logo

logo

logo

logo

logo

فقر الدم الإنحلالي الوراثي الناجم عن شذوذ الخضاب

فقر دم انحلالي وراثي ناجم عن شذوذ خضاب

genetic hemolytic anemia caused by anomaly hemoglobin - anémie hémolytique génétique causée par l’anomalie d’hémoglobine



فقر الدم الانحلالي الوراثي الناجم عن شذوذ الخضاب

ميخائيل جرجس

متلازمات التلاسيمية

المعالجة

الهيموغلوبينات الشاذة

فقر الدم المنجلي

 

 

 

اعتلالات الهيموغلوبين مجموعة من الاضطرابات الولادية تصيب الهيموغلوبين، قد تكون كمّيةً quantitative تتمثل بنقص تركيب سلاسل الغلوبين، أو كيفية qualitative تتمثل بطفرة تؤدي إلى حلول حمض أميني مكان آخر. تؤدي الشذوذات الأولى إلى إحداث متلازمات التلاسيمية، والثانية إلى مجموعة من الأمراض أكثرها شيوعاً فقر الدم المنجلي. يتم انتقال هذه الأمراض صفة جسمية صاغرة أو سائدة، ويعد تقصي screening حَمَلَة المرض متخالفي الزيجوت heterozygotes؛ والتشخيص ضمن الرحم لمتماثلي الزيجوت homozygotes من الأمور التي يؤمل أن تحد وقائياً من انتشار هذه الأمراض.

أولاً- متلازمات التلاسيمية:

مجموعة من الآفات الوراثية تنتقل صفة جسمية صاغرة، وتتصف بتثبط ونقص تَشَكُّل بعض السلاسل الببتيدية التي تدخل في تركيب الهيموغلوبين. تتميز متلازمات التلاسيمية thalassemia syndromes بدرجات مختلفة من تكون الكريات الحمر اللافعال وفرط الانحلال. يصيب العيب الوراثي أحد سلاسل الغلوبين وتتمثل الأذية الوراثية بخبن (حذف) deletion أو طفرة نقطية point mutation. وهناك طيف واسع من الاضطرابات الوراثية تؤدي إلى متلازمات سريرية متعددة. يُميز عادة بين مجموعتين من التلاسيمية (التلاسيمية ألفا والتلاسيمية بيتا)  وذلك بحسب نمط السلاسل المصابة. تؤدي الأذية الوراثية إلى اضطراب نسبة السلاسل ألفا إلى السلاسل غير ألفا، يرافقها قصور كميّ في تركيب واحد أو أكثر من الهيموغلوبينات السوية (F, A2, A) وذلك بحسب السلسلة المصابة.

1- متلازمات التلاسيمية بيتا:

نقص تشكل السلاسل بيتا أو غيابها يعود في أغلب الحالات إلى طفرة نقطية في واحد أو اثنين من جينات الغلوبين بيتا المتوضعة على الصبغي (11). يؤدي ذلك إلى نقص السلسلة بيتا ويرمز لذلك بـ (+β)، أو غياب السلسلة بيتا ويرمز لذلك بـ(βo) في الهيموغلوبين (α2β2)A ليحل محله الهيموغلوبين F الذي يتميز بألفة عالية للأكسجين مما يزيد من نقص الأكسجة النسيجية. لهذا المرض طيف واسع من الاضطرابات السريرية تعكس حجم الاضطرابات الوراثية التي تراوح من نقص خفيف جداً في السلاسل بيتا إلى غيابها التام. ويمكن تقسيم تلاسيمية بيتا سريرياً إلى تلاسيمية بيتا الصغرى، وتلاسيمية بيتا الوسطى، وتلاسيمية بيتا الكبرى. ولهذا المرض أهمية كبيرة  لكثرة انتشاره في حوض البحر الأبيض المتوسط ولاسيما في اليونان وقبرص وإيطاليا وسورية.

أ- تلاسيمية بيتا الكبرى:

الشكل (1) السخنة الخاصة المميزة لمريض تلاسيمية بيتا الكبرى
الشكل (2) منظر الشعر الواقف في الجمجمة لدى مريض يشكو من تلاسيمية بيتا الكبرى، حيث نلاحظ رقة القشرة العظمية واتساع الأجواف النقوية

تتميز بغياب الهيموغلوبين A و بنقص تشكله بسبب غياب سلاسل بيتا bβo-thal غياباً تاماً أو بنقص تشكلها bβ+-thal، يترافق المرض وتكون الكريات الحمر اللا فعال بسبب ترسب السلاسل ألفا ضمن الأرومات الحمر؛ مما يؤدي إلى موتها ضمن النقي وإلى ترسب الحديد بسبب عدم استعماله. يتميز المرض بفرط انحلال محيطي (ضمن الطحال) يعود إلى زيادة تحطم الكريات الحمر التي تحمل السلاسل ألفا المترسبة ضمنها (الشكل 1).

التظاهرات السريرية: تبدأ أعراض المرض باكراً عند الطفل بظهور الشحوب واليرقان في الأشهر القليلة بعد ولادته، أي بعد الوقت الذي تبدأ فيه السلاسل بيتا بالتكون وإنتاج الهيموغلوبين  Aليحل محل الهيموغلوبين F، وقد يتأخر ظهور الأعراض عدة أشهر حتى السنتين وهي:

(1)- فقر دم مزمن مع لون يرقاني وحصيات صفراوية.

(2)- ضخامة كبد وطحال تعود إلى فرط الانحلال وإلى تكون الدم خارج النقي (حؤول نقياني myeloid metaplasia) وإلى ترسب الحديد الزائد. تؤدي ضخامة الطحال العرطلة عادة إلى فرط الطحالية hypersplenism التي تتميز بزيادة حجم البلازما، وقصر عمر الكريات الحمر بسبب تخربها واحتباسها، إضافة إلى نقص عناصر الدم وزيادة الحاجة إلى نقل الدم.

(3)- توسع الأجواف العظمية بسبب فرط نشاط نقي العظم ويترافق عادة وما سمي السحنة التلاسيمية التي تتميز ببروز الجبهة والفكين وانخفاض جسر الأنف وبروز الأسنان العلوية المركزية. تبين صورة الجمجمة ما يسمى مظهر الشعر الواقف hair-on-end (الشكل 2). يُلاحظ أيضاً كثرة الكسور المرضية بسبب اضطرابات البنية العظمية، ونقص التكلس المعمم.

(4)- اضطرابات غدية عديدة بسبب فقر الدم المزمن وتراكم الحديد؛ تتجلى بتأخر النمو والبلوغ وغياب الطمث الأولي لدى الإناث؛ والداء السكري؛ وقصور الدرق والدريقات، كما يلاحظ  في هؤلاء المرضى تصبغ الجلد وقرحات الساقين.

(5)- تراكم الحديد iron overload بسبب فرط الامتصاص من جهة (5 ملغ/يومياً) ونقل الدم المتكرر من جهة أخرى (10 ملغ/يومياً) مما يؤدي إلى الداء الهيموسيديريني hemosiderosis والصباغ الدموي (داء ترسب الأصبغة الدموية) hemochromatosis الذي يترافق والاضطرابات الغدية المذكورة سابقاً وتليف الكبد وتشمعه؛ والاضطرابات القلبية التي تتميز باضطرابات النظم وضخامة القلب والتهاب التأمور وأخيراً قصور القلب الاحتقاني.

والأذية القلبية مهمة جداً لأنها السبب الرئيس للوفاة في العقد الثاني من العمر إذا لم يعالج المريض المعالجة الفعالة لتراكم الحديد. والمرنان القلبي (T* 2MRI) T2 star magnetic resonance imaging فحص مهم جداً؛ لأنه يستطيع كشف زيادة الحديد في العضلة القلبية قبل حدوث اضطراب الوظيفة القلبية. ولسوء الحظ لا يمكن لعيار فيريتين المصل من جهة وحديد الكبد من جهة أخرى أن يكشف على نحو جيد كمية حديد العضلة القلبية كما يكشفها الـ T* 2MRI.

(6)- الأخماج :Infections قد تشاهد لأسباب عديدة، ففي استئصال الطحال تكثر الأخماج بالمكورات الرئوية والمستدمية النزلية والسحائيات؛ ولاسيما إذا لم يعط البنسلين وقائياً. ويحدث الخمج باليرسنية yersinia المعوية القولونية  ولاسيما في المصابين بتراكم الحديد الذين يعالجون بالديفيروكزامين desferrioxamine، وتترافق عادة والتهاب أمعاء حاد وشديد. كما قد يؤدي نقل الدم إلى نقل ڤيروسات التهاب الكبد  Cو Bإضافة إلى ڤيروس نقص المناعة المكتسب HIV.

يموت 80% من المرضى- إن لم يعالجوا- في العقد الأول من العمر. ومن الأسباب الرئيسية للوفاة قصور القلب الاحتقاني، واضطرابات نظم القلب، والأخماج التالية لاستئصال الطحال، وقصور الأعضاء المتعدد الناجم عن الصباغ الدموي. أما إذا عولج المرض المعالجة التي تعتمد البرامج (البروتوكولات) العلاجية الحديثة فإن معدل الحياة يزيد على نحو ملحوظ، وأصبح من السهل وصول المرضى إلى العقد الخامس من الحياة وربما إلى أكثر من ذلك.

