logo

logo

logo

logo

logo

مضاعفات الداء السكري

مضاعفات داء سكري

diabetes complications - complications du diabète



مضاعفات الداء السـكري

محمد حسن حتاحت

مضاعفات الداء السكري الحادة

مضاعفات الداء السكري المزمنة

داء العين السكري

اعتلال الكلية السكري

القدم السكرية

 

أولاً- مضاعفات الداء السكري الحادة:

1- الحماض السكري الكيتوني (الخلوني):

يعدّ الحماض السكري الكيتوني من المضاعفات المميزة للنمط الأول من السكري. ويشاهد في الظروف التالية:

> سكري غير مشخص سابقاً.

> إيقاف العلاج بالإنسولين.

> الكرب الناجم عن مرض عارض.

الشكل (1) يحصل التجفاف في أثناء الحماض الكتيتوني نتيجة لأمرين يحدثان معاً.
يسبب ارتفاع الغلوكوز إدراراً تناضحياً، وتؤدي زيادة الكيتون إلى حماض وقياء. ثم يحدث بعد ذلك نقص تروية كلوي، وتستقر حلقة مفرغة؛ لأن الكلى تصبح عاجزة عن تعويض حالة الحماض.
(الشكل 2)
تشكل الكيتون. عندما ينقص الإنسولين يتسارع تحلل الشحوم، وتشكل الحموض الدسمة الحرة التي تلتقطها الخلايا الكبدية المادة التي تتحول إلى خلون (أسيتوأستيات وبيتا هيدروكسي بوتيرات) ضمن المتقدرات الخلوية. تعبر هذه الخلونات إلى الدم، وتُحدث الحماض.

 

الوقاية ممكنة من معظم الحالات التي تصل المستشفى لو أن تشخيص السكري عُرف مبكراً، ووجد التواصل بين الطبيب والمريض، لتزويده بثقافة صحية سكرية جيدة. ولتجنب الأخطاء التي تسبب هذه الحالة كأن يقوم المريض بخفض مقدار الإنسولين أو إيقافه؛ لأنه يشعر بأنه لا يستطيع الطعام بسبب غثيان أو قيء. إذ يشكل هذا السبب وحده 25% من مجموع الحالات التي يتم قبولها في المستشفى، فالإنسولين قد يجب تعديل جرعته بزيادتها أو إنقاصها، ولكن يجب ألا يوقف أبداً.

الإمراض: الحماض الكيتوني حالة من التقويض catabolism غير المسيطر عليه يرافقها عوز إنسولين. وعوز الإنسولين شرط ضروري لحدوث هذه الحالة، وذلك لأن ارتفاعاً طفيفاً في تركيز الإنسولين يكفي لتثبيط إنتاج الكيتون في الكبد، والمرضى الذين يكون السكر لديهم مستقراً لا يصابون بحماض خلوني حين إيقاف الإنسولين.

تتدخل عوامل أخرى في إمراضية الحماض مثل زيادة إفراز هرمونات المعاوضة العكسية counter- regulatory، وفقدان السوائل من الجسم. إن ترافق عوز الإنسولين وزيادة الهرمونات المعاكسة لعمله يؤدي إلى النتائج الموضحة في (الشكل1). ففي غياب الإنسولين يتسارع إنتاج الغلوكوز في الكبد، وينقص قبطه في النسج المحيطية مثل العضلات، ويسبب ارتفاع تركيز الغلوكوز في الدم إدراراً تناضحياً، وفقدان السوائل والشوارد والتجفاف. ويؤدي ذلك إلى ارتفاع أسمولية البلازما وانخفاض التروية الكلوية. ويحدث في الوقت نفسه تحلل شحوم سريع يؤدي إلى رفع تراكيز الحموض الدسمة الحرة الجائلة في الدم. تتحول الحموض الحرة إلى أسيل كوإنزيم acyl-CoA في الكبد، ويتحول هذا المركّب إلى أجسام كيتونية في المتقدرات (الشكل2).

يؤدي تراكم الأجسام الكيتونية إلى حدوث حماض استقلابي. ويؤدي القياء إلى مزيد من ضياع السوائل والشوارد. وزيادة الأجسام الكيتونية تؤدي إلى زيادة طرحها في البول، كما تطرح في هواء الزفير مؤدية إلى ظهور الرائحة المميزة للكيتون في النفس. وتؤدي المعاوضة التنفسية للحماض إلى فرط التهوية، التي تدعى عادةً "التعطش للهواء". يسبب التجفاف التدريجي خللاً في طرح شوارد الهدروجين والكيتون، يؤدي إلى زيادة الحماض. وعندما ينقص pH دون 7 فإن الإنزيمات المعتمدة بعملها على pH في العديد من الخلايا تقل فاعليتها. ويؤدي الحماض الكيتوني الشديد غير المعالج إلى الوفاة حتماً.

خطة مقترحة فيما يتعلق بتشخيص وعلاج الحماض السكري الكيتوني

التشخيص:

·    ارتفاع سكر الدم: قِس غلوكوز الدم.

·    وجود الكيتون في الدم: قِس الكيتون في البلازما بوساطة شرائط كيتوستكس، وخُذ عينة دم من الأصبع لقياس البيتاهيدروكسي بوتيرات.

·    الحماض: قِس pH وغازات الدم الشرياني.

الاستقصاءات:

·    سكر الدم.

·    اليوريا وكهارل الدم.

·    تعداد عام لكريات الدم وصيغة.

·    غازات الدّم الشرياني.

·    زروع دمٍ وبول.

·    صورة صدرٍ.

·    تخطيط قلبٍ كهربائي.

·    إنزيمات القلب.

المرحلة الأولى من العلاج:

·    القبول في وحدة عناية مركزة.

·    الأنسولين: أنسولينٌ قصير المفعول على شكل تسريب وريدي 6 وحدات/الساعة أو 20 وحدة بالعضل مباشرة ثم 6 وحدات بالعضل كل ساعة.

·    تعويض السوائل: محلول ملحي (كلور الصوديوم) بتركيز 0.9٪ مع 20 ميلي مول كلور البوتاسيوم باللتر. عادة يعطى لترٌ واحدٌ خلال نصف ساعةٍ، ثم لترٌ واحدٌ بالساعة، ثم لترٌ كل ساعتين، ثم لترٌ كل 4 ساعات، ثم لترٌ كل 6 ساعات.

·    يعدّل تركيز كلور البوتاسيوم في المحلول الوريدي بحسب نتائج قياس البوتاسيوم كل ساعتين.

·    إذا كان الضّغط الشرياني الانقباضي دون 80 ملم زئبق، يجب إعطاء معيضات البلازما الوريدية.

إذا كان pH أقل من 7 يعطي 500 مل من محلول بيكربونات الصوديوم 1.26٪ مع 10 ميلي مول كلور البوتاسيوم. ويمكن إعادة إعطاء هذا المحلول حتى يصل pH إلى 7.

المرحلة الثانية من العلاج:

حين يهبط سكر الدم إلى 180-220 ملغ/دل (10-12 ميلي مول/لتر) تغير السوائل الوريدية إلى لتر من المحلول السكري 5٪ مع 20 ميلي مول كلور البوتاسيوم كل 6 ساعات. ونتابع بإعطاء الأنسولين الوريدي، وتعدل الجرعة بحسب قياس سكر الدم الذي يُجرى كل ساعة (مثال: 3 وحدات/الساعة عندما يكون الغلوكوز 15 ميلي مول/الساعة و2 وحدة/الساعة عندما يكون الغلوكوز 10 ميلي مول/الساعة).

المرحلة الثالثة من العلاج:

حين تستقر حالة المريض ويصبح قادراً على تناول الطعام والشراب يمكن البدء باستخدام الأنسولين القصير المفعول كل 6 ساعات (اعتماداً على استهلاك الأنسولين خلال اليوم السابق، وحاجة المريض المعتادة من الأنسولين).

إجراءات خاصة:

·    استخدام صادات واسعة الطيف حين الشك بوجود خمج.

·    استخدام قثطرةٍ بوليةٍ إذا لم يَبُل المريض بعد مرور ساعتين على العلاج.

·    إدخال أنبوب أنفي معدي إذا كان المريض غير واعٍ.

·    وضع قثطرةٌ وريديةٌ مركزيةٌ، مع مراقبة الضغط الوريدي المركزي إذا كان المريض مصدوماً، أو إذا كانت لديه مشكلة قلبية أو كلوية سابقة.

·    إعطاء الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي تحت الجلد وقاية من الخثار.

العلاج اللاحق:

·    راقب سكر الدم كل ساعة لمدة 8 ساعات.

·    قياس شوارد الدم كل ساعتين لمدة 8 ساعات.

·    عدّل تعويض البوتاسيوم بحسب نتائج التحليل.

ملاحظة: إن نظام تعويض السوائل المذكور آنفاً هو عبارةٌ عن دليل للمرضى المصابين بحماض كيتوني شديد، وإن استخدام السوائل الزائد قد يسبب حدوث وذمة رئةٍ أو وذمة دماغٍ، كما أن عدم استخدام كمية كافية من السوائل قد يسبب حدوث قصور كلوي. ولذلك فإن تعويض السوائل يجب أن يحدّد بحسب حالة كلّ مريضٍ، وأن يُراقب بحذرٍ طيلة مدة العلاج.

(جدول رقم1)

 

المظاهر السريرية: المظاهر السريرية للحماض الكيتوني هي مظاهر السكري غير المضبوط والحماض معاً، وتتضمن الخبل وفرط التهوية (تنفس كوسمول)، والغثيان والقياء وأحياناً الألم البطني. وقد يكون الألم البطني شديداً لدرجة توحي بوجود حالة بطن جراحية حادة.

أمثلة على القيم في الدم

 

الحماض الكيتوني الشديد

حالة فرط التناضح السكري

Na (mmol /l )

140

155

K (mmol /l )

5

5

CL (mmol /l )

100

110

Hco3 (mmol /l )

5

25

Urea (mmol /l)

8

15

Glucose (mmol /l )

30

50

الباهاء الشرياني pH

7

7.35

الجدول (2) اضطراب الشوارد في الحماض الكيتوني وفرط التناضح السكري

 

يكون بعض المرضى واعين في بداية الحالة، ويحدث التخليط الذهني والذهول في الحالات الأكثر تطوراً. يدخل حتى 5% من المرضى في حالة غيبوبة. التجفاف واضح، وكرة العين طرية حين الضغط عليها في الحالات الشديدة. يصبح فرط التهوية أقل وضوحاً في حالات الحماض الشديدة بسبب تثبيط مركز التنفس. ويساعد وجود رائحة الكيتون في النفس على وضع التشخيص عند الذين يميزون هذه الرائحة. الجلد جاف، ودرجة حرارة الجسم دون الطبيعية حتى بوجود خمج مرافق؛ ففي مثل هذه الحالات ترتفع الحرارة لاحقاً.

