أمراض الزائدة الدودية
امراض زايده دوديه
vermix diseases - maladies d’appendice vermiculaire
عصام العجيلي
يراوح طول الزائدة الدودية بين 1-20سم، لكنه في معظم الأحيان يكون بين 5-10سم. تنشأ الزائدة عند ملتقى الشرائط القولونية على الأعور. ويختلف توضعها كثيراً فقد تكون خلف الأعور، وحشيه، إلى الأسفل منه، خلف اللفائفي، أمامه، أمام الطَّنَف promontory، في الحوض، أو تحت الكبد. كما يمكن أن تكون في الجهة اليسرى في حال انقلاب الأحشاء. يندر غيابها الخلقي كما يندر أن تكون مضاعفة. لها مساريقها الخاص الذي يحوي شرياناً وحيداً يأتي من الشريان اللفائفي القولوني، ولكونه وحيداً فإن انسداده بسبب الحدثية الالتهابية كثيراً ما يؤدي إلى التموت والانثقاب.
أولاً- التهاب الزائدة الحاد
الحدوث:
- يحدث التهاب الزائدة الحاد acute appendicitis لدى واحد من كل ألف من السكان كل عام.
- تحدث ربع الحالات في من هم دون 14 سنة.
- تحدث ثلاثة أرباع الحالات في من هم دون 33 سنة.
- تكاد تتساوى نسبة الحدوث لدى الجنسين.
- يكثر لدى الشعوب التي تكثر من تناول اللحوم في حين يقل نسبياً لدى تلك التي تكثر من تناول الأغذية السلولوزية.
- يلاحظ كثير من الجراحين وجود بعض الحالات العائلية.
التشريح المرضي:
ليس هناك عامل جرثومي نوعي في التهاب الزائدة الحاد، والعضويات المعزولة هي الزمر الجرثومية المعوية المعروفة؛ مما يدل على أن الغزو الجرثومي تال للتخرب النسيجي الذي يعدّ باباً للدخول.
وفيما يلي بحث في نوعي الالتهاب الحاد النزلي والانسدادي ثم في الانثقاب.
1- الالتهاب النزلي: يبدأ الالتهاب في الغشاء المخاطي، ثم يمتد إلى ما تحت المخاطية في حين تبقى الزائدة طبيعية المظهر من الخارج عدا شيء من فرط التوعية. وإذا فتحت الزائدة طولياً بدت المخاطية متسمكة ومتوذمة مع بعض التقرحات البنية اللون وبعض بؤر الاحتشاء النزفية. وفي مرحلة متقدمة تغزو الجراثيم النسيج اللمفاوي الوافر في الطبقة تحت المخاطية، فتتوذم الزائدة بكاملها، وتحتقن وتفقد لمعانها الطبيعي. ولما كانت اللمعة غير مسدودة فإن الحالة في هذه المرحلة قابلة للتراجع تاركة بعض التسمك أو التزوي أو شيئاً من الالتصاقات التي تؤهب لنوبة التهابية جديدة. وقد يتفاقم الاحتقان والوذمة بحيث تسد اللمعة، فتتطور الحالة نحو الشكل الانسدادي غير القابل للتراجع.
2- التهاب الزائدة الانسدادي: وهو الشكل الأخطر، فإذا انسدت اللمعة بسبب من الأسباب التي ستذكر لاحقاً تَكوّنَ جوف مغلق تحتبس فيه المواد، وتتكاثر الجراثيم مشكلة خراجاً ضمن اللمعة خاصة إذا كان هناك بقايا برازية ملوثة. أما إذا كان محتوى الجوف خالياً من هذه البقايا تكونت القيلة المخاطية بسبب استمرار إفراز المخاط؛ الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد الضغط داخل اللمعة وتلف المخاطية؛ مما يسمح للجراثيم باختراقها وانتقال الخمج إلى باقي الطبقات وإلى ما حول الزائدة. أما العوامل السادة فكثيرة منها على سبيل المثال: كتلة أو حصاة برازية، دودة معوية، جسم أجنبي كبذرة فاكهة، تزوي الزائدة بلجام أو اختناقها ضمن كيس الفتق.
3- الانثقاب: يحدث غالباً بسبب انسداد الشريان الزائدي بتأثير الحدثية الالتهابية أو بسبب جسم أجنبي محشور في لمعة الزائدة مؤدياً لتنخرها أو بسبب انبثاق خراج ضمن اللمعة. والمكان الأكثر إصابة بالانثقاب هو حافة الزائدة الحرة.
