الفصل الثاني عشر ـ أمراض الكلية والسبيل البولي التناسلي
فصل ثاني عشر امراض كليه وسبيل بولي تناسلي
-
أمراض الكلية والسبيل البولي التنأمراض الكلية والسبيل البولي التناسلي
الأدوية المدرة للبول Diuretic drugs:
يعرف المدر بأنه الدواء الذي يزيد إطراح الماء والذوائب من جهة، ومن جهة أخرى ينقص الحجم خارج الخلوي.
تعد المدرات من أكثر الأدوية شيوعاً في الاستعمال. تنتج العضوية كل يوم ١٨٠ لتراً من الرشاحة الكبية عبر الكليتين، تخضع هذه الرشاحة لتعديلات كبرى في تركيبها في أثناء مرورها عبر الأنابيب الكلوية بحيث لا يبقى منها بنهاية المطاف سوى نحو ١.٥ لتر من البول. تعد الأنيونات (الشوارد السالبة الشحنة) العضوية organic anions من أكثر المدرات المفيدة سريرياً والتي تصل إلى داخل لمعة الأنبوب الكلوي من خلال الرشح الكبي. يوضح الشكل (١) وظائف الأنبوب الكلوي وآليات عبور الصوديوم ويساعد على شرح كيف تقوم المدرات بعملها وأين؟.
الشكل ١: مواقع عمل المدرات البولية. يُظهر الشكل النواقل transporter والقنوات الشاردية المستهدفة في الخلايا الأنبوبية في هذه المواقع (من ١ إلى ٤) ENaC: قناة الصوديوم الإبتليالية epithelial sodium channel. NCCT: الناقل المشترك للصوديوم والكلور الحساس للثيازيد thiazide-sensitive Na-Cl co-transporter. NKCC2: الناقل المشترك للصوديوم-البوتاسيوم -2 كلور Na-K-2Cl co-transporter. ROMK: القناة المصححة للبوتاسيوم في محيط اللب rectifying outer medullary potassium channel. |
يقوم الأنبوب الداني (القريب) بامتصاص ٦٠٪ من الصوديوم الراشح على نحو فاعل من خلال مضخة الصوديوم ( K+-ATPase (Na+، مع الكلور الذي يتبعه ويعبر على نحو منفعل.
يتم أيضاً عود امتصاص البيكربونات الراشحة بآلية يشارك فيها انزيم الكربونيك أنهيدراز. وتدفع حركة الذوائب هذه نحو إعادة امتصاص الماء بالاتجاه ذاته وعلى نحو متكافئ ممّا يحافظ على التوازن الحلولي، ولهذا أطلق عليه عود الامتصاص متكافئ الحلولية iso-osmoticreabsorption، وينتج منه عودة أكثر من ٧٠٪ من الرشاحة الكبية إلى الدم من خلال هذا الجزء من النفرون.
المدرات الحلولية كالمانيتول تعمل على مستوى الأنبوب الداني (القريب)، وهي مواد ذائبة لا يتم إعادة امتصاصها، ومن ثمّ تحجز الماء داخل لمعة الأنبوب (الموقع ١ في الشكل١) وبذلك فهي تزيد من ضياع الماء أكثر من الصوديوم، وهذا الأمر يفسر سبب استخدامها ولاسيما من أجل خفض الضغط داخل القحف أو داخل العين وليس في الحالات التي تترافق وفرط الحمل من الصوديوم.
عروة هانلة Loop of Henle:
عند مرور السائل الأنبوبي داخل عروة هانلة يتم عود امتصاص ٢٥٪ من الصوديوم الراشح عبر الكبب. ومن المهم هنا معرفة أن ثمة نوعين من النفرونات، بعضها تكون عروة هانلة فيه قصيرة وتتوضع في القشر الكلوي، والمجموعة الثانية يطلق عليها النفرونات المجاورة للكبب تكون عروة هانلة فيها طويلة بحيث تخترق اللب وتذهب بعيداً فيه؛ وهي المعنية أساساً في الحفاظ على الماء، وهي التي سيركز عليها هذا البحث.
ومن أجل فهم أفضل للتغيرات الفيزيولوجية التي تحصل لابد من التركيز في البداية على الجزء الصاعد من العروة، ففي الجزء الثخين منها (الموقع ٢ في الشكل١) تعبر كل من شوارد الصوديوم والكلور من السائل الأنبوبي باتجاه السائل الخلالي من خلال الجهاز الناقل المشترك للشوارد الثلاث وهي: الصوديوم والبوتاسيوم والكلور - والذي يسمى NKCC2- بوساطة مضخة الصوديوم.
يتم الحفاظ على الضغط الحلولي المرتفع داخل الخلال اللبي من خلال أوعية دموية طويلة نازلة وصاعدة ذات ثخانة شعرية، وتقع على مقربة شديدة من عروة هانلة، وتعرف باسم الأوعية المستقيمة vasa rectaوتؤدي دور المبادِلات عكس التيار countercurrent exchangers، بمعنى أن الدم القادم إلى اللب الكلوي يحصل على الصوديوم من الدم الذي يغادره؛ والمبدأ هو دائماً الحفاظ على فرط المقوية داخل اللب الكلوي. يعد الموقع ٢ في الشكل (١) مكان العمل الرئيسي لكل من المدرات التالية: Furosemide، bumetanide، piretanide، torasemide، ethacrynic acid، حيث تقوم هذه الأدوية بتثبيط ناقلات الشوارد الثلاث ومن ثمّ تمنع عودة امتصاص الصوديوم، فتخفض بذلك من الممال الحلولي بين القشر واللب؛ ممّا ينجم عنه تشكل أحجام كبيرة من البول الممدد، ولهذا السبب أطلق على هذه الأدوية اسم مدرات العروة.
الأنبوب المعوج (الملفف) القاصي:
يعود الجزء الصاعد من عروة هانلة ويدخل القشر الكلوي حيث يبدي بعض التغيرات الموروفولوجية، ويصبح جداره رقيقاً، ويشكل هنا ما يعرف بالأنبوب المعوج القاصي (الموقع ٣ من الشكل١). ويستمر الامتصاص عبره أيضاً من خلال مضخة الصوديوم، لكن عودة الامتصاص هنا لكل من الصوديوم والكلور تحدث بوساطة ناقل آخر هو الناقل المشترك للصوديوم والبوتاسيوم أو NCC أو Na-Cl co-transporter، وسرعان ما تسحب هاتان الشاردتان من الخلال بسبب غزارة الجريان الدموي في القشر من جهة؛ ونظراً لغياب ما يعرف بـ vasa recta من جهة أخرى. والظهارة في الموقع ٣ هي أيضاً غير نفوذة للماء، ومن ثمّ يصبح البول فيها أكثر تمدداً. وتقوم الثيازيدات بتأثيرها الرئيسي في هذه المنطقة؛ وتحديداً في هذا الجزء القشري الممدِد للبول من الأنبوب البولي من خلال حصارها لنواقل NCC.
الأنبوب الجامع:
في الأنبوب الجامع (موقع ٤) يتم تبادل شوارد الصوديوم مع شوارد البوتاسيوم والهدروجين. وتدخل شوارد الصوديوم عبر قناة الصوديوم الظهارية epithelial Na channel أو ENaC التي يحرضها الألدوسترون. ويقوم دواء سبيرونولاكتون بتثبيط مستقبلات الألدوسترون بطريقة تنافسية، أما الأميلوريد والتريامتيرين فآلية عملهما تكون من خلال تثبيط قنوات الصوديوم ENaC. وتعد جميع هذه المدرات الثلاثة حافظة للبوتاسيوم، أما المدرات الأخرى فهي تعمل على الأنبوب القريب (الموقع ٤) وتسبب ضياعاً في البوتاسيوم، وتعد المدرات الحافظة للبوتاسيوم عموماً مدرات ضعيفة.
يتابع الأنبوب الجامع رحلته في اللب وصولاً إلى الحليمات papilla حيث يجتاز بذلك ممالاً متزايدَ الضغط الحلولي يقوم بسحب الماء خارج الأنبوب الجامع. ويكون التركيز النهائي للبول خاضعاً لتأثير الفازوبريسين المعروف بالهرمون المضاد للإدرار ADH والذي يعمل على زيادة نفوذية الأنبوب للماء من خلال تفعيله للقنوات الخاصة بالماء التي تعرف بـ aquaporins. دواء التولفابتان tolvaptan هو مضاد لمستقبلات الفازوبريسين، ويقوم بعمله من خلال ارتباطه على نحو تنافسي مع المستقبلات V2 في الأنبوب الجامع. أما الإيثانول ethanol فهو يسبب الإدرار من خلال تثبيطه لإطلاق هرمون ADH من الجزء الخلفي للغدة النخامية.
