logo

logo

logo

logo

logo

اضطراب الماء والصوديوم

اضطراب ماء وصوديوم

disorder of water and sodium - trouble de l'eau et de sodium



اضطراب الماء والصوديوم

محمد التيناوي 

نقص صوديوم المصل    hyponatremia

فرط صوديوم المصل hypernatremia

 

 

يعد اضطراب الماء والصوديوم disorders of water and sodium من أهم اضطرابات الشوارد في الجسم ومن أكثرها شيوعاً؛ ولاسيما في نزلاء المستشفيات. تقسم هذه الاضطرابات إلى نقص صوديوم المصل، ويُعرَّف بأنه انخفاض الصوديوم في المصل دون 135ملي مكافئ في اللتر، وإلى فرط صوديوم المصل، ويعرَّف بأنه ارتفاع صوديوم المصل فوق 145ملي مكافئ في اللتر.

معظم هذه الاضطرابات خفيفة؛ لكن أهميتها السريرية كبيرة؛ لأن هبوط الصوديوم الشديد والحاد يؤدي إلى الوفاة أحياناً، والهبوط الطفيف ترافقه أعراض سريرية لا نوعية، وقد يتطور بسرعة إلى هبوط شديد، ومن المعلوم أن تصحيح نقص الصوديوم على نحو سريع قد يؤدي إلى عواقب سريرية وخيمة كما أن فرط صوديوم الدم ترافقه نسبة وفيات عالية حتى لو تم تصحيحه.

أولاً- نقص صوديوم المصل    :hyponatremia

يقصد بنقص صوديوم المصل النقص المترافق ونقص أسمولالية (حلولية) المصل hypoosmolality. والصوديوم - كما هو معلوم - هو الشاردة الرئيسة خارج الخلايا والمكون الرئيس لأسمولالية (حلولية) المصل. تقدر حلولية المصل من المعادلة الآتية:

أسمولالية المصل (ملي أسمول/كغ ماء) = 2 × صوديوم المصل (ملي مول) + سكر الدم/18 (ملغ/دل) + اليوريا الدموية/6 (ملغ/دل

أما إذا قيس محتوى النيتروجين في اليوريا BUN؛ فتُقسم القيمة على 2.8.

يطلب من المخبر بعد معايرة الصوديوم في المصل قياس الأسمولالية، ولا يقبل حسابها من المعادلة السابقة؛ لأن هذا الحساب تقديري، وإنما يجب حسابها بالطرق المخبرية الحساسة. إذا تزامن نقص صوديوم المصل مع نقص اسمولاليته يصبح التشخيص مؤكداً.

يؤدي فرط الشحوم أو البروتينات في المصل إلى هبوط صوديوم المصل هبوطاً كاذباً pseudohyponatremia؛ ولا يرافق هذا النقص الكاذب نقص أسمولالية المصل.

يقاس صوديوم المصل أو البلازما في كثير من المخابر بطريقة المسرى الكهربائي الخاص بالشوارد (أيونات) ion-specific electrode، مما يجعل الأخطاء الناجمة عن فرط شحوم الدم أو بروتيناته قليلة الحدوث.

يجب تصحيح صوديوم المصل في حالة فرط سكر الدم وذلك بمقدار 1.6 ميلي مكافئ لكل ارتفاع في سكر الدم مقداره 100(مئة) ملغ/دل فوق الحد الطبيعي؛ وهو 100ملغ/دل. فمثلاً إن كان صوديوم المصل 120ملي مكافئ/لتر وسكر الدم 700 ملغ/دل يضاف 1.6× 6 = 9.6 إلى قيمة الصوديوم، فتصبح القيمة الحقيقية 129.6ملي مكافئ/لتر.

