logo

logo

logo

logo

logo

المعالجة الكيميائية للأخماج

معالجه كيمياييه اخماج

-

 المعالجة الكيميائية للأخماج

المعالجة الكيميائية للأخماج

تصنيف الأدوية المضادة للميكروبات

مبادئ استخدام المضادات الميكروبية

استعمال الأدوية المضادة للميكروبات

الوقاية والعلاج التخبري الكابح

مشاكل مضادات الميكروبات

 

تُعدّ الأخماج فئة رئيسية من الأمراض البشرية؛ ومن ثَمّ فإن التدبير الحكيم للعلاج بمضادات الميكروبات يُعدّ مهماً جداً. وقد استُعمِل تعبير المعالجة الكيميائية للدلالة على استخدام الأدوية في علاج الأخماج حيث يُقتل العامل المسبب أو يُتخلَّص منه دون أن يسبب ذلك ضرراً للثوي. وسوف يُستعرض في هذا الفصل:

تصنيف مضادات الميكروبات، آلية عملها، مبادئ العلاج الأمثل، استخدام الأدوية سواءً من ناحية الخيار أم المشاركات أم الوقاية قبل الجراحة، وأخيراً بعض المسائل المتعلقة بالمقاومة والأخماج الثانوية..... إلخ.

منذ فجر التاريخ كان يُستَخدَم بعض المركّبات التي أثبتت فعاليتها العلاجية عبر الزمن. فقد استخدم قدماء الإغريق السرخس Male fern؛ والأزتيك مادة الـ Chenopodium كمضاد ديدان فموي. وعلى الرغم من إدخال الزئبق علاجاً لداء الإفرنجي منذ القرن السادس عشر؛ فإن تاريخ المعالجة الحديثة العقلانية لم يبدأ إلا مع إرليخ Ehrlich الذي طرح فكرة أن أصبغة الأنيلين تلون الجراثيم على نحو اصطفائي في المحضرات المجهرية؛ ومن ثمّ تقوم بقتلها، وكتب عام ١٩٠٦: «بغية استخدام المعالجة الكيميائية بنجاح؛ يجب علينا البحث عن مركّبات لها ولع بخلايا الطفيلي والقدرة على قتله أكثر من الضرر الذي تسببه للجسم نفسه». جرى تطوير مضادين اثنين للملاريا (Pamaquine وMepacrine) من الأصبغة. وفي عام ١٩٣٥ أُدخِل أول سلفوناميد مرتبط بالأصبغة نتيجة دراسات قام بها عالم الجراثيم والتشريح المرضي Domagk الذي منح جائزة نوبل للطب. وفي عام ١٩٢٨ كشف Fleming قدرة الفطرPenicillium على إيقاف نمو المزارع الجرثومية، ويحدث الشيء نفسه أحياناً في الجسم.

في عام ١٩٣٩ باشر كلٌّ من Florey وChain بأبحاث استقصائية عن المضادات الحيوية أي المركّبات التي تنتجها متعضيات مجهرية مناهضة لنمو متعضيات أخرى. وقاما بتحضير البنسلين، وأكدا عدم سُميته، وعندما أُعطي إلى شرطي مصاب بخمج الدم بكلٍّ من المكورات العنقودية والعقدية تحسنت حالته تحسناً مذهلاً.

مع ذلك وفي السنوات الأخيرة، فإن هذه الأدوية السحرية فقدت الكثير من سحرها عند ظهور المقاومة، وكان هناك ضرورة ملحة لتطوير صادات جديدة. ولكن التكلفة العالية وتقدير السلامة الدوائية على المدى البعيد والمدة القصيرة المتوقعة لحقل الاستخدام تؤدّي دوراً في عدم التحمس للانخراط في استثمار مركّبات جديدة.

تصنيف الأدوية المضادة للميكروبات:

يمكن تصنيفها بحسب نوع المتعضي المستهدف (الجراثيم، الفيروسات، الفطور، الطفيليات، الديدان).

لبعض مضادات الميكروبات فعالية على أكثر من نوع من هذه الزمر، فمثلاً الميترونيدازول يثبط الجراثيم اللاهوائية المجبرة، المشعرة المهبليةTrichomonas vaginalis في حين أن Co_trimoxazole فعال ضد الجراثيم والفطور Fungi وبعض الطفيليات مثل متماثلة الأبواغ Isospora.

كما أنه يمكن تصنيف الأدوية في:

- كابحة الجراثيم Bacteriostatic؛ أي إنها تعمل على إيقاف التكاثر الجرثومي مثل السلفوناميدات والتتراسيكلين والكلورامفينيكول.

- مبيدات الجراثيم Bactericidal تعمل على قتل الجراثيم مثل البنسلينات والأمينوغليكوزيدات والريفامبيسين.

ويُعدّ هذا التقسيم اعتباطياً؛ لأن معظم الكابحات تصبح قاتلة مع ازدياد تركيزها في شروط حضانة خاصة في الزجاج وضد بعض الجراثيم، ومع ذلك فهنالك قناعة سريرية حول فعالية المضادات القاتلة في التهاب الشغاف والسحايا ولدى المرضى المثبطي المناعة.

