logo

logo

logo

logo

logo

أمراض جهاز الدمع

امراض جهاز دمع

diseases of lacrimal system - maladies du système des larmes

 أمراض جهاز الدمع

بشار لوقا

تشريح جهاز الدمع وفيزيولوجيته

الاستقصاءات السريرية

أمراض جهاز الدمع

أمراض جهاز الإفراغ الولادية وعلاجها

أمراض جهاز الإفراغ المكتسبة وعلاجها

 

 

أولاً - تشريح جهاز الدمع وفيزيولوجيته

يتكون جهاز الدمع من قسمين مختلفين تماماً من حيث التشريح والوظيفة: الأول لإفراز الدمع؛ يتألف من الغدة الدمعية الرئيسة بجزأيها الحجاجي والجفني، ومن الغدد الدمعية المساعدة والثانوية، والثاني لإفراغ الدمع يبدأ من الأجفان، وينتهي بالأنف (شكل 1).

يفرز الدمع على نحو مستمر من الغدد الدمعية، وإن التوازن الحاصل بين الإفراز-الإفراغ-التبخر يحافظ على انتشار فلم الدمع وترطيب سطح العين الدائم الذي لاغنى للعين عنه، ويؤدي خلل هذا التوازن إلى الدماع أو إلى جفاف سطح العين. ينقسم الإفراز إلى إفراز أساسي يؤلف المكونات الثلاثة لفلم الدمع؛ وهي: مخاطية ومائية وليبيدية وإفراز انعكاسي تركيبه مائي.

الشكل (1): جهاز الدمع.

 

·  جهاز الإفراز: أ- الغدة الدمعية الرئيسية:

تتوضع الغدة الدمعية الرئيسية في الناحية العلوية الوحشية للحجاج، قوامها صلب، ولونها أصفر مائل للاحمرار مفصصة تميز بسهولة من النسيج الدهني المحيط بها.تقيس الغدة نحو 20ملم طولاً و15ملم عرضاً، وثخنها نحو 3- 5ملم. وتتألف من فصين: الفص الأكبر هو الحجاجي، والأصغر هو امتداد لها ضمن ثخن الجفن العلوي؛ ويدعى القسم الجفني.

تنفتح قنوات إفراغ الغدة الدمعية الرئيسة في القبو العلوي للملتحمة. إفرازها انعكاسي؛ وتغلب عليه الطبيعة المائية.

- التروية الدموية للغدة الدمعية: تتغذى الغدة الدمعية من الشرايين الدمعية التي تأتي من الشريان العيني ومن شرايين سحائية دمعية.

- التعصيب :تتلقى الغدة الدمعية ثلاثة أنواع من التعصيب: تعصيب حسي يأتي من العصب الدمعي؛ وهو أحد فروع العصب العيني، وتعصيب مفرز لا ودي؛ منشؤه الأساسي العصب الوجهي، وتعصيب ودي مازال فعله غير معروف تماماً.

ب- الغدد الدمعية المساعدة والثانوية:

وهي مسؤولة عن الإفراز الأساسي للدمع بمكوناته الثلاثة، وتنقسم إلى ثلاث مجموعات:

- المجموعة الأولى: إفرازاتها ذات طبيعة مائية، وتسمى الغدد الدمعية المساعدة، وهي غدد ولفرنغ Wolfring الموجودة ضمن الملتحمة الجفنية أعلى الظفر الجفني، وغدد كراوس Krause التي توجد في قبو الملتحمة العلوي، وفي القبو السفلي.

- المجموعة الثانية: إفرازاتها مخاطية، وهي غدد هنله Henle في الملتحمة الجفنية المقابلة للحوف، وغدد مانس Manz في الملتحمة البصلية بالقرب من الحوف والخلايا الكأسية    Caliciform المنتشرة بين خلايا ظهارة الملتحمة.

- المجموعة الثالثة: تقوم بإفراز المكون الدهني (الليبيدي) للدمع، وهي غدد زايس Zeiss وغدد مولMoll  الملحقة بالأهداب؛ إضافة إلى غدد ميبوميوس Meibomius التي توجد ضمن ثخن الظفر الجفني، تنفتح جميعها على الحافة الحرة للجفنين شكل (2).

الشكل (2): الغدد الدمعية المساعدة والثانوية.

 

·  جهاز الإفراغ: يتكون جهاز الإفراغ من الطرق الدمعية التي تنقل الدمع- بفضل رف الأجفان وآلية المضخة الدمعية - من تماس كرة العين إلى تجويف الأنف وتتكون من (الشكل 3): أ- البحيرة الدمعية: تتوضع في مكان التقاء الجفنين العلوي والسفلي في الناحية الإنسية (المأق)، حيث يتجمع الدمع بعد مروره على سطح القرنية، وحواف الأجفان، ولها شكل مثلثي. يوجد في هذه المنطقة اللحيمةcaruncle ؛ وهي تبارز لونه مائل للاحمرار يقيس نحو 4 ملم. من هذا المكان يتم خروج الدمع بثلاث آليات : 1- التبخر ولاسيّما من الطبقة المائية من فلم الدمع، 2-الامتصاص- وإن كان قليلاً- من قبل الملتحمة، 3- المرور عبر النقاط الدمعية إلى مجرى الدمع بفعل مضخة جونز. ب- النقاط الدمعية:

هي المكان الفعلي لبداية مجرى الدمع، تتوضع على الحافة الحرة للجفنين العلوي والسفلي، وتقسم حافة الجفن إلى قسمين مميزين: القسم الهدبي إلى الوحشي منها حيث ترتكز أهداب الأجفان، والقسم الإنسي الدمعي الخالي من الأهداب. هنالك نقطة دمعية علوية في الجفن العلوي وأخرى مقابلة لها سفلية في الجفن السفلي في كل عين.

تقع النقطتان الدمعيتان في قمة الحديبة الدمعية البارزة عن حافة الجفن. وهما فتحتان تنطبق إحداهما على الأخرى حين انغلاق الجفنين. تبقى النقاط الدمعية مفتوحة على الدوام لوجود حلقة ليفية مرنة غير موعاة تحيط بها.

