logo

logo

logo

logo

logo

المعالجة الجراحية للأورام

معالجه جراحيه اورام

surgical treatment of tumors - traitement chirurgical des tumeurs



المعالجة الجراحية للأورام

 

سهيل سمعان

التشخيص
تصنيف المرحلة الورمية
التحضير للتداخل الجراحي
التدبير الجراحي للسرطان
   

 

كثيراً ما يكون الجراح أول من يشاهد المريض المشتبه بإصابته بورم خبيث أو شُخِّصَ له ورم خبيث، وفي حالات كثيرة يأخذ الجراح على عاتقه المسؤولية الأولى في مقاربة المريض المصاب وتنسيق أساليب المعالجة. تبدأ مسؤولية الجراح بتشخيص الورم بالاعتماد على إحدى وسائل التشخيص ثم طلب الفحوص الضرورية لتحديد مرحلة الورم ونفي وجود نقائل بعيدة أو إثبات وجودها. وإذا كان قد سبق أن شخِّص للمريض آفة خبيثة بخزعة سابقة؛ يفضل إجراء قراءة ثانية للخزعة من قبل مشرح مرضي آخر للتأكد من التشخيص أو حتى القيام بإجراء خزعة ثانية إذا كانت نتيجة التشريح المرضي المعطاة سابقاً لا تتوافق والموجودات السريرية.

التشخيص:

إن أهم مرحلة في تدبير مريض السرطان وأدّقها هو تحديد التشخيص النسيجي. وذلك بإجراء خزعة. يعتمد نوع الخزعة على نوع الورم ومكانه.

1- خزعة بوساطة الإبرة الرفيعة بالرشف (FNA) تستخدم فيه محقنة كبيرة الحجم؛ ليتم الحصول على ضغط سلبي كبير وسحب كمية كافية من الخلايا من ضمن الورم. ثم توضع هذه العصارة الورمية المسحوبة على شريحة زجاجية؛ لتجف وتثبت بوساطة الكحول أو مثبت خاص، ثم تلون، وتقرأ تحت المجهر.

2- الدراسة الخلوية :pap smear cytology تجرى على عنق الرحم (لطاخة) أو على غسالة القصبات أو سائل الجنب أو الصفاق؛ ولكن يجب أن نؤكد أن سلبية هذا الفحص لا تنفي وجود السرطان.

3- خزعة شقية أو إسفينية إذا كان الورم كبيراً.

4- خزعة استئصالية إذا كان الورم صغيراً وبمتناول اليد.

5- خزعات بالإبرة (الناعمة أو الغليظة) الموجهة بالإيكو أو التصوير المقطعي المحوسب (CT) إذا كانت الآفة الورمية عميقة.

لتحديد نوع الورم بدقة أكبر يجب الاعتماد على الفحوص النسيجية المناعية الكيميائية immuno  histo chemistry.

تصنيف المرحلة الورمية:

بعد التأكد من التشخيص يبدأ الجراح بطلب جميع الفحوص المخبرية والصور الشعاعية المناسبة التي تشمل صور الصدر الشعاعية ، وتخطيط صدى البطن والحوض على نحو منوالي. وحين الضرورة يمكن إضافة صور مقطعية محوسبة متعددة الشرائح، وومضان العظام، وبزل نقي العظام أو تصوير مقطعي بوساطة البوزيترون (PET/CT Scan).

إن وضع كل حالة ورمية في مرحلتها الصحيحة مهم جداً قبل القيام بأي نوع من أنواع المعالجة. ويُجتنب بذلك إجراء عمليات جذرية غير ضرورية لأورام حدث فيها انتشار بعيد، أو يتمّ إعطاء المريض فرصته الكاملة بالشفاء بإجراء معالجات جراحية جذرية لأورام محدودة كان يعتقد أنها متطورة.