التشخيص: يتأكد التشخيص بوجود ارتفاع غلوكوز الدم إضافة إلى الأجسام الكيتونية في الدم أو البول والحماض. يجب ألا يُضاع الوقت أبداً، وأن يبدأ العلاج بأسرع وقت منذ أن أخذت أول عينة دم حين وصول المريض. يقاس الغلوكوز بجهاز قياس السكر السريع وترسل عينة الدم للمخبر للتأكيد. ويمكن كذلك قياس الكيتون في الدم بالغميسات dipstick بعد تثفيل عينة الدم واستخدام البلازما. وتسحب عينة دم شرياني لتحليل غازات الدم.

التدابير العلاجية: يجب القيام بها في مكان مزود بكل ما يلزم لتطبيقها (عناية مشددة).

أ- تعويض فقدان السوائل: باستخدام محلول ملحي تركيزه 0.9% ويقدر وسطي فقد الماء بخمسة لترات ماء إلى سبعة، والصوديوم 500 ميلي مول.

ب- تعويض الشوارد المفقودة: يجب قياس تركيز البوتاسيوم بانتظام. يفقد المرضى ما يقارب 350 ميلي مول بوتاسيوم، ورغم أن تركيز البوتاسيوم الأولي قد لا يكون منخفضاً؛ ولكن العلاج بالإنسولين يؤدي إلى قبط البوتاسيوم من قبل الخلايا، وبالتالي حدوث نقص لاحق في تركيز البوتاسيوم. ولذلك يُبدأ بتعويض البوتاسيوم منذ البدء باستخدام الإنسولين.

ج- تصحيح اضطراب باهاء الدم: يستطيع الإنسان سليم الكليتين أن يُعاوض الحماض الاستقلابي بسرعة منذ تعويض السوائل المفقودة، ونادراً ما يجب استخدام البيكربونات التي تستعمل فقط إذا انخفض pH دون 7 (>H+  100 نانومول/لتر)، وأفضل طرق استخدامها تسريبها وريدياً بشكل محلول معادل التركيز (1.26%).

د- تعويض الإنسولين: يعتمد العلاج الحديث جرعات إنسولين وريدي معتدلة نسبياً، وهي تثبط إنتاج الغلوكوز الكبدي أكثر من زيادتها قبط الغلوكوز المحيطي، ولذلك فإنها تؤدي إلى نقص الغلوكوز على نحو أقل من الجرعات العالية. يعطى الإنسولين العادي قصير المفعول تسريباً وريدياً في الأماكن التي تتوافر فيها وسائل المتابعة المناسبة لمستوى الغلوكوز، أو على شكل حقن عضلية كل ساعة. ولا يستخدم الإنسولين تحت الجلد؛ لأن جريان الدم تحت الجلد يكون ضعيفاً في المريض المصدوم.

هـ- قياس غلوكوز البلازما المتكرر: يجب قياس الغلوكوز كل ساعة في بداية العلاج.

و- تعويض العجز في وارد السعرات: عندما ينخفض الغلوكوز إلى قيم قريبة من 215ملغ/دل (12ميلي مول/لتر) تستبدل المحاليل الملحية بمحلول سكري 5% حاوٍ 20 ميلي مول/لتر من كلور البوتاسيوم. ويُعدل تسريب الإنسولين الوريدي بحسب قيم الغلوكوز.

ز- البحث عن السبب المؤدي إلى حدوث الحماض وعلاجه: قد يُظهر الفحص السريري مصدراً للخمج (خراجة قرب الشرج مثلاً). ويوجد أمران مضللان متعلقان بالخمج: غياب ارتفاع الحرارة مع وجود خمج، وارتفاع الكريات البيض عديدة النوى من دون وجود خمج. يجب إجراء صورة صدر، وزروع دم وبول، وتخطيط قلب كهربائي (لنفي حدوث احتشاء قلب). وحين الشك بوجود خمج تستخدم الصادات واسعة الطيف منذ أخذ العينات للزروع الجرثومية المناسبة.

المشاكل المصادفة في أثناء العلاج:

أ- هبوط الضغط الشرياني: قد يؤدي هبوط الضغط إلى حدوث تعطل وظائف الكلى. وعندها يمكن استخدام السوائل المعيضة للبلازما (أو نقل الدم الكامل) إذا انخفض الضغط الشرياني الانقباضي دون 80 ملم زئبق. ويفيد في مثل هذه الحالات إدخال قثطرة وريدية مركزية للتمكن من قياس الضغط الوريدي المركزي. يمكن إدخال قثطرة بولية للمثانة إذا لم يخرج البول حتى بعد ساعتين من بداية العلاج، وأما القثطرة البولية المنوالية فغير ضرورية.

ب- الغيبوبة: تطبق القواعد العامة المتبعة مع المريض الغائب عن الوعي. ومن الضروري إدخال أنبوب أنفي معدي للوقاية من ذات الرئة الاستنشاقية، وذلك لأن ركودة السوائل في المعدة أمر شائع، ويمكن أن تسبب ذات الرئة قياء المريض غير الواعي.

ج- الوذمة الدماغية: مضاعفة نادرة؛ ولكنها خطرة جداً، وتحدث عادة في الأطفال والشباب، وسببها المبالغة في تعويض السوائل، أو استخدام السوائل عالية التركيز مثل محلول البيكربونات 8.4%. إن نسبة الوفيات عالية حين حدوث الوذمة الدماغية.

د- انخفاض الحرارة: قد تهبط الحرارة هبوطاً شديداً، فقد تصل حرارة الجسم المركزية إلى ما دون 33 ْ، وربما لا تشخص إذا لم يستخدم مقياس حرارةٍ يقيس الدرجات المنخفضة في القناة الشرجية.

مضاعفات العلاج: تشمل هذه المضاعفات هبوط السكر، وانخفاض البوتاسيوم لانطراحه مع البول بسبب الإدرار التناضحي. وقد يسبب تعويض السوائل الزائد على اللزوم حدوث وذمة رئة لدى المرضى الصغار أو المتقدمين في السن.

قد يحدث حماض زائد الكلور في أثناء العلاج؛ لأن المرضى يفقدون كمية كبيرةً من الشوارد سالبة الشحنة، والتي يتم تعويضها بالكلور. تقوم الكلية عادة بتصحيح هذا الأمر تلقائياً في أيام قليلة.

العلاج اللاحق: يُستمر بإعطاء المحلول السكري والإنسولين الوريدي حتى يبدأ المريض بالطعام دون قيء، وعندها يمكن إيقاف تسريب الإنسولين الوريديّ ، وتعطى كمياتٌ معادلة من الإنسولين القصير المفعول تحت الجلد قبل الوجبات الثلاث وجرعة إنسولين متوسطِ مدةِ المفعول في الليل.

إنّ أنظمة تعويض الإنسولين بحسب قيم الغلوكوز (المقياس المنزلق) غير ضروريةٍ، وربّما تُؤخّر العودة إلى قيم غلوكوزٍ مستقرة. ويبقى علاج الحماض السكري الكيتوني ناقصاً من دون تقصي أسباب حدوثه بدقة، وإعطاء النصائح والإرشادات لمنع تكراره.

2- حالة فرط التناضح السكري:

هذه الحالة التي يحدث فيها ارتفاع سكر الدم ارتفاعاً شديداً من دون ارتفاع كيتون ذي بالٍ هي الحالة الإسعافية الاستقلابية المميزة للسكري من النمط الثاني غير المضبوط. وتتظاهر لدى المرضى متوسطي العمر أو متقدمي العمر الذين لم يشخص الداء السكري عندهم من قبل. والعوامل المسببة لها هي تناول كمياتٍ كبيرةٍ من السوائل المحتوية على السكر، واستخدام أدوية مثل مدرات الثيازايد والستيروئيدات القشرية، والأمراض الطارئة. تمثل حالتا فرط التناضح السكري والحماض الكيتوني السكري نهايتي طيف أكثر من كونهما حالتين مرضيتين مختلفتين. وتفسر الفروق الكيميائية الحيوية كالتالي:

أ- العمر: يمكن أن يعود التجفاف الشديد - المميز لحالة فرط التناضح السكري - إلى السّن. فالمسنّون لا يشعرون بالعطش على نحو حادٍّ، وهم أكثر تعرضاً للتجفاف؛ إضافة إلى أن القصور الكلوي المعتدل الذي يرافق التقدم في العمر يؤدي إلى زيادة فقد السوائل والشوارد في البول.

ب- درجة عوز الإنسولين: عوز الإنسولين أقلّ حدةً في فرط التناضح السكري، فالإنسولين الداخلي المنشأ يكون كافياً لتثبيط إنتاج الكيتون الكبدي، في حين لا يكون كافياً لمنع إنتاج الغلوكوز الكبدي.

إنّ الحدود الطبيعية للأسمولية هي 285-300 ميلي أسمول/كغ. ويمكن قياسها مباشرة، أو يمكن حسابها تقريباً بحسب المعادلة التالية:

الأسمولية = 2 (K+Na)  +تركيز الغلوكوز + البولة.

فمثلاً في حالة الحماض الكيتوني الشديد المذكور أعلاه:

الأسمولية= 2 (140 + 5) +30 + 8= 328 ميلي أسمول/كغ.

أما في حالة فرط التناضح المذكور أعلاه:

الأسمولية= 2 (155 + 5) + 50 + 15= 385 ميلي أسمول/كغ.

الفجوة الشاردية الطبيعية هي عادةً أقل من 17. ويمكن قياسها بحسب المعادلة التالية:

(Na + K) - (Cl + HCO3)

ففي مثال الحماض الكيتوني تساوي الفجوة الشاردية 40، في حين تساوي في حالة فرط التناضح 25. قد يحدث حماضٌ زائد الكلور في أثناء التدبير. ويظهر هذا على شكل ارتفاعٍ في تركيز الكلور، وبقاء البيكربونات منخفضة على الرغم من عودة الفجوة الشاردية إلى القيمة الطبيعية.

المظاهر السريرية: المظاهر السريرية المميزة لهذه الحالة حين وصول المريض هي التجفاف والذهول وربّما غياب الوعي. واضطراب الوعي مرتبط مباشرةً بدرجة فرط التناضح. وقد ترى دلائل على وجود مرضٍ مُسببٍ للحالة مثل ذات الرئة أو التهاب الكلية والحويضة، وقد يؤهّب فرط التناضح لحدوث نشبة دماغيةٍ stroke أو احتشاء عضلةٍ قلبيةٍ أو نقص ترويةٍ في الأطراف السفلية.

