logo

logo

logo

logo

logo

أعواز المناعة الخلقية والمكتسبة

اعواز مناعه خلقيه ومكتسبه

-

 أعواز المناعة الخلقية والمكتسبة

أعواز المناعة الخلقية والمكتسبة

أعواز المناعة الخلقية (الأولية) أعواز المناعة المكتسبة (الثانوية)
عيوب نضج الخلية اللمفاوية Defects in lymphocyte maturation التظاهرات السريرية للخمج بـفيروس عوز المناعة البشري ولمتلازمة عوز المناعة المكتسب
عيوب نضج اللمفاويات البائية أو التائية المعالجة والتلقيح
شذوذات اللمفاويات المرافقة لأمراض أخرى الخلاصة
 

إن العيوب في تطور الجهاز المناعي، أو الخلل في وظيفته تتسبب في زيادة التأهب لاكتساب أخماج جديدة، أو تفعيل أخماج كامنة، كالخمج بالفيروس المضخم للخلايا CMV، أو فيروس إبشتاين- بار أو السل، وعادة ما تكون المناعة الطبيعية غير المعيبة قادرة على إبقائها تحت السيطرة لكن من دون التخلص منها نهائياً. كما تؤدي هذه العيوب إلى زيادة ملحوظة في معدلات حدوث سرطانات معينة. وعواقب العيوب المناعية هذه متوقعة فالجهاز المناعي الطبيعي وجد أصلاً ليدافع عن الفرد ضد الأخماج وبعض السرطانات.

وتدعى الاضطرابات الناجمة عن عيوب الجهاز المناعي بأمراض عوز المناعة، وبعض هذه الأمراض ينجم عن شذوذ وراثي في واحد أو أكثر من مكونات الجهاز المناعي، وعندها تسمى الأعواز المناعية الأولية (أو الخلقية)، ويمكن أن تنجم العيوب الأخرى في الجهاز المناعي عن بعض الأخماج، كالإيدز، أو سوء التغذية، أو بعض المعالجات الدوائية التي تؤثر سلباً في بعض مكونات الجهاز المناعي أو وظائفه، وهذه العيوب تدعى الأعواز المناعية المكتسبة (أو الثانوية).

وسيتم فيما يأتي وصف أسباب أعواز المناعة الخلقية والمكتسبة، ومن بين اضطرابات المناعة المكتسبة سيتم التركيز على متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز) الناجمة عن الإصابة بفيروس عوز المناعة البشري والذي يعد من أخطر المشاكل الصحية في العالم. وستتم مناقشة الأسئلة التالية:

• ما الآليات التي تؤثر في عوامل المناعة في أشيع أمراض المناعة الخلقية؟

• كيف يسبب فيروس عوز المناعة البشري المظاهر المرضية والسريرية للإيدز؟

• ما المقاربات المستخدمة في علاج أمراض عوز المناعة؟

أعواز المناعة الخلقية (الأولية)

تحدث أعواز المناعة الخلقية بسبب عيوب جينية تؤدي إلى اضطراب في النضج أو الوظيفة في مكونات الجهاز المناعي المختلفة.

تشير الإحصائيات إلى أن واحداً من كل خمسمئة شخص تقريباً في الولايات المتحدة وأوربا يعاني اضطراباً مناعياً خلقياً ما مختلف الشدة، وتشترك هذه الأعواز الخلقية في العديد من التظاهرات، أهمها المضاعفات الخمجية (الشكل ١). وتتباين أعواز المناعة الخلقية كثيراً في تظاهراتها المرضية والسريرية؛ فبعض هذه الأعواز تتسبب في زيادة كبيرة في التأهب لحدوث الأخماج في وقت مبكر بعد الولادة وربما تكون مميتة قبل أن يمكن تدبيرها، في حين تؤدي أعواز مناعية أخرى إلى حدوث أخماج خفيفة ربما لا تكتشف إلا في مراحل متقدمة من العمر، وفيما يأتي إمراضية بعض هذه الأعواز.

نوع عوز المناعة

الشذودات المخبرية والتشريحية المرضية

الأخماج الشائعة في هذا العوز

أعواز الخلايا البائية

غياب مراكز الإنتاش في الأعضاء اللمفية أو نقصها، نقص مستويات الغلوبولينات المناعية في المصل

الأخماج الجرثومية القيحية، الأخماج الفيروسية والجرثومية المعوية

أعواز الخلايا التائية

نقص مناطق الخلايا التائية في الأعضاء اللمفية،

نقص تفاعل فرط التحسس الآجل لمختلف المستضدات، تكاثر معيب للخلايا التائية

الأخماج الفيروسية، الأخماج داخل الخلوية الأخرى، الخباثات المرافقة للأخماج الفيروسية

أعواز المناعة الخلقية

مختلفة بحسب مكون المناعة الخلقية المعيب

مختلفة: الأخماج الجرثومية المقيحة والأخماج الفيروسية

الشكل (١): أمراض عوز المناعة الرئيسية ومظاهرها.

عيوب نضج الخلية اللمفاوية Defects in lymphocyte maturation:

إن كثيراً من أعواز المناعة الخلقية سببها شذوذات جينية تسبب توقف نضج اللمفاوية البائية أو التائية أو كلتيهما.

- العوز المناعي المشترك الوخيم (SCID) Severe combined immunodeficiency: تصنف الاضطرابات الناجمة عن خلل في اللمفاويات البائية والتائية- اللتين تشكلان ذراعي المناعة التلاؤمية- على أنها عوز مناعي مشترك وخيم، وهي ناجمة عن أحد الشذوذات الوراثية التالية:

• العوز المناعي الوخيم المرتبط بالجنس (X-SCID) الناجم عن طفرة في السلسلة غاما (γc): نحو نصف حالات العوز المناعي الوخيم مرتبطة بالجنس X-linked، تصيب فقط الأطفال الذكور، وقرابة ٩٩٪ منها تسببها طفرة في السلسلة غاما لمستقبلات معظم السيتوكينات، بما في ذلك الإنترلوكين ٢ و٤ و٧ و٩ و١٥ و٢١. وعندما لا تقوم السلسلة غاما بوظيفتها فإن اللمفاويات غير الناضجة وخاصة طليعة التائية Pro - T cell لا تستطيع التكاثر استجابة للإنترلوكين ٧ الذي يعد عامل النمو الأهم لهذه الخلايا. وهكذا يؤدي الخلل في الاستجابة للإنترلوكين ٧ إلى نقص في بقاء سليفات (اللمفاويات) التائية ونضجها، وبالتالي ينقص عدد اللمفاويات التائية الناضجة، مما يعني عوزاً في المناعة الخلوية. كما تتأثر المناعة الخلطية أيضاً نظراً لنقص المساعدة من قبل التائيات على الرغم من أن نضوج الخلايا البائية نفسها لا يتأثر كثيراً. كما يحدث عوز في الخلايا الفاتكة (القاتلة) الطبيعية؛ وذلك لأن السلسلة غاما جزء من مستقبل الإنترلوكين ١٥ الذي يساهم في تكاثر هذه الخلايا ونضجها.