التحضير للتداخل الجراحي:

إن تدبير أيّ حالة سرطانية يتطلب مقاربة متعددة النظم من أجل الحصول على نتائج جيدة. فمنذ البداية يشاهد المريض، وتوضع له خطة العلاج بعد الفحص وإجراء الاستشارات اللازمة مع المعالج الكيميائي والمعالج الشعاعي. يقوم الجراح بالتنسيق وترتيب أساليب المعالجة المختلفة. في معظم الحالات يبدأ بالاستئصال الجراحي أولاً؛ ولكن في بعضها يُبدأ بالمعالجة الكيميائية قبل الجراحة neo adjuvant therapy  كما في أورام الثدي الكبيرة، أو يبدأ بالمعالجة الكيميائية الشعاعية  chemo radiation أولاً كما في بعض حالات سرطانات المستقيم الكبيرة أو المرتشحة موضعياً.

ومع أن الجراحة هي أنجع وسيلة علاجية لمعظم الأورام الصلبة؛ فإنها غير كافية في كثير من الحالات. لذلك تعطى معالجات جهازية كيميائية ومعالجات شعاعية لتحسين نسب الشفاء. ولذا يجب على الجراح أن يكون ملماً بأساليب المعالجة الأخرى واستطباباتها ونتائجها ومضاعفاتها، واتباع المقاربة المتعددة النظم multi-disciplinary approach منذ البدء للحصول على أحسن النتائج.

التدبير الجراحي للسرطان  :surgical management of cancer

إن الغاية من معالجة السرطان الجراحية هي الحصول على شفاء تام. ويتطلب هذا أن يكون الورم محصوراً فقط في عضو المنشأ (مرحلة أولى) أو أنه ممتد إلى العقد المنطقية؛ أي في حوض الورم (مرحلة ثانية). أما الورم الذي امتد إلى خارج تلك المنطقة (ويجب أن يحدد هذا قبل القرار بالتداخل الجراحي بوساطة صور شعاعية ومقطعية ومرنان وغير ذلك)، فيعدّ ورماً غير قابل للشفاء الجراحي. ولكن تجرى الجراحة في بعض هذه الحالات المتقدمة بقصد التلطيف ولتحسين نوعية الحياة وذلك بتخفيف الألم وإزالة مصدر النزف والالتهاب. كما أن استئصال الورم الأولي جراحياً قد يفيد في بعض الحالات المنتقلة وذات الدورة الحياتية الورمية الطويلة والأحسن إنذاراً. إضافة إلى ذلك يمكن أن تفيد الجراحة لاستئصال بعض الأورام الانتقالية الوحيدة والمحدودة في الكبد أو الرئة أو الدماغ.

كان يعتقد في السابق أنه كلما كانت الجراحة جذرية أكثر؛ كانت النتائج أفضل، ولكن ثبت في العشرين سنة السابقة أن هذا ليس صحيحاً. وقد أدى المفهوم الحديث إلى إجراء عمليات جراحية محافظة؛ ولكن شريطة وجود حواف جراحية سلبية بدلاً من العمليات الجراحية الجذرية التي كانت تخلف وراءها تشوهات ومضاعفات كبيرة. وأفضل مثال على هذا الأسلوب الجراحي المحافظ في سرطان الثدي وسرطانات النسج الرخوة. التي اعتمد فيها مع الجراحة المحافظة على المعالجة الشعاعية لمسكن الورم وما حوله لتخفيف نسبة النكس الموضعي.

أولاً- سرطان الجلد:

هو من أكثر أنواع السرطانات حدوثاً. إن أهم عاملين أساسيين يؤثران في تشكل سرطان الجلد هما الأشعة فوق البنفسجية (أشعة الشمس) ونوع الجلد (الجلد الأبيض والأشقر)، من هنا تكون أستراليا الواقعة في منطقة قرب الاستوائية والمأهولة بشعب من أصل اسكندنافي ذي جلد أشقر من أكثر البلدان إصابة بسرطان الجلد.