الوصف: الوصف: الوصف: D:\d\طبية\المجلد التاسع للأخراج\صور\413\1.jpg

الشكل (1) توزع الماء داخل الجسم عند شخص وزنه 70كغ

-1 إمراض pathogenesis نقص الصوديوم:

ينجم نقص الصوديوم في المصل عن زيادة الماء في الجسم. يتحرك الماء بحرية بين السائل داخل الخلايا، والسائل خارج الخلايا، وبذلك يُحدث نقص الصوديوم اضطراباً في توازن الماء في الجسم؛ إذ تزيد كمية الماء الكلية في الجسم بالنسبة إلى كمية الأملاح الكلية فيه، وكما ذُكر فإن الصوديوم هو الشاردة الأساسية خارج الخلايا.

إن تصور نقص الصوديوم على أنه نقص في كمية شاردة الصوديوم في الجسم من دون خلل في توازن الماء خطأ شائع ذو نتائج سيئة. فلو أن مريضاً مصاباً بقصور قلب احتقاني غير معاوض، وكان الصوديوم فيه ناقصاً مثلاً 120ملي مكافئ/لتر؛ يكون سبب النقص هو فرط الماء في الجسم واختلال نسبة الصوديوم إلى الماء، أما محتوى الصوديوم الكلي؛ فيكون زائداً نسبة إلى الشخص الطبيعي، وبذلك يعالج نقص الصوديوم في مريض كهذا بالمدرات؛ ولاسيما مدرات العروة، وليس بزيادة الصوديوم في الغذاء.

ويمكن تلخيص ما سبق بالمعادلة التالية:

صوديوم المصل يتناسب مع  

واستناداً إلى هذه المعادلة فإن نقص الصوديوم هو نتيجة زيادة الماء الكلي في الجسم، أو زيادة الماء بنسبة تزيد على زيادة الصوديوم، أما الاحتمال الثالث - وهو نقص الصوديوم الكلي في الجسم بالنسبة إلى الماء الكلي في الجسم - فقليل الحدوث.

إن الهرمون الرئيس المسؤول عن توازن الماء والصوديوم في الجسم هو الهرمون المضاد للإدرار ADH؛ ويسمى أيضاً ڤازوبريسين vasopressin الذي يفرز من الفص الخلفي للنخامية.

تؤدي زيادة اسمولية المصل - ولو بنسبة قليلة (مثلاً 1%) - إلى زيادة إفراز ADH وبالتالي زيادة امتصاص الماء من الأنابيب الجامعة في الكلية وإعادة حلولية المصل إلى حدها الطبيعي؛ وهو 275- 285 ملي أسمول/كغ ماء. ويسمى تحريض إفراز ADH في هذه الحالات بالتنبيه التناضحي osmotic stimulation. أما السبب الآخر لزيادة إفراز ADH فهو نقص الحجم الدموي الفعال في الدوران effective circulating volume، ويحدث هذا حين حدوث نقص في تروية الأنسجة كما في المصابين بالنزوف أو التجفاف أو قصور القلب.

ولذلك يجب تحديد سبب زيادة إفراز ADH حين تزامنها ونقص الصوديوم في المصل. فتكون الزيادة مناسبة ومتوقعة في المصابين بالتجفاف وقصور القلب وتشمع الكبد، في حين تكون غير مناسبة في المصابين بمتلازمة ارتفاع ADH غير الملائم SIADH (syndrome of inappropriate ADH secretion).

-2 أسباب نقص الصوديوم:

تصنف أسباب نقص الصوديوم في مجموعات ثلاث تبعاً لحجم السائل خارج الخلايا.

أ- المجموعة الأولى: نقص الصوديوم المترافق ونقص حجم السائل خارج الخلايا: في هذه المجموعة المرضية تنقص الأملاح الكلية في الجسم، يتلو ذلك حبس السوائل بسبب زيادة إفراز الهرمون المضاد للإدرار. وأسباب نقص الحجم قد تكون كلوية كاستعمال المدرات ونقص الستيروئيدات المعدنية mineralocorticoid ، وقد تكون خارج الكلية كضياع السوائل عن طريق جهاز الهضم (إسهال أو قياء أو التهاب المعثكلة)، وعن طريق الجلد (تعرق أو حروق) أو النزف. حين فحص المريض يجب قياس الضغط الشرياني والنبض في وضعيات الاضطجاع والجلوس والوقوف لتحديد درجة هبوط الضغط في وضعية الانتصاب. من الدلائل الأخرى على نقص الحجم ارتفاع اليوريا الدموية.