التشخيص المخبري:

يعتمد التشخيص الأكيد للمرض على المخبر ويعدّ الرحلان الكهربائي للهيموغلوبين الاختبار الذي يؤكد التشخيص، ويفضل أن يجرى بعد الشهر السادس من العمر بهدف انتظار غياب الهيموغلوبين الجنيني. ومن العلامات المخبرية (الشكل 3):

الشكل (3) لطاخة دموية لتلاسيمية بيتا الكبرى: أ- يلاحظ وجود كريات حمر ناقصة الحجم والصباغ مع خلايا هدفية وبعض الأرومات الحمر. ب- بعد استئصال الطحال يلاحظ إضافة إلى ما سبق وجود أجسام هاول جولي وكثرة الأرومات الحمر

(1)- فقر الدم الشديد صغير الكريات ناقص الصباغ قد يصل الهيموغلوبين فيه إلى 3-4غ/دل. وتبدي اللطاخة الدموية كريات حمر ناقصة الحجم والصباغ مع اضطراب الشكل والحجم ووجود أرومات حمر وترقط قاعدي (أساسي) وخلايا هدفية. وتكون الشبكيات زائدة قليلاً.

(2)- ارتفاع حديد المصل والفيريتين ferritin تدريجياً.

(3)- ارتفاع البيلروبين اللامباشر، واضطراب اختبارات وظائف الكبد واضطرابات غدّية صريحة في الحالات المتقدمة.

(4)- ازدياد الهشاشة التناضحية osmotic fragility.

(5)- رحلان الهيموغلوبين الكهربائي يبين النتائج التالية:

  • HbA  صفر (β0-thal)

             متغير .(bβ+-thal)  

  • (βo-thal) 95-99% :HbF    

          (β+-thal) 20-80%        

  •   HbA2 أقل من 6%.   

وحين دراسة نسبة تكوّن السلاسل ألفا إلى بيتا تُلاحظ زيادة هذه النسبة بسبب نقص تشكل السلاسل بيتا أوغيابها. وقد أمكن بدراسة الدنا DNA تعرف - حتى الآن - أكثر من 200 طفرة مختلفة في مجال التلاسيمية بيتا.

 (6)- تقييم مخزون الحديد: هناك العديد من الاختبارات التي يمكن اعتمادها لتقييم تراكم الحديد ضمن العضوية، كما يمكن إجراء اختبارات أخرى تهدف إلى تحديد درجة الأذى الناجم عن تراكم الحديد. وعيار فيريتين المصل من الاختبارات واسعة الاستعمال والهدف منه في التلاسيمية الكبرى الحفاظ على الفيريتين بين 1000-1500ميكروغرام/ل؛ إذ يكون مخزون الجسم من الحديد 5-10 أمثال الحد الطبيعي. ولسوء الحظ لا يعكس عيار الفيريتين حالة حديد القلب ولاسيما أن الفيريتين قد يزداد في التهابات الكبد والأمراض الالتهابية الأخرى، لذلك كان من المفيد اللجوء إلى الاختبارات الأخرى كاختبار حديد القلب بالمرنان T* 2MRI، وحديد الكبد بالخزعة وإطراح حديد البول جواباً على المعالجة بالديفيروكزامين desferrioxamine أو بالدفيروبرون deferiprone. وتُعتمد دراسة وظائف القلب والكبد والوظائف الغدية لتحديد فعالية المعالجة الخالبة للحديد.

المعالجة:

ما زال علاج التلاسيمية بيتا الكبرى يعتمد على الطرق المحافظة من نقل الدم واستخلاب الحديد، وقد تطورت المعالجة تطوراً هائلاً حالياً بالاعتماد على اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم بانتظار الهندسة الوراثية التي تهدف إلى العلاج على مستوى الجينات.

ومن أهم الطرق العلاجية المحافظة:

(1)- نقل الدم المفرط hypertransfusion protocol: يهدف نقل الدم بالإفاضة إلى الحفاظ على الهيموغلوبين بين 10.5-11غ/دل؛ وذلك بنقل 15مل/كغ من وزن المريض مرة كل 3-4 أسابيع. يجب أن تكون الكريات الحمر المنقولة مغسولة ومزالة الكريات البيض والصفيحات، ويجب البدء بنقل الدم مع تشخيص المرض  ولاسيما حين ينخفض الهيموغلوبين عن 7غ/دل. يؤدي نقل الدم المزمن والمتكرر إلى اندخال الأعضاء الحيوية بالحديد بسبب تراكمه، كما يؤدي إلى التمنيع الغيري alloimmunization.

يؤدي نقل الدم بالإفاضة إلى الحيلولة دون حدوث فقر الدم المزمن ويُتجنب بذلك نقص النمو وتأخر البلوغ وضخامة العضلة القلبية، كما يهدف إلى وضع النقي بحالة راحة شبه مطلقة بقصد تجنب التشوهات العظمية. ويؤدي أيضاً إلى تأخر ظهور الضخامة الطحالية وما يتلوها من فرط نشاط الطحال، كما أنه ينقص أو يؤخر ظهور المضاعفات المختلفة التي سبق ذكرها.

(2)- استئصال الطحال: تنجم ضخامة الطحال عن إصابته بالحؤول النقياني myeloid metaplasia الذي يتجلى بمشاركته النقي في إنتاج الكريات الحمر. يضخم الطحال ولو مع نقل الدم بالإفاضة بين عمر 6-8 سنوات، مما يزيد الحاجة إلى نقل الدم، وتحدث الضخامة باكراً جداً إن لم ينقل الدم.

يستؤصل الطحال حين تزيد الكريات الحمر على الحاجة الطبيعية (15ملغ/كغ/شهرياً) بمقدار مرة ونصف للحفاظ على الهيموغلوبين فوق الـ 10غ/دل، ويقال على نحو آخر إنه يُلجأ إلى استئصال الطحال عندما تفوق الحاجة السنوية من الكريات الحمر الـ 220 مل/كغ من وزن المريض للحفاظ على معدل الهيموغلوبين نحو 11.5 غ/دل.

يهدف استئصال الطحال إلى إنقاص الحاجة إلى نقل الدم والحيلولة دون الاندخال الباكر للأعضاء الحيوية بالحديد. ويجب إعطاء لقاح الرئويات والسحائيات قبل أسبوعين من استئصال الطحال، كما يجب إعطاء لقاح المستدمية النزلية إن لم يكن قد أُعطي سابقاً. ويُعطى المريض معالجة وقائية بالبنسلين بمقدار 250ملغ مرتين يومياً بعد استئصال الطحال بهدف إنقاص الإصابة بالأخماج الخطرة.

(3)- استخلاب الحديد: تهدف المعالجة الخالبة للحديدchelation therapy إلى الحفاظ على مستواه ضمن الحدود الطبيعية والحيلولة دون ترسبه؛ للتخلص من آثاره السلبية المختلفة. يزداد الحديد عادة بسبب نقل الدم وزيادة الامتصاص عبر الأمعاء وأخيراً بسبب فرط الانحلال المزمن.

يعد الديفيروكزامين deferoxamine الدواء الأكثر شهرة في إطراح الحديد ولكنه غير فعال عن طريق الفم. يعطى الدواء  تحت الجلد بمقدار 40ملغ/كغ يومياً بوساطة مضخة خاصة مدة 8-12ساعة 5-6 أيام أسبوعياً. تبدأ المعالجة بعد نقل 10-15 وحدة من الدم؛ لأن سُمية الدواء تزداد حين عدم وجود كمية كافية من الحديد لكي يتم إطراحها، ويمكن تسريب الديفيروكزامين وريدياً بجرعات كبيرة في الحالات الشديدة والمتقدمة من تراكم الحديد، ولكن يجب الانتباه للتأثيرات الجانبية لهذا الدواء كالارتكاسات الموضعية واضطرابات الرؤية والسمع؛ لذلك يُنصح بدراسة قعر العين وتخطيط السمع على نحو متكرر.

والدفيرويبرون deferiprone أحد طارحات الحديد الذي يؤخذ عن طريق الفم ويتم طرح الحديد مع البول. يعطى ثلاث مرات يومياً؛ وحيداً أو مع الديفيروكزامين، وهو أكثر تأثيراً في حديد العضلة القلبية من الديفيروكزامين. من آثاره الجانبية اعتلال المفاصل وغياب المحببات والاضطرابات الهضمية وعوز الزنك.

أحدث طارحات الحديد الفموية الدفيرازيروكس  deferasirox (Exjade) يعطى مرة واحدة يومياً، ويطرح الحديد به عن طريق البراز. يؤدي هذا الدواء إلى اندفاعات جلدية واضطرابات عابرة في إنزيمات الكبد، ويبدو أن سهولة استعمال هذا الدواء وقلة آثاره الجانبية أدت إلى استعماله على نطاق واسع.

(4)- إجراءات عامة:

(أ)- إعطاء حمض الفوليك ليس ضرورياً حين تطبيق برنامج نقل الدم بالإفاضة؛ ومن الضروري إعطاؤه بمقدار (1)ملغ يومياً فيما عدا ذلك.

(ب)- إعطاء ڤيتامين C بمعدل 200ملغ يومياً يزيد من إطراح الحديد حين إعطاء الديفيروكزامين.

(ج)- يعطى جميع المرضى لقاح التهاب الكبد B.

(د)- تعطى المعالجات الغدية (تيروكسين، هرمون النمو، إستروجين، تستسترون) حين الحاجة إليها، كما يعالج الداء السكري بالإنسولين.

(هـ)- استئصال المرارة لدى تشكل الحصيات المرارية.

(و)- يعالج المصابون بالتهاب الكبد C بالأنترفيرون والريبافيرين.

يعالج المصابون بمتلازمة العوز المناعي المكتسب HIV بالمعالجة النوعية المضادة لڤيروسه.

(ح)- يعالج تخلخل العظم osteoporosis بإعطاء الكلسيوم والڤيتامين D مع البيفوسفونات bisphosphonates والمعالجة الهرمونية المناسبة.

(ط)- يجب اللجوء إلى الاستشارة الوراثية والتشخيص قبل الولادة حين الحاجة إلى دراسة السائل الأمنيوسي أو خزعة الزغب المشيمية.