أهم أنواع سرطانات الجلد:

1- الابثليوما قاعدية الخلايا: تؤلف نحو 75-80% من سرطانات الجلد، بطيئة النمو، ونادراً ما تنتقل، نسبة الشفاء بالاستئصال الجراحي 95%.

2- الابثليوما شائكة الخلايا: تؤلف نحو20%، وهي أكثر خبثاً من القاعدية، وتنتقل عبر الأوعية اللمفاوية للعقد المنطقية. نسبة الشفاء بالجراحة نحو 80%.

3- كارسينوما الغدد العرقية: نادرة، المعالجة بالاستئصال الجراحي.

4- الورم الصباغي الخبيث (الميلانوما): وهي من أكثر السرطانات خبثاً ، تنشأ من وحمة، يُشك بخباثة أي وحمة كبر حجمها، أو اغمق لونها أو تغيرت ملامحها السريرية، وهنا يستطب استئصالها وفحصها نسيجياً، فإذا ما ثبتت خباثتها؛ يجب إجراء استئصال واسع بهامش أمان كافٍ حولها (1سم لآفة عمقها أقل من 1ملم، و2سم لآفة عمقها بين 1ملم و4ملم، و3سم للآفات التي يزيد عمقها على 4 ملم). والعقد البلغمية المنطقية الواقعة في أعلى الجسم يجب أن تجرف على نحو وقائي، أما العقد الواقعة في الأطراف السفلية فتجرف حين جسها سريرياً.

ثانياً- ساركومة النسج الرخوة:

مع أن النسج المنحدرة من اللحمة المتوسطة mesenchyme التي تعطي العظام والعضلات والنسيج الشحمي تشكل نحو 90% من خلايا الجسم، فإن سرطانات هذه النسج تشكل نحو 1% فقط من كل السرطانات (نحو حالتين لكل مئة ألف نسمة سنوياً)، ولكنها تشكل نحو 7% من سرطانات الأطفال.

تتوضع هذه الأورام في كل مكان يوجد فيه نسيج رخو أو ضام في الجسم، يتوضع 60% منها في الأطراف (45% في الأطراف السفلية، و15% في الأطراف العلوية) و31% منها في الجذع (40% منها خلف الصفاق). معظم هذه الأورام سليمة؛ ولكن بعضها يتحول إلى ساركومات خبيثة، وأكثرها شيوعاً الساركومة الليفية (28%) ثم الشحمية (15%) ثم العضلية الملساء (12%) ثم المصلية (10%) وبعدها العصبية (6%) . تنتقل ساركومات النسج الرخوة عبر الدم إلى الأعضاء البعيدة، وأهمها الرئتان، أما الانتقال إلى العقد المنطقية فلا يتعدى 12% من الحالات. أهم عاملين إنذاريين هما حجم الورم الأولي ودرجة التمايز الخلوية إضافة إلى عمق الورم.

العلاج هو الاستئصال الجراحي مع المعالجة الكيميائية في الحالات ذات الدرجة العالية من الخباثة.

ثالثاً- سرطانات الرأس والعنق:

العلاج الأساسي في هذه السرطانات هو العلاج الجراحي ولاسيما في أورام اللسان والحنجرة، وغالباً ما يحتاج المريض إلى معالجة إشعاعية متممة. وهناك حالات لا يمكن فيها إجراء التداخل الجراحي كأورام البلعوم الفموي والبلعوم الأنفي.

 أما سرطانات الدرقية فنسبة حدوثها نحو أربع حالات بالمئة ألف نسمة سنوياً.

