logo

logo

logo

logo

logo

أذيات العمود الفقري والصدر

اذيات عمود فقري وصدر

injuries of the spine and chest - lésions de la colonne vertébrale et de la poitrine



أَذيَّاتُ العَمودِ الفقريّ والصدر

حسام الدين سليمان

أذيات العمود الفقري الرضية spine injuries

أَذياتُ الصـَّـدر  injuries of the thorax

 

 

أولاً- أذيات العمود الفقري الرضية spine injuries:

أذيات العمود الفقري الرضية يُقصَدُ بها الأذيّاتُ التي تصيب الهيكلَ العظميَّ المركزيَّ المُمتد بين الوصل الرقبي القذالي في الأعلى والعصعص في الأسفل. ويمكنُ تقسيمُها إلى: أذيَّات العمود الرقبي العلوي، وأذيَّات العمود الرقبي السفلي تحت المحور، وأذيَّات العمود الظهري، وأذيَّات العمود القطني، وأذيَّات العجز والعصعص. وتتشابه الفيزيولوجيا المرضيّة الخاصَّة بها جميعاً كما أنَّ طرائق التقييم الأوليَّة لمن يُشكُّ في إصابته بأيٍّ منها هي نفسُها تقريباً.

وفي كلِّ أذيَّة فقريَّة رضيَّة يجب الوصول إلى إجابات حقيقية عن الأسئلة الآتية: ما آلية هذه الأذية؟ هل هناك أذيات أخرى ترافقها؛ ولاسيما ما يهدد الحياة؟ ما التراكيب التشريحية المتأذية في العمود الفقري؟ هل هناك أذية عصبية حدثت فعلاً منذ بداية الحادث أم أنها وشيكة الحدوث؟ هل ما يزال العمود الفقري قادراً على مواصلة وظيفته بوصفه حاملاً للوزن - ما أفضل طريقة لعلاج هذا النوع من الأذيات (علاج جراحي أم علاج محافظ)؟ ولعل أهم قرار يجب اتخاذه منذ البداية هو حول التدبير النهائي للأذية، وهل سيكون جراحياً أو محافظاً.

لمحة تشريحية بيوميكانيكية حيوية آلية:

يمكن قسمة العمود الفقري إلى أربعة أجزاء تشريحية يختلف بعضها عن بعض بشكل فقراتها وعددها وحجم قنواتها الفقرية، وهي: العمود الرقبي، العمود الظهري أو الصدري، العمود القطني، العمود العجزي العصعصي.

وتصطف هذه الأعمدة جميعاً على نحو خطي مستقيم في المستوى الجبهي الإكليلي في حين تبدي انحناءات معروفة متمادية بسلاسة تامة بعضها مع بعض في المستوى السهمي كما يلي: بزخٌ رقبيٌّ 25 يليه مباشرة  حدبٌ صدريٌّ 35 يليه بزخٌ قطنيٌّ 40 ثم درجة أقل من الحدب العجزي العصعصي،  وتسمح جميع هذه المنحنيات بتوضع الجمجمة بحيث يمر محورها العمودي  من الجزء الأوسط من أعلى العجز؛ أي إن محور الجاذبية يمر أمام العمود الظهري خلف العمود القطني مباشرة قبل أن ينصِّف الجزء العلوي من العجز، ويعني هذا خضوع العمود الفقري بمعظمه لقوى ضاغطة أمامياً عبر الأجسام الفقرية وإلى قوى شد مرنة من الخلف عبر العناصر الخلفية للفقرات والأربطة.

أما بالنسبة إلى التشريح المعترض للفقرات فيمكن نظرياً تخطيط ثلاثة أعمدة وتصورها كما يشاهد في الشكل وهي:

تظهر الأشكال من الأيمن إلى الأيسر العمود الفقري بالمستويين السهمي والإكليلي ثم رسماً تخطيطياً لأعمدة الفقرات الثلاثة بحسب دينيس بالمستويين السهمي والمعترض ثم رسماً ثلاثي الأبعاد يظهر أربطة الفقرات المختلفة وتمفصل الفقرات بعضها مع بعض والأقراص والأقواس الخلفية والنواتئ المختلفة والمفاصل الوجيهية.

- العمود الأمامي: يشمل الرباط الطولاني الأمامي والنصف الأمامي من جسم الفقرة والحلقة الليفية والأقراص.

- العمود المتوسط: يتكون من النصف الخلفي لجسم الفقرة والحلقة الليفية والأقراص والرباط الطولاني الخلفي.

- العمود الخلفي: يشمل المفاصل الوجيهية ومحافظها والرباط الأصفر والأقواس الخلفية للفقرات والأربطة الواصلة بينها بين السناسن وفوقها (يُعدّ المركب الرباطي الخلفي هو المثبت الأكبر للعمود الفقري لما يحتويه من ألياف كولاجينية قوية جداً).

وبناءً على نظريَّة الأَعمدة الثلاثة هذه يمكنُ استنتاجُ التصنيف الأَساسيّ للأذيات، وهي أربع زمر مختلفة بحسب العمود المتأذي: كسور الفقرات الانهدامية بالضغط، الكسور الانفجارية المفتتة، أذيات العطف والتبعيد (نموذج حزام الأمان بالعربات)، كسور- خلوع (انظر الجدول1).

(الجدول1)

نمـط الأذيــّة

العمـود المصــاب

 

1- الكسور الانهدامية بالضغط.

2- الكسور المفتتة الإنفجارية.

3- أذيات العطف والتبعيد (الشد).

4- كســر- خلع.

الأمامي

المتوســط

الخلفي

+

+

+/-

+

-

+

+/-

+

-

-

+/-

+

 يسهم القفص الصدري كذلك بتثبيت العمود الفقري الظهري، ويحد من حرية حركته، وهو بذلك يتسبب بخلق نقاط تتركز بها الشدة في الوصلين الرقبي الظهري والظهري القطني؛ مما يعلل كثرة حدوث الكسور الفقرية هنا.