• أعواز إنزيمي أدينوزين دي أميناز ADA وبورين نكليوتايد فوسفوريلاز PNP: يمكن لبعض الطفرات في الصبغيات الجسدية التي ترمز لبروتينات تشارك في استقلاب الحموض النووية أن تسبب حالات عديدة من العوز المناعي المشترك الوخيم. وإن قرابة نصف حالات العوز المناعي المشترك الوخيم ذات الصفة الجسدية المتنحية سببها طفرات في إنزيم أدينوزين دي أميناز، الذي يساهم في تحلل الأدينوزين. ويؤدي عوز هذا الإنزيم إلى تراكم مستقلبات البورين في الخلايا التي تركب الحموض النووية بفعالية، وهي عادة الخلايا المتكاثرة. تتأذى اللمفاويات خاصة بتراكم مستقلبات البورين لأنها تتكاثر تكاثراً نشطاً في أثناء نضجها. وهكذا يؤدي عوز الأدينوزين دي أميناز إلى توقف نضج اللمفاويات التائية أكثر من البائية، لكن يحصل خلل في المناعة الخلطية بسبب ضعف عمل التائيات المساعدة. ويشاهد خلل مماثل في النمط الظاهري عند أشخاص لديهم عوز في إنزيم بورين نكليوتايد فوسفوريلازPNP .

• تنجم بعض الأنماط الأخرى للعوز المناعي المشترك الوخيم ذي الصفة الجسدية المتنحية عن طفرة في الجين المرمز للكيناز التي تدعى JAK3، والمسببة لعيب في السلسلة غاما من مستقبلة السيتوكين. وتؤدي طفرة كهذه إلى الشذوذات نفسها المشاهدة في العوز المناعي المشترك الوخيم المرتبط بالجنس الموصوف سابقا،ً والناجم عن طفرات السلسلة غاما.

ومع التوسع في التحري عن الأعواز المناعية الخلقية عند الولدان يجري اكتشاف أسباب أخرى للعوز المناعي المشترك الوخيم (الشكل ٢).

آ- العوز المناعي المشترك الوخيم

المرض

الأعواز الوظيفية

آلية العيب

العوز المناعي المشترك الوخيم المرتبط بالجنس

نقص واضح في الخلايا التائية، الخلايا البائية طبيعية أو زائدة، نقص في الغلوبولينات المناعية في المصل

طفرات في جينات مستقبلات السيتوكينات، نضج الخلايا التائية المعيب

العوز المناعي المشترك الوخيم ذو الصفة الجسدية المتنحية الناجم عن أعواز إنزيم ADA، أو إنزيم PNP

نقص مترقٍّ في الخلايا التائية والبائية

عوز في إنزيم ADA أو إنزيم PNP يؤدي إلى تراكم المستقلبات السامة في اللمفاويات

العوز المناعي المشترك الوخيم ذو الصفة الجسدية المتنحية الناجم عن أسباب أخرى

نقص في الخلايا التائية والبائية، نقص في الغلوبولينات المناعية في المصل

نضج معيب للخلايا التائية أو البائية أو أسباب أخرى.

ب- عوز الخلايا البائية

المرض

الأعواز الوظيفية

آلية العيب

فقد غاما غلوبولين الدم المرتبط بالجنس

نقص في كل أصناف الغلوبولينات المناعية في المصل، نقص عدد الخلايا البائية

عدم نضج سليفات الخلايا البائية بسبب طفرة إنزيمية

عوز السلاسل الثقيلة للغلوبولينات المناعية

عوز في الأصناف الفرعية للـغلوبولينات المناعية، أحياناً يرافقه غياب IgA أو IgE

عيب في موضع مورثة السلاسل الثقيلة على الصبغي

ج - اضطرابات نضج الخلايا التائية

المرض

الأعواز الوظيفية

آلية العيب

متلازمة دي جورجي

نقص الخلايا التائية، الخلايا البائية طبيعية، الغلوبولينات المناعية طبيعية أو ناقصة في المصل

نقص تصنع التوتة

(الشكل 2): أعواز المناعة الخلقية الناجمة عن عيوب نضج الخلايا اللمفاوية.

عيوب نضج اللمفاويات البائية أو التائية:

تنجم بعض الأعواز المناعية الخلقية عن عيوب تصيب اللمفاوية البائية أو التائية:

فقد غاما غلوبولين الدم المرتبط بالجنس: أشيع المتلازمات السريرية الناجمة عن توقف نضج الخلية البائية، وفيه تخفق سليفات البائية في نقي العظم بالتوسع؛ مما يؤدي إلى انعدامٍ أو نقص واضح في اللمفاويات البائية الناضجة وغاما غلوبولينات المصل. وينجم المرض عن طفرة في جين يرمز لإنزيم كيناز يدعى بروتن تيروزين كيناز(BTK) Bruton tyrosine kinase؛ مما يؤدي إلى خلل في إنتاج هذا الإنزيم أو وظيفته، فهو يعطي إشارات تعزز بقاء هذه الخلايا وتكاثرها ونضجها. ويتوضع الجين المذكور BTK على الصبغي X؛ لذا فإن الأنثى التي يكون لها أليل واحد طافر لهذا الجين تكون حاملة للمرض، لكن ذريتها من الذكور الذين يرثون الصبغي X الشاذ يكونون مصابين بالمرض. وقد لوحظ أن زهاء ربع المرضى الذين يعانون فقد غاما غلوبولين الدم المرتبط بالصبغي X يحصل لديهم أيضاً أمراض مناعية ذاتية وخاصة التهاب المفاصل. والتفسير الممكن لهذا الترافق هو أن إنزيم بروتن تيروزين كيناز ضروري لتحمل البائيات المركزي central B cell tolerance؛ لذا فإن الخلل في هذا الإنزيم قد يسبب تراكماً في البائيات ذاتية التفاعل auto- reactive.

متلازمة دي جورجي DiGeorge syndrome: متلازمة نادرة، يحصل فيها خلل انتقائي في نضج اللمفاوية التائية، ناجم عن تطور ناقص للتوتة (التيموس) والدريقات. يخفق المريض الذي يعاني من هذه المتلازمة في إتمام نضج التائيات، لكن الحالة تميل إلى التحسن مع العمر عادة، ربما لأن الجزء المتطور من نسيج التوتة يساهم في نضج جزء من التائيات.

عيوب تفعيل اللمفاويات ووظيفتهاDefects in lymphocyte activation and function :

أدى التعمق في فهم الجزيئات المشاركة في تفعيل اللمفاويات إلى كشف بعض الطفرات أو الشذوذات الأخرى في هذه الجزيئات، التي تسبب أعوازاً مناعية (الشكل ٣)، وفيما يلي شرح بعض هذه الأمراض التي تنضج فيها اللمفاويات طبيعياً، لكن تفعيل هذه الخلايا ووظائفها المؤثرة (المستفعلة) تكون معيبة.