وتعمل المضادات القاتلة عملاً فعالاً أكثر على الجراثيم ذات الانقسام السريع، وبالمقابل فإن المضادات الكابحة يمكنها- عن طريق تخفيف التكاثر الجرثومي- حماية الجسم من تأثير الدواء القاتل للجراثيم. إن هذا النوع من التضاد المشترك لهذه الأدوية يمكن أن يكون مهماً سريرياً، ولكن المشكلة أكثر تعقيداً نتيجة العوامل الكثيرة التي تحدد فعالية كل دواء في موضع الخمج. ربما الأهم في هذه القضية هو فيما إذا كان تأثير الأدوية مرتبطاً بالتركيز أم بالزمن. والمثال على ذلك هو الكينولونات، والأمينوغليكوزيدات حيث ترتبط النتائج بقمة تركيز الدواء الذي يُحصل عليه في مكان الخمج والذي يتعلق بالتركيز الأدنى الضروري لتثبيط تكاثر العامل الممرض (MIC) Minimum Inhibitory Concentration. لهذه الأدوية تأثير مثبط مديد في تكاثر الجراثيم (Post-antibiotic effect or PAE) الذي يوقف التكاثر إلى حين إعطاء الجرعة التالية. وعلى العكس من ذلك فإن الأدوية مثل البيتالاكتام والماكروليدات لها تأثير PAE أقل، ومن ثَمّ لها علاقة بالزمن؛ فيجب أن يبقى التركيز أعلى من الـ MIC بين كل جرعة وأخرى.

كيف تعمل الصادات- مواضع التأثير:

يجب التذكر دوماً أنه نادراً ما تكون الأدوية هي أداة العلاج الوحيدة، إنما تعمل سوية مع وسائل الدفاع الطبيعية للجسم. يمكن أن تؤثر مضادات الميكروبات في أماكن متفرقة لدى الميكروب المستهدف، وهناك بنى أو سبل استقلابية مميّزة تختلف عما يوجد عند الإنسان، وهذا ما يتيح السمية الانتقائية.

جدار الخلية: يتطلب تكاثر الجراثيم انحلال جدار الخلية وتوسعه: إن التداخل مع هذه العمليات يمنع الجرثوم من مقاومة الضغوط الحلولية؛ ومن ثمّ فإن الجرثوم ينفجر. ومن الواضح أن الأدوية تكون فعالة على نحو رئيسي ضد الخلايا التي تنمو، وهذا يشمل البنسلينات والسيفالوسبورينات والغليكوبتيد والباسيتراسين والسيكلوسيرين.

الغشاء البلازمي: إن الأدوية التي تتداخل هنا تشمل البولينات Polyenes كالنيستاتين والأمفويتريسين، الآزولات كالفلوكونازول والإيتراكونازول والبوليميسكين كالكوليستين والتابتومسين.

تركيب البروتينات: تشمل الأدوية التي تتداخل على مراحل مختلفة من بناء سلاسل الببتيدات على ريبوسومات الجراثيم وتشمل كلاً من الكلورمفينيكول والماكروليدات والحمض الفوسيدي والتتراسكلينات والأمينوغليكوزيدات واللنزوليد.

استقلاب الحموض النووية: يمكن أن تتدخل الأدوية:

إما مباشرةً على دنا الجرثوم أو على تضاعفه أو إصلاحه مثل الكينولونات والميترونيدازول؛ وإما مع الرنا مثل الريفامبيسين؛ وإما عل نحو غير مباشر على تركيب الحمض النووي مثل السلفوناميدات أو التريميتوبريم.

مبادئ استخدام المضادات الميكروبية:

- التشخيص: يجب أن يكون دقيقاً ويحدد مكان الخمج والمتعضيات المسببة وحساسيتها الدوائية (لإعطاء خيارات علاجية متعدّدة بحسب مكان الإصابة وإمكان التحسس لدى الشخص المصاب). يمكن الوصول إلى هذا الهدف بدقة إذا أُخِذت كل العينات المطلوبة إلى المخبر للزرع قبل بدء العلاج. ما إن يُعطى الدواء فقد يُثبط عزل الجرثوم المسبب بالزرع، وقد تحتل مكانه في عينات التشخيص جراثيم أخرى مقاومة، وتؤدي إلى حجب العامل المسبب الحقيقي. وتسمح الطرائق التشخيصية الحديثة مثل الـ PCR بالكشف عن العوامل الممرضة لدى المرضى الذين تلقوا صادات مسبّقاً. ومن المثير أن اختبارات صادات جديدة للاستخدام العلاجي هو أمر مراقب بصرامة؛ مما يستدعي مقاربات دقيقة لتنظيم عمليات التشخيص الجديدة.

- التخلص من معوقات الشفاء: مثل تفجير خراج واستئصال عائق في السبيل البولي ونزع القثاطر الوريدية الملوثة وكذلك نزع الأدوات الصنعية مثل المفصل الصنعي.

- تقرير فيما إذا كانت المعالجة الدوائية ضرورية فعلاً: تستجيب الخراجات المزمنة وتقيحات الجنب استجابة ضعيفة للصادات وحدها، ويتطلب ذلك التداخل الجراحي، مع أن التغطية الدوائية يمكن أن تكون أساسية إن بُدئ بالجراحة بغية تجنب انتشار الخمج في أثنائها. وقد يكون من الأفضل معالجة بعض الأخماج الحادة عرضياً أكثر من الصادات؛ ومن ثمّ فإن مخاطر التأثيرات الجانبية لدى الأشخاص السليمين سابقاً تفوق الفائدة السريرية المتواضعة التي ستلي علاجاً بالصادات مثل التهاب الأمعاء بالسلمونيلا والتهاب البلعوم بالعقديات.