1- السرطان الحليمي: يشكل نحو 75%، وهو يشمل السرطان المختلط (الحليمي والجريبي) الذي يسلك سلوك السرطان الحليمي، ويميل إلى الحدوث عند اليافعين، وينمو ببطء، وينتشر إلى العقد البلغمية في العنق مع إصابة الفص الدرقي الآخر بنسبة تصل إلى 80% من الحالات، وإنذاره جيد. معالجته استئصال الفص الدرقي المصاب استئصالاً تاماً مع استئصال قرب التام للفص الدرقي الآخر وتجريف العقد البلغمية المصابة فقط مع معالجة مثبطة بخلاصة الدرق مدى الحياة وإعطاء جرعة من اليود المشع بحسب وزن المريض (نحو 100 ميلي كوري) بعد العمل الجراحي.

2- السرطان الجريبي: يشكل نحو 15% من الحالات عند المرضى الأكبر سناً، تنتشر هذه الآفة عبر الدم، وهي أسوأ إنذاراً. العلاج استئصال الفصين الدرقيين استئصالاً تاماً وإعطاء اليود المشع بعد العملية بشهر.

3- السرطان اللبي: يشكل نحو 5% من خباثات الدرق، ينشأ من خلايا C (الخلايا نظيرة الجريبية) يرافقه أحياناً أورام غدية أخرى في متلازمة الأورام الصمية المتعددة multiple endocrine neoplasia II "MEN II" التي تضم إضافة إلى السرطان اللبي: ورم القواتم pheochromocytoma وفرط تصنع جارات الدرق (أو أوراماً عصبية مخاطية وأوراماً صمية في المعثكلة  APUD مشكلاً متلازمة MEN III). العلاج استئصال الدرق استئصالاً تاماً وإعطاء خلاصة الدرق مدى الحياة.

4- سرطان الدرقية الكشمي  :anaplastic carcinoma هو أسوأ أنواع سرطانات الدرق، وكثيراً ما يكون مرتشحاً للرغامى والحنجرة حينما يكشف، وعلاجه جراحي إذا كان موضعاً، ونادراً ما يكون قابلاً للشفاء.

أما أورام الدماغ فالتداخل الجراحي العصبي ضروري فيها للتشخيص والعلاج، ويكون العلاج المتمم بعد الجراحة أكثر فائدة إذا كان الاستئصال الجراحي واسعاً مع بقايا ورمية قليلة (< 1.5سم)، وغالباً ما يحتاج المريض إلى المعالجة الشعاعية كما في الأورام الدبقية.

رابعاً- سرطان الثدي:

هو أكثر السرطانات شيوعاً عند النساء، ويؤلف نحو 30% من السرطانات عند النساء في سورية. تتزايد نسبة حدوثه في بلدنا بمعدل 4%، ويحدث عند اليافعات (قبل سن الـ 40) بنسبة 20% مقارنة مع 8% في الغرب، وله علاقة بالإستروجين. من أهم عوامل الخطورة إحصائياً بدء الطمث مبكراً وانتهاؤه متأخراً وإنجاب أول ولد بعد سن 30 وتناول هرمون الإعاضة بعد انقطاع الطمث. وهناك عوامل خطورة أخرى أقل أهمية هي الإكثار من تناول الدسم، والبدانة، وقلة الرياضة، وعدم الإرضاع وتناول حبوب منع الحمل، وحديثاً التدخين.  

يشخص نحو 20% فقط من سرطان الثدي في بلدنا في المرحلة الأولى بسبب قلة الوعي. العلاج الجراحي هو الاستئصال الجذري المعدل. ويؤدي الاستئصال الربعي مع المحافظة على الثدي - إضافة إلى تجريف الإبط والمعالجة الشعاعية على بقية الثدي- إلى النتائج نفسها التي تؤدي إليها الجراحة الجذرية المعدلة.