قد يحدث نقص صوديوم المصل حتى لو كانت السوائل الضائعة زائدة الحلولية أو مساوية للمصل في الحلولية؛ إذا تم تعويضها بسوائل ناقصة الحلولية كالمحاليل السكرية الصرفة والمحاليل نصف الملحية. لذلك يجب قياس صوديوم البول في هذه الحالات. يكون صوديوم البول مرتفعاً إذا كان سبب ضياع السوائل كلوياً كاستخدام المدرات، ويكون منخفضاً دون 20 ملي مكافئ في اللتر إذا كان السبب خارج الكلية كالإسهالات مثلاً.

قد تؤدي المدرات التيازيدية thiazides إلى نقص صوديوم المصل في حين يقل حدوث ذلك باستخدام مدرات العروة loop diuretics التي قد تسبب فرط صوديوم المصل. تسبب مدرات العروة فقد الماء بنسبة تزيد على فقد الصوديوم؛ مما يؤدي إلى فرط الصوديوم. يكون صوديوم البول منخفضاً أحياناً؛ إذا مرت فترة ساعات عديدة على آخر جرعة من المدر، لذلك لا ينفي صوديوم البول المنخفض أو الطبيعي استخدام المدرات سبباً لنقص الصوديوم.

ومن الأسباب الأخرى في هذه المجموعة ضياع الملح الدماغي cerebral salt wasting، في هذه الحالة يشاهد نقص صوديوم يرافقه تجفاف خلال عشرة أيام من التعرض لحادثة أو تداخل عصبي وعلى نحو خاص النزف تحت العنكبوتي.

يكون صوديوم المصل في ضياع الملح الدماغي دون 135ملي مكافئ في اللتر مع نقص حلولية المصل وارتفاع حلولية البول فوق 100ملي أسمول/كغ ماء (وعادة فوق 300 ملي أسمول/كغ ماء)، ويكون صوديوم البول مرتفعاً (فوق 40 ملي مكافئ/لتر)؛ وحمض البول في المصل منخفضاً لضياعه في البول.

يتميز ضياع الملح الدماغي من SIADH بالتجفاف، في حين يكون مريض SIADH سوي الحجم بالتعريف. هناك حالة تعرف باعتلال الكلية المضيع للملح salt wasting nephropathy تؤدي إلى نقص صوديوم المصل مع ارتفاع صوديوم البول فوق 40 ملي مكافئ/ل وعلامات نقص حجم، ويشاهد ذلك في بعض المصابين بالتهاب الكلية الخلالي المزمن chronic interstitial nephritis.

الوصف: الوصف: الوصف: D:\d\طبية\المجلد التاسع للأخراج\صور\413\2.jpg

الشكل (2) توزع مجمل ماء الجسم في المواضع المختلفة. الحجوم منسوبة لشخص وزنه 70 كغ.

ب- المجموعة الثانية: نقص الصوديوم المترافق وزيادة حجم السائل خارج الخلايا: ترافق زيادة الحجم في هؤلاء المرضى علامات سريرية كالوذمات المحيطية والحبن.

من أهم الأمراض في هذه المجموعة قصور القلب الاحتقاني وتشمع الكبد. تؤدي هاتان الحالتان إلى نقص الحجم داخل الأوعية، وبالتالي نقص كمية النتاج القلبي الذاهب إلى الكليتين؛ مما يؤدي إلى فرط إفراز ADH من النخامية وزيادة احتباس الماء والأملاح من الكليتين، ويلاحظ هنا زيادة الماء والأملاح معاً في الجسم، لكن زيادة الماء أكبر؛ مما يؤدي إلى نقص صوديوم تمددي dilutional. كما تشاهد الوذمات والحبن، وهما بالتعريف حبس الماء والصوديوم معاً. ويكون صوديوم البول ناقصاً في هذه الحالات.