- اختيار الدواء الأفضل:

- النوعية: إن الاختيار العشوائي للصادات ذات الطيف الواسع يشجع على المقاومة الجرثومية وعلى ظهور الأخماج الانتهازية كالخمائر Yeast. في بدء العلاج يجب إعطاء الصاداتٍ واسعة الطيف؛ لأن حساسية العامل المسبب ونوعه لا تكون معروفة، ولكن ما إن يُؤكد العامل الممرض؛ فإنه يجب تضييق الخيارات.

- التأكد من أن الصاد المختار قادر على الوصول إلى مكان الخمج بكميات مناسبة مثل عبور الحاجز الدماغي الشوكي.

- التأكد من سوابق المريض قد يكون حدث لديه سابقاً تحسس لمجموعة من الصادات، أو قد تكون سبل طرح الدواء لديه مصابة مثل مرض كلوي.

- إعطاء الدواء: وذلك بالجرعة والتواتر المثاليين وبالطريق الأكثر ملاءمةً. ويمكن أن تزيد جرعة غير مناسبة من تطور المقاومة الجرثومية. وعموماً ولأسباب عملية فإن الجرعات المتقطعة أفضل من التسريب المتواصل.

هناك دليل واضح على أن الغليكوببتيدات Glycopeptides تكون أكثر فعالية عندما تُعطَى بتسريب متواصل كما أن البتالاكتام يمكن أيضاً أن تُعطَى بتسريب مديد وخاصة لدى المرضى المتعبين. ويمكن معايرة تركيز الدواء في المصل للحصول على أفضل علاج وتخفيف التأثيرات الجانبية مثل الأمينوغليكوزيدات والغليكوببتيدات.

كما يجب الإسراع قدر الإمكان بالبدء بالصادات لدى ظهور علامات إنتان دموي Sepsis.

- متابعة العلاج: تعالج معظم الأخماج الحادة من ٥-١٠ أيام مع استثناءات متعدّدة مثل الحمى التيفية والتدرن والتهاب الشغاف حيث يُخشى من النكس بعد فترة من الشفاء الظاهري؛ ومن ثَمّ يجب الاستمرار بالعلاج لفترة تحددها الاختبارات والفحص السريري، وما عدا ذلك يجب تجنب العلاج المديد لأن ذلك يزيد التكلفة وخطر التأثيرات الجانبية.

- اختبار الشفاء: يُفضَّل في بعض الأخماج الحصول على برهان الشفاء؛ لأن زوال العلامات والأعراض يسبق القضاء على الجرثوم. ويقتصر الأمر في هذه الحالات على بعض الفئات من المرضى مثل الأخماج البولية لدى السيدات الحوامل، لذلك يجب إجراء زرع للتأكد بعد إيقاف الدواء.

- المعالجة الوقائية: قبل العمليات الجراحية وعلاج الأسنان يجب أن تكون ذات فترة محدودة جداً، وغالباً يُكتفَى بجرعة واحدة كبيرة.

- حاملو الجراثيم الممرضة أو المقاومة: يجب عدم علاجهم روتينياً للتخلص من الجرثوم، وانما الأفضل أن يُسمح بإعادة ظهور الفلورا لديهم ظهوراً طبيعياً. إن الفوائد المرجوة من علاج الحملة يجب مقارنتها مقارنة دقيقة بخطر ظهور التأثيرات الجانبية التي لا يمكن تجنبها.

استعمال الأدوية المضادة للميكروبات:

يستغرق تحديد الميكروب وإجراء اختبارات التحسس بعض الوقت، لذلك يجب البدء بالعلاج في الحالات الخطرة اعتماداً على العلاج التخبري، وفي الحالات الحرجة أظهر اختيار العلاج البدئي الموجه لجرثوم حساس تحسناً للحالة؛ لكن رافق ذلك زيادة عدد الجراثيم المقاومة للكثير من الأدوية خلال العقد الماضي؛ ومن ثمّ فإن معرفة معدل المقاومة للميكروبات في كل منطقة ذو قيمة عالية. ولذلك يُنشر دليل الإرشادات والتوصيات بين فترة وأخرى اعتماداً على هذه المعطيات.

- اختيار الدواء:

إذا تقرر البدء بالمعالجة التخبرية؛ يجب أن يؤخذ في الحسبان النقاط التالية:

- إن اختيار الدواء يلي مباشرة التشخيص السريري؛ لأن العامل المسبب يكون دوماً نفسه في منطقة معيّنة، ويُفترَض أن يكون غالباً حساساً للدواء نفسه.

- قد يُحدَّد العامل الممرض سريرياً، ولكن لا يوجد أي تأكيد حول حساسية الصادات مثل التدرن.

- لا يمكن تحديد أي عامل واحد للخمج سريرياً مثل الخمج البولي أو خمج جرح بعد جراحة البطن.

في الفئتين الثانية والثالثة يجب أن يكون اختيار الصاد معتمداً على:

- معرفة أكثر الجراثيم احتمالاً (ومعدلات التحسس لها في المنطقة)؛ ومن ثمّ فإن الـ Cotrimoxazole يمكن أن يكون منطقياً خطاً علاجياً أولاً في أخماج السبيل البولي السفلي، وأن يكون السفترياكسون علاجاً أولاً في معالجة التهاب السحايا عند البالغين (بالمكورات السحائية والرئوية).