تعتمد القدرة القصوى لأي مدر في طرح الماء والملح على موقع عمله، ومن ثمّ من المناسب أن تصنف المدرات تبعاً لمقدرتها على طرح الصوديوم، كما سيتم شرحه لاحقاً.
١- المدرات عالية الفعالية:
الفوروزيمايد furosemide وغيره من مدرات العروة قد ينتج من استعمالها ضياع ما يصل إلى ٢٥٪ من الصوديوم الراشح، وهذا الضياع الكبير للصوديوم من شأنه أن يضعف آليات تكثيف البول القوية في عروة هانلة. ويقابل الزيادة التدريجية في الجرعة ارتفاع موازٍ في الإدرار وذلك نظراً لتمتعها بسقف عالٍ للتأثير الأعظمي. وتعد هذه المدرات شديدة الفعالية إلى درجة أن الإفراط في استخدامها قد يدخل المريض في حالة من التجفاف. ومن الميزات الأخرى والمهمة لمدرات العروة أنها تحافظ على فعاليتها في حالات القصور الكلوي الشديد حتى تلك التي يقل فيها معدل الرشح الكبي GFR عن ١٠مل/دقيقة؛ مع العلم أن المعدل الطبيعي هو نحو ١٢٠مل/دقيقة.
٢- المدرات متوسطة الفعالية:
عائلة الثيازيدات thiazide تشمل: bendroflumethiazide وكل ما يرتبط بالأسماء التالية: chlortalidone، clopamide، indapamide، mefruside، metolazone، وxipamide، وتسبب إطراح ما نسبته ٥-١٠٪ من الصوديوم الراشح، أما زيادة جرعاتها فهي قليلة الأثر في زيادة الإدرار إذا ما قورنت بمدرات العروة، والسبب أن سقف تأثيرها منخفض نسبياً، كما أنها تفقد فعاليتها بمجرد انخفاض معدل الرشح الكبي عند المريض إلى ما دون ٢٠ مل/دقيقة باستثناء metolazone.
٣- المدرات منخفضة الفعالية:
Triamterene، amiloride، وspironolactone: تطرح ٢-٣٪ من الصوديوم الراشح، وهي مدرات حافظة للبوتاسيوم، وتمتاز بفائدتها عند مشاركتها مع المدرات الأخرى الأقوى منها من أجل منع حدوث انخفاض بوتاسيوم الدم الذي يحدث عندما تستعمل المدرات الأخرى وحدها.
٤- المدرات التناضحية osmotic diuretics: مثالها المانيتول، تصنف أيضاً ضمن مجموعة المدرات منخفضة الفعالية.
المدرات كل على حدة:
أولاً- مدرات العروة عالية الفعالية:
الفوروزيمايد Furosemide يعمل الفوروزيمايد على الجزء الثخين الصاعد من عروة هانلة (موقع ٢) ويعطي التأثيرات المذكورة سابقاً. ونظراً لوصول كميات أكبر من الصوديوم إلى الموقع ٤ يؤدي تبادلها مع البوتاسيوم إلى ضياع البوتاسيوم في البول وحدوث نقص بوتاسيوم الدم، كما يزيد الفوروزيمايد من ضياع الكلسيوم والمغنيزيوم بالقدر ذاته الذي يحدث للصوديوم. تتم الاستفادة من تأثيرات هذا المدر في التدبير الإسعافي لعلاج فرط كلسيوم الدم.
الحراك الدوائي: يكون امتصاص الفوروزيمايد من الطريق الهضمي عرضة لتغيرات مهمة بين الأشخاص وعند الشخص نفسه بين وقت وآخر، وهو شديد الارتباط ببروتينات البلازما. ويبلغ عمره النصفي ساعتين لكنه قد يصل حتى عشر ساعات في الفشل الكلوي.
الاستعمالات: يمتاز الفوروزيمايد بنجاحه اللافت في سرعة زوال الوذمات بعد استعماله. ويزيد الناتج البولي تدريجياً مع زيادة الجرعات. وعندما يطبق بطريق الفم يظهر مفعوله في ساعة ويستمر حتى ست ساعات، وقد ينتج من استعماله خروج كميات هائلة من البول، ومن ثمّ الإفراط في استعماله قد يدخل المريض في حالة نقص حجم مع وهط في الدوران. وعندما يعطى وريدياً تلاحظ تأثيراته في نصف ساعة ويمكن أن يخرج المريض بنجاح من حالة وذمة الرئة الحادة، وذلك ليس فقط نتيجة الإدرار الشديد الذي يحدثه؛ بل أيضاً - لو جزئياً- بسبب تأثيره الموسع للأوردة والذي يسبق فعله المدر. ومن الخصائص المهمة لهذا المدر أنه يحتفظ بفعاليته حتى في حدود منخفضة جداً من معدل الرشح الكبي تصل إلى ١٠ مل بالدقيقة أو أقل. الجرعة اليومية عند الكهل هي ١٠–١٢٠ ملغ بطريق الفم أو العضل أو الوريد. وتراوح جرعة البدء من ٢٠ إلى ٤٠ ملغ. أما في حالة الفشل الكلوي فإنه يتوفر منه مضغوطات عيار ٥٠٠ ملغ؛ إضافة إلى محلول بتركيز يبلغ ٢٥٠ ملغ في كل ٢٥ مل منه، وهو معدّ من أجل التسريب الوريدي بمعدل لا يتجاوز ٤ ملغ في الدقيقة. أما بالنسبة إلى مرضى قصور القلب حيث تطول فترة امتصاص الدواء من الأمعاء مما يؤثر سلباً في منحنى تأثيرات الدواء تبعاً للجرعة المطبقة؛ فإنه يقلّ تأثيره مهما بلغت الجرعة المطبقة، وهذا أمر مهم يجب أن يؤخذ في الحسبان عند تحديد جرعات الفوروزيمايد لهؤلاء المرضى.
الآثار السلبية غير شائعة باستثناء تلك الناجمة عن فرط استعماله كالاضطرابات الشاردية وانخفاض الضغط الشرياني بسبب انخفاض حجم البلازما، إضافة إلى باقي الآثار السلبية المعروفة عموماً عن المدرات والتي تتضمن الغثيان والتهاب المعثكلة؛ ونادراً الصمم الذي غالباً ما يكون عابراً والذي يحدث عند الحقن الوريدي السريع للدواء عند مريض الفشل الكلوي. وعندما يرافق استعماله الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs- ولاسيما الإندوميتاسين- يلاحظ انخفاض التأثير المدر للفوروزيمايد.
إن كلاً من: bumetanide، piretanide، ethacrynic acid، شبيهة بالفوروزيمايد، وربما يكون Bumetanide مفضلاً على الفوروزيمايد في قصور القلب وذلك نظراً لإمكان توقع معدل امتصاص أفضل من الأمعاء عندما يطبق بطريق الفم. أما ethacrynic acid فهو أقل استعمالاً من الفوروزيمايد نظراً لمصادفة آثاره السلبية بتواتر أكبر ولاسيما الغثيان والصمم. يعد تورازيميد Torasemide خافضاً فعالاً للضغط الشرياني بجرعات قليلة تبلغ ٢.٥-٥ ملغ باليوم؛ وهي غير طارحة للصوديوم؛ وهي أقل من الجرعات المطبقة في علاج الوذمات والتي تبلغ ٥ - ٤٠ ملغ باليوم.
ثانياً- المدرات متوسطة الفعالية:
الثيازيدات Thiazides:
تخفض الثيازيدات من عود امتصاص الملح في الأنبوب المعوج البعيد (الموقع ٣)، ومن ثمّ يصل الصوديوم بمقادير أكبر إلى الموقع ٤ حيث يتم تبادله مع البوتاسيوم، مما يجعل هذه المدرات ذات تأثير مهم في زيادة طرح البوتاسيوم. وتخفض الثيازيدات من الضغط الشرياني من خلال خفضها للحجم داخل الوعائي، ولكن مع استعمالها المطول تضاف آلية أخرى وهي خفضها للمقاومة الوعائية المحيطية.
الاستعمالات: تعطى الثيازيدات في الحالات الخفيفة من قصور القلب وارتفاع الضغط الشرياني الخفيف بالمشاركة مع أدوية أخرى.