(5)- اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم الغيري: يبدو أن اغتراس (زرع) الخلية الجذعية المكونة للدم الغيري allogeneic من معطٍ متوافق الـ HLA تمثل العلاج الوحيد الشافي لمرضى التلاسيمية الكبرى بانتظار التطور الكبير المأمول من العلاج على مستوى الجينات gene therapy.

التشخيص قبل الولادة:

يمثل تشخيص الإصابة بالتلاسيمية في أثناء الحياة الجنينية prenatal diagnosis الحل الأمثل للتخلص من إنجاب أطفال مصابين بهذا الداء، وهي الطريقة الوقائية المثلى إذا عُرف أن نسبة الإصابة بالتلاسيمية بيتا المتوافقة الزيجوت لدى الطفل المولود من أبوين حاملين للمرض لا تتجاوز 25%.

طبقت هذه الطريقة للمرة الأولى سنة 1974، وهناك العديد من الدول التي تُعنى حالياً بالتشخيص قبل الولادة؛ وعلى رأس هذه الدول قبرص واليونان وإيطاليا، ويأمل الباحثون في انتشار مثل هذه المراكز في سورية قريباً للإقلال من الإصابة بالتلاسيمية الكبرى.

يعتمد التشخيص قبل الولادة على دراسة الدم الجنيني ببزل الحبل السري أو رشف المشيمة؛ أو على دراسة الدنا DNA الجنيني ببزل السائل الأمنيوسي أو بخزعة الزغب المشيمية.

وأخيراً يعد فحص الخطيبين قبل الزواج - للتأكد من عدم حملهما خلّة التلاسيمية أو أمراض الدم الوراثية الأخرى - من الأمور الأساسية في الدول التي يشيع فيها انتشار هذا المرض مثل سورية.

ب- التلاسيمية بيتا الوسطى :intermedia

تُعرف بأنها فقر دم معتدل الشدة تراوح فيه نسبة الهيموغلوبين بين 7-10غ/دل، وهي لا تحتاج إلى نقل دم متكرر. قد يكون المريض متماثل الزيجوت أو متغاير الزيجوت على نحو مضاعف doubly heterozygous. شدة فقر الدم والسير السريري للمرض أقل مما في التلاسيمية بيتا الكبرى من دون النظر إلى النمط الوراثي genotype. يترافق المرض سريرياً وضخامة كبد وطحال، وتأخر النمو، والسحنة التلاسيمية الخاصة، وفرط بيلروبين الدم واتساع الأجواف النقوية اتساعاً شديداً إذا لم ينقل الدم. يعتمد التدبير على:

  •  إعطاء حمض الفوليك بمقدار (1)ملغ يومياً. يجب تجنب اللحوم والأغذية الغنية بالحديد، وتناول الشاي مع الطعام يقلل من امتصاص الحديد.

  •  استخلاب الحديد في المتقدمين بالسن من المرضى ولاسيما حين يحتاج المريض إلى نقل الدم، ويمكن الاعتماد على عيار الفيريتين والبدء بذلك عندما يتجاوز مقداره 1000 ميكروغرام/ل.

  •  قد يحتاج بعض المرضى إلى نقل الدم ولاسيما في أثناء نوبات تثبيط النقي أو في أثناء الحمل والإصابة بالأخماج الحادة، كما يجب البدء بنقل الدم منذ ما ينخفض الهيموغلوبين عن 7غ/دل؛ وإلا زادت التشوهات العظمية على ما يحدث في المصابين بالتلاسيمية الكبرى الذين يخضعون لبرامج نقل الدم الجيدة.

  •  قد يلجأ أحياناً إلى استئصال الطحال الذي يساعد على رفع الهيموغلوبين من جهة؛ ويوقف الحاجة إلى نقل الدم من جهة أخرى.

ج- تلاسيمية بيتا الصغرى:

شكل لاعرضي للتلاسيمية، صامتة سريرياً، تدعى خلّة التلاسيمية بيتا .bβ-thalassemia trait يتميز المرض بفقر دم خفيف يكون فيه الهيموغلوبين بين 10-12غ/دل والكريات الحمر زائدة (نحو 6 مليون). تبدو بدراسة اللطاخة الدموية كريات حمر ناقصة الحجم والصباغ (MCH, MCV) ناقصة بشدة) ولكن RDW يكون طبيعياً. يؤكد التشخيص برحلان الهيموغلوبين الكهربائي؛ إذ يكون HbA2 أكثر من 4%، وقد يزداد الهيموغلوبين F في 50% من الحالات.

د- تلاسيمية بيتا ودلتا:

تترافق وخلل إنتاج السلاسل بيتا ودلتا dbδβ-thalassemia. يزداد إنتاج الهيموغلوبين F بنسبة 5-20% في الحالات المتخالفة الزيجوت، وتشبه سريرياً ومخبرياً التلاسيمية بيتا الصغرى. ويلاحظ وجود الهيموغلوبين F وحيداً في الحالات المتماثلة الزيجوت وتشبه الصورة الدموية والسريرية التلاسيمية الوسطى.

الهيموغلوبين ليبور:Lepore  هيموغلوبين شاذ ينتج من تعابر غير متساوٍ unequal crossing-over بين الجين β والجين δ؛ يؤدي إلى إنتاج سلسلة ببتيدية مؤلفة من السلسلة δ في طرفها الأميني والسلسلة β في طرفها الكروبوكسيلي. تؤدي الحالات المتماثلة الزيجوت من الهيموغلوبين Lepore إلى التلاسيمية الوسطى، وتؤدي الحالات المتغايرة الزيجوت إلى التلاسيمية الصغرى.

الهيموغلوبين: constant spring (CS) يتألف الهيموغلوبين CS من سلسلتي بيتا طبيعيتين وسلسلة ألفا طبيعية وأخرى شاذة مؤلفة من 172 حمضاً أمينياً بزيادة 31 حمضاً أمينياً (αcsα/) على السلسلة ألفا الطبيعية، وذلك بسبب طفرة في نهاية الرامزة termination codon mutation.

يؤدي الشكل المتخالف الزيجوت (αcsα/ αα) إلى نقص حجم الكريات الحمر نقصاً معتدلاً وفقر دم خفيف، أما الشكل المتماثل الزيجوت (αcsα/ αcsα) فيؤدي إلى متلازمة سريرية تشبه بأعراضها الدموية والسريرية التلاسيمية الوسطى.

البقاء الوراثي للهيموغلوبين الجنيني: hereditary persistence of fetal hemoglobin (HPFH) البقاء الوراثي للهيموغلوبين الجنيني هو مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تتميز باستمرار بقاء الهيموغلوبين الجنيني وعدم غيابه بعد السنة الأولى من العمر. تترافق هذه الاضطرابات ونقص تشكل الغلوبين بسبب خلل في الجينات بيتا ودلتا ولكن على نحو مختلف عن متلازمات التلاسيمية بيتا، إذ إن السلاسل غاما تكون قادرة على تعويض نقص السلاسل بيتا ودلتا مؤدية بالتالي إلى شكل لاعرضي لهذه الأمراض. يتوزع الهيموغلوبين F في معظم هذه الأمراض على نحو متجانس homogenous في جميع الكريات الحمر (pancellular HPFH)، وهو ما يشاهد لدى الأفارقة واليونان. وقد يتوزع الهيموغلوبين F على نحو غير متجانس heterogenous شاملاً بعض الكريات الحمر فقط (heterocellular HPFH) وهو ما يعرف بالشكل السويسري والإنكليزي.

2- متلازمات تلاسيمية ألفا:

التلاسيمية ألفاα− thalassemia  هي خلل وراثي يصيب السلاسل ألفا من الهيموغلوبين، وتتميز بنقص تشكل السلاسل ألفا إما لخبن deletion وإما لطفرة mutation تصيب الجينات ألفا المسؤولة عن تشكل هذه السلاسل. تعد التلاسيمية ألفا من عيوب الهيموغلوبين الوراثية الأكثر شيوعاً في العالم، فهي واسعة الانتشار في إفريقيا وجنوب غربي آسيا والفيلبيين والصين وبعض دول البحر الأبيض المتوسط والمملكة العربية السعودية (ولاسيما المنطقة الشرقية منها). ولا توجد حتى الآن دراسات توثق مدى انتشار مختلف أشكال التلاسيمية ألفا في سورية، ولكن الممارسة السريرية تؤكد وجود هذه الأمراض بنسبة لا يستهان بها.

يتألف جزيء الهيموغلوبين من أربع سلاسل من الغلوبين (اثنتين ألفا واثنتين غير ألفا من الجزيئات الثلاث التالية:  بيتا، غاما، ودلتا). والتوازن الدقيق في إنتاج هذه السلاسل ضروري جداً لتكوين الهيموغلوبينات السوية وسلامة الأرومات الحمر. تتميز التلاسيمية ألفا بنقص إنتاج سلاسل الغلوبين ألفا مما يؤدي إلى اضطرابات دموية تعكس شدة الخلل الوراثي، كما يؤدي نقص سلاسل الغلوبين ألفا إلى تراكم السلاسل بيتا وغاما ضمن الأرومات الحمر مؤدية إلى تشكل الكريات الحمر اللافعال وبالتالي فقر الدم. يتألف الهيموغلوبين H من أربع سلاسل بيتا (4 β) والهيموغلوبين Bart من أربع سلاسل غاما (4γ(.