- اختبارات التشخيص السريعة: تتوفر حالياً اختبارات الكشف عن الخمج مثل الـ CRP والـ PCT (procalcitonin)، ويرتفع تركيز كلٍّ منها بعد ساعات قليلة من بدء الخمج الجرثومي، ويبدو أن القرار باستخدام الصادات اعتماداً على نتائج هذه الاختبارات قد يكون أكثر فائدة، ويحمي المريض من التعرض للصادات.

وقد حدثت ثورة في استخدام هذه الاختبارات لتحديد العامل المسبب مع تحسين النوعية والحساسية. وأُدخل المزيد من الاختبارات والتي يمكن إجراؤها جانب سرير المريض. وعادة ما تُختار الأدوية بعد فحص مجهري للطخات Smears من مفرزات المريض أو أنسجته. ومن ثمّ فإن الـFlucloxacillin يمكن إعطاؤه عندما تتجمع عناقيد من مكورات إيجابية الغرام التي تدل على خمج بالعنقوديات.

ولكن استخدام الـ PCR للكشف عن سلاسل الدنا للجراثيم أو آليات المقاومة سيساعد على الإسراع بوضع علاج نهائي وموثوق. وتُستخدَم هذه الطرائق حالياً استخداماً موسعاً لتشخيص التهاب السحايا والتدرن كما ستسمح هذه التقنية من الناحية الكمية بقياس الاستجابة على العلاج (مثل قياس عدد نسخ الدنا لفيروس CMV لدى مرضى الزرع المعالجين بالغانسيكلوفير). وهناك طرائق أخرى لا تعتمد على الزرع أختُبرت مثل مقياس طيف الكتلة Mass spectroscopy الذي يسمح بتحديد نوع الجرثوم والفطور خلال دقائق من زرعها في المرق أو في وسط صلب. ويمكن لاحقاً تعديل العلاج في حال الضرورة على ضوء الزروع التقليدية واختبار التحسس.

طريق الإعطاء:

يفضل اللجوء إلى الحقن الوريدي أو العضلي (IM,IV) في الحالات الخطرة؛ لأنه يمكن بسهولة وثقة الوصول إلى تراكيز عالية بسرعة. ويجب المتابعة بالطريق الفموي بأسرع ما يمكن ما إن يتحسن المريض وعند توفر علاج فموي قابل للامتصاص (أي في حال عدم وجود إقياء أو خزل أمعاء أو إسهال). وهناك الكثير من الصادات جيدة الامتصاص فموياً، والفكرة الشائعة عن ضرورة العلاج الطويل الأمد بالصادات الوريدية لعلاج الخمج الخطر مثل ذات عظم ونقي لم تثبت مع الدراسات.

ينحصر العلاج الوريدي لمرضى الاستشفاء، ولكن يمكن الاستمرار به في المنزل، ولكن ذلك مستحب فقط عندما تكون حالة المرض مستقرة عادةً وعندما يمكن الاكتفاء بجرعة وحيدة من الصاد يومياً.

يكون العلاج الفموي أرخص ويتجنب المخاطر المرتبطة بإبقاء الطريق الوريدي، ولكنه يمكن أن يعرض السبيل الهضمي إلى جرعات عالية من الصاد مع خطر متزايد للإسهال الناجم عن الصاد.

وهناك بعض الصادات متوفرة للاستعمال الموضعي في الجلد، أو المنخرين أو العين أو الفم. وعموماً تجنب الصادات التي ستعمل أيضاً عملاً جهازيّاًSystemic ؛ لأن الاستعمال الموضعي يمكن أن يؤدي إلى ظهور الذراري المقاومة. وتُستخدَم الصادات الموضعية العينية لعلاج أخماج الملتحمة والغرفة الأمامية للعين.

أما الاستنشاق فله فائدة كبيرة في حال وجود الزوائف في الرئتين لدى الأطفال المصابين بالداء الكيسي الليفي (التوبراميسين مرتين يومياً) والبنتاميدين مرّة كل شهر للوقاية من المتكيسات الرئوية، والزاناميفير Zanamivir للمرضى المصابين بالإنفلونزا A وB المقاومين للـ Oseltamivir إن بُدِئ به خلال ٤٨ ساعة. إضافة إلى ذلك هناك فائدة محتملة للكوليستين في الداء الكيسي الرئوي Cystic disease وعلاج داعم للعلاج بالحقن لذات الرئة بسلبيات الغرام، والأمينوغليكوزيدات في توسع القصبات وللريبافيرين لدى الأطفال المصابين بالفيروس التنفسي الخلالي (RSV). وهناك طرائق أخرى لإعطاء الصادات، ويُلجأ إليها في بعض الظروف مثل التحاميل الشرجية، داخل القراب Intrathecal إلى السائل الدماغي الشوكي أو بالحقن أو التسريب المباشر داخل النسج المصابة.

المشاركات الدوائية:

يُكتفى عادة بصاد واحد. أما استطبابات المشاركة بين دواءين أو أكثر؛ فهي:

١- تجنب ظهور مقاومة دوائية وخاصة في الأخماج المزمنة حيث يكون هناك أكثر من جرثوم، ويكون خطر ظهور طفرات مقاومة مرتفعاً مثل التدرن.

٢- لتوسيع طيف النشاط الدوائي: مثل خمج بمزيج من الجراثيم كالتهاب الصفاق التالي لانثقاب الأمعاء. أو عندما لا يمكن التنبؤ بالعامل الخامج، ولكن العلاج ضروري قبل التشخيص كإنتان الدم Septicemia الناجم عن نقص العدلات أو ذات الرئة المكتسبة في المجتمع.