أمّا بالنسبة إلى معايير تحديد عدم الثبات الفقري الرَّضي فما تزال مُختلفاً فيها، ولكنَّ نظريةَ الأعمدة الثلاثة تقدِّمُ إطاراً يمكنُ اعتمادهُ في هذا المجال، فحين تأذّي عمودٍ وحيد يبقى العمودُ الفقريُّ ثابتاً. أما بعد تأذي عمودين أو ثلاثة فيصبحُ العمودُ الفقريُّ غير ثابت؛ أي إنه غير قادر على متابعة وظيفته عموداً داعماً وحامياً للأنسجة العصبيّة، ويمكن اعتماد هذا التعريف لوصف عدم الثبات الفقري الحاد أو المزمن على حد سواء. ولكن ذلك كله لا يغني عن قراءة الصور الشعاعية قراءة دقيقة وعن الفحص العصبي وعن القرار السريري الحكيم بغية الحصول على صورة أدق للثبات الفقري.

الأذيـّـاتُ العَصَبــيّة:

بعد رض العمود الفقري قد يصاب المريض بثلاثة أنواع من الأذيات العصبية اعتماداً على التوضع التشريحي للأذية الفقرية: أذية الحبل الشوكي التامة أو غير التامة تشمل (الحبل الأمامي، الحبل الخلفي، الحبل المركزي، براون - سيكوارد)، أذية المخروط النخاعي، أذيات  ذيل الفرس. وقد تكون كل منها أذية تامة أو غير تامة منذ البداية. وهكذا قد تؤثر إصابات العمودين الرقبي والظهري مباشرة في النخاع الشوكي على نحو رئيس وفي الجذور العصبية الموافقة على نحو أقل. أما المخروط النخاعي- وهو ذلك الجزء من النخاع الشوكي الذي تتوضع فيه النويات العصبية العجزية التي تسيطر على وظائف المثانة والأمعاء- فهو يتوضع في الوصل الظهري القطني بمستوى سويقات الفقرة القطنية الأولى، ولذلك تكثر إصابته بأذيات هذه الناحية. أما ذيل الفرس فيتألف من الجذور العصبية القطنية والعجزية الواقعة أسفل المخروط النخاعي بدءاً من الفقرة القطنية الثانية وما دون، وتُعدّ أذياته أذية جذور عصبية محيطية ذات إنذار أفضل مقارنة بأذيات النخاع الشوكي والمخروط النخاعي.

يظهر من الأيمن إلى الأيسر: أذيات النخاع الشوكي غير التامة: (أ- متلازمة براون - سيكوارد، ب- متلازمة الحبل الأمامي، ج- متلازمة الحبل المركزي، د- متلازمة الحبل الخلفي). وفي الوسط تظهر الصورة الشعاعية كسراً مفتتاً في الفقرة القطنية الأولى مع اندفاع قطعة عظمية نحو الخلف مضيقة القناة الشوكية وضاغطة المخروط النخاعي. وتظهر الصورة اليسرى مقطعاً سهمياً تخطيطياً للعمود القطني والعجزي: يلاحظ النخاع الشوكي في الأعلى ثم المخروط النخاعي تحته، ويليه الجذور العصبية المشكلة لذيل الفرس بدءاً من القطنية الثانية وما دون.

أذيات العمود الفقري الرضية خاصة: (الجدول2).

(الجدول2) يظهر كسور العمود الفقري وخلوعه بأجزائه المختلفة

 

 

1- أذيات العمود الرقبي العلوي

أ- كسور الفهقة (الأطلس) C1

(كسر جيفرسون).                   

ب- تحت خلع فهقي محوري C1 C2.

ج- كسور الناتئ السني – الفائق Denes

د- الانزلاق الرضي في المحور.

ه- كسور اللقم القذالية.

و- الخلع الأطلسي القذالي.

ز- تحت الخلع الأطلسي المحوري الدوراني.

ح- كسور الكتل الجانبية للمحور.

 
2- أذيات العمود الرقبي السفلي تحت المحوري

أ- كسور العناصر الخلفية المعزولة.

ب- كسور انهدامية بالعطف مع انقلاع.

ج- كسور الدمعة الساقطة Teardrop.

د- كسور انفجارية مفتتة بجسم الفقرة.

ه- أذيات المفاصل الوجيهية: خلع وحيد الجانب أو ثنائي الجانب.

 

 

3- كسور العمودين الظهري والقطني

أ- الكسور الانهداميةCompression .

ب- الكسور الانفجارية المفتتة.

ج- أذيات العطف والتبعيد chance fracture.

د- كسور- خلوع.

 

 

4- كسور العجز

 

 

أ- كسور وحشي الثقب العصبية المنطقة 1 Zone I.

ب- كسور عبر الثقب العصبية المنطقة 2 Zone II.

ج- كسور إنسي الثقب العصبية المنطقة 3 Zone III.

                                                    

 

معدل حدوث كسور الفقرات وآليات حدوثها:

يصاب سنوياً نحو 10-15 شخص/مليون من سكان المملكة المتحدة بأذية مهمّة في الحبل الشوكي، وتتوزع هذه الإصابة على أجزاء العمود الفقري كما يلي: 55% في العمود الرقبي، 35% في العمود الظهري، و10% في العمود القطني، وتسبب حوادث السير 55% من هذه الإصابات؛ ولاسيما حوادث الدراجات النارية التي تتفوق على حوادث السيارات بنسبة الضعف. أما الحوادث المنزلية وحوادث العمل فهي مسؤولة عن 22% من المقبولين في المستشفيات لإصابات في العمود الفقري. وقد لوحظ بعد مراجعة سجلات الوفيات التالية لحوادث المرور أن 20% منها كان بسبب أذية شديدة في النخاع الشوكي؛ ولا سيما في القسم العلوي من العمود الفقري الرقبي.

التدبـير في موقع الحـادث:

يبقى النخاعُ الشوكيُّ واقعاً تحت خطر إصابته بتأذٍّ أكبر إذا كان التعامل مع المريض أقل من مثالي، فالمصاب يجب إبقاؤه تحت نظر الطبيب في أثناء سحبه واستخراجه من موقع الحادث وفي أثناء نقله إلى المستشفى وكذلك طوال فترة تقييمه سريريّاً وشعاعيّاً، ويستمرُّ كذلك حتى يتم تثبيت العمود الفقري على نحو آمن. ويجب التمييز بين المصاب الواعي والمريض فاقد الوعي:

- فالمريض الواعي يشكو ألماً في عنقه أو في ظهره أو أنه يشكو ألماً منتشراً ناجماً عن ضغط جذري، وقد يشكو اضطراباً حسياً أو ضعفاً حركياً يتفق مستواه مع مكان الأذيّة في العمود الفقري، لذلك كان كشف الإصابة فيه أسهل.