تطبق هذه المعالجة المحافظة إذا لم يظهر تصوير الثدي آفات مشتبهة في بقية الثدي، وإذا كان حجم الآفة بالنسبة إلى الحجم العام للثدي يسمح بالحصول على حجم ثدي مقبول وشكله بعد الاستئصال الربعي. وتطورت المعالجة تطوراً ملموساً في السنوات الأخيرة بإجراء خزعة العقدة الحارسة (العقدة الأولى في أسفل الإبط)، فإذا كانت سلبية؛ فلا يجرى تجريف الإبط، وتتجنب المريضة مضاعفات هذا التجريف مثل وذمة الذراع وتحدد حركته والألم وغيره. كما حدث تطور آخر؛ وهو معرفة البصمة الجينية لكل مريضة والتي يمكن بوساطتها معرفة احتمال استجابة المريضة للمعالجة الكيميائية أو عدم استجابتها.

خامساً- سرطان أنبوب الهضم:

1- سرطان المريء: وهو من أسوأ سرطانات جهاز الهضم؛ لأنه غالباً ما يكون متقدماً حين كشفه، ونسبة الشفاء أقل من 5%. 60% من سرطانات المريء من النوع حرشفي الخلايا يتوضع معظمها في الثلثين العلويين من المريء و40% منها من نوع السرطان الغدي adenocarcinoma الذي يتوضع في الثلث السفلي. الأعراض هي عسر البلع، ونقص الوزن وألم في الصدر. المعالجة جراحية، وهي ممكنة في 40% فقط من الحالات، وقد تزيد نسبة الشفاء بالمعالجة الكيميائية والشعاعية إضافة إلى الجراحة.

2- سرطان المعدة: يكثر عند المصابين بالتهاب معدة ضموري، ويسبق خلل التنسج dysplasia عادة ظهور سرطان المعدة الذي هو من نوع السرطان الغدي في  95% ولمفومة في 4% وGIST في 1% من الحالات. تظهر الحالات باكراً في أقل من 20% من مجموع الحالات .  كانت معظم الآفات في السابق موضعة في أسفل المعدة، وتحول مكان ظهورها في العقود الأخيرة، فأصبح 30% من الآفات يقع في القسم العلوي من المعدة و30% في وسط المعدة و40% في أسفل المعدة. المعالجة هي الاستئصال الجراحي- مع هامش أمان يبلغ 5 سم على الأقل من حواف الورم - وتجريف العقد المنطقية. تستأصل المعدة عادة استئصالاً تحت التام أو استئصالاً تاماً مع مفاغرة Roux. وتزيد المعالجة الكيميائية والشعاعية نسبة الشفاء في المراحل II وIII من الورم. لا تتعدى نسبة البقيا بعد 5 سنوات من الجراحة 25% على نحو عام، وتعتمد النتائج على مرحلة الورم حين المعالجة، إذ تزداد نسبة الشفاء في الحالات المبكرة.

3- سرطان الأمعاء الدقيقة: نادر الحدوث، تشكل السرطانة الغدية 35-50% منها، والورم السرطاوي carcinoid  20-40%، واللمفومة 10-15%، وتشكل الأورام التي تنشأ من اللحمة المتوسطة للأمعاء الدقيقة gastro intertinal stromal tumors (Gist) نسبة ترتفع حتى 15% من سرطانات الأمعاء الدقيقة. يعتمد تشخيص ورم اللحمة المتوسطة GIST على ارتفاع التيروزين كيناز (CD 117) KIT، ويعتمد تشخيص المتلازمة السرطاوية على ارتفاع مستوى الـ(5-HIAA).

المعالجة هي الاستئصال الجراحي لقطعة الأمعاء المصابة مع هامش كافٍ واستئصال العقد المساريقية التابعة للمنطقة المصابة. يعطى الـ gleevec لأورام الـ GIST بعد الجراحة.

4- سرطان القولون والمستقيم والشرج: يتظاهر بآلام بطنية تشنجية أو آلام حوضية أو شرجية مع ظهور الدم في البراز وأحياناً بأعراض انسدادية. يتم التشخيص بإجراء تنظير قولون ومستقيم مع إجراء خزعة. ينشأ سرطان القولون عادة على سليلات polyps قولونية، وكلما كانت السليلة كبيرة (أكبر من 2سم)؛ كان احتمال تحولها السرطاني كبيراً. لذلك ينصح في مجال الوقاية من السرطان بإجراء تنظير قولون ومستقيم كل 5 سنوات لكل شخص بعد سن الخمسين واستئصال السلائل القولونية إن وجدت للوقاية.