ج- القنيات الدمعية:

تبدأ القنيات الدمعية بعد النقاط الدمعية مباشرة، فهنالك قنية دمعية علوية في الجفن العلوي وأخرى سفلية في الجفن السفلي، وتتحد القنيتان في نحو90٪ من الأشخاص لتشكلا القناة الجامعة التي تنفتح في كيس الدمع، في حين تنفتحان في باقي الحالات على كيس الدمع بفتحتين منفصلتين.

د- القناة الجامعة:

تتكون من اتحاد القنيتين الدمعيتين العلوية والسفلية. ويلاحظ وجودها -كما سبق ذكره في 80-90٪ من الأشخاص. تدخل القناة كيس الدمع عبر جداره الوحشي مشكلة معه زاوية حادة حيث يعتقد وجود طية من غشاء مخاطي تشكل ما يسمى صمام روزنمولّر Rosenmuller الذي يمنع عودة الدمع باتجاه العين.

هـ- كيس الدمع dacryocyst:

يشكل خزاناً يتسع لنحو20ملم مكعباً من الدمع، يقبع كيس الدمع في الحفرة الدمعية، ويحيط  به السمحاق الحجاجي، يمتد القسم السفلي للكيس ليتمادى بالقناة الدمعية الأنفية.

و- القناة الدمعية الأنفية:

تمتد من كيس الدمع إلى الصماخ الأنفي السفلي. يبلغ طول هذه القناة 12-15 ملم، وقطرها نحو3 ملم. وهي تمر ضمن ميزابة عظمية.

تنفتح القناة الدمعية الأنفية أعلى الصماخ الأنفي السفلي بشكل فتحة مستديرة تقع على مسافة نحو 3 سم من فتحة منخر الأنف. يشاهد مكان انفتاحها ثنية مخاطية تدعى صمام هاسنر Hasner الذي يمنع الدمع من الصعود باتجاه كيس الدمع. (الشكل 3).

(الشكل 3): جهاز إفراغ الدمع.
·  الدمع:

يفرز الدمع ولو بكمية ضئيلة منذ الولادة، ويزداد الإفراز بعد عدة أيام مع تطور المنعكس العصبي الدمعي. تقدر الكمية المفرزة بـ 0.5-2.2 ميكرولتر بالدقيقة (5-20 مل باليوم ) من الإفراز الأساسي. يتكون معظم الدمع من الماء 98.2٪؛ إضافة إلى الشوارد والسكر والبروتينات.

أ- فلم الدمع:

يتكون فلم الدمع (بحسب الدراسات التقليدية) من ثلاث طبقات: الأولى هي الطبقة المخاطية التي تنتشر على سطح العين، وتكون على تماس مباشر مع ظهارة القرنية والملتحمة، وتقوم بإفرازها على نحو خاص الخلايا الكأسية المنتشرة بين ظهارة الملتحمة، والطبقة المائية التي تفرزها الغدة الدمعية الرئيسية بفصيها الحجاجي والجفني، ومن الأمام توجد الطبقة الثالثة؛ وهي ذات طبيعة دهنية (ليبيدية) تفرزها على نحو أساسي غدد ميبوميوس الموجودة ضمن الظفر الجفني، وتنفتح على الحافة الحرة للجفن (الشكل 4).

الشكل (4): طبقات فلم الدمع الثلاث.

تدفع كل رفة أجفان نحو 1,5-1,8ميكرولتر من الدمع باتجاه القنيات الدمعية؛ لتعمل المضخة الدمعية فإذا ازدادت الكمية أو حدث قصور في عمل المضخة يحدث الدماع .

يدعى زمن ثبات فلم الدمع على القرنية :زمن تحطم فلم الدمع، ويقدر الزمن الطبيعي بنحو 15 ثانية، في حين ترف الأجفان مرّة كل 4-6 ثوانٍ في البالغين.

ب- تبخر الدمع : يوفر التوازن الحادث بين الإفراز والإفراغ والتبخر ثبات فلم الدمع، يعتقد أن ثلث كمية الدمع المفرز يتبخر، لكن يبقى ذلك رهناً بالحرارة والرطوبة وبنوعية الطبقة السطحية الليبيدية التي يعتقد أن تخربها يزيد سرعة التبخر.  المضخة الدمعية: يعود الفضل إلى جونز Jones عام 1957 في شرح آلية المضخة الدمعية، لذلك تدعى حالياً مضخة جونز، وهي طريقة خروج الدمع عبر جهاز الإفراغ حيث تبدأ الآلية بانطباق النقطتين الدمعيتين حين رف الأجفان لمنع عودة الدمع إلى الخلف (الشكل 5 أ، ب)، وتتقلص القنيتان الدمعيتان مثل (الأكورديون)؛ مما يوجه الدمع باتجاه كيس الدمع الذي يؤدي انفتاحه إلى ضغط سلبي يساهم في توجيه الدمع نحو الصماخ السفلي (الشكل 5 ج). في الأحوال الطبيعية تمتص الأغشية المخاطية لجهاز الإفراغ الكمية الكبرى من الدمع ليصل جزء يسير منه إلى الأنف (الشكل 5).

الشكل (5): المضخة الدمعية: (أ) العين مفتوحة والنقاط الدمعية متوضعة في البحيرة الدمعية،  (ب) انغلاق الأجفان ومرور الدمع من القنيات الدمعية لكيس الدمع، (ج) انفتاح الأجفان ومرور الدمع للقناة الدمعية الأنفية.

ثانياً - الاستقصاءات السريرية

·  أعراض إصابة جهاز الدمع وعلاماتها:

الشكل (6): دماع شديد ثنائي الجانب عكر.

 تلخص بأربعة أعراض وعلامات أساسية، وهي:

- الدماع: وهو العرض الأهم، وباستجواب المريض يمكن التمييز بين دماع رائق قد يشاهد في إصابات أخرى غير جهاز الدمع، ويدفع للتفكير بالزرق الولادي حين مشاهدته لدى الأطفال، والدماع العكر الذي يوجه أكثر نحو إصابة في جهاز الدمع قد تكون تضيقاً أو انسداداً (الشكل 6).

يكون الدماع متقطعاً، كالدماع حين التعرض للبرد أو الدخان أو الهواء المكيف؛ وهو يشير إلى تخرش القرنية والملتحمة. أو تكون للدماع علاقة بالقيام بعمل ما كتثبيت النظر فترة طويلة على شاشة التلفاز أو الحاسوب. يؤدي الدماع إلى اضطراب الرؤية؛ ولاسيمّا عند القراءة أو النظر إلى الأسفل. أما الدماع المدمى النادر المشاهدة؛ فيوجه في الغالب نحو وجود ورم خبيث في جهاز الإفراغ.

