logo

logo

logo

logo

logo

أمراض الدرقية

امراض درقيه

diseases of thyroidea - maladies de thyroidea



أمراض الدرقية

 

ماهر خضر

لمحة تشريحية القصور الدرقي
فيزيولوجيا الدرقية  الاعتلال العيني بالأمراض الدرقية:
معايرة وظائف الدرق  السلعة (ضخامة الدرقية):
المشكلات في تفسير اختبارات وظائف الدرق  سرطان الدرقية:
أضداد الغدة الدرقية  

 

 

 

تقوم الحاثات الدرقية بوظيفة ضبط الاستقلاب في جميع الخلايا المنوّاة في مختلف الأنسجة. وتعد اضطرابات الوظيفة الدرقية أكثر أمراض الغدد الصم شيوعاً.

أولاً- لمحة تشريحية:

تتألف الغدة الدرقية من فصين جانبيين يصل بينهما البرزخ الدرقي. ويعد موضع الغدة الدرقية اللصيق بالغضروف الدرقي والقسم العلوي من الرغامى سبباً في تحرك الدرق في أثناء البلع. وفي أغلب الحالات يمكن جس الغدة الدرقية لدى النساء الطبيعيات.

من الناحية الجنينية يبدأ تشكل الغدة الدرقية من قاعدة اللسان لتهاجر بعد ذلك إلى منتصف العنق، ويمكن أن توجد بقايا من الدرق في قاعدة اللسان وتسمى الدرق اللساني أو على مسار هجرة الغدة نحو الأسفل. توعية  الغدة الدرقية غزيرة بالشريانين الدرقيين السفلي والعلوي.

ومجهرياً تتألف الغدة الدرقية من أجربة تبطنها خلايا ظهارانية مرفقية، تحتوي على الغراء (وهو البروتين السكري - والتيروغلوبولين - والميودن) المركب من قبل الخلايا الجرابية. يحيط بكل جريب غشاء قاعدي، تتخلله الخلايا نظيرة الجرابية المفرزة للكالسيتونين أو خلايا C.

ثانياً- فيزيولوجيا الدرقية:

1- التركيب: تقوم الغدة الدرقية بتركيب حاثتين، التيروكسين (T4)، وثالث يود التيرونين (T3)، ويعد الـ(T3) الهرمون الفعال على المستوى الخلوي، في حين يعد الـ(T4) طليعة الهرمون. تقوم الغدة الدرقية بوساطة إنزيمات معينة بتركيز اليود اللاعضوي ضمن خلاياها ثم أكسدة هذا اليود وربطه بوحدات التيروزين في جزيئات التيروغلوبولين لتشكيل تيروزين أحادي اليود وثنائي اليود. يلي ذلك تركيب جزيئات الـ(T3) والـ(T4).

ينتج الـ(T4) بكميات أكبر من الـ(T3)، إلا أنه يتحول في بعض النسج المحيطية (كالكبد، والكلية والعضلات) إلى الـ(T3) الفعال بوساطة الأنزيم النازع لليود الوحيد على الموقع ؛ يقوم أنزيم آخر هو نازع اليود الوحيد على الموقع 3 بإِنتاج الـ (T3 المعكوس غير الفعّال. تحدث هذه الخطوة الأخيرة في الأمراض غير الدرقية الشديدة كما سنرى.

تقوم البروتينات الرابطة للهرمون في المصل (الغلوبولين الرابط للتيروكسين، ما قبل الألبومين الرابط للدرق، والألبومين) بربط أكثر من 99% من الـ(T3) والـ(T4). ويبقى الهرمون الحرّ متوافراً للعمل على الأنسجة، إذ يتحد الـ(T3) مع مستقبلات نووية خاصة داخل الخلية. ويتأثر الغلوبولين الرابط للتيروكسين بكثير من العقاقير وعوامل أخرى قد تؤدي إلى بعض الإرباك في تفسير مستويات الـ(T4) الكلي في المصل، مما حدا كثيراً من المخابر على اعتماد معايرة الـ(T4) الحر.

2- آلية ضبط المحور الوطائي- النخامي- الدرقي: يوضح (الشكل 1) آلية الضبط والتلقيم الراجع في المحور الدرقي حيث يعمل الهرمون المطلق للتيروتروبين أو الـthyrotropin releasing hormone (TRH)  وهو ببتيد يُركَّبُ في منطقة الوطاء (تحت المهاد)، يعمل على تحريض إفراز التيروتروبين أو الموجهة الدرقية thyroid stimulating hormone (TSH)، من الغدة النخامية التي تقوم بتحريض نمو الخلايا الجرابية ونشاطها عن طريق مستقبل الـ TSH الغشائي المرتبط بالبروتين G. يتم نزع اليود عن جُزَيء الـ(T4) في الدوران للحصول على (T3) الذي يرتبط بمستقبله النووي في الخلايا الهدف ليتم بعد ذلك تعديل النسخ الجيني في تلك الخلايا حيث يوجد نوعان من المستقبلات ألفا وبيتا (TR alpha, TR beta)، ويبقى التأثير النوعي للـ(T3) على النسج رهناً بوجود هذين المستقبلين. وتبدي الفئران مسلوبة الـ TR alpha نمواً بطيئاً، وبُطْءَ ضربات القلب وانخفاض حرارة الجسم، في حين تبدي الفئران مسلوبة الـ TR beta فرط تصنع الدرق، ومستويات عالية من الـT4  مع مستويات TSH غير ملائمة، مما يشير إلى شأن هذه المستقبلات في متلازمة مقاومة الهرمون الدرقي.

الشكل (1)

3- التأثيرات الفيزيولوجية للهرمونات الدرقية:

> الجملة القلبية والوعائية: زيادة معدل ضربات القلب والنتاج القلبي.

> الهيكل العظمي: زيادة معدل الاستقلاب والارتشاف العظمي.

> الجهاز التنفسي: يحافظ على الباعث الطبيعي لفرط الكربمية ونقص الأكسجة في مركز التنفس.

الشكل (2) العلاقة المتداخلة بين الوطاء والنخامى والغدة

> الجهاز الهضمي: زيادة حركة الأمعاء.

>  الدم: زيادة في مستوى3،2 ديفوسفوغليسيرات 2,3 diphosphoglycerate  ضمن الكريات الحمر لتعزيز تحرير الأكسجين إلى الأنسجة.

> الجهاز العصبي العضلي: زيادة سرعة تقلص العضلات واسترخائها وكذلك استقلاب البروتين العضلي.

> استقلاب الكربوهيدرات: زيادة استحداث الغلوكوز الكبدي، واحتراق الغلوكوز، وكذلك تسريع امتصاص الغلوكوز من الأمعاء.

> استقلاب الدسم: زيادة تحلل الدسم، وتركيب الكولستيرول وتقويضه.

> الجهاز العصبي الودي: زيادة التحسس للكاتيكولامينات وكذلك زيادة عدد مستقبلات بيتا في العضلة القلبية، والعضلات الهيكلية، والنسيج الدهني والخلايا اللمفاوية.

اليود: يعد عوز اليود الغذائي من أهم أسباب الاضطرابات الدرقية عالمياً، إذ إن اليود عنصر أساسي في عملية تركيب الهرمون الدرقي. والحاجة اليومية الموصى بها من اليود هي 140مكغ، وقد تقلص عدد المناطق المصابة "بالسلعة المتوطنة" بعد تدعيم الملح والخبز بمادة اليود.

ثالثاً- معايرة وظائف الدرق:

 تتوافر المقايسة المناعية لكل من الـ(T4) الحر والـ(T3) الحر والموجهة الدرقية TSH على نحو واسع. يمكن معايرة هذه الهرمونات في أي وقت لأن النظم اليومي لا يتأرجح كثيراً، ويظهر الجدول (رقم1) استخدامات هذه المعايرة والنتائج المتوقعة في الحالات الشائعة.

 

TSH

 (0.3- 3.5ميكرو وحدة/ ليتر)

ت4 حر

(10-25 بيكومول/ميتر)

ت3 حر

(3.5-7.5 بيكومول/ليتر)

الانسمام الدرقي

مثبط (< 0.05م و/ليتر)

مرتفع

مرتفع

قصور الدرق الأولي

مرتفع (> 10م و/ليتر)

على الحدود الدنيا أو منخفض

طبيعي أو منخفض

نقص الـ TSH

على الحدود الدنيا أو تحت الطبيعي

منخفض أو بالحدود الدنيا

طبيعي أو منخفض

انسمام بالـ T3

مثبط (< 0.05م و/ليتر)

طبيعي

مرتفع

قصور الدرق المعاوَض

ارتفاع طفيف (5-10م و/ليتر)

طبيعي

طبيعي

الجدول (1) الاختبارات المميزة لوظائف الدرقية في الاضطرابات الدرقية الشائعة

(أشير إلى الاختبار الأكثر أهمية من الناحية السريرية بالخط الغامق)

 

1- معايرة الموجهة الدرقية : TSH تميز مستويات الموجهة الدرقية بين حالات فرط النشاط الدرقي والقصور الدرقي والسواء الدرقي. هناك محاذير يجب الانتباه لها في حالة القصور النخامي، ومتلازمة الدرق السوي في الأمراض غير الدرقية، والاعتلال العيني المرافق لاضطراب الدرق؛ إذ ينخفض مستوى الحاثة الدرقية ناقلاً الانطباع الخاطئ بوجود فرط نشاط درق. ومع ذلك يبقى هذا الاختبار الأكثر حساسية بصفته اختباراً وحيداً لوظيفة الدرق، مع طلب الـ(T4) الحر أو الـ(T3) الحر لتعزيز دقة التشخيص في حين الشك بفرط النشاط الدرقي، أو الحاثة الدرقية مع الـ(T4) الحر في حين الشك بالقصور الدرقي.

2- اختبار الهرمون المطلق للموجهة الدرقية :TRH stimulation test يمكن القول إن انتشار المعايرة الحساسة للموجهة الدرقيةTSH  قد أبطل استخدام اختبار الـ TRH تقريباً، إلا لتقصي اضطراب المحور الوطائي- النخامي. ويستخدم الـ TRH في حالات نادرة للتمييز بين المقاومة للهرمون الدرقي والورم المفرز للـ TSH إذ يظهر في الحالتين ارتفاع مستويات كل من الـ TSH والـ(T4) الحر. حين التحريض بالـ TRH يرتفع مستوى الحاثة الدرقية TSH في حالة المقاومة للهرمون الدرقي، في الوقت الذي لا يتغير مستواه في الورم المفرز للحاثة الدرقية TSH وذلك بسبب الإفراز الذاتي غير الخاضع أصلاً لسيطرة الـ TRH.