يحدث الانثقاب إما في جوف الصفاق الحر محدثاً التهاب الصفاق المعمم وإما بشكل موضع ومحدد محدثاً خراجاً داخل جوف الصفاق. وهناك بعض العوامل التي تساعد على حدوث هذا الشكل أو ذاك:
أ- ففي الأطفال تغلب الإصابة المعممة لرقة الثَّرب omentum عند الأطفال وعدم قدرته على الالتصاق وتحديد الالتهاب.
ب- في التهابات الزائدة الانسدادية تتطور الحالة بسرعة لا تترك مجالاً لحدوث الالتصاقات والتوضع عكس ما يحدث في الالتهاب النزلي الذي يتطور ببطء يسمح بذلك.
ج- في الأشكال التي تتوضع فيها الزائدة خلف الأعور أو في الحوض يسهل تحديد الالتهاب وتكون الخراج.
يختلف مكان الخراج حسب مكان الانثقاب ومكان الزائدة التشريحي، فقد يكون خلف الأعور أو تحت الكبد أو في الحوض أو خلف اللفائفي.
التظاهرات السريرية:
الألم البطني هو أكثر الأعراض مشاهدة، ويكون في البدء قولنجياً. ويتوضع في الشرسوف أو يكون معمماً، ثم لا يلبث بعد بضع ساعات أن يتوضع في الحفرة الحرقفية اليمنى، ويظل كذلك إلا في الحالات المهملة حيث يعود للتعمم مرّة أخرى بسبب ظهور التهاب الصفاق أو إحدى المضاعفات الأخرى.
يعلل الألم القولنجي المعمم بتمدد الزائدة وتوترها، ويكون هذا الألم انعكاسياً في حين يدل التوضع في الحفرة الحرقفية اليمنى على بدء حدوث التخريش الصفاقي الموضع، ويدل تعمم الألم بعد ذلك على تعمم الالتهاب.
قد تكون المرحلة الأولى قصيرة المدة، أو يكون الألم فيها خفيف الشدة بحيث لا تثير الانتباه، وتبدأ الأعراض مباشرة في الحفرة الحرقفية اليمنى. وقد يدلي المريض بقصة نوبات سابقة جرت معالجتها عرضياً كآفة هضمية عابرة.
يتلو ظهور الألم حس الغثيان الذي قد يتطور نحو القياء. وهذا التسلسل الزمني مهم بحيث إن ظهور القياء قبل الألم يجعلنا نشك في تشخيص التهاب الزائدة.
يغلب لهؤلاء المرضى أن يصابوا بالإمساك الخفيف إلا إذا كانت الزائدة الملتهبة مجاورة للمستقيم أو خلف اللفائفي، فقد تتصاحب عندئذ بإسهالات مسببة عن التخرش؛ مما قد يفسر على أنه التهاب في الأمعاء.
الفحص السريري
التأمل: المريض متألم يتحاشى الحركة لأنها مؤلمة، ويزداد الألم تدريجياً بمرور الزمن. الركبة ثابتة، وقد تكون معطوفة على الجذع بقصد تخفيف الألم، اللسان كتن ومغطى، ولا تلبث رائحة النفس أن تصبح كريهة. قد ترتفع الحرارة ارتفاعاً معتدلاً 38-38.5، ويندر ارتفاعها إلى أكثر من ذلك، وإن حدث هذا الارتفاع يجب طرح احتمالات أخرى كالتهاب الحويضة والكلية أو الخمج التنفسي أو مضاعفة ما لالتهاب الزائدة.
الجس: يزداد الألم بالجس مع وجود الدفاع العضلي الموضع في البدء والتقفع في مرحلة تالية. هناك ألم مرتد لدى رفع اليد الجاسة كما قد يزداد ألم الحفرة الحرقفية اليمنى لدى جس الجزء الأيسر من البطن مع الضغط باتجاه الأعور؛ لما يحدثه ذلك من ازدياد في توتر الغازات فيه.
يختلف توضع النقاط المؤلمة باختلاف التوضع التشريحي للزائدة. ففي التوضعات الخلفية يكون الألم على أشده في الخاصرة اليمنى، وفي التوضع تحت الكبد يكون في المراق الأيمن، وفي التوضع الحوضي يكشف الألم بالمس الشرجي، وفي الأعور الواسع الحركة قد يكون الألم في الحفرة الحرقفية اليسرى. ويجب الانتباه إلى أن الجس وما يبديه من علامات يكون أقل وضوحاً في المرضى البدينين منه عند غيرهم.