٣- للحصول على تقوية أو تآزر لأي تأثير لا يمكن الحصول عليه باستعمال دواء بمفرده كاستعمال البنسلين والجانتاميسين لمعالجة التهاب الشغاف بالمكورات المعوية.

٤- للوصول إلى تخفيض جرعة مركّب واحد، ومن ثمّ تخفيض خطر التأثيرات الجانبية كاستعمال الـ Flucytosine مع الـ B amphotericin لمعالجة التهاب السحايا بالمستخفيات المورمة Cryptococcus neoformans.

الوقاية والعلاج التخبري الكابح chemoprophylaxis &preemptive suppressive therapy :

من المفروغ منه أحياناً أنه إذا كان هناك دواء قادر على الشفاء فسيكون قادراً على الوقاية؛ ولكن ليس من الضروري أن يكون الأمر كذلك. إن الأساس لوقاية فعالة يكمن في استخدام الدواء لدى أشخاص سليمين لمنع حدوث الخمج بجرثوم معيّن على قاعدة موثوقة وقابلة للتنبؤ لتوقع الحساسية. مثال: استخدام البنزيل بنسلين ضد الزمرة A الحالة للدم من العقديات. ومع ذلك فإن عبارة المعالجة الوقائية وُسِّع استخدامها؛ لتشمل التخلص من الخمج الموجود.

من الضروري معرفة العامل الخامج ونماذج المقاومة المعروفة والفترة الزمنية التي يكون فيها المريض معرضاً للخطر. ويجب إعطاء صادات ذات طيف ضيق فقط خلال هذه الفترة وعلى نحو مثالي لدقائق قليلة قبل بعد فترة التعرض للخطر وبعدها إلى عدّة ساعات. ويمكن تصنيف فئات العلاج الوقائي كما يلي:

١- وقاية حقيقية من خمج أولي: الحمى الرثوية، إنتان بولي ناكس.

٢- الوقاية من الأخماج الانتهازية التي تسببها جراثيم متعايشة عادةً، وتنتقل إلى المكان الخطأ (مثل خمج المفصل الصنعي بالمكورات العنقودية سلبية الـ coagulase انتقلت من جلد المريض في أثناء العملية، والتهاب الصفاق بعد الجراحة على الأمعاء). ويُلاحَظ أن هذين المثالين يتعلقان بحالات شديدة الخطورة لفترات قصيرة. ويمكن للمرضى مثبطي المناعة الاستفادة من وقاية طويلة الأمد مثل الخمج بسلبيات الغرام التالية لنقص العدلات بعلاج فموي بالكينولون، أو علاج ذات الرئة بالمتكيسات بالـ co-trimoxazole.

٣- القضاء على خمج موجود قبل أن يسبب مرضاً مثل التدرن والملاريا (البرداء).

٤- الوقاية من سورة exacerbations حادة للأمراض المزمنة مثل التهاب القصبات والداء الكيسي الليفي.

٥- الوقاية من انتشار المرض بين المتجاورين (في الأوبئة، و/ أو الحالات الفردية). ويمكن الوقاية جزئياً من انتشار الإنفلونزا A بـ oseltamivir. وإعطاء السيبروفلوكساسين عندما يكون هناك حالة التهاب سحايا بالسحائيات في الأسرة.

غالباً ما تُنجز الوقاية الطويلة الأمد للأخماج الجرثومية بجرعات غير كافية للعلاج ما إن يُعالج الخمج الحاد علاجاً كاملاً. أما المحاولات لاستخدام الأدوية روتينيّاً للوقاية من الخمج عندما يكون هناك احتمال وجود مجموعة كبيرة من الجراثيم، ولا يمكن التنبؤ بها كذات الرئة عند المرضى اللا واعين أو الأخماج البولية عند المرضى المقثطرين، فإنها لم تفشل وحسب، بل شجعت على ظهور الأخماج مع جراثيم أقل حساسية. كما لم تنجح المحاولات القائمة على الوقاية الروتينية من الأخماج الجرثومية الثانوية التالية للإصابات الفيروسية مثل الأخماج التنفسية والحصبة. وفي هذه الحالات يُفضَّل اليقظة للمضاعفات وبعد ذلك علاجها علاجاً مناسباً أكثر من محاولة الوقاية منها.

الوقاية الكيميائية في الجراحة:

تكون الوقاية في العمل الجراحي مسوَّغة:

١- عندما يكون خطر الخمج مرتفعاً؛ لأن أعداداً كبيرة من الجراثيم تكون موجودة مكان العمل الجراحي مثل العمل الجراحي على الأمعاء الغليظة.

٢- عندما يكون خطر الخمج ضئيلاً؛ ولكن عواقبه يمكن أن تكون كارثية مثل الخمج التالي لتبديل صمام القلب أو وضع مفصل صنعي.

٣- عندما يكون خطر الخمج ضئيلاً؛ ولكن الدراسات أظهرت فوائد الوقاية لتجاوز المخاطر مثل إعطاء جرعة وحيدة من مضادات العنقوديات في جراحة الفتوق غير المختلطة وجراحة الثدي.

يجب اختيار الصادات على ضوء المعلومات المتوفرة حول أكثر الجراثيم احتمالاً في مكان العمل الجراحي واختبارات التحسس المتوفرة عنها.

يجب إعطاء الصادات وريدياً أو عضلياً وأحياناً شرجية عند بدء التخدير، وليس لأكثر من ٤٨ ساعة. وتبين أن النتائج تكون مثالية عندما يُعطى الصاد في لحظة بدء التحريض التخديري. ويُعطَى غليكوببتيد إذا كان معروفاً أن المريض حامل لـلمكورات العنقودية المقاومة MRSA أو أن نسبة وجودها مرتفعة.