- أما المريض فاقد الوعي فيجب الشك في وجود الأذية الفقرية لديه إذا كانت آلية الأذية تشير إلى أن العنق كان في خطر أو إذا وُجِدَ لدى المريض ما يشير إلى تعرضه لصدمة على الرأس. وعلى كل حال يجب الانتباه لضرورة إبقاء رأس المريض وعنقه بوضعية حيادية في أثناء تقييمه مع تجنب العطف والبسط أو الدوران ويتحقق ذلك بتطبيق الشد الطولاني اللطيف، وإذا احتاج المريض إلى إنعاشٍ تنفسي قلبي أو تنبيب يجب على المساعد الحفاظ على الشد اللطيف على رأس المصاب خلال تنظير الحنجرة مثلاً، ويمكن عوضاً من ذلك إدارة المريض فاقد الوعي إلى وضعية جانبية مع الانتباه لمتابعة دعم رأسه في أثناء ذلك بغية إبقاء محور العنق بوضعية حيادية. ويجب تجنب وضع المريض فاقد الوعي مع الشك في وجود أذية في عموده الفقري  بوضعية ثلاثة أرباع استلقاء بطني  three-quarter prone position؛ لأنها تسبب حتماً دوران العنق.

يجب بعد هذا تقييم الوظيفة التنفسية ونفوذية مجرى الهواء في المصاب تقييماً سريعاً، كما ينتبه لوجود أذيات أخرى مرافقة؛ ولا سيما في الأطراف والبطن، وينتبه كذلك إلى أن المصاب برض على النخاع الشوكي لا يُوصى بإعطائه المسكنات المركزية خشية أن تثبط التنفس المتأذي أصلاً  لديه وكذلك مص المفرزات الفموي الرغامي الذي قد ينبه منعكساً مبهميّاً يفاقم بطء القلب الموجود لدى المصاب.

أما نقل المريض فيجب أن يتم على لوح خاص (لوح العمود الفقري) spinal board مزود بجبيرة خاصة لتثبيت العنق والرأس، أو يثبت العنق بياقة بلاستيكية قاسية، ويثبت الرأس بوسائد جانبية مع شريط خاص مرافق غايته تثبيت الجبهة. ولا بد من متابعة مراقبة كفاية التهوية والتنفس في المريض في أثناء نقله مع ضرورة إبقائه دافئاً طوال ذلك خشية إصابته بنقص الحرارة hypothermia وما قد ينجم عنها من حماض واضطراب تخثر.

هذا الشكل يظهر كيفية تدوير المريض إلى جانبه بغية متابعة إنعاشه وتقييمه مع الحفاظ على الرأس مثبتاً.

يظهر في أيمن الشكل لوح الفقرات الخاص بالنقل ومواد تثبيت الرأس والعنق والجبهة، ويوضح الشكل الأيسر تطبيق ذلك على المريض

التدبير في المستشفى المستقبل: يجب الحصول على قصة كاملة من المريض أو من مرافقيه ممن شهد الحادث ومن فريق الإسعاف الذي نقله، ثم يفحص فحصاً سريرياً كاملاً لمعرفة إصابته على نحو دقيق وعلى ما يرافقها من أذيات أخرى (رض جمجمة شديد بنسبة 20%، رضوض صدرية بنسبة 15%، وأقل من ذلك رضوض بطنية). ولعل تقييم رضوض البطن- ولا سيما في المصاب بأذية نخاعية عالية المستوى- هو الأصعب بسبب شلل عضلات جدار البطن وبسبب الشلل المعوي الوظيفي الثانوي، وكلاهما قد يخفي العلامات السريرية، وهنا لا بأس من استخدام الرحض البريتواني؛ ليساعد على وضع التشخيص. أما العلامات النوعية التي قد تشير إلى أذية عمود فقري فهي أي سحجة أو كدمة أو حدبة أو أي فرجة بالمسافة بين النواتئ الشوكية، وقد يلاحظ إصابة المريض بالنعوظ الجنسي (ليس شرطاً أن يكون تاماً) إذا كانت أذية النخاع الشوكي بمستوى الشدف العصبية العجزية.

ومن الضروري كذلك إجراء تقييم عصبي دقيق بغية تحديد مستوى الأذية النخاعية إن وجدت ولتحديد امتدادها، ويتطلب الأمر لذلك فحص حس اللمس السطحي وحس وخز الإبر وحساسية وضعية المفاصل، كما يجب الانتباه لفحص العجان وتسجيل كل ما سبق بدقة، كما تسجل القوة الحركية لعضلات الأطراف بحسب مقياس مجلس البحث الطبي MRC كما تفحص منعكسات الأطراف وجدار البطن والمنعكس الكهفي البصلي؛ وتسجل كلها.

التقييم الشــعاعي:

يجب أن يبقى المريض تحت إشراف طبي كامل في أثناء هذا التقييم لضمان بقاء العمود الفقري بوضعية حيادية من دون عطف أو دوران، ومن الضروري الحصول على صور شعاعية ذات نوعية جيدة، ويتطلب هذا أن ينقل المريض إلى قسم الأشعة. وقد تظهر الصورة الشعاعية الجانبية الكسر أو الخلع الفقري بسهولة، ولكن لا بد من الفحص الدقيق لاصطفاف الأجسام الفقرية وأن يلاحظ المنحني البزخي الطبيعي مثلاً في العمود الرقبي الذي يتألف من تتالي الوجوه الخلفية لأجسام الفقرات؛ فقد يشير اضطرابه البسيط إلى كسر انهدامي أو تحت خلع خفيف، وقد يزداد عرض الفرجة بين النواتئ الشوكية إذا حدث تمزق الرباط بين السناسن لا يجوز إغفاله، كما ينبغي ملاحظة ظل الأنسجة الرخوة أمام الفقرات على الصورة الجانبية بحثاً عن الورم الدموي أمام الفقرات والذي يُستدل عليه بزيادة عرض ظل الأنسجة الرخوة على 5 مم؛ وهي إشارة إلى وجود كسر فقرة مستبطن. ينجم عن خلع المفصل الوجيهي الوحيد الجهة المنعقل درجة من دوران العمود الفقري فوق مستوى الأذية، ولذلك من المهم أن تظهر الصورة الشعاعية الجانبية للعمود الرقبي كامل طوله؛ أي سبع فقرات رقبية مع الوصل الرقبي الظهري.  ولإظهار ذلك يتطلب الأمر شد الذراعين من قبل المساعد في أثناء التصوير. أما فحص الوصل القحفي الرقبي فيجب من أجله التصوير عبر الفم المفتوح لتشخيص كسور الأطلس وكسور الفائق أو كسر المحور. هذا وقد يتعرض النخاع الشوكي للأذية أحياناً بعد أذية فرط بسط العنق من دون كسر أو خلع مرافق (أذية مَصْعيةwhiplash )، ويلاحظ هذا في المسنين خاصّة بسبب وجود اعتلال فقرات تنكسي وضيق القناة الفقرية لديهم.