أما في حال انثقاب الزائدة انثقاباً موضعاً فقد تُجس كتلة ممضة ومؤلمة. وإن كانت حوضية يجري الشعور بها بالمس الشرجي. وفي هذه الحالة قد يضاف إلى الأعراض السابقة أعراض تخرش المثانة كتعدد البيلات أو تخرش الأمعاء كالإسهال المخاطي.
وفي الحالات المتأخرة المهملة تبدأ العلامات التي يتم الحصول عليها بالفحص السريري تقترب من العلامات التي يحصل عليها في التهاب الصفاق.
الفحوص المتممة
تجرى هذه الفحوص لدعم تشخيص التهاب الزائدة الذي يظل سريرياً بالدرجة الأولى.
1- تعداد الكريات البيض يرتفع في نحو 75% من الحالات إلى ما يقارب 12ألف كرية في حين يبقى طبيعياً؛ أو قليل الارتفاع في ما تبقى من الحالات، والدلالة الكبرى هي لازدياد الكريات البيض وازدياد كثيرات النوى المعتدلة معاً.
2- فحص البول الذي يجب أن يكون منوالياً في كل شكاية بطنية، فوجود القيح أو البيلة الدموية يشير إلى إصابة بولية إلا أنه لا ينفي التهاب الزائدة. وفي هذه الحالة يجب التمعن في تفسير الأعراض، حتى إذا كانت الشبهة السريرية بالتهاب الزائدة كبيرة وجب اللجوء إلى العمل الجراحي.
3- التصوير الشعاعي:
أ- صور البطن البسيطة: بوضعية الوقوف، ويفتش فيها عما يلي:
ـــ وجود غاز حر في البطن أو تحت الحجاب والذي يشير إلى انثقاب حشى أجوف، علماً أن انثقاب الزائدة لا يحدث هذه العلامة إلا نادراً.
ـــ توسع في الأعور واللفائفي النهائي والقولون الصاعد مع احتمال وجود سوية سائلة أو سويات صغيرة موضعة تطرح إمكانية وجود بؤرة التهابية مجاورة.
ـــ تغيم ظل الطبقة الشحمية من جدار البطن حذاء مكان الزائدة له الدلالة نفسها.
ـــ وجود زائدة ممتلئة بالغازات.
ـــ وجود ظل لحصاة برازية في الحفرة الحرقفية اليمنى. وقد تلتبس بحصاة حالبية أو مرارية أو بعقدة مساريقية متكلسة.
ـــ تشوه منظر الغاز في الأعور بسبب انضغاط خارجي يطرح احتمال وجود كتلة زائدية.
ب- الحقنة الباريتية: ويرجح الكثيرون أنها لا تؤهب لانثقاب الزائدة كما كان يعتقد، كما أنها ليست ضرورية لوضع التشخيص. لكن في حال إجرائها يمكن أن تلاحظ العلامات التالية:
ـــ عدم امتلاء الزائدة في جميع الصور مع الأخذ بالحسبان أن نحو 10% من الزوائد الطبيعية لا تمتلئ بالمادة الظليلة.
ـــ امتلاء جزئي فقط.
ـــ علامات انضغاط خارجي ناحية الأعور.
ـــ تهيج الأعور واللفائفي النهائي.
4- تخطيط الصدى: إن الزائدة الطبيعية قد لا تظهر بتخطيط الصدى، وإن ظهرت فهي قابلة للحركة لدى ضغطها بالمجس. لذا فظهورها وعدم تحركها بالضغط يرجح إصابتها بالالتهاب. وتقدر نسبة الدقة بنحو 95%.
5- تنظير البطن: قد تدعو له الضرورة في حالات الشك وللتفريق بين التهاب الزائدة والآفات النسائية التي تقلدها.
التشخيص
يجب أن يوضع باكراً تفادياً لحدوث المضاعفات، وهو سريري بالدرجة الأولى. وقد يكون على درجة من الصعوبة في حالات أخرى حتى قيل: لا شيء أسهل ولا شيء أصعب من تشخيص التهاب الزائدة الحاد. وقبل البحث بالتشخيص التفريقي يحسن وصف بعض الأشكال السريرية الخاصة:
1- التهاب الزائدة عند الأطفال: يندر قبل سن الثانية بسبب لمعتها العريضة في هذه السن؛ مما يجعل انسدادها صعباً. تزداد نسبة الحدوث بعد ذلك حتى سن البلوغ؛ ثم تبدأ بالتناقص بسرعة.