الاستقصاءات والعلاج: الاستقصاءات والعلاج هي تقريباً نفسها المتّبعة لعلاج الحماض الكيتوني مع بعض الاستثناءات. تكون الأسمولية عادةً مرتفعة جداً. ويمكن قياسها مباشرةً أو حسابها بالمعادلة: 2(Na+ K) + glucose + urea، وذلك بأن تكون وحدات التركيز لكل العناصر بالميلي مول/لتر. ويستجيب العديد من المرضى للعلاج بالإنسولين، وقد ينخفض الغلوكوز بسرعة كبيرة حين البدء بالإنسولين. وقد يسبب تغير الأسمولية السريع ضرراً للدماغ. ومن المفيد البدء بتسريب الإنسولين الوريدي بمعدل 3 وحدات بالساعة خلال الساعتين أو الساعات الثلاث الأولى، وزيادته لست وحداتٍ بالساعة بعد ذلك إذا كان هبوط الغلوكوز بطيئاً. والمحاليل الوريدية المستخدمة للإماهة هي المحلول الملحيّ 0.9%. ويجب عدم استخدام نصف الملحي 0.45% لأنّ تمديد الدم بسرعة يمكن أن يسبب أذيةً للدماغ أكبر مما يسبب تعرضه لارتفاع الصوديوم لبضع ساعات.

الإنذار: تصل نسبة الوفيات إلى 20-30% من الحالات، والسبب الرئيس هو تقدم عمر المرضى وشيوع وجود مرضٍ مرافقٍ أدى إلى حدوث حالة فرط التناضح السكري. وبعكس الحماض الكيتوني فإنّ فرط التناضح ليس استطباباً مطلقاً لاستخدام الإنسولين لاحقاً، ويمكن للناجين من هذه الحالة أن يُعالجوا بالحمية وخافضات السكر الفموية.

3- الحماض اللبني:

يحدث الحماض اللبني في المرضى المعالجين بمركّبات البيغوانيد. ونسبة حدوثه في المرضى الذين يعالجون بالميتفورمين منخفضة جداً شريطة عدم تجاوز الجرعة العلاجية المسموح بها، وإيقاف الدواء في المرضى المصابين بقصور كبدي أو كلوي متقدم. يصاب المرضى بحماضٍ استقلابيٍ شديدٍ مع وجود فجوةٍ شارديةٍ كبيرة (الطبيعي أقل من 17 ميلي مول/لتر)، ولا يرتفع سكر الدم أو الخلون ارتفاعاً شديداً. تعالج الحالة بالإماهة وتسريب محلول البيكربونات المكافئ 1.26%. تتجاوز الوفيات في الحماض اللبني 50%. يعدّ علاج الحماض اللبني بالديال أسرع طرق العلاج وأنجعها.

ثانياً- مضاعفات الداء السكري المزمنة:

ما زال معدل العمر منخفضاً للمرضى الذين يعالجون بالإنسولين. والسبب الرئيس للوفيات عند المرضى المعالجين هو المشاكل القلبية الوعائية 70%، ثم القصور الكلوي 10% ثم الأخماج 6%. ولا شك أنّ لمدة ارتفاع الغلوكوز في الدم وشدته شأناً مهماً في حدوث اعتلال الكلية واعتلال الشبكية السكريين، وأظهرت دراسة DCCT انخفاضاً مقداره 60% في حدوث هذه المضاعفات خلال 9 سنوات حينما كان الخضاب الغلوكوزي HbA1C بحدود 7% في مرضى النمط الأول من السكري.

الآلية الإمراضية: الآليات المؤدية إلى الأذية غير محددة بدقةٍ. والأمور التالية هي عقابيل لارتفاع الغلوكوز، وقد يكون لها شأن في الآلية الإمراضية لمضاعفات السكري.

1- يؤدي اتحاد الغليوكوزيل glycosyl مع طيفٍ واسعٍ من البروتينات، - مثل خضاب الدم والغراء والكولسترول منخفض الكثافة LDL والتيوبيولين tubulin في الأعصاب المحيطية -. إلى تراكم النواتج النهائية للمركّبات المتحدة بالغليوكوزيل على نحو زائدٍ، مما يسبب أذيّة وحالة التهابية عن طريق تحريض العوامل المؤهبة للالتهاب مثل: السيتوكينات، والمتممة.

2- يسبب استقلاب الغلوكوز بوجود زيادةٍ في إنزيم الألدوز ريدكتاز الخلوي تراكم السوربيتول والفركتوز. ويسبب هذا زيادةً في نفوذية الأوعية وتكاثر الخلايا، وتغيّر تركيب الشعريات الدموية بتحريض كلٍّ من بروتين كيناز C والعامل المحرض للأورام بيتا TGF-ß.

3- يسبّب اضطراب جريان الدم في الأوعية الدقيقة نقصاً في تزويد الأنسجة بالمغذيات والأكسجين. وقد يحدث انسدادٌ في الأوعية الدقيقة بسبب مقبضات الأوعية مثل: الإندوثيلين؛ وبالتالي زيادة الخثار وحدوث أذيةٍ للبطانة الوعائية.

4- عوامل أخرى كتشكل جذور الأكسجين الفعَّالة، وتحريض عوامل النمو TGF-ß وعامل النمو البطاني الوعائي VEGF. إنّ عوامل النّمو هذه تفرزها الأنسجة ناقصة التروية، وتؤدي إلى تكاثر خلايا البطانة الوعائية.

5- تغيراتٌ في دينامية جريان الدم. مثال ما يحصل في الكلية.

يُعتقد أنّ كلّ الآليات المذكورة آنفاً تنبع من آليةٍ وحيدةٍ ذات علاقةٍ بارتفاع الغلوكوز تؤدي إلى زيادة إنتاج جزيء أكسجين فعَّالٍ في المتقدرات.

1- مضاعفات الأوعية الكبيرة:

يعدّ السكري واحداً من عوامل الإصابة بالعصيدة الشريانية. ويختلف هذا الأمر باختلاف طبيعة المجموعة البشرية المدروسة. فمثلاً إن نسبة إصابة السكريين اليابانيين بالعصيدة الشريانية أقلّ بكثير من إصابة السكريين الأوربيين، ولكن تبقى نسبة إصابتهم بالعصيدة أعلى من مواطنيهم غير السكّريين. ويزيد خطر الإصابة بالعصيدة الشريانية مقارنة بغير السكريين كلما هُبط في الجسم من الأعلى إلى الأسفل:

> فالسكتات تزيد مرتين.

> ويزيد احتشاء العضلة القلبية 3-5 مرات، وتفقد النساء بعد سنّ الضهى الحماية التي كانت لديهن من مرض الشريان الإكليلي.

> أما بتر القدم بسبب المُوات فيزيد 50 مرّةً عنه في غير السكريين.

أظهرت الدراسة البريطانية للسكري من النمط الثاني UKPDS، وDCCT في مرضى النمط الأوّل أنّ لعلاج السكري المكثف أثراً طفيفاً في الوقاية من المضاعفات القلبية الوعائية في النمطين الأول والثاني.

وحين تترافق عوامل الخطر القلبية الوعائية بعضها مع بعض يتضاعف احتمال الإصابة بأمراض القلب الوعائية إلى حد كبير. ولذلك فإنه من الضروري جداً الاهتمام بعلاج كلّ عوامل الخطر القلبية الوعائية عند السكريين، وألا يركز فقط على ضبط السكري.

> ارتفاع الضغط الشرياني: أظهرت دراسة UKPDS أن العلاج المكثف لارتفاع الضغط الشرياني يسبب انخفاضاً ملموساً في حدوث كلّ من المضاعفات الوعائية الدقيقة والكبيرة. وبينت هذه الدراسة أنّ ثلث المرضى يحتاجون إلى استخدام ثلاثة أدويةٍ أو أكثر، وأن ثلثاً آخر يحتاج إلى دوائين أو أكثر للوصول إلى الضغط الشريانيّ المطلوب.

> التدخين: عامل الخطر القابل للاستبعاد، ولذلك يجب عدم التنازل عن مساعدة السكريين على إيقاف التدخين.

> اضطراب شحميات الدم: تشير الدراسات السريرية إلى عدم وجود رقم محدد آمن للكولسترول يجب الوصول إليه. ويبدو أنّ أقل رقم يمكن الوصول إليه هو الأفضل، ويعني هذا في الممارسة العملية أنّ معظم مرضى النمط الثاني يجب أن يعالجوا بمركّبات الستاتين.

> الأسبرين منخفض الجرعة يخفض الخطر القلبي الوعائي، ولكن استخدامه يرافقه زيادة الإمراضية والوفيات الناجمة عن النزف. والفائدة المرجوة من استخدامه تغلب خطر النزف حين يكون احتمال الإصابة بمرض قلبيّ وعائيّ أكبر من 30% خلال 10 سنوات.

> حاصرات الإنزيم ACE antagonist  وحاصرات مستقبل الأنجيوتنسين 2. إنّ علاج السكريين الذين لديهم على الأقل عامل خطرٍ قلبي وعائي إضافي بحاصر إنزيم يخفض الإصابة باحتشاءٍ أو نشبةٍ أو اعتلال كلى أو وفاة من منشأ قلبي يقدر بـ 25-35%. تفضل مثبطات مستقبل الأنجيوتنسين 2 علاجاً أولياً أحياناً، وتستخدم كذلك في المرضى الذين لا يتحملون حاصرات الإنزيم.

2- مضاعفات الأوعية الدقيقة:

تعدّ مضاعفات الأوعية الدقيقة نوعية بالنسبة إلى السكري؛ مقارنة بالأمراض القلبية الوعائية الشائعة جداً في الغرب. فالأوعية الدقيقة تصاب في كلّ أنحاء الجسم، ولكن لتطور المرض الوعائي خطورةٌ خاصةٌ في ثلاثة أماكن:

> الشبكية.

> الكُبيبات الكلوية.

> أغمدة الأعصاب.

تميل اعتلالات الشبكية والكلية والأعصاب إلى الظهور بعد 10-20 سنة من تشخيص المرض في المرضى صغار السّن. وهي تظهر بوقتٍ أبكر في الأكبر سناً؛ وذلك لأنهم ربما كانوا سكريين لأشهرٍ أو سنواتٍ دون أن يشخصوا. وللعوامل الوراثية شأن في قابلية حدوث مرض الأوعية الدقيقة. فأبناء المرضى السكريين المصابين باعتلال الكلى والشبكية يزيد احتمال إصابتهم بهذه المضاعفات نفسها بنسبة 3-5 مرات في كلا النمطين الأول والثاني.

توجد كذلك فروقٌ بين العروق البشرية من حيث الإصابة باعتلال الكلية. ففي الولايات المتحدة تشاهد أعلى نسب الإصابة باعتلال الكلى عند هنود البيما، ثم يليهم الأمريكيون من أصولٍ إسبانية ثم من أصول إفريقية، يليهم الأمريكيون البيض.

