المنشأ. أما الأورام الصلبة حيث لا يوجد على سطح الخلية الورمية - طبعاً - مثل هذه الأنماط الذاتية idiotype فيعتمد على أضداد مضادة للـ idiotype لتكوين مناعة مضادة للمستضدات الورمية. تضم الجداول التالية العديد من المستضدات الورمية مصنفة وفقاً للآلية المناعية التي تميِّزها، يلاحظ منها أن العديد من هذه المستضدات يوجد على الخلايا السليمة والخبيثة (أو على الخلايا الجنينية السليمة دون البالغة)، غير أنه يكون زائد المقدار أو مفرط القدرة على التعبير عن نفسه على الخلايا الخبيثة مما يعطيه تميزه من جهة وقدرته الوظيفية التي قد تساعد على نمو الورم أو غزوه بشكلٍ أو بآخر، ومن هنا يمكن لهذه المستضدات أن تساعد على كشف بعض الأورام وتشخيصها، أو أن تكون حجر الأساس الذي تُبنى عليه المعالجة المناعية.

يلاحظ في الجدول (1) عدد كبير من الأضداد المشتركة بين الخلايا الورمية و خلايا الخصية الطبيعية عند البالغين. وننوه هنا إلى أن المستضدات التي يتم تمييزها من قبل اللمفاويات التائية قد تكون في أي مكان من الخلية وليس بالضرورة على السطح كما ذُكر من قبل. حتى إنها قد تكون مفرزة من قِبل الخلية الورمية وجوّالة كما في PSA و.CEA

اسم المستضد الورمي

الأورام التي يتميز وجودها به

النسج الطبيعية التي توجد عليها

المستضدات السرطانية / الخصوية

 

بعض الميلانومات وأنماط أخرى من الأورام

 

الخصية

MAGE 1

MAGE3

BAGE

GAGE

مستضدات تمييز الخلايا الملانية

 

الميلانوما

 

الخلايا الملانية (الصباغية) الطبيعية

MelanA/MART-1

Tyrosinase

gp100/pmel 17

gp75/TRP-1

مستضدات مميِّزة لنسج أخرى

 

الموثة

سرطان القولون والسرطانات الظهارية الأخرى.

 

الموثة

القولون

مستضد الموثة النوعي  PSA

المستضد الجنيني البشروي CEA

المستضدات الطافرة

 

العديد من السرطانات الظهارية

 

غير موجودة

طفرة الـ  Ras

Her-2/neu

الثدي والمبيض

غير موجودة

الجدول (1) المستضدات المرافقة للأورام الإنسانية والتي يتم تمييزها من قبل اللمفاويات التائية.

 

 

تحدث التغيرات الجينية في أثناء نمو غالبية الأورام، وتقود إلى تغيير الببتيدات وبالتالي بروتينات الخلية الورمية، ويعني هذا وجود علامات فارقة نوعية لكل نسيلة خلوية طرأ عليها أي نوع من أنواع الطفرات تساعد على التشخيص، وفي تحديد إنذار الورم في بعض الحالات ويمكن أن تكون هدفاً للمعالجة المناعية أيضاً. ولكن هذه الطفرات ليست هي نفسها في كل الأورام، كما أن العلامة الفارقة المميزة للخلية التي تحمل هذه الطفرة ربما لا يتم تقديمها للجهاز المناعي من قِبل معقد التوافق النسجي الكبير MHC مما يحول دون رد فعل مناعي تجاهها. ومن جهةٍ أخرى قد تتمتع بعض الأورام بقدرة على القيام بانتقاء إيجابي لخلاياها المعيبة (أي التي حدث عليها نوع ما من الطفرات) بحيث لا تسمح بالبقاء إلا للخلية التي ثبَّطت الـ MHC وبالتالي لن يُصار إلى تقديمها للجهاز المناعي على أنها خلية غريبة.

 

مستضدات الورم النوعية

الورم الذي تميز وجودها

النسج الطبيعية التي توجد فيها

الأنماط الذاتية idiotypes الموجودة على الغلوبولينات المناعية ومستقبلات الخلايا التائية TCR

لمفومات وابيضاضات الدم بائية الخلايا وتائية الخلايا

لا يوجد

المستضدات الجنينية الورمية:

القولون وأورام بشرويَّة أخرى

يوجد بنسبة عالية في خلايا أمعاء الجنين, وبنسبة قليلة في النسج الطبيعية عند البالغين.

المستضد الجنيني البشروي CEA

البروتين الجنيني ألفا α-fetoprotein (AFP)

سرطانة الخلية الكبدية

في كبد الجنين, قليل في الأنسجة الطبيعية عند البالغين.