تتوضع الجينات ألفا على الذراع القصير للصبغي (16) وهي مؤلفة في الشخص السوي من أربع جينات ألفا، تأتي كل اثنتين (α11 α2) من أحد الأبوين بصورة تكون فيها الجينات ألفا عند الإنسان الطبيعي (α22α11/α22α11)، يبدو أن الجين α22 مسؤول عن إنتاج 75% من السلاسل ألفا، ودرجة النقص في إنتاج السلاسل ألفا تعتمد على نمط الخلل الوراثي (خبن أو طفرة) وعدد الجينات ألفا المصابة، ونوع الجين المصاب α22 أو α11.

هناك نمطان من الاضطراب الوراثي في التلاسيمية ألفا، يتميز الأول بغياب جيني ألفا (/- -)αo والثاني بغياب جين ألفا واحد فقط إما بالخبن (/-+α وإما بالطفرة ((ααT. يدل الحرف T هنا على جين ألفا مصاب بالطفرة وليس بالخبن وهذا مختلف من الناحية الوراثية.

تتألف متلازمات تلاسيمية الألفا سريرياً من أربعة أنماط:

أ- الحامل الصامت silent carrier.

ب- خلة التلاسيمية ألفا أو تلاسيمية ألفا الصغرى.

ج- داء الهيموغلوبين H.

د- الخزب الجنيني hydrops fetalis.

أ- الحامل الصامت: هو شكل لاعرضي للتلاسيمية ألفا، يعود إلى غياب أو إلى حذف جين ألفا واحد (-α/αα)، ويكتشف مصادفة لدى الدراسة العائلية. تكون الصورة الدموية  طبيعية عدا نقص الـ MCV والـ MCH نقصاً قليلاً. يلاحظ وجود نسبة ضئيلة من الهيموغلوبين Bart (1-2%) حين الولادة، ولكن رحلان الهيموغلوبين الكهربائي يكون طبيعياً في البالغ. يعتمد التشخيص على دراسة نسبة تركيب السلاسل β/α أو تحليل الـ DNA.

ب- تلاسيمية ألفا الصغرى: تنجم عن غياب أو حذف جيني ألفا (--/αα) أو (-α/-α). تتميز بفقر دم خفيف ناقص الحجم والصباغ. اللطاخة المحيطية تبدو فيها كريات حمر صغيرة مع خلايا هدفية واختلاف الشكل اختلافاً خفيفاً. ويلاحظ وجود نسبة معتدلة من الهيموغلوبين Bart (2-10%) حين الولادة ولكن رحلان الهيموغلوبين الكهربائي يكون طبيعياً في البالغ. يعتمد التشخيص الأكيد أيضاً على دراسة نسبة تركيب السلاسل bβ/aα أو تحليل الـ DNA.

ج- داء الهيموغلوبين :H ينجم عن حذف ثلاثة جينات ألفا إما بالخبن (α/--) وإما بالطفرة (ααT/ααT) أو (ααT/-). يشاهد داء الهيموغلوبين في جميع بقاع العالم، ولكنه شائع نسبياً في جنوب غربي آسيا وحوض البحر الأبيض المتوسط والمملكة العربية السعودية. يبدو المرض سريرياً بفقر دم مزمن ينجم عن تراكم السلاسل بيتا وترسبها ضمن الكريات الحمر مؤدية إلى تشكل الكريات الحمر اللافعال. يلاحظ أيضاً الشحوب واللون اليرقاني وضخامة الكبد والطحال. قد يترافق المرض وبعض المضاعفات كنقص الفولات، والحصيات المرارية، وقرحات الساقين، والأخماج ونوب فرط الانحلال المحرضة بالأدوية أوالخمج، وأخيراً زيادة تراكم الحديد. مخبرياً المرض هو فقر دم ناقص الحجم MCV والصباغ MCH مع ارتفاع الـ RDW بشدة. يراوح الهيموغلوبين بين 7-10غ/دل مع ارتفاع الشبكيات والبيليروبين اللامباشر ارتفاعاً معتدلاً. تبدو في دراسة اللطاخة المحيطية كريات حمر ناقصة الحجم والصباغ مع اختلاف الشكل والحجم بشدة، يؤدي اختبار حضن الكريات الحمر مع أزرق كريزيل اللماع brilliant cresyl blue (BCB)  مدة ساعتين بدرجة 37م؛ إلى ظهور مشتملات الهيموغلوبين ضمن الكريات الحمر (الشكل 4). يؤكد التشخيص برحلان الهيموغلوبين الكهربائي الذي يبدي وجود الهيموغلوبين بمقدار يراوح من 2-40% إضافة إلى وجود الهيموغلوبين بارت Bart في 10% من الحالات فقط.

الشكل (4) أ- لطاخة دموية لداء الهيموغلوبين H تبين وجود كريات حمر ناقصة الحجم والصباغ بشدة إضافة إلى اختلاف الشكل ووجود الخلايا الهدفية. ب- اختبار حضن الكريات الحمر مع BCB يودي إلى ظهور مشتملات الهيموغلوبين H
الشكل (5) الخزب الجنيني المرافق لتلاسيمية ألفا الكبرى
الشكل (6) لطاخة دموية لتلاسيمية ألفا الكبرى (خزب جنيني) بعد الولادة تبين وجود كريات حمر ناقصة الصباغ بشدة إضافة إلى تعدد الأصباغ والعديد من الأرومات الحمر 

قد يترافق داء الهيموغلوبين والتخلف العقلي mental retardation؛ إذ إن وجود جين قريب من مجموعة الجينات ألفا على الصبغي (16) قد يُحذف أو يصاب بالطفرة حين حدوث التلاسيمية ألفا مما يؤدي إلى التخلف العقلي. هناك شكل مكتسب acquired لداء الهيموغلوبين يشاهد في الإبيضاضات النقوية الحادة والمزمنة، وفقر الدم الحديدي، وآفات خلل تنسج النقي MDS، والاضطرابات التنشئية النقوية المزمنة الأخرى. يراوح مقدار الهيموغلوبين في هذه الأمراض بين 5-70%.

معالجة داء الهيموغلوبين داعمة بالدرجة الأولى بتعويض حمض الفوليك، وتجنب إعطاء مركبات الحديد والمواد المؤكسدة، ومحاربة الأخماج، والاستعمال الجيد لنقل الدم.  يُستأصل الطحال في فرط الطحالية المترافق ونقص عناصر الدم. وقد يترافق استئصال الطحال وزيادة تعداد الصفيحات زيادة كبيرة تؤدي إلى الخثار والصمة الرئوية.

د- الخزب الجنيني: ينجم عن غياب السلاسل ألفا (- -/- -)، وهو مرض مميت إذ يولد الطفل ميتاً أو يموت مباشرة بعد الولادة. يشاهد المرض في جنوب غربي آسيا وقد سجلت بعض الحالات في سورية (الشكل 5).

يولد الطفل ناقص الوزن مع وذمة شديدة وتطبل البطن والحبن وضخامة الكبد والطحال والقلب. يراوح هيموغلوبين الحبل السري بين 4-10غ/دل وتكون الكريات الحمر ناقصة الحجم والصباغ مع اختلاف الشكل والحجم اختلافاً شديداً؛ ووجود كريات حمر منواة وزيادة الشبكيات (الشكل 6). يبين رحلان الهيموغلوبين الكهربائي وجود نسبة 80% من الهيموغلوبين Bart و20% من الهيموغلوبين Portland  (ζ2 γ2)

ثانياً- الهيموغلوبينات الشاذة:

هي أمراض وراثية تتميز بطفرات بنيوية تؤدي إلى حلول حمض أميني مكان حمض آخر في سلسلة الغلوبين. يعرف من هذه الهيموغلوبينات نحو650 نوعاً حتى الآن، بيد أن معظمها صامت سريرياً ويكشف فقط برحلان الهيموغلوبين الكهربائي بسبب اختلاف شحنتها الكهربائية، في حين يؤدي بعضها إلى إحداث أمراضٍ وأهمها:

الهيموغلوبين   HbS (Hb α2 βS2  6 /Glu → val) S

الهيموغلوبين   HbC (Hb α2 βc2  6 /Glu → Lys) C

الهيموغلوبين    HbE (Hb α2 βE2 26 /Glu → Lys) E

يعد فرط الانحلال التظاهرة السريرية الأساسية لهذه الأمراض، ولكن قد تشاهد الحوادث الخثرية بسبب تناقص ذوبان جزيء الهيموغلوبين وعدم ثباته تجاه بعض الأدوية. أكثر هذه الأمراض شيوعاً فقر الدم المنجلي.

فقر الدم المنجلي:

مرض وراثي ينتقل صفة صاغرة، يتميز بوجود هيموغلوبين شاذ ضمن الكرية الحمراء يدعى الهيموغلوبين S (الحرف S من كلمة sickle التي تعني المنجل). ينجم عن طفرة نقطية تصيب السلسلة بيتا وتؤدي إلى حلول حمض أميني يدعى الڤالين valine في الموقع السادس من هذه السلسلة مكان حمض أميني آخر يدعى حمض الغلوتاميك glutamic acid.

يصيب المرض السود على نحو خاص، وهو كثير المصادفة لدى الأفارقة الأمريكيين؛ إذ تبلغ نسبة حملة المرض 8% منهم، ويشاهد بكثرة في إفريقيا ولاسيما المناطق الموبوءة بالملاريا حيث تصل نسبته في بعض المناطق إلى 40%. يعد الأشخاص الحاملون لخلّة المنجلي مقاومين نسبياً لتأثيرات الملاريا المنجلية المميتة في الطفولة الباكرة، لذلك فإن النسبة العالية لهذا الجين في إفريقيا الاستوائية يمكن تفسيره بميزة البقيا الانتقائية في مناطق تعد فيها الملاريا المنجلية مستوطنة، لكن المصابين بفقر الدم المنجلي ليس لديهم مقاومة أكبر للملاريا المنجلية.