الصورة السريرية عند الأطفال غير وصفية حيث لا تبدو واضحة قصة انحراف الألم من الشرسوف إلى الحفرة الحرقفية اليمنى، بل تغلب صورة الألم البطني المعمم؛ لذا يجب فتح البطن عند وجود الألم البطني والمغص أو الدفاع العضلي لدى طفل كان في صحة جيدة مع الأخذ بالحسبان أن نحو15% من الحالات سيكشف العمل الجراحي فيها أن التشخيص الحقيقي هو شيء آخر غير التهاب الزائدة كالتهاب العقد المساريقية أو انغلاف الأمعاء أو غيرها.
إن الخطورة والمراضة عالية لدى الأطفال دون خمس سنوات بسبب تأخر وضع التشخيص من جهة وبسبب السرعة التي يتطور فيها التهاب الزائدة نحو التهاب الصفاق كما تقدم ذلك.
2- التهاب الزائدة عند الشيوخ: ويختلف عما هو عند الشباب بما يلي:
- نسبة حدوث التموت والانثقاب أكثر بخمس مرات مما هي عليه عند الشباب بسبب نقص المقاومة من جهة ونقص التروية الدموية الحشوية من جهة أخرى.
- الشيوخ أقل شكاية ولاسيما لدى المتقدمين في العمر أو من هم في حالة ذهنية متدنية؛ مما يؤخر وضع التشخيص.
- الارتكاس الدفاعي العضلي أقل منه لدى الشباب بسبب ضعف العضلات والوهن.
- تكثر في هذه الأعمار الإصابات المرضية المختلفة؛ مما يجعل قائمة التشخيص التفريقي كبيرة؛ الأمر الذي قد تعزى معه الأعراض لأسباب أخرى كثيرة غير التهاب الزائدة.
3- التهاب الزائدة عند الحوامل: ليس الحوامل أقل إصابة بالتهاب الزائدة من غيرهن، ونسبة الإصابة واحدة في كل أعمار الحمل، بيد أن التشخيص أكثر صعوبة لديهن. ففي الأشهر الأولى يمكن أن يضل التشخيص بأن يعزى الغثيان والقياء للوحام أو أن يفسر الألم على أنه حمل هاجر…إلخ. أما عند تقدم الحمل فإن الرحم الكبيرة تدفع الزائدة نحو الأعلى والأيمن؛ مما يقلد الأعراض المرارية كما أن تمطط جدار البطن يجعل الدفاع العضلي أقل وضوحاً. إن التهاب الصفاق خطر على الأم والجنين إذا حدث؛ لذا يجب وضع التشخيص قبل حدوث هذه المضاعفة.
4- التهاب جذمور الزائدة: إن قصة استئصال الزائدة في سوابق المريض لا تنفي دوماً احتمال بقاء جذمور طويل قد يكون منسياً؛ ولاسيما إذا كان العمل الجراحي السابق صعباً، وبقاء هذا الجذمور الطويل قد يعرض المريض لهجمة التهابية جديدة.
التشخيص التفريقي
- من الحالات ما يفتح فيها البطن، ويتبين عدم وجود التهاب زائدة، بل حالة أخرى تتطلب العمل الجراحي كإحدى حالات البطن الجراحي العديدة.
- ومنها ما لا يكتشف فيها أي حالة تتطلب العمل الجراحي. وعلى الجراح القبول بنسبة ضئيلة من هذه الحالات مقابل أن لا تهمل زائدة واحدة ملتهبة التهاباً حاداً.
- ومن الحالات ما يكون السبب فيها آفة طبية يمكن معالجتها دوائياً، ويجب تفريقها من التهاب الزائدة.
وفيما يلي الآفات التي يمكن أن تثير الشبهة بالتهاب الزائدة الحاد والتي يتوجب تفريقها منه:
1- حالات بطنية أخرى: كانثقاب القرحة، التهاب المرارة الحاد، انسداد الأمعاء، التهاب المعدة والأمعاء الحاد، التهاب الرتوج، التهاب اللفائفي المنطقي (داء كرون، وعند الأطفال انغلاف الأمعاء والتهاب رتج ميكل والتهاب العقد المساريقية.