المرض

الأعواز الوظيفية

آلية العيب

متلازمة فرط الـ IgM المرتبطة بالجنس

عيوب في تفعيل الخلية البائية والبلاعم الكبيرة المعتمد على الخلية التائية

طفرات في لجين ( رابط ) CD40

العوز المناعي الشائع المتغير

نقص أصناف منتقاة من الغلوبولينات المناعية أو عدم إنتاجها، يؤهبان للأخماج الجرثومية، أو لا يوجد مشاكل مرضية

طفرات في مستقبلة عامل نمو الخلية البائية

متلازمة اللمفاوية العارية

نقص التعبير عن II MHC، ضعف تفعيل الخلية التائية CD4+ ، ضعف المناعة الخلوية والمناعة الخلطية المعتمدة على المناعة الخلوية

طفرات في الجينات المرمزة لعوامل النسخ اللازمة للتعبير عن جينات MHC II

عيوب التعبير عن معقد مستقبلة الخلية التائية أو سبل الإشارة

نقص الخلايا التائية، أو نسبة شاذة للخلايا التائية CD8+، CD4+، ضعف المناعة المتواسطة بالخلايا

حالات نادرة تعود إلى طفرات في الجينات المرمزة لبروتينات الـ CD3 أوZAP-70

عيب في تمايز الخلايا المساعدة Th1

نقص في تفعيل البلاعم الكبيرة المعتمد على الخلايا التائية، يؤهب للأخماج

حالات نادرة تعود إلى طفرات في مستقبلة الإنترلوكين ١٢ أو الإنترفيرون

عيب في تمايز الخلايا المساعدة Th17

نقص الاستجابة الالتهابية المتواسطة بالخلايا التائية، داء المبيضات الجلدي المخاطي، خراجات جرثومية

حالات نادرة ناجمة عن طفرات في الجينات المرمزة لـ IL-17

متلازمة تكاثر اللمفاويات المرتبطة بالجنس

تكاثر الخلايا البائية، وتفعيل الخلايا السامة المحرض بفيروس إبشتاين –بار، عيب في وظيفة الخلايا القاتلة الطبيعية، والخلايا السامة للخلايا والاستجابة الضدية

طفرات في الجينات المرمزة لبروتينات ملئمة مساهمة في التأشير للخلايا اللمفاوية

(الشكل ٣): ملامح بعض اضطرابات عوز المناعة الخلقية.

عيوب استجابة الخلايا البائية Defects in B cell responses:

يمكن أن يكون إنتاج الأضداد المعيب ناجماً عن شذوذات في اللمفاويات البائية أو التائية:

• متلازمة فرط الـ Hyper-IgM syndrome IgM وتتصف بوجود عيب في التحول الصنفي للسلاسل الثقيلة في اللمفاويات البائية، لذا تكون الأضداد من نوع IgM هي المسيطرة في المصل، كما تتصف بضعف المناعة الخلوية ضد المكروبات داخل الخلوية.

ويحدث المرض بسبب طفرة في أحد جينات الصبغي X المرمزة لربيطة (ligand)L CD40، وهي بروتين تصنعه الخلايا التائية ويرتبط بـ CD40على الخلايا البائية، أو الخلايا التغصنية أو البلاعم الكبيرة ويتواسط تفعيل هذه الخلايا المعتمد على الخلية التائية. ويؤدي الفشل في إبراز CD40L (express) إلى ضعف وظائف استجابة البائية المعتمد على التائية كوظيفة التحول الصنفي أو نضج الألفة في المناعة الخلطية، كما يؤدي إلى نقص تفعيل البلاعم الكبيرة المعتمد على الخلايا التائية في المناعة الخلوية. ويكون الأشخاص المصابون بهذا المرض متأهبين للإصابة بالمتكيسة الرئوية جيروفيسي Pneumocystis jiroveci، التي تستطيع البقاء ضمن البلاعم في غياب المساعدة من قبل الخلايا التائية.

تصادف أشكال نادرة من متلازمة فرط الأضداد IgM ذات الصفة الجسدية المتنحية (غير مرتبطة بالجنس)، وتنجم عن طفرة تصيب إنزيماً يدعى دي أميناز المحرض بالتفعيل activation-induced deaminase (AID)، الذي يساهم في التحول الصنفي والطفرات الجسدية المفرطة somatic hypermutation.

إن عوز إنتاج أنماط أسوية isotypes منتقاة من الغلوبولينات المناعية شائع إلى حد كبير، فعوز الـ IgA يصيب تقريباً واحداً من كل ٧٠٠ شخص، لكنه لا يسبب تظاهرات سريرية واضحة. الخلل المسبب لهذا العوز غير معروف في معظم الحالات، وقد يكون السبب أحياناً طفرة في جينات القطعة الثابتة من السلسلة الثقيلة للغلوبولين المناعي.

• العَوَز المَناعِيّ الشائِع المُتَغَيِّر:Common variable immunodeficiency (CVID) مجموعة من الاضطرابات المتغايرة المنشأ، والتي تعد شكلاً شائعاً من أشكال العوز المناعي الأولي، وتتصف بضعف إنتاج الأضداد في الاستجابة للأخماج، حيث يلاحظ انخفاض المستويات المصلية للأضداد IgGو IgA وIgM . وتتضمن أسباب هذه الأعواز العيوب في جينات مختلفة تساهم في نضج الخلية البائية وتفعيلها. وبعض المرضى لديهم طفرات في الجينات المرمزة لعوامل نمو مستقبلات الخلية البائية التي تؤدي دوراً مهماً في التفاعل (التأثر) بين الخلية البائية والتائية، ويعاني هؤلاء المرضى عادة من الأخماج الناكسة (المتكررة)، أو أمراض المناعة الذاتية أو اللمفومات.

تفعيل اللمفاويات التائية المعيبDefective activation of T lymphocytes :

توجد العديد من الشذوذات الموروثة يمكن أن تتدخل في تفعيل اللمفاويات التائية أهمها:

• متلازمة اللمفاوية العاريةBare lymphocyte syndrome: مرض سببه عدم القدرة على تركيب جزيئات الصنف الثاني لمستضد التوافق النسيجي، نتيجة لطفرة في عوامل النسخ التي تحث على التعبير عن الصنف الثاني لمستضد التوافق النسيجي، ومعلوم أن هذه الجزيئات تعرض المستضدات الببتيدية لتتعرفها الخلايا التائية CD4+، وهذا التعرف ضروري لنضج الخلايا التائية وتفعيلها. ويتظاهر هذا المرض بنقص واضح في الخلايا التائية CD4+، بسبب النضج المعيب لهذه الخلايا في التوتة، وضعف تفعيلها في العقد اللمفية المحيطية.

• بعض الحالات النادرة من العوز الانتقائي للخلايا التائية تحدث بسبب طفرات تصيب سبل الإشارة أو المستقبلات أو السيتوكينات المساهمة في تمايز الخلايا التائية البكر إلى خلايا فعالة. وبحسب طبيعة الطفرة ودرجة العيب، قد يظهر لدى المريض عوز شديد في الخلايا التائية، أو عوز جزئي في أحد مكونات المناعة الخلوية.

عيوب المناعة الخلقية defects in innate immunity:

تعد الشذوذات في أحد مكوني المناعة الخلقية: البلاعم وجهاز المتممة سبباً مهماً للعوز المناعي (الشكل ٤).