مشاكل مضادات الميكروبات:

المقاومة:

تُعدّ المقاومة الدوائية مشكلة في غاية الأهمية، فإذا ما طغت الذراري المقاوِمة على الذراري الحساسة؛ فإن أي دواء ذي قيمة يصبح غير مفيد. تولد بعض الجراثيم مقاومة، أو تصبح مقاومة بالطفرات، والأخرى تنال المقاومة بنقل البلاسميدات وعناصر وراثية أخرى. وتشكل الصادات المستخدمة عند الإنسان نحو ٥٠٪، منها والمتبقي عند الحيوان. ويكون ٨٠٪ من الاستخدام البشري للصادات في البيوت بعيداً عن المشافي.

وقد بزغت مشاكل المقاومة للصادات خلال العقود القليلة الماضية في معظم أنحاء العالم، داخل المشفى وخارجه، ولحسن الحظ قامت عدة هيئات لتخفيف هذه الظاهرة. وتتركز حالياً بعض الجراثيم المقاومة لدى مرضى المشافي أو من أقام مؤخراً في المشفى مثل العنقوديات المقاومة MRSA والمكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين. وهناك جراثيم أخرى تصيب الأفراد في المجتمع مثل العقديات الرئوية المقاومة للبنسلين وللماكروليد والمتفطرة الدرنية المقاومة لكثير من الصادات. وهناك بعض الجراثيم أكثر شيوعاً في المشفى مثل الأمعائيات المنتجة للبيتالاكتاماز واسعة الطيف ESBLS، ولكنها حالياً تُلفى أكثر فأكثر عند أشخاص لم يكونوا يوماً مرضى. أما الأمعائيات المنتجة للـ carbapenemase فقد بزغت عند أشخاص لم يتلقوا أي رعاية صحية.

تتغير مقاومة الميكروبات بسرعة، كما تحسنت كثيراً قدراتنا التقنية على كشف آليات مقاومة جديدة وتنميط الذراري المقاومة. ومن ثم اكتُشفت جراثيم مقاومة وذات فوعة مرتفعة في أوربا وأميركا الشمالية، وهذا يشمل الـ MRSA التي كانت تصيب الشبان السليمين ومتعاطي المخدرات، والراكدات Acinetobacter baumannii المقاومة لكثير من الصادات (بما فيها ذراري ظهرت بعد نقل ضحايا التسونامي وحرب الخليج إلى المشافي في بلدهم الأم) والأمعائيات مثل الـ Klebsiella والإشريكيات القولونية E.coli التي اكتسبت جين الـ carbapenemase بنقل البلاسميد، ويمكن لهذه البلاسميدات التنقل بين مختلف أنواع الأمعائيات. هناك عدد من الـ carbapenemase المختلفة، ومن أكثرها شيوعاً مجموعة New Delhi metallo-beta-lactamase NDM وKpc وOVIM. أما العصيات السلبية الغرام عامة؛ فإن الذراري المقاومة لكثير من الصادات تكون مقاومة على الأقل لثلاث فئات من الصادات، وأما مجموعة XDR extensively drug-resistant؛ فلا تكون حساسة إلا على واحد أو اثنين من الخيارات في حين أن مجموعة الذراري المعروفة بـ (PDR) pan-drug resistant غير قابلة للعلاج.

وفي السنوات الأخيرة حدث تراجع ملموس في معدل تجرثم الدم بـ MRSA في المشافي البريطانية، وهذا ناجم على الأغلب عن تغيير سياسة الكشف التقليدي والإجراءات الصارمة المتبعة لضبط الخمج والتصريح عن الحالات.

إن الخمج بالجراثيم المقاومة هو أكثر سوءاً من الجراثيم الحساسة، وتكاليف العلاج ومدة الإقامة في المشفى تكون مرتفعة.

آليات المقاومة:

- الذراري المقاومة طبيعيّاً: هناك بعض الجراثيم تكون مقاومة لبعض أصناف الصادات على نحو فطري، فالكولونيات وغيرها من سلبيات الغرام لها غشاء خلوي يحمي الخلية من تأثير بعض أنواع البنسلينات والسيفالوسبولينات. وتفتقر بعض أنواع اللاهوائيات الاختيارية مثل E.coli للقدرة على إرجاع زمرة النيترو في الميترونيدازول؛ ومن ثمّ يبقى عديم التأثير.

- تجلب الطفرة العفوية للجرثوم آلية مقاومة جديدة للصادات، وإذا كانت هذه الميكروبات Organisms قابلة للحياة بوجود الصاد؛ فإن تكاثراً اصطفائياً للذراري المقاومة يحدث؛ مما يؤدي إلى أن تصبح مسيطرة.

- إن نقل الجينات من ميكروب Organism إلى آخر هو أكثر الآليات أهمية وشيوعاً. ويمكن نقل المادة الوراثية بشكل بلاسميد، وهو سلسلة وحيدة النطاق دائرية من الدنا تحتوي على جينات قادرة على ضبط عمليات استقلابية متفرقة؛ بما فيها تشكيل البتالاكتاماز الذي يخرب بعض البنسلينات والسيفالوسبرينات وتشكيل إنزيمات تثبط الأمينوغليكوزيدات. ويمكن أن يحدث نقل الجينات عبر بالعات الجراثيم bacteriophages، وهي فيروسات تخمج الجراثيم وخاصة في حال العنقوديات.