رابعاً- المشكلات في تفسير اختبارات وظائف الدرق:

 قد تطرأ بعض الصعوبات في الحالات الثلاث التالية:

1- الأمراض الخطرة والحادة أو المزمنة: تتأثر الوظيفة الدرقية بعدة عوامل:

> انخفاض مستوى البروتينات الرابطة وولعها.

> نقص التحول المحيطي من (T4) إلى (T3) مع زيادة في الـ (T3) المعكوس.

> نقص إنتاج الحاثة الدرقية TSH من المحور الوطائي النخامي.

ينجم عن ذلك انخفاض مستويات الـ(T4) والـ(T3) الكلّية، مصحوبة بمستوى موجهة درقية TSH طبيعي أو منخفض لدى الذين يعانون أمراضاً جهازية، وهو ما يسمى متلازمة الدرق السوي المريض. يلاحظ أن هذا الانخفاض يبقى طفيفاً ويُعتقد أن الأنترلوكين-1 والأنترلوكين-6 يسببان هذا التغير؛ يجب تكرار المعايرة بعد زوال الحالة المرضية.

2- الحمل واستخدام مانعات الحمل الفموية: في هذه الحالة يرتفع مستوى الغلوبولين الرَّابط للهرمون الدرقي، ويرتفع بالتالي الـ(T4) الكلي، في الوقت الذي يبقى فيه الـ(T4) الحر سوياً. أما في مراحل الحمل المختلفة فتتغير مستويات الـ(T4) والحاثة الدرقية TSH على نحو طبيعي، مع ميل إلى تثبيط الحاثة الدرقية TSH في أثناء الثلث الأول من الحمل، ويندُر أن يتسبب بأيِّ أعراضٍ سريرية.

3- تأثيرات دوائية: يقلل الأميودارون من تحويل (T4) إلى (T3)، مما قد يسبب مستوى (T4) حر مرتفع أو على الحدود العليا الطبيعية لدى مريض سواء درقي؛ وقد يحرض الأميودارون فرط النشاط أو القصور الدرقي، وفي هذه الحالة يمكن الاعتماد على اختبار الموجهة الدرقية TSH.

تتداخل أدوية أخرى في معايرة وظائف الدرق عن طريق التأثير في الارتباط بالبروتينات، ولكن هذا يندر أن  يؤثر في المقايسات الحديثة للـ(T4) الحر.

خامساً- أضداد الغدة الدرقية:

تعد أضداد الدرق شائعة ويمكن أن تكون أضداداً محرضة أو مخربة؛ وقد يوجد النوعان في المريض الواحد.

الأضداد المخربة موجهة ضد الجسيم الصغري microsome  أو التيروغلوبولين thyroglobulin. المستضد بالنسبة إلى أضداد الجسيم الصغري هو إنزيم البيروكسيداز الدرقي thyroperoxidase. وتنتشر أضداد الـ thyroperoxidase في20% من البشر الطبيعيين، ولاسيما الإناث المسنات، ولكن لا يحدث قصور درق سريري إلا في 10-20%  فقط من هؤلاء.

تقوم أضداد مستقبلات الموجهة الدرقية TSH من نوع IgG بتحريض المستقبل، ونادراً ما  تقوم بحصر المستقبل. يمكن معايرة هذه الأضداد بطريقتين:

1- طريقة تثبيط ارتباط الموجهة الدرقية TSH بالمستقبل الخاص بها (الغلوبولين المناعي المثبط لارتباط الـ TSH).

2- طريقة إثبات إطلاق هذه الأضداد للأدينوزين أحادي الفوسفات الحلقي (cyclic AMP)، أو الغلوبولين المحرض للموجهة الدرقية TSH.

سادساً- القصور الدرقي:

الآلية الإمراضية:

المعتاد أن يكون القصور الدرقي أولياً، بسبب اعتلال الغدة الدرقية، وقد يكون ثانوياً لاضطراب وطائي- نخامي (نقص التحريض بالـ TSH). ويعد قصور الدرق الأولي من أكثر الاضطرابات الغدية شيوعاً؛ نسبة انتشاره في المملكة المتحدة تصل إلى أكثر من 1% لدى النساء وأقل من 0.1% لدى الرجال. أما الانتشار التراكمي خلال فترة حياة الإناث فقد يصل إلى 9%، و1% لدى الذكور ويكون متوسط العمر عند التشخيص 60 عاماً. ويراوح الانتشار العالمي لقصور الدرقية تحت السريري بين 1-10%.

أسباب قصور الدرق الأولي:

1- أسباب مناعية:

أ- القصور الدرقي الضموري (المناعي): وهو السبب الأكثر شيوعاً، يرتبط بوجود أضداد الدرق وترافقه رشاحة لمفاوية يليها ضمور نسيج الدرق وتليفه. يبلغ احتمال إصابة الإناث ستة أضعاف إصابة الذكور، ويزداد حدوث الإصابات مع تقدم العمر. تترافق الحالة أدواء مناعية أخرى كفقر الدم الوبيل والبهاق وقصورات غدية أخرى. ويحدث أحياناً قصور درق متردد ينتهي باستعادة الغدة الدرقية وظيفتها الطبيعية، ومن المحتمل أن تكون الأضداد الحاصرة لمستقبل الموجهة الدرقية (TSH) هي السبب.

ب- التهاب درق هاشيموتو: ينتشر هذا النوع من التهاب الدرقية المناعي الذاتي لدى الإناث ولاسيما في منتصف العمر. تنجم عنه تغيرات ضمورية يليها إعادة تشكيل، الأمر الذي يسبب سلعة درقية. والعادة أن تكون الضخامة الدرقية مطاطية القوام مائلة إلى القساوة في بعض الأحيان، وتكون أضداد البيروكسيداز مرتفعة جداً (أكثر من 1000 وحدة دولية/ ليتر). وقد يكون المرضى بحالة سواء درقي أو قصور درقي، مع احتمال مرورهم بمرحلة انسمام درقي مؤقتة (تسمى انسمام هاشيموتو). قد يسهم العلاج بالثيروكسين بخفض حجم الغدة الدرقية حتى في حالات السواء الدرقي.

ج- التهاب الدرقية التالي للولادة: تكون هذه الحالة مؤقتة تتلو الولادة، وقد تسبب الانسمام الدرقي أو القصور الدرقي، أو الحالتين على التوالي. يعتقد أن سبب هذه الحالة  التغيرات التي تطرأ على جهاز المناعة في أثناء الحمل. من الناحية النسيجية تكون الرشاحة لمفاوية، وتكون الحالة الالتهابية محددة لذاتها، ولكنها - وبوجود أضداد درقية - قد تتحول إلى قصور درق دائم. وقد تشخص هذه الحالة خطأ على أنها اكتئاب ما بعد الولادة، مما يؤكد أهمية إجراء وظائف الدرق في مثل هذه الحالة.

2- آفات تركيب الهرمون الدرقي:

أ- عوز اليود: ما تزال حالة عوز اليود تتظاهر في بعض المناطق على هيئة "سلعة متوطنة" حيث تنتشر الضخامة الدرقية، وقد تكون أحياناً ضخامة عرطلة، على نحو شائع. واعتماداً على شدة العوز اليودي يمكن للأفراد أن يكونوا أسوياء من الناحية الدرقية أو لديهم قصور درقي. يعتقد أن الآلية تعود إلى التحريض المستمر بالموجهة الدرقية (TSH) بوجود قصور درقي حدّي، مع استمرار حالة العوز باليود مما يسبب الضخامة الدرقية. ما تزال حالة عوز اليود قائمة في كل من هولندا وغربي المحيط الهادئ وجنوب شرقي آسيا (المناطق الجبلية في الهيمالايا) وإفريقيا. وقد اتخذت بعض البلدان المتأثرة بعوز اليود ككازاخستان والصين الإجراءات اللازمة بإضافة اليود إلى ملح الطعام، إلا أن بلداناً أخرى كروسيا مثلاً لم تقم بأي إجراء حتى الآن. ومن بين خمسمئة مليون مصاب بعوز اليود في الهند هناك مليونان يعانون الفدامة cretinism.

ب- اضطراب اصطناع الهرمون: تنجم هذه الحالات النادرة عن خلل وراثي في اصطناع الهرمون الدرقي، مما يؤدي إلى قصور درقي مع ضخامة درقية. يرتبط نمط معين من هذه الأمراض بنقص سمع عصبي ناجم عن طفرة في الصبغي 7، مما يؤدي إلى خلل في البروتين الناقل "بندرين" pendrin (متلازمة بندريد Pendred’s syndrome). ويبين (الجدول رقم2) أهم أسباب القصور الدرقي.

أسباب قصور الدرقية

آفات الدرقية الأولية

- الولادية

·    عدم تخلق الدرقية أو غيابها

·    بقايا درق هاجر

- آفات تركيب الهرمون

·   عوز اليود

·   عسر تصنيع الهرمونات

·   الأدوية المضادة للدرقية

·  أدوية أخرى (ليثيوم، أميودارون، انترفيرون)

- أدواء المناعة الذاتية

·  التهاب الغدة الدرقية الضموري

·   التهاب درقية هاشيموتو

·    التهاب الدرقية التالي للولادة

- الخمجية

·    قصور الدرقية التالي للالتهاب تحت الحاد

- التالي للجراحة

- التالي للتشعيع

·    بعد المعالجة باليود المشع

·    بعد التشعيع الخارجي لمنطقة العنق

- الارتشاحية

- الأورام

- أسباب ثانوية ( آفات نخامية/ وطائية)

- القصور النخامي

·   نقص الموجهة الدرقية (TSH) المعزول

- المقاومة المحيطية للهرمون الدرقي

الجدول (2)

الملامح السريرية:

يسبب القصور الدرقي أعراضاً عدة. يستخدم الاسم البديل "الوذمة المخاطية" للإشارة إلى تراكم عديدات السكريد المخاطية تحت الجلد. وتأخذ الصورة السريرية شكل المريض البطيء ذي الشعر الجاف والجلد المتسمك والصوت الأجش، الذي يشكو من زيادة الوزن، وعدم تحمل الجو البارد وبطء القلب والإمساك، ويصبح التشخيص سهلاً بذلك. إلا أن الأعراض المبكرة قد تختلط مع أسباب أخرى للتعب المجهول السبب، ولذلك يتم تشخيص الكثير من الحالات مخبرياً (انظر الجدول3).