المرض

الأعواز الوظيفية

آليات العيب

المرض الحبيبومي المزمن

الإنتاج المعيب للأكسجين بوساطة الخلايا البلعمية

طفرات في الجينات المرمزة لإنزيم الأوكسيداز في البلعمية

عوز التصاق الكرية البيضاء -١

غياب الإنتغرينات أو عوز التعبير عنها؛ مما يسبب عيباً في وظائف الكريات البيض المعتمدة على الالتصاق

طفرات في الجينات المرمزة للإنتغرين بيتا ٢

عوز التصاق الكرية البيضاء-٢

غياب لجائن (روابط) الكريات البيض التي ترتبط بسلكتينات الخلايا الظهارية أو عوز التعبير عنها؛ مما يسبب عيباً في هجرة الكريات البيضاء إلى النسج

طفرات في الجينات المرمزة في بروتين ضروري لتركيب لجائن السلكتين

عوز المتممة C3

عيب في تفعيل شلال المتممة

طفرة في جين الـ C3

عوز المتممة C2 و C4

عوز في تفعيل سبيل المتممة التقليدي يؤدي إلى إخفاق في التخلص من المعقدات المناعية، وتطور مرض شبيه بالذئبة الحمامية

طفرة في جين C2 و C4

متلازمة شدياق - هيغاشي

عيب في وظائف الجسيمات الحالة في العدلات والبلاعم الكبيرة والخلايا التغصنية، وظيفة معيبة للحبيبات في الخلايا القاتلة الطبيعية

طفرة في الجين المرمز للبروتين الناظم لنقل الجسيمات الحالة

التهاب الدماغ الهربسي بفيروس الهربس البسيط النمط ١

عيب المناعة المضادة للفيروسات في الجملة العصبية المركزية

طفرة في الجين TLR3

الأخماج الجرثومية المقيحة المعاودة

عوز استجابة المناعة الخلقي للأخماج وللجراثيم المقيحة

طفرة في الجين MyD88

الشكل(٤): أعواز المناعة الخلقية الناجمة عن عيوب في مختلف مكونات المناعة الخلقي.

المرض الحبيبي المزمن Chronic granulomatous disease: تسببه طفرات في الجينات المرمزة لإنزيم أوكسيداز البلعميةphagocyte oxidase ، والذي يحفز إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلي المبيدة للمكروبات في الجسيمات الحالة. ونتيجة لذلك لا تستطيع العدلات والبلاعم الكبيرة قتل المكروبات التي تبلعمها.

يحاول الجهاز المناعي تعويض هذا الخلل باستدعاء عدد أكبر من البلاعم الكبيرة، وبتفعيل الخلايا التائية الذي يحفز حشد البلاعم وتفعيلها؛ لذا تتراكم مجموعات من البلعميات حول بؤرة الخمج، لكن لا يتم القضاء على المكروبات بفعالية. وهذه التجمعات تشبه الحبيبومات، لذا سمي المرض بهذا الاسم، ومعظم أشكال هذا المرض مرتبطة بالجنس، إذ إن الطفرات المسببة لها تصيب جينات على الصبغي X.

عوز التصاق الكريات البيضاء Leukocyte adhesion deficiency: تسببه طفرات في الجينات المرمزة للإنتغريناتintegrins ، (وهي الجزيئات المطلوبة لإنتاج الروابط (اللجائن) للسلكتينات selectins)، أو المرمزة لجزيئات الإشارة التي تفعلها مستقبلات الكيموكينات والمطلوبة لتفعيل الإنتغرينات. والإنتغرينات والسلكتينات هي جزيئات تساهم في التصاق الكريات البيضاء بالخلايا الأخرى. وبسبب هذه الطفرات فإن الكريات البيضاء لا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبطانة الوعائية، وبالتالي لا تستطيع التجمع كما يجب في موقع الخمج.

عوز بروتينات المتممة: حيث يحدث عوز في معظم بروتينات المتممة أو البروتينات الناظمة للمتممة. يؤدي عوز C3 إلى أخماج وخيمة وربما مميتة، كما يمكن لعوزC2 و C4 (وهما مكونان من مكونات السبيل التقليدي لتفعيل المتممة) أن يزيد من التأهب للأخماج الجرثومية أو الفيروسية، أو زيادة وقوع incidence الذئبة الحمامية الجهازية بسبب ضعف التخلص من المعقدات المناعية. ويؤدي عوز البروتينات الناظمة للمتممة إلى مختلف المتلازمات المرتبطة بفرط تفعيل المتممة.

متلازمة شدياق - هيغاشي Chédiak-Higashi syndrome: مرض من أمراض العوز المناعي لا تعمل فيه حبيبات الجسيمات الحالة في الكريات البيضاء طبيعياً. ويعتقد أن الخلل يصيب البلاعم والخلايا الفاتكة (القاتلة) الطبيعية، ويتظاهر المرض بزيادة التأهب للأخماج الجرثومية.

وصفت عند بعض المرضى طفرات في المستقبلات التي تدعى receptors Toll-like، أو سبل الإشارة الخاصة بها، بما في ذلك الجزيئات اللازمة لتفعيل العامل النووي κB لكن من المستغرب أن العديد من هذه الطفرات تجعل المريض مؤهباً لمجموعة محدودة من الأخماج. فعلى سبيل المثال ترافق الطفرات التي تصيب MyD88 - وهو بروتين مُلئم adaptor protein لمعظم المستقبلات Toll-like- أخماج جرثومية شديدة وخاصة بالعقديات الرئوية، في حين يرافق الطفرات التي تصيبTLR3 التهاب الدماغ الحلئي الناكس وليس الأخماج الفيروسية الأخرى. هذه المحدودية في التظاهرات السريرية تشير إلى تآزر واضح في آليات دفاع الثوي، فالعيب في آلية يمكن تعويضه بوساطة آلية أخرى، وبالتالي لا يكون الشخص عرضة لطيف واسع من الأخماج.

شذوذات اللمفاويات المرافقة لأمراض أخرى:

بعض الأمراض التي تصيب أجهزة متعددة الأعضاء- ولا تكون تظاهراتها الرئيسية مناعية- قد يرافقها بعض ملامح العوز المناعي، ومنها:

مُتَلاَزِمَةُ ويسكوت-آلدريك Wiskott-Aldrich syndrome: تتصف بحدوث أكزيمة ونقص في الصفيحات وعوز مناعي، وهي مرتبطة بالجنس، وتسببها طفرة في الجين المرمز لبروتين يرتبط بجزيئات مختلفة على سطح الخلايا المولدة للدم، وبسبب غياب هذا البروتين لا تتطور الصفيحات والكريات البيض طبيعياً، فتغدو صغيرة، وتخفق في الهجرة بطريقة ملائمة.

مُتَلاَزِمَةُ الرَّنَح وتَوَسُّع الشُّعَيرات Ataxia-telangiectasia syndrome: تتصف بحدوث الرنح مع تشوهات وعائية (توسع الشعيرات) وعوز مناعي. وسبب المرض طفرة في الجين المرمز لبروتين يساهم في إصلاح الدنا.