مستضدات التمايز الخلوي:

 

الابيضاض اللمفاوي الحاد

 

في إحدى زمر اللمفاويات البائية في طور النضج .

مستضد ابيضاض الأرومات اللمفاوية الشائعcommon acute lymphoblastic leukemia antigen (CALLA)

المستضد البشروي 17-1A

سرطانة القولون

الخلايا الظهارية في القولون وغيره من النسج

مستضدات التمايز المغيَّرة:

 

سرطانة الثدي وغيرها من السرطانات carcinomas

 

يتزامن ظهور بعضها على خلايا الثدي الورمية والطبيعية في الوقت نفسه. أو على الخلايا الورمية وخلايا الثدي المرضع.

المخاطين MUC-1 ( mucin)

مستضدات التمايز المفرطة التعبير:

 

سرطان الموثة

 

بمقدار ضئيل في الموثة الطبيعية

المستضد النوعي للموثة PSA

الجدول (2) المستضدات الورمية التي يتم تعرُّفها من قبل  المناعة الخلطية (الغلوبولينات المناعية)

 

 

كيف تواجه الخلية الورمية الجملة المناعية؟

"سُبُل الورم للتخفِّي وتجنُّب الجملة المناعية":

1- آليات تتعلق بالخليّة الورمية:

أ- يمكن لمستضد الخلية الورمية أن يكون ضعيف التعبير بحيث لا يتم تمييزه بوصفه مستضداً غريباً عن الذات (سِوى)، أو أن يبدو للجملة المناعية بوصفه مستضداً ذاتياً طافراً (أي خلية حدثت عليها طفرة لا تتنافى مع استمرارها والقيام بعملها فيقرر النظام المناعي بالتالي الإبقاء عليها).

ب- غياب تعبير معقد التوافق النسجي من النمط الأول خاصةً، أو من النمط الثاني كما في الميلانوما؛ مما يعوق طبعاً تعرُّف مستضد الخلية الورمية.

ج- إفراز الخلايا الورمية لمواد كابحة أو مثبطة للجملة المناعية والخلايا الفاعلة مناعياً.

د- عناد الخلية الورمية على الحل الذي تتواسط فيه المتممة.

هـ- إطلاق الخلايا الورمية للـ TGF-bβ1 الذي يعوق بدوره هجرة الخلايا التغصنية DC وينقص من قدرتها على النضج بحيث تخفق في مواجهة مستضد الخلية الورمية المقدَّم من قبل الخلايا المقدِّمة للمستضدات  antigen-presenting cell (APC).

و- يوجد على سطح بعض الخلايا الورمية جزيء له تعبير مشابه لأحد عوامل تفعيل موت اللمفاويات التائية ويسمى fas ligand مما يجعل هذه الخلية قادرة على الارتباط بالتائيات وقيادتها نحو الهلاك.

2- آليات تتعلق بعيوب الجملة المناعية:

أ- عجز اللمفاويات التائية عن الارتكاس تجاه المستضدات الورمية.

ب- الإخفاق في التعامل التام والمجدي مع المستضد الورمي.

المعالجة الحيوية للسرطان:

إن فهم الجهاز المناعي عند الإنسان ومعرفة دوره في الدفاع ضد نشوء الأورام، ومعرفة ما يفعِّله وما يثبِّطه في هدفه للقضاء على الخلية الورمية يقود مباشرةً إلى التفكير والبحث في طرقٍ علاجية معتمدة عليه. ويمكن حالياً تقسيم هذه المعالجة عدة أقسام كالتالي:

أولاً- المعالجة المناعية الفاعلة:

ويقصد بها المعالجة التي تعمل على حث الجهاز المناعي للمريض المصاب بالورم (المضيف host)، ويقسم هذا النمط أيضاً إلى شقين:

1- المعالجة المناعية الفاعلة اللانوعية: يستخدم هنا عامل حاث للجملة المناعية على نحو لانوعي إذ يفعل على نحو عام (البلاعم والخلايا الفاتكة بطبيعتها والـ LAK أو حتى العدلات)، هذا العامل الحاث غالباً ما يكون عاملاً جرثومياً أو مركباً صنعياً ويطلق عليه اسم المساند adjuvant، ومثال هذه المساندات تُذكر ذيفانات الجراثيم سالبة الغرام، والجدر الخلوية للمتفطرات، وأحياناً قد تكون المتفطرة بأكملها عاملاً لتفعيل المناعة على نحو غير نوعي كاستخدام عصية كالمت - غيران BCG علاجاً في العديد من الأورام وعلى رأسها معالجة أورام المثانة السطحية لمنع النكس الموضعي. إن آلية عمل هذه المعالجة الفاعلة اللانوعية تعتمد على نحو رئيس على تفعيل البلاعم، التي لا تكتفي بحل الخلية الورمية مباشرةً بل تقوم بإفراز الإنترفيرون   والإنترلوكين 11 اللذين يفعّلان الخلايا التائية، وإن تفعيل هذه اللمفاويات التائية يزيد في تفعيل البلاعم وهكذا ندخل في حلقة من التفعيل المستمر لرد الفعل المناعي. تمَّ التوظيف الحقيقي لهذا النمط من المعالجة باستخدام الـ BCG دواءً مناعياً فاعلاً غير نوعي يستخدم على نحو رئيسي للحقن موضعياً في المثانة لعلاج سرطانات المثانة السطحية المستأصلة لتفادي النكس، ولا يزال متفقاً عليه بوصفه الخط العلاجي الأول في هذا الاستطباب. كما ثبت فعالية الـ BCG بالحقن الموضعي لعلاج الميلانوما الجلدية. ومن الثابت أن حقن الـ BCG سواء في المثانة أم الميلانوما يفيد موضعياً بسبب رد الفعل المناعي الموضعي الذي يثيره من دون استثارة رد فعل جهازي يمكن الاعتماد عليه.

2- المعالجة المناعية الفاعلة النوعية: تُعد اللقاحات العلاجية هنا أساس المعالجة، ويتم تحضيرها اعتماداً على المستضدات المرافقة للورم TAA وذلك باستخدام كامل الخلية الورمية بعد تشعيعها، أو حلالة الخلايا lysates، أو تعتمد لهذا الغرض ببتيدات أو سكاريدات تركيبية تحاكي ما هي عليه في الخلية الورمية المراد تفعيل مناعة نوعية تجاهها. إن هذه المكوِّنات على اختلافها قادرة على تفعيل لمفاويات تائية نوعية كالتائيات المساعدة وخلايا الذاكرة وخلايا مفعَّلة أخرى نوعية لهذا المستضد الورمي. واستناداً إلى ذلك تم استحداث اللقاحات المستخدمة في مجال العلاج المناعي للأورام والتي تسمّى theracine، وذلك بأخذ المقطع الأول من كلمة علاجي والمقطع الأخير من كلمة لقاح للتفريق بينها وبين اللقاحات الوقائية المستخدمة في الوقاية من الأمراض الخمجية.

 تُحضَّر هذه اللقاحات العلاجية إما من خلايا الورم نفسه المراد علاجه (مواد أولية ذاتيّة المنشأ) أو من سلالة خلوية ثانية لكنها تحمل مستضدات ورمية مماثلة لتلك التي يحملها الورم المراد علاجه (مواد أولية غيرية). للمعالجة بالتلقيح ميزة التعميم التي لا توجد في أنماط المعالجة المناعية الأخرى، إذ إن خلايا الذّاكرة T التي تعرّفت المستضد تقوم بنقل هذه المعرفة وتعميمها مما يحشد أعداداً أكبر من الخلايا في مواجهة الورم من جهة، كما يعطي لهذا العمل صفة التسلسل والاستمرارية والتأثير المديد الذي يتجاوز زمن حقن اللقاح من جهة ثانية. وقد اتضح أن الاستجابة المناعية ضد الورم اعتماداً على هذا النمط من العلاج تكون متواسطة بالخلايا T. وقد استخدِمَ العلاج المناعي الفاعل النوعي (اللقاح) على نحو واسع وناجح حتى الآن في علاج الميلانوما. ولا بدَّ هنا من التفصيل في كلا نوعي اللقاحات العلاجية:

 أ- اللقاحات الذاتية والمضادة للنمط الذاتي :idiotype  بينت الممارسة السريرية في المصابين بالميلانوما الجلدية الانتقالية أن اللقاح الذاتي لم يستحث الجملة المناعية للحدود المأمولة علاجياً؛ لذلك واعتماداً على الدراسات العديدة التي أكدت أن الڤيروسات وبالتالي الأورام الناجمة عنها هي الأكثر قدرة على استثارة رد فعل مناعي خلطي أو خلوي أو كليهما معاً تجاه مستضداتها مقارنةً بالأورام ذات المنشأ غير الڤيروسي، تم تغيير اتجاه الدراسات نحو إيجاد خلايا ورمية مهجَّنة ڤيروسياً virally transformed tumor cells، مما حسّن نسبة الاستجابة إلى 50% غير أن هذه التجارب ما تزال في مراحلها الأولى.