الأعراض السريرية

 

    

العلامات السريرية

تعب ووهن

زيادة الوزن

نقص الشهية

عدم تحمل البرد

تراجع الذاكرة

تغير الملامح

اكتئاب

نقص الشهوة الجنسية

سلعة درقية

انتفاخ حول العينين

شعر جاف متكسر

جلد جاف وخشن

آلام مفصلية

آلام عضلية

وهن عضلي مع تشنج

إمساك

غزارة الطمث أو تباعد طموث

عصاب

غيبوبة

الصمم

 

 

بطء ذهني

عصاب/عته

رنح

بطء حركي

الصمم

 

لون البشرة (كريما مع دراق)

شعر جاف ورقيق

فقدان أشعار الحاجبين

 

فرط ضغط شرياني

انخفاض حرارة الجسم

بطء ضربات القلب

انصباب تأمور

 

برودة أطراف

تناذر نفق الرسغ

وذمات

وذمة ما حول الحجاج

خشونة  الصوت

(سلعة)

 

جفاف الجلد

بدانة خفيفة

 

 

تأتّر عضلي

فرط تصنع عضلي

وهن عضلي داني

بطء المنعكسات

 

 

 

فقر الدم

الجدول (3) قصور الدرق: الأعراض والعلامات السريرية - أهمها المبينة بخط غامق.

 

 

وقد تظهر بعض الصعوبات في حالات معينة:

1- ربما لا يبدي الأطفال الأعراض التقليدية بقدر ما يظهرون بطئاً في النمو، وتأخراً في الأداء المدرسي وتأخراً في البلوغ أحياناً.

2- ربما لا تظهر العلامات على نحو واضح لدى الفتيات المصابات، ويجب نفي القصور الدرقي في كل حالات تباعد الطمث أو انقطاعه، أو غزارة الطمث، أو العقم أو فرط برولاكتين الدم.

3- في المسنين قد تشابه أعراض القصور الدرقي كثيراً من مظاهر الشيخوخة.

استقصاء القصور الدرقي:

تبقى معايرة الموجهة الدرقية (TSH) الخيار الأول: يؤكد الـ TSH المرتفع قصور الدرق الأولي. إلا أن انخفاض مستوى الـ T4 الحر يؤكد الحالة (إضافة إلى أنه ضروري في تشخيص حالات نقص الـ TSH ولاسيما إذا اقترنَ القصور الدرقي  بـ(TSH) طبيعي أو منخفض). وقد توجد أضداد الدرقِ أيضاً، إضافة إلى أضداد موجهة إلى أعضاء أخرى. ويتضمن قصور الدرقية العلامات المخبرية التالية:

1- فقر الدم سوي المناسب، مع إمكانية وجود كريات عرطلة megaloblast  (فيما إذا اقترنت الحالة بفقر الدم الوبيل)، أو كريات حمر صغيرة microcyte (لدى الإناث في حالة غزارة النزف الطمثي).

2- ارتفاع مستوى الإنزيم ناقل الأمين AST، من مصدر عضلي أو كبدي أو من المصدرين معاً.

3- ارتفاع مستوى الكرياتين كيناز مرافقاً اعتلال العضلات.

4- فرط كولستيرول وشحوم الدم الثلاثية.

5- نقص صوديوم الدم بسبب زيادة الهرمون المضاد للإدرار مع اضطراب إفراغ الحمل من الماء الحر.

المعالجة:

1- العلاج المعيض: يعطى الليفوثيروكسين (أي ثيروكسين أو T4) مدى الحياة. وتعتمد جرعة البداية على شدة النقص، وعلى عمر الشخص المعالج ولياقته ولاسيما الأداء القلبي. يقترح البدء بـ 100مكغ يومياً للشباب الأصحاء، و50 مكغ (مع رفع الجرعة إلى 100مكغ بعد 2-4 أسابيع) للأطفال، والمسنين والمعمرين. أما المرضى الذين يعانون الداء الإكليلي فيجب البدء بجرعات قليلة ولاسيما في القصور الدرقي الشديد والمزمن، ويفضل معظم الأطباء المعالجين البدء بجرعة 25 مكغ يومياً مع مراقبة دورية لتخطيط القلب الكهربائي، ثم رفع الجرعة تدريجياً بفاصل 3-4 أسابيع إذا لم يحدث خناق الصدر أو لم تظهر علامات تخطيطية لنقص التروية القلبية.

2- المراقبة: هدف العلاج هو إعادة كل من T4 والموجهة الدرقية (TSH) إلى المجال الطبيعي. يتم تقييم كفاية الجرعة بناءً على السريريات واختبار وظائف الدرق بعد 6 أسابيع على الأقل من البدء بجرعة ثابتة، وإذا ارتفعت الموجهة الدرقية (TSH) يجب رفع جرعة الـ(T4) بمقدار 25-50 مكغ مع إعادة المعايرة كل 6-8 أسابيع حتى تصبح الحاثة الدرقية ضمن المجال الطبيعي. يجب تجنب التثبيط الكامل للموجهة الدرقية (TSH) وذلك لارتباطه بالرجفان الأذيني وتخلخل العظام. تستقر جرعة الصيانة عادة بحدود 100-150مكغ تعطى جرعة وحيدة يومياً، ويوصى بمعايرة الحاثة الدرقية سنوياً للمراقبة طويلة الأمد.

ربما لا يطرأ التحسن السريري على العلاج بالـ T4 إلا بعد أسبوعين أو أكثر، وقد تمضي ستة أشهر حتى تراجع الأعراض على نحو كامل. يجب تأكيد استمرار المعالجة مدى الحياة، مع احتمال ظهور قصورات غدية مناعية أخرى، كداء أديسون أو فقر الدم الوبيل. تزاد جرعة (T4) بمقدار 25-50 مكغ في أثناء الحمل وذلك للحفاظ على مستوى طبيعي للموجهة الدرقية (TSH)، مع تأكيد أهمية الإعاضة المثالية بسبب تراجع القدرة الذهنية لأبناء الأمهات اللواتي ارتفعت فيهن الموجهة الدرقية (TSH) في أثناء الحمل.

قد تكون استجابة بعض المرضى المصابين بالقصور الدرقي الأولي استجابة غير تامة  للهرمون الدرقي T4. وقد تفيد هنا المشاركة بين T4 وT3، إلا أنّ الدراسات العشوائية لم تظهر تحسناً في نوعية الحياة لدى هؤلاء المرضى.

قصور الدرقية الحدّي أو قصور الدرقية المعاوِض:

تكثر الحالات التي يكون فيها مستوى T4 على الحد الأدنى للمجال الطبيعي مع ارتفاع مستوى الموجهة الدرقية (TSH) ارتفاعاً طفيفاً، قد تشاهد هذه الحالة بعد جراحة درقية أو بعد العلاج باليود المشع وعندها يوصف التغير الحادث بأنه "معاوض". يوصى بالعلاج بالثيروكسين (T4)  حين بلوغ الموجهة الدرقية (TSH) حداً أعلى من 10ميكرو وحدة/ليتر، أو لدى ظهور أعراض ذات علاقة محتملة بقصور الدرق، أو وجود أضداد درق إيجابية، أو اضطراب في شحميات الدم. وحين حدوث ارتفاع طفيف في الحاثة الدرقية يجب إعادة التحليل بعد 3-6 أشهر. وتطور الحالة إلى قصور سريري شائع لدى الذكور أو في ايجابية أضداد التيروبيروكسيداز (Anti-TPO). وعملياً قد تستجيب الأعراض المبهمة - التي يرافقها ارتفاع طفيف في الموجهة الدرقية (TSH) - للمعالجة. من المستحسن أيضاً إعادة الموجهة الدرقية (TSH) إلى القيم الطبيعية قبل حدوث الحمل وذلك لتجنب الآثار السلبية على الجنين.

سبات الوذمة المخاطية:

يتظاهر قصور الدرق الشديد أحياناً - ولاسيما لدى المسنين - بأعراض عصبية كالتخليط الذهني أو السبات. والواقع أن سبات الوذمة المخاطية أمر نادر الحدوث؛ من أهم ملامحه انخفاض حرارة الجسم وقصور القلب المتقدم وبطْء التنفس وهبوط سكر الدم وكذلك صوديوم الدم. وقد بلغت نسبة الوفيات في هذه الحالات 50% على الأقل مع ضرورة قبول المرضى في العناية المشددة. تبقى المعالجة المثالية لمثل هذه الحالات مثار جدل مع نضوب المعلومات المتوافرة؛ معظم الأطباء يفضلون إعطاء الـT3)) فموياً أو وريدياً بجرعة 2.5-5.0 مكغ كل 8 ساعات مع زيادة الجرعة تدريجياً والانتباه إلى عدم إعطاء جرعة وريدية كبيرة.

هناك إجراءات إضافية يمكن القيام بها على الرغم من عدم التأكد من جدواها:

1- الأكسجين (عن طريق المنفاس إذا دعت الضرورة).

2- مراقبة نتاج القلب والضغط الشرياني.

3- عودة التدفئة التدريجية.

4- هيدروكورتيزون وريدي 100ملغ كل 8 ساعات.

5- تسريب محلول سكري لمنع هبوط السكر.

"جنون الوذمة المخاطية" أو الاكتئاب أمر شائع الحدوث في قصور الدرق، وقد يبدي المريض المسن المصاب بالقصور الدرقي الشديد أعراض العته أو العصاب الصريحة، إضافة إلى الهذيان. وقد تظهر هذه الأعراض بعد بدء العلاج بالـ(T4) بفترة قصيرة.

اختبار النخل لقصور الدرقية:

> يقدر حدوث القصور الدرقي الولادي بحالة واحدة لكل 3500 ولادة. ينجم عن القصور الدرقي الشديد غير المعالج خلل عصبي وعقلي دائم (الفدامة). يعد النخل المنوالي للولدان- باستخدام البقعة الدموية blood- spot، للكشف عن ارتفاع موجهة الدرقية TSH- طريقة فعالة وذات جدوى اقتصادية تمكننا من توقي الفدامة إذا ما بدئ العلاج بالـ(T4) في أثناء الأشهر الأولى من العمر.

> أما اختبار النخل لدى كبار السن فمثار جدل ولم يتفق على العمر المناسب لبدء النخل. إلا أنه من الواجب إجراء اختبار وظائف الدرق بانتظام في حالات الجراحة السابقة على الغدة الدرقية، أوالعلاج باليود المشع، إضافة إلى الذين يتلقون علاجي الليثيوم أو الأميودارون.

سابعاً- فرط النشاط الدرقي:

يعد فرط نشاط الدرقية أو الانسمام الدرقي أمراً شائعاً، ويبلغ انتشاره بين الإناث تحديداً 2-5% ونسبة إصابة الإناث إلى الذكور 1:5، في فئة العمر 20-40 عاماً. ويبقى السبب الدرقي- أو الأولي- هو الأكثر شيوعاً (< 99%) ويعد السبب النخامي نادراً جداً. (انظر الجدول4).