- الألم: قليل الحدوث، ويظهر في حالات ثلاث هي التهاب كيس الدمع الحاد، وتشكل حصيات دمعية ودخولها الفتحة العلوية للقناة الدمعية الأنفية، ووجود ورم في جهاز الإفراغ؛ و في كيس الدمع خاصة.

- تكرر الأخماج والالتهابات: يؤدي تجمع الدمع في جهاز الإفراغ وعدم تصريفه إلى حدوث الأخماج وتكررها بسبب الركودة. تأخذ الأخماج الشكل المزمن مع خروج مفرزات عكرة مخاطية قيحية من النقاط الدمعية حين الضغط فوق كيس الدمع، أو الشكل الحاد مع ظهور كتلة حمراء مؤلمة بشدة في المأق قد تشكل ناسوراً ينفتح على الجلد. ويشاهد في أحيان كثيرة التهاب الملتحمة المرافق.

- تشكل كتلة في المأق: تنجم عن ازدياد حجم كيس الدمع وتوسعه نحو الوحشي. حين لا يرافق ازدياد حجم الكيس ألم أو التهاب فهو مجرد توسع الكيس الناجم عن امتلائه بالدمع وعدم تصريفه، ولكن حدوث الخمج يبدل الوضع إلى التهاب كيس الدمع الحاد أو المزمن.

·  الفحص العيني السريري الخاص بأمراض جهاز الدمع:

أمام الأعراض التي توجه نحو إصابة جهاز الدمع لا بد من القيام باستجواب المريض بحثاً عن وجود أمراض عامة كالتهاب المفاصل والسكري والإصابات القلبية الوعائية، والأدوية المستخدمة مثل المميعات ومضادات تلاصق الصفيحات؛ وعن إصابات أو مداخلات على الأنف أو الجيوب الوجهية وعن سوابق عينية من أمراض مختلفة أو مداخلات ليزرية أو جراحية على الأجفان أو العين، وعن الأدوية العينية المستخدمة، مع الانتباه إلى الأعراض والعلامات السابق ذكرها وتحديد مدة وجودها وتواترها ووجودها في جانب واحد أو في الجانبين.

ثم يُتأمل المريض ووضعية الأجفان والأهداب بالنسبة إلى العين وكذلك حركاتها بحثاً عن انسدال أو شتر أو ارتخاء؛ وعن جحوظ العين. وينتقل الطبيب بعدها إلى فحص القدرة البصرية وتحديد وجود أسواء انكسار، ويفحص كامل العين بالمصباح الشقي، وفي النهاية تضغط منطقة كيس الدمع لتحري وجود عود مفرزات رائقة أو عكرة عبر النقاط الدمعية.

أ- فحص فلم  الدمع يَعدُ بعض المؤلفين فلم الدمع جزءاً من القرنية، فإن له فعلاً أساساً في حمايتها وتغذيتها وتحسين نوعية سطحها الكاسر بوصفها عدسة كاسرة للضوء. يقيس فلم الدمع أمام القرنية 3 ميكرومتر. ومع أن الحديث عن فلم الدمع مازال حتى هذا اليوم يقول: إنه مؤلف من ثلاث طبقات مخاطية على تماس القرنية والملتحمة، ومائية بالوسط و ليبيدية من الأمام كما سبق ذكره، فإن التوجه الحالي هو القول: إنه مؤلف من طبقتين: الأولى طبقة سطحية ليبيدية تفرزها على نحو خاص غدد ميبوميوس، والثانية طبقة عميقة مائية- مخاطية تفرزها على نحو خاص الغدد الكأسية المخاطية في الملتحمة، ويغلب الماء على تكوينها. ب- تقدير كمية فلم الدمع
الشكل (7): اختبار شيرمر.
الشكل (8): يظهر تلوين القرنية بالفلورسئين تلوناً قرنيّاً نقطيّاً سفليّاً
الشكل (9): تلون المفرزات الخيطية على سطح القرنية باللون الأحمر.
تقدر كمية الدمع بعدة طرائق:

-1  المعاينة المباشرة على المصباح الشقي، ويمكن الاستعانة ببعض الأجهزة الحديثة مثل جهاز تنظير الدمع Tearscope-Plus الذي تقاس به كمية الدمع الكلي. ويدرس كذلك زمن تحطم فلم الدمع غير المؤذي non- invasive break- up time الذي يراوح بهذه الطريقة بين 20-60 ثانية.

-2اختبار شيرمر الذي وصفه Otto Schirmer في العام، 1903 ومازال مستخدماً مع ما وجه إليه من الانتقادات الشديدة، يتم هذا الاختبار بوضع ورق نشاف بشكل شرائط ( 0.5X 3.5سم) مدرجة بخطوط كل 5 ملم في رتج الملتحمة السفلي الوحشي، ومن ثم يقاس تبلل الورقة. ويقال بانخفاض إفراز الدمع الأساسي والانعكاسي؛ إذا كان التبلل أقل من 10 مل خلال 5 دقائق (الشكل 7).

ج- تقدير نوعية فلم الدمع:

وتستخدم لذلك:

1)   الملونات الحيوية:

تمتاز هذه الملونات بعدم قدرتها على دخول الخلايا الحية، وإنما تخترق فقط الخلايا التي في طريقها للتوسف أو الميتة. وأكثر هذه الملونات استخداماً الفلورسئين وروز البنغال وأخضر الليسامين.

- الفلورسئين: هو الأكثر استخداماً، لونه برتقالي، ويظهر بلون أخضر حين تعرضه للضوء الأزرق من المصباح الشقي، ترى به التقرحات القرنية الصغيرة الناجمة عن تبدلات فلم الدمع (الشكل 8). كما يفيد الفلورسئين في دراسة زمن تحطم فلم الدمع (BUT).

للسحجات النقطية الناجمة عن جفاف العين.

- روز البنغال: يلون روز البنغال خلايا الظهارة حين تَفْقد غطاءها المخاطي. توضع قطرة الروز بنغال في العين، ثم يراقب تلون سطح العين على المصباح الشقي باستخدام الضوء الأبيض،  حيث يلاحظ ظهور التلون على نحو أشد في المناطق المكشوفة من سطح العين في حالات نقص الدمع (الشكل 9).