أما العمودان الظهري والقطني فيجب تصويرهما بالوضعين الأمامي الخلفي والجانبي، وهنا أيضاً ينتبه للتفاصيل العظمية المختلفة كارتفاع الأجسام الفقرية وتساوي مسافات الأقراص والمسافة بين السويقات وتمادي الحدب الظهري والبزخ القطني خشية إضاعة كشف أي كسر أو تحت خلع خفيف، ومن الضروري ملاحظة الورم الدموي المجاور للفقرات أيضاً. وقد يضيف التصوير المقطعي المحوسب لمكان الأذية معلومات مفيدة أكثر؛ ولا سيما في الوصل الرقبي الظهري.

من الأيمن صورة شعاعية جانبية لعمود رقبي يظهر الفقرات من C1 حتى T2، يلاحظ تمادي الخطوط الأربعة المهمة. أما الصورة الثانية فهي عبر الفم المفتوح، وتظهر كسر الفائق من الدرجة 2. تظهر الصورتان الثالثة والرابعة كسراً انهدامياً في الفقرة القطنية الثانية مع اضطراب واضح بالبزخ القطني. التصوير الطبقي المحوري يقدم معلومات مفيدة عن تضيق القناة الشوكية الشديد.

تدبير الأذية الرضية في العمود الفقري:

-1 العمود الرقبي :

يحتاج المصابون بكسور خلوع غير ثابتة ومتبدلة إلى التمديد والتثبيت بالشد الهيكلي عبر الجمجمة، ويكون ذلك بتطبيق أوزان متتالية بمعدل 2.5 كغ لكل مستوى، فمثلاً بخلع الفقرة الخامسة وكسرها قد يُطبَّق وزن يفوق 12-13 كغ، لكن ذلك يجب أن يتم بالتدريج مع مراقبة دائمة سريرية وشعاعية حتى الحصول على الرد التام، فينقص الوزن إلى 7-8 كغ فقط للمحافظة على الرد، ثم يُستمَر كذلك حتى الاندمال. وقد يحتاج المريض بعدها إلى تثبيت بالياقات المختلفة أو بجهاز الهالو أو تدخل جراحي بمدخل أمامي أو خلفي أو مشترك بغية التثبيت المعدني. وبعد ذلك يجب إعطاء الستيروئيدات مدة 24 ساعة للإصابات الرقبية الحادة؛ ولا سيما وجود أذية عصبية مرافقة، فيعطى المِثيل بردنيزولون بجرعة عالية 30 ملغ/كغ/ بمدة نصف ساعة جرعة تحميل، يليها 5.4 ملغ /كغ/سا تسريباً وريديّاً لبقية 23، ساعة والغاية هي تخفيف الوذمة العصبية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن ينتبه لخطورة النزف المعدي الذي تستطب للوقاية منه مضادات الهيستامين كالسيميتيدين.

يفرّجُ رد الخلع الضغط العصبي، ويوفر فرصة أفضل للمريض من أجل تحسن الأذية العصبية إذا جرى التدخّل باكراً.

تظهر الصورة اليمنى طريقتين للعلاج المحافظ بالتمديد الهيكلي عبر الجمجمة والشد بطريقة الهالو. أما الصورتان الشعاعيتان في الوسط A&B فتظهران خلع مفصل وجيهي وحيد في المستوى C5-6 جرى علاجه بالتثبيت الأمامي الجراحي، وتظهر الصورتان الشعاعيتان الأخيرتان في الأيسر كسر الدمعة الساقطة في الفقرة C5 وقد عولج جراحياً بالتثبيت الأمامي الخلفي.

-2 العمودان الظهري والقطني:

يعالجُ معظمُ المصابين بكسورهما من دون جراحة باستخدام الوسائد المناسبة بغية تكوين سطح مطابق للظهر يستلقي عليه المريضُ؛ مما يساعدُ على استعادةِ المحور الطبيعيِّ للعمود الفقريِّ، لكن بعض الكسور تتطلب رداً مفتوحاً وتثبيتاً جراحياً باستخدام أنظمة التثبيت المختلفة. والدليل على فائدة العلاج الجراحي لتحسين الوظيفة العصبيّة دليل ضعيف إلا إذا كانت الأذية غير تامة، وتوفر الدليل على وجود ضغط حقيقي على التراكيب العصبية بقطع عظمية أو أجزاء من القرص؛ وعندها يكون تحرير الضغط والرد والتثبيت مفيدة جداً.

تظهر الصورة كسراً انفجارياً مفتتاً في الفقرة القطنية الخامسة عولج جراحياً بمدخلين: خلفي بالتثبيت القطني العجزي الحرقفي؛ وأمامي بقفص بديل من جسم الفقرة.

مضاعفات أذيـّة الحبل الشـوكيِّ:

-1 المضاعفات التنفسية:

من الشائع تأذي الوظيفة التنفسية عقب أذية الحبل الشوكي الرقبي بسبب شلل العضلات الوربية أو تأذي خلايا القرن الأمامي للعصب الحجابي في مستويات الفقرات الرقبية الثالثة والرابعة والخامسة، وقد يكون هناك أذيات صدرية أخرى مرافقة مثل كسور الأضلاع أو رض الرئة، ويجب ألا يُنسى أيضاً صعوبة التقشع في المريض، ولذلك تكثر إصابته بالانخماص الرئوي الجزئي وباضطرابات التهوية والتروية V/Q. ولما كان نقص الأكسجة قد يؤدي إلى توقف القلب يجب مراقبة إشباع الأكسجين في المريض باستمرار، وقد يحتاج إلى التصوير الشعاعي وتنظير القصبات.