أسباب فرط النشاط الدرقي

أسباب شائعة:

- داء غريف (مناعي ذاتي).

- السلعة السمية متعددة العقد.

- العقدة السمية الوحيدة.

أسباب غير شائعة:

- التهاب الدرقية الحاد:

·     بالفيروسات (مثال: دي كيرفان).

·     مناعي ذاتي.

·     تالٍ للأشعة.

·     تالٍ للولادة.

- فرط نشاط الدرقية المحرض بالحمل ( عن طريق الـ HCG).

- الانسمام الدرقي عند الولدان (أضداد درقية من الأم).

- تناول خارجي لليود.

- تأثير دوائي – الأميودارون.

- فرط النشاط الصنعي (تناول الثيروكسين بالخفاء).

أسباب نادرة:

- أورام نخامية مفرزة للموجهة الدرقية (TSH).

- سرطان درقية متمايز مع انتقالات.

- أورام مفرزة للـ human chorionic gonadotropin (HCG).

- ورم مَسخي مبيضي مفرط النشاط (hyperfunctioning ovarian teratoma- struma ovarii)

الجدول (4)              

 

 

1- داء غريف:Graves’ Disease   وهو السبب الأكثر شيوعاً لفرط نشاط الدرق ويعزى إلى أسباب مناعية. ترتبط أضداد الـ IgG في المصل بمستقبلات الموجهة الدرقية (TSH) في النسيج الدرقي، لتحرض إنتاج الهرمون الدرقي؛ أي إنها تقلد الـ TSH. وتتميز أضداد الـ TSH هذه بأنها نوعية لداء غريف، ويمكن معايرتها في المصل، إضافة إلى أنها موجودة في 85-90% من الحالات وتتراجع في أثناء المعالجة. إن بقاء هذه الأضداد بمستويات عالية ينبئ بشدة احتمال انتكاس المرض حين إيقاف العلاج. هناك ارتباط مع مستضدات الكريات البيض البشريةHLA-B8 (human leucocyte antigen) ، DR3، وDR2 إضافة إلى نسبة توافق 40% بين التوائم متماثلة اللواقح homozygotic twins، و5% بين التوائم ثنائية اللواقح. كما يوجد ارتباط ضعيف مع المستضد المتعلق باللمفاويات T السامة للخلايا (CTLA-4)، ومع مستضد الكريات البيض البشرية DRB*08، DRB3*0202 على الصبغي 6.

تحتوي كل من الإشريكية القولونية واليرسينية الملهبة للمعي والقولون على مواقع رابطة للموجهة الدرقية TSH، مما يحتمل معه أن تكون الأخماج بهذه الجراثيم هي العامل المحرض بسبب "تشابه جزيئي" محتمل لدى شخص مؤهب وراثياً، والحقيقة أن الآليات المحرضة ليست معروفة بدقة حتى الآن.

يترافق الاعتلال العيني مع فرط النشاط في كثير من الحالات، إلا أن العناصر الأخرى من داء غريف تبقى نادرة جداً كاعتلال الجلد. نادراً ما تحدث ضخامات لمفاوية مع ضخامة طحال. يرتبط داء غريف أيضاً بالاضطرابات المناعية الذاتية الأخرى كفقر الدم الوبيل والبهاق والضعف العضلي الوخيم.

يتأرجح السير الطبيعي للمرض فيتناوب بين النكس والهجوع؛ ويصاب40% من المرضى بهجمة واحدة فقط، وتنتهي بالقصور الدرقي في نهاية المطاف لدى كثير من المرضى.

2- الأسباب الأخرى لفرط النشاط الدرقي/الانسمام الدرقي:

أ- العقدة الوحيدة السمية: تسبب خمسة بالمئة من كل حالات فرط النشاط، ولا تهجع الآفة بعد فترة من المعالجة بمضادات الدرق.

ب- السلعة السمية متعددة العقد: تنتشر هذه الحالة بين الإناث الأكبر سناً، ونادراً ما تنجح مضادات الدرق بالحث على الهجوع بالرغم من سيطرتها على فرط النشاط الدرقي.

جـ- التهاب الدرقية "دي كيرفان" De Quervain: تتميز هذه الحالة بفرط نشاط درق عابر ناجم عن التهاب حاد يصيب الغدة الدرقية قد يكون سببه خمجاً ڤيروسياً. إضافة إلى الانسمام الدرقي ترتفع الحرارة، مع إعياء وخفقان وألم في العنق وألم موضعي في الدرقية. تبدي وظائف الدرق في المراحل الأولى فرط نشاط درقي، مع زيادة سرعة التثفل ولزوجة المصل، إضافة إلى تثبيط قبط اليود في المرحلة الحادة. بعد بضعة أسابيع تلي هذه المرحلة حالة قصور درقي عابرة. تعالج المرحلة الحادة بضادات الالتهاب كالأسبيرين، مع استخدام البريدنيزولون مدة قصيرة في الحالات التي تبدي أعراضاً شديدة.

د- التهاب الدرقية التالي للولادة.

هـ- الانسمام الدرقي المحرض بالأميودارون: يُصنَّف الأميودارون مضاد اضطراب نظم من الصنف الثالث، ويتسبب بنمطين من فرط النشاط الدرقي.

النمط الأول يرتبط بإصابة سابقة بداء غريف أو سلعة متعددة العقد، وفي هذه الحالة من المحمتل أن يكون المحتوى العالي من اليود في الأميودارون هو المحرض الأساسي لفرط النشاط الدرقي.

أما النمط الثاني فلا يشترط حدوثه وجود مرض درقي سابق، ويعتقد أنه ينجم عن تأثير مباشر للأميودارون في خلايا الدرق الجرابية يؤدي إلى التهاب درق مخرب مع إطلاق هرموني الـ(T4) والـ(T3). قد يرتبط النمط الثاني بحالة قصور درقي قد تمتد عدة أشهر. يلاحظ أن نسبة الـ(T4) إلى الـ(T3) تكون مرتفعة في النمطين وذلك بسبب تأثير الأميودارون المثبط للتحول المحيطي من T4 إلى T3.

الملامح السريرية لفرط نشاط الدرقية:

تتأثر الكثير من الوظائف بفرط النشاط الدرقي، وتتفاوت الأعراض تبعاًً للعمر والسبب (انظر الجدول رقم5).

الأعراض السريرية

 

 

 

 

 

العلامات السريرية

نقص وزن

زيادة شهية

عصبية

وهن عام

وهن عضلي

رجفان

كنع رقصي

زلة تنفسية

خفقان

عدم تحمل الحرارة

حكة

عطش

قياء

إسهال

أعراض عينية (في داء غريف فقط)

سلعة درقية

شح الطموث

نقص الشهوة الجنسية

تثدي

انفكاك الأظافر

تسارع النمو (الأطفال)

تعرق

رجفان

فرط حركية

عصاب

 

تسرع النبض أو رجفان أذيني

نبض ممتلئ

أطراف دافئة

فرط الضغط الشرياني الانقباضي

قصور قلب

 

جحوظ العين (فقط في داء غريف)

تراجع الجفن وحملقة

وذمة أجفان

شلل عضلات العين (فقط في داء غريف)

وذمة حول الحجاج

سلعة درقية مع حفيف

نقص وزن

 

 

وهن عضلات داني

ضمور عضلات داني

انفكاك الأظفار

احمرار راحة الكف

 

 

 

 

اعتلال الجلد بداء غريف

ثخن النهايات الدرقي

وذمة مخاطية على الساقين

الجدول (5) فرط نشاط الدرقية، الأعراض والعلامات السريرية، أهمها مبين بخط أسود

 

 

1- تلاحظ الوذمة المخاطية على الساقين، والاعتلال العيني، والتغيرات المحيطية في داء غريف فقط. تتظاهر الوذمة المخاطية بشكل ارتشاح جلدي في مقدم الساقين وتشاهد على نحو أساسي مع الاعتلال العيني. أما التغيرات المحيطية فتتمثل بتعجر الأصابع وتورمها إضافة إلى تشكل عظم جديد في منطقة ما حول السمحاق.

2- لدى كبار السن يكثر تواتر الإصابة بالرجفان الأذيني، أو تسرع النبض الذي قد يرافقه قصور القلب، وقلة العلامات السريرية الأخرى. يجب تحري وظائف الدرق في أي حالة رجفان أذيني.

3- كثيراً ما يشكو الأطفال من النمو الزائد أو من اضطرابات سلوكية كفرط الحركية. وقد يبدي الأطفال زيادة الوزن بدلاً من نقصه.

4- يتصف أحد أشكال الانسمام الدرقي لدى بعض المسنين باللامبالاة مع لوحة سريرية أقرب إلى القصور منها إلى فرط النشاط الدرقي، وتتطلب ندرة العلامات المرضية درجة عالية من الشك السريري.

التشخيص التفريقي:

غالباً ما يكون تشخيص فرط النشاط الدرقي واضحاً لا شك فيه إلا أنَّ التأكيد المخبري مطلوب دائماً قبل البدء بالمعالجة. قد يصعب التمييز بين بعض الحالات الطفيفة وبين حالة التوتر؛ من المفيد الانتباه إلى العلامات العينية، ووجود السلعة الدرقية، وضعف العضلات الداني المترافق والضمور. يعد نقص الوزن بالرغم من شهية طبيعية أو مزدادة عرضاً مهماً من أعراض فرط النشاط الدرقي. أما الأطراف الدافئة المشاهدة في فرط النشاط الدرقي وبسبب فرط نشاط الدوران فتتناقض كلياً مع الأطراف الباردة والرطبة التي تلاحظ في حالات القلق والتوتر.

الاستقصاءات:

1- تكون الموجهة الدرقية (TSH) مثبطة (> 0.05 ميكرو وحدة/ليتر) في فرط النشاط الدرقي، ما عدا بعض الحالات النادرة التي يكون فيها الإفراز زائداً.

2- يؤكد التشخيص بارتفاع الـ (T3) أو الـ (T4). يرتفع الـ(T4) دائماً، ويكون الـ(T3) أكثر حساسية بسبب وجود حالات الانسمام بالـ(T3) المعزول.

3- إيجابية أضداد الـ thyroperoxidase وتيروغلوبولين thyroglobulin في أغلب حالات داء غريف. لا تتم معايرة أضداد  الـ TSH على نحو منوالي، إلا أن وجودها شائع؛ والأضداد الغلوبولينية المحرضة للـ TSH إيجابية في 80%، والأضداد الغلوبولينية المثبطة للارتباط بالـTSH  إيجابية في 60-90% من حالات داء غريف.