يبين الشكل (7) التوزع الجغرافي لفقر الدم المنجلي واعتلالات الهيموغلوبين الشائعة الأخرى.

 
الشكل (7) التوزع الجرافي لفقر الدم المنجلي والتلاسيمية واعتلالات الهيموغلوبين الشائعة الأخرى 
 

المرض واسع الانتشار في سورية ولكن لا توجد إحصاءات دقيقة توثق مدى انتشاره، بيد أن الإحصاءات التي أجريت على عينة من طالبي الزواج لدى نقابة أطباء اللاذقية والمؤلفة من 7180 حالة بينت ما يلي:

توزعت الحالات السبعة من الداء المنجلي SCD إلى ثلاث حالات من فقر الدم المنجلي (HbSS)، وثلاث حالات من التلاسيمية المنجلية (HbS/bβ-thal)، وحالة واحدة من داء الهيموغلوبين HbS/E. وفي دراسة أخرى تمثلت بمسح استقصائي لشذوذات الهيموغلوبين عند حديثي الولادة في محافظة اللاذقية أجريت في مستشفى الأسد الجامعي سنة 2006 تبين أن نسبة حملة خلّة المنجلي هي 4% وحملة خلة التلاسيمية ألفا هي 3.6%.

للداء المنجلي أنواع متعددة وقد صنفت بحسب نمطها الوراثي genotype كما يرى في الجدول.

الهيموغلوبين

عدد الحالات

النسبة المئوية

HbS trait

327

4.5

b-thal. trait

237

3.4

HbE trait

16

0.22

b-thal intermedia

8

0.11

HbH disease

6

0.08

HbC trait

1

0.01

SCD

7

0.09

 

وقد دلت الدراسات المخبرية والملاحظة السريرية على وجود جميع أنواع فقر الدم المنجلي في سورية، بيد أن ما لفت الانتباه وجود نمط لا يمكن تصنيفه ضمن أي من هذه المجموعات، وهو يتميز بوجود نسبة عالية من الهيموغلوبين F  تفوق 30% ولكن توزع هذا الهيموغلوبين غير متجانس heterocellular ضمن الكريات الحمر. السير السريري لهذا الشكل معتدل نسبياً فهو يختلف لذلك عن النمط الإفريقي اللاعرضي (HbS/HPFH)، كما أن وراثته تختلف أيضاً (HbSS/HPFH).

الفيزيولوجيا المرضية:

يتميز الهيموغلوبين المنجلي (HbS) بتبدل مهم في صفاته فهو يمتلك شحنة كهربائية عالية مقارنة بالهيموغلوبين الكهلي (HbA) لذلك فهو يختلف بحركيته على الرحلان الكهربائي. يتحول الهيموغلوبين المنجلي إلى شكل هلامي حين حدوث نقص في الضغط الجزئي للأكسجين Po2، وتأخذ الكريات الحمر شكل المنجل ليلتصق بعضها ببعض مما يزيد من لزوجة الدم ويعوق الجريان الدموي محدثاً الخثرات الدقيقة السادة للأوعية. يؤدي تمنجل الكريات الحمر إلى قصر عمرها وإلى تخريبها من قبل الجهاز الشبكي البطاني ما يؤدي إلى فرط الانحلال وفقر الدم الانحلالي المزمن.

يؤثر الهيموغلوبين الجنيني (HbF) في الهيموغلوبين المنجلي بإنقاص مكاثير polymers الأخير ضمن الكرية الحمراء، لذلك كلما زادت نسبة الهيموغلوبين الجنيني قلت شدة أعراض فقر الدم المنجلي.

قد تورث التلاسيمية ألفا مع الخلّة trait المنجلية أو الداء المنجلي، فالمرضى الذين يحملون خلة التلاسيمية ألفا إضافة إلى فقر الدم المنجلي يكون المرض لديهم أقل شدة من المرضى المصابين بفقر الدم المنجلي، ولكن يبدو أن ذلك لايؤثر في تواتر المضاعفات السادة للأوعية وشدتها.

نمط الداء المنجلي

الشدة السريرية

Hb

g/dl

MCV

(fl)

Reticulocytes

(%)

HbS

(%)

HbF

(%)

HbA2

(%)

HbA

(%)

HbSS

شديد

7.5

85

5 – 30

>90

<10

<3.5

0

HbS/B°-thal

متوسط - شديد

8.5

65

5- 20

>80

<20

>3.5

0

HbS/B+-thal

معتدل- متوسط

10

72

5 – 10

>60

<20

>3.5

10–30

HbS/C

معتدل- متوسط

11

80

5- 10

50

<5

50(c)

0

HbSS/a-thal

معتدل-متوسط

10

70

5 – 10

>80

<10

<3.5

0

HbS/HPFH

لا عرضي

14

85

1 – 3

>70

>30

<2.5

0

HbSS/HPFH

lattakia

معتدل-متوسط

9.6

80

5 -15

63.4

34.9

1.7

0

يبين الجدول التالي مختلف أنماط الداء المنجلي مع خصائصها السريرية والمخبرية 
 

التظاهرات والمضاعفات السريرية:

تتميز التظاهرات السريرية للمرض بفقر دم شديد يترافق والنوبات crises. الأعراض الناجمة عن فقر الدم معتدلة نسبياً بسبب ضعف إلفة الهيموغلوبين S للأكسجين؛ مما يجعله يترك الأكسجين بسهولة للأنسجة مقارنة بالهيموغلوبين الكهلي (HbA).

تختلف شدة فقر الدم المنجلي من مريض إلى آخر، فبعض المرضى تكون أعراضهم قليلة ويعيشون حياة شبه طبيعية في حين تحدث لدى آخرين نوبات شديدة ومتكررة. قد تكون النوبات سادة للأوعية، أو نوبات انحلالية أو تثبيطاً حقيقياً لنقي العظم.

1- فقر الدم:

فقر دم مزمن بسبب الانحلال المتكرر ولكنه معاوض على الأغلب، يترافق وزيادة تعداد الشبكيات. هناك إضافة إلى الانحلال الدموي المزمن العديد من العوامل التي تسهم في حدوث فقر الدم وهي:

  •  انخفاض تركيز الاريثروبويتين مما يؤدي إلى ضعف معاوضة الانحلال، ويكون هذا التأثير أكثر وضوحاً لدى البالغين ولاسيما مع ترقي الأذية الكلوية.

  •  عوز حمض الفوليك أو الحديد الناجم عن الحاجة الزائدة لهذه المواد إضافة إلى الإطراح البولي الزائد.

هناك ثلاث حالات تترافق وفقر دم حاد على أساس فقر الدم المزمن لدى المصابين بالداء المنجلي وهي:

أ- الاحتجاز الطحالي:splenic sequestration  من المضاعفات القليلة ولكنه خطير ويحتاج إلى تدخل سريع وإسعافي. يتمثل بضخامة طحالية مفاجئة تحتبس كمية كبيرة من الدم وتترافق أحياناً وصدمة نقص الحجم. تحدث آلام مراقية يسرى وغثيان وقياء. تصيب الأطفال وخاصة بين 5-24 شهراً. قد تتكرر هذه النوبات؛ لذلك يعد استئصال الطحال من الحلول العلاجية الناجعة.

ب- نوبات لاتنسج النقي: aplastic crises تتميز بتثبيط مؤقت لنقي العظم يستمر مدة أسبوعين تقريباً، ويترافق وفقر دم شديد ونقص الشبكيات والأرومات الحمر ضمن النقي. لا تتأثر الكريات البيض والصفيحات الدموية. تعد الأخماج السبب الرئيسي لهذه النوبات وخاصة الخمج بالڤيروسات الصغيرة parvovirus B19. تنتهي النوبات خلال عشرة أيام تقريباً وتترافق وزيادة الشبكيات التي قد تصل حتى50-60% وبمستويات جيدة من الهيموغلوبين. وتعويض حمض الفوليك أساسي لمنع حدوث فقر الدم العرطل.

ج- نوبات فرط الانحلال: hyperhemolytic crises نادرة وتعود في أغلب الحالات إلى سبب دوائي أو خمجي، وقد يكون لعوز خميرة G-6-PD أهمية أيضاً في حدوث ذلك. يبدأ المرض  بالشعور بالضعف ويبدو المريض شاحباً مع لون يرقاني صريح، وقد ترافق ذلك آلام بطنية. قد يهبط الهيموغلوبين إلى 5 غ/دل خلال أيام وتزداد الشبكيات، ولكن يبدأ الانحلال بالزوال تدريجياً في بضعة أيام.

2- النوبات الألمية السادة للأوعية: vaso-occlusive crises

وهي شائعة نسبياً ويعد الألم الظاهرة الأساسية فيها، تتحرض النوب ببعض العوامل مثل: الخمج، البرد، التجفاف، الجهد، الولادة، الطمث، تناول  الكحول، نقص الأكسجة، ولكن معظم النوبات الألمية لا يمكن تحديد  سببها أو ربطها بسبب معين. قد يتوضع الألم في أي عضو من الجسم ولكن المناطق الأكثر إصابة هي الصدر والبطن والظهر.

ومتلازمة اليد والقدم (التهاب الأصابع dactylitis) من المضاعفات الشائعة لفقر الدم المنجلي قبل سن الخامسة، وهي تورم أصابع اليدين والقدمين تورماً مؤلماً قد يكون العلامة الأولى التي تكشف المرض عند الأطفال.

النعوظ المؤلم (القساح priapism) من مضاعفات المرض أيضاً، ويشاهد لدى 6-40% من المرضى ويحرض بممارسة العادة السرية والجماع والتحريض الجنسي، ويجب فيه استشارة اختصاصي بالأمراض البولية لأن استمراره قد يؤدي إلى العنانة impotence. يعالج  بالإماهة والأكسجة والمسكنات والمهدئات وتبديل الدم الجزئي.