-  أخضر الليسامين:  يشبه روز البنغال.

-  مزيج من الفلورسئين وروز البنغال.

(2الفحوص المخبرية:

يمكن قياس مكونات الدمع من الألبومين والهيستامين والسيروتونين وغيرها، وذلك بعد أخذ كمية من الدمع على ورق نشاف خاص. كما يمكن إجراء الرحلان الكهربائي الذي يفيد في بعض الحالات.

(3بصمة الملتحمة:

يدرس بها كثافة خلايا الظهارة والخلايا المخاطية للملتحمة البصلية وشكلها تحت المجهر الضوئي أو الإلكتروني، بعد الحصول عليها بتطبيق قطعة صغيرة من ورق خاص من السليلوز على الملتحمة البصلية؛ مما يمكن من تشخيص متلازمة الجفاف الموجود وتصنيفه.

(4خزعة الملتحمة:

تجرى بعد التخدير الموضعي لدراسة كامل طبقات الملتحمة دراسة دقيقة تحت المجهر في بعض الحالات الخاصة.

الجدير بالذكر أن اللجوء للفحوص المخبرية وبصمة الملتحمة وخزعتها نادر في الممارسة اليومية.

د- الاستقصاءات باستخدام أدوات خاصة بجهاز الدمع( سبر مجرى الدمع وغسله):

قد يلجأ في بعض الأحيان إلى استقصاء جهاز إفراغ الدمع، وذلك باستخدام أدوات معدنية خاصة مدببة، يمكن بها القيام بسبر (قثطرة) كامل جهاز الإفراغ من النقطة الدمعية وصولاً إلى فتحة القناة الدمعية الأنفية في الأنف. ويستعان أحياناً بحقن 1مصل فيزيولوجي عبر النقاط الدمعية (غسل مجرى الدمع) لتحديد سوية الانسداد وشدته. وقد يؤدي الغسل في بعض الحالات إلى إزالة عائق آلي (ميكانيكي) مثل تجمع مفرزات مخاطية أو حصية صغيرة؛ مما يؤدي إلى شفاء المريض.

هـ- تنظير جهاز الإفراغ :

تفيد رؤية مجرى الدمع من الداخل في تحديد سبب انسداد مجرى الدمع وتحديد مكانه على نحو دقيق. يجري التنظير تحت التخدير العام، وفي أقسام متخصصة.

و- التصوير بالأمواج فوق الصوتية

يفيد لدراسة مجرى الدمع وتحديد مكان التوسع أو الحصيات، ولكن فائدته محدودة في دراسة التضيقات، وهي الأكثر شيوعاً.

ز- التصوير المقطعي المحوسب dacryoscanner:
الشكل (10): تصوير طبقي محوري لطفل لديه توسع كيس الدمع الولادي.
نادراً ما يلجأ إليه في الممارسة اليومية (الشكل 10). ح- فحص الأنف وتنظيره:

يفيد تنظير الأنف في تشخيص بعض أسباب تضيق القناة الدمعية الأنفية أو انسدادها؛ إذ إن وجود التهابات مزمنة في الأنف والجيوب يرافقه وتضيق القناة الدمعية الأنفية أو انسدادها، ولا بد من علاجها قبل المداخلة على مجرى الدمع، كذلك الأمر مع وجود مرجلات وأورام، لذلك ينصح إجراء هذا الفحص؛ ولاسيما قبل إجراء عملية مفاغرة مجرى الدمع.

ثالثاً - أمراض جهاز الدمع:

·  أمراض جهاز الإفراز وعلاجها:

1- التهابات الغدة الدمعية: أ- التهاب الغدة الدمعية الرئيسة الحاد:

نادر الحدوث، قد يرافق الحصبة الألمانية أو النكاف وأحياناً الإنفلونزا. يتظاهر بانتفاخ مؤلم ووذمة الجفن العلوي، ويكون الانتفاخ على أشده في القسم الوحشي، لذلك تصبح الحافة الحرة للجفن بشكل حرف S المائل. يحدد الجس توضع الإصابة في منطقة الغدة، وبرفع الجفن العلوي والنظر من تحته يرى القسم الجفني للغدة متوذماً. يرافق الالتهاب ارتكاس التهابي مؤلم في العقد اللمفية أمام الأذن.

تتطور هذه الإصابة نحو الشفاء من دون عقابيل، والعلاج عرضي.

ب- التهاب الغدة الدمعية الرئيسة المزمن:

من أسبابه الرئيسة :

- الساركوئيد والسل الذي قد يشاهد في الأطفال وكبار السن. يتظاهر الالتهاب سريرياً بكتلة مجسوسة متحركة- غير مؤلمة على الغالب- في الجزء العلوي الوحشي للحجاج.

ج- متلازمة ميكوليكز Mikulicz: وتشمل ضخامة الغدد الدمعية مع جفاف العين، تتحسن بالعلاج بالستيروئيدات، وهي تصنف مع أمراض المناعة الذاتية. 2- أورام الغدد الدمعية:  أ- الكيسات: الكيسات من منشأ جنيني، وقد تصيب الغدة الدمعية أو قنواتها. الشكل الأكثر شيوعاً هو ما يسمى العنبة الدمعية توسع القنية dacryops، وهي كيسة شافة محددة، غير مؤلمة، في الزاوية الوحشية عند رفع الجفن العلوي، قد لا يظهر الكيس على نحو دائم حين يكون لها قناة إفراغ، وعلاجها  بالاستئصال. ب- الأورام المختلطة mixed: من أكثر أورام الغدة الدمعية شيوعاً، تتطور ببطء، وتدفع القسم العلوي الوحشي للجفن العلوي نحو الأمام، تبقى فترة طويلة متحركة تحت الجلد وفي العمق، تطورها سليم مع احتمال التحول نحو الخبث، لكنها قد تنكس بعد استئصالها؛ لذلك يجب استئصالها كاملة مع المحفظة المحيطة بها.  ج- الأورام الخبيثة: من خلايا ظهارية، نادرة؛ لكنها خطرة سريعة الانتشار موضعياً؛ مع انتقالات بعيدة. يساعد على تشخيصها التصوير المقطعي المحوسب والمرنان.  3- متلازمة جفاف العين: قد تصاب العين بالجفاف مع إصابات عامة أو موضعية في الجسم. تقسم لسهولة التصنيف إلى المتلازمات التي يرافقها نقص إفراز المكون المخاطي للدمع، والتي يرافقها نقص المكون المائي، وأخيراً التي يرافقها  سوء انتشار فلم الدمع. أ- متلازمات الجفاف الناجمة عن نقص إفراز المكون المائي للدمع:

يشكو المريض في بداية الإصابة الشعور بوجود جسم أجنبي وحرقة ونخز في العين. يظهر الفحص السريري زيادة معدل رف الأجفان، واحتقان الملتحمة، ومفرزات مخاطية خيطية الشكل بيضاً مصفرة؛ وفي بعض الأحيان التهاب قرنية خيطيّاً. يرافق الأعراض العينية الشعور بجفاف الفم والأنف والقصبات الهوائية والمهبل.

يظهر اختبار شيرمر نقص كمية الدمع، ويكون التلوين بروز البنغال إيجابياً  في منطقة الفرجة الجفنية، ويظهر تحليل الدمع نقص الليزوزيم.

من أكثر هذه المتلازمات مشاهدة متلازمة جوغرين Gougerot-Sjogren التي ترافقها إصابة التهابية في المفاصل، وهي تصيب النساء - على نحو خاص- في سن اليأس. ويشاهد أيضاً في التهاب العضلات polymyositis، وفي تصلب الجلد والذئبة الحمامية، وداء رينو وغيرها.

ب- متلازمات الجفاف الناجمة عن نقص إفراز المكون المخاطي للدمع:

تحدث بسبب تخرب الخلايا الكأسية المنتشرة في الملتحمة، وتكون مخادعة في بدايتها ويكون اختبار شيرمر طبيعياً بسبب زيادة المكون المائي المعاوضة.

من أكثر هذه المتلازمات خطورة داء الفقاع العيني الكاذب pseudo-pemphigus الذي تؤدي الإصابة به إلى تخرب الخلايا الكأسية في المرحلة الأولى ثم تشكل التندبات والالتصاقات بين الملتحمة الجفنية والبصلية، وانسداد قنوات إفراغ الغدة الدمعية الرئيسية، فيظهر نقص الإفراز المائي، ويصبح اختبار شيرمر إيجابياً.

ينضوي تحت عنوان هذا المرض شكل يصيب الأغشية المخاطية العينية، وهو متلازمة لورتا جاكوبLortat-Jacob  التي تصيب النساء المتقدمات بالعمر خاصّة، وتكون الإصابة ثنائية الجانب؛ لكن مع فارق زمني بين إصابة العينين. وكذلك مرض ستيفن جونسون Stevens-Johnson. ومن أسباب نقص المكون المخاطي الحروق الكيميائية، والتراخوم، ونقص الفيتامين أ.

ج- الجفاف الناجم عن سوء انتشار فلم الدمع:

يشاهد هذا النوع من الجفاف حين عدم انغلاق الأجفان كما في أثناء التخدير العام، والسبات وشلل العصب الوجهي وحتى في أثناء النوم حين غياب منعكس شارل بل (ارتفاع العين إلى الأعلى عند إغماض العين)، لذلك يتوجب الانتباه إلى وضع مرهم داخل العين لحفظها من الجفاف في هذه الحالات.

كما يشاهد حين وجود إصابة في وضعية الأجفان كوجود شتر أو كتلة فيها، وحين وجود إصابة في استمرارية الحافة الحرة وسلامتها لما لها من أهمية في إزالة طبقة فلم الدمع القديمة ونشر طبقة جديدة مع رف الأجفان؛ مما يقود إلى إجراء المداخلة الجراحية المناسبة.

د- الجفاف الناجم عن نقص المنعكس العصبي الدمعي: كما يحدث حين إجراء مداخلة على القرنية يرافقها وانقطاع تعصيبها الحسي، مثل ترقيع القرنية، وتصحيح أسواء الانكسار بالإكسيمر ليزر، ويكون الجفاف هنا عابراً، ويستمر بين 3-12 شهراً، وقد يستمر فترة أطول؛ إذا كان لدى المريض حالة أخرى تؤدي إلى نقص الدمع، كأحد الأسباب أو المتلازمات السابق ذكرها، لذلك يُعدّ نقص الدمع والجفاف أحد مضادات استطباب هذه المداخلات. علاج الجفاف:

يعالج الجفاف باستخدام معيضات الدمع التي تتوافر بشكل قطرات وهلامات (جل)، من تراكيب مختلفة تتفق وكل حالة، والاتجاه الحالي هو استخدام القطرات التي لا تحتوي مواد حافظة، لكن المشكلة فيها أنها تقدم في عبوات صغيرة يصعب نقلها بعد فتحها، وغلاء ثمنها نسبياً.

وحين لا يكفي العلاج بالمعيضات لا بد من اللجوء إلى إغلاق النقاط الدمعية للتخفيف من الإفراغ، وذلك بوساطة سدادات من مادة الكولاجين توضع ضمن القنيات الدمعية ولها مفعول مؤقت؛ إذ تمتص بعد نحو أربعة أسابيع، تستخدم في الحالات التي تؤدي إلى جفاف مؤقت كما في جراحة أسواء الانكسار. وهنالك السدادات الدائمة غير قابلة الامتصاص والمصنوعة من مادة السليكون التي تثبت على النقاط الدمعية، ويمكن إزالتها بسهولة حين الشفاء.

ويجب ألا يهمل علاج التهاب حواف الأجفان المزمن إن وجد ، وتذكير العاملين أمام شاشات الحاسوب أن يقوموا بإجراء رف الأجفان الإرادي، وإراحة العين من التحديق والتركيز على الشاشة بإغلاقها حيناً وبالنظر إلى البعيد حيناً آخر.

رابعاً - أمراض جهاز الإفراغ الولادية وعلاجها
الشكل (11): توسع كيس دمع ولادي.
الشكل (12): التهاب كيس دمع حاد عند حديث الولادة.
الشكل (13): سبر مجرى الدمع.
1- عدم تصنع جهاز الإفراغ :

غياب جهاز الإفراغ حالة نادرة جداً، يرافقها غالباً تشوهات في الوجه، ولا يوجد لها علاج.