المعالجة: هي الاستئصال الجراحي بهامش أمان لا يقل عن 5سم بعيداً عن الآفة مع استئصال القطعة المساريقية الحاملة للعقد المنطقية في حوض تلك الآفة. لقد ساعد استعمال الخرازة stapler على استئصال آفات واقعة في أسفل المستقيم على بعد 5-7سم من فوهة الشرج وإجراء وصل (مفاغرة). أما الآفات الأقرب من هذا المستوى أو الآفات الكبيرة في أسفل المستقيم والمرتشحة بالجوار؛ فيفضل إجراء بتر بطني عجاني مع فغر القولون colostomy. ويستطاع أحياناً تجنب فغر القولون وإجراء مفاغرة في الآفات الكبيرة بعد تحجيمها بتطبيق معالجة شعاعية كيميائية chemoradiation قبل العمل الجراحي.

تكفي الجراحة في المرحلة الأولى لسرطان القولون (عقد مساريقية سلبية). أما في المرحلة الثانية (آفة كبيرة أو آفة صغيرة مع عقد إيجابية)؛ فيجب إضافة المعالجة الكيميائية بعد الجراحة. في المرحلة الأولى والثانية وبعد الاستئصال الجراحي التام بسنوات عديدة تنكس الحالات بنسبة 46%.

والمعالجة الشعاعية المتممة بعد العمل الجراحي التام ضرورية جداً في سرطانات المستقيم، ويفضل إشراكها والمعالجة الكيميائية المحسنة للمعالجة الشعاعية مثل أملاح البلاتين أو الفلورويوراسيل أو دواء الكابستيابين.

5- سرطان الكبد الأولي: أحد أكثر السرطانات الصلبة شيوعاً، كما يعدّ الكبد المكان الثاني للانتقالات السرطانية بعد العقد المنطقية. يكثر سرطان الخلية الكبدية hepato cellular ca. (HCC)  عند المصابين بتشمع الكبد وفي العقدين الخامس والسادس من العمر وعند المعرضين لـ aflatoxin. والتلقيح ضد ڤيروس التهاب الكبد B يعدّ حماية جيدة. والسرطان الانتقالي في الكبد أكثر بعشرين مرة من السرطان الأولي فيه.

العلاج: هو الاستئصال الجراحي حينما يكون الورم محصوراً ضمن فص كبدي واحد؛ ولاسيما الفص الأيمن.

6- سرطان المعثكلة (البنكرياس): وهو من أسوأ السرطانات؛ إذ إنه يكشف في أكثر الأحيان حينما يكون متقدماً. أهم الأعراض الأولى اليرقان والألم ونقص الوزن.

العلاج: جراحي بإجراء عملية ويبل  Whipple حينما لا يكون هناك امتداد إلى الجوار؛ ولاسيما الأوعية المساريقية العلوية أو وريد الباب أو العقد المنطقية.

سادساً- سرطانات الجهاز البولي والتناسلي:

1- سرطان الكلية: ازداد اكتشاف سرطان الكلية بنسبة 3% سنوياً منذ عام 1970؛ نتيجة استخدام الفحص بالأمواج فوق الصوتية والتصوير المقطعي المحوسب للبطن. من أعراضه الأولى الشعور بكتلة وألم في الخاصرة مع بيلة دموية. المعالجة باستئصال الكلية استئصالاً جذرياً يشمل استئصال الكظر المجاور وكل النسج الشحمية من حولها (صفاق جيروتا). وحين وجود انتقال تطبق بعد الاستئصال معالجة مناعية وبيولوجية.