الحراك الدوائي: يكون امتصاص الثيازيدات جيداً عندما تعطى بطريق الفم، ويبدأ تأثير معظمها في ساعة من الإعطاء. ويعود سبب الاختلافات الحاصلة بين مشتقاتها العديدة جداً بصورة رئيسية إلى مدة تأثير كل منها. وتمتاز المشتقات المنحلة نسبياً بالماء كالسيكلوبنثيازيد والكلورثيازيد والهدروكلوثيازيد بأنها أسرع المشتقات طرحاً حيث يحدث تأثيرها الأعظمي في ٤ إلى ٦ ساعات وينتهي بمرور ١٠-١٢ ساعة. يتم طرحها كما هي من دون تغير في البول حيث يساهم إفرازها على نحو فاعل من الأنبوب القريب في سرعة طرحها بالبول، ومن ثمّ يقل عمرها النصفي عن أربع ساعات.
أما المشتقات المنحلة نسبياً في الدسم من هذه الزمرة الدوائية كالبوليثيازيد والهدروفلوميثيازيد فهي تتوزع توزعاً واسعاً داخل أنسجة الجسم، ويستمر عملها إلى أكثر من ٢٤ ساعة؛ ممّا قد يترتب عليه بعض الإشكال إذا كانت تستعمل بقصد الإدرار.
الآثار الضارة: طفح جلدي يكون أحياناً بشكل تحسس ضيائي، نقص صفيحات، ندرة محببات agranulocytosis وكذلك ارتفاع الكولسترول الكلي في البلازما، ولكن مع الاستعمال المطول للدواء ينخفض احتمال حدوث ذلك إلى ما دون ٥٪ من الحالات حتى في الجرعات الكبيرة.
بندروفلوميثيازيد Bendroflumethiazide: عضو مقبول نوعاً ما من هذه المجموعة، وعندما يستعمل مدراً تكون الجرعة ٥–١٠ ملغ ويستمر تأثيرها عادة أقل من ١٢ ساعة، ومن ثمّ كان لزاماً إعطاؤه في الصباح. من غير الشائع أن يرافق استعماله نضوب مهم في البوتاسيوم، ولكن يوصى بمراقبة مستويات البوتاسيوم عند المرضى الضعفاء كالمسنين.
ومن أعضاء هذه الزمرة الدوائية: بنزثيازيد، كلورثيازيد، سيكلوفينثيازيد، هدروفلوميثيازيد وبوليثيازيد.
المدرات المرتبطة بالثيازيدات: هناك العديد من المركبات التي على الرغم من كونها لا تصنف تماماً في فئة الثيازيدات فهي تشاركها بعدد من التشابهات البنيوية، وربما تقوم بعملها في المواقع ذاتها في النفرون حيث تعمل الثيازيدات، ومن ثمّ فهي تظهر فعالية علاجية معتدلة. وتتميز هذه المواد عامة من الثيازيدات بأن أمد مفعولها أطول، وهي أيضاً تستخدم في علاج الوذمات وارتفاع الضغط، أما طيف آثارها السلبية فهو مشابه للثيازيدات. تضم هذه الزمرة المركبات التالية:
كلورتاليدون Chlorthalidone: يستمر عمله فترة ٤٨-٧٢ ساعة بعد إعطاء جرعة فموية واحدة منه.
إنداباميد Indapamide: يرتبط من حيث البنية بالكلورتاليدون، ولكنه يبدي تأثيراً خافضاً للضغط بجرعات أقل من الجرعة المدرة.
ميتولازون Metolazone: يمتاز بأنه يبقى فعالاً حتى عندما تكون الوظيفة الكلوية متراجعة، وهو يقوي من الإدرار المحدث بالفوروزيمايد حيث إن إشراكهما يكون فعالاً في علاج الوذمات المعندة؛ بيد أن خطر حدوث نقص البوتاسيوم في مثل هكذا مشاركة يكون عالياً جداً.
إكزسيباميد Xipamide: يرتبط بنيوياً بالكلورتاليدون والفوروزيمايد. يحرض إدراراً يستمر نحو ١٢ ساعة، ويكون أنشط من ذلك المحدث بالثيازيدات ممّا يزعج المسنين.
ثالثاً- المدرات منخفضة الفعالية:
سبيرونولاكتون Spironolactone (ألداكتون): مشابه بنيوياً للألدوسترون؛ ولهذا فهو يثبط عمل الألدوسترون في الأنبوب البعيد على نحو تنافسي (الموقع ٤ تبادل الصوديوم مع البوتاسيوم)؛ يساهم الإفراز المفرط من الألدوسترون في احتباس السوائل في كل الحالات التالية: تشمع الكبد، المتلازمة النفروزية، قصور القلب الاحتقاني، وفرط الإفراز الأولي (تناذر كونConn’s syndrome). والسبيرونولاكتون هو أيضاً العلاج المختار للعديد من مرضى ارتفاع الضغط الشرياني الخبيث والذي تبين الدراسات وبمنحى متزايد أن زيادة الحساسية للألدوسترون هي أحد العوامل المساهمة في حدوثه. والعمر النصفي للسبيرونولاكتون بحد ذاته قصير ويبلغ ٦, ١ ساعة فقط ولكنه يستقلب بشدة، ومن ثم فتأثيره المدر الذي يستمر فترة مطولة هو ناجم عن فعل أهم مستقلباته الفعالة الكانتينون الذي يبلغ عمره النصفي ١٧ ساعة. والسبيرونولاكتون غير فعال نسبياً بوصفه مدراً عندما يستعمل بمفرده، ولكنه يكتسب بعض الفعالية المدرة عندما يشرك مع دواء يقلل من عود امتصاص الصوديوم في الأنبوب القريب كمدرات العروة. يفيد استعمال السبيرونولاكتون (والأميلوريد والتريامتيرين) عادة في الإقلال من ضياع البوتاسيوم الناتج من مدرات العروة، ولكن من الضروري تجنب إشراكه مع المدرات الأخرى الحافظة للبوتاسيوم والذي قد ينتج منه ارتفاع بوتاسيوم الدم. كما أن استعمال السبيرونولاكتون عند مرضى القصور الكلوي قد يتسبب باحتباس شديد وخطر للبوتاسيوم. وعند استعماله مدراً يعطى بطريق الفم بجرعة واحدة أو أكثر وتراوح من ١٠٠-٢٠٠ ملغ في اليوم. أما الجرعات المتطلبة لعلاج ارتفاع الضغط الشرياني فهي أقل وتتراوح من ٠.٥ – ١ ملغ/ كغ.
الآثار الضارة: تعد التأثيرات الإستروجينية بمنزلة العامل الأهم الذي يحد من استعماله استعمالاً مطولاً، وهي تأثيرات معتمدة على الجرعة.
إيبليرينون Eplerenone: هو نظير صنعي للسبيرونولاكتون تم ترخيصه ليستعمل في علاج قصور القلب، ويبدو أنه خالٍ من التأثيرات الإستروجينية ربما بسبب انخفاض ولعه بمستقبلات الإستروجين. وأكثر ما يفيد عند المرضى الذين هم بحاجة إلى أدوية حاصرة لمستقبلات الألدوسترون، ولكنهم لا يحتملون تأثيرات السبيرونولاكتون الغدية الصماوية.
الأميلوريد Amiloride: يحاصر قنوات الصوديوم ENaC في الأنبوب البعيد. وهذا التأثير يتكامل مع تأثير الثيازيدات والتي غالباً ما يتم إشراكها معه من أجل زيادة ضياع الصوديوم والحد من ضياع البوتاسيوم. وأحد أمثلة هذه المشاركة co-amilozide(موديوريتيك Moduretic؛ ٥,٢– ٥ ملغ أميلوريد + ٢٥–٥٠ ملغ هدروكلوثيازيد) ويستعمل في علاج ارتفاع الضغط الشرياني أو الوذمات. ويحدث التأثير الأعظمي للأميلوريد بعد ٦ ساعات من تطبيقه بطريق الفم، ويستمر تأثيره أكثر من ٢٤ ساعة (العمر النصفي ٢١ ساعة). تراوح جرعته اليومية من ٥ – ٢٠ ملغ باليوم.
- تريامتيرين triamterene (Dytac): مدر حافظ للبوتاسيوم، وهو مشابه للأميلوريد من حيث التأثير والاستعمال، يمتد تأثيره المدر فترة ١٠ ساعات. ومن آثاره السلبية الانزعاج الهضمي عندما يستعمل مع الإندوميتاسين (وربما مع أدوية أخرى من زمرة مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية)، وقد يعطي البول لوناً أزرق. وقد يُحدث قصوراً كلوياً غير شحيح البول وعكوساً.