والشكل الشائع لحدوث المقاومة يكون بإنتاج إنزيمات تعدل الدواء مثل فسفرة الأمينوغليكوزيدات في حين تحل البتالاكتاماز البنسلين. أما الآليات الأخرى فتشمل تخفيف مرور الدواء إلى داخل الخلية أو زيادة خروجه منها (مثل المقاومة على الميروبينيم Meropenem لدى الزوائف)، أو تعديل مكان الهدف؛ ومن ثمّ تقل قدرة الصاد على الارتباط (مثل مقاومة العنقوديات على الميتيسيلين)، أو يتجنب سبلاً استقلابيةً مثبَطةً (مثل المقاومة على التريميتويريم لدى كثير من الجراثيم).

يمكن الوصول إلى الحدّ من المقاومة limitation of resistant بإنشاء ما يسمى (antibioticstewardship) أي إدارة الصادات: فقد وجدت دراسة حديثة أنه يمكن فعلياً الحدّ من استعمال الصادات وتخفيف مدة الإقامة في المشفى دون أن يؤثر ذلك في الوفيات وذلك يشمل:

- تجنب الاستخدام اللاعقلاني للصادات: وذلك بالتأكد من الاستطباب ومدى العلاج والجرعات المناسبة. وقد أظهرت دراسات حول وصف الأدوية في المشفى والمنزل أن نسبة الصادات غير الضرورية المعطاة في بريطانيا تصل إلى ٣٥٪؛ لأنه لا يستطب البتة أو يُعطى لفترة طويلة.

- الاكتفاء باستخدام المشاركات في بعض الحالات مثل التدرن.

- ضرورة أن يكون هناك استطباب واضح (السبب) مع تحديد مدة العلاج، ويجب إعادة التقييم بعد ٤٨ -٧٢ ساعة على ضوء نتائج المخبر.

- دراسة منتظمة للجراثيم المقاومة في المشفى أو المجتمع: تغيير الصادات الموصى بها للعلاج التخبري عندما تكون نسبة المقاومة مرتفعة، وضبط الأخماج ضبطاً صارماً في المشفى (عزل الحَمَلَة ونظافة الأيدي للطاقم العامل) للحد من انتشار الجراثيم المقاومة.

- إن تقييد استخدام الصادات - مثل تأخير استخدام صاد جديد في زمرة دوائية ما دامت الأدوية الموجودة فعالة- يمكن أن يكون ضرورياً إن كان هناك خشية من ظهور المقاومة.

- تجنب انتشار الجراثيم المقاومة لكثير من الصادات بين المرضى والطاقم الطبي بإجراءات النظافة (غسل اليدين بين مريض وآخر وتعرّف الحملة وعزلهم).

المبدأ الرئيسي للطب هو (أن لا تسبب الضرر)، ولكن لا يمكن تجنب الضرر دوماً عند استخدام الصادات حتى لو كانت خياراً جيداً.

يُشجَّع الأطباء على تجنب استخدام الصادات وعلى بذل جهود عالية لتثقيف الجمهور بألا ينتظر منهم وصفة دواءٍ صادّ لأعراض خفيفة مثل السعال والرشح. كما يوصَى بمعايرة CRP للتمييز بين الأخماج الفيروسية والجرثومية.

أما ما يسمى بسياسة كتابة الوصفة المؤجلة delayed prescriptions في تدبير الرعاية الصحية للأخماج ذات الشأن الأقل خطورة حيث تعطى وصفة الصادّ إلى المرضى؛ ليأخذوها إلى الصيدلية إن لم تتحسن أعراضهم خلال ٢٤ – ٤٨ ساعة؛ فقد أظهرت هبوطاً باستخدام الصادات وتحسين مصير الأخماج التنفسية العلوية والسفلية. وجرى التيقن من أن ارتفاع نسبة المقاومة لا يزيد على نحو غير عكوس أو على نحو لا يمكن تجنبه. ففي الممارسة الطبية في المشفى والمنزل كان تخفيف استخدام الصادات مصحوباً بانخفاض نسبة مقاومة الجراثيم على الرغم من أنه يمكن أن يتأخر ظهور ذلك أشهراً أو سنوات.

وعلى الرغم من أن المخابر تقدم النتائج المخبرية زاعمة بأن الجرثوم حساس أو شبه حساس أو مقاوم لصادّ معيّن؛ فإن ذلك ليس مؤشراً تنبئياً مطلقاً عن الاستجابة السريرية. وفي حال إصابة الشخص فإن عدداً من المتغيرات مثل امتصاص الدواء ووصوله إلى مكان الإصابة وفعاليته ما إن يصل إلى هناك (والتي تتأثر بالارتباط بالبروتين وpH وتركيز الأكسجين والحالة الاستقلابية للجرثوم وتوضّع الجرثوم وتركيزه داخل الخلية) كل ذلك يدل دلالة عميقة على نتائج المعالجة.

الخمج الإضافي superinfection:

عندما يُستخدَم أي صاد فعادةً يُقضى في الوقت نفسه على جزء من الفلورا (النبيت) الطبيعية عند المريض والتي تكون حساسة للصاد. لا يؤدي ذلك إلى مشاكل مرضية غالباً، ولكن في بعض الأحيان تتمكن بعض الميكروبات المقاومة من التكاثر إلى حد يسمح لها بإحداث الخمج، وأهمها المبيضات والزوائف. ومن الضروري جداً إجراء فحص سريري دقيق؛ لأن وجود هذه المتعضيات في عينات الفحص المخبري المأخوذة من مكان ما- يمكن أن تكون فيه متعايشة- لا يعني بالضرورة أنها تسبب المرض.