2- سرطان المثانة: يشكل 7% من السرطانات عند الرجال و2% من السرطانات عند النساء. 75% منه أورام ظهارية epithelioma حرشفية الخلايا. والتدخين مسؤول عن أكثر من 50% من الحالات في حين ينجم قسم آخر منه عن الإصابة بالبلهارزيا الدموية schistosoma hematobium والتعرض إلى الأصبغة والدهان وغبار الجلود والمطاط والنسيج ومواد الاحتراق. يتظاهر عادة ببيلة دموية غير مؤلمة.

يكون الورم سطحياً في معظم المصابين بسرطان المثانة، والعلاج بتجريف المثانة والتأكد من عدم وجود غزو للطبقة العضلية مع معالجة متممة عن طريق الحقن الكيميائي أو المناعي داخل المثانة.

أما إذا كان الورم مقتحماً لجدار المثانة (T2, T3, T4)؛ فتستؤصل المثانة استئصالاً جذرياً. في الرجال، تستؤصل المثانة والموثة (البروستاتة) والعقد اللمفية الحوضية. وإذا كان هامش بطانة الإحليل إيجابياً؛ يجرى أيضاً استئصال بطانة الإحليل كاملاً. أما في النساء فتستأصل المثانة والرحم والمبيضان. وإذا كان هامش عنق المثانة إيجابياً يستأصل الجدار الأمامي للمهبل مع بطانة الإحليل.

 3- سرطان الموثة (البروستات): هو السرطان الأكثر شيوعاً عند الرجال في الغرب، ونسبة ظهوره آخذة في الازدياد في منطقتنا؛ نظراً لاكتشافه بازدياد مع إجراء الواسم الورمي له (PSA)   ابتداء من الثمانينيّات. ونسبة حدوثه في الشرق أقل منها في الغرب، وهناك عوامل عائلية وعرقية وبيئية لها شأن في حدوثه. وتشير دلائل علمية إلى إمكان تخفيض نسبة حدوثه بتجنب البدانة والطعام الدسم وإضافة بعض المواد الغذائية إلى الطعام مثل lycopene (الموجود في البندورة ولاسيما المطبوخة منها) وڤيتامين E والسيلينيوم. إن أي شخص عنده PSA أعلى من 4 نانو غرام في المليلتر وضخامة بروستات بالمس الشرجي؛ يكون خطر إصابته بسرطان الموثة أكثر من 50%. كما أنه إذا كان معيار الـ gleason بحدود 8-10؛ فدرجة الورم تكون عالية والإنذار أسوأ.

المعالجة باستئصال الموثة خلف العانة استئصالاً جذرياً مع تجريف العقد الحوضية، أو المعالجة الشعاعية (60-80 غري) ثلاثية الأبعاد conformal إذا كان المرض موضعاً ضمن الموثة، أما إذا كان هناك ما يدل على انتقالات (معظمها عظمية ولاسيما في العمود الفقري وانتقالات إلى العقد الحوضية)؛ فتكون المعالجة بالقضاء على مصادر الإندروجين. نحصل على ذلك إما باستئصال الخصيتين وإما بإعطاء مضاهيات الغونادوريلن gondoreline مثل goserelin (zolodex). وإضافة إلى ذلك يعطى الـ flutamide الذي هو مادة غير ستيروئيدية مضادة للإندروجين تعاكس المستوى الخفيف من الإندروجين المفرز من لب الكظر.

4- سرطان الخصية: وهو أكثر السرطانات حدوثاً عند الرجال ما بين سن الـ 20 و 35. 90% من الحالات قابلة للشفاء. يكون العلاج جراحياً، وقد يتبعه علاج كيميائي أو شعاعي بحسب نوع الورم ودرجة الإصابة.