الأكثر شيوعاً هو عدم تصنع النقاط الدمعية أو عدم انفتاحها، وهي قد تصيب نقطة واحدة أو النقاط الأربع، ولذلك تراوح شدة الدماع بحسب ذلك. يوضع التشخيص عند الأطفال بإجراء الفحص تحت التخدير العام. قد يكفي إجراء السبر وحده لفتح النقطة الدمعية. يرافق هذه الحالة أحياناً سوء تصنع القنيات الدمعية، وعلاجه جراحي.

 2- ازدواج النقاط الدمعية: وأحياناً القنيات الدمعية، يكون على الغالب لاعرضياً، ويرافقه الدماع أحياناً. 3- قيلة كيس الدمع dacryocystocele الولادية:

ينجم هذا التوسع عن عدم انفتاح صمام هاسنر، الذي ينفتح عادة حين الولادة أو بعدها بقليل، يرافق قيلة كيس الدمع وامتلاءها توسع القناة الدمعية الأنفية. ومنشأ السائل قد يكون من السائل الأمنيوسي؛ فتشاهد الحالة منذ الولادة، أو يكون من مفرزات خلايا جهاز الإفراغ، وتظهر بعد عدة أيام حتى أربعة أسابيع من الولادة، وقد تكون الإصابة ثنائية الجانب في 12-30٪ من الحالات (الشكل 11).

العلاج بسبر مجرى الدمع حتى الكيس ثم وضع المسبر عمودياً لإزالة فعالية صمام روزن مولّر وإفراغ الكيس بضغطه.

4- التهاب كيس الدمع dacryocystitis عند حديثي الولادة :

يحدث نتيجة لعدم علاج توسع كيس الدمع الولادي وحدوث خمج ثانوي متحولاً إلى خراج حقيقي، أو من دون توسع الكيس الولادي، وهنا تظهر كتلة حمراء مؤلمة بالجس مع وذمة تمتد من المأق إلى الخد واحمرار حول الحجاج، يرافقها أحياناً تدهور الحالة العامة وترفع حروري. ويستطب استخدام الكينولونات موضعياً، ثم إجراء سبر مجرى الدمع لإفراغ الكيس (شكل 12).

5- عدم انفتاح جهاز الإفراغ:

هذه الحالة إحدى أكثر الإصابات المشاهدة في حديثي الولادة، تراوح نسبة حدوثها بحسب الدراسات بين 5 و20٪، تشاهد بنسب متساوية بين الذكور والإناث، وتكون ثنائية الجانب في 10-20٪ من الحالات. في نحو 75٪ منها يكون العائق في مستوى صمام هاسنر، وفي باقي الحالات يوجد أكثر من انسداد في مستويات مختلفة، ينفتح كامل جهاز الإفراغ عادة لحظة الولادة؛ لكنه قد يتأخر حتى الشهر السادس من الحياة، وتشاهد سوابق عائلية في 5-10٪ من الحالات.

تتظاهر الآفة بدماع يبدأ في الشهر الأول من الحياة يرافقه التهاب ملتحمة جرثومي ناكس، يتحسن أو يشفى بالعلاج بالصادات؛ لكن الدماع يبقى، ويتكرر التهاب الملتحمة بعد إيقاف العلاج. يرافقه في أحيان كثيرة التهاب جلد الأجفان من نمط الأكزيمة بسبب قلوية الدمع.

تتطور الحالة نحو الشفاء التلقائي بانفتاح جهاز الإفراغ أحياناً، لكن احتمال التطور نحو التليف والانسداد يدفع إلى البدء بالعلاج المحافظ الذي يعتمد على استخدام الصادات الموضعية وتمسيد كيس الدمع.

في الحالات الشديدة يسبر مجرى الدمع، وتفتح الانسدادات، وقد يضطر إلى عادة السبر مرتين أو ثلاث مرات (الشكل 13)، وإذا لم تشفَ الآفة يسبر المجرى، ويوضع أنبوب سليكون للحفاظ على الانفتاح. وحين فشل هذه المعالجة تجرى عملية مفاغرة مجرى الدمع بعد عمر ثلاث سنوات ونصف.

خامساً - أمراض جهاز الإفراغ المكتسبة وعلاجها

1- الدماع مع جهاز إفراغ طبيعي:

تشاهد هذه الحالة في نحو ثلثي المرضى الذين يراجعون بسبب الدماع، وهنا يجب أن يتذكر أن الدماع يحدث حين وجود خلل التوازن بين الإفراز والإفراغ والتبخر.

يزداد الإفراز بوجود عامل تخريشي، وقد تصل هذه الزيادة إلى مئة مثل من المعدل الطبيعي لدى شخص ما. يكون سبب الدماع في هذه الحالة زيادة إفراز الدمع، ويميزها أن يرافقها سيلان في الأنف؛ (لأن جهاز الإفراغ طبيعي)، وله أسباب عديدة منها: التعرض للشدة (حالة نفسية)، والتعرض لإضاءة شديدة، وتعب أو جهد عيني كما في اضطرابات المطابقة وأسواء الانكسار غير المصححة، وتحريض العصب المبهم  vagalكما في التثاؤب والغثيان، وفي تخريش نهايات العصب القحفي الخامس كما في التهاب حواف الأجفان والأهداب الحاكة وسوء وضعية الأجفان، والتعرض للبرد والهواء، والتهابات القرنية والملتحمة، ووجود جسم أجنبي على القرنية أو الملتحمة، والتهاب القزحية، والتهاب الصلبة، وعين البقر في الأطفال، والتهاب الغدة الدمعية الرئيسية، وجفاف العين في مراحله الباكرة، وتخريش الأنف لسبب التهابي أو ورمي، والتهاب الجيوب، وإصابات بالأسنان، وفرط نشاط الدرق.

وقد تكون الأسباب عصبية المنشأ، مثل عودة التعصيب على نحو غير طبيعي بعد شلل العصب الوجهي حيث يرافق ازدياد إفراز الدمع إفراز اللعاب في أثناء تناول الطعام (ما يسمى دموع التماسيح)، وداء باركنسون، والشقيقة.