ويُعدّ التهاب القولون بالمطثيات الصعبة مثالاً للخمج الإضافي. وينجم عن تخرب الفلورا المعوية الطبيعية الذي يسمح بتكاثر المطثيات، ويؤدي إلى إطلاق كثير من الذيفانات المسببة لضرر في مخاطية الأمعاء، ويساعد على طرح السوائل. يمكن لأي دواء أن يبدأ هذه المشكلة، ولكن أكثرها شهرة هي السيفالوسبورينات والكينولونات (مثلاً السيبروفلوكساسين)، ومنها أيضاً الـamoxicillin وco-amoxiclav. وتكون الحالة على شكل التهاب قولون حاد (التهاب القولون الغشائي الكاذب) مع إسهالات مدماة أو مخاطية وألم بطني مع ارتفاع الكريات البيض وتجفاف. إن قصة تناول صاد في الأسابيع الثلاثة السابقة- حتى لو أُوقف الدواء- يجب أن تنبّه الطبيب على هذا التشخيص الذي يُؤكَّد بعزل ذيفان المطثية في البراز؛ إضافة إلى المظاهر النموذجية بتنظير المستقيم والقولون. كما يحدث النكس وعودة الإصابة بكثرة، وغالباً ما تتحسن الحالات المتوسطة الشدة بإيقاف الدواء متيحةً عودة الفلورا الطبيعية للمريض، أو تتحسن على الميترونيدازول. أما الحالات الشديدة فتستدعي علاجاً بالفانكوميسين الفموي. وقد عُزلت بعض الذراري المسؤولة عن حالات شديدة، وأدت إلى فاشيات في المشافي. وتتطلب هذه الحالات علاجاً بالفانكوميسين الفموي والميترونيدازول الوريدي؛ إضافة إلى العناية المركزة. كما يمكن اللجوء إلى العلاج الموضعي بالفانكوميسين داخل القولون وإعطاء الغلوبولينات المناعية في الوريد، وقد يتطلب الأمر اللجوء إلى الجراحة (استئصال القولون التام). ظهر مؤخراً دواء حديث هوFidaxomicin (وهو مثبط للـRNA polymerase )، ويبدو أن له فعالية الفانكوميسين الفموي نفسها في علاج المطثيات؛ ولكن يمكن أن يرافقه انخفاض معدل النكس. وقد يكون علاج الإسهال في بعض الحالات عسيراً، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى ما يسمى زرع البراز faecal transplantation، وهو حقن براز أشخاص اختيروا في محاولة لإعادة التوازن إلى الفلورا الطبيعية، وفي بعض الحالات حدثت استجابة جيدة فجأة تجاوزت ٨٠٪ في بعض الدراسات، وأيدت عدة دراسات استخدامها بالرغم من بعض المخاطر الكامنة.

تتميز المطثية بقدرتها على الانتشار بين مرضى المشافي عبر الأيدي غير المغسولة للعاملين في القطاع الصحي، وكذلك تبقى حية في الوسط الخارجي حيث إنها مُشكّلة للأبواغ spore-forming؛ لذلك يجب عزل المرضى المصابين وتنظيف الأجنحة بدقة. وتستجيب الفاشيات في المشافي للعلاج؛ ولاسيما تحديد استخدام الكينولونات والسيفالوسبورينات.

الأخماج الانتهازية:

تحدث لدى المرضى المثبطي المناعة، أو الذين خفّت دفاعاتهم الخلوية بالبلاعم نتيجة المرض (مثل الإيدز، هبوط الغاماغلوبولينات في الدم hypogammaglobulinaemia، ابيضاض الدم) أو بسبب الأدوية السامة للخلايا. ويمكن أن تسبب هذه الأخماجَ جراثيمُ يندر جداً أن تسبب مرضاً سريرياً عند الأشخاص السليمين. ويجب أن يكون علاج هؤلاء الأشخاص سريعاً، ويبدأ قبل معرفة نتائج الاختبارات الجرثومية، وعادة يشمل مشاركات لصادات وريدية؛ ليعالج ذات الرئة بالمتكيسات وخمج الدم بجراثيم معوية مثل الكولونيات والكلبسيلا عند مرضى نقص العدلات؛ إذ إن هذه الجراثيم تعبر مخاطية الأمعاء، وتصل إلى الدم مباشرة. كما أن الدفاع الموضّع يمكن أن يختل ويسمح بإنتان انتهازي بجراثيم قليلة الإمراضية حتى لو كان الشخص سليماً، وأكبر مثال هو خمج القثاطر الوريدية بالعنقوديات البشرية staphylococcus epidermis.

إخفاء الخمج masking of infections:

إن إخفاء الخمج بالمعالجة الدوائية هو تدبير مهمّ، فعلى سبيل المثال إن علاج المكورات البنية بالبنسلين يمكن أن يمنع في الوقت ذاته ظهور الطورين الأول والثاني من الإصابة بالإفرنجي من دون علاج نوعي له، ويجب من ثمّ إجراء اختبارات الإفرنجي المصلية بعد ثلاثة أشهر من علاج المكورات البنية.

بطرس نصر الله

 

التصنيف :
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1038
الكل : 56535026
اليوم : 42682