ب- اللقاحات الغيرية (الخيفية) :allogeneic vaccines قام بيسترين Bystryn وزملاؤه في البدء بتحضير لقاحٍ غيري لعلاج الميلانوما باستخلاص المستضدات اللازمة للقاح من مزرعة ميلانوما غيرية ووصلوا إلى استجابة مُرضية في 13 مريضاً خضعوا للتجربة بعد استئصال الورم الأولي مع بقيا طويلة الأمد نسبياً عند واحد من هؤلاء المرضى، مما شجع فيما بعد استكمال التجارب في هذا المجال ودمج اللقاح الغيري بمساند الـdetox   وهو ذيفان مأخوذ من جرثومة السالمونيلا (detoxified endo toxin)، وأظهرت النتائج ازدياداً ملحوظاً في طلائع الـ CTL عند50% من المرضى مع هوادة جزئية وهوادة تامة ملحوظين وبدء تراجع الورم بعد أوَّل حقنة للقاح، وبعد مرور أكثر من 8 سنوات بقيت هوادة تامة عند 5 مرضى وهوادة جزئية عند 15 مريضاً، كما أن البقيا لديهم منذ بدء المعالجة باللقاح حتى الوفاة كانت أفضل بكثير ممن لم يتلقوا هذا النمط من العلاج. ليس من الضروري في مثل هذا النوع من العلاج الوصول إلى استجابة تامة لتتحسن البقيا عند المريض إذ يمكن للمريض العيش مع ورم مستقر أو يتطور تطوراً بطيئاً من دون حدوث نقائل بعيدة، في حين لا يمكن تحسين البقيا بالمعالجة الكيميائية من دون تحقيق هوادة تامة للمرض.

إضافةً إلى التجارب التي تمَّت على اللقاحات لعلاج الميلانوما الانتقالية دخلت التجارب أيضاً مجال العلاج المتمم (أي بعد استئصال الميلانوما الجراحي) وذلك بهدف القضاء على البقايا الورمية المجهرية لمنع النكس وتحسين فترة البقيا الإجمالية أو البقيا الحرة أو كليهما معاً، وكانت هذه التجارب واعدة للميلانوما ولاسيما بإضافة الغنغليوزيدات gangliosides مثل GM2 وGD2 إلى المساند BCG adjuvant  إذ لوحظ ازدياد رد الفعل المناعي الآني بزيادة أضداد الـIgM  والمتأخر بزيادة أضداد الـ IgG مما تكون معه فرصة القضاء على البقايا الورمية المجهرية أكبر ويكون معه تحقيق السيطرة على الورم أفضل. وامتدت طريقة المعالجة هذه ليكون لها شأن في العلاج المتمم لأورام القولون المستأصلة حيث استخدم الـ BCG مع محضر لقاح غيري لسرطان القولون وكانت البداية واعدة أيضاً.

ثانياً- المعالجة المناعية المنفعِلة:

ويقصد بها نقل عوامل مضادة للورم منتقاة إلى المضيف. ويأتي تحت هذا النمط الأضداد وحيدة النسيلة monoclonal antibodies (mAbs) التي تعطى وحدها، أو مدمجةً بأحد السموم الخلوية كالبروتين الأبيض ricin أو بعض الأدوية الكيميائية، أو مستخلصات جرثومية، أو العناصر المشعة كالـ I131 مثلاً. لقد طوَّر كوهلر وملستين بالبداية الطريقة الممكنة لتحضير الأضداد وحيدة النسيلة النوعية من منشأ فأري غير أن المشكلة كانت في رد الفعل المناعي الذي ستثيره هذه الأضداد عند الإنسان لأنها من منشأ فأري، ولكن أمكن التوصل فيما بعد إلى تحضير أضداد وحيدة النسيلة خَيمَريَّة مأشوبة recombinant- chimeric- monoclonal- antibodies يكون فيها الجزء المتحوِّل من الغلوبولين المناعي وحيد النسيلة من منشأ فأري في حين يكون الجزء الثابت من منشأ بشري.

نظرياً ليس ممكناً لأي خلية غير الخلية الورمية أن تتأثر بهذه الأضداد لأنها نوعية تجاه الخلية الورمية بعينها إلا أن العديد من القيود ظهرت عملياً أمام فعالية هذه الزمرة من العلاجات المناعية. ومن جهةٍ ثانية فإن اقتران الأضداد وحيدة النسيلة ببعض المواد السامة للخلية الورمية أو بعض النظائر المشعة يزيد قطعاً من فعاليتها ويفتح أفقاً علاجياً أرحب.