ينضوي القصور الكلوي الحاد والمزمن والمتلازمة الكلائية تحت هذه المجموعة، ويكون سبب احتباس الماء والأملاح كلوي المنشأ، ولا يكون ناجماً عن نقص الحجم داخل الأوعية. يؤدي إعطاء المحاليل الوريدية ناقصة الحلولية لنزلاء المستشفيات أحياناً إلى نقص صوديوم المصل المترافق وزيادة الحجم. ويشاهد ذلك خاصة بعد عمل جراحي أو أي كرب stress يؤدي إلى فرط إفراز ADH، ويحدث على نحو خاص في الشابات، وقد ذكرت حالات في الأدب الطبي أدت إلى وفيات. واستناداً إلى هذا لا مسوّغ إطلاقاً لإعطاء المحاليل السكرية الصرفة أو نصف الملحية لنزلاء المستشفيات؛ ما لم يوجد فرط صوديوم المصل، ويجب إعطاؤهم المحاليل الملحية مساوية التوتر isotonic saline 0.9%.

من الحالات الأخرى المؤدية إلى نقص صوديوم مترافق وزيادة حجم السائل خارج الخلايا الإسراف في شرب الجعة والعطاش الأولي primary polydipsia. ففي الحالة الأولى يقتصر وارد المريض على الجعة، وهي سائل قليل الحلولية يؤدي إلى احتباس الماء من الكلية؛ لأن أسمولالية البول لا يمكن أن تقل عن 100ملي أسمول/كغ ماء. أما العطاش الأولي فيرى في المرضى النفسيين؛ ولاسيما المصابون بالفصام. يستطيع الشخص الطبيعي طرح 10-15لتراً من البول يومياً بسبب القدرة على تثبيط ADH، وعلى هذا فإن كمية السوائل التي يتناولها المصابون بالعطاش الأولي تتجاوز هذه الكمية.

ج- المجموعة الثالثة: نقص الصوديوم المرافق لحجم سوي للسائل خارج الخلايا :normal ECF volume (Euvolemia)   أهم أمراض هذه المجموعة متلازمة ارتفاع الهرمون المضاد للإدرار غير الملائم SIADH وبدرجة أقل قصور الدرق وعوز الستيروئيدات القشرية السكرية الناجم عن قصور الكظر. ولذلك يجب نفي قصور الدرق والكظر في كل مريض يشك بأنه مصاب بـ SIADH.

إن معايرة TSH وFree T4 كافية لنفي قصور الدرق.

والفحص المفضل لنفي قصور الكظر هو اختبار تنبيه (تحريض) الهرمون الموجه لقشر الكظر ACTH stimulation test، وإجراء هذا الاختبار أمر سهل: يعاير كورتيزول المصل، ثم يعطى المريض 250 مكروغراماً من cosyntropin حقناً وريدياً، ثم تعاد معايرة كورتيزول المصل بعد 30-60 دقيقة، وتعدّ الاستجابة طبيعية إن تجاوز كورتيزول المصل 18-20 مكروغراماً/دل، أما إن قلَّ عن ذلك فيجب استشارة اختصاصي الغدد لتوثيق التشخيص.

استناداً إلى ما تقدم فإن SIADH هو نقص صوديوم المصل المترافق وحجماً سوياً euvolemia، وبذلك لا يمكن أن يعزى نقص الصوديوم لمريض مصاب بوذمات محيطية أو حبن إلى SIADH؛ لأن SIADH لا ترافقه علامات فرط حجم كالوذمات المحيطية والحبن ووذمة الرئة.

مخبرياً يكون صوديوم المصل ناقصاً مع نقص أسمولالية المصل وزيادة أسمولالية البول. إن الاستجابة الطبيعية لنقص أسمولالية المصل هي نقص أسمولالية البول؛ أي طرح بول ممدد، أما في المصابين بـ SIADH فتكون أسمولالية البول زائدة زيادة تتناسب وأسمولالية المصل القليلة؛ وبالتالي تزيد على 100ملي أزمول/كغ ماء، وقد تبلغ بضع مئات في بعض المصابين بـ SIADH.