أ- داء العين السكري:

تحدث الاضطرابات العينية في ثلث المرضى صغار السّن المصابين بالسكري، وفي بريطانيا يصاب 5% من هؤلاء بالعمى بعد مرور ثلاثين عاماً على السكري في السابق. ومازال السكريّ السبب الأكثر شيوعاً للعمى دون سن 65 عاماً رغم انتشار استخدام التخثير الضوئيّ بأشعة الليزر، والسيطرة على ارتفاع الضغط الشرياني.

يؤثر السكريّ في العين بعدة طرقٍ:

> اعتلال الشّبكية بوجود أذياتٍ تصيب الشبكية والقزحية.

> الساد الذي يشاهد عند السكريين مبكراً مقارنة بغير السكريين. كما أن تأرجح قيم الغلوكوز قد يسبب تغيراً في الخطأ الانكساري نتيجة للتغيرات التناضحية التي تحصل في عدسة العين. فبامتصاص الماء إلى داخل العدسة يزيد مدّ البصر. وأكثر ما يحدث هذا الاضطراب في مرضى النمط الأول حديثي السّن، ويسبب صعوبة في القراءة، تزول هذه الصعوبة غالباً بضبط السكر. على كلّ حال تسبب تراكيز الغلوكوز المرتفعة التي يصاحبها غالباً شيءٌ من الخُلال ketosis (تراكم الخلون) حدوث سادٍ حادّ (الساد المشابه لبلورات الثلج) يتشكل بسرعة، ولا يتراجع.

> شلل العضلات المحركة للعين الخارجية.

> أكثر الأعصاب تأثراً هما العصبان الثالث والسادس. ولا يترافق شلل العصب الثالث والألم، وتتراجع هذه الحالات تلقائياً في 3-6 أشهر.

الشكل (3)
مظاهر مرض العين السكري:
أ- البقعة الصفراء الطبيعية وحلمية العصب البصري.
ب- نزوف نقطية وبقعية (اعتلال شبكية باكر).
ت - نضخات قاسية إضافة لاعتلال شبكية باكر.
ث - العديد من بقع القطن المتناثرة تشير إلى وجود اعتلال شبكية قبل تكاثري تستدعي إرسال المريض تلقائياً لاستشارة عينية.
ج- العديد من الأوعية الحديثة التشكل المشابهة لسعف النحل، وهي العلامة الوصفية لاعتلال الشبكة التكاثري، وهذه علامة اعتلال متقدم (تبدي هذه العين كذلك العديد من ندبات العلاج بالليزر في الجزء العلوي من الشبكية).
ح- نضجات تظهر على بعد مسافة تعادل قطر الحليمة من البقعة الصفراء، وهي علامة لاعتلال بقعة نضحي.
خ- سادين مركزي وقشري يمكن رؤيتهما عبر قعر العين.

التطور الطبيعي للمضاعفات العينية:

(1)- الساد: يحدث الساد في سنّ أبكر لدى السكريين مقارنة بغير السكريين.

(2)- اعتلال الشبكية السكري: يزيد اعتلال الشبكية (الشكل3) بمرور الزمن في السكري، ففي السنوات العشر الأولى يصاب 20% من السكريين بتغيرات شبكية، وتزيد النسبة إلى 80% بعد عشرين سنة.

> اعتلال الشبكية الأولي: أول العلامات هي ظهور أمهات الدم المجهرية (بقع حمر صغيرة) في الشبكّية حول القطب الخلفي. وعلى تصوير الأوعية بالفلوريسيئين ترافق أمهات الدم مناطق غير مُزودة بالشعريات الدموية. من المظاهر الأخرى المشاهدة حدوث نزوفٍ سطحيةٍ في طبقة الخلايا العُقديّة والطبقة الضفيرية الخارجية. هذه النزوف تشبه بشكلها بقع الحبر، وسببها انسداد الشعريات. أما بُقع القطن المتناثرة فهي احتشاءات مجهرية في الشبكية، والبقعة هي تراكم بقايا بِجِبْلَة المحوار. هذه البقايا تزيلها البلعمات، وقد تتكون حين حدوث هذا نقاط بيض مكان بقع القطن السابقة (أجسام كيسانية).

قد تترافق بُقع القطن وارتفاع الضغط الشريانيّ، ولكنّها قد تعود للسكري فقط. فبقع القطن التي تُشاهد مع ارتفاع الضغط الشرياني تميل إلى التراجع بسرعةٍ، في حين قد تدوم البقع المشاهدة مع السكري أكثر من 3-6 أشهر.

> اعتلال الشبكية قبل التكاثري والتكاثري: يسبق حدوث اعتلال الشبكية التكاثريّ انتشارٌ واسعٌ لنقص التروية في الشعريات الدموية. يحرّض نقص التروية هذا تنشؤ عروقٍ دموية جديدة في الشبكية. وبعض هذه العروق تكون داخل الشبكية، ولذلك تعدّ كإجراء ترميمي، ولا تسبب أي أعراض.

تتوضّع الأوعية الدموية الحديثة أمام الشبكية (عندما يتجاوز الوعاء الدموي الشبكية، ويظهر خارجها) على سطحها، وتتشكل عادةً على حدود المنطقة التي تنسدّ فيها الشعريات الدموية. وتبدو كأنها محاولة عقيمة لإعادة التوعية، وهذه الأوعية هي بطبيعة الحال مؤهبة للنزف.

> اعتلال البقعة: في النمط الثاني يزيد عدد أمهات الدم، وتُسرب الدم مؤدية إلى تراكم سوائل في الشبكية. وإذا امتدّت الوذمة إلى البقعة فإنّ الشبكية تصبح ثخينة، وتتدهور الوظيفة البصرية، ويحدث فقد رؤيةٍ مركزيّ. تتشكل أوعية حديثة لاحقاً، وقد تؤدي إلى نزوفٍ زجاجيةٍ تدريجيةٍ ناكسةٍ. أما المصير الأخير للمرضى المصابين باعتلال البقعة فهو تكوّن لويحةٍ نضحيةٍ واسعةٍ ضمن مركز البقعة الصفراء.

> اعتلال الشبكية المختلط: مع أنّ الاعتلال التكاثريّ واعتلال البقعة مضاعفتان متميزتان إحداهما من الأخرى؛ فإنهما قد توجدان معاً.

علاج مرض العين السكري: يستطب استئصال الساد إذا كان يُسبب عجزاً بصرياً، أو إذا كان يمنع من رؤية الشبكية بوضوح. ويُجرى استئصال السادّ مباشرةً إذا لم يكن هناك اعتلال شبكيةٍ ظاهر.

(1)- اعتلال الشبكيّة: أظهرت دراستا DCCT وUKPDS إمكان خفض حوادث اعتلال الشبكية السكري بالسعي إلى ضبط السكري ضبطاً استقلابياً مكثفاً. لا يوجد علاجٌ دوائيٌّ لاعتلال الشبكية الأولي. ويؤدي التدخين وارتفاع الضغط الشرياني إلى تسارع تطور اعتلال الشبكية، ولضبط الضغط الشرياني أهمية خاصة. ويجب أن تكون المراقبة شديدة في أثناء الحمل ولدى السكريين المصابين باعتلال كلية.

(2)- اعتلال الشبكية التكاثري: يستطب العلاج بالليزر منذ تشكل أوعيةٍ حديثةٍ. ويجب أن يوجّه الليزر إلى الوعاء الحديث النشوء وإلى المناطق المجاورة المصابة بنقص التروية والمجردة من الأوعية. ووجود الأوعية الحديثة على حليمة العصب إنذار سيئ جداً، ولذلك فإنّ علاجه بالليزر يجب أن يُجرى بأسرع وقت.

المستقبل: كان لضبط السكريّ وارتفاع الضغط الشريانيّ وللتخثير الضوئيّ بأشعة الليزر شأن كبير في تدبير المرضى المصابين باعتلال الشبكيّة السكري. وهناك أنظمة ليزر جديدة قيد التجربة في دراسات سريرية، يؤمل أن تكون أقل تخريباً للشبكية؛ مما يجعل تأثيرها في خسارة وظيفة الإبصار أقل. ولا توجد في الوقت الحالي أدوية لعلاج اعتلال الشبكية السكري، والأمل معقود على الأدوية الحديثة المضادة لعامل النمو البطاني الوعائيّ VEGF والتي سيزيد استعمالها للسيطرة على اعتلال الشبكية.

قد يلجأ إلى جراحة الشبكية والخلط الزجاجي في محاولة لإنقاذ ما تبقى من القدرة البصرية بعد حدوث نزفٍ في الخلط الزجاجيّ، وفي علاج انفصال الشبكية في مراحل اعتلال الشبكية المتطورة.

ب- اعتلال الكلية السكري:

تتأثر الكلية بالسكري بثلاثة طرق:

> أذيةٌ كُبيبية.

> نقص تروية ناجم عن تضخم الشُّرينات الصادرة والواردة.

> خمج بوليٌّ صاعد.

الوبائيات: يظهر اعتلال الكلية الذي يسببه المرض السكري بعد 15-25 عاماً من تشخيص السكري، ويصيب 25-35% من المرضى الذين شُخص لديهم المرض قبل سن الثلاثين. وهو السبب الأول للوفاة المبكرة لدى السكريين في سن الشباب. يصاب السكريون المسنون باعتلال الكلية كذلك، ولكنّ نسبة من يصاب منهم أقلّ مما في صغار السنّ.

سجّلت بعض المراكز تراجعاً في معدل الإصابة باعتلال الكلية السكري لدى مرضى النمط الأول. وقد يعكس هذا التطور النوعية الجيدة للعناية بالسكري في هذه المراكز أكثر من حدوث تغيرٍ في التطور الطبيعي للمرض نفسه. ولما أصبحت الإصابات بالنمط الثاني من السكري تبدو في سن أبكر من المعتاد، فقد أخذ معدل وقوع اعتلال الكلية بالازدياد في هذا النمط.

الإمراض: أول الاضطرابات الوظيفية لمرض الكلية السكري هو تضخم الكلية الذي يصاحبه زيادة في معدل الرشح الكُببيّ. ويظهر سريعاً بعد تشخيص السكري، وله علاقة بعدم ضبط السكر. وعندما تبدأ الكلية بالتأذي بسبب السكريّ تزيد سعة الشُّرين الوارد للكُبيبة على سعة الشُّرين الصادر؛ مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الرشح داخل الكُببيّة، وبالتالي إلى أذية أكبر الشعريات الكُبيبة. ويسبب ارتفاع ضغط الرشح زيادة القوى الضاغطة محلياً، ويُعتقد أنّ هذا يسهم في تضخم الخلايا المسراقية، وفي زيادة إفراز المادة المسراقية خارج الخلويّة؛ مما يؤدي في النهاية إلى حدوث تصلب كُببي.