ضمن هذه المعطيات ومع هذه التحديات هناك جهود لتطوير الأضداد وحيدة النسيلة التي أصبح العديد منها قيد الاستخدام في العديد من الأورام كالـ trastuzumab في سرطان الثدي إيجابي الـHER-2 ، والـ cetuximab الذي يستهدف مستقبل عامل النمو للخلايا البشروية epidermal growth factor receptor (EGFR)  في سرطان القولون والـ rituximab الذي يستهدف الـ CD20 على سطح اللمفاويات البائية في اللمفومات إيجابية الـCD20 ، ويذكر أيضاً الـ ibritumomab tiuxetan وهو أحد الأضداد وحيدة النسيلة مُدمَجاً بالـ yttrium-90 وهو عنصر مشع كمثال على دمج الأضداد وحيدة النسيلة، ولهذا الدواء استطبابه في اللمفوما إيجابية الـCD20  من النمط الجرابي حين يحدث النكس بعد أن يكون المريض قد عولج بالـ rituximab، وغيرها.

ثالثاً- المعالجة المناعية بالتَّبني adoptive immunotherapy:

ويقصد بها معاملة الخلايا المناعية المفعَّلة بسبب نشوء الورم مع أحد العوامل المفعِّلة لهذه الخلايا (ويأتي على رأس هذه العوامل الإنترلوكين 2) مما يزيد قدرتها المضادة للورم، وقد سبق استخدام الإنترلوكين IL-2 بالحقن المباشر للمريض مما يؤدي إلى زيادة رد الفعل المناعي تجاه الورم. والإنترلوكين هو لمفوكين تنتجه اللمفاويات التائية المفعَّلة، وقد تم عزل الجين المسؤول عنه الذي يتوضع على الصبغي رقم 4. وأصبح من الممكن إنتاجه فيما بعد اعتماداً على هذا الجين باستخدام جراثيم الإشريكية القولونية E-coli وهو يتمتع بكامل الفاعلية الحيوية للـ IL-2 الإنساني.

وقد بدأ روزنبرغ وزملاؤه الدراسة في هذا المجال فقاموا بحقن الإنترلوكين 2 ثلاث مرات يومياً لحيوانات التجربة ثم عملوا على فصد الـLAK  بعد ذلك وتأكدوا من فاعليته في هذا المجال، ثم تبع ذلك عدة دراسات من قبل مجموعات بحث متفرقة أثبتت فاعلية هذه الطريقة في العلاج المناعي في كلٍ من سرطان الخلية الكلوية والميلانوما، وتمت الموافقة رسمياً عام 1992م على استعمال الإنترلوكين لمعالجة سرطان الخلية الكلوية، ووفق بعد ذلك على استعماله لعلاج الميلانوما.

أما المعالجة المناعية بالتبني فقد انصبَّ الاهتمام فيها على اللمفاويات المرتشحة بالورم tumor-infiltrating-lymphocyte (TIL) التي تتكون عادةً من البلاعم واللمفاويات التائية ويمكن أخذها بوساطة خزعة من الورم ثم زرعها لزيادة عددها ثمَّ إعادة حقنها للمريض الذي أخذت منه. هذه الأبحاث ماتزال في مهدها وتواجه عوائق متعددة.

رابعاً- المعالجة المناعية الترميمية restorative immunotherapy: أي تعزيز ودعم رد الفعل المناعي الضعيف أو المضَعَف عند المريض. ويتم ذلك بتثبيط البلاعم المثبطة لعمل الجملة المناعية بإعطاء مثبطات البروستاغلاندين أو السيميتيدين، أو كبح عمل اللمفاويات التائية المثبِّطة بإعطاء السيكلوفوسفاميد بجرعات قليلة. ومن جهةٍ أخرى يمكن حث طلائع اللمفاويات في غدة التوتة الناضجة بإعطاء الـ ليفاميسول. غالباً ما تكون المشكلة في نقص الكفاءة المناعية وجود عوامل مثبِّطة لعملها وليس نقصها العددي، وقد تأكد دور البلاعم واللمفاويات التائية الكابح لعمل الجملة المناعية، إذ تقوم البلاعم بدورها المثبط على الأقل من خلال البروستاغلاندين E2 مما يجعل لمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية فعلاً كابحاً لعمل البلاعم المثبط للجملة المناعية، وهذا ما يفسر- على الأقل من جهةٍ ما- نقص حدوث سرطان القولون عند من يعالجون فترة طويلة بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية بسبب أحد الأمراض الالتهابية المزمنة. كما أن لمضادات الهيستامين مثل السيميتيدين والرانيتيدين والفاموتيدين دوراً معدلاً للاستجابة المناعية إذ تعمل على تثبيط اللمفاويات التائية الكابحة، وتزيد من إفراز الأنترلوكين 2، وتزيد من فعالية اللمفاويات التائية السامة للخلية CTL والخلايا الفاتكة بطبيعتها NK.