المعالجة:

هناك ثلاثة خيارات: الأدوية المضادة للدرقية واليود المشع والجراحة.

1- الأدوية المضادة للدرقية:

مثل الكاربيمازول واسع الانتشار في المملكة المتحدة، والبروبيل تيوراسيل. أما في الولايات المتحدة فيستخدم الثيامازول (ميثيمازول)، وهو المستقلب الفعال من الكاربيمازول. تقوم هذه الأدوية بتثبيط تركيب الهرمونات الدرقية إضافة إلى تأثيرات ثانوية أخرى؛ الكاربيمازول/ثيامازول مثبط كذلك للمناعة. يبين الجدول المرفق الجرعات والتأثيرات الجانبية لهذه الأدوية.

وبالرغم من السرعة في تثبيط تركيب الهرمون الدرقي، فإنَّ نصفَ عمر الـ(T4) الطويل (7 أيام) يعني عدم ظهور التحسن السريري إلا بعد 10-20 يوماً. وإذا كانت معظم التظاهرات تأتي عبر تفعيل الجملة الودية فإن حاصرات مستقبلات البيتا تسهم في تحسن الأعراض تحسناً سريعاً وجزئياً؛ كما تسهم حاصرات بيتا بتثبيط التحول المحيطي من الـ(T4) إلى الـ(T3). وتفضل حاصرات البيتا الخالية من أي خواص مقلدة للودي (مثال: البروبرانولول)، على ألا تستخدم علاجاً وحيداً لفرط النشاط الدرقي إلا في الحالات المحددة كالتهاب الدرقية تحت الحاد.

يستمر التدبير الدوائي بطريقة المعايرة التدريجية للجرعة أو باستخدام طريقة "الحصر والإعاضة" block and replace. وقيمة الطريقتين واحدة. تبقى الحاثة الدرقية TSH مثبطة عدة أشهر حتى بعد التحسن السريري وعودة الـ(T4) والـ(T3) إلى مستواهما الطبيعيين.

أ- معايرة الجرعة التدريجية:

(1)- البدء بالكاربيمازول 20-40 ملغ يومياً.

(2)- إعادة التقييم بعد 4-6 أسابيع مع تخفيض الجرعة تبعاً للحالة السريرية ومستويات الـ(T4) أو الـ(T3). تبقى الموجهة الدرقية الـTSH  مثبطة عدة أشهر؛ ولذلك فهي ليست ذات جدوى في تلك المرحلة.

(3)- لدى بلوغ السواء الدرقي السريري والمخبري توقف حاصرات بيتا.

(4)- يعاد التقييم مرة أخرى بعد 2-3 أشهر، وفي حالة الضبط الجيد تخفض جرعة الكاربيمازول.

(5)- تخفض الجرعة تدريجياً بعد ذلك حتى الوصول إلى 5 ملغ يومياً مدة 6-24 شهراً إذا استمر ضبط حالة فرط النشاط الدرقي.

(6)- وأما إذا بقي المريض في حالة سواء درقي على جرعة 5 ملغ يومياً فيمكن إيقاف العلاج.

يستخدم البروبيل تيوراسيل بالطريقة نفسها (انظر الجدول رقم6).

الدواء

جرعة البداية

التأثيرات الجانبية

ملاحظات

الأدوية المضادة للدرق:

- كاربيمازول

 

 

 

 

- بروبيل تيوراسيل

 

20-40ملغ يومياً، كل 8 ساعات أو جرعة واحدة

 

 

 

100-200ملغ كل 8 ساعات

 

طفح جلدي، غثيان، قياء، آلام مفصلية، نقص محببات (0.1%)، يرقان

 

 

طفح جلدي، غثيان، قياء، نقص محببات

 

المستقلب الفعال هو  ثيامازول (ميثيمازول)

مثبط مناعي خفيف

 

 

تأثير إضافي بمنع تحول T3  إلى T4

حاصر بيتا للسيطرة على الأعراض:

احتمال تطلب الحالة جرعات أكبر من المعتاد.

- بروبرانولول

 

 

 

 

40-80ملغ كل 6-8 ساعات

 

 

 

 

تجنب استخدامه في حالات الربو

 

 

تستخدم الأدوية الخالية من أي نشاط مقلد للودي، بسبب الحساسية العالية للمستقبلات

الجدول (6) الأدوية المستخدمة في معالجة فرط النشاط الدرقي

 

 

ب- طريقة "الحصر والإعاضة": في هذه الطريقة تعطى جرعات قصوى من مضادات الدرقية، أي كاربيمازول 40ملغ يومياً، بهدف تثبيط الغدة الدرقية تثبيطاً كاملاً، والتعويض عن الوظيفة الدرقية بجرعة 100مكغ ليفوثيروكسين يومياً لدى بلوغ السواء الدرقي. ويستمر العلاج بهذه الطريقة مدة 18 شهراً، والفوائد المفترضة هي تجنب التأرجح في وظائف الدرقية في أثناء المعالجة إضافة إلى الاستفادة من تأثير الكاربيمازول المثبط للمناعة. يعد الحمل مضاد استطباب لهذه الطريقة لأن مرور الـ(T4) عبر المشيمة أقل من عبور الكاربيمازول.

ج- نكس المرض: ينكس المرض في نحو 50% من المرضى بعد فترة علاجية بالكاربيمازول أو البروبيل تيوراسيل، خلال عامين من إيقاف الدواء وأحياناً بعد ذلك بفترة طويلة. يمكن اللجوء في هذه الحال إلى علاج مطول بمضادات الدرقية أو التفكير بإمكانية الجراحة أو اليود المشع. يصاب معظم المصابين بفرط النشاط الدرقي بسلعة درقية منتشرة (90%)، ومن غير المحتمل حدوث هجوع العقدة الدرقية الوحيدة أو السلعة المتعددة العقد، لذلك غالباً ما تحتاج إلى معالجة حاسمة. يقل احتمال الهجوع أيضاً كلما كانت درجة فرط النشاط الدرقي شديدة من الناحية المخبرية.

د- سمية الأدوية: أكثر ما يخشى من الأعراض الجانبية للأدوية هو نقص المحببات الذي يحدث في 1 من كل 1000 مريض، في أثناء الأشهر الثلاثة الأولى من العلاج. يجب تنبيه جميع المرضى إلى ضرورة طلب تعداد خلايا الدم عاجلاً حين حدوث حمى غير مفسرة أو التهاب البلعوم الحاد- مع ضرورة توثيق ذلك كتابياً. والعرض الجانبي الأكثر شيوعاً هو الطفح الجلدي الذي يتطلب تغيير الدواء. وحين حدوث التسمم من الكاربيمازول يُبَدّل العلاج إلى بروبيل تيوراسيل، وكذلك العكس، مع ندرة التقاطع بين الدواءين من ناحية الأعراض الجانبية (انظر الجدول رقم 6).

2- اليود المُشِعُّ:

يعطى اليود المشع للمرضى من الفئات العمرية كافة، باستثناء الحوامل والمرضعات فهو فيهن مضاد استطباب مطلق. وهو أكثر طرائق المعالجة في الولايات المتحدة.

يعطى اليود 131 بجرعة تراوح بين 200 و550 ميغابيكيريل MBq بسبب تنوع حساسية كل غدة وقبطها. يتراكم اليود في الدرق ويسبب تخريبها بالتشعيع الموضعي، وقد تمر أشهر قبل ظهور الفعالية الكاملة له. يستمر العلاج حتى الوصول إلى السواء الدرقي، ثم توقف الأدوية 4 أيام على الأقل قبل تناول جرعة اليود المشع، وتستأنف بعد 3 أيام من تناول الجرعة. والفترة التي يوقف فيها العلاج قبل استعمال اليود المشع يجب أن تكون أطول في الذين يعالجون بالبروبيل تيوراسيل من  الذين يعالجون بالكاربيمازول وذلك بسبب فعل البروبيل تيوراسيل في الحماية من الإشعاع. ولا يحتاج العديد من المرضى للعودة إلى الدواء بعد تناول اليود المشع.

قد يحدث إزعاج أو عدم ارتياح في مقدم العنق مع اشتداد أعراض الانسمام الدرقي مباشرة بعد الجرعة؛ ويجب العلاج بالبروبرانولول، وبالكاربيمازول. ويعود المرضى إلى حالة السواء الدرقي في مدة 2-3 أشهر. يميل المصابون بالاعتلال العيني نحو سوء الحالة بعد جرعة اليود المشع مقارنة بالعلاج الدوائي؛ ما يجعل الإصابة العينية مضاد استطباب نسبي لليود المشع ولكن يمكن الوقاية من ذلك بإعطاء الستيروئيدات القشرانية corticosteroids .

يحدث القصور الدرقي لدى غالبية المرضى خلال الأعوام العشرين التالية للجرعة. ويعود نحو 75% من المرضى إلى السواء الدرقي خلال فترة قصيرة مع بقاء نسبة صغيرة منهم في حالة فرط نشاط، الأمر الذي يتطلب إعطاء جرعة ثانية من اليود المشع. من الضروري مراقبة وظائف الدرقية فترة طويلة بإجراء عدة تحاليل في أثناء العام الأول، ثم إجراء تحليل واحد كل عام على الأقل.

بقي دور اليود المشع المسرطن مثار جدل فترة طويلة من الزمن، إلا أنَّ الأغلبيةَ الساحقة من الأدلة تشير إلى عدم زيادة حدوث السرطان أو الوفيات على نحو عام بعد العلاج باليود المشع (لا بل تشير بعض التقارير إلى انخفاض كبير في هذه الحالات)، إلا أن نسبة سرطان الدرقية قد تزداد على نحو كبير، مع بقاء هذا الاحتمال قليلاً جداً إذا ما نظر إلى الأرقام المطلقة.

3- الجراحة:

استئصال الدرق تحت التام: تجرى الجراحة للمرضى الأسوياء درقياً، وتقتضي إيقاف الدواء المضاد للدرق 10-14 يوماً قبل الجراحة مع إعطاء يوديد البوتاسيوم (60ملغ ثلاث مرات يومياً) وذلك للتخفيف من توعية الغدة.

ويجب أنْ يُجريَ الجراحة جراحٌ خبير للتقليل من المضاعفات المحتملة وهي:

أ- النزف المبكر الذي قد يؤدي إلى انضغاط الرغامى أو الاختناق، ويتطلب نزع الغرز سريعاً  للسماح بمرور الدم أو تفجير الورم الدموي الضاغط.