معالجة أعواز المناعة الخلقية:Therapy of congenital immunodeficiencies تختلف سبل معالجة أعواز المناعة الأولية بحسب المرض. فعوز المناعة الوخيم SCID يسبب الوفاة في مراحل الحياة المبكرة ، والعلاج الأكثر استخداماً هو زرع الخلايا الجذعية المكونة للدم، مع الانتباه لوجود التوافق بين المعطي والمتلقي لتجنب رفض الطعم. أما العيوب النوعية في اللمفاويات البائية فيمكن إعطاء المرضى الغلوبولينات المناعية المجموعة من معطين أصحاء لتأمين وقاية منفعلة. وقد قدمت هذه الطريقة فوائد جمة للمرضى الذين يعانون من فقد الغلوبولينات المناعية المرتبط بالجنس.

• إن المعالجة المثالية لجميع أعواز المناعة الخلقية هي استبدال الجين أو الجينات المعيبة، لكن هذا يبقى هدفاً بعيد المنال لمعظم هذه الأمراض. وقد سُجل نجاح عملية المعالجة الجينية في مرضى لديهم عوز مناعي مشترك وخيم مرتبط بالجنس، حيث أدخل جين γc طبيعي إلى خلايا جذعية أخذت من نقي العظام لديهم، ثم أعيد اغتراسها عندهم. وقد لوحظ عند بعض هؤلاء المرضى ظهور ابيضاض دم بالخلايا التائية، وربما يعود ذلك إلى أن الجين الجديد غرس بجانب جين ورمي ونشَّطه.

• في جميع مرضى أعواز المناعة الخلقية يجب تأكيد التشخيص المبكر والنوعي للأخماج، ومعالجتها معالجة فعالة بالمضادات الحيوية المناسبة.

أعواز المناعة المكتسبة (الثانوية)

تنشأ العديد من أعواز الجهاز المناعي نتيجة اضطرابات تحدث في أثناء الحياة، وليس لأسباب جينية أو خلقية (الشكل ٥). يعد الخمج بفيروس عوز المناعة البشري HIV أهم هذه الاضطرابات وأخطرها. أكثر أسباب عوز المناعة الثانوي في البلدان المتقدمة المعالجات الكيميائية والشعاعية المختلفة المضادة للسرطان، حيث يمكن لهذه المعالجات أن تؤذي الخلايا المتكاثرة في النقي واللمفاويات الناضجة وتسبب العوز المناعي. ولقد صممت بعض الأدوية، مثل كابتات المناعة التي تستخدم للوقاية من رفض الطعوم، أو الأدوية المضادة للالتهاب (بما في ذلك بعض المعالجات الجديدة، مثل مناهضات عامل النخر الورمي، حاصرات المنبهات المشاركة) من أجل تعويق الاستجابة المناعية؛ لذا يعد العوز المناعي إحدى المضاعفات المتوقعة لهذه الأدوية.

السبب

الآلية

الخمج بفيروس عوز المناعة البشري

نقص (نضوب) الخلايا التائية المساعدة CD4+

التشعيع والمعالجة الكيمياوية للسرطان

نقص جميع طلائع الكريات البيض في النقي

الكبت المناعي لمنع رفض الطعوم ومعالجة بعض الأمراض الالتهابية

نقص أو ضعف في وظيفة الخلايا اللمفاوية

إصابة نقي العظم بالسرطانات (نقائل، لوكيميا)

نقص أماكن تطور اللمفاويات

عوز البروتينات والسعرات الغذائي

التشوش الاستقلابي يثبط نضج اللمفاويات ووظائفها

استئصال الطحال

نقص بلعمة المكروبات

الشكل (٥): عوز المناعة المكتسب (الثانوي): أشيع أسباب أمراض عوز المناعة المكتسب وعيوب الاستجابة المناعية فيها.

يؤدي عوز البروتين والسعرات الحرورية الغذائي إلى عوز في معظم مكونات الجهاز المناعي، وهو سبب شائع لعوز المناعة في البلدان النامية والفقيرة.

متلازمة عوز المناعة المكتسب Acquired immunodeficiency syndrome:

إن متلازمة عوز المناعة المكتسب (الإيدز AIDS) وصفت أول مرة في بداية الثمانينيات، ومع ذلك أصبحت واحدة من أعظم المآسي المدمرة في التاريخ.

تحدث متلازمة العوز المناعي المكتسب بسبب الخمج بفيروس عوز المناعة البشري HIV، ويقدر عدد المصابين في العالم بنحو ٣٥ مليون شخص، قرابة ٧٠٪ منهم موجودون في إفريقيا، و٢٠٪ في آسيا. ويقدر عدد الوفيات بالإيدز بنحو ٢٥ مليوناً، أي بمعدل ١-٢ مليون وفاة سنوياً. طورت علاجات حديثة وفعالة للفيروس، لكن الفيروس ما زال مثابراً على الانتشار في المناطق التي لا يتوفر فيها العلاج ويصعب اتخاذ إجراءات ضبط العدوى، إذ تصل نسبة المخموجين بفيروس عوز المناعة في بعض البلدان الإفريقية إلى ٣٠٪.

فيروس عوز المناعة البشري Human Immunodeficiency Virus (HIV): فيروس HIVمن الفيروسات القهقرية retroviruses، ويخمج خلايا الجهاز المناعي وخاصة اللمفاويات التائية CD4+، ويؤدي إلى تدمير هذه الخلايا. يتكون فيروس عوز المناعة من طاقي RNA في لب بروتيني محاط بغلاف شحمي مشتق من غشاء خلايا الثوي، ويحتوي على بروتينات فيروسية (الشكل ٦). يرمِّز الـ RNA الفيروسي للبروتينات البنيوية، ولإنزيمات مختلفة وبروتينات تنظم نسخ الجينات الفيروسية ودورة حياة الفيروس.

الشكل (٦): بنية فيروس عوز المناعة البشري (HIV).

يتألف الجسيم الفيروسي Hiv1 virion (الذي يظهر بجانب الخلية التائية) من طاقين (strand طاق) متماثلين من الرنا RAN (وهما الجينوم الفيروسي) ومن الإنزيمات المرافقة وهي الناسخة العكسية والأنتغرينات والبروتيازات معبأة في لب core مخروطي الشكل مؤلف من بروتين القفيصة P24 capsid، يحيط به بروتين المطرس P17 matrix، ويحيط بكل ما تقدم غلاف غشائي فوسفوليبدي مشتق من الخلية المضيفة. ترتبط بروتينات الغلاف (gp120 gp41)بـ CD4 ومستقبلات الكيموكين الواقعة على سطح الخلية المضيفة.

تتكون دورة حياة فيروس HIV من المراحل التالية:

الارتباط بالخلية، إنتاج نسخة DNA من الـ RNA الفيروسي واندماجها بجينوم المضيف، التعبير expression عن الجينات الفيروسية، إنتاج الجسيمات الفيروسية الجديدة.

• يرتبط الفيروس بالخلية المستهدفة بوساطة بعض بروتيناته السكرية الغلافية التي ترتبط مع CD4 ، ومستقبلات أخرى مثلCXCR4 وCCR5 موجودة على بعض الخلايا البشرية، وخاصة اللمفاويات التائية CD4+ والبلاعم الكبيرة والخلايا التغصنية، وهي أهم الخلايا التي تتعرض للعدوى بالفيروس.