يكون صوديوم البول مرتفعاً (فوق 40 ملي مكافئ في اللتر)، كما يكون حمض البول في البلازما منخفضاً (دون 4ملغ/دل).

وكما هو متوقع يكون ADH مرتفعاً في البلازما قياساً بالأسمولالية المنخفضة للبلازما، لكن هذه المعايرة غير متوافرة في معظم المخابر، وليست ضرورية في معظم المرضى.

أسباب SIADH كثيرة ومن أهمها:

(1)- أمراض الجملة العصبية المركزية: كالأورام والخراجات والنزف تحت الجافية والتهاب الدماغ والتهاب السحايا والنزف تحت العنكبوتي ومتلازمة غيلان باريه Guillain-Barré والحوادث الوعائية الدماغية.

(2)- الأورام: وفي مقدمتها سرطانة الرئة صغيرة الخلايا التي تفرز ADH من خارج النخامية ectopic، وأورام الرئة والمنصف الأخرى وأورام العفج والموثة والرحم والمعثكلة وابيضاضات الدم.

(3)- الآفات الرئوية: كالسل وذات الرئة وتقيح الجنب.

(4)- الأدوية: وفي مقدمتها مثبطات إعادة أخذ السيروتونين الانتقائية SSRI مثل: sertraline, fluoxetine، وكذلك النيكوتين والفنوتيازين ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة والكلوربروباميد والكاربامازبين والسيكلوفوسفاميد الوريدي.

(5)- متلازمة عوز المناعة المكتسب AIDS وخمج HIV العرضي.

(6)- SIADH الوراثي: وهو نادر الحدوث.

(7)-  SIADH المجهول السبب.

يبين الجدول (1) أهم أسباب نقص صوديوم المصل.

أولاً- نقص الصوديوم المترافق ونقص حجم السائل خارج الخلايا:

1- أسباب كلوية:

- استعمال المدرات التيازيدية خاصة.

- عوز الكورتيكوستيروئيدات المعدنية الناجم عن قصور الكظر.

- ضياع الملح الدماغي.

- اعتلال الكلية المضيع للملح.

2- أسباب خارج الكلية:

- هضمية: قياء وإسهالات وانسداد أمعاء.

- جلدية: (تعرق شديد وحروق).

- نزوف.

ثانياً- نقص الصوديوم المرافق لحجم سوي للسائل خارج الخلايا:

1- متلازمة ارتفاع ADH غير المناسب أو (SIADH) syndrome of inappropriate ADH.

2- قصور الدرق.

3- عوز الستيروئيدات السكرية الناجم عن قصور الكظر.

ثالثاً- نقص الصوديوم المترافق وفرط حجم السائل خارج الخلايا:

1- قصور القلب الاحتقاني.

2- تشمع الكبد.

3- المتلازمة الكلائية.

4- قصور الكلية الحاد والمزمن.

5- الإسراف في شرب الجعة.

6- العطاش النفسي والسهاف anadipsia الأولي.

الجدول (1)

-3 أعراض نقص الصوديوم:

يتظاهر نقص الصوديوم بأعراض عصبية، قد تكون طفيفة كالصداع والغثيان أو شديدة كالتوهان disorientation والوهن والذهول والخبل والاختلاجات والسبات. تسمى هذه التظاهرات الشديدة اعتلال الدماغ بنقص الصوديوم hyponatremic encephalopathy؛ وسببه وذمة الدماغ الناجمة عن انتقال الماء لداخل خلايا الدماغ بسبب نقص حلولية المصل.