-2 المضاعفات القلبية الوعائية:

تؤدي المقويّة المبهميّة المتبقّية بعد قطع السبيل الوديّ بالأذيّة النخاعيّة (يحدث ذلك في الأذيات النخاعية  فوق الفقرة الصدرية السادسة) إلى تباطؤ القلب وانخفاض الضغط. وهنا يجبُ الانتباه إلى أن زيادة إعطاء السوائل الوريدية يؤدي إلى حدوث وذمة رئة، كما يمكن لمص المفرزات من البلعوم أن ينبّه المبهم وأن يفاقم تباطؤ القلب ويعرض المريض لتوقف القلب، وهنا تأتي ضرورة العلاج بالأتروبين أحياناً. وقد يزيد تفاقم هذه المشاكل حين يؤدي الشلل الوعائي الحركي إلى نقص حرارة المريض hypothermia.

-3 المضاعفات البولية:

يجب تزويد المصاب بقثطرة صغيرة لتجنب حدوث فرط تمدد في مثانته فاقدة المقوية، ثم يستبدل بها فيما بعد قثطرة فوق العانة، أو يلجأ إلى القثطرة الذاتية المتقطعة (أي عند الحاجة إلى قثطرة مفرغة) كبدائل لذلك (هناك خطر تشكل حصيات مثانية في المصاب بالشلل بسبب البيلة مفرطة الكلسيوم التالية للشلل وعدم الحركة). ويجب تبديل القثاطر البولية بانتظام وتجنب حدوث خمج بولي بغية منع حدوث الخمج  الصاعد أو الأذية المزمنة.

-4 المضاعفات المعدية المعوية:

يصاب المريض بشلل الأمعاء الوظيفي منذ الأيام الأولى للأذية، ولذلك يجب تحديد إعطاء السوائل عبر الفم، كما يحتاج المريض إلى أنبوب أنفي معدي لمص المفرزات بغية إنقاص التمدد والتوسع المعدي وما يسببه من ضغط الحجاب الحاجز. وقد يصادف لدى المصاب قرحة هضمية حادة وقياء مدمّى أو انثقاب حشاً أحياناً، وهنا يصبح ألم الكتف الشكوى السريرية الوحيدة.

-5 الخثــار الصــمي:

هناك خطر تشكل خثار وريدي عميق وانطلاق صمة رئوية في المراحل المبكرة من الشلل الرباعي أو النصفي السفلي، وهي تشكل السبب الأكثر شيوعاً للموت في الذين يستمرون أحياء بعد الأذية الأولى. وللوقاية بالهيبارين تحت الجلد وبالجرابات المضادة للتخثر شأن مهم، ولذلك يجب تطبيقهما منذ البداية.

-6 خشكريشات eschar الضغط في الجلد:

يحدث النخر الإقفاري في الجلد بسبب الضغط المستمر غير المُفرّج على البوارز العظمية كالكعبين والحدبة الوركية والمدور الكبير، ولذلك يجب تقليب المريض باستمرار يدوياً أو ميكانيكياً كل ساعتين. وقد تشمل الخشكريشة الجلد والشحم والعضلات والتراكيب العميقة أحياناً، وهنا لا بد من التنضير الجيد ووسائل الترميم الخاصة؛ كي يحدث الشفاء، ويجب كذلك منع انكماش المفاصل باستخدام الجبائر الخاصة بذلك وبالعلاج الفيزيائي الباكر.

النقل إلى مركز العناية بالعمود الفقري: أوجدت بعض البلدان مراكز خاصة للعناية بالمصاب بأذية نخاع شوكي دائمة يتوفر فيها التمريض المختص والمعالجة الفيزيائية والتأهيلية وخدمات الدعم الاجتماعي، وأصبح معظم المرضى بذلك قادرين على العودة إلى بيوتهم والانضمام إلى المجتمع من جديد.

إنــذار الشــفاء:

يموت نحو ثلث المصابين بأذيات نخاعية تامة عالية المستوى في الاثني عشر شهراً من وقوع الأذية، ومن الصعب التنبؤ بالشفاء في الأذيات النخاعية غير التامة، ولكن التحسن يستمر بالحدوث عدة سنوات عادة (الجدول3). أما الأسباب الرئيسية للوفاة في المصاب بأذيات النخاع الشوكي؛ فتشمل قصور الكلية وقرحات الاضطجاع والأخماج التنفسية.

(الجدول3) الشفاء من الأذية النخاعية الجزئية

الفعالية التي يبديها المصاب بعد 72 ساعة/الأذية

% مشي بعد سنة واحدة

لا شيء

وظيفة حسية جزئية

فعالية حركية موجودة

0

47

87

ثانياً- أَذياتُ الصـَّـدر  injuries of the thorax:

أكثر الأخطار الناجمة عن أذيات الصدر أهمية هو تأذي الوظيفة التنفسية، ولكن يجب أن يؤخذ بالحسبان احتمال وجود أذيات أخرى مرافقة لها في الجنب وفي الرئتين وفي التراكيب المنصفية المختلفة، ومنها القلب.

-1 كســور الأضـلاع rib fractures:

- هي أكثر أذيات الصدر شيوعاً، تصيب 10% من ضحايا الأذيات الرضية عامّة، وهي تصيب الأضلاع المكشوفة من الخامس إلى التاسع؛ لأن الأضلاع العلوية محمية بحزام الطرف العلوي في حين تتفادى الأضلاع السفلية الرض؛ لأنها سائبة ومتحركة.

يمكن تشخيص كسور الأضلاع باستخدام التصوير بالأمواج فوق الصوتية مثلاً، وهو يفيد في اكتشاف الكسور التي لا تظهر على الصورة الشعاعية البسيطة كما في هذه الحالة التي أصاب الكسر فيها قشراً واحداً، هو القشر الخلفي، فلم يظهر على الصورة البسيطة، كما يفيد التصوير بالصدى في تشخيص كسور الوصل العظمي الغضروفي بالضلع وفي تشخيص كسور الغضاريف الضلعية.

 

- تحدث بعد تعرضها لرض مباشر direct blow أو لأذية هرسية  crushing injury. أما في المصابين بتخلخل العظام؛ فـتكسر الأضلاع بعد تعرضها لشدات بسيطة كما في السعال أو العطاس، وفي الأطفال قد تتأذى الأحشاء الصدرية الداخلية قبل أن تنكسر الأضلاع إذ إن مرونتها ومطواعيتها تجعلها تنثني وترتد دون أن تتأذى، فإذا تعرضت لكسر واضح فهو دليل على شدة الرض الذي أصابها.