• بعد التصاق الفيروس بالمستقبلات الخلوية ينصهر الغشاء الفيروسي مع الغشاء الخلوي للخلية المضيفة، ويدخل الفيروس إلى داخل الخلية حيث تنزع أغلفة الفيروس بوساطة إنزيم البروتياز الفيروسي، ويتحرر الـ RNA الفيروسي.

• تُصنع نسخة دنا DNA من الرنا الفيروسي RNA بوساطة إنزيم فيروسي يدعى الإنزيم الناسخ العكسي reverse transcriptase enzyme، (كما في كل الفيروسات القهقرية retroviruses التي ينتمي إليها فيروس عوز المناعة البشري)، ثم تندمج نسخة الـ DNA في جينومات الخلية المضيفة بوساطة إنزيم الإنتغراز integrase، ويدعى الـ DNA المندمج هذا طليعة الفيروس provirus.

• إذا ما تفعلت الخلية التائية أو البلاعم الكبيرة أو الخلية التغصنية المخموجة ببعض المنبهات الخارجية -كحدوث خمج بمكروب آخر- فإن الخلية ستستجيب بتنشيط نسخ العديد من جيناتها الخاصة، وإنتاج بعض السيتوكينات. ومن العواقب السيئة لمثل هذه الاستجابة الطبيعية والواقية أن يؤدي إنتاج السيتوكينات وعملية التفعيل الخلوي نفسها إلى تفعيل طليعة الفيروس الكامنة في الخلية، وإنتاج نسخ عديدة من الـ RNA ومن البروتينات الفيروسية، أي تضاعف الفيروس وإنتاج جسيمات particles فيروسية جديدة تنتقل إلى الغشاء الخلوي، وتكتسب الغلاف الشحمي، وتخرج من الخلية لتخمج خلايا أخرى.

• يمكن لطليعة الفيروس أن تبقى كامنة في الخلية أشهراً أو سنوات، مختفية عن عناصر الجهاز المناعي، وكذلك عن الأدوية المضادة للفيروس.

• تنجم معظم حالات الإيدز عن النمط الأول من فيروس عوز المناعة HIV-1، أما النمط الثاني فهو مسؤول عن أعداد محدودة من الحالات.

إمراضية الإيدزPathogenesis of AIDS :

يتطور عوز المناعة المكتسب خلال سنوات عديدة من خمج كامن بفيروس عوز المناعة البشري إلى خمج لا يلبث أن يتفعل ويدمر خلايا الجهاز المناعي.

ويؤدي تضاعف الفيروس إلى موت الخلايا المخموجة، إضافة إلى اللمفاويات غير المخموجة، وينجم عن ذلك العوز المناعي ومتلازمة عوز المناعة المكتسب سريرياً (الشكل ٧).

(الشكل ٧): إمراضية متلازمة عوز المناعة المكتسب التي يسببها فيروس عوز المناعة البشري (HIV). يرافق تطور الخمج بفيروس عوز المناعة البشري انتشار الفيروس من مكان بداية العدوى إلى النسج اللمفية في الجسم. تقوم الاستجابة المناعية للجسم بالسيطرة على الخمج الحاد مؤقتاً، لكنها لا تقي من حدوث خمج مزمن لخلايا النسج اللمفية. تزيد السيتوكينات التي يفرزها الجسم استجابة للخمج بـ (HIV) أو المكروبات الأخرى من تضاعف فيروس عوز المناعة البشري فتساعد على تطور الخمج إلى متلازمة عوز المناعة المكتسب.

وتحصل العدوى بفيروس عوز المناعة بطريق الاتصال الجنسي، أو التشارك بالمحاقن والإبر الملوثة عند متعاطي المخدرات وريدياً، أو عن طريق المشيمة، أو نقل الدم أو منتجات الدم الملوثة بالفيروس. وقد تحدث بعد العدوى فترة قصيرة من الفيروسيمية viremia، حيث يمكن تحري الفيروس في الدم، وتكون استجابة المضيف كالاستجابة لأي خمج فيروسي حاد.

يخمج الفيروس الخلايا التائية CD4 والخلايا التغصنية والبلاعم الكبيرة في أماكن دخوله في الظهارات، أو الأعضاء والنسج اللمفية، أو في الدوران، ونظراً لأن عدداً كبيراً من اللمفاويات وخاصة خلايا الذاكرة التائية تتوضع في هذه الأنسجة، فإن موت هذه الخلايا في هذه المواضع قد يؤدي إلى عوز وظيفي مهم.

يمكن للخلايا التغصنية التقاط الفيروس بمجرد دخوله عبر الظهارات المخاطية ونقله إلى الأعضاء اللمفية المحيطية، حيث يخمج الخلايا التائية، ويمكن لعدد قليل من البشر الذين لديهم طفرة في المستقبلة CCR5 ألا يستطيع الفيروس دخول الخلايا التائية CD4+ لديهم، وبالتالي ربما لا يصابون بالمرض لسنوات عديدة على الرغم من حصول العدوى عندهم.

يمكن لطليعة الفيروس الكامنة في الخلايا المخموجة أن تتفعل كما ذكر سابقاً، ويؤدي ذلك إلى إنتاج المزيد من الجسيمات الفيروسية الجديدة وانتشار الخمج. وتعد الخلايا التائية CD4+ المفعلة المصدر الرئيسي للجسيمات الفيروسية الخامجة، في حين تعد الخلايا التغصنية والبلاعم الكبيرة مستودعات للفيروس.

إن نفاد عدد الخلايا التائية CD4+ بعد الخمج بفيروس نقص المناعة ناجم عن التأثير الممرض للفيروس على الخلايا المصابة نتيجة تضاعف الفيروس فيها، كما ينجم أيضاً عن موت بعض الخلايا غير المخموجة.

يمكن للجين الفيروسي الفعال، ولعملية إنتاج البروتينات الفيروسية في أثناء تضاعف الفيروس أن تتدخَّل مع الآليات التخليقية synthetic في الخلية التائية المخموجة. لذا فإن الخلية المخموجة التي يحدث فيها تضاعف فعال للفيروس ستموت. لكنَّ الملاحظ أن عدد الخلايا التائية التي يفقدها الجسم في أثناء تطور المرض يفوق عدد الخلايا المخموجة، وما زالت آلية فقدان الخلايا التائية الإضافي غير واضحة، ومن الممكن أن ذلك يعود إلى التفعيل المزمن والمستمر للخلايا التائية بسبب الأخماج المتكررة عند المريض، ولأن التنبيه المزمن يؤدي في النهاية إلى الموت المبرمج للخلايا.

يمكن للخلايا المخموجة الأخرى كالبلاعم الكبيرة والخلايا التغصنية أن تموت مما يؤدي إلى تدمير البنية الطبيعية للأعضاء اللمفية وتشير العديد من الدراسات إلى أن العوز المناعي لا يحدث فقط نتيجة انخفاض عدد الخلايا التائية، بل إضافةً إلى ذلك نتيجة الشذوذات الوظيفية للمفاويات التائية ولخلايا مناعية أخرى كالبلاعم الكبيرة والخلايا التغصنية، لكن يبقى تناقض الخلايا التائية المشعر العملي الأكثر دلالة على ترقي المرض.