إنّ الأذية الأولية التي تصيب الكُبيبة هي تسمك الغشاء القاعدي. وتُسبّب بعض التغيرات المرافقة تهتك الصلات البروتينية المتشابكة التي تجعل من الغشاء مصفاةً فعَّالةً عادة. ويحدث بالتالي تسريبٌ تدريجيّ للجزيئات الكبيرة (البروتين خاصة) في البول.

بيلة الألبومين: أول دليل على البيلة الألبومينية هو "بيلة الألبومين المجهرية" - كميات من الألبومين في البول صغيرة لدرجة لا يمكن تحريها باستخدام الغميسات العادية - تقاس بتقنية المقايسة المناعيّة الشعاعية، أو باستخدام غميسات خاصة. وهي مؤشرٌ يُنبئ ببدء اعتلال الكلية في النمط الأول، ومؤشرٌ لزيادة الخطر القلبي الوعائي في النمط الثاني من السكري.

قد تتطور البيلة المجهرية بعد عدة سنوات إلى بيلة ألبومين متقطعة ثمّ دائمةٍ. تظهر عندها على المجهر الضوئيّ تغيرات تصلب الكُبيبات، بنوعيه التصلب العقدي أو المنتشر.

يُعرف تصلب الكُبيبات العقدي بأذية "كيميل ستيل ويلسون". وفي المراحل المتقدمة من التصلب الكُببي، تستبدل بالكُبيبة مادة زجاجية.

الشكل (4) تمثيل بالمخططات للقصة الطبيعية لاعتلال الكلية.

يكون كرياتينين البلازما طبيعياً في مرحلة البيلة البروتينية الدائمة، ولكنّ المريض لا تفصله عن المرض الكلويّ النهائيّ سوى 5-10 سنوات. وقد تصبح البيلة البروتينية شديدةً لدرجة تُسبّب حدوث متلازمةٍ كُلائيةٍ عابرةٍ، تصاحبها وذماتٌ محيطيةٌ ونقص ألبومين البلازما.

يحدث لدى المصابين باعتلال الكلية السكريّ فقر دم سوي الكريات والصباغ مع زيادة سرعة التثفل. ويشيع حدوث ارتفاع الضغط الشرياني، الذي يسهم هو نفسه كذلك في زيادة الأذى بالكلية.

وارتفاع كرياتينين البلازما مظهرٌ متأخرٌ لاعتلال الكلية، ويتطور حتماً إلى القصور الكلويّ مع اختلاف سرعة هذا التطور إلى حدٍّ كبيرٍ بين الأشخاص (الشكل4).

يحدث البدء النمطي بعد 15 سنة من تشخيص السكري. تؤدي بيلة البروتين المتقطعة إلى بيلةٍ دائمةٍ، وخلال الزمن يرتفع كرياتينين البلازما عندما يبدأ معدل الرشح الكُببيّ بالتراجع.

الأذيات بنقص التروية: قد تحدث الأذيات التي تصيب الشُّرينات، وتسبب تضخم الأوعية وإصابتها بالاستحالة الزجاجية في مرضى السكري. مظاهر نقص التروية تشابه المظاهر المشاهدة في ارتفاع الضغط الشرياني، وتسبب تغيراتٍ كلوية واضحة.

الأذيات الخمجية: الأخماج البولية أكثر شيوعاً لدى النساء المصابات بالسكري. وقد يحدث خمج بوليّ صاعدٌ بسبب الركودة البولية الناجمة عن إصابة المثانة باعتلال الأعصاب الذاتية، وهكذا قد يتكرر حدوث الخمج البولي في النسيج الكلويّ المتضرر.

وتبدي العينات التشريحية المرضية المأخوذة من الجثث في كثيرٍ من الأحيان تغيرات توحي بوجود خمج خلالي مزمنٍ، ولكن نقص التروية قد يسبب حدوث تغيراتٍ مشابهة، وليس من المؤكد شيوع التهاب الكلية والحويضة لدى السكريين.

تسبب الأخماج البولية غير المعالجة لدى السكريين تموتاً حليمياً كلوياً، وقد تنقلع الحليمات الكلوية، وتنجرف مع البول، ولكن هذه المضاعفة نادرة الحدوث.

التشخيص: يجب تحري وجود البروتين في بول السكريّين على نحو متواترٍ منتظم. ويقوم العديد من مراكز السكري بتحري بيلة الألبومين المجهرية لدى المرضى صغار السنّ؛ لأنّه من الثابت علمياً أنّ ضبط الغلوكوز الجيد أو علاج ارتفاع الضغط الشريانيّ دوائياً في هذه المرحلة يؤخر حدوث البيلة الألبومينية السريرية.

وحين وجود البروتين في البول على نحو مرضيٍّ، يجب وضع احتمال وجود أسبابٍ أخرى للبيلة البروتينية، ولكن حين نفي هذه الأسباب؛ يمكن اعتماد تشخيص اعتلال الكلية السكري. قد يتطور هذا الاعتلال مستقبلاً إلى مرضٍ كلويّ نهائيّ، مع العلم أنّ العلاج المبكر بخافضات الضغط قد يبطئ هذا التطور كثيراً.

يمكن الشك سريرياً بوجود سببٍ غير سكري لاعتلال الكلية بوجود قصةٍ سريريةٍ غير معتادةٍ، وبغياب اعتلال الشبكية السكري (يكون موجوداً مع اعتلال الكلية عادةً، ولكنّ وجوده ليس حتمياً)، وكذلك بوجود أسطوانات كرياتٍ حمر في البول. ويجب إجراء خزعة الكلية في مثل هذه الحالات، ولكنّ هذا الإجراء نادراً ما يُجرى أو يكون ضرورياً من الناحية العملية.

يجمع بول 24 ساعة لتحديد كمية البروتين المفقود في البول. ويقاس كرياتينين البلازما بانتظام مع قياس معدل الرشح الكُببي.

تدبير اعتلال الكلية السكري: يشبه تدبير اعتلال الكلية السكري تدبير الاعتلال من أمراض كلوية مزمنة أخرى مع بعض الشروط الخاصة:

(1)- علاجٌ مكثفٌ لارتفاع الضغط الشرياني، والهدف هو الوصول إلى أرقام دون 130/80 ملم زئبق، إذ تبيّن أنّ هذا الأمر يُبطئ تدهور القصور الكلوي إلى حدّ كبير.

الأدوية المختارة هي مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين ACE أو حاصرات مستقبل الأنجيوتنسين 2. ويجب استخدام هذه الأدوية كذلك للمرضى الذين لا يعانون ارتفاع ضغط شرياني إذا كانت لديهم بيلة ألبومين مجهرية دائمة. ويؤدي هذا العلاج إلى إنقاص بيلة الألبومين.

(2)- يجب الابتعاد عن استخدام خافضات السكر الفموية التي تُطرح جزئياً عن طريق الكلية (مثلاً: الغليبنكلاميد والميتفورمين).

(3)- تزداد استجابة الجسم للإنسولين، وقد يحتاج الأمر إلى إنقاص جرعات الإنسولين إلى حد كبير.

(4)- يميل اعتلال الشبكية السكري إلى التطور بسرعة بوجود اعتلال الكلية؛ مما يجب معه التردد على العيادة العينية بزياراتٍ منتظمةٍ.

(5)- علاج القصور الكلوي النهائي أصعب في السكريين، ذلك لأنهم يعانون مضاعفات أخرى كالعمى واعتلال الأعصاب الذاتية ومرض الشرايين المحيطية.

تميل التحويلات الشريانية الوريدية إلى التكلس بسرعة، ولذلك يفضل الديال الصفاقي المنزلي على الديال الدموي. وتكون نسبة فشل زرع الكلى أعلى مما هي لدى غير السكريين.

(6)- يجرى أحياناً زرع المعثكلة مع زرع الكلية في الوقت نفسه. ومع أن استمرار فعالية المعثكلة المزروعة لمدةٍ طويلةٍ محدود بسبب حدوث تليّف الطعم؛ فإن زرع المعثكلة يُحرر المريض من حقن الإنسولين لمدة سنة أو أكثر.

ج- اعتلال الأعصاب السكري:

قد يخرب السكري الأنسجة العصبية المحيطية بعدة طرق. وتفترض النظرية الوعائية أن السبب الرئيس هو حدوث انسداد في الأوعية المغذية للعصب. ويبدو أن هذا هو الوضع في اعتلال الأعصاب الأحادي المعزول، ولكن الطبيعة المتناظرة المنتشرة للأشكال الشائعة من اعتلال الأعصاب توحي بوجود سبب استقلابي. فبما أن ارتفاع الغلوكوز يؤدي إلى زيادة تركيب السوربيتول والفركتوز في غمد شوان، فإنّ تراكم هذه السكريات قد يؤدي إلى اضطراب وظيفة العصب وتركيبه.

إنّ أبكر التغيرات الوظيفية في الأعصاب لدى السكريين هو نقص سرعة توصيل العصب؛ وأبكر التغيرات النسيجية هو زوال النخاعين القِطَعِي بسبب أذية غمد شوان. ففي المراحل الأولية تبقى محاوير الأعصاب سليمة، مما يشير إلى إمكانية الشفاء، ولكن يحدث في مراحل متقدمة تنكس محواري غير قابل للتراجع.

 يمكن مشاهدة الأنواع المختلفة التالية من اعتلال الأعصاب:

> اعتلال أعصاب حسيّ عديدٌ متناظرٌ (محيطي).

> اعتلال أعصابٍ مؤلمٌ حادّ.

> اعتلال أعصابٍ وحيدة: أذيات الأعصاب القحفية، وأذيات الأعصاب المحيطية المعزولة.

> ضمورٌ عضليٌّ سكريٌّ (اعتلال عصبٍ محركٍ غير متناظر).

> اعتلال الأعصاب المستقلة.

أ- اعتلال الأعصاب العديد المتناظر الحسي: لا يستطيع المريض غالباً في المراحل المبكرة التعرف إلى أعراض هذا الاعتلال. أما العلامات المبكرة فهي زوال الإحساس بالاهتزاز والإحساس بالألم (العميق قبل السطحي) والإحساس بالحرارة في الأقدام. وفي مراحل أكثر تقدماً يشكو المرضى من الشعور بأنهم يمشون على القطن، ويمكن أن يفقدوا توازنهم حين يغسلون وجوههم أو حين يمشون في الظلام، وذلك بسبب اضطراب استقبال الحس العميق. إصابة اليدين غير شائعة، ويجب البحث عن أسباب غير سكرية لاعتلال الأعصاب حين وجودها. ومضاعفات هذه المرحلة هي الرضوض التي لا يؤبه لها، والتي تبدأ بظهور نفاطات بعد ارتداء حذاء ذي قياس غير مناسب، أو حين استخدام أكياس الماء الحارة في الشتاء، وتؤدي بعد ذلك إلى حدوث التقرح.