من جهةٍ ثانية يتبين أن للأدوية الكيميائية بجرعاتها الصغيرة غير العلاجية شأناً في تعزيز المناعة الخلوية وقد ثبت ذلك على حيوانات التجربة وبمرحلة لاحقة عند الإنسان باستخدام الـ cyclophosphamide؛ إذ إن هذا الدواء بجرعاته دون العلاجية يؤدي إلى إنقاص الوسائط المنحلة الكابحة للجملة المناعية كالبروتين الارتكاسي C-reactive-protein كما ينقص العدد المطلق للمفاويات التائية الكابحة، غير أن هذه الأدوية وحدها بهذه الجرعات لا يمكن أن تكون فعَّالة تجاه السرطان ولكنها تصبح قادرة على تحقيق استجابة جيدة إذا ما أشركت مع معدِّل مناعي آخر كإشراك السيكلوفوسفاميد مع الأنترلوكين 2 في علاج بعض أنماط اللمفوما التائية مثلاً.

خامساً- المعالجة المناعية بتعديل قدرة الخلية الورمية المبّدلة للجهاز المناعي :cytomodulatory

يتم العمل هنا على زيادة تعبير مستضد الخلية الورمية ووضوحه، ومستضدات معقد التوافق النسجي على سطح الخلية الورمية مما يجعلها أكثر قابلية للكشف والتعرُّف من قبل خلايا الجملة المناعية المفعَّلة وعلى رأسها اللمفاويات التائية السامة للخلية. ويعد الأنترفيرون و والعامل منخِّر الأورام tumor necrosis factor (TNF-aα) من بين السيتوكينات القادرة على القيام بهذا الفعل. كشفت الأنترفيرونات بدايةً من خلال خصائصها المضادة للڤيروسات وعُرف أنها بروتينات ذات وزن جزيئي منخفض وأن الأنترفيرون تنتجه الكريات البيض، والأنترفيرون تنتجه الأرومات الليفية fibroblast، والأنترفيرون تنتجه اللمفاويات التائية. لهذه السيتوكينات شأن في زيادة فعالية الخلايا الفاتكة بطبيعتها NK، ولها فعالية مضادة لتكوين الأوعية الورمية، ومضادة لتكاثر الخلايا الورمية، ولها أيضاً شأن في حث الخلايا الورمية على التمايز أي دفعها لتصبح أكثر وضوحاً للجهاز المناعي وبالتالي ستكون مستضداتها أكثر إثارة للجملة المناعية. كما أن للأنترفيرونات شأناً في زيادة تعبير بعض المستضدات الورمية مثل الـCEA, CA125, TAG-72  في بعض السلالات الورمية. دفعت هذه المعطيات إلى استخدام الأنترفيرونات في علاج السرطان مضافةً إلى أدوية مناعية تفعِّل الجملة المناعية، وهكذا أخذت مكانها في علاج ابيضاض الدم ذي الخلايا المشعَّرة HCL، واللمفومات منخفضة الدرجة وابيضاض الدم النقوي المزمن CML والورم النقوي العديد MM، في حين كانت الأورام الصلبة أكثر مقاومةً لمثل هذا النمط من العلاج. ولكن متابعة الأبحاث في هذا المجال أظهرت نسبة استجابة جيدة في المصابين بالميلانوما تم إعطاؤهم الأنترفيرون ألفا بعد إخفاق العلاج باللقاح عندهم، وحين أعطيت هذه العينة الأنترفيرون حسَّن من تعبير المستضدات الورمية وجزيئات الـMHC مما أعاد للـ CTL  فعلها المناعي الذي أدته فوصلت إلى النتيجة المرجوَّة من اللقاح. كما ثبت دور الأنترفيرون أيضاً في علاج سرطان الخلية الكلوية.

المعالجة المناعية المشارَكة :combination immunotherapy قد يكون من المبكر الحديث فيما إذا كان الأفضل إعطاء المعالجة المناعية مشاركةً أو إعطاء كل دواءٍ على حدة، غير أن العديد من المعطيات الآتية من بعض التجارب تدعم ولو على نحو غير مباشر فكرة المشاركة. فقد وُجد أن إعطاء جرعة كيميائية صغيرة من السيكلوفوسفاميد مع الأنترلوكين 2 للمصابات بسرطان الثدي المعالجات سابقاً معالجة كيميائيةً يؤدي إلى الاستجابة. كما أن استخدام الأنترفيرون ألفا مع الأنترلوكين 2 حقناً وريدياً كان فعله مميزاً في علاج الميلانوما، وقد اعتمد العلاج الأول للميلانوما غير أن صعوبة التطبيق والآثار الجانبية حصرت فيما بعد استخدامه. كما استخدمت دراسات أخرى الأنترلوكين2 مع الـLAK  والأنترفيرون، مع جرعة معدِّلة للاستجابة المناعية من السيكلوفوسفاميد والدوكسوروبيسين (أي بجرعة أقل من الجرعة العلاجية). ومن الثابت أيضاً أن إعطاء بعض الأدوية الكيميائية كالـ (cyclophosphamide, doxorubicin, mitomycin-C, cisplatin) تزيد من رد الفعل المناعي. إذاً من كل ما سبق تتضح صحة التفكير بالمشاركة بين المعالجات المناعية مع توقع الميِّزات التالية - على الأقل من الناحية النظرية - لهذه المشاركة:

1- إمكان الوصول إلى فعالية إضافية أو متضافرة لمشاركة أدوية مناعية ذات آليات عمل مختلفة.

2- إمكان تخفيض الجرعة حين إعطاء الأدوية مشاركةً.

3- إن إعطاء هذه الأدوية معاً أو على نحو متلاحق قد يخلق المناخ الأمثل للقضاء على الخلية الورمية، إذ إن تحرير شلال من السيتوكينات بفعل العلاج المشارك سيؤدي إلى حشد الخلايا المقتدرة مناعياً في مكان الورم مما يزيد الفعالية.

من جهةٍ ثانية هناك العديد من المقوِّمات - على الأقل من الناحية النظرية أيضاً- للمشاركة مع الأدوية الكيميائية التقليدية وهي:

1- تؤدي المعالجة الكيميائية السامة للخلية إلى تقليص العدد المطلق للخلايا الورمية (أي أهداف المعالجة المناعية) التي سيتوجب على المعالجة المناعية مواجهتها مما يسهِّل عليها المهمة.

2- أكدت نتائج الأبحاث في الزجاج أن حدوث عناد على المعالجة الكيميائية لا يمنع من حل الخلية الورمية من قبل الدواء المناعي، أي إنه لا يوجد تصالب في المقاومة بين نمطي العلاج.

3- المعالجة الكيميائية هي معالجة سامة للنقي والجهاز اللمفاوي، وإن عملية إعادة التجديد الحادثة بعد إعطائها تعطي للمعالجة المناعية متسعاً في المكان والزمان لإنتاج خلايا مقتدرة مناعياً بفعل السيتوكينات.

4- إن غياب تثبيط النقي حين استعمال العلاجات المناعية يجعل هذه المشاركة أكثر إمكانية وأكثر تحمُّلاً.

5- إن تخرُّب الغشاء الخلوي للخلية الورمية التالي للمعالجة الكيميائية يجعل الخلية أسهل منالاً ليتم حلها من قبل العلاج المناعي.

6- إن إعطاء المعالجة الكيميائية بجرعات عالية يبقي على الخلايا الأرومية بحيث تكون قابلة للتفعيل بالأنترلوكين 2 حتى الحصول على الخلايا الفاتكة المفعَّلة باللمفوكين أو اللمفاويات المرتشحة بالورم.

مما يعني أنه من الممكن للمعالجة المناعية أن تطبق بعد المعالجة الكيميائية أو أن يتم إعطاؤهما دورياً على نحو متلاحق. وقد ثبتت فعالية ذلك في علاج الميلانوما. غير أنه لا تزال هناك حاجة إلى العديد من الدراسات السريرية والسريرية المقارنة لمعرفة مقدار الفائدة التي ستضيفها مثل هذه المشاركات على الاستخدام المنفرد لكلٍ على حدة وعلى البرامج (البروتوكولات) العلاجية الثابت فعاليتها بالدراسات العلمية السابقة.

العوامل المنبهة للمستعمرات colony-stimulating factors:

أثبتت الأبحاث في الزجاج على كلا نوعي هذه الزمرة من عوامل النمو (العامل المنبه لمستعمرات المحببات  granulocyte-colony-stimulating factor (G-CSF) والعامل المنبه لمستعمرات المحببات والبلاعم granulocyte-macrophage-colony stimulating factor (GM-CSF) أنهما قد يتوسطان عملية حل الخلايا الورمية من خلال توليد بلاعم ومعتدلات مبيدة للأورام. وقد أثبت دورها في معالجة حالات تثبيط النقي التالي للمعالجات الكيميائية ولاسيما على نحو وقائي، كما أن لها شأناً مهماً في التحضير لعمليات زرع النقي للعمل على زيادة الخلايا الأرومية في الدم المحيطي بحيث يصبح قطفها في زمان محدد ذا قيمة علاجية مهمة. وأظهرت الدراسات على الفئران مؤخراً أن إقحام جين خاص على العامل المنبه لمستعمرة المحببات والبلاعم يؤدي إلى تضخيم رد الفعل المناعي إذ يزيد جذب الخلية الورمية للبلاعم ويزداد حثها على إطلاق السيتوكينات، مما يؤدي إلى التفكير بأنه قد يكون لهذا العامل فعل معزز للُّقاحات العلاجية في الأورام إذا ما تمت المشاركة بين الاثنين، غير أن هذا الأمر يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات.