التظاهرات السريرية للخمج بـفيروس عوز المناعة البشري ولمتلازمة عوز المناعة المكتسب:

يتصف السير السريري للخمج بفيروس عوز المناعة المكتسب HIV بأنه يمر بعدة مراحل تنتهي بعوز المناعة:

متلازمة الخمج الحاد بـ HIV: بعد حدوث العدوى بفترة قصيرة قد تحدث عند الفرد المخموج متلازمة حموية حادة متوسطة الشدة، تتظاهر بالحمى والآلام العضلية، وهي تحدث بالتزامن مع فيروسمية الدم (وجود الفيروس في الدم). وتستمر الأعراض عدة أيام، ثم يدخل المرض مرحلة الخفاء (الكمون).

مرحلة الخفاء latency (مرحلة الكمون): خلال هذه المرحلة تكون التظاهرات السريرية قليلة، لكن يحدث فقد مستمر ومتفاقم للخلايا التائية CD4+في النسج اللمفية وتخرب في بنية هذه النسج، وفي النهاية ينقص عدد الخلايا التائية في الدم، وعندما يصل عددها إلى أقل من ٢٠٠ خلية في الملمتر المكعب من الدم (عددها الطبيعي قرابة ١٥٠٠ في الملم٣)، يصبح المريض مؤهباً للأخماج بشدة، ويشخص المرض على أنه متلازمة العوز المناعي المكتسب.

متلازمة العوز المناعي المكتسب (الإيدز AIDS): تنجم التظاهرات السريرية لمتلازمة العوز المناعي المكتسب عن زيادة تأهب المريض للأخماج وبعض السرطانات نتيجة للعوز المناعي.

يصاب المريض غير المعالج عادة بالمكروبات داخل الخلوية كالفيروسات، والفطور كالمتكيسة الرئوية، والمتفطرات غير السلية، وكلها تكافح عادة بالمناعة المتواسطة بالخلايا التائية. ويوجد كثير من هذه المكروبات في البيئة، لكنها عادة لا تخمج الأشخاص الأصحاء أسوياء المناعة. ولأن هذه الأخماج أكثر ما تصادف عند منقوصي المناعة الذين يجد المكروب عندهم فرصة سانحة ليحدث الخمج، فإن هذه الأخماج تدعى الأخماج الانتهازية. وكثير من هذه الأخماج الانتهازية تسببها فيروسات، كالفيروس المضخم للخلايا cytomegalovirus.

• تبدي الخلايا التائية السامة للخلايا (الخلايا التائية CTL) استجابة معيبة للفيروسات عند مرضى الإيدز، مع أن فيروس عوز المناعة لا يصيب الخلايا CD8+CELL، وربما كان سبب تلك الاستجابة المعيبة أن الخلايا التائية المساعدة (الخلايا التائية helper CD4+) - وهي الخلايا المستهدفة من قبل الفيروس – ضرورية لتفعيل الخلايا التائية السامة وتحسين استجابتها للعديد من المستضدات الفيروسية.

• يصبح مرضى الإيدز أكثر تعرضاً للإصابة بأخماج الجراثيم خارج الخلوية، ويمكن أن يكون ذلك ناجماً عن ضعف الاستجابة الضدية للمستضدات الجرثومية والمعتمدة على الخلايا التائية المساعدة.

• يصبح مرضى الإيدز أيضاً مؤهبين للسرطانات التي تسببها الفيروسات المسرطنة oncogenic، وأشيعها لمفومة الخلايا البائية B-cell lymphoma التي يسببها فيروس إبشتاين- بار، وورم الأوعية الدموية الدقيقة الذي يدعى ساركومة كابوزي، والذي يسببه أحد الفيروسات الهربسية.

• يعاني معظم المرضى في المراحل المتقدمة من الإيدز من متلازمة الهزال التي تتصف بفقد جزء مهم من كتلة الجسم، وسببها التغيرات الاستقلابية عند المريض ونقص الوارد من السعرات الحرارية. يحدث الخرف dementia لدى بعض مرضى الإيدز، ويعتقد أن سببه خمج الخلايا الدبقية الصغيرة microglial cell في الدماغ بفيروس عوز المناعة.

• تؤدي المعالجة الفعالة المضادة للفيروسات القهقرية AIDS/HIV إلى تغير ملموس في السير السريري للخمج بفيروس عوز المناعة البشري؛ فعند تطبيق المعالجة المناسبة يكون تطور المرض بطيئاً جداً، وتقل الأخماج الانتهازية، كما يقل حدوث الخرف والسرطانات.

إن الاستجابة المناعية الطبيعية لفيروس عوز المناعة البشري غير فعالة في وقف انتشار الفيروس وضبط التأثيرات المرضية للخمج. يُنتج الأشخاص المخموجون أضداداً لمستضدات الفيروس، وتتفعل الخلايا التائية السامة للخلايا CTLs، وهذه الاستجابات تفيد في الحد من المرحلة الحادة من متلازمة فيروس عوز المناعة، لكن هذه الاستجابات لا تقي عادة من تطور المرض. وأضداد المستضدات البروتينية السكرية الغلافية، مثل gp120 - وهي تشكل الكمية الكبرى من الأضداد - ربما لا تكون فعالة؛ لأن الفيروس يغير بسرعة المستضد gp120 عن طريق الطفرات. وغالباً لا تكون الخلايا التائية السامة للخلايا فعالة في قتل الخلايا المخموجة، وذلك لأن الفيروس يثبط إنتاج الصنف الأول من مستضد التوافق النسيجي الكبير من قبل الخلية المخموجة.

• من المفارقة أن الاستجابة المناعية لفيروس عوز المناعة البشري قد تعزز انتشار الخمج. فالفيروسات المغلفة بالأضداد قد ترتبط بمستقبلات القطعة الثابتة Fc على البلاعم الكبيرة والخلايا التغصنية الجريبية في الأعضاء اللمفية، مما يزيد إمكان دخول الفيروس إلى هذه الخلايا، ويؤمن المزيد من مخازن الخمج في الجسم.

• عندما تقوم الخلايا التائية السامة للخلايا بقتل الخلايا المخموجة بالفيروس، فإن البلاعم الكبيرة تقوم بتنظيف بقايا الخلايا المقتولة، مما يُمكّن من إصابتها بالخمج ونقله إلى أعضاء أخرى.

• إن إصابة الفيروس المباشرة للخلايا المناعية أو التأثير في وظائفها تقي الفيروس من الاستجابة الفعالة للجهاز المناعي، وتمنع من القضاء عليه بوساطة الجهاز المناعي.

تسيطر أجساد نسبة قليلة جداً من المرضى على تطور الخمج بفيروس عوز المناعة من دون معالجة، ويدعى هؤلاء الأفراد النخبة المسيطرةelite controllers ، أو المرضى ذوي التطور الطويل الأجل.