- الوذمات المترافقة مع فرط الحمل من الصوديوم كما هو الحال في أمراض القلب والكلية أو الكبد، وأيضاً تلك غير المترافقة وفرط حمل الصوديوم كما هو الحال في وذمة الرئة الحادة التالية لاحتشاء العضلة القلبية. وقد تكون الوذمات موضعة كالوذمة العرقية العصبية التي تتوضع في الوجه والرقبة أو الوذمة حول الكاحلين والتي تتعدد أسبابها فهي قد ترافق استعمال الأدوية المثبطة لقنوات الكلسيوم؛ أو قد تنتج من نقص ألبومين الدم أو نقص الحركة عند المسنين، ولا تكون المدرات هنا مستطبة في أي من الحالات السالفة الذكر.
- ارتفاع الضغط الشرياني: حيث يؤدي المدر دوراً مهماً في خفض الضغط الشرياني من خلال خفضه للحجم داخل الأوعية؛ وربما أيضاً من خلال آليات أخرى ومنها خفض تأثير النورأدرينالين المقبض للأوعية.
- فرط كلسيوم الدم: يخفض الفوروزيمايد من عود امتصاص الكلسيوم في الجزء الصاعد من عروة هانلة، وهذه الخاصية تسمح باستعمال هذا الدواء في الحالات الإسعافية التي تتطلب خفضاً سريعاً للتراكيز المرتفعة من الكلسيوم في الدم جنباً إلى جنب مع الإماهة وتدابير أخرى.
- فرط كالسيوم البول الأولي: وهو سبب رئيسي من أسباب الحصيات الكلوية عند الأطفال. يمكن للثيازيدات أن تخفض من كلسيوم البول.
- متلازمة الإفراز غير المتلائم من الهرمون المضاد للإدرار SIADH: يمكن أن تعالج بالفوروزيمايد إذا بلغ فرط الحمل من الحجم درجة الخطر.
- البيلة التفهة كلوية المنشأ: يمكن أن تستجيب استجابة عجيبة للمعالجة بالمدرات الثيازيدية. وقد ينتج التأثير المضاد للإدرار أيضاً من تقلص الحجم داخل الأوعية مع ارتفاع ثانوي في عود امتصاص الملح والماء عبر الأنبوب القريب.
المعالجة:
- قصور القلب الاحتقاني:
يتم التركيز هنا على الاستعمال المبكر لمثبطات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين ACEi ولحاصرات بيتا الخالية من أي تأثير مدر على وجه التحديد، كما يمكن للمدرات أن يكون لها دور في علاج قصور القلب الاحتقاني حيث تعطى عن طريق الفم مع الرقابة اللصيقة للمريض تلافياً للوقوع في مخاطر الإفراط في العلاج. ومن الجدير ذكره هنا أن زوال الملامح الاحتقانية عند استخدام المدرات من شأنه أن يُقنِّع ويخفي أعراض قصور القلب منخفض النتاج - المتفاقم بسبب نقص حجم الدم المحدث بالمدرات- كالشعور بالتعب ودوار الوضعة. ويدل ارتفاع البولة في الدم عادة على تناقص الجريان الدموي على مستوى الكبب الكلوية نتيجة لهبوط نتاج القلب، ولكنه لا يميز بين انخفاض الناتج القلبي الناجم عن فرط الإدرار أو عن فشل العضلة القلبية بحد ذاته. وإن أبسط دليل مرشد على مدى فعالية الخطة المتبعة لتحريض الإدرار أو فشلها يكون من خلال مراقبة وزن الجسم بميزان يضعه المريض داخل الحمام. والتمريض له دور مهم في إعداد مخططات الصادر والوارد الخاصة بمريض قصور القلب، وهو عمل يتطلب الوقت وغالباً ما تعوزه الدقة.
- الوذمة الكلوية:
تتلخص الأهداف العلاجية الرئيسية بخفض الوارد الغذائي من الصوديوم والوقاية من الاحتباس المفرط للصوديوم من خلال استعمال الأدوية المدرة. ويتعلق مدى نجاح المدرات في خفض عود امتصاص الصوديوم من الأنبوب الكلوي بسلامة الرشح الكبي وعدم تعرضه للانخفاض الشديد نتيجة الأمراض المختلفة. ويحافظ كل من الفوروزيمايد والبوميتانايد على فعاليتهما حتى عندما ينخفض معدل الرشح الكبي إلى مستويات منخفضة جداً. ويمكن للفوروزيمايد أن يشرك بنجاح مع الميتولازون؛ بيد أن الإدرار العنيف الذي ينجم عن هذه المشاركة يتطلب مراقبة لصيقة. وتختلط المتلازمة النفروزية بفرط ألدوسترونية ثانوي وذلك بسبب ضياع الألبومين الذي ينجم عنه انخفاض في ضغط البلازما الغرواني colloid pressure؛ ومن ثمّ نزوح الحجم داخل الوعائي نحو الفضاء الخلالي interstitium، وهنا يمكن للسبيرونولاكتون أن يطبق للمريض تطبيقاً مفيداً من أجل تعزيز تأثير مدرات العروة من جهة ومن أجل الحفاظ على البوتاسيوم من جهة أخرى والذي قد يكون ضياعه شديداً.
- الحبن الكبدي:
ينجم الحبن والوذمات ذات المنشأ الكبدي عن ارتفاع توتر أوردة الباب؛ وكذلك الأمر عن انخفاض ضغط البلازما الغرواني الحلولي والذي يتسبب بحدوث فرط ألدوسترونية كما هو الحال في المتلازمة النفروزية، ومن ثمّ ينجم عن كل ذلك حالة من احتباس الصوديوم على مستوى الكليتين نتيجة مباشرة لتحول الجريان الدموي الكلوي من القشر إلى اللب. يتضمن العلاج تحديد الوارد الغذائي من الصوديوم وإعطاء السبيرونولاكتون الذي يعد المدر المفضل استعماله هنا بهدف الحصول على إدرار تدريجي، ويفضل ما أمكن تجنب المدرات القوية لأنها تسبب نضوباً شديداً في الصوديوم وضياعاً إضافياً في البوتاسيوم مع قلاء ناقص الكلور؛ مما يعمق من اعتلال الدماغ الكبدي. وقد يكون بزل الحبن فعالاً جداً إذا ما رافقه تسريب الألبومين لمنع المزيد من تفاقم نقص بروتينات الدم.
التكيف مع العلاج بالمدر:
يتلو تثبيط عود امتصاص الصوديوم في أحد أجزاء النفرون عدد من التكيفات المهمة في أجزاء أخرى من النفرون ذاته، ولهذا السبب يتلو عادة الجرعة الأولى من المدر إدرار شديد؛ بيد أنه غالباً ما يخبو ذلك نسبياً في الجرعات اللاحقة حيث تحدث حالة من الثبات steady state يتعادل فيها تقريباً المطروح من السوائل والذوائب مع الوارد منها. وقد تتميز الفترات الفاصلة بين الجرعات بميل إلى احتباس الصوديوم والسوائل؛ ولاسيما عند استعمال المدرات قصيرة العمر النصفي، ويمكن التغلب على ذلك من خلال استعمال المدرات طويلة أمد التأثير؛ أو بزيادة عدد الجرعات؛ أو بالمعالجة التي يتم فيها مشاركة عدد من الأدوية لتحقيق ما يطلق عليه «حصار النفرون بشكل تسلسلي» sequential nephron blockade كما هو الحال في المشاركة المعروفة بين مدرات العروة والثيازيد.
الآثار الضارة المميزة للمدرات:
١- نضوب البوتاسيوم: تتسبب المدرات التي تعمل على المواقع ١ و٢ و٣ (الشكل١) بوصول كميات أكبر من الصوديوم إلى مكان تبادل الصوديوم مع البوتاسيوم في الأنبوب البعيد (موقع ٤) ومن ثمّ تزيد من إطراح البوتاسيوم. وهذا الموضوع بالذات يتطلب التمحيص؛ لأن نقص بوتاسيوم الدم قد يتسبب باضطراب في نظم القلب عند المرضى المعرضين أصلا لهذا الخطر؛ ومنهم على سبيل المثال المرضى قيد المعالجة بالديجوكسين. ويمثل مستوى ٣,٥ ملي مول/ لتر من البوتاسيوم في البلازما الحد الأدنى الآمن في الأحوال العادية. وتعتمد قدرة كل مدر من عدمها على خفض تركيز البوتاسيوم في البلازما انخفاضاً مهماً على نوع الدواء وآلية تأثيره؛ إضافة إلى الظروف التي يعمل بها هذا المدر في جسم المريض.
• مدرات العروة تحدث انخفاضاً في بوتاسيوم المصل، ونظراً لأنها تمتاز بقدرة كبيرة على إدرار البول تكون المحصلة ضياعاً شديداً في البوتاسيوم، ومن ثمّ فهي تتسبب بالنهاية بانخفاض أشد في تراكيز البوتاسيوم إذا ما قورنت بالثيازيدات.