عقابيل اعتلال الأعصاب: تسبب أذية الأعصاب المحركة للعضلات الصغيرة في الأقدام  ضمور المسافات ما بين عظام مشط القدم. ويؤدي الشد غير المتوازن الذي تحدثه العضلات القابضة الطويلة إلى ظهور شكلٍ مميزٍ للقدم بارتفاع قوس القدم وتمخلب أصابعها؛ مما يؤدي إلى عدم توازن في توزع الضغط على القدم عند المشي، يؤدي إلى ظهور دشابز تحت رؤوس عظام المشط أو في أعلى الأصابع، وقرحات نافذة عصبية المنشأ.

ويحدث أحياناً اعتلال في مفصل الكاحل بسبب اعتلال الأعصاب يدعى معه مفصل شاركو. يمكن لليد أن تُصاب كذلك بضمور العضلات الصغيرة إضافة إلى تغيراتٍ حسيّة، ولكن يجب تمييز هذه الأعراض والعلامات من تلك المشاهدة في متلازمة نفق الرسغ التي تزيد نسبة الإصابة بها في السكري، والتي يتطلب علاجها أحياناً عملاً جراحياً.

ب- اعتلال الأعصاب المؤلم: اعتلال الأعصاب المؤلم المنتشر أقل شيوعاً من الاعتلال السابق. ويصف المريض آلاماً حارقةً أو ناخزةً في القدمين ومقدمة الساقين والفخذين. هذه الآلام تشتد وصفياً في أثناء الليل، وقد يسبب ضغط أغطية الفراش ألماً غير محتملٍ. قد توجد هذه الآلام حين تشخيص السكري، أو تحدث تلقائياً بعد تحسنٍ مفاجئٍ في ضبط السكري (مثلاً: عند البدء باستخدام الإنسولين)، وتتراجع الآلام تلقائياً بعد 3-12 شهراً من ضبط الغلوكوز المستمر.

ويحدث لاحقاً نوعٌ آخر مزمنٌ من اعتلال الأعصاب المؤلم في أثناء تطور الداء السكري، قد يكون معنداً على كل أنواع العلاج. إنّ التقييم العصبيّ صعبٌ؛ لأنّ المريض يعاني زيادة حس الألم، فضمور العضلات ليس مظهراً مميزاً له، وقد تكون العلامات العصبية الفعلية ضئيلة.

يتضمن التدبير بداية استبعادَ وجود أسباب غير سكرية لاعتلال الأعصاب. إنّ شرح الوضع للمريض وطمأنته بأن اعتلال الأعصاب سيتحسن على الأغلب خلال أشهر من ضبط السكر قد يكون كل ما يلزم في البداية. تخفف كل من الأدوية التالية الإحساس بألم الأعصاب: مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة، غابابنتين gabapentin، وبريغابالين pregabalin، دوليكسيتين duloxetine، وميكسيليتين mexiletine، وڤالبرويت والكاربامازيبين carbamazepine valproate، ولكن هذا التحسن لا يُرضي المريض غالباً. يفيد تحريض العصب بعض المرضى. وتساعد الكريمات المحتوية على كابسايسين capsaicin في تسكين الألم حين استخدامها موضعياً. وذكرت بعض التقارير أن الوخز بالإبر قد أفاد في علاج بعض الحالات.

ج- التهاب العصب الوحيد المتعدد: قد يصاب أي عصب في الجسم بالتهاب العصب الوحيد؛ وتكون البداية عادة مفاجئة وأحياناً مؤلمة. وقد يحدث اعتلال جذرٍ عصبي (إصابة جذر عصب شوكي).

وإصابة الأعصاب المحركة للعين المعزولة شائعة في المصابين بالسكري، وأكثر ما يُصاب العصبان الثالث والسادس. والعلامة المميزة لأذية العصب الثالث السكرية هي بقاء منعكسات الحدقة سليمة؛ ذلك لأن الألياف العصبية المحركة للحدقة لا تتأثر. إن التحسن الكامل التلقائي هو القاعدة في أغلب حالات التهاب العصب الوحيد خلال 3-6 أشهر.

د- الضمور العضلي السكري: تُشاهد هذه الحالة عند المرضى الذكور الأكبر سناً والمصابين بالسكري. تتظاهر بضمور العضلات مُربعة الرؤوس وأحياناً عضلات الكتف ضموراً مؤلماً غير متناظرٍ. قد يكون الضمور العضلي شديداً، ويصبح منعكس الركبة غائباً أو ضعيفاً جداً. تكون المنطقة المصابة مؤلمة جداً، وقد تصبح علامة بابنسكي إيجابية أحياناً، ويبدو بالبزل القطني ارتفاع بروتين السائل الدماغيّ الشوكي. يرافق الضمور العضلي فتراتٍ من عدم ضبط الغلوكوز، أو ظهور السكري. يتراجع الضمور العضلي غالباً مع الوقت بالسيطرة الجيدةٍ على السكري من الناحية الاستقلابية.

هـ- اعتلال الأعصاب المستقلة: قد تكشف الاستقصاءات والفحوص في العديد من المرضى عن اضطراباتٍ عصبيةٍ مستقلة صامتةٍ، ولكن اعتلال الأعصاب الذاتية العرضي نادر الحدوث.

يصيب الاعتلال كلاً من الجهازين الودي ونظير الودي، وقد يسبب حدوث هبوط ضغط انتصابيّ يؤدي إلى إعاقة المريض.

جهاز القلب والدوران: تسبب إصابة العصب المبهم حدوث تسرع نظم القلب في أثناء الراحة، وزوال عدم الانتظام الجيبي. وفي مراحل لاحقةٍ يزول التعصيب الذاتي عن القلب (يصبح كالقلب المزروع) بسبب تلف الأعصاب الذاتية المعصّبة له. وتزول المنعكسات القلبية الوعائية مثل مناورة ڤالسالڤا. ويصاب المرضى بهبوط ضغط في وضعية الوقوف (هبوط ضغط انتصابي) بسبب زوال التوتر الودّي عن الشُّرينات المحيطية.

قد تُشاهد أحياناً قدمٌ دافئة مع نبضٍ قوي ناجمة عن الإصابة باعتلال الأعصاب العديد؛ وذلك نتيجة لتوسع أوعيةٍ محيطيّ.

الشكل (5)

الجهاز الهضمي: تسبب أذية العصب المبهم حدوث خزل معدي لاعرضي عادة، ولكنها قد تؤدي أحياناً إلى قياء معند. قد أبدت الأجهزة القابلة للزرع - التي تحرض إفراغ المعدة - واستخدام حقن الذيفان الوشيقي في منطقة البواب - لإصابة المصرة بشلل جزئي - فعاليتها في علاج مثل هذه الحالات المعندة على العلاج.

يحدث إسهالٌ من منشأ عصبيّ ذاتي، ولا سيما في الليل يرافقه زحير وعدم التحكم بالبراز. وقد يحدث الإسهال والإسهال الدهني بسبب تكاثر الجراثيم في الأمعاء الدقيقة تكاثراً كبيراً، وتعالج هذه الحالات باستخدام التتراسيكلين.

إصابة المثانة: يؤدي زوال المقوية والإفراغ غير الكامل والركودة (التي تعرض للخمج) في نهاية الأمر إلى مثانة مرتخية متمددة وغير مؤلمة. تعالج هذه الحالة بالقثطرة البولية من وقتٍ لآخر، وحين الفشل توضع القثطرة البولية الدائمة، وتعطى الصادات وقائياً للمرضى المعرضين لأخماج ناكسة.

اضطراب وظيفة الانتصاب في الذكور: هذه المضاعفة شائعة في السكري. وأول مظاهرها انتصاب القضيب غير الكامل الذي قد يتطور مع الزمن لفشل الانتصاب فشلاً كاملاً؛ وقد يحدث لدى السكريين المصابين باعتلال الأعصاب المستقلة قذف راجع.

لضعف الانتصاب في السكري أسباب عديدة، منها: القلق والاكتئاب والمبالغة في تناول الكحول والأدوية (مثل مدرات الثيازايد وحاصرات بيتا)، وقصور الأقناد الأولي والثانوي، وقصور الدرق، وعدم كفاية التروية الدموية بسبب إصابة شرايين القضيب بالعصيدة. ويجب أن تركز القصة السريرية والفحص السريري على استبعاد هذه الأسباب.

تؤخذ عينة دم لقياس:  FSH وLH، والبرولاكتين، والتستوستيرون ووظائف الدرق. ويجب أن يتضمن العلاج نصح الزوجين ودعمهما النفسي.

وتستخدم للعلاج - في المرضى الذين لا يتناولون مركّبات النيترات - مثبطات النمط الخامس من إنزيم فوسفودي إستراز (sildenafil, tadalafil, vardenafil) phosphodiesterase type-5، التي تزيد أثر أكسيد الآزوت في العضلات الملس، وتزيد من جريان الدم في القضيب، ويستفيد من هذا العلاج ثلثا المرضى، وهناك بدائل تستعمل للذين لم يستجيبوا للعلاج بالأدوية السابقة، والذين تزعجهم آثارها الجانبية (الصداع واضطراب الرؤية في اليوم التالي)، والذين تعدّ لديهم مضاد استطباب، هي:

> أبومورفين 2-3 ملغ تحت اللسان قبل الجماع بعشرين دقيقة.

> ألبروستاديل alprostadil (مركّب البروستاغلاندين E1) ويعطى على شكل حبيبة صغيرة تُدخل إلى الإحليل باستخدام جهاز خاص (125 ميكرو غرام بداية، وتُزاد تدريجياً لجرعة قصوى تقدر بـ 500 ميكرو غرام). إذا كانت الزوج حاملاً يجب استخدام مانع حمل على شكل حاجز يمنع البروستاغلاندين من الوصول إلى الجنين.

> استخدام حقن الألبوستاديل في الجيوب الكهفية للقضيب (2.5 ميكرو غرام بداية ويمكن زيادتها لـ 40 ميكروغرام جرعة قصوى). تتضمن الآثار الجانبية القساح priapism الذي يتطلب علاجاً إسعافياً إذا استمر الانتصاب أكثر من ثلاث ساعات.

> الأجهزة المفرغة للهواء: أجهزة تعتمد مبدأ خلق ضغط سلبي ضمن أسطوانة يوضع فيها القضيب، فتساعد على النعوظ.

جـ- القدم السكرية:

يصاب 10-15% من السكريين بقرحات قدم في مرحلة من مراحل حياتهم. ومشاكل القدم السكرية مسؤولة عن 50% تقريباً من قبول السكريين في المستشفيات. يمكن الوقاية من العديد من حالات بتر الأطراف وتأخيرها بتوعية المرضى، والعناية الطبية الفضلى. تتضافر عدة عوامل في إحداث هذه الآفة كنقص التروية والخمج واعتلال الأعصاب، وتسبب تموت الأنسجة. ومع أن كل هذه العوامل قد يجتمع بعضها مع بعض، ولكن يمكن التمييز بين القدم التي تعاني نقص التروية والقدم التي تعاني اعتلال أعصاب سكري.