لا تحدث التظاهرات الشديدة عموماً ما دام صوديوم المصل فوق 125ملي مكافئ/لتر، وتتناسب شدة التظاهرات ودرجة نقص الصوديوم. تختلف شدة الأعراض من شخص إلى آخر، لكن العامل الأهم هو الفترة الزمنية التي حدث خلالها نقص الصوديوم. فنقص الصوديوم الذي يحدث ببطء يمنح الدماغ فرصة للتأقلم مع نقص الأسمولالية. يتم هذا التأقلم adaptation بطرح خلايا الدماغ أملاح الصوديوم والبوتاسيوم وبعض الأملاح العضوية المسماة الحلوليات osmolytes؛ مما يقلل الأسمولالية داخل الخلايا الدماغية، ويقلل من دخول الماء إليها، فيحميها من الوذمة الدماغية. أما نقص الصوديوم السريع فلا يتيح الفرصة للدماغ لهذا التأقلم، ويؤدي إلى وذمة دماغية؛ إذا كان النقص شديداً، ويتلو هذه الوذمة انفتاق دماغي يسبب الوفاة.

-4 مقاربة التشخيص:

تتم مقاربة مريض نقص الصوديوم كما يلي:

أ- القصة السريرية: يجب التركيز على وجود أمراض مسببة لنقص الحجم كالآفات الهضمية وعلى وجود أمراض كلوية أو غدية كنقص نشاط الدرق أو الكظر، ويجب معرفة الأدوية التي يتناولها المريض أو التي تناولها حديثاً، ومعرفة كمية الماء التي يتناولها المريض واستعماله المدرات والمشروبات الغولية (الكحولية)، ولا سيما الجعة، ويركز في حالة SIADH على الأمراض العصبية والرئوية والأورام. ويجب أن يسأل المريض عن أعراض نقص الصوديوم وعن وجود تحاليل مخبرية سابقة للصوديوم.

ب- الفحص السريري: مع التركيز على تقدير حجم السائل خارج الخلايا، يجب تحديد ما إذا كان المريض متجففاً أو سوي الحجم أو مصاباً بفرط الحجم كما في المصابين بالقصور القلبي مثلاً. ويجب قياس العلامات الحيوية وتحديد وجود هبوط ضغط انتصابي وفحص الجلد والأغشية المخاطية.

ج- التحاليل المخبرية: تتضمن شوارد المصل واليوريا والكرياتينين وحلولية المصل وحلولية البول وصوديوم البول. وفي SIADH يجب نفي قصور الدرق والكظر.

وحين الشك بنقص الصوديوم الكاذب pseudohyponatremia يجب معايرة الشحوم والبروتينات في الدم.

 د- بعد معرفة هذه المعلومات يقارب المريض كما يلي: بعد نفي نقص الصوديوم الكاذب وفرط سكر الدم تقاس حلولية المصل فإن كانت منخفضة أصبح التشخيص مؤكداً.

إذا أظهر الفحص السريري أن المريض سوي الحجم يُنفى قصور الدرق والكظر، وبعد ذلك يكون التشخيص SIADH إذا انطبقت المعايير المذكورة أعلاه على هذه الحالة.

إذا أظهر الفحص السريري أن المريض مصاب بفرط الحجم يُتجه إلى الحالات المؤدية إلى ذلك، كقصور القلب وتشمع الكبد والمتلازمة الكلائية والقصور الكلوي الحاد والمزمن.

أما إن أظهر الفحص السريري إصابة المريض بالتجفاف فيُبحث عن سبب ذلك كالقياء والإسهالات واستعمال المدرات.

يجب ألا ينسى أن إعطاء المحاليل ناقصة الحلولية هي أهم أسباب نقص الصوديوم في نزلاء المستشفيات، وهو أمر يجب تجنبه.

-5 تدبير نقص الصوديوم:

يحتاج تدبير نقص الصوديوم إلى خبرة ودراية واسعتين ويتطلب النقص دون 125ملي مكافئ في اللتر استشارة اختصاصي الكلية أو الغدد عموماً. عند تدبير نقص الصوديوم يجب مراعاة المبادئ العامة التالية:

أ- إن درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج، فيجب تفادي إعطاء المحاليل ناقصة الحلولية لنزلاء المستشفيات ومراقبة صوديوم المصل بعد إعطاء المدرات التيازيدية.

ب- إذا أمكن تحديد دواء مسؤول عن نقص الصوديوم؛ يجب إيقافه إن أمكن.