ب- إصابة العصب الحنجري الراجع في 1% من الحالات. يجب فحص حركة الحبال الصوتية قبل العمل الجراحي. قد تحدث بحة خفيفة في الصوت وينصح بتجنب استئصال الدرق لدى المغنين المحترفين.

ج- قد يحدث هبوط عابر في كلسيوم المصل في 10% من الحالات، مع حدوث قصور جارات درق دائم في 1%.

د- من المحتمل عودة فرط نشاط الدرقية في 1-3% من المرضى في العام الأول بعد الجراحة، ثم 1% كل عام.

هـ- يحدث قصور درق في فترة عام من الجراحة لدى 10% من المرضى، مع ازدياد هذا الاحتمال فيما بعد. ويزداد هذا الاحتمال بوجود أضداد الدرق من نمط Anti-TPO. وفي الأماكن التي تحتفظ بسجلات مؤتمتة للنتائج السنوية للموجهة الدرقية الـ TSH يظهر القصور الدرقي لدى نسبة عالية من المرضى في الأعوام التي تلي الجراحة.

اختيار العلاج:

تعتمد استطبابات كل من الجراحة أو اليود المشع على:

> رغبة المريض.

> الأعراض الجانبية المستمرة للدواء.

> عدم الالتزام بالمعالجة.

> تكرر نكس فرط النشاط حين إيقاف الدواء.

> هناك حالات خاصة تتطلب الجراحة تحديداً: السلعة الدرقية الكبيرة، وقلة احتمال هجوع فرط النشاط الدرقي بالمعالجة الدوائية.

حالات خاصة من فرط النشاط الدرقي:

1- العاصفة الدرقية: هذه الحالة نادرة، إلا أن نسبة الوفيات منها 10%. تتصف بتدهور سريع لحالة فرط النشاط الدرقي مصحوباً بفرط حرارة، وتسرع قلب شديد، وهياج، وقصور قلب واضطراب وظائف الكبد. والعادة وجود عامل مؤثر لذلك كالشدة، أو الخمج أو الجراحة على مريض غير محضر جيداً، أو المعالجة باليود المشع. يقلل التدبير الجيد من فرص حدوث هذه المضاعفة ومعظم الحالات التي توصف "بالنوبة الدرقية" هي حالات شديدة وغير معقدة من فرط النشاط الدرقي.

 العلاج إسعافي: يجب البدء على الفور بجرعات قصوى من البروبرانولول إضافة إلى يوديد البوتاسيوم، ومضادات الدرق، والستيروئيدات القشرانية (التي تكبت الكثير من مظاهر فرط النشاط الدرقي)، ومع كل الإجراءات الداعمة من الضروري السيطرة على اضطراب النظم وقصور القلب أيضاً.

2- فرط نشاط الدرقية في الحمل والحياة الجنينية: يعدّ المستوى المرتفع لموجهة الغدد التناسلية المشيمائية البشرية (beta-human chorionic gonadotropin) في الحمل محرضاً ضعيفاً لمستقبل الموجهة الدرقية (TSH)، ينجم عنه تثبيط للـ (TSH) مع ارتفاع طفيف في كل من الـ(T4) والـ(T3) في الثلث الأول من الحمل وقد يرتبط بالقياء المفرط الحملي. إلا أن فرط النشاط الحقيقي لدى الأم في أثناء الحمل هو أمر غير شائع وعادة ما يكون طفيفاً. قد يكون التشخيص صعباً بسبب تقاطع الأعراض مع أعراض الحمل إضافة إلى وظائف الدرق المضللة، ومع إمكان الاعتماد على الموجهة الدرقية (TSH) لوضع التشخيص غالباً ما يكون السبب هو داء غريف. تستطيع أضداد الدرق المحرضة للـ TSH عبور المشيمة لتحرض الدرق لدى الجنين، ويقوم الكاربيمازول بعبور المشيمة أيضاً، وفي الوقت نفسه تعبر كميات قليلة جداً من الـ(T4) ولذلك لا تستطب المعالجة بطريقة "الحصر والإعاضة". ينصح باستخدام أصغر جرعة ممكنة من الكاربيمازول مع مراقبة الجنين. ويجب إخبار اختصاصي الأطفال كي يجري فحصاً دقيقاً مباشرة بعد الولادة؛ فالمعالجة الزائدة بالكاربيمازول قد تسبب سلعة درقية لدى الجنين. والكلمة متفقة على سلامة الإرضاع في أثناء المعالجة بجرعات عادية من الكاربيمازول أو البروبيل تيوراسيل.

وعند الضرورة (الحاجة إلى استخدام جرعات كبيرة، أوعدم التزام المريضة، أو أعراض جانبية للدواء) يفضل إجراء الجراحة في الثلث الثاني من الحمل. ويبقى الحمل مضاد استطباب مطلق لليود المشع.

3- الجنين وداء غريف الأمومي maternal Graves disease: إن وجود قصة داء غريف لدى أي أم يعني احتمال وجود أضداد محرضة للدرقية thyroid stimulating immunoglobulins (TSI) في الدوران. حتى لو تمت المعالجة (جراحة على سبيل المثال) يبقى احتمال قيام الغلوبولين المناعي الوالدي بتحريض الغدة الدرقية لدى الجنين؛ ما يجعل الجنين في حالة فرط نشاط في حين تكون الأم في حالة سواء درقي.

يجب مراقبة هذه الحالات في أثناء الحمل، ويعد معدل ضربات قلب الجنين نوعاً من المقايسة البيولوجية المباشرة لوضع الدرق لدى الجنين، وينصح بالمراقبة مرة كل شهر على الأقل. ويعد ارتفاع معدل ضربات القلب فوق 160/دقيقة مؤشراً قوياً على وجود فرط نشاط درق جنيني، ويستطب عندها البدء بالكاربيمازول مع إعطاء الأم البروبرانولول أو من دون ذلك. قد تفيد المعايرة المباشرة للأضداد المحرضة للـ TSH في التنبؤ بإصابة الجنين بالانسمام الدرقي. ويجب إعطاء الأم الثيروكسين منعاً من حدوث القصور الدرقي لديها، ولاسيما أن الثيروكسين لا يعبر المشيمة بسهولة. وتعد الأدوية المقلدة للودي، والمستخدمة في الوقاية من المخاض المبتسر مضاد استطباب لأنها قد تحرض على تسرع قلب الجنين.

قد يظهر فرط النشاط الدرقي في الوليد لأن نصف عمر الأضداد المحرضة للـ TSH نحو 3 أسابيع. ويتظاهر ذلك بالتهيج وتأخر النمو ونقص الوزن والإسهال وبعض العلامات العينية. يصعب أحياناً تفسير نتائج الاختبارات بسبب تغير المجال الطبيعي مع تغير العمر في هذه المرحلة. وقد يرتبط فرط النشاط الدرقي غير المعالج في الولدان بفرط الحركية في مرحلة الطفولة.

4- مقاومة الهرمون الدرقي: مقاومة الهرمون الدرقي حالة وراثية تنجم عن خلل مستقبل الهرمون الدرقي. تصيب الطفرات المستقبل (TR beta) مؤديةً إلى مستويات أعلى من الهرمون الدرقي لإحداث التأثير الخلوي نفسه. وتؤدي آليات التلقيم الراجع الطبيعية إلى مستويات مرتفعة من الـ(T4) مع موجهة درقية (TSH) طبيعية للحفاظ على حالة سواء درقي. ينجم عن هذا عاقبتان:

> أولاً- تبدو وظائف الدرق غير طبيعية حتى بوجود مريض سوي درقياً، ولا حاجة إلى المعالجة، إلا أن استشارة الاختصاصي ضرورية لتمييز فرط النشاط الناجم عن إفراز غير طبيعي للـ TSH.

> ثانياً- تختلف مستقبلات الهرمون الدرقي باختلاف النسج، وفي بعض العائلات المصابة قد تكون الاستجابة طبيعية في مستقبلات بعض النسج. في هذه الحالة تؤدي مستويات الهرمون الدرقي المرتفعة إلى استمرار حالة السواء الدرقي على مستوى النخامى والوطاء (المسؤول عن تنظيم إفراز TSH)، وتؤدي إلى حالة فرط نشاط درقي على مستوى القلب والعظام حيث المستقبلات الهرمونية طبيعية، بالرغم من مستوى موجهة درقية (TSH) طبيعي. حالة "المقاومة الجزئية للهرمون الدرقي" هذه يصعب تدبيرها على نحو فعال.

العواقب طويلة الأمد لفرط نشاط الدرقية:

تدل المتابعة المديدة لحالة فرط النشاط الدرقي على زيادة الوفيات زيادة طفيفة على نحوعام، تتأثر بها جميع الأعمار، وهي غير مفسرة على نحو كامل وتميل للحدوث في العام الأول بعد التشخيص. وقد تزداد خطورة الإصابة بتخلخل العظام في مرضى فرط النشاط الدرقي المعالجين. يزداد احتمال الإصابة بالرجفان الأذيني في المرضى الذين تكون لديهم مستويات الحاثة الدرقية (TSH) منخفضة، الأمرالذي يحمل بدوره مخاطر الإصابة بالخثار أو الصمات.

سابعاً- الاعتلال العيني بالأمراض الدرقية:

يعرف أيضاً بداء غريف العيني.

الآلية الإمراضية:

يعود الاعتلال العيني في داء غريف إلى استجابة مناعية نوعية تؤدي إلى التهاب الأنسجة خلف الحجاج. ويؤدي التورم والوذمة التي تصيب العضلات العينية إلى تحدد حركتها وإلى الجحوظ الذي غالباً ما يكون ثنائي الجانب وقد يكون أحادي الجانب. ويؤدي ضغط العصب البصري الشديد إلى ضموره في المراحل المتقدمة.

من الناحية النسيجية تشاهد وذمة بؤرية مع ترسب مواد الغليكوزأمينوغليكان glycosaminoglycans، يليها التليف fibrosis. وتبقى هوية المستضد الذاتي المحرض لهذه الاستجابة المناعية مجهولة، ولكن يبدو أنه مستضد موجود في الأنسجة خلف الحجاج ويحمل تفاعلية مناعية مشابهة لمستقبل الحاثة الدرقية TSH.

يبقى الاعتلال العيني محصوراً بداء غريف، وقد يظهر في طور فرط النشاط، أو السواء الدرقي أو في طور القصور الدرقي أيضاً. والعادة أن يفصل بين ظهور أحد هذين الحادثين - الاضطراب الدرقي والاعتلال العيني - والحادث الآخر نحو عامين، إلا أن أعواماً يمكن أن تفصل بين ظهورهما. وتظهر أضداد مستقبلات الموجهة الدرقيةTSH  في الغالبية الساحقة من هذه الحالات إلا أنَّ شأنها في الآلية الإمراضية غير واضح. ومن الملاحظ أنَّ الاعتلال العيني أكثر انتشاراً وشدة بين المدخنين.