3- الأخماج: infections

الأخماج سبب رئيسي لوفاة المصابين بفقر الدم المنجلي، فهم عرضة للإصابة بالأخماج بعد عمر أربعة أشهر بسبب قصور وظيفة الطحال العائد إلى التمنجل الطحالي الذي يؤدي إلى ضمور الطحال وتليفه وعدم قدرته على تصفية الأحياء المجهرية من الدوران الدموي. يؤدي غياب وظيفة الطحال إلى شيوع إصابة المريض بالجراثيم ذوات المحفظة كالعقديات الرئوية والمستدمية النزلية. يسهم ضعف استجابة الأضداد IgG وIgM وخلل وظيفة البلاعم واضطراب السبيل البديل للمتممة؛ في زيادة تعرض هؤلاء المرضى للأخماج.

يلاحظ تجرثم الدم بنسبة قد تصل من 20-50% من المصابين بالداء المنجلي؛ والعقديات الرئوية والمستدمية النزلية من الأسباب الشائعة لذلك. قد يشاهد التهاب السحايا في الرضع والبالغين وتسببه غالباً العقديات السحائية. وذات الرئة الجرثومية شائعة نسبياً في المصابين بفقر الدم المنجلي، وتعد كل من المفطورات Mycoplasma والمتدثرات Chlamydia والفيلقية Legionella إضافة إلى الڤيروسات التنفسية من الأسباب الشائعة لحدوثها. أخيراً قد تلاحظ زيادة حدوث ذات العظم والنقي بسبب الإصابة الخمجية لأماكن الاحتشاءات العظمية، وتعد السالمونيلا السبب الرئيسي في حدوثها.

4- الحوادث الوعائية الدماغية:

تتضمن نقص التروية الدماغية العابر، والسكتة الدماغية stroke والنزف الدماغي، واحتشاءات النخاع الشوكي والإصابات الدهليزية. تحدث السكتة الدماغية في 7% من المصابين بالداء المنجلي، والتشخيص بالأمواج فوق الصوتية عبر الدماغ transcranial Doppler ultrasonography من الاختبارات الأساسية لتشخيص خلل الجريان الدموي الدماغي، فهو لذلك يعد من الاختبارات التي تنذر باحتمال إصابة الطفل بالسكتة الدماغية.

يعتمد علاج السكتة الدماغية على تبديل الدم الجزئي يتبعه نقل الدم المتكرر الذي قد يمنع حدوث سكتات دماغية إضافية، يمكن اللجوء إلى تحريض تشكل الهيموغلوبين F (إعطاء الهيدروكسي يوريا) وإلى اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم حلاً جذرياً أحياناً.

5- المضاعفات العظمية:

سبب المضاعفات العظمية في الداء المنجلي توسع الأجواف العظمية من جهة والأخماج العظمية من جهة أخرى. يؤدي توسع الأجواف العظمية إلى إعطاء مظهر الشعر الواقفhair-on-end  بصورة الجمجمة الشعاعية. أما الاحتشاءات العظمية فغالباً ما تصيب رأس الفخذ مؤدية إلى نخرة رأس الفخذ الجافة avascular necrosis التي تترافق والألم والعرج لدى المشي، وإصابة رأس العضد أقل حدوثاً (الشكل 8).

 
الشكل (8) صورة شعاعية للحوض لدى يافع تبين تسطح رأس الفخذين بسبب نخرة جافة 
 

المعالجة في هذه الحالة داعمة على نحو رئيسي، ولكن قد يحتاج المريض إلى تبديل رأس الفخذ في الحالات المتقدمة من المرض. متلازمة انضغاط الحجاج هي انسداد الأوعية في الحيز النقوي حول الحجاج تؤدي إلى متلازمة تتألف من الصداع والحمى ووذمة الأجفان، والعلاج محافظ. قد يشاهد التهاب مفاصل ناجم عن الاحتشاءات حول المفصل مما يؤدي إلى الألم المفصلي والتورم والانصباب، وقد تسهم زيادة حمض البول في حدوث ما يسمى التهاب المفاصل النقرسي. العلاج  بالراحة ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية.

6- المضاعفات الرئوية:

تشكل التظاهرات الرئوية الحادة السبب الأكثر شيوعاً للوفاة في المصابين بالداء المنجلي وتسمى متلازمة الصدر الحادacute chest syndrome (ACS) ، وهي تترافق والألم الصدري والسعال ونقص الأكسجة. تعد الأخماج والاحتشاءات الرئوية والصمة الرئوية الشحمية من الأسباب الرئيسية لمتلازمة الصدر الحاد التي تحتاج إلى معالجة إسعافية بالصادات الوريدية والأكسجة الجيدة وتبديل الدم الجزئي. قد يُلجأ إلى المعالجة بالهيدروكسي يوريا واغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم إذا تكررت نوبات الصدر الحادة.

وتليف الرئة من المضاعفات المتقدمة والمزمنة للداء المنجلي ويرافقه قصور رئوي متقدم، وقد يحول نقل الدم الوقائي دون حدوث هذه المضاعفة.

7- المضاعفات الكلوية:

الإصابة الكلوية شائعة في فقر الدم المنجلي، وقد يكون الحدث البدئي فيه انسداد الأوعية الشعرية للب الكلية. تتظاهر الإصابة ببيلة دموية غير مؤلمة، ونخر حليمي، وقد يحدث تصلب كبيبي بؤري يؤدي أحياناً إلى القصور الكلوي. يؤدي اضطراب تركيز البول إلى بوال ليلي يترافق والتجفاف لدى المصابين، وقد يشاهد أحياناً متلازمة كلائية (نفروزية).

8- المضاعفات القلبية:

يعود أغلبها إلى فقر الدم المزمن وزيادة الحصيل القلبي المعاوض. تلاحظ ضخامة قلبية في 50% من الحالات، وقد يحدث ارتفاع ضغط رئوي وقلب رئوي يعود على الأغلب إلى تكرر متلازمة الصدر الحاد.

9- المضاعفات الكبدية:

أكثرها شيوعاً الحصيات الصفراوية التي تكون لاعرضية في أغلبها وتصل حتى نسبة 12% عند الأطفال و40% عند الكبار ويستطب فيها استئصال المرارة. قد يؤدي نقل الدم المتكرر إلى العدوى بالڤيروسات أو داء الصباغ الدموي hemochromatosis مما يؤدي إلى أذية كبدية مزمنة قد تنتهي أحياناً بالقصور الكبدي الناجم عن النخر الكبدي والتليف البابي والتشمع.

وتشاهد الإصابات الكبدية الحادة كالتهاب الكبد الڤيروسي، ولكن لابد من الإشارة إلى حدوث ما يسمى نوبات توشظ الكبد hepatic sequestration التي تنجم عن نقص التروية والاحتشاءات، وتتجلى بآلام مراقية يمنى؛ وارتفاع الحرارة، وكثرة الكريات البيض، وفرط بيلروبين المصل، واضطراب شديد في اختبارات وظائف الكبد قد ينتهي بقصور كبدي حاد لا ينفع معه تبديل الدم الجزئي.

10- المضاعفات العينية:

 
الشكل (9) قرحة في الساق لدى شاب تترافق والنخر والتقرح 
 

أهمها اعتلال الشبكية التكاثري وانسداد الأوعية الشبكية وانفصال الشبكية ونزوف الشبكية.

11- المضاعفات الجلدية:

أهمها قرحات الساقين leg ulcers التي تعود إلى انسداد أوعية الجلد الدقيقة. تحدث بعد عمر (10) سنوات وتصيب غالباً منطقة الكعب الأنسي والوحشي وتتكرر في الجانبين وقد تحدث تلقائياً أو بعد الرض، وتميل إلى النكس في نصف المرضى مسببة عجزاً فيزيائياً وتأثيراً نفسياً سيئاً (الشكل 9). قد تصاب هذه القرحات بالخمج ويكون غالباً بالعنقوديات المذهبة وعصيات القيح الأزرق. علاجها: الراحة ورفع القدمين والمعالجات المرممة الموضعية. قد يحتاج الأمر إلى تبديل الدم الجزئي وإعطاء سلفات الزنك عن طريق الفم لتحريض شفاء القرحات.

12- تأخر التطور الجسمي والجنسي:

يؤثر المرض في معدل الوزن أكثر من معدل الطول في السنتين الأوليين من العمر، ويتم غالباً الوصول إلى طول طبيعي مع سن الرشد، ولكن يبقى الوزن أقل من الطبيعي. يتأخر البلوغ في كل من الذكور والإناث. ويؤثر نقص عنصر الزنك في النمو لذلك فإن تعويض هذا العنصر من الأمور الضرورية.

تشخيص فقر الدم المنجلي:

1- اختبارات اعتلال الهيموغلوبين:

أ- الاختبارات التي تجرى قبل الولادةin utero : يجب أن يخضع الأزواج ذوو الخطورة العالية للإصابة بآفات الهيموغلوبين المنجلية لاختبارات اعتلالات الهيموغلوبين باكراً في أثناء الحمل. يمكن تشخيص الداء المنجلي على نحو جيد في أثناء الحياة الجنينية باللجوء إلى بزل السائل الأمنيوسي أو خزعة الزغب المشيمية؛ وذلك باعتماد دراسة الـ DNA بطريقة الـ PCR.

ب- التشخيص عند الولدان: during newborn period  وهنا يمكن تشخيص الداء المنجلي بالرحلان بالاعتماد على:

  •  تقنية الاستشراب السائل عالي الدقة high performance liquid chromatography.

  •  الرحلان على سترات الأغار(PH 6.2)  الذي يميز بين الهيموغلوبين S, A, F.