2- الآفات النسائية: كالتهاب الملحقات الحاد، انبثاق حمل خارج الرحم، انفجار كيسة مبيض أو انفتالها، انبثاق الجسم الأصفر.
3- الآفات البولية: كالقولنج الكلوي، والتهاب الحويضة والكلية، ومن هنا ضرورة إجراء فحص البول منوالياً.
4- الآفات الصدرية: كذات الرئة القاعدية أو ذات الجنب القاعدية. وفي حالة الشك تجرى الاستقصاءات اللازمة وعلى رأسها صورة الصدر.
5- احتشاء العضلة القلبية: الذي يترافق أحياناً والآلام الشرسوفية الشديدة قد تلتبس بحالات البطن الحادة عموماً بما فيها التهاب الزائدة.
6- الآلام العصبية المنشأ: كداء المنطقة ولاسيما قبل ظهور الاندفاعات الوصفية المشخصة.
7- الحالات الطبية الأخرى: وهي كثيرة يمكن أن نعدد منها: التهاب الكبد الفيروسي في المرحلة قبل اليرقانية، نوبات تمنجل الدم، البرفيرية الحادة، ذات السحايا عند الأطفال، الداء السكري في نوبات الحماض الكيتوني.
إن تشخيص التهاب الزائدة لا يمكن أن يكون جازماً في جميع الحالات، وإن نسبة من الخطأ في التشخيص لابد منها، وقد تصل إلى 10-15% من الحالات، وعلى الطبيب اتخاذ جانب السلامة تجاه مريضه وأن يميل إلى الحل الجراحي عندما يكون التشخيص محيراً.
المعالجة
جراحية دوماً، وعند وضع التشخيص يستثنى من ذلك بعض الحالات التي تطرح حلولاً مختلفة كما يلي:
ـــ في المريض المحتضر بسبب التهاب الصفاق المتقدم يجب تحسين حالة المريض بوضع الأنبوب الأنفي المعدي وإعطاء السوائل الوريدية والصادات ونقل الدم إذا لزم الأمر وإصلاح الشوارد وإعطاء الأكسجين ثم إعادة تقييم المريض والبحث بأمر المداخلة الجراحية.
ـــ إذا تراجعت الأعراض قبل العمل الجراحي يمكن تأجيل العملية وإجراؤها في وقت لاحق على نحو انتقائي.
ـــ يلجأ إلى المعالجة المحافظة إذا كانت ظروف العمل الجراحي غير مؤاتية لأي سبب من الأسباب.
ـــ في حال وجود كتلة زائدية أو ما يسمى بالدرع الزائدية يختلف تدبير الحالة كما سيرد لاحقاً.
يعطى المريض الصادات المضادة للجراثيم الهوائية واللاهوائية، وأهمها الميترونيدازول، وهي كافية في المراحل المبكرة وقبل حدوث المضاعفات كالتموت والانثقاب حيث يتطلب الأمر عندئذ المشاركة واسعة الطيف بين الميترونيدازول وأحد أنواع الأمينوغليكوزيد أو السيفالوسبورين.
يشتمل العمل الجراحي على استئصال الزائدة بعد ربط مساريقها وقطعها، ثم ينظف البطن من القيح إن وجد، ويجفف على نحو جيد، ويفجر إذا اقتضت الضرورة ذلك.
أما الشق الجراحي فهو شق »ماك بورني« المعروف في الحالات المبكرة. أما في الحالات المتقدمة أو في حالات البطن الحادة - حيث يكون التشخيص غامضاً، ويتطلب الأمر استقصاء نموذجياً للبطن- فيجب اختيار الشقوق التي تسمح بذلك.
تعالج الكتلة الزائدية أو الدرع الزائدية معالجة محافظة بإعطاء السوائل الوريدية والصادات والراحة ومراقبة الحالة العامة والحرارة والنبض وحجم الكتلة، فإذا مالت نحو الارتشاف يؤجل العمل الجراحي إلى زمن لاحق، أما إذا ازداد حجمها، وأصبحت الحرارة متموجة فيجب تفجير الخراج من خلال الجزء الأكثر بروزاً، ولا تستأصل الزائدة إلا إذا كانت سهلة التناول.