• الوارد الغذائي المنخفض من البوتاسيوم يؤهب لحدوث نقص بوتاسيوم الدم؛ ويكون الخطر ملحوظاً خاصة في المسنين؛ ذلك أن الكثير منهم يتناول أقل من ٥٠ مليمول باليوم؛ في الوقت الذي يفترض بالنظام الغذائي الطبيعي أن يوفر منه نحو ٨٠.
• يمكن لبعض الأدوية الأخرى أن تفاقم من نقص بوتاسيوم الدم، ومنها على سبيل المثال: الثيوفيللين، الكورتيزون، الأمفوتيريسين.
• يزداد احتمال حدوث نقص البوتاسيوم في أثناء العلاج بالمدرات في حالة فرط الألدوسترونية أكانت أولية أم – وهي أكثر الحالات شيوعاً- ثانوية للداء الكبدي الحاد أو قصور القلب الاحتقاني أو المتلازمة النفروزية.
• قد يحدث انخفاض البوتاسيوم في حالات مختلفة يُذكر منها: الإسهال، الإقياء، ناسور الأمعاء الدقيقة.
يمكن الحد من نضوب البوتاسيوم أو تصحيحه من خلال الآتي:
- الحفاظ على وارد غذائي جيد من البوتاسيوم (فواكه، عصير فاكهة، خضراوات).
- إشراك الأدوية المضيعة للبوتاسيوم مع أخرى حافظة للبوتاسيوم.
- الاستعمال المتقطع للأدوية المضيعة للبوتاسيوم.
- متممات البوتاسيوم: كلور البوتاسيوم هو المفضل لأن الكلور هو الشاردة السالبة الرئيسية التي تطرح في البول جنباً إلى جنب مع الصوديوم عند استعمال المدرات الشديدة التأثير. والمدرات الحافظة للبوتاسيوم تكون مجدية أكثر من متممات البوتاسيوم في منع حصول انخفاض البوتاسيوم. ويؤخذ على كل أنواع متممات البوتاسيوم أنها مخرشة للأنبوب الهضمي إلى درجة أنها قد تسبب أحياناً تقرحاً في المريء. ويكون المسنون- على وجه الخصوص- عرضة لهذه المضاعفات، ومن ثمّ وجب تحذيرهم بضرورة تناول مضغوطات متممات البوتاسيوم مع كأس كبير من السوائل وبوضعية الجلوس أو الوقوف.
٢- فرط البوتاسيوم: قد يحدث ولاسيما عندما تعطى المدرات الحافظة للبوتاسيوم للمرضى الذين يعانون من تراجع بوظائف الكليتين. ويمكن أيضاً لكل من الأدوية المثبطة للإنزيم القالب للأنجيوتنسين ACEi والأدوية الحاصرة لمستقبلات الأنجيوتنسين II أن تسبب ارتفاعاً متوسط الشدة في مستويات البوتاسيوم في البلازما، كما يمكن لفرط البوتاسيوم هذا أن يصل إلى مستويات الخطر في حال أرفق تطبيق هذه الأدوية مع متممات كلور البوتاسيوم KCl supplements أو مع الأدوية الأخرى الحافظة للبوتاسيوم بوجود درجة من درجات القصور الكلوي.
معالجة فرط بوتاسيوم الدم:
يعتمد العلاج على شدة ارتفاع البوتاسيوم، ومن المفيد اتباع التدابير الآتية:
• الإيقاف الفوري لأي مدر حافظ للبوتاسيوم قيد الإعطاء.
• الراتنجات المبادلة للشوارد الإيجابية cation-exchange resin، ومنها راتنج polystyrene sulphonate resin (Resonium A ،Calcium Resonium) والذي يطبق بطريق الفم حيث يكون أكثر فعالية في التخلص من بوتاسيوم الجسم عبر الأمعاء.
- الغلوكوز وذلك بالتسريب الوريدي لـ ٥٠ مل من محلول غلوكوز ٥٠٪، يوضع فيه ١٠ وحدات من أنسولين.
- إرذاذ ناهضات بيتا β2-agonist، السالبوتامول بجرعة ٥–١٠ ملغ يكون فعالاً في ضخ البوتاسيوم إلى داخل العضلات الهيكلية.
• في حال وجود تغيرات بتخطيط القلب يتوجب حقن ١٠ مل من محلول غلوكونات الكلسيوم تركيز ١٠٪ بالوريد، ويمكن تكراره في دقائق قليلة إن دعت الضرورة إلى ذلك، مع العلم أن هذا المحلول ليس له تأثير مباشر في تراكيز البوتاسيوم في المصل، لكنه يعاكس تأثير البوتاسيوم المرتفع في العضلة القلبية.
• يستطب الديال (الديلزة dialysis) في الحالات المعندة على العلاج، وهي فعالة بشدة.
هنالك مستحضرات جديدة خافضة للبوتاسيوم تعطى بطريق الفم ومنها باتيرومير patiromer وsodium zirconium cyclosilicate (ZS-9)، وهي أيضاً فعالة في خفض بوتاسيوم البلازما. الباتيرومير هو بوليمير غير قابل للامتصاص يقوم بربط البوتاسيوم في الأمعاء بالتبادل مع الكلسيوم، ويحدث ذلك رئيسياً في مستوى القولون البعيد. أما ZS-9 فهو يربط البوتاسيوم بالتبادل مع الصوديوم والهدروجين، ويكون فعالاً في الجزء القريب من الأمعاء، وهذا ما يفسر سرعته في التأثير مقارنة بالباتيرومير، بيد أنه من غير الواضح إلى الآن مدى الفائدة التي يمكن الحصول عليها من هذين المستحضرين في علاج الارتفاع الحاد في البوتاسيوم.
٣- نقص حجم الدم Hypovolemia: هو أحد مضاعفات الإفراط بالمعالجة بالمدرات. والضياع الحاد لكميات كبيرة من السوائل يؤدي إلى هبوط ضغط انتصابي يحدث مع تغير وضعية المريض postural hypotension، إضافة إلى الدوار أو الدوخة، ومع مرور الوقت تتطور لدى المريض حالة مزمنة وغير عرضية من نقص الحجم ولاسيما عند المسنين. ويشعر المريض في الفترة الأولى من استعماله للمدر بالفائدة ثم ما يلبث أن يبدأ المريض بالإحساس بالتعب والميل إلى النوم، فيرتفع تركيز البولة الدموية، وقد ينخفض الصوديوم، وقد يتلو كل ذلك الفشل الكلوي.
٤- الأسر البولي urine retention: يمكن للإدرار الشديد والمفاجئ أن يسبب أسراً أو احتباساً حاداً في البول في حال وجود انسداد بعنق المثانة كما هو الحال في ضخامة الموثة.
٥- نقص صوديوم الدم: يمكن أيضاً أن يحدث عند المرضى الذين يشربون كميات كبيرة من الماء في أثناء تناولهم للمدرات. من الآليات الأخرى التي يمكن لها أن تكون مسؤولة عن نقص الصوديوم التحريض على إفراز الهرمون المضاد للإدرار. وينقص عند مثل هؤلاء المرضى الصوديوم الكلي في الجسم وحجم السائل خارج الخلوي؛ وتختفي عندهم الوذمات، غالباً ما يكون إيقاف المدرات وتحديد الوارد من الماء كافياً لتدبير هذه الحالة تدبيراً فعالاً. ومن الضروري هنا تمييز هذه الحالة من نقص صوديوم الدم المرافق للوذمة والذي يحدث عند بعض مرضى قصور القلب الاحتقاني أو التشمع أو المتلازمة النفروزية، وهنا لابد من تحديد الوارد من الملح والماء نظراً لتمدد الحجم خارج الخلوي في مثل هذه الحالات.
إن إشراك المدرات الحافظة للبوتاسيوم مع حاصرات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين يمكن أن يسبب نقصاً شديداً في صوديوم الدم على نحو أكثر شيوعاً من تسببه بحدوث ارتفاع بوتاسيوم الدم المهدد للحياة.
٦- احتباس حمض البول Urate retention: مع ارتفاع مستواه بالدم هو أحد مضاعفات المعالجة بالثيازيدات ومدرات العروة وقد يكون شديداً إلى درجة تسببه بأعراض سريرية لداء النقرس. ويمكن درء حصول ارتفاع حمض البول بالدم التالي لاستخدام المدرات باستعمال عقار ألوبورينول allopurinol أو بروبينيسيد probenecid واللذين يعاكسان أيضاً فعالية المدر عن طريق الحد من عبوره إلى البول.