لكل ما سبق تُدرك صعوبة تشخيص السبب في بعض الأحيان، والغرابة التي قد تبدو في بعضها مثل الدماع بسبب جفاف العين، أو وجود أكثر من سبب. من هنا أهمية استجواب المريض عن الدماع والظروف التي يحدث فيها، وعن طبيعة عمله، وسوابقه المرضية، وأهمية فحص كامل العين وملحقاتها، ومجاوراتها.

يتوجه العلاج إلى معالجة السبب.

2- الدماع الناجم عن جفاف العين

يرافق الدماع الناجم عن جفاف العين الشعور بالوخز وبوجود جسم أجنبي، وببعض الألم والانزعاج من الضوء، وهو دماع متقطع، يزداد بارتفاع حرارة الجو المحيط وبوجود تيار هوائي، وينقص حين ارتفاع الرطوبة. حين يظهر هذا النوع من الدماع صباحاً لحظة الاستيقاظ يدعو إلى التفكير بعدم انغلاق الأجفان الطبيعي في أثناء النوم. يوضع التشخيص بإجراء اختبارات كمية الدمع ونوعيته السابق ذكرها، وقد يشاهد انخفاض إفراز الدمع انخفاضاً طبيعياً بسبب التقدم بالعمر، أو تراجع نوعية الدمع بسبب اضطراب الطبقة الليبيدية لفلم الدمع الناجم عن الملوثات الموجودة في الجو المحيط؛ وعن المواد الحافظة في القطرات المستخدمة فترة طويلة مثل قطرات معالجة الزرق؛ وعن التهاب حواف الأجفان المزمن الذي ترافقه إصابة غدد ميبوميوس.

وقد يكون السبب متلازمة العاملين أمام شاشة الحاسوب بسبب ترافقه ونقص معدل رف الأجفان وازدياد التبخر، والجفاف الذي نشاهده بعد عمليات تصحيح البصر بالإكسيمر ليزر نتيجة نقص إحساس القرنية وانهراس الغدد الدمعية.

3- أمراض النقاط الدمعية المكتسبة ورضوضها:

يؤلف تضيق النقاط الدمعية أو انسدادها أكثر الإصابات مشاهدة، يرافقها دماع رائق، قد يحدث التضيق بسبب العمر أو بسبب التقرن الناجم عن شتر خارجي يشمل النقطة الدمعية، في حين يرافق تضيق النقاط الدمعية تضيق القنيات في الأسباب الالتهابية الناجمة عن التهابات جرثومية متكررة غير معالجة معالجة جيدة، ويذكر هنا التراخوم الذي قد يؤدي إلى إصابة النقاط والقنيات الدمعية وتضيقها، وكذلك أمراض المناعة الذاتية مثل داء الفقاع الكاذب، ومتلازمة ستيفن–جونسونStevens -Gohnson ، والحروق الكيميائية والحرارية، والجروح الرضية، والمواد الحافظة للأدوية، والعلاج الشعاعي.

في حالات أخرى ينجم الانسداد عن وجود آفة مجاورة ضاغطة مثل الورم الحليمي papilloma أو بردة، أو ضخامة اللحيمة أو الثنية الهلالية، أو ارتخاء الملتحمة البصلية وتثنيها الذي يسد النقطة الدمعية.conjunctivochalasis

يعالج التضيق أو الانسداد حين عدم وجود آفة ضاغطة بتوسيع النقطة الدمعية بموسع بومان، الذي يكون كافياً في بعض الأحيان، ولكن من الضروري في معظم الأحيان وضع سدادة سليكونية مثقوبة في النقطة الدمعية بعد توسيعها للحفاظ على انفتاحها.

ويجري العلاج الجراحي غالباً حين وجود آفة مجاورة.

قد تصاب النقاط الدمعية في الرضوض بأدوات قاطعة، وتعالج بخياطتها مع وضع سدادة سليكون ضمنها للحفاظ عليها مفتوحة.

4- أمراض القنيات الدمعية المكتسبة ورضوضها:

الشكل (14): الرمال التي تشبه حبات الخردل في التهاب القنية الدمعية بـ actinomyces.
الشكل (15): التهاب حاد بكيس الدمع.

تصاب القنيات الدمعية بالتهابات تؤدي إلى حدوث دماع وألم بالجس، قد تكون هذه الالتهابات جرثومية تسببها المكورات العنقودية أو العقدية أو الرئوية، يرافقها احمرار الملتحمة البصلية المجاورة، وتوسع النقطة الدمعية وانتفاخها واحمرارها، وبضغط القنية يشكو المريض ألماً مع خروج سائل قيحي أو مفرزات مخاطية قيحية عبر النقطة الدمعية. تعالج بالصادات الموضعية.

وفي حالة نادرة تسببها الشعّيّة الإسرائيلية ,actinomyces ؛ يرافق الالتهاب تشكل رمال صفراء صغيرة تشبه حبات الخردل (الشكل 14)، يفيد في علاجها استخدام الستربتومايسين والباسيتراسين والكلورامفنيكول مع تجريف الرمال جراحياً ووضع أنبوب سليكون ضمن القنية في نهاية المداخلة للحفاظ عليها مفتوحة.

وقد تكون الالتهابات ڤيروسية يسبب أكثرها الڤيروس الغدي adenovirus في40٪ من الحالات بعد التهاب ملتحمة وقرنية، والحلأ (الهربس) البسيط في 19٪ منها.

كما تصاب القنيات بتضيق أو انسداد في أمراض المناعة الذاتية مثل داء الفقاع الكاذب وغيره. وبسبب المواد الحافظة في القطرات المستخدمة فترات طويلة.

أظهرت دراسات حديثة علاقة استخدام مضادات الانقسام (مضادات التفتل) antimitotic بالطريق الموضعي والعام ومنها 5-fluorouracil بحدوث انسداد تليفي يصعب علاجه في القنيات الدمعية والنقاط الدمعية، كما قد يؤدي الرض المتكرر بأدوات سبر مجرى الدمع بأيدٍ غير خبيرة إلى انسداده.

يعالج انسداد القنيات الدمعية بإجراء السبر لفتح المنطقة المغلقة ووضع أنبوب من السليكون كقثطرة تبقى ضمنها تمنع من عودة تشكل الالتصاقات، وتحافظ عليها مفتوحة.