أما إذا كان الخراج حوضياً بارزاً من خلال المستقيم أو المهبل أمكن إجراء التفجير عبر أحد هذين العضوين. وسواء تطورت الحالة نحو الارتشاف أم نحو التقيح والتفجير فإن استئصال الزائدة على نحو انتقائي واجب بعد نحو الشهرين، وهي المدة اللازمة لهجوع الالتهاب، وإلا تعرض المريض لنوبات تالية من الالتهاب الحاد.
قد ينفجر الخراج عفوياً إذا أهمل، وقد يحدث هذا الانبثاق نحو الجلد مشكلاً ناسوراً جلدياً أو نحو المثانة أو الأمعاء مشكلاً ناسوراً معوياً مثانياً أو معوياً أعورياً.
ومنذ بدء عهد الجراحة التنظيرية في أواخر الثمانينيات أخذت جراحة الزائدة الدودية عن طريق التنظير بالازدياد شيئاً فشيئاً ضمن استطبابات محددة وبأيدٍ متمرسة في هذا النوع من الجراحة.
المضاعفات بعد العمل الجراحي:
إن الشفاء السريع والسهل بعد استئصال الزائدة المبكر والسير العاصف المضطرب مع حدوث المضاعفات بعد استئصال الزائدة المتموتة أو المتصاحبة بالتهاب الصفاق يؤكد ضرورة التشخيص والمعالجة المبكرين تفادياً لحدوث المضاعفات، وهي على نوعين:
أ- المضاعفات المبكرة: ونعدد منها شلل الأمعاء والمضاعفات الخمجية كخراجة الجرح أو الخراج البطني مكان الزائدة أو تحت الحجاب أو في الحوض أو التهاب وريد الباب. كذلك يمكن لجذمور الزائدة أن ينبثق في الأيام الأولى، ويتطور نحو خراج موضع أو التهاب صفاق معمم، وقد يتصل ذلك بالجرح الخارجي، ويتطور إلى ناسور برازي. وقد يحدث نزف باطن في بؤرة العمل الجراحي؛ مما يستدعي التداخل الجراحي مرّة ثانية.
ب- المضاعفات المتأخرة: وهي مشابهة لما يمكن أن يحدث في عمليات البطن الأخرى كالالتصاقات واللجم أو الفتق الجرحي. كما أن الالتصاقات الحوضية التالية قد تحدث لدى النساء انسداداً في البوقين أو في أحدهما وما يتلو ذلك من العقم الثانوي.
ثانياً- آفات الزائدة الدودية الأخرى
1- التهاب الزائدة المزمن: إن وجود هذه الآفة موضع نقاش، ففي حين ينكره بعض الأطباء؛ فإن بعضهم الآخر يقول به اعتماداً على أن بعض المرضى يعانون نوباً متكررة من التهاب الزائدة لا تلبث أن تتراجع إلى أن تتطور إحداها إلى نوبة حادة. كما أن بعضاً آخر من المرضى يشكو مدة طويلة آلاماً في الحفرة الحرقفية اليمنى دون تشخيص واضح ودون آفة محددة. وقد تزول هذه الآلام بعد استئصال الزائدة؛ مما يوضع معه لاحقاً تشخيص التهاب الزائدة المزمن. في هذه الحالة يتوجب قبل اتخاذ القرار بالعمل الجراحي نفي كل الآفات الأخرى المحتملة بإجراء ما يلزم من الفحوص المتممة.
2- الرتوج: نادرة وتصادف عرضاً.
3- الانغلاف invagination: نادر جداً، يحدث في العقدين الأولين من الحياة، ويتسبب عن وجود عامل مؤهب كالقيلة المخاطية أو سليلة polyp مخاطية أو جسم أجنبي أو إصابة بالكارسينوئيد (الورم السرطاوي). ويكون الانغلاف بسيطاً أو مشاركاً لانغلاف أعوري قولوني أو لفائفي أعوري. يتظاهر غالباً بالألم وبكتلة في الناحية. ويعالج برده وباستئصال الزائدة، وفي حال وجود تموت في قاعدة الزائدة قد تدعو الضرورة إلى الاستئصال المحدود والخياطة.
4- الانفتال volvulus: ويؤهب له طول الزائدة والمساريق الطويل الحر. أعراضه كأعراض التهاب الزائدة، ويعالج باستئصالها.
5- الانتباذ الباطني الرحمي endometriosis: في أحوال نادرة تكون الزائدة مقراً لبطانة الرحم الهاجرة، وتتظاهر بأعراض التهاب الزائدة التي تصاحب الطمث.