  •  الرحلان على أستات السلولوز بوسط حامضي أو قلوي.

  •  رحلان الهيموغلوبين الشعري :capillary electrophoresis وهي طريقة حديثة ومرجعية يمكن بوساطتها كشف مختلف أنماط الهموغلوبين.

  •  تضخيم الـ DNA بطريقة الـ :PCR يمكن إجراء هذه الاختبارات على دم الحبل السري أو على لطاخة دموية من قدم الوليد مأخوذة على ورقة ترشيح خلال 72 ساعة من الولادة.

يُعتمد برنامج التقصي في الوليد newborn screening بهدف الفحص الانتقائي لأطفال الآباء ذوي الخطورة المرتفعة للإصابة باعتلالات الهيموغلوبين؛ أو بالفحص الشامل للمواليد الجدد في المناطق التي يكثر فيها حدوث هذه الاعتلالات.

ج- التشخيص في الطفولة المتأخرة وعند البالغين: يعتمد تشخيص مختلف أنماط أو متلازمات الداء المنجلي على:

  •  الرحلان الكهربائي للهيموغلوبين على أستات السيللوز في وسط قلوي PH 8,4؛ ويتم ذلك بفصل الـ HbS عن أنواع الهيموغلوبينات الأخرى، ولكن للهيموغلوبين D وG حركية الهيموغلوبين S نفسها.

  •  الرحلان الكهربائي على سترات الأغار (PH 6,2)، حيث يتم فصل HbS عنHbD  وHbG.

  •  اختبار الذوبان وهو يميز بين الهيموغلوبين S والهيموغلوبين D وG.

  •  رحلان الهيموغلوبين الشعري.

2- الموجودات المخبرية والدموية:

 
الشكل (10) لطاخة محيطية لفقر دم منجلي تبدي كريات حمر منجلية وخلايا هدفية وتعدد الأصباغ 
 
  •  فقر دم مزمن معتدل إلى شديد محتمل على نحو جيد، يراوح الهيموغلوبين فيه بين 6-9.5غ/دل وقد يصل في أثناء نوبات فرط الانحلال إلى 3غ/دل، وهو سوي الحجم والصباغ إلا إذا ترافق فقر الدم المنجلي والتلاسيمية أو عوز الحديد.

  •  اختبار تمنجل إيجابي باستعمال المواد المرجعة كالميتابيسولفيت الصوديوم .sodium metabisulfite

  •  زيادة الشبكيات 5-10% وغالباً بالكريات البيض والصفيحات.

  •  سرعة تثفل الدم تكون منخفضة بسبب فشل الكريات المنجلية في تشكيل ظاهرة تنضدد الكريات الحمر rouleaux.

  •  ارتفاع البيلروبين اللامباشر والـ LDH وانخفاض الهابتوغلوبين.

  •  دراسة اللطاخة المحيطية تبين وجود: خلايا منجلية، وتعدد الاصطباغ، وكريات حمر منواة، وخلايا هدفية، وأجسام هاول جولي التي قد تشير إلى قصور وظيفة الطحال (الشكل 10).

  •  رحلان الهيموغلوبين الكهربائي: وهو يؤكد تشخيص المرض ويميز بين الحَمَلة والمصابين، يرحل الهيموغلوبين المنجلي بشكل أبطأ من الهيموغلوبين الكهلي. يمكن إجراء الاختبار بعد الشهر السادس من العمر وبغياب وجود نقل دم حديث. تكون معطيات الرحلان في فقر الدم المنجلي المتماثل الزيجوت :(HbSS)

75-95%     HbS  

5-15%       HbF  

2-3%        HbA  

أما بقية أنماط الداء المنجلي فيمكن الرجوع إلى نتائج الرحلان الكهربائي للهيموغلوبين من الجدول الذي سبق ذكره.

تدبير الداء المنجلي وعلاجه:

من الضروري أن يتم العلاج في مركز طبي متخصص كي يوفر للمريض حياة طويلة وبأفضل مستوى ممكن.

1- إجراءات عامة:

 تتضمن تعويض العناصر الأساسية مثل حمض الفوليك والزنك وڤيتامين A إضافة إلى تغذية جيدة ونظافة شخصية عالية. يجب أن يعيش المصاب حياة هادئة ومتوازنة مع تجنب الأعمال المجهدة والرياضات العنيفة والتجفاف والتعرض المديد للشمس. كما يجب تجنب الأخماج ونقص الأكسجة والجلوس المديد والتعرض للبرد وتقلبات المناخ المفاجئة. يجب فحص الشبكية في سن المدرسة كما يجرى فحص بالصدى دوبلر لأوعية القحف سنوياً بعد عمر السنتين للأطفال ذوي الخطورة العالية للحوادث الوعائية الدماغية.

2- الوقاية وعلاج الأخماج:

تعد الأخماج من الأسباب الرئيسية للوفاة عند المريض المنجلي لذلك يعطى البنسلين وقائياً عن طريق الفم اعتباراً من سن 3-4 أشهر حتى سن سبع سنوات، يعطى لقاح الرئويات بعمر السنتين ويعاد بعمر خمس سنوات. ولقاح المستدمية النزلية بين عمر 2-6 أشهر وعلى ثلاث دفعات. ولقاح ڤيروس النزلة الوافدة سنوياً. ويجب تثقيف الأهل لكشف حالات الترفع الحروري عند أطفالهم ومعالجتها بالسرعة الممكنة وذلك بتحديد السبب وإعطاء العلاج المناسب.

3- تدبير النوبات الألمية:

يمكن علاج النوبات الألمية الخفيفة إلى المتوسطة بالمنزل بزيادة شرب السوائل والمسكنات. أما علاج النوبات الألمية الشديدة فيجب أن يكون في المستشفى ويتضمن العلاج:

أ- الإماهة الوريدية الجيدة.

ب- مسكنات الألم التي تتضمن الباراسيتامول مع الكودئين، ومضادات الالتهاب غير السيتروئيدية والمورفينات.

ج- تبديل الدم الجزئي في النوبات الألمية المعندة التي تدوم أكثر من خمسة أيام بهدف إنقاص الهيموغلوبين S إلى أقل من 40%.

4- تدبير نوبات توشظ الطحال (احتشاء الطحال):

أ- نقل الدم للحفاظ على الهيموغلوبين 9-10غ/دل.

ب- تبديل الدم الجزئي حين ظهور اضطراب قلبي رئوي.

ج- نقل الدم المزمن بهدف الحفاظ على الهيموغلوبين S أقل من 30%.

د- يستطب استئصال الطحال في حال نوبة توشظ حادة وشديدة أو حدوث نوبتين متوسطتي الشدة.

5- تدبير متلازمة الصدر الحاد:

يجب إجراء صورة صدر، وتعداد عام مع تعداد الشبكيات، وزرع الدم والقشع، وعيار غازات الدم الشريانية، وأضداد المفطورات، والدراسة الڤيروسية، ويتضمن العلاج:

أ- إماهة جيدة مع القلونة، ولكن يجب الانتباه لعدم إغراق المريض بالسوائل تجنباً لوذمة الرئة الحادة.

ب- تسكين الألم.

ج- موسعات القصبات الأدرينالية الفعل adrenergic.

د- إعطاء الأكسجين في حال وجود نقص أكسجة مرافق (Pa O2 < 70 mm Hg).

هـ- إعطاء الصادات المناسبة.

و- تبديل دم جزئي ويستطب في نقص ضغط الأكسجين الجزئي بنسبة 25%، وقصور القلب الاحتقاني الحاد أو إجهاد قلب أيمن حاد، أو ذات الرئة سريعة التطور والظهور، وأخيراً زلة تنفسية شديدة مترافقة وتسرع القلب.

ز- إعطاء الهيدروكسي يوريا حين تكرار متلازمة الصدر الحاد.

ح- اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم في متلازمة الصدر الحاد المتكررة.

6- نقل الدم:

يجب دوماً أن يُحسب حساب مضاعفات نقل الدم من احتمال نقل الأخماج الڤيروسية، وزيادة حمل الحديد، وأخيراً التمنيع الغيري الذي تصل نسبته إلى 17% لدى مرضى نقل الدم المتكرر.

يجب أن يخضع الطفل عند التشخيص لما يسمى تنميط الكريات الحمر الواسع extended erythrocytes phenotyping؛ بهدف الحيلولة دون ارتكاسات نقل الدم والتمنيع الغيري  .alloimmunizationيجب أن يتم نقل الكريات الحمر المركزة الخالية من الهيموغلوبين S والمفصولة الكريات البيض إن أمكن. يعطى الدم بثلاث طرائق؛ نقل الدم الخفيف، أو تبديل الدم الجزئي، أو نقل الدم المتكرر والمزمن.

يستطب نقل الدم في الحالات التالية:

  •  احتداد فقر الدم المرافق لفرط الانحلال.

  •  فقر الدم المرافق لتثبيط السلسلة الحمراء.

  •  توشظ (احتشاء) الطحال.

  •  النوبات الألمية المعندة.

  •  متلازمة الصدر الحادة.

  •  قصور القلب الاحتقاني.

  •  النعوظ المؤلم.

  •  قرحات الساقين المزمنة.

  •  الحوادث الوعائية الدماغية.

  •  الأخماج المهددة للحياة (انتان الدم - التهاب السحايا).

  •  الحمل والعمليات الجراحية الانتقائية.

7- الحمل والداء المنجلي:

قد يترافق الحمل لدى النساء المصابات بالداء المنجلي ومضاعفات جدية لكل من الحامل والجنين، فالحامل قد تصاب بزيادة حدوث النوبات السادة للأوعية؛ أو متلازمة الصدر الحادة؛ أو تفاقم درجة فقر الدم؛ أو الانسمام الحملي والوفاة. أما في الجنين فقد تحدث الإجهاضات التلقائية؛ أو الخداج؛ أو تأخر النمو ضمن الرحم.