- قد تكون الكسور مفردة أو متعددة، مغلقة أو مفتوحة، وقد ترافقها الريح الصدرية بسبب كسر ضلع مفتوح يسمح بدخول الهواء عبر جرح الكسر أو بسبب اختراق الرئة بالضلع المكسورة المتبارزة.

سريرياً: يشكو المريض ألماً جنبياً شديداً موضعاً يتفاقم بالتنفس العميق أو بالسعال أو بالضغط الأمامي الخلفي على جدار الصدر، وقد يرافق الألم صعوبة التنفس الناجمة عن الألم ذاته أو بسبب الريح الصدرية المرافقة. والعلامة السريرية المميزة لكسر الضلع هي الإيلام المفرط حين ضغط نقطة محددة من الضلع المصابة، وقد يلاحظ تكدم أو جرح في هذه النقطة، ويجب ألا ينسى البحث عن علامات الريح الصدرية في أثناء الفحص السريري.

شعاعياً: تظهر الصورة البسيطة  كسراً أو أكثر بجوار زاوية الضلع، وقد تتطلب بعض الكسور إجراء صور بوضعيات خاصة لإظهارها، وفي الحالات غير المتبدلة يمكن الاستفادة من ومضان العظام أو من التصـوير المقطعي المحوسب لإظهارها. أما التصوير بالأمواج فوق الصوتية فهناك من يؤكد أهميته في تشخيص كسور الأضلاع في الإسعاف؛ ولاسيما حين لا يظهر الكسر على الصورة الشعاعية البسيطة.

 

أ- صورة شعاعية خلفية أمامية للصدر تظهر كسر الأضلاع /6،7/ يُلحظ أنه ثبت أنه لا فرق بين صورة الصدر وصورة الأضلاع في إظهار كسر الأضلاع، فنسبة الإخفاق في إظهاره بكلتيهما هي 54%، ب- يفيد ومضان العظام في لفت الانتباه لوجود بؤرة التقاط حارة في الأضلاع اليسرى؛ إذ تخفق الصورة الشعاعية بكشف الكسر، لكنه اختبار غير نوعي لا يميز بين الكسر والانتقالات أو الكسر المترافق مع انتقالات ورمية، ج- التصوير المقطعي المحوسب هو أداة تشخيصية مهمة في أقسام إسعاف الرضوض العديدة، وهو بذلك قادر على كشف كسور الأضلاع وحالة الرئتين، وفي هذه الحالة لا داعي للتصوير الشعاعي لإثبات وجود كسور الأضلاع.

المعالجة:

- المسكنات: يجب أن يعطى المريض مسكناً كافياً يسمح له بالقيام بالتنفس الفعال، وهذا مهم خاصّة في المسنين والمضعفين الذين قد يصابون بذات الرئة إذا لم يتمكنوا من إخراج مفرزاتهم، ويفيد إحصار العصب الوربي بالميركائين (مخدر موضعي) في هذا المجال، وقد يحتاج إلى تكراره كل 6 ساعات. كما أن مضادات الالتهاب غير الســتيروئيدية كالديكلوفينــاك مفيدة خاصّة؛ لأنها لا تسبب تثبيطاً تنفسياً.

- التنفس: يشجع المريض على التنفس، وتجرى له تمارين وعلاج فيزيائي تنفسي.

- التجبير باللاصق: تختلف الآراء حول قيمة الدعم الخارجي باللاصق (التجبير)، فهو فعال في تفريج الألم؛ لكنه يحدد حركة جدار الصدر وتوسعه خلال الشهيق.

- العلاج الجراحي: يستطب الرد والتثبيت الداخلي في بعض الحالات، وسيُبحث فيها لاحقاً.

المضاعفات:

- ترافق كسور الأضلاع الثلاث العلوية نسبة مراضة ونسبة وفاة عاليتين بسبب شدة الرض الذي تعرضت له، ولذلك غالباً ما تصحبها أذية أخرى في الرئة أو الأوعية الكبيرة أو العمود الرقبي.

- أما الأضلاع من الرابع إلى التاسع فتنكسر على الخط الإبطي برض يدفعها إلى الداخل مهددة الرئة بالانثقاب؛ مما قد يؤدي إلى حدوث ريح صدرية، ومع أن هذه المضاعفة نادرة فإنها تتطلب تدخّلاً إسعافياً إذا اضطرب التوتر في المريض؛ بغرس إبرة في القسم العلوي من جوف الجنب بغية تفريج الألم وضيق النفس.

- وكسور الأضلاع السفلية قد ترافقها أذية حشوية داخل البطن.

-2 الصدر الحر flail chest المصراع الصدري  stove-in chest:

يحدث الصدر الحر حين يفقد جدار الصدر صلابته الميكانيكية بسبب كسور ضلعية متعددة (3-4 أضلاع على الأقل) في مكانين من الضلع على الأقل، وقد تكون الكسور في جهة واحدة من القص أو على جهتيه، فيحدث ما يسمى القص السائب floating sternum، وقد يكون أمامياً أو جانبياً أو خلفياً. وفي جميع الحالات ينفصل جزء من القفص الصدري عن مرتكزاته، ويأخذ بالتحرك حركة عجائبية (أي إنه يندفع نحو الداخل في الشهيق ثم نحو الخارج في الزفير)؛ مما ينجم عنه عدم كفاية تهوية الرئتين واحتباس المفرزات الرئوية في داخلها، ويرافق ذلك كله تكدم الرئة، وتصاب الرئتان بتوذم متزايد، وتصبح ناقصة الأكسجة أكثر فأكثر كما تزداد الحركات التنفسية الفاعلة كثيراً؛ مما يفاقم الحركة العجائبية أكثر، ويؤدي إلى مزيد من نقص الأكسجة وهكذا.