٧- عوز المغنيزيوم: تسبب مدرات العروة والثيازيدات ضياعاً مهماً للمغنيزيوم في البول، أما المدرات الحافظة للبوتاسيوم فقد تسبب احتباساً في المغنيزيوم. ونادراً ما يكون ضياع المغنيزيوم شديداً إلى درجة أن يتسبب بحدوث المظهر الكلاسيكي لعوزه والذي يتميز بالهياج العصبي العضلي والتكزز، لكنه قد يكون السبب في بعض اضطرابات نظم القلب ولاسيما البطينية المنشأ والتي تستجيب عادة لإعطاء المغنيزيوم من أجل ملء مخازنه (يتم ذلك من خلال التسريب الوريدي لما يعادل ٢ غرام أو ٨ مليمول من شاردة المغنيزيوم؛ أي ٤ مل من محلول سلفات المغنيزيوم ٥٠٪ في فترة ١٠-١٥ دقيقة، ويتلوها تسريب ٧٢ مليمول في الأربع والعشرين ساعة التالية).
٨- عدم تحمل الكربوهيدرات أو النشويات: ينجم عن المدرات التي تؤدي إلى انخفاض مطول ببوتاسيوم الدم، مثل مدرات العروة والثيازيدات؛ حيث يحدث ما يعرف بعدم تحمل الغلوكوز الذي يغلب أن يكون ثانوياً لعوز الأنسولين مما سيزيد من المتطلب من الأنسولين عند مرضى الداء السكري بعد معالجتهم بالمدرات. كما قد تسبب المدرات بالآلية ذاتها تظاهر الداء السكري الخفي لدى بعض الأشخاص.
٩- استتباب الكلسيوم calcium homeostasis: تسبب مدرات العروة زيادة في معدل ضياع الكلسيوم بالبول. بيد أنه وعلى المدى الطويل من الممكن لنقص كلسيوم الدم أن يكون مؤذياً ولاسيما عند المسنين والذين يميلون عموماً إلى التوازن السلبي للكلسيوم. خلاف ذلك تنقص الثيازيدات من الإطراح الكلوي للكلسيوم وهذه الخاصية بالذات قد ترجح استخدام هذا النوع من المدرات عند الأشخاص الذين من المحتمل إصابتهم بحالة من عوز الكلسيوم أو ترقق العظام؛ وذلك لأن استعمال الثيازيدات يخفض من خطر كسور الحوض عند المسنين. كما أن خاصية الثيازيدات في خفض كلسيوم البول يجعل منه دواء مفيداً في علاج فرط كلسيوم البول الأولي، وهو السبب الأشيع للحصيات الكلوية.
التداخلات الدوائية:
تعزز مدرات العروة ولاسيما عندما تحقن بالطريق الوريدي intravenous boluses من السمية السمعية للأمينوغليكوزيدات ومن السمية الكلوية لبعض السيفالوسبورينات. وتميل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية إلى التسبب بحدوث احتباس في الصوديوم والذي يعاكس مفعول المدرات نفسها. وإن استعمال المدرات عند مريض قيد المعالجة بالليثيوم يمكن أن يؤهب للتسمم بهذا الدواء؛ وذلك لأن زيادة الضائع من الصوديوم في البول الناتج من استعمال المدرات سوف يقلل من المطروح من الليثيوم ومن ثمّ تراكمه وسميته.
سوء استعمال المدرات (معاقرة المدرات) Abuse of diuretics:
قد تأخذ الاضطرابات النفسية أحياناً منحى يتجلى بسوء استعمال المدرات و/أو الملينات والهدف من ذلك عادة يكون رغبة الشخص المضطرب نفسياً أن يفقد بعض الوزن، وقد يترتب على سوء الاستعمال هذا نضوب شديد في الصوديوم والبوتاسيوم مع تأذي الأنبوب الكلوي نتيجة للنقص المزمن في بوتاسيوم الدم.
رابعاً- المدرات التناضحية Osmotic diuretics:
المدرات التناضحية هي مواد منخفضة الوزن الجزيئي ترشح عبر الكبب الكلوية ولكن من دون أن يتم عود امتصاصها من الأنبوب الكلوي، ومن ثمّ فهي تزيد من حلولية السائل داخل لمعة الأنبوب ممّا يفسر لماذا يمنع هذا النوع من المدرات من عودة امتصاص الماء رئيسياً في الأنبوب المعوج الداني وربما أيضاً في عروة هانلة. وينتج من ذلك كله زيادة في حجم البول وتكون هذه الزيادة مرتبطة حكماً بالمقدار المستعمل من المدر الحلولي.
المانيتول Mannitol، هو كحول متعدد الهدرات polyhydric alcohol (وزنه الجزيئي ٤٥٢) وهو الأكثر استعمالاً من بين المدرات التناضحية ويطبق وريدياً، وإضافة إلى تأثيراته في الكلية يحفز المانيتول من حركة الماء من داخل الخلايا باتجاه السائل خارج الخلوي مما سيؤدي إلى تمدد حجم هذا السائل - لو مؤقتاً- قبل أن يحدث الإدرار الذي يعود، ويخفض من حجم السائل خارج الخلوي. هذه الخصائص الدوائية هي التي تحدد متى يمكن استعمال هذا النوع من المدرات؛ وتحديداً عندما تتطلب حالة المريض خفضاً سريعاً في الضغط داخل القحف أو داخل المقلة، وأيضا للحفاظ على جريان البول بهدف الوقاية من النخرة الأنبوبية الحادة. ويعد قصور القلب الاحتقاني ووذمة الرئة الحادة من مضادات استطباب المانيتول؛ وذلك لأنه يزيد من حجم الدوران.
مثبطات الكربونيك أنهيدراز Carbonic anhydrase inhibitors:
يسهل إنزيم كربونيك انهيدراز التفاعل بين حمض ثاني أكسيد الكربون والماء من أجل تشكيل حمض الكربون H2CO3، والذي ينفصل بعد ذلك إلى شاردتي الهدروجين H+ والبيكربونات HCO3-. هذه العملية هي محورية من أجل إنتاج المفرزات الحمضية أو القلوية حيث توجد تراكيز عالية من الكربونيك أنهيدراز في مخاطية المعدة والمعثكلة والعين والكلية. وتوقف استعمال إنزيم كربونيك أنهيدراز بوصفها مدرات، لكن بقي لها بعض الاستعمالات الخاصة مثل تخفيض الضغط داخل العين وداء المرتفعات. ويعد أسيتازولاميد الأكثر استعمالاً من بين مثبطات الكربونيك أنهيدراز.
- تخفيض الضغط داخل العين: إن تشكل الخلط الزجاجي aqueous humor داخل العين هو عملية نشطة تتطلب إمدادا من شوارد البيكربونات والتي تعتمد على الكربونيك أنهيدراز، ومن ثمّ فأي تثبيط للكربونيك أنهيدراز من شأنه أن يقلل من تشكل الخلط الزجاجي ويخفض الضغط داخل العين. عند المرضى المصابين بالزرق الحاد يمكن أن يعطى الأسيتازولاميد acetazolamide سواء بطريق الفم أم بالوريد، كما أن برينزولاميد brinzolamide أو دورزولاميد dorzolamide كليهما فعالان بوصفهما قطرات عينية ذات تحمل جيد، ومن ثم فهي مناسبة للاستعمال المزمن في الزرق.
- داء المرتفعات (الجبال) High-altitude sickness يمكن أن يصيب الأشخاص غير المتأقلمين مع الأماكن المرتفعة أكثر من ٣٠٠٠ متر ولاسيما عقب الصعود السريع إليها. تتفاوت الأعراض من غثيان وشعور بالتعب وصداع وصولاً إلى وذمة رئة ووذمة دماغية. والحدث البدئي المسبب لكل ذلك هو نقص الأكسجة. ويساعد الأسيتازولاميد على الحفاظ على تركيز الأكسجين في الشرايين ومنعه من الهبوط، ويطبق عادة بجرعة ١٢٥– ٢٥٠ ملغ مرتين يومياً بطريق الفم بدءاً من قبل الصعود إلى المرتفعات ولمدة يومين بعد الوصول إلى الارتفاع المقصود.
المركبات المبادلة للشوارد الإيجابية Cation-exchange compounds:
الراتنجات المبادلة للشوارد الإيجابية Cation-exchange resins تستعمل في علاج فرط بوتاسيوم الدم من خلال تسريع ضياعه عبر الأمعاء ولاسيما في الحالات التي يحدث فيها شح بالبول أو في مرحلة ما قبل الديلزة والتي تعد أكثر الطرائق فعالية من بين مختلف الطرائق العلاجية لفرط البوتاسيوم. وتتكون هذه الراتنجات من تجمعات لجزيئات كبيرة غير قابلة للذوبان تحمل شحنة سالبة ثابتة تربط بشكل فضفاض الشوارد ذات الشحنة الإيجابية. ويعتمد حجم هذه التبادلات السلسة مع الشوارد الإيجابية في وسط سائل على مدى ولع هذه الشوارد بالراتنج وتراكيزها.