الملامح السريرية:

تعد المظاهر السريرية وصفية، إلا أنَّ الاعتلالَ العيني يبدي طيفاً واسعاً من الوخامة. معظم مرضى داء غريف يعانون من الألم، والدِّماع أو جحوظ العين، و"الحملقة" بسبب تراجع الجفن العلوي. يحدث الجحوظ الأكثر شدة في قليل من الحالات، ويرافقه عدم الارتياح وتحدد حركة العين، إضافة إلى تراجع القدرة البصرية بسبب انضغاط العصب البصري وهي حالة غير شائعة نسبياً. يؤدي كل من الجحوظ وتراجع الجفن إلى عدم إغلاق العين إغلاقاً كاملاً وقد يتسبب بإصابة القرنية. وقد تشاهد وذمة حول الحجاج ووذمة الملتحمة مع علامات التهابية.

لا تتناسب شدة الأعراض العينية مع شدة فرط النشاط الدرقي أو الحاجة إلى الأدوية المعالجة، إلا أنَّ تدهور الأعراض العينية يشاهد بعد استعمال اليود المشع (15% مقارنة مع 3% بالعلاج الدوائي). تتراجع القدرة البصرية في 5-10% من الحالات فقط، إلا أن الإزعاج الناجم وكذلك الناحية التجميلية تسببان القلق للمريض المصاب.

الاستقصاءات:

ليس هناك حاجة إلى كثير من الاستقصاءات لأن الحالة وصفية وثنائية الجانب غالباً. تتم معايرة الموجهة الدرقية وكذلك الـ (T3) والـ (T4).

هناك عدة طرائق لتصنيف الاعتلال العيني إلا أنها ليست معتمدة على نطاق واسع. ولكن لا بد من طريقة لتوثيق حركة العين، ودرجة الوذمة والالتهاب. يجب قياس الجحوظ العيني للتمكن من مراقبة تطور الحالة. تُطلب الاستقصاءات الشعاعية كالرنين المغنطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب لنفي أورام الحجاج الشاغلة للحيز، ومشاهدة العضلات العينية المتضخمة أو العصب البصري المشدود بسبب ارتفاع التوتر داخل الحجاج.

المعالجة:

يجب معالجة الانسمام الدرقي إذا كان موجوداً، ولن تؤدي المعالجة إلى تحسن الأعراض العينية مباشرة، مع تأكيد  تجنب القصور الدرقي لأنه قد يؤثر سلباً في الأعراض العينية. يجب إيقاف التدخين. قد يكون علاج الاعتلال العيني جهازياً أو موضعياً، مع ضرورة التعاون الوثيق بين مختص الغدد والأمراض العينية:

1- توصف قطرات الميثيل سيللوز العينية للمساعدة على ترطيب العين والشعور بالراحة.

2- ينام بعض المرضى بوضعية الجلوس لأن ذلك يحسن أعراضهم.

3- يمكن استخدام  شريط لاصق على الأجفان للتأكد من إغلاق العينين في أثناء النوم، وفي حالات نادرة يمكن اللجوء إلى تقطيب الأجفان جراحياً.

4- تقلل الستيروئيدات القشرانية (بردنيسولون 30-120ملغ يومياً) من الالتهاب في حال اشتداد الأعراض، أو الميثيل بردنيسولون الوريدي بجرعات عالية للأعراض الشديدة.

5- المعالجة الشعاعية بجرعة 20 Gy (مجزأة) قد تُحَسِّن الالتهاب وحركة العين ولكن ما من تأثير يذكر في الجحوظ، ويبقى دور التشعيع مثار جدل.

6- جراحة الأجفان بهدف حماية العين حين عدم القدرة على إغلاقها.

7- قد يلجأ إلى الجراحة لإزالة الضغط الحجاجي، ولاسيما في حالات تدهور القدرة البصرية الناجم عن انضغاط العصب البصري، أو لأغراض تجميلية في مرحلة لاحقة أكثر استقراراً.

8- الجراحة التصحيحية لمعالجة الشفع الناجم عن تحدد حركة العضلات العينية، ويجب تأجيل  هذه الجراحة حتى استقرار الحالة لمدة 6 أشهر على الأقل، على أنْ تَلِيَ جراحة إزالة الضغط عن الحجاج. يمكن للجراحة التجميلية حول العينين أنْ تُحَسِّنَ الشكل.

ثامناً- السلعة (ضخامة الدرقية):

تنتشر السلعة لدى الإناث أكثر من الذكور وقد تكون فيزيولوجية أو مرضية.

المظاهر السريرية:

توجد السلعة في 9% من السكان المفحوصين سريرياً. وتلاحظ عادة من المريض نفسه أو أصحابه وأقاربه بتغير شكل العنق، ومعظمها غير مؤلم مع احتمال حدوث الألم في الحالات الحادة. تتسبب السلعة كبيرة الحجم بعسر البلع أو التنفس، وهذا يدل على انضغاط الرغامى أو المريء.

قد تكون السلعة صغيرة الحجم مرئية (في أثناء البلع) أكثر من أن تكون مجسوسة. ويجب على الفاحص السريري أن يقيّم حجم الغدة الدرقية وشكلها وقوامها إضافة إلى تحركها، وتحديد حدودها السفلية (لنفي الدرق الغاطس أو تأكيده). وقد يسمع بالإصغاء حفيف أو لغط. يجب البحث عن ضخامات العقد اللمفية وتحديد وضعية الرغامى إن أمكن، كما يجب تقييم حالة المريض الدرقية السريرية .

يجب السؤال تحديداً عن الأدوية المستخدمة ولاسيما إذا كان أحدها يحتوي على اليود، كذلك السؤال عن قصة تعرض سابق للأشعة.

بعض النقاط الخاصة:

1- ترافق كلاً من فترتي البلوغ والحمل زيادة منتشرة في حجم الغدة الدرقية.

2- الضخامة الدرقية المؤلمة قد تمثل التهاب الدرقية أو عقدة كيسية نازفة أو ورماً درقياً نادراً.

3- تؤدي الجرعات الزائدة من الكاربيمازول أو البروبيل تيوراسيل إلى ظهور السلعة.

4- قد تحدث الضخامة عن نقص اليود أو أدواء تركيب الهرمون الدرقي.

التقييم:

يجب التفكير في ناحيتين أساسيتين؛ الطبيعة الإمراضية للسلعة، وحالة الدرق لدى المريض.

يمكن الحكم على طبيعة السلعة سريرياً حيث تقسم إلى سلعة منتشرة وسلعة عَقِدة، مع اختلاف أسباب كل منهما (الجدول رقم7).

السلعة- الأنواع والأسباب

السلعة المنتشرة:

- البسيطة:

·                     الفيزيولوجية (البلوغ، الحمل)

- المناعية الذاتية:

·                     داء غريف

·                     داء هاشيموتو

- التهاب الدرقية:

·                       الحاد (دي كيرفان)

عوز اليود ( السلعة المتوطنة)

عسر تركيب الهرمون الدرقي

مولدات السلعة (مثال: السلفونيليوريا)

السلعة العقدة:

- العديدة العقد

- العقدة الوحيدة

- المتليفة (ريدل)

- عقد كيسية

الأورام:

- الغدومات (الأورام الغدية)

- الكارسينوما

- اللمفومة

أسباب متنوعة:

- الساركوئيد

- التدرن

الجدول (7)

 

 

1- السلعة المنتشرة:

أ- السلعة البسيطة: لا يوجد هنا سبب واضح للضخامة التي تكون منتظمة ومطاطية القوام. قد ترتبط مع أضداد محرضة لنمو الدرق.

ب- الأدواء الدرقية المناعية الذاتية: يرافق داء هاشيموتو فرط النشاط الدرقي مع ضخامة منتشرة وقاسية الملمس، ووجود حفيف مرافق لحالة فرط النشاط.

ج- التهاب الدرقية: يشير وجود إيلام حاد في سلعة درقية منتشرة إلى التهاب فيروسي (دي كيرفان). قد تترافق الحالة مع انسمام درقي عابر وارتفاع مستوى الـ(T4).

2- السلعة العقدة:

أ- السلعة عديدة العقد: تعد السلعة عديدة العقد الأكثر شيوعاً ولاسيما بين المرضى المتقدمين في السن. يكون المريض سوياً درقياً، وقد يكون بحالةِ فرط نشاطٍ صريحٍ أو طفيف (أي الموجهة الدرقية -TSH- مثبطة مع T4 وT3 طبيعيين). تعد السلعة العقدة أكثر أسباب انضغاط الرغامى أو المريء شيوعاً، وقد تكون السبب في شلل العصب الحنجري الراجع.  وقد تمتد هذه السلعات باتجاه الجوف الصدري. تبقى السلعة العقدة ذات ملامح سريرية واضحة، ومع تطور التصوير بالأمواج فوق الصوتية العالي الدقة تكشف عقد صغيرة ومتعددة ضمن سلع درقية تبدي ضخامة معممة بالفحص السريري وتكون غالباً مناعية المنشأ. وقد تنتشر هذه العقد في 40% من السكان الطبيعيين.

ب- العقدة الدرقية الوحيدة: تمثل العقدة الدرقية الوحيدة معضلة في التشخيص، إذ يجب التفكير باحتمال الخباثة في كل عقدة درقية وحيدة، مع العلم أن معظمَ العقدِ الدرقيةِ إما كيسية وإما سليمة، وقد تكون العقدة الكبرى ضمن سلعة متعددة العقد. يكمن التحدي في الكشف عن الأقلية الخبيثة من العقد لتعالَج بالجراحة من بين الأكثرية الحميدة من هذه العقد التي لا تحتاج إلى إجراء جراحي. وقد يشير إلى احتمال كارسينوما درقية نمو العقدة السريع، أو ضخامات عقد لمفاوية مجاورة، أو ألم في بعض الأحيان. أما عوامل الخطورة لسرطان الدرق فهي  التعرض السابق للأشعة، وعوز اليود المزمن وآفات عائلية نادرة.

العقدة الوحيدة السمية أمرٌ نادرٌ، وقد ترتبط بانسمام الـ(T3).

ج- السلعة المتليفة: تليف الدرق (التهاب درقية ريدل Riedel’s thyroiditis) حالة نادرة، تنجم عنها سلعة "خشبية" الملمس. ترتبط هذه الحالة ببؤر تليف على الخط المنَصِّف، ويصعب التمييز بينها وبين سرطان الدرق لأنها قاسية وغير منتظمة الملمس. تتضمن المؤشرات السريرية أعراضاً التهابية جهازية وارتفاع الواسمات الالتهابية.