 

نقص التروية

اعتلال الأعصاب

الأعراض

 

 

عرج متقطع

ألم في أثناء الراحة

احمرار

عادة غير مؤلمة

أحياناً مؤلمة

قوس قدم عالي

التأمل

اضطرابات اغتذائية

تمخلب الأصابع

لا توجد اضطرابات اغتذائية

الجس

 

القدم باردة

لا يوجد نبض محيطي

القدم دافئة

نبض محيطي طبيعي

القرحة

 

مؤلمة

تتوضع على العقب والأصابع

غير مؤلمة

تتوضع على راحة القدم

الجدول (3) المظاهر التي تميز القدم السكرية ناقصة التروية من القدم المصابة باعتلال الأعصاب

في ريف الهند تعود قرحات القدم الشائعة إلى أسباب خمجية وعصبية أكثر من عودتها إلى أسباب وعائية.

تدبير القدم السكرية: يمكن تفادي العديد من مشاكل القدم السكرية، لذلك يجب أن يتعلم السكريون مبادئ العناية بالقدم. أما المرضى المسنون فيجب أن يزوروا بانتظام اختصاصي القدم، ويجب ألا يقلموا أظفارهم بأنفسهم. هدف العلاج حين حدوث أذية نسيجية على شكل قرحةٍ أو موات هو المحافظة على النسيج الحي.

إن التهديدات الأربعة الرئيسة للجلد والأنسجة تحت الجلد هي:

(1)- الخمج: وقد يحدث بسرعة حين وجود قدم سكرية.

واستخدام الصادات الباكر مهم، ويجب تحديد الصادات بحسب نتائج الزرع الجرثومي. قد تكون الجراثيم التي تنمو من الزرع المأخوذ من سطح الجلد غير تلك التي تسبب الخمج في النسج العميقة. يجب تفجير تجمعات القيح، واستئصال العظم المصاب بالخمج حين حدوث ذات عظمٍ ونقي لم تستجب للعلاج بالصادات. ويجب تكرار تصوير القدم بالأشعة السينية لمتابعة تطور الحالة.

(2)- نقص التروية (الإقفار): يُقيَّم جريان الدم في القدم سريرياً وباستخدام التصوير بالأمواج الصوتية والدوبلر. ويمكن إجراء تصوير الشرايين الفخذية الظليل لتحديد أماكن الانسداد التي يمكن علاجها بالمجازات الجراحية أو تصنيع (رأب) الأوعية. وعدد الذين يستفيدون من هذه الإجراءات قليلٌ نسبياً، ويجب في النهاية الموازنة بين أخطار التدخل الجراحي (تدهور الوضع والاضطرار للبتر) وفوائده.

(3)- الضغط الزائد: يجب ألا تخضع المنطقة المتقرحة لضغط وزن الجسم. وقد تستدعي إراحة الطرف المصاب استخدام أحذيةٍ خاصةٍ عميقةٍ وضباناتٍ لتحويل الضغط عن الأماكن المصابة.

بعد الاندمال يجب استخدام أحذيةٍ وضباناتٍ خاصةٍ على الغالب؛ وذلك بهدف حماية القدم، ولمنع زيادة الضغط من إلحاق الأذى ثانية بالمناطق التي ترممت. وقد يكون ضرورياً في القدم المصابة باعتلال الأعصاب إجراء تنضير جراحي دقيق يقوم به جراح القدم، وذلك لمنع الدشابز من تشويه اندمال الجرح الموضعي، ومنعها من إيذاء الجلد الطبيعي المجاور بزيادة الضغط عليه.

(4)- العناية الموضعية بالجرح: تستخدم الضمادات لامتصاص النتحات أو إزالتها، وإبقاء الجرح رطباً، ولحماية الجرح من التجرثم، ويجب أن تكون هذه الضمادات سهلة التغيير. وقد يكون للضمادات الحديثة المحتوية على عوامل نمو ومركّبات أخرى فعالة بيولوجياً شأن في المستقبل، وما زالت الآن في حيز التقييم.

ومن الضروري وجود علاقة جيدةٍ وتنسيقٍ بين الطبيب واختصاصيّ القدم والجرّاح لكي يكون المكث في المستشفى مفيداً وفعَّالاً. وحين وجود قصور شرياني غير قابل للعلاج؛ يُفضّل غالباً اللجوء إلى بترٍ واسعٍ مبكرٍ عوضاً عن إخضاع المريض لتداخلات عديدة متعبةٍ وغير مفيدة.

هـ- الأخماج:

لا يوجد دليل على أن السكريين المضبوط فيهم السكري جيداً أكثر عرضة من الناس العاديين للأخماج. ولكن السكري غير المضبوط يؤهب السكريين لزيادة حدوث الأخماج التالية:

(1)- في الجلد: أخماج بالمكورات العنقودية (حبوب أو خراجات أو جُمرة)، التهاب الجلد والأغشية المخاطية بالمبيضات.

(2)- في الجهاز الهضمي: التهاب حوالي السنّ المزمن، خراجاتٌ شرجيةٌ وخراجاتٌ وركيةٌ شرجيةٌ (حين يكون ضبط السكري سيئاً جداً).

(3)- في الجهاز البولي: أخماج المسالك البولية (النساء)، والتهاب حويضةٍ وكلية، وخراجاتٌ حول الكلية.

(4)- في الرئتين: ذات رئة بالمكورات العنقودية والرئوية، ذات رئةٍ بالجراثيم سلبية الغِرام، التدرن.

إن واحداً من الأسباب التي يؤدي فيها عدم ضبط السكري إلى زيادة الأخماج هو تعطل وظيفة الانجذاب الكيميائي chemotaxis وبلعمة الكريات البيض عديدة النوى؛ وذلك لأنّ توليد جزيئات الأكسجين الفعّال يتعطل بوجود تراكيز غلوكوز عاليةٍ في البلازما.

وبالعكس يسبب الخمج فقدان السيطرة على السكري، وهو سببٌ شائعٌ لحدوث الحماض الكيتوني.

يحتاج المرضى المعالجون بالإنسولين لزيادة جرعاتهم بنسبة 25% حين يتعرضون للأخماج، وقد يحتاج المرضى غير المعالجين بالإنسولين إلى استخدامه طوال فترة الخمج. ويجب أن يطلب من المرضى عدم إيقاف جرعات الإنسولين أبداً، حتى لو كانوا يعانون غثياناً أو قياء؛ ويجب عليهم في هذه الحالة مراقبة غلوكوز الدم بانتظامٍ واستشارة الطبيب عاجلاً لمعرفة ما عليهم فعله حتى تتمّ السيطرة على الوضع.

مبادئ العناية بالقدم السكرية:

- راقب القدم يومياً.

- راجع الطبيب لدى ملاحظتك وجود أيّ أذية.

- تأكد من خلوّ الأحذية من أية أجسامٍ حادةٍ مؤذيةٍ أو أماكن حادة من الداخل والخارج قبل انتعالها.

- استخدم أحذيةً مزودةً برباطٍ عالٍ يترك فسحة كافية لأصابع القدم ويريحها.

- أبعد القدمين عن مصادر الحرارة (الرمل الحار، أكياس الماء الساخن، مشعات التدفئة، النار).

- تأكد من حرارة مغطس الحمام قبل الولوج فيه.

الجدول (4)

يجب كذلك تلقيح السكريين بلقاح المكورات الرئوية، وإعطاؤهم لقاح الإنفلونزا مرة سنوياً.

و- الجلد والمفاصل:

انكماش أوتار العضلات في اليدين مضاعفة شائعةٌ لسكري الطفولة. ويمكن إظهار العلامة السريرية للانكماش بأن يطلب من المريض أن يطبق راحتي كفيه إحداهما على الأخرى، فيلاحظ أن المفاصل المشطية الأصبعية والمفاصل بين السلاميات لا تتطابق. يلاحظ في هذه الحالة وجود جلد سميك شمعي القوام على ظهر الأصابع. هذه المظاهر قد تعود إلى اتحاد الغليكوزيل glycosyl بالغراء. ويُشار إلى هذه الحالة على أنها اعتلال مفاصل اليد.

يشاهد في النمط الأول من السكري كذلك ترقق عظمٍ في نهايات الأطراف، ولكنّه نادراً ما يؤدي إلى عقابيل سريرية.

ملاحظات على حالات خاصة في السكري:

1- الجراحة:

يقلل الضبط المرن للسكري أخطار الخمج، ويعوض التقويض catabolism الناجم عن التخدير والجراحة. والإجراءات في المرضى المعالجين بالإنسولين بسيطة:

أ- يجب إيقاف الإنسولين متوسط المفعول أو مديد المفعول في اليوم السابق للجراحة، وتعويضه بالإنسولين قصير المفعول.

ب- يجب أن يكون المرضى السكريون أول من تبدأ بهم قائمة العمليات صباحاً.

ج- يعطى المريض في أثناء الجراحة محلولاً وريدياً غلوكوزياً محتوٍياً على الإنسولين والبوتاسيوم. ويمكن للإنسولين أن يوضع في المحلول السكري أو أن يُحقن منفصلاً بمساعدة مضخةٍ أو حاقن كهربائي.

يحضر المحلول المعياري بإضافة 16 وحدة إنسولين قصير المفعول و10 ميلي مول كلور البوتاسيوم إلى 500 مل محلول سكري تركيزه 10%، ويُسرب بمعدل 100مل/الساعة.

د- بعد الجراحة يستمر استخدام التسريب الوريدي حتى يبدأ المريض بتناول الطعام. يجب إعطاء السوائل الأخرى التي يُحتاج إليها في أثناء العمل الجراحي وبعده عبر قثطرة وريدية منفصلة، ويجب عدم إيقاف تسريب المزيج الغلوكوزي مع الإنسولين والبوتاسيوم. يُقاس الغلوكوز كل 2-4 ساعات، ويراقب تركيز البوتاسيوم كذلك. يجب تعديل كميات الإنسولين والبوتاسيوم في كيس التسريب الوريديّ زيادة أو نقصاً بحسب نتائج تركيز الغلوكوز والبوتاسيوم.

يستخدم التدبير نفسه في الحالات الإسعافية، مع الاستثناء المتعلق باستخدام تسريب الإنسولين، وذلك لخفض الغلوكوز إلى قيمٍ مقبولةٍ قبل الجراحة.

يجب أن يُوقِف المرضى غير المعالجين بالإنسولين أدويتهم قبل الجراحة بيومين. أما المرضى المصابون بارتفاع الغلوكوز الصيامي المعتدل (أقل من 140 ملغ/دل) فيعاملون وكأنّهم غير سكريين. وأما الذين لديهم غلوكوز صيامي فوق هذا التركيز فيعالجون بالإنسولين قصير المفعول قبل الجراحة، ثم بتسريب الغلوكوز والإنسولين والبوتاسيوم في أثناء العمل الجراحي وبعده كما في الذين يعالجون بالإنسولين.