تقوم الراتنجات المحملة بالصوديوم أو الكلسيوم بمبادلة هذه الشوارد الإيجابية الموجودة بداخلها على نحو تفضيلي مع شوارد البوتاسيوم في الأمعاء (نحو مليمول بوتاسيوم واحد لكل غرام من الراتنج). يتم امتصاص الشوارد الإيجابية التي تتحرر نتيجة هذا التبادل (الكلسيوم أو الصوديوم)، أما الراتنج المرتبط بالبوتاسيوم فيطرح مع البراز. وإن الراتنج في حقيقة الأمر لا يمنع امتصاص البوتاسيوم الوارد مع الغذاء فحسب؛ بل يأخذ معه البوتاسيوم الذي يتم إفرازه طبيعياً داخل الأمعاء والذي يتم إعادة امتصاصه في الأحوال العادية.
في فرط بوتاسيوم الدم يمكن استعمال راتنج سلفات البوليستيرين polystyrene sulphonate عن طريق الفم أو الحقن الشرجية retention enemas. في حالات قصور العضلة القلبية أو الفشل الكلوي من البديهي ضرورة تجنب استعمال راتنجات محملة بالصوديوم (Resonium A) نظراً لفرط الحمل من الصوديوم الذي قد يتلو استعمالها. أما الراتنجات المحملة بالكلسيوم (Calcium Resonium) فهي قد تسبب فرط كلسيوم الدم.
باتيرومير Patiromer: هو مركب مبادل للشوارد الإيجابية cation exchange compound ومتوفر بشكل مسحوق ومركب من حبيبات كروية غير قابلة للامتصاص تقوم بمبادلة الكلسيوم مقابل البوتاسيوم عندما تنحل بكميات قليلة من الماء، بيد أن الباتيرومير كما يبدو لا يقوم بربط أي من البوتاسيوم الموجود في الأمعاء الدقيقة حيث إن عمله هذا يكون محصوراً بمنطقة الكولون. ينخفض البوتاسيوم بعد استعماله تدريجياً ومن ثمّ فهو ليس بالدواء المناسب للحالات الحادة من فرط البوتاسيوم.
صوديوم زيركونيوم سيكلوسيليكات Sodium zircomium cyclosilicate (ZS-9) هو مركب ذو بنية جزيئية شبكية يربط البوتاسيوم على نحو تفضيلي بالتبادل مع الصوديوم والهدروجين، وقد بينت الدراسات التي أجريت عليه في المخبر أن قدرته على ربط البوتاسيوم تفوق قدرة راتنجات الكلسيوم بعشر مرات. يمتاز ZS-9 بأنه يكون فعالاً في الجزء الداني من الطريق الهضمي، ويبدأ عمله بسرعة ويخفض بوتاسيوم البلازما بوضوح في ساعة من إعطائه. ومن غير المعروف مدى سلامة الاستعمال الطويل الأجل لكل من الباتيرومير وZS-9.
الأدوية المُغيّرة لدرجة pH البول:
قد يستطب لدى بعض المرضى تغيير درجة pH البول لديهم دوائياً وذلك تبعاً لحالة المريض. وتعد معالجة التسممات السبب الأكثر شيوعاً في هذا السياق. ويُذكر فيما يلي ملخص عن الاستطبابات الرئيسية لتغيير pH البول.
قلونة البول:
• من أجل زيادة إطراح الساليسيلات والفينوباربيتال ومبيدات الأعشاب chlorophenoxy herbicides، ومنها D- 2.4، وMCPA عند التسمم بها.
• من أجل معالجة اعتلال الكلية بالبلّورات crystal nephropathy من خلال تأثير قلونة البول في زيادة ذوبان بعض الأدوية في البول ومنع ترسبها، ومنها الميتوتريكسات ومركبات السلفا والتريامتيرين.
• لتقليل تهيج الطرق البولية الملتهبة.
• لتثبيط نمو بعض العضويات ومنها الإيشريكيات القولونية E. coli..
ويمكن قلونة البول من خلال التسريب الوريدي لبيكربونات الصوديوم أو إعطاء سيترات البوتاسيوم عن طريق الفم، بيد أنه يجب توخي الحذر بسبب أن فرط الحمل من الصوديوم قد يفاقم قصور القلب كما أن زيادة الوارد من الصوديوم والبوتاسيوم في أثناء القلونة قد تسبب خطراً على المريض الذي يعاني تراجعاً في وظائف الكلية.
تحميض البول:
• يستخدم اختباراً في الحماض الأنبوبي الكلوي.
• من أجل زيادة تحميض البول من طرح الأمفيتامين amphitamine وquinine وphencyclidine، وهو أمر من النادر أن يتم اللجوء إليه.
يقوم كلور الأمونيوم NH٤Cl بتحميض البول وهو يعطى عن طريق الفم مع الطعام لتجنب الإقياء. ويجب تجنب إعطائه للمرضى الذين يعانون تراجعاً في الوظائف الكلوية أو الكبدية. وثمة مركبات أخرى تؤدي الوظيفة ذاتها مثل: هيدروكلورايد الأرجنين وحمض الأسكوربيك، وكلور الكلسيوم، وكلها تعطى عن طريق الفم.
تؤلف الكليتان معاً فقط ما نسبته ٠.٥٪ من وزن الجسم، بيد أنهما يتلقيان ٢٥٪ من النتاج Output القلبي، وبالتالي فليس من المستغرب لماذا قد تلحق الأدوية الأذى بالكليتين؛ وهذه الأذية سوف تغير حتماً من الاستجابة لهذه الأدوية.
الداء الكلوي المحدث بالدواء Drug-induced renal disease:
تتسبب الأدوية ومواد كيماوية أخرى بإحداث أذية في الكلية بالآليات التالية:
١- التأثير الكيمياوي الحيوي المباشر: المركبات التي تتسبب بحدوث هذا النمط من السمية تتضمن:
• المعادن الثقيلة، ومثال عليها: الزئبق، الذهب، الحديد، الرصاص.
• مضادات المكروبات antimicrobials، ومثال عليها: الأمينوغليكوزيدات، أمفوتريسين، السيفالوسبورينات.
• الوسائط المشعة المحتوية على اليود والمستخدمة في الأشعة، ومثال عليها المواد المستخدمة من أجل إظهار الطرق الصفراوية.
• المسكنات، ومنها الأدوية التي تشارك فيها مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAID وكذلك الباراسيتامول ولاسيما في حال زيادة الجرعة.
• المذيبات solvents، ومنها: رابع كلور الكربون carbon tetrachloride، والإيتيلين غليكول.
٢- تأثير كيمياوي حيوي غير مباشر:
• الأدوية السامة للخلايا والطارحة لحمض البول بالبول uricosurics قد تسبب ترسب بلّورات حمض البول في الأنبوب الكلوي.
• الكالسيفرول قد يسبب كلاساً كلوياً من خلال تحريضه لفرط كالسيوم الدم.
• سوء استعمال المدرات والملينات قد يسبب أذية أنبوبية ثانوية لنضوب البوتاسيوم والصوديوم.
• مضادات التخثر قد تسبب نزفاً داخل الكلية.
٣- التأثير المناعي: هناك مجموعة كبيرة من الأدوية التي تتسبب في إحداث طيف واسع من الأذيات:
• من ضمن هذه الأدوية الفينيتوئين، الذهب، البنسيلينات، الهدرالازين، إيزونيازيد، ريفامبيسين، بنيسيلامين، بروبنسيد، السلفا sulphonamides.
• تتضمن هذه الأذيات: التهاب شرايين، التهاب كبب، التهاب كلية خلالي، ذئبة حمامية جهازية.
يمكن للدواء أن يحدث أذية بأكثر من آلية من الآليات السابقة الذكر، ومثال ذلك الذهب، وفيما يلي مواقع الأذيات وأنماطها المرضية:
الأذية الكبية: المساحة الكبيرة لسطح الشعيرات الكبية تجعلها عرضة لأذيات المعقدات المناعية الجائلة في الدوران مما قد ينتج منه التهاب في الكبب والكلية وبيلة بروتينية ومتلازمة نفروزية. ويعد حساب تصفية الكرياتينين أدق وسيلة من أجل التعبير عن درجة الأذية الكلوية التي تنجم عن هذا الارتكاس ومدى التراجع في وظيفة الكليتين؛ نظراً لأنها تقيس معدل الرشح الكبي، إذ إن الكرياتينين يتم إطراحه بالكامل من خلال هذه العملية.