حصل اهتمام كبير بتحديد الجينات التي ربما كانت السبب في وقاية هؤلاء الأفراد من التطور السريع للمرض، إذ إن معرفة هذه الجينات قد تساهم في تطوير مقاربة علاجية جينية للإيدز. وقد لوحظ أن وجود أليلات محددة للـ HLA، مثلHLA-B57 و HLA-B27قد يكون أحد العوامل الواقية عند هؤلاء الأشخاص، ربما لأن جزيئات الـ HLA هذه قادرة على تقديم ببتيدات فيروس عوز المناعة للخلايا التائية السامة.

المعالجة والتلقيح:

تهدف طرق المعالجة الحالية لمتلازمة عوز المناعة المكتسب إلى السيطرة على تضاعف فيروس عوز المناعة البشري؛ وعلى المضاعفات الخمجية لهذا المرض.

تستخدم حالياً في المعالجة عدة أدوية تعمل على تثبيط فعالية بعض الإنزيمات الفيروسية، مثل الناسخة العكسية reverse transcriptase أو البروتياز أو الإنتغراز، وتعطى عادةً في المراحل الباكرة من الخمج، وتدعى المقاربة العلاجية هذه: المعالجة فائقة الفعالية للفيروسات القهقرية highly active antiretroviral therapy (HAART). وتغير المعالجة الفعالة من سير الخمج بفيروس عوز المناعة البشري؛ فبعض المضاعفات القاتلة التي كانت شائعة في الماضي -مثل الأخماج الانتهازية كالخمج بالمتكيسة الرئوية، وبعض الأورام مثل ساركومة كابوزي- أصبحت الآن نادرة الحدوث عند الأفراد متلقي العلاج. وفي الواقع يعيش المرضى المعالجون حياة طويلة نسبياً، ويموتون بسبب الأمراض القلبية الوعائية أو غيرها من الأمراض التي تصيب أيضاً الأشخاص غير المصابين بالإيدز.

لا تؤدي المعالجة بهذه الأدوية فائقة الفعالية إلى القضاء التام على الخمج بفيروس عوز المناعة البشري، فالفيروس قادر على تبديل جيناته من خلال الطفرات مما يجعله أكثر قدرة على مقاومة الأدوية المستخدمة حالياً، ويجري حالياً تطوير أدوية تثبط اندماج الفيروس في خلايا الثوي.

إن تطوير لقاح فعال لفيروس عوز المناعة البشري ضروري للسيطرة على الخمج بهذا الفيروس في كل أنحاء العالم. ويجب أن يؤدي اللقاح الناجح إلى تحريض إنتاج كميات كبيرة من الأضداد المعدِّلة للفيروس، وإلى استجابةٍ قويةٍ بالخلايا التائية ومناعةٍ مخاطياتية قوية، لكن من الواضح صعوبة الوصول إلى كل هذه الأهداف في الوقت الراهن. ومن التحديات الأخرى للقاح تأمين الوقاية ضد كل الأنماط الفرعية subtype للفيروس. وقد تركزت كل الجهود في البداية على المستضد gp120 بوصفه ممنعاً جيداً، لكنها لم تنجح بسبب الميل الكبير إلى التطفر عند هذا المستضد. وتعتمد المحاولات الحديثة للقاح الإيدز على المشاركة بين التمنيع بـ DNA وفيروس الجدري المأشوب المرمِّز لمختلف بروتينات فيروس عوز المناعة البشري. وإلى الآن ما زالت محاولات إيجاد لقاح فعال لفيروس عوز المناعة غير مرضية.

الخلاصة:

• تحدث أمراض عوز المناعة بسبب العيوب في مختلف مكونات الجهاز المناعي، وتؤدي إلى زيادة التأهب للأخماج وبعض السرطانات.

• تحدث أمراض عوز المناعة الخلقية (الأولية) بسبب شذوذات وراثية.

• تحدث أعواز المناعة المكتسبة (الثانوية) نتيجة الأخماج، (كالخمج بـHIV)، أو السرطانات، أو العوز الغذائي، أو بعض المعالجات التي تؤذي خلايا الجهاز المناعي.

• ينجم عوز المناعة المشترك الوخيم عن توقف نضج الخلايا اللمفاوية، ويمكن أن يحدث نتيجة طفرات في مستقبلة السيتوكين IL-7، مما ينقص تكاثر اللمفاويات الناضجة، أو طفرات في الإنزيمات المساهمة في استقلاب البورين، أو بسبب العيوب الأخرى في نضج اللمفاويات.

• تصادف عيوب نضج الخلايا البائية الانتقائية في «فقد غاما غلوبولين الدم المرتبط بالجنس» الناجم عن شذوذات في الإنزيم المساهم في نضج الخلايا البائية. وتصادف عيوب نضج الخلايا التائية الانتقائية في متلازمة دي جورجي، التي لا تتطور فيها التوتة طبيعياً.

• تنجم بعض أمراض عوز المناعة عن عيوب تفعيل اللمفاويات، وتحدث «متلازمة فرط الـ IgM المرتبطة بالجنس» بسبب طفرة في الجين المرمز لرابطة CD40 تؤدي إلى خلل في استجابة الخلايا البائية المعتمدة على الخلايا التائية المساعدة، وخلل في تفعيل البلاعم المعتمد على الخلايا التائية المساعدة.

• تحدث متلازمة «الخلية اللمفاوية العارية» بسبب نقص التعبير (إنتاج) بروتينات الصنف الثاني من معقد التوافق النسيجي الكبير؛ مما يؤدي إلى ضعف نضوج الخلايا التائية المساعدة CD4+ T CELL وتفعيلها.

• تنجم متلازمة عوز المناعة المكتسبة بسب الخمج بفيروس عوز المناعة البشري HIV، الذي يصيب الخلايا التائية CD4+ والبلاعم والخلايا التغصنية، وهو يستخدم بروتينه الغلافي (gp120) للارتباط بـ CD4، ومستقبلات الكيموكين على هذه الخلايا. يُنسخ RNA الفيروس عكسياً، ويندمج الـ DNA الناتج من هذا النسخ العكسي في جينوم المضيف، حيث يمكن أن يتفعل بعد ذلك لإنتاج فيروسات جديدة خامجة. تموت الخلايا المخموجة في أثناء عملية تضاعف الفيروس، ويعد موت خلايا جهاز المناعة الآلية الرئيسية التي يسبب بها الفيروس عوز المناعة.

• يتكون السير السريري الاعتيادي للخمج بفيروس عوز المناعة البشري من مرحلة حادة من تفيرس الدم viremia، ومرحلة من الكمون السريري clinical latency يرافقها تدمير متفاقم للخلايا التائية CD4+، وتحلل النسج اللمفية، وأخيراً مرحلة الإيدز التي تتصف بالعوز المناعي الشديد الذي يتسبب في حدوث الأخماج الانتهازية وبعض السرطانات ونقص الوزن، وأحياناً الخرف. تهدف المعالجات الحديثة للخمج بفيروس عوز المناعة البشري إلى التأثير في دورة حياة الفيروس. يجري حالياً العمل على إيجاد لقاح للفيروس.

صلاح شحادة

 

التصنيف : علم المناعة
النوع : الجهاز المناعي
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 528
الكل : 30965307
اليوم : 21108