صدر حر: تٌلحظ في صورة الصدر كسور عدة أضلاع يسرى في أكثر من مكان مع تشكل شدفة حرة، وتكدم الرئة الواسع. المخطط الترسيمي يظهر الصدر الحر: تلاحظ كسور عدة أضلاع في مكانين مختلفين مع تشكل شدفة حرة من جدار الصدر وتكدم الرئة

سريرياً: يبدي المريض أعراض كســر أضلاع وعلاماته، وقد يكون التنفس كافياً في البداية، ولكن بعد 24-48 ســاعة تزداد الزلة التنفســية، وتصبح أشــــد وأخطر، ولدى تأمل المريض تلاحظ الشدفة الحرة من جدار الصدر وهي تتحرك حركتها العجائبية المميزة (نحو الداخل في الشهيق ونحو الخارج في الزفير). أما تأكيد التشخيص فيكون بصور الصدر الشعاعية البسيطة، كما تظهر معايرة غازات الدم انخفاض  PO2 وارتفاع PCO2.

المعالجة والتدبير: يوضع المريض على الأكسجين وهو بوضعية الجلوس، وتدعم الشدفة الضلعية الحرة بالتجبير اللاصق موقتاً، ويعطى مسكنات قوية، والأفضل هو إحصار الأعصاب الوربية بالمخدرات الموضعية أو بالتخدير فوق الجافية لتخدير الناحية الصدرية، ويراقب المريض بعناية فإذا بدأ نظمه التنفسي بالزيادة المطردة يجب اتخاذ إجراءات أخرى، كما تجرى له سلسلة من معايرات غازات الدم أحياناً بغية مراقبة ترقي الحالة. وفي الحالات الشديدة يوضع المريض على المنفسة بعد تخديره للتمكن من تقديم التهوية الآلية بالضغط الإيجابي، وقد يُضطر إلى إجراء خزع رغامى؛ كي يسهل تنظيف المفرزات القصبية الرغامية من جهة ولإنقاص المسافة الميتة من جهة أخرى، كما يفجر جوف الجنب بالتفجير تحت الماء. أما التثبيت الجراحي فليس ضرورياً إجراؤه إذا كان المريض موضوعاً على التنفس بالضغط الإيجابي، فإذا كانت هناك صعوبة بالاستمرار به لأي سبب كان يلجأ إلى تثبيت الكسور داخلياً بأسياخ كيرشنر أو باستخدام الصفائح المعدنية الخاصة بالأضلاع (قديماً كان يعتمد على التمديد الهيكلي بعد تعليق الشدفة المفصولة من جدار الصدر بأسياخ كيرشنر أو بلواقط (الرفادات) التي تستخدم عادة لتثبيتها في ساحة العمل الجراحي).

أما المصراع الصدري فيحدث بآلية مشابهة لآلية حدوث الصدر الحر إلا إنه أشد خطورة منه؛ لأن الشدفة الضلعية الخاصة بالمصراع الصدري تندفع إلى داخل جوف الصدر لمسافة أكثر، ثم تَعلَقُ هناك تحت ما يجاورها من أضلاع أخرى، ولمعالجته يجب اللجوء إلى الجراحة التي تتضمن رفع الشدفة المندخلة من أجل الرد ثم تثبيت الأضلاع المكسورة جراحياً.

 

الصدر الحر والمصراع الصدري: أ- يلاحظ كيف يفقد جدار الصدر ثباتَه نتيجة كسور عدة أضلاع، وعندما تعلقُ الشدفةُ المكسورةُ الأضلاع تحت جيرانها يتطورُ المصراعُ الصدري الذي يُصحب بتكدم رئة شـديد عادة مع عسر تنفس خطر تالٍ لحركته العجائبية، ب- وعنـدها لن يكفيَ التثبيت الخارجـي لجدار الصدر باللاصق مع المعالجات الأخرى الداعمة، ج- غالباً ما يتطلب الأمر التدخّل الجراحي للرفع والاستجدال.

 -3 كسور القص  fracture of the sternum:

- أذية نادرة تحدث عقب حوادث السيارات (بآلية نقص التسارع)؛ إذ يرتطم صدر المريض قسرياً بالمقود أو بلوحة القيادة أمامه؛ مما يؤدي إلى رض شديد على عظم القص ينجم عنه الكسر بآلية مباشرة، وقد يحدث الكسر بآلية غير مباشرة حين يتعرض العمود الظهري لأذية عطف شديدة.

 

أ- صورة بسيطة جانبية تظهر كسر أعلى جسم القص بآلية مباشرة، ب- طبقي محوري سهمي يظهر كسراً معترضاً بأعلى جسم القص (السهم الكامل الوحيد) يُلاحظ النزف خلف القص (رأسا السهمين) آلية الرض المباشر.

سريرياً: يشكو المريض ألماً فوق عظم القص وصعوبة تنفس، ويلاحظ بفحصه مضض وإيلام قصي شديد وكدمة على الجلد، وقد تُجسُّ درجة بارزة step أو تشوه واضح، المضاعفات الرئوية نادرة؛ لكن قد يرافق كسر القص أذية رغامى أو أذية أوعية كبيرة أو أذية في القلب.

 

أ- كسر عظم القص بآلية غير مبـاشرة، ب- يُلاحظ كسر الخلع في الفقرة الظهرية السابعة والذي يظهر انهدام الأعمدة الثلاثة للفقرة بسبب تعرض المريض لآلية عطف شديدة، ج- يُلاحظ مصاحبته بأذية أوعية كبيرة في قوس الأبهر، د- وبأذية نسيج الرئة، ه- هناك أذية أخرى مرافقة حول القلب، يُلاحظ تجمع الغاز بالمنصف.

التـدبيــر: يُعالــج المريضُ بالمسكنات القوية (مثل البتيدين)؛ كي يتمكن من تحريك قفصه الصـدري بغية الحصول على تنفس مجدٍ، فإذا كان كسر عظم القص متبدلاً يصغر معها قطر الصدر الأمامي الخلفي؛ عندها يجب سحب القطعة المتبدلة للداخل نحو الخارج.

 

كسر قص معالج بالاستجدال الداخلي بصفيحة ولوالب. يُلاحظ كسر الفقرة الظهرية المعالج بالتثبيت الأمامي وكذلك كسر الترقوتين المثبتتين جراحياً.

وحالياً يجرى العلاج بالرد المفتوح ثم الاستجدال الداخلي لقطع الكسر باستخدام الربط بالأسياخ أو بالتثبيت بالصفائح المعدنية الخاصة بعظم القص وصفائح إعادة البناء.

أما إذا كان التبدل ضئيلاً فلا حاجة للتدخّل الجراحي، ويكتفى بالمسكنات، ويجب الانتباه إلى احتمال ترافق كسر القص واضطرابات نظم القلب، وتكون معه مراقبة القلب أمراً أساسياً.