د- الخباثة: إضافة إلى سرطانة الدرقية تشكل الدرقية موقعاً نادراً للانتقالات الثانوية أو اللمفومة الأولية.

الاستقصاءات:

تطلب الاختبارات المناسبة بتوجيه من الموجودات السريرية:

1- اختبار وظائف الدرق: الموجهة الدرقية TSH، والـ(T4) الحر أو الـ(T3) الحر (الجدول رقم1).

2- أضداد الدرقية: لنفي الأسباب المناعية الذاتية.

3- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الصدى): يعد التصوير بالأمواج فوق الصوتية وسيلة حساسة لفحص العقيدات الدرقية إذ يمكن من التفريق بين العقد الصلبة والكيسية. إضافة إلى أنّهُ يمكن من الكشف عن وجود عقيدات متعددة إلى جانب العقدة المجسوسة سريرياً. إلا أن هذه الوسيلة محدودة الفائدة؛ إذ إن العقيدات الكيسية قد تكون خبيثة، وقد تنشأ أورام خبيثة ضمن سلعة متعددة العقد؛ لهذا السبب يفضل أخذ الرشافة بالإبرة الرفيعة غالباً، بتوجيه الصدى.

4- تصوير شعاعي لمدخل الصدر والصدر: لتحري انضغاط الرغامى، أو السلعة الغاطسة لدى مرضى الضخامة الدرقية الشديدة مع وجود أعراض سريرية للسلعة الغاطسة.

5- الرشافة بالإبرة الرفيعة:fine needle aspiration  يقدر احتمال الخباثة في العقدة الدرقية الوحيدة أو المسيطرة في سلعة عديدة العقد بـ 5%. ولهذا السبب يجب إجراء الرشافة بالإبرة الرفيعة لكشفها. يمكن أن تؤخذ الرشافة في العيادة الخارجية، ويستطيع مختص خبير بعلم الخلايا cytopathology أن يميز بين العقدة السليمة والعقدة الخبيثة. تقلّل الرشافة الدرقية من الحاجة إلى الجراحة، ولكن هناك نسبة سلبية كاذبة 5% يجب أن تبقى بالحسبان (يُعلم بها المريض). ويُنصَح بمتابعة كل عقدة درقية تم تقييمها عقدةً سليمة من دون استئصال جراحي.

6- التفريسة الومضانية للدرقية: (باليود 131 أو 125) قد تكون مفيدة للتمييز بين عقدة وظيفية (حارة) وغير وظيفية (باردة). ونادراً ما تكون العقدة الحارة خبيثة، مع احتمال 10% خباثة في العقدة الباردة. وقد حلت الرشافة بالإبرة الرفيعة محل النظائر المشعة في كثير من الحالات لتشخيص العقد الدرقية.

المعالجة:

1- السلعة السوية درقياً: تتَّصف الكثير من السلعات الدرقية بأنها صغيرة الحجم لاعرضية، ويمكن مراقبتها (من قبل المريض نفسه على المدى الطويل). إنَّ ظهور سلعة درقية بسيطة مع سواء درقي في فترة البلوغ أو الحمل نادراً ما يحتاج إلى أي تداخل، وبالإمكان التأكيد للمريض تراجع هذه الضخامة غالباً. يستطب العلاج حينما تكون اختبارات وظائف الدرق مضطربة بهدف العودة إلى السواء الدرقي. أما استطبابات التداخل الجراحي فهي:

أ- احتمال الخباثة: مايدعو للقلق النمو السريع، والألم، وضخامة العقد اللمفية الرقبية، وتغير الصوت والتعرض السابق للأشعة، وتصبح الجراحة ضرورية حين تكون نتيجة الرشافة بالإبرة الرفيعة إيجابية أو مشتبهة، أو إذا كان مشعر الشك عالياً حتى بوجود نتيجة سلبية للرشافة ( ولاسيما حين يكون المريض قلقاً من احتمال السلبية الكاذبة للرشافة).

ب- أعراض انْضغاط الرغامى أو المري: يجب نفي احتمال السلعة الغاطسة خلف القص.

ج- أسباب تجميلية: قد تكون الضخامة الدرقية مصدر قلق للمصاب بها بالرغم من سلامتها وظيفياً وتشريحياً.

و قد حُدِّدَت التدابيرُ الناظمة للحالات المحتملة لاستخدام اليود المشع في بعض السلعات الدرقية السوية حين لا تكون الجراحة خياراً مرغوباً فيه.

2- العقدة السمية: تعالج العقدة السمية بالبداية دوائياً، مع الحاجة إلى الجراحة أو اليود المشع في أغلب الحالات.

تاسعاً- سرطان الدرقية:

يبين (الجدول رقم 8) أنواع السرطانات الدرقية، وأهم ملامحها وعلاجها. ومع عدم شيوعها تعدّ السبب بأربعمئة وفاة سنوياً في المملكة المتحدة، أما في الولايات المتحدة فيبلغ وقوع هذا السرطان 30000 حالة سنوياً. أكثر من 75% من الحالات يحدث في الإناث، تظهر في 90% على شكل عقدة درقية وحيدة، وقد تظهرَ على شكل ضخامات عقدية لمفاوية رقبية (5%)، أو انتقالات إلى الرئة أو الدماغ أو الكبد أو العظام.

قد تكون السرطانات المشتقة من الظهارة الدرقية حليمية papilliform أو جريبيةfollicular  (متمايزة)، أو كشمية anaplastic  (غير متمايزة). أما السرطان اللبيmedullary (5% من مجموع سرطانات الدرق) فمشتق من الخلايا C  المفرزة للكالسيتونين. إن نشوء السرطانات الظهارية الدرقية أمر غير مفهوم تماماً، ما عدا حالات الكارسينوما الحليمية العائلية، وتلك التي تلي التعرض للأشعة أو تناول اليود المشع (مثال: ما بعد حادثة تشيرنوبيل). وتعد هذه السرطانات خاملة هرمونياً، إذ يندر جداً ارتباطها بفرط نشاط الدرق؛ إلا أن أكثر من 90% منها يفرز الثيروغلوبولين، الذي يستخدم واسماً ورمياً (الجدول رقم 8).

نوع السرطان

التواتر

السلوك

الانتشار

الإنذار

الحليمي

 70%

ينتشر في الأعمار المبكرة

موضعي، أحياناً انتقالات إلى الرئة والعظام

جيد، ولاسيما لدى الشباب

الجريبي

 20%

أكثر شيوعاً لدى الإناث

انتقالات إلى الرئة والعظام

جيد، إذا كان قابلاً للاستئصال

اللامتمايز

< 5%

عدواني

ينتشر موضعياً

سيء جداً

اللمفوما

 2%

متغير

 

يستجيب أحياناً للأشعة

اللبي

 5%

عائلي عادة

موضعي مع انتقالات

سيء، مع سير سريري بطيء

الجدول (8) أنواع السرطانات الدرقية وأهم ملامحها.

 

1- السرطان الحليمي والجريبي: تبقى الجراحة الخط الأول للعلاج، وهي استئصال الحالات المحدودة ضمن الدرقية استئصالاً تاماً أو قربَ تام. ويجري تجريف العنق الناحي أو الموسع في انتشار المرض إلى العقد أو الأنسجة المجاورة.

تقوم غالبية هذه الأورام جيدة التمايز بضبط اليود، وتَنْصحُ معظم الهيئات الطبية بالمعالجة باليود المشع بعد العمل الجراحي بهدف القضاء على ما تبقى من النسيج الدرقي. يُمكِّن هذا من الكشف عن نسيج سرطاني متبقٍ من خلال المسح الومضاني بجرعات منخفضة من اليود المشع، والمعالجة بجرعات كبيرة إذا اقتضت الحاجة (5.5-7.5 غيغابيكيريل).

وإذا حدث النّكس غالباً ما يكون موضعياً وفي العقد المجاورة، وتبقى الرئتان والعظام الهدف الأول للانتقالات البعيدة.

يعالج المرضى بجرعات مثبطة من الهرمون الدرقي الثيروكسين (بهدف تخفيض الموجهة الدرقية TSH إلى ما دون الحد الطبيعي) للتقليل من احتمال النكس. يراقب المريض سريرياً ومخبرياً باستخدام الثيروغلوبولين واسماً ورمياً. ويكون الثيروغلوبولين أكثر حساسية حين ارتفاع الحاثة الدرقية، الأمر الذي يتطلب سحب المعالجة بالثيروكسين. ويمكن إعطاء الـ TSH المأشوب، أو recombinant human TSH (rh- TSH، بجرعة 900 مكغ (جرعتان خلال 48  ساعة) لتحريض الثيروغلوبولين من دون الحاجة إلى إيقاف الثيروكسين. وارتفاع الثيروغلوبولين يوجه نحو احتمال نكس الإصابة، مما يستدعي إجراء ومضان كامل الجسم باليود 131.

ويعد الإنذار جيداً جداً إذا ما استؤصلت هذه الأورام في مرحلة وجودها داخل الغدة الدرقية، مع بقاء الإنذار جيداً حتى بوجود الانتقالات وقت التشخيص بفضل المعالجات النوعية المتوافرة الآن. العوامل المنبئة بإنذار سيئ هي العمر < 40 عاماً، وحجم الورم الأساسي < 4سم، والانتشار العياني لمحفظة الدرق والأنسجة المجاورة.

2- السرطان غير المتمايز (الكشمي) anaplastic thyroid carcinoma  واللمفومة: لا تستجيب هذه الأورام لليود المشع، مع استجابة بسيطة للمعالجة الشعاعية الخارجية.

3- السرطان اللبي: ينشأ السرطان اللبي بصفة ورم غدي صماوي من الخلايا C الدرقية المفرزة للكالسيتونين. غالباً ما ترتبط هذه الحالة بالنمط الثاني من الأورام الغدية المتعددة multiple endocrine neoplasia 2 (MEN 2)، وبالرغم من غياب العناصر الأخرى للـ MEN2. يبدي نحو 25% من المرضى المصابين بهذا السرطان طفرة في طليعة الجين الورمي RET، مما يعطي المجال لتقديم المشورة الوراثية واختبارات النخل في العائلات. يوصى باستئصال الدرق التام وتجريف العقد اللمفاوية المجاورة تجريفاً واسعاً. ويكْثُرُ الانتشار الموضعي والانتقالات، بالرغم من أن سير المرض بطيء.

 

 

 


التصنيف : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
النوع : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 39
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 514
الكل : 29634144
اليوم : 14154