تراجعت كثيراً نسبة الوفيات والمضاعفات الناجمة عن الحمل لدى المنجليات بسبب التدابير التوليدية الحديثة، والمراقبة الجيدة في أثناء الحمل، وتغذية الحامل الجيدة. ويجب اتخاذ الإجراءات التالية في أثناء الحمل:

  •  تنميط الكريات الحمر عند الحامل والأب ودراسة الأضداد عند الأم.

  •  تعويض الحديد وحمض الفوليك في أثناء الحمل.

  •  مراقبة الحامل جيداً من قبل أختصاصي التوليد وطبيب أمراض الدم.

  •  إجراء نقل الدم حين حدوث نوب سادة للأوعية أو تفاقم فقر الدم، أو حين وجود أي علامات لتألم الجنين أو نقص نموه.

8- المعالجات الحديثة للداء المنجلي:

أ- المعالجة المضادة للتمنجل antisickling وهي تعتمد على تحريض تشكل الهيموغلوبين الجنيني(HbF)  بالعوامل التالية:

  •  ازاسيتادين azacytadine.

  •  الديسيتادين decitadine.

  •  الهيدروكسي يورياhydroxyurea .

  •  الارثروبويتين erythropoietin.

  •  الحموض العضوية ذات السلاسل القصيرة.

ب- اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم (HSCT).

9- المعالجة بالهيدروكسي يوريا:

يحرض الهيدروكسي يوريا تشكل الهيموغلوبين F ضمن الكرية الحمراء مما يؤثر في تكوثر الهيموغلوبين S فينقص بذلك حدوث التمنجل. يزيد الهيدروكسي يوريا إماهة hydration الكرية الحمراء وينقص من تعبير جزيئات الالتصاق مما يؤثر فيها تأثيراً إيجابياً. وقد أظهرت الدراسات متعددة المراكز لدى الكهول والأطفال التأثير الإيجابي للهيدروكسي يوريا في إنقاص تكرار النوبات السادة للأوعية؛ وإنقاص متلازمة الصدر الحادة؛ وأخيراً الحاجة إلى نقل الدم ومعدل الاستشفاء وبالتالي تحسناً ملحوظاً في معدل البقيا. ونتيجة لهذه الدراسات يعد الهيدروكسي يوريا العقار الأول المرخص له من قبل   FDA لعلاج الداء المنجلي المتوسط والشديد.

الجرعة: يبدأ العلاج بجرعة 15ملغ/كغ/يومياً بحيث تزداد كل 6-8 أسابيع بمقدار 5ملغ/كغ حتى الوصول بالجرعة الكلية إلى 35ملغ/كغ/يومياً. يجب مراقبة تعداد الدم بحيث تبقى العدلات < 2000/ملم3، والصفيحات < 80 ألف/ملم3.

يهدف إعطاء الدواء لرفع الهيموغلوبين الجنيني إلى 20% مع زيادة الهيموغلوبين الكلي 1-2غ/دل. ومع هذا لا يستجيب بعض المرضى للعلاج بالهيدروكسي يوريا، تراوح نسبتهم بين 10-20%.

الاستطبابات:

  •  أكثر من ثلاث نوبات ألمية سنوياً.

  •  حادث وعائي دماغي مع تمنيع غيري.

  •  تكرار متلازمة الصدر الحادة.

  •  قرحات الساقين المعندة بعد فشل المعالجة التقليدية.

  •  النعوظ المؤلم المتكرر على الرغم من المعالجة.

  •  الحاجة المتكررة إلى نقل الدم.

أما مضادات الاستطباب فهي القصور الكلوي (كرياتين 2ملغ/دل)؛ واضطراب وظائف الكبد؛ وفي الرجال والنساء حين  وجود الرغبة في الإنجاب.

التأثيرات الجانبية:

  •  تثبيط النقي.

  •  تساقط الشعر، وتصبغات الجلد والمخاطيات.

  •  الاضطرابات الهضمية.

  •  التشوهات الجنينية.

  •  زيادة كرياتينين المصل.

10- اغتراس الخلية الجذعية المكونة للدم :(HSCT)

وهو الحل الوحيد الشافي حالياً للداء المنجلي، وتكون النتائج في أفضل أحوالها لدى توافر معطٍ ملائم للـ HLA.

إنذار الداء المنجلي:

لا يمكن التنبؤ تماماً بمدة البقيا لدى هؤلاء المرضى لأنها تعتمد من جهة على شدة المرض ومن جهة أخرى على مضاعفاته العديدة، ولكن 85% من المرضى يعيشون حياة هادئة ومديدة حين تطبيق المعالجة الجيدة.

تعد الأخماج السبب الرئيسي للوفاة لدى الأطفال تحت سن خمس سنوات وذلك بسبب خلل وظيفة الطحال، ومن الأسباب المهمة أيضاً قصور القلب والكلية والكبد. ويشكل خثار الأوعية الرئوية السبب الرئيسي للوفاة عند الكبار، أما خثار الأوعية الدماغية فالسبب الرئيسي للوفاة  عند اليافعين.

الخلّة المنجلية: هو شكل لاعرضي من الداء المنجلي يكشف مصادفة أو من خلال وجود قصة عائلية. يكون فيه تركيز الهيموغلوبين المنجلي ضمن الكرية الحمراء منخفضاً (أقل من 50%)، ولا يترافق وأعراض التمنجل في الظروف الطبيعية ولكن قد يترافق ونوبات ألمية حادة بسبب التعرض الشديد لنقص الأكسجة. قد يترافق هذا الشكل وبيلة دموية. اختبار التمنجل إيجابي  بنسبة 95- 98% من الحالات، ويؤكد رحلان الهيموغلوبين الكهربائي  التشخيص ويبين وجود: HbA2   بنسبة 2-3%، وHbF بنسبة 55-60%، وHbS بنسبة 40-45%.

ترافق الهيموغلوبين المنجلي واضطرابات الهيموغلوبين الوراثية الأخرى:

 
الشكل (11) لطاخة محيطية لداء الهيموغلوبين C تبين العديد من الخلايا الهدفية والخلايا المعينية والمكورة 
 
الشكل (12) لطاخة محيطية لداء الهيموغلوبين E تبين العديد من الخلايا الهدفية مع غياب صريح لنقص الحجم والصباغ 
 

أكثر هذه الأمراض شيوعاً التشارك بين الهيموغلوبين المنجلي وخلة التلاسيمية بيتا (التلاسيمية بيتا المنجلية  HbS/β-thal.، وتشارك الهيموغلوبين المنجلي مع الهيموغلوبين E أو C. تتميز التلاسيمية بيتا المنجلية باختلاف الأعراض والعلامات السريرية تبعاً لكمية الهيموغلوبين A (0-30%)، أما بغياب الهيموغلوبين الكهلي (HbS/βo-thal.) فإن الأعراض والعلامات تشبه تماماً مثيلتها في فقر الدم المنجلي ولكن مع ضخامة طحالية ونقصٍ في الـ MCV وMCH.

يتميز داء الهيموغلوبين C/S بوجود فقر دم معتدل والعديد من الخلايا الهدفية على اللطاخة الدموية. اختبار التمنجل إيجابي والرحلان يبين  (HbS 50%, HbC 50%). سريرياً الأعراض أقل شدة من فقر الدم المنجلي ولكن نسبة حدوث الخثار والصمة الرئوية أعلى ولاسيما في أثناء الحمل.

يتميز داء الهيموغلوبين S/E بوجود فقر دم معتدل ونقصٍ معتدلٍ بالـ MCV وMCH، وهو شكل لاعرضي تقريباً من الناحية السريرية.

 داء الهيموغلوبين: C كثير المصادفة في غربي إفريقيا، يشاهد بنسبة 2% من الأفارقة الأمريكان وهو نادر جداً في سورية. ينجم عن طفرة في السلسلة بيتا تؤدي إلى حلول حمض أميني يدعى ليزين lysine في الموقع السادس من هذه السلسلة مكان حمض أميني آخر يدعى حمض الغلوتاميك. يؤدي الهيموغلوبين C إلى تشكل بلورات معينيّة rhomboidal crystals تترافق وزيادة الحلولية osmolarity مما يؤدي إلى اضطراب الكريات الحمر وتشوهها وازدياد تخربها بالطحال. يترافق المرض وفقر دم معتدل الشدة وضخامة الطحال ويؤدي التجفاف إلى زيادة الانحلال.

يبين فحص اللطاخة الدموية وجود العديد من الخلايا الهدفية وبعض الخلايا المكورة والخلايا المعينية الشكل (الشكل 11). تتميز خلة الهيموغلوبين C بأنها لاعرضية تماماً، وتأتي أهميتها من الناحية الوراثية فقط. يعتمد التشخيص على رحلان الهيموغلوبين الكهربائي.

 داء الهيموغلوبين:E  أكثر أنواع الهيموغلوبين مصادفة في جنوب شرقي آسيا، ينجم عن طفرة نقطية في السلسلة بيتا تؤدي إلى حلول حمض أميني يدعى ليزين lysine في الموقع 26 من هذه السلسلة مكان حمض أميني آخر يدعى الغلوتاميك، يشاهد هذا الهيموغلوبين بنسبة لا يستهان بها في سورية (2 بالألف من سكان اللاذقية)، يتميزالمرض بفقر دم خفيف ناقص الحجم والصباغ، أما خلة الهيموغلوبين E فهي لا عرضية تماماً (الشكل 12).

 

 
 
التصنيف : أمراض الدم
النوع : أمراض الدم
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 55
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 571
الكل : 29586018
اليوم : 40934