-4 الريح الصـــدرية pneumothorax :

- أكثر مضاعفات أذيات الصدر، وتعرّف بوجود الهواء في الجوف الجنبي بين وريقتيه الجدارية والحشوية، وهي قد تكون رضية (بسبب رضوض نافذة: جروح طاعنة وأذيات الطلق الناري  أو رضوض كليلة تالية لكسور الأضلاع) أو غير رضية (أوليــة أو ثانوية).

- والريح الصدرية الضاغطة tension pneumothorax هي تجمُّع الهواء تحت ضغط في جوف الجنب بسبب وجود دسام أو مصراع وحيد الاتجاه one way valve يسمح للهواء بالدخول إلى جوف الجنب، ويمنع خروجه منه، وإذا لم تكشف هذه الحالة، وتعالج مباشرة؛ فإنها تتطور بسرعة إلى قصور تنفسي ووهط قلبي وعائي ينتهي بالموت.

 

أ- صورة صدر خلفية أمامية تظهر ريحاً صدرية ضاغطة كبيرة (السهم الأحمر) في مريض تعرض لحادث سير، وهو في قاعة الإنعاش الآن، يُلاحظ انجذاب المنصف إلى الأيمن (السهم الأصفر) وانخماص الرئة واندفاعها للأسفل والأيمن (السهم الأخضر) مع اندفاع الحجاب الحاجز الأيسر للأسفل، ب- يُلاحظ أنها تهدد بوهط وعائي شديد، وأفضل إجراء إسعافي مباشر هو إيلاج إبرة من قياس 16 في الورب الثاني على خط منتصف الترقوة بغية تفريج الزلة، ثم يفجر الصدر، ج- تصوير مقطعي محوسب للصدر يظهر ريحاً صدرية ضاغطة صامتة تطورت تدريجياً عقب كسر ضلع (السهم الأصفر) يُلاحظ انخماص الرئة (السهم الأحمر).

- وتعالج الحالات الخفيفة بالمراقبة. أما الحالات الشديدة فيجب استخدام مفجر الصدر؛ ولا سيما إذا كان المريض موضوعاً على التهوية الآلية بالضغط الإيجابي أو عند نقله إلى مستشفى آخر.

- وتعالج الريح الصدرية الضاغطة- التي تتظاهر بعسر تنفس شديد أو بتوقف قلب- بتفجير الصدر الفوري تحت الماء، ولكن يمكن تخفيف الزلة إسعافياً بإيلاج إبرة واسعة اللمعة من قياس 16 في الورب الثاني على خط منتصف الترقوة فوق حافة الضلع مباشرة في الجهة المصابة.

- والريح الصدرية الرضية تتلو جرحاً صغيراً في الرئة، وهو يغلق سريعاً بعد عدة أيام من التفجير. أما إذا استمر تسرب الهواء فيجب التدخّل الجراحي لترميم الناسور المتشكل.

-5 مفجر الصدر:

- هو أنبوبٌ ليّنٌ ومطواع يُولجُ داخل جوف الجنب عبر جدار الصدر بغاية التخلص من الهواء و/ أو السوائل المتراكمة داخل جوف الجنب (دم، قيح، سوائل التهابية أو نتحية، كيلوس ... إلخ)، وهو يعمل بآلية تشبه دساماً وحيد الاتجاه يسمح بخروج المواد من داخل جوف الجنب، ويمنع دخولها إليه.

 

تفجير الصدر: أ- مثـلث الأمان محدد بالعضلة الصدرية الكبيرة أمامياً والعريضة الظهرية خلفياً والحجاب في الأسفل: يدخل في وسطه تماماً، ب- بعد التخدير الموضعي يجرى جرح طاعن في المكان المحدد، ثم يوسع بملقط مرقئ، ج- ثم تدخل الإصبع لتوسيع الجرح وفك الالتصاقات، د، هـ- ثم يقبض على أنبوب المفجر بملقط مرقئ، ويولج بسهولة في مكان الإصبع ثم، يثبت بالجلد، ولا يفتح إلا بعد وصله بزجاجة التفجير تحت الماء. و- إن تصاعد الفقاعات في ماء الزجاجة بعد فتح أنبوب التفجير وبعد السعال يؤكد أن التركيب سليم وأن المفجر يعمل جيداً. ز،ح- يُلاحَظ أن المريض بوضعية نصف الجلوس وأن زجاجة المفجر يجب أن تبقى أخفض من مستوى سرير المريض، وهنا تبدو على الأرض مباشرة .

 

- يُدخل عادة في المسافة الوربيـّة الخامسة أو السادسة إلى الأمام قليلاً من خط منتصف الإبط، وإن كان في النقطة نفسها ضلع مكسورة تستخدم المسافة التي فوقها أو التي تحتها مباشرة.

- إن إدخال المفجر بسرعة ومهارة ينقذ الحياة أحياناً. أما الإدخال بيد غير خبيرة فقد يكون مؤلماً وخطراً. ولا يوُصى باستخدام رؤوس المبزل trocar الحادة، ومن أجل تركيب المفجر بسهولة وأمان يعتمد على إجراء جرح طاعن صغير في المكان المحدد من  جدار الصدر يمتد حتى الجنب (بعد تخدير الطبقات موضعياً تخديراً كافياً)، ثم يُدخَل إلى جوف الجنب باستخدام ملقط مرقئ haemostat عادي منحنٍ، يُوسَّعُ به الجرحُ الطاعن؛ ليبلغَ حجماً يناسبُ دخول الإصبع التي تُدخلُ لفكِّ الالتصاقات، يدخل المفجر بعد ذلك بأمان ولا يفتح إلا بعد وصله إلى زجاجة التفجير تحت الماء underwater seal chest drain. وخروج الفقاعات وتصاعدها في ماء زجاجة المفجر يؤكد صحة تركيبه.

- وحين خروج أكثر من لتر واحد من الدم مباشرة لحظة  تركيب المفجر أو إذا كان معدل النزف المنبعث منه يفوق 250مل/ساعة يجب إجراء فتح صدر thoracotomy استقصائي وعلاجي.

 

 

 


التصنيف : أمراض الجهاز الحركي
النوع : أمراض الجهاز الحركي
المجلد: المجلد الخامس عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 308
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 516
الكل : 31280734
اليوم : 28922