قد تصاب القنيات الدمعية في الرضوض والجروح القاطعة، وتعالج بالخياطة المجهرية ووضع أنبوب السليكون المناسب.

5- أمراض كيس الدمع المكتسبة ورضوضه: أ- التهاب كيس الدمع الحاد :

يشكل التهاب كيس الدمع الحاد نحو 79٪ من أمراض جهاز الإفراغ، يصيب النساء أكثر بعد سن الستين، ويحدث نتيجة انسداد القناة الدمعية الأنفية الذي يمنع مرور الدمع إلى تجويف الأنف وتجمعه ضمن الكيس الذي يتسع، ويشكل الجو المثالي لحدوث الخمج وظهور التهاب كيس الدمع الحاد الذي هو خراج حقيقي في كيس الدمع (الشكل 15).

الإصابة عادة أحادية الجانب، بظهور انتفاخ مؤلم في المأق، واحمرار الجلد ووذمة قد تصل إلى الخد، يرافقه ترفع حروري وتبدل الحالة العامة لدى الكهول، يؤدي تطور الحالة- إذا أهمل العلاج- إلى تشكل ناسور وخروج القيح.

عزل العديد من الجراثيم المسببة لهذا الالتهاب، منها المكورات العنقودية المذهبة والبشروية  epidermidis ثم العقديات الرئوية، وبعض سلبيات الغرام مثل العصيات الزرق والمستدمية النزلية واللاهوائيات والفطور بنسب قليلة.

أما سبب انسداد القناة الدمعية الأنفية؛ فغالباً ما يبقى مجهولاً.

العلاج: يجب أن يكون إسعافياً في وسط استشفائي إن أمكن، وتطبق الصادات عن الطريق العام، ويفضل الطريق الوريدي، والطريق الموضعي مع مشاركة نوعين من الصادات واسعة الطيف مثل الكينولونات والجنتاميسين. وقد تُعطى في بعض الحالات مميعات الدم مثل الهيبارين منخفض الوزن الجزيئي بهدف منع حدوث خثرة في الجيب الكهفي.

كما يجب إفراغ كيس الدمع من القيح الذي قد يمكن إجراؤه بتمسيد كيس الدمع، مع الاستعانة أحياناً بإدخال مسبار الدمع ضمن القنية، فيخرج القيح عبر النقاط الدمعية. وقد يستدعي الأمر في بعض الأحيان القليلة إجراء الإفراغ بشق جراحي عبر الجلد.

بعد شفاء الهجمة الحادة تجرى مداخلة جراحية، أساسها مفاغرة كيس الدمع مع مخاطية الأنف مباشرة لتجاوز انسداد القناة الدمعية الأنفية، ويوضع أنبوب السليكون ثنائي القنية للتقليل من احتمال تشكل الالتصاقات والنكس. ويمكن اجراء هذه المفاغرة إما عن طريق الجلد (الشكل 16)، أو عن طريق الأنف (الشكل 17).

الشكل (16): مفاغرة مجرى الدمع عن طريق الجلد:

 (أ) يشير الخط المنقط لمكان إجراء الشق الجراحي الجلدي

(ب) فتح كيس الدمع واستئصال قطعة من العظم الدمعي وفتح الغشاء المخاطي الأنفي

(ج) وضع أنبوب سليكوني عبر النقاط الدمعية وخياطة شرائح كيس الدمع ومخاطية الأنف

(د) إغلاق الجرح الجلدي وربط انبوب السليكون في الأنف

الشكل (17) مفاغرة مجرى الدمع عن طريق الأنف.

(أ‌)    إجراء الشق الجراحي خلف المسبر المضيء الموضوع داخل القنية الدمعية (السهم الأبيض)، إلى الأعلى من الصماخ الأنفي السفلي (السهم الأسود)

 (ب) الناتئ الجبهي لعظم الفك العلوي بعد إزالة الغشاء المخاطي الأنفي (السهم الأبيض)

 (ج) إزالة الناتئ الجبهي لعظم الفك العلوي، (د) يمكن رؤية المسبر المضيء في جوف الأنف بعد فتح كيس الدمع.

ب- التهاب كيس الدمع المزمن:

هو من الإصابات الشائعة، يحدث نتيجة فقد مخاطية كيس الدمع قدرتها على مقاومة الخمج (نقص الخلايا الكأسية وإفراز المضادات المناعية A)، وتؤدي الإنتانات المتكررة إلى تخريب المخاطية وتليفها ثم حدوث انسداد القناة الدمعية الأنفية.

تتظاهر الحالة سريرياً بدماع متقطع، وخروج عود مخاطي أو مخاطي - قيحي من النقاط الدمعية حين الضغط على كيس الدمع الذي يكون مؤلماً حين حدوث خمج ثانوي وتحول الالتهاب إلى التهاب حاد؛ وهو ما يحدث في العديد من الحالات.

العلاج الشافي لهذه الحالة جراحي بمفاغرة مجرى الدمع كما في الالتهاب الحاد.

6- أمراض القناة الدمعية الأنفية المكتسبة ورضوضها:

 تصاب القناة بانسداد في مستويات مختلقة على طول 12-15 ملم؛ لكن القسم السفلي هو الأكثر إصابة، وغالباً ما تكون في نهايتها بسبب عدم العناية بنظافة الأنف أو التهاباته المزمنة ،إضافة إلى الحصيات الدمعية والتهابات الجيوب المزمنة؛ والرضوض والكسور وباقي الأسباب التي سبق ذكرها. تتظاهر الإصابة في بدايتها بدماع وانتفاخ كيس الدمع دون ألم، وعود مخاطي أو مخاطي قيحي حين ضغط كيس الدمع. تتطور الحالة مع مرور الوقت إلى التهاب كيس الدمع التهاباً مزمناً أو حاداً كما سبق ذكره.

يمكن علاج الحالة بغسل مجرى الدمع الذي قد يكون كافياً لإزالة عائق ميكانيكي كحصية صغيرة، أو سبر مجرى الدمع مع وضع أنبوب سليكون (عند الشباب خاصة)، أما بعد تطورها نحو التهاب كيس الدمع الحاد أو المزمن؛ فلا بد من إجراء مفاغرة كيس الدمع.

 

 

 


التصنيف : عينية
النوع : عينية
المجلد: المجلد الحادي عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 62
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1101
الكل : 40567947
اليوم : 97762