الخلاصة:

1- مع أن هذا الحقل من العلوم الحيوية لايزال في مهده غير أن بشائره جيدة، إذ تمكنت أدويته وعلى نحو واضح من إطالة أمد الحياة عند المرضى الذين استجابوا حتى في المراحل الانتقالية للمرض ومن دون أن تستأصل الانتقالات، وقد كان ذلك واضحاً في الميلانوما الانتقالية بعد معالجتها باللقاح أو الأنترلوكين2 والأنترفيرون مقارنةً بمن تلقوا المعالجة الكيميائية.

2- من الملاحظ طبعاً أنه يكفي للمعالجة الحيوية أن تحقق استقرار الورم ومنع تطوره (أو نشوء انتقالات أخرى) حتى تُتابع المعالجة بها والقول إن المريض قد استجاب، والأمل جيد في أن يبقى الورم مدة على هذه المعالجة في حالة استقرار قبل أن يعاود التطور أو تتظاهر تأثيرات جانبية توجب إيقاف الدواء، في حين أنه لا بدَّ للمعالجة الكيميائية أن تُحدث استجابة تامة كي يؤمل بتحسن البقيا. وقد اعتُمد عموماً على أن استقرار المرض مدة ثلاثة أشهر يسوغ متابعة المعالجة الحيوية حتى عودة تطوره أو ظهور تأثيرات جانبية توجب إيقافه، في حين أن استمرار الهوادة مدة تتجاوز ستة أشهر أو تراجع حجم الورم تراجعاً كبيراً علامة منبئة بتحسن البقيا الإجمالية للمريض. 

3- تعد التأثيرات الجانبية للأدوية الحيوية (إذا ما استثني الأنترلوكين2 الذي قد يكون صعب التحمل أحياناً) أكثر تحملاً مقارنةً بتأثيرات الأدوية الكيميائية الجانبية.

4- يتميز هذا النمط من العلاج بأن جرعاته العلاجية تكون أقل بكثير من الجرعة القصوى الممكن للإنسان تحملها مما يختلف وطبيعة الأدوية الكيميائية. كما أنه يعف عن الخلايا السليمة ويهاجم الهدف المقصود على نحوٍ مباشر أو غير مباشر من خلال تفعيل التائيات السامة والمساندة والخلايا الفاتكة بطبيعتها، والخلايا المتغصنة وتكوين الأضداد الخاصة بالمستضد الورمي بحيث تهاجم هذه الخلايا خلايا الورم الأصلي من جهة، وخلاياه الانتقالية لمنع انزراعها في المكان الذي تقصده من جهة ثانية، وإضافةً إلى ذلك يترك هذا النمط من العلاج حين نجاحه ذاكرة مناعية كفيلة بمواجهة أي محاولة نكس فيما بعد. 

5- لا يوجد مقاومة متصالبة بين المعالجة الحيوية والمعالجة الكيميائية، لذلك يمكن للأورام المعنِّدة على العلاج الكيميائي كسرطان الخلية الكلوية والميلانوما أن تعالج حيوياً كما يمكن للسرطانات الحساسة للعلاج الكيميائي كسرطان الثدي على سبيل المثال أن تعالج حيوياً عند تعنيدها على العلاج الكيميائي.

6- تحتاج  المعالجة الحيوية إلى مدة قد تصل حتى ستة أشهر للوصول إلى ذروة تأثيرها مما يتيح الفرصة للتفكير بإعطاء المعالجة الكيميائية أولاً للسيطرة على أعراض الورم ثم الشروع بالمعالجة الحيوية، غير أنه لا يمكن الحكم بإخفاق هذه المعالجة حتى ظهور علامات صريحة تشير إلى عودة تطوُّر الورم. على أي حال وكما هو متفق عليه في التجارب السريرية بالنسبة إلى الأدوية الحيوية لا يجوز البدء بالمشاركة قبل أن يثبت الدواء الجديد بمفرده فعاليته وسلامة استخدامه. يمكن القول إن قسماً من المعالجات الحيوية قد اجتاز هذه المرحلة ليبدأ بالمشاركات الدوائية مع أدوية كيميائية سواء بالتشارك معاً أم بالتعاقب في خطة معالجة المرضى والنتائج رهينة الزمن.

 

 

 


التصنيف : الأورام
النوع : الأورام
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 354
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 502
الكل : 31641852
اليوم : 76707