2- السكري والحمل:

يتطلب وجود السكري مع الحمل ضبطاً استقلابياً شديداً وعناية طبية نسائية دقيقة.

أ- الضبط الاستقلابي للسكري في أثناء الحمل: يجب أن تقوم المريضة بإجراء عدة قياسات يومية منزلية للغلوكوز قبل الوجبات وبعدها بساعتين وعلى الريق. تنخفض العتبة الكلوية للغلوكوز خلال الحمل، ولذلك فإن فحص السكر في البول قليل الأهمية أو لا أهمية له. تزيد الحاجة اليومية للإنسولين بالتدريج، ويجب استخدام نظم إنسولين علاجية مكثفة. وهدف العلاج هو إبقاء قيم الغلوكوز والفركتوزأمين أو الهيموغلوبين الغلوكوزي (HbA1C) أقرب ما يكون من القيم الطبيعية وبحسب تحمل المريضة لهذا الضبط. لا تستخدم خافضات السكر الفموية في أثناء الحمل.

ب- التدبير العام: تُشاهد المريضة بفاصل أسبوعين أو أقل في العيادة، ويتابعها كلّ من اختصاصي السكري واختصاصي التوليد بآنٍ معاً. وإذا سنحت الظروف فالهدف هو متابعة المريضة في العيادات الخارجية دون حاجة إلى قبولها في المستشفى، وتوليدها ولادة طبيعية عن طريق المهبل في نهاية حملها الطبيعي.

قد يزداد اعتلال الشبكية واعتلال الكلية سوءاً خلال الحمل. يجب إجراء صورة رقمية لقعر العين وتحري البيلة البروتينية حين تشخيص الحمل وبعد 28 أسبوعاً وقبل الولادة.

جـ- المشاكل الولادية المرافقة للسكري: قد يؤدي السكري سيئ الضبط إلى وفاة الجنين، ومشاكل آلية في عبور الجنين قناة الولادة بسبب كبر حجمه، إضافة إلى الاستسقاء الأمنيوسي ومقدمة الإرجاج.

يُسبّب الحماض السكريّ الكيتوني في أثناء الحمل وفاة الجنين في 50% من الحالات، أما هبوط السكر لدى الأم فيكون عادةً محتملاً.

د- مشاكل جنينية: يؤدي السكريّ في الحامل إن لم يكن مضبوطاً إلى زيادة حجم الجنين. ويكون الوليد من أمٍّ سكريةٍ أكثر عرضة لحدوث داء الغشاء الهياليني hyaline membrane disease من الوليد من أمٍّ طبيعيةٍ في درجة التطور الجنيني نفسها.

قد يصاب الوليد من أم سكرية بهبوط السكر. والسبب هو: إن الغلوكوز الوالديّ يعبر المشيمة، أما الإنسولين فلا يعبرها؛ وتقوم جزر لانغرهانز الجنينية بزيادة إفراز الإنسولين لمعاوضة ارتفاع الغلوكوز الوالدي، ويحدث هبوط السكر في الوليد بسبب فرط المعاوضة المعثكلية بعد قطع الحبل السري.

هذه المضاعفات سببها ارتفاع السكر في الثلث الثالث من الحمل. ويؤدي عدم ضبط السكري في وقت الإلقاح إلى زيادة خطر الإصابة بتشوهات خلقية. لذلك يجب حين التخطيط للحمل ضبط السكري ضبطاً مثالياً قبل حدوثه.

هـ- السكري الحملي: تشير هذه الحالة إلى حدوث عدم تحمل للغلوكوز في أثناء الحمل وتراجعه بعد الولادة. لا ترافق السكري الحملي أعراض عادة. والنساء المعرضات أكثر من غيرهن للإصابة بالسكري الحملي هنّ: اللواتي أُصبن به خلال حملٍ سابق، والأكبر سناً، واللواتي يعانين البدانة، واللواتي ولدن أطفالاً زائدي الوزن، وبعض النساء من مجموعات عرقية خاصة. ولكن هناك كثير من حالات السكري الحملي التي لا تنتمي إلى أي من الفئات المذكورة آنفاً. ولهذا السبب يدعو بعضهم لتقصي السكري الحملي في كل النساء الحوامل، وذلك بقياس الغلوكوز العشوائي في كل ثلث من الحمل وباستخدام اختبار تحمل الغلوكوز إذا كان تركيز الغلوكوز العشوائي 7 ميلي مول/لتر (126 ملغ/دل) أو أكثر.

لم يتفق على مستوى غلوكوز الدم الذي يسبب أذية للجنين، ولذلك لم يتفق كذلك على القيمة الحدية للغلوكوز المستخدمة للاستقصاء والتدخل العلاجي.

يعالج السكري الحملي بداية بالحمية، ولكن معظم المريضات يجب إعطاؤهن الإنسولين في أثناء الحمل. لا يعبر الإنسولين المشيمة في حين يعبرها العديد من خافضات السكر الفموية، ولكنها لا تستخدم لاحتمال وجود خطر على الجنين بتعرضه لها.

تصاحب السكري الحملي كل المشاكل الولادية المتعلقة بحديثي الولادة المذكورة آنفاً مع السكري السابق للحمل، باستثناء عدم وجود زيادة في التشوهات الخلقية. ويعدّ السكري الحملي نذيراً لحدوث السكري من النمط الثاني لاحقاً في أثناء الحياة.

ليس كل سكري يشاهد في أثناء الحمل هو سكرياً حملياً. إذ قد يحدث في الحمل السكري من النمط الأول الوصفي، والتشخيص السريع ضروريٌّ لمنع حدوث الحماض الكيتوني. ويجب قبول المريضة في المستشفى إذا كانت لديها أعراض سكري واضحة، أو حين وجود أجسام كيتونية في البول، أو إذا كان تركيز الغلوكوز عالياً.

3- السكري غير المستقر:

يستخدم هذا التعريف لوصف المرضى الذين يصابون بحماض كيتوني أو بغيبوبة نقص سكر متكررين أو بالحالتين معاً. إنّ القسم الأكبر من هؤلاء هم الذين يحدث لديهم هبوط سكر شديدٌ ناكسٌ.

أ- هبوط السكر المتكرر: يصيب هبوط السكر المتكرر 1-3% من المرضى المعتمدين على الإنسولين. غالبهم سكريون لأكثر من 10 سنوات. ففي هذه المرحلة من السكري يكون إفراز الإنسولين ضئيلاً في معظم المرضى. أما خلايا ألفا في جزر لانغرهانز فما تزال موجودة بأعداد طبيعية، ولكنّ ارتكاس الغلوكاغون على هبوط السكر غائب تقريباً. وهكذا يتعرض المرضى الذين مرّ على إصابتهم بالسكري عدة سنوات لزيادة إنسولين متفاوتة بسبب عدم انتظام امتصاص الإنسولين من أمكنة الحقن تحت الجلد؛ ولديهم نقصٌ في واحدة من أهم آليات الجسم الهرمونية لحمايته من هبوط السكر. في مثل هذا الوضع يصبح إفراز الأدرينالين حيوياً، ولكنّه قد يكون غير طبيعيّ كذلك بعد مرور سنوات على السكري. ويُعزى نقص إفراز الأدرينالين للإصابة باعتلال الأعصاب المستقلة، ولكنه على الأغلب ليس السبب الوحيد؛ فآلية المعاوضة المركزية لنوبات هبوط السكر المتكررة قد تكون عاملاً آخر لنقص إفراز الأدرينالين.

العوامل التالية قد تُؤهّب كذلك لحدوث هبوط سكرٍ متكرر:

(1)- زيادة جرعات الإنسولين: إن حدوث هبوط الغلوكوز المتكرر يخفض تركيز الغلوكوز الذي تظهر معه أعراض انخفاض السكر. وتعود أعراض هبوط السكر للظهور عندما يتحسن ضبط الغلوكوز.

(2)- انخفاض عتبة الكلية للغلوكوز وعدم تشخيصها: قد تؤدي محاولة جعل البول خالياً من الغلوكوز إلى هبوط السكر.

(3)- المبالغة في زيادة جرعات الإنسولين: إن واحداً من الأخطاء الشائعة زيادة جرعة الإنسولين في حين يحتاج المريض إلى زيادة عدد حقن الإنسولين للتغلب على مشكلة توقيت الحقن والوجبات.

(4)- أسباب غدية: وتشمل قصور النخامى وقصور الكظر وزيادة الاستجابة للإنسولين قبل الطمث.

(5)- أسبابٌ هضمية: وتشمل قصور إفراز المعثكلة الخارجي وخزل المعدة الناجم عن اعتلال الأعصاب السكري.

(6)- القصور الكلوي المزمن: بسبب انخفاض تصفية الإنسولين.

(7)- أسبابٌ متعلقةٌ بالمريض: انخفاض القدرات الذهنية للمريض أو عدم تعاونه، أو التلاعب بالعلاج.

ب- الحماض الكيتوني الناكس: يحدث هذا الحماض عند اليافعين والشباب، ولاسيما البنات. قد يحدث انكسار المعاوضة الاستقلابية بسرعة. والسبب الأول لهذه الحالة هو اجتماع إيقاف الإنسولين مع تناول كميات كبيرة من الطعام والسكريات على نحو فوضوي، سواء أكان هذا التصرف مقصوداً أم غير مقصود. وغالباً ما تحدث هذه الحالة في فترات عدم الاستقرار والمشاكل النفسية، ولا سيما اضطرابات الأكل (النُهام - القهم العصبي). ويجب الانتباه لتقصي وجود هذه الأمور بحذر واهتمام. وليس من المستغرب في مرضٍ يقضي المصاب به وقتاً كبيراً في التفكير في الغذاء ومحاولة ضبطه أن ترى في 30% من النساء السكريات بعض مظاهر اضطرابات الأكل في وقت من الأوقات.

أما الأسباب الأخرى للحماض الكيتوني الناكس فهي:

> علاجية: مثلاً: إن نظام حقنة الإنسولين الوحيدة في اليوم قد يسبب حدوث هبوط السكر في فترة بعد الظهر أو المساء، وارتفاع السكر قبل الفطور صباحاً بسبب عوز الإنسولين.

> وجود مرضٍ عارضٍ: الخمج غير المشتبه به بما في ذلك خمج المسالك البولية أو التدرن قد يكون سبباً لحدوث حماض كيتوني، وقد يتظاهر فرط نشاط الغدة الدرقية بعدم ثباتٍ وتأرجحٍ في قيم الغلوكوز لدى السكريين.

 

 

 

 


التصنيف : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
النوع : أمراض الغدد الصم والاستقلاب
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 163
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 562
الكل : 31154154
اليوم : 55544