ج- يكفي في معظم الحالات تصحيح الصوديوم إلى 125ملي مكافئ/لتر لتحسين حالة المريض السريرية وتفادي المضاعفات الشديدة.

د- يجب تصحيح نقص الصوديوم ببطء، والقاعدة الذهبية هي أن يزداد الصوديوم بمقدار 6-8 ملي مكافئ/لتر يومياً، ومن المعلوم أن التصحيح السريع قد يؤدي إلى متلازمة إزالة الميالين التناضحي osmotic demyelination. وتحدث هذه المتلازمة بعد تصحيح الصوديوم السريع بيومين إلى ستة أيام، وسببها عدم تأقلم الدماغ مع الصوديوم المرتفع، وتشمل تظاهراتها السريرية عسر الكلام وعسر البلع واضطرابات السلوك والخزل الشقي أو الرباعي والسبات وبدرجة أقل الاختلاجات، ومعظم هذه التظاهرات غير عكوسة.

هـ- إذا كان نقص الصوديوم يرافق نقص حجم السائل خارج الخلايا؛ فيجب إعطاء المحاليل الملحية مساوية توتر البلازما isotonic saline 9% وينطبق هذا على نقص الصوديوم بسبب التجفاف أو أخذ المدرات التيازيدية.

و- إذا كان عيار صوديوم المصل دون 120ملي مكافئ/لتر، وترافقه أعراض مهمة كالوسن أو السبات أو الاختلاجات؛ فيجب إعطاء المحاليل الملحية المركزة، واستشارة اختصاصي الكلية أو الغدد في هذه الحالات. إن المحلول الملحي النظامي يحوي 154 ملي مكافئ صوديوم في اللتر، أما المحلول الملحي المركز بنسبة 3% فيحوي 513 ملي مكافئ صوديوم في اللتر.

ز- إذا كان نقص الصوديوم مرافقاً زيادة حجم السائل خارج الخلايا كما في المصابين بقصور القلب وقصور الكلية الحاد والمزمن والمتلازمة الكلائية وتشمع الكبد؛ فتستخدم مدرات العروة مع حمية قليلة الملح وتحديد كمية السوائل التي يتناولها المريض.

ح- إذا كان نقص الصوديوم يرافق حجماً سوياً للسائل خارج الخلايا كما في SIADH، وكان النقص شديداً والأعراض واضحة والصوديوم دون 120ملي مكافئ/لتر؛ فيستخدم المحلول الملحي المركز 3% تحت إشراف الاختصاصي. في هذه الحالات لا يكفي المحلول الملحي النظامي؛ لأن أسمولالية البول عالية؛ مما يؤدي إلى حبس الماء وطرح الملح. وقد تضاف مدرات العروة لأنها تزيد طرح الماء الحر في البول، وبالتالي تنقص من حلولية البول العالية.

ويلجأ بعضهم إلى حمية عالية الملح والبروتين لزيادة طرح الماء الحر في البول. ونظراً لصعوبة المعالجة في بعض الأحيان لجأ بعضهم إلى عقار دميكلوسيكلين demeclocycline، لكن فائدته محدودة بسبب السمية الكبدية والكلوية.

ط- هناك نوع جديد من الأدوية لمعالجة نقص الصوديوم المترافق وحجماً سوياً للسائل خارج الخلايا euvolemic hyponatremia يسمى المدرات المائية aquaretics، وهذه الأدوية تثبط مستقبلات ADH، وقد استخدمت بنجاح في الـ SIADH، ويجب حصر استخدامها بالاختصاصيين ولنزلاء المستشفيات فقط.

يتوافر منها الآن دواءان: الأول هو كونيفابتان conivaptan؛ وهو حاصر لمستقبلات ADH من نوع V1 وV2، ويستخدم وريدياً فقط لمدة لا تتجاوز أربعة أيام. والثاني هو تولفابتان tolvaptan، وهو حاصر لمستقبلات ADH من نوع V2 الموجودة في الكلية، ويستخدم بطريق الفم.

ي- حين معالجة نقص الصوديوم يجب معايرته في الدم كل 4-6 ساعات لتفادي التصحيح المفرط.