6- أورام الزائدة الدودية: وهي قليلة الحدوث ربما لصغر حجم الزائدة موازنة بالأمعاء عامة، وأكثرها حدوثاً الورم السرطاوي (الكاريسينوئيد) الذي يعدّ واحداً بالألف من كل الزوائد التي تخضع للفحص النسجي و85% من أورام الزائدة، يتلوه الورم الزغابي. أما الأورام السليمة فهي السليلات والورم الغدي المخاطي الكيسي الذي يسد اللمعة محدثاً القيلة المخاطية.
أ- الورم السرطاوي (الكارسينوئيد): وقد يقتصر على الزائدة، أو يتصاحب بإصابة لفائفية. يشاهد في الأعمار كافة؛ وعلى الأخص في العقدين الرابع والخامس. ينمو على الخلايا المحبة للفضة في عمق المخاطية، ويتوضع في الذروة أو في الجسم أو القاعدة. يتظاهر بشكل كتلة رمادية صفراء. لا تشاهد الانتقالات عادة قبل أن يتجاوز الورم حجم 2سم كما أن متلازمة الكارسينوئيد الجهازية الناجمة عن إفراز 5 HIAA لا تشاهد إلا في الحالات المتقدمة؛ ولاسيما المرافقة لانتقالات كبدية والمتصاحبة بإصابة لفائفية أيضاً.
ب- الورم الزغابي: سواء منه الحليمي أم الغدي. وهي غالباً أورام غير غازية، ولكنها تسد اللمعة محدثة القيلة المخاطية التي تكبر، وقد تنفجر مؤدية إلى حدوث الورم المخاطي الكاذب الصفاقي المنتشر.
ج- السرطانة الغدية adenocarcinoma: إصابة الزائدة الدودية نادرة، وتكشف عرضاً في سياق فتح بطن استقصائي، أو تتظاهر بأعراض زائدية. إذا توضعت الإصابة عند القاعدة، وارتشحت في الأعور؛ صعب معرفة مكان البدء. تعالج باستئصال القولون الأيمن إلا أن التشخيص في أثناء العمل الجراحي قد يلتبس بالكارسينوئيد لذا يستحسن في هذه الحالة الاسترشاد بالفحص النسيجي للتيقن من حدود الاستئصال الجراحي ومداه.
علينا أن نتذكر > تشخيص التهاب الزائدة سهل في الحالات الحادة وأكثر صعوبة في الحالات المزمنة. > قد يبدأ ألم الزائدة بعيداً عن مكانها التشريحي كالشرسوف أو الخاصرة اليمنى كما في الزائدة الخلفية حيث تلتبس بالقولنج الكلوي، وقد تقود إلى عمل جراحي لا لزوم له. > قد يكون تشخيص التهاب الزائدة صعباً، ولاسيما لدى الأطفال والشيوخ والحوامل والبدينين والسكريين. > في الحالات المشتبهة سريرياً يعتمد الفحص بالأمواج فوق الصوتية إجراء تشخيصياً مهماً. > في الحالات غير الإسعافية مع نوب ألم متكررة متباعدة يحسن التريث في إجراء الجراحة ريثما يتم إجراء كل الفحوص الممكنة من أجل وضع تشخيص أكيد؛ لأن قائمة التشخيص الممكنة من أجل وضع التشخيص التفريقي كبيرة. > يعدّ تنظير البطن تشخيصياً وعلاجياً في آن واحد، ويتيح للجراح استقصاء محتوى البطن على نحو أفضل.
|
التصنيف : أمراض المعي الدقيق والقولونات
النوع : أمراض المعي الدقيق والقولونات
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 299
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- الأستاذ طارق علوش في ذمة الله
- إعلان
- الدكتور فيصل العباس في ذمة الله
- صدر المجلد السابع من موسوعة العلوم التقانات
- صور من الجناح الخاص بالموسوعة العربية في معرض الكتاب
- نشرت صحيفة الثورة بعددها الصادر بتاريخ 2/2/2016 مايلي
- التقت الثورة الدكتور محمود حمود رئيس موسوعة الآثار في سورية ومدير آثار ريف دمشق لتقلب معه صفحات عدة حول موسوعة الآثار السورية. فكان اللقاء التالي:
- دور النشر والمكتبات المعتمدة لتوزيع الموسوعة العربية
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 15142557
اليوم : 2483