5- سرطان المبيض: تزداد نسبة الحدوث في العقد الخامس لتصل إلى الذروة في العقد الثامن، وتزداد عند النساء اللواتي لم ينجبن، وتنخفض عند الولودات (انخفاض10% لكل حمل) وعند تناول مانعات الحمل. يكتشف المرض عادة متأخراً، وأهم الأعراض هي الحبن. خمسون بالمئة من أورام المبيض هي أورام مصلية و25% مخاطية و15% لها صفات بطانة الرحم endometroid. المعالجة باستئصال المبيضين والرحم وعنق الرحم مع استئصال الثرب الكبير وأخذ عينات من العقد البلغمية حول الأبهر والحوض في سرطان المبيض في المرحلة الأولى (حينما يكون الورم محصوراً في المبيض). أما في المرحلة الثانية (حين يكون الورم ممتداً إلى الحوض) أو المرحلة الثالثة (ممتداً إلى البطن)؛ فيجري استئصال ما يمكن استئصاله جراحياً debulking، ويتبع بمعالجة كيميائية، وقد تحتاج المريضة لاحقاً إلى تدخل جراحي ثانٍ second look.

6- سرطان باطن الرحم: أكثر ما يحدث بعد الإياس. العلامات الشائعة في هذا المرض هي: اضطراب الطمث، والبدانة، والعقم، وتأخر انقطاع الدورة ونزف مهبلي بعد انقطاع الدورة.

تشكل السرطانة الغدية (الادينوكارسينوما) 75-80% من الحالات. أما المتبقية فهي سرطانة مخاطية وسرطانة مصلية حليمية. يعتمد الإنذار على درجة الورم والمرحلة. يحدد المرحلة مدى إصابة جدار الرحم فقط أو امتداده إلى عنق الرحم أو إلى الحوض أو إلى خارجه.

المعالجة: باستئصال الرحم والمبيضين مع أخذ عينات من العقد الحوضية وحول الأبهر. فإذا كانت هذه العقد إيجابية يجرى تجريف العقد. وتضاف المعالجة الشعاعية (إما خارجية وإما عبر المهبل بالسيزيوم) بعد العمل الجراحي في الحالات ما بعد المرحلة الأولى.

7- سرطان عنق الرحم: وهو أقل حدوثاً الآن مما كان عليه في الماضي، كما أن نسبة الوفيات منه قد انخفضت كثيراً بعد أن أصبح إجراء الفحص الدوري لعنق الرحم باللطاخة papsmear منوالياً، وبذلك أصبحت الآفات ما قبل السرطان تكشف باكراً، وتعالج على نحو محافظ. يعالج سرطان عنق الرحم في المراحل الأولى حتى مرحلة Ic أي قبل أن يمتد إلى العقد جانب الرحم parametrial باستئصال الرحم والمبيضين والعنق وأعلى المهبل. أما في المرحلة II وما بعدها؛ فيعالج بالمشاركة الكيميائية والشعاعية.

سابعاً- سرطان الرئة:

وهو ثالث أكثر السرطانات شيوعاً. تشخص معظم الحالات بمرحلة متأخرة، ولذلك نادراً ما تكون الجراحة شافية، وفي 40% من الحالات انتقالات بعيدة منذ تشخيص الورم الأولي. نسبة الشفاء لمدة خمس سنوات  15 % فقط .

أنواع سرطان الرئة: حرشفي الخلايا 30-40% (غالباً مركزي وعادة عند الرجال) وسرطانة غدية (ادينوكارسينوما) 35% (غالباً محيطية، وتكتشف مصادفة على صورة الصدر)، السرطانة صغيرة الخلايا (شوفاني الخلية) 25% (مركزي الموقع عادة). أهم سبب لسرطان الرئة هو التدخين. و15% فقط من الحالات ليس لها علاقة بالتدخين ومعظم هذه من نوع السرطانة الغدية.

المعالجة: جراحية في المراحل الأولى. أما في ورم الخلايا الصغيرة فهي كيميائية وشعاعية بغض النظر عن المرحلة.

 

 

 


التصنيف : الأورام
النوع : الأورام
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 319
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 477
الكل : 31656422
اليوم : 11004