ك- معادلة نقص الصوديوم هي:

نقص الصوديوم = الماء الكلي في الجسم × (الصوديوم المرغوب - الصوديوم الفعلي).

الماء الكلي في الجسم هو 50% من وزن المرأة و60% من وزن الرجل.

مثلاً رجل يزن 60 كغ عنده صوديوم مصل مقداره 110 ملي مكافئ، لرفعه إلى مستوى مرغوب وهو 125 يتطلب 60 × 0.60 × 125- 110 = 540 ملي مكافئ.

في هذا المثال يُلاحظ أن نقص الصوديوم شديد؛ مما يستلزم إعطاء محلول ملحي مركز 3%، وهو يحوي 513 ملي مكافئ في اللتر؛ فيلزم 540 - 513 = 1 لتر تقريباً تعطى على مدة 48 ساعة بمعدل 20 مل/ساعة.

ثانياً- فرط صوديوم المصل :hypernatremia

يشاهد فرط صوديوم المصل في الأشخاص غير القادرين على تناول الماء الحر كالرضع والشيوخ والمراقَبين في العناية المشددة؛ ذلك لأن الشعور بالعطش وتوافر الماء يحول دون هذه المضاعفة عند الأشخاص الطبيعيين.

- 1أسباب فرط صوديوم المصل:

أ- الإسهالات التناضحية osmotic لضياع الماء بنسبة أكبر من الأملاح.

ب- مدرات العروة.

ج- البيلة التفهة المركزية والكلوية حين عدم توافر الماء للمريض، ويظهر فرط الصوديوم حين وجود هؤلاء المرضى في المستشفى وحين عدم توافر الماء لديهم، ولا يظهر فرط الصوديوم ما توافر لهم الماء بسبب الشعور بالعطش الذي يمنع فرط الصوديوم.

د- الإدرار الحلولي بسبب السكر أو المانيتول.

هـ- آفات الوطاء التي تؤثر في وظيفة العطش.

و- إعطاء محاليل ملحية مركزة خاصة للرضع أو المرضى غير الواعين كما في وحدة العناية المشددة.

-2 تظاهرات فرط صوديوم المصل:

هي الخمول والضعف والتهيج، وقد تترقى الأعراض إلى الاختلاجات والسبات. ترافق صوديوم المصل الذي يتجاوز 180 ملي مكافئ/لتر نسبة وفيات عالية.

3- تقدير نقص الماء:

لتقدير نقص الماء في الجسم المترافق وفرط الصوديوم يُحسب مقدار الماء الحالي في الجسم؛ وذلك بضرب الوزن بـ 0.5 في النساء و0.6 في الرجال ثم تُستخدم المعادلة الآتية:

نقص الماء باللتر = مقدار الماء عند الشخص السليم( )

مثلاً رجل وزنه 70 كغ: يكون مقدار الماء في جسمه في الحالة الطبيعية 42 لتراً، فإذا كان صوديوم المصل 160 ملي مكافئ/لتر؛ كان مقدار نقص الماء 6 لترات تقريباً.

-4 معالجة فرط الصوديوم:

يجب تصحيح فرط الصوديوم ببطء وبمعدل لا يتجاوز 12ملي مول في اليوم؛ وذلك باستخدام المحاليل ناقصة الأسمولالية كالمحاليل السكرية ونصف الملحية، ويجب معايرة صوديوم المصل كل 6 ساعات في أثناء التصحيح.

فإذا أخذ المثال السابق؛ وجب أن تعوض اللترات الستة خلال 48 ساعة بمعدل 125مل/ساعة من محلول سكري 5%، ويجب أن يؤخذ بالحسبان فقد السوائل غير المحسوس الذي يتطلب زيادة هذا المعدل أحياناً.

 

 

 


التصنيف : أمراض الكلية والجهاز البولي التناسلي في الذكور
النوع : أمراض الكلية والجهاز البولي التناسلي في الذكور
المجلد: المجلد التاسع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 71
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 557
الكل : 29651232
اليوم : 31242