أذية الأنبوب الكلوي: يستقبل الأنبوب الكلوي في الأحوال الطبيعية ما مقداره ١٨٠ لتراً من الرشاحة الكبية يومياً حيث يقوم بتركيزها إلى ١,٥ لتر فقط من البول، ويقوم بإعادة امتصاص ما تبقى. ومن هنا يُلحظ الكم الهائل من الذوائب وسموم البيئة التي تتعرض لها خلايا الأنبوب الكلوي في أثناء قيامها بوظائفها في إعادة امتصاص هذه الكميات الهائلة من السوائل على مدار الساعة والذي يفوق بكثير ما تتعرض له باقي خلايا الجسم. ويتم امتصاص معظم الماء عبر الأنبوب الداني، ومن ثمّ فهو الجزء الأكثر معاناة من الأذية المحدثة بالدواء. وتتظاهر سمية الأنبوب الداني بتسرب الغلوكوز والفوسفات والبيكربونات والحموض الأمينية إلى البول.
والأنبوب القاصي هو الموقع الذي يتعرض للسمية الكلوية المحدثة بالليثيوم. وتتظاهر أذية اللب والنفرون القاصي بعدم القدرة على تكثيف البول في مواجهة حالة الحرمان من السوائل؛ وأيضاً بعدم القدرة على تحميض البول بعد تناول كلور الأمونيوم بطريق الفم.
انسداد الأنبوب: يمكن للبلورات أن تترسب داخل لمعة الأنبوب في بعض الحالات الفيزيولوجية - الكيمياوية physiochemical conditions، الميتوتريكسات على سبيل المثال يمكن أن يترسب في النفرون القاصي عندما يكون البول حامضياً. وبحالة مشابهة يمكن لحمض البول الذي يتشكل نتيجة لاستقلاب الحموض النووية التي تتحرر في أثناء الانحلال الخلوي السريع للأورام أن يسبب اعتلال كلية بحمض البول قد يكون قاتلاً. وقد كان ذلك في السابق يعدّ مشكلة ذات أهمية؛ ولاسيما عندما تم إدخال العلاج الكيمياوي للابيضاضات أو سرطانات الدم Leukemias إلى أن تم لاحقاً إدخال عقار ألوبورينول allopurinol الذي يعد اليوم من الأدوية التي تطبق روتينياً قبل البدء بالعلاج الكيماوي لهذا النوع من السرطانات. وهنالك بديل جديد للألوبورينول وأكثر فعالية منه للمرضى عالي الخطورة واسمه Rasburicase، وهو يحفز تحول حمض البول إلى allantoin؛ وهو شكل أكثر انحلالية من حمض البول.
آفات أخرى محدثة بالدواء تصيب الكلية تتضمن الآتي:
• التهاب أوعية يتسبب به كل من: ألوبورينول، إيزونيازيد، مركبات السلفا.
• التهاب كلية خلالي تحسسي نتيجة استعمال البنسلين على وجه الخصوص، إضافة إلى: الثيازيدات، ألوبورينول، فنيتوئين، مركبات السلفا.
• الذئبة الحمامية المحدثة دوائياً تنجم عن استخدام الهدرالازين، البروكائيناميد، والسلفاسالازين.
• يمكن للأدوية أن تحرض حدوث أي من المتلازمات السريرية الشائعة للأذية الكلوية ويُذكر منها خاصة:
• القصور الكلوي الحاد كالذي يتلو استعمال الأمينوغليكوزيدات والسيسبلاتين cisplatin.
• المتلازمة النفروزية، عند استعمال البنسيلامين، الذهب، كابتوبريل وذلك عند استعمال الجرعات الكبيرة فقط.
• القصور الكلوي المزمن مع أدوية NSAIDs.
• الخلل الوظيفي مثال عليه: تناقص قدرة الكلية على تمديد البول أو تكثيفه (الليثيوم)، ضياع البوتاسيوم في البول (مدرات العروة)، اضطراب التوازن الحامضي القلوي (أسيتازولاميد).
وصف الدواء في المرض الكلوي:
يمكن للأدوية:
• أن تُفاقم المرض الكلوي كما تم ذكره سابقاً.
• أن تكون غير فعالة كما هو الحال في المدرات الثيازيدية عند مرضى القصور الكلوي المتوسط أو الشديد، وكذلك الأدوية الطارحة لحمض البول بالبول uricosurics.
• أن يزيد مفعولها نتيجة تراكمها بالدم بسبب فشل طرحها عبر الكليتين.
الخيار الأول بطبيعة الحال هو البحث عن دواء بديل لا يطرح عبر الكليتين. على وجه العموم إن أكثر ما تُظهر مشاكل سلامة الدواء تكون لدى مرضى قصور الكلية الذين تتطلب حالتهم العلاج بأدوية من جهة ذات قدرة على إحداث السمية؛ وبالوقت ذاته يتم طرحها بالكامل أو معظمها عبر الكليتين.
الجدول (١) يوضح التأثير العميق لتراجع وظيفة الكليتين في إطراح الدواء.
|
أما الأدوية الأخرى التي ينتهي مفعولها بمجرد أن يتم استقلابها فهي لا تسبب مشكلة كلوية بسبب أن عمرها النصفي لا يتبدل مع تراجع وظيفة الكلية. وأما الأدوية التي تكون مستقلباتها أيضاً ذات فعالية دوائية وتكون أكثر انحلالاً بالماء من الدواء الأصلي، ومن ثمّ تعتمد هذه المستقلبات الفعالة على الكليتين من أجل إطراحها؛ فهي لهذا تتراكم في القصور الكلوي، ومن الأمثلة: عليها ديازيبام، وارفارين، بيثيدين، أسيبوتولول acebutolol.
تقع غالبية الأدوية في المنتصف حيث تستقلب جزئياً، في حين يتم طرح الجزء الآخر عبر الكليتين كما هو من دون تغيير.
عند وصف الأدوية بالجرعات الصحيحة لمريض يعاني القصور الكلوي لا بد أن يؤخذ في الحسبان مدى اعتماد الدواء في طرحه على الكليتين ودرجة القصور الكلوي؛ والتي أفضل ما يعبر عنها حساب تصفية الكرياتينين التي تعد مرشداً للدلالة على وظيفة الكليتين ودرجة القصور الكلوي بدلاً من الاتكاء على المستوى المصلي للكرياتينين بحد ذاته والذي قد يكون مضللاً بوضوح عند المسنين؛ وكذلك في حالة الانخفاض أو الارتفاع الشديدين في كتلة الجسد BMI.
تعديل الجرعة لمرضى القصور الكلوي:
• من غير الضروري عموماً تعديل جرعة البدء (أو جرعة التحميل في بعض الحالات)؛ وذلك لأن الحجم الذي سيتوزع فيه الدواء يكون هو ذاته سواء في مريض قصور الكلية أم عند الأشخاص الأصحاء، بيد أن ثمة استثناءات لهذه القاعدة المهمة؛ على سبيل المثال يتقلص الحجم الذي يتوزع فيه دواء الديجوكسين عند مرضى القصور الكلوي بسبب تبدل ارتباط الأنسجة بالدواء.
• تعديل جرعة الصيانة يكون بخفض الجرعة أو إطالة الفترة الزمنية الفاصلة بين الجرعات.
• لا بد من توخي الحذر في بعض الحالات الخاصة عندما يكون لدى المريض انخفاض في بروتينات الدم ويكون الدواء من النوع الذي يرتبط بقوة ببروتينات البلازما، أو عندما يكون المريض مصاباً بمرض كلوي متقدم؛ حيث يمكن لنواتج استقلاب الدواء المتراكمة أن تتنافس على مواقع ربط البروتين. والمراقبة الدقيقة مطلوبة بقوة في المراحل المبكرة من تطبيق الجرعات وذلك حتى يصبح بالإمكان ملاحظة الاستجابة للعقار وقياسها.
١- الأدوية التي يتم طرحها بالكامل، أو طرح معظمها بالبول، أو تلك التي تنتج مستقلبات فعالة دوائياً وتطرح أيضاً بالبول يجب أن تعطى جرعات البدء منها بالمقادير الطبيعية من دون نقصان. أما جرعات الصيانة فإما أن تخفض وإما يطوّل الفاصل الزمني بين الجرعات على نحو يتناسب مع تراجع تصفية الكرياتينين.
٢- الأدوية التي يتم استقلابها استقلاباً تاماً أو يستقلب معظمها إلى نواتج استقلاب غير فعالة تطبق بجرعاتها الطبيعية، وفي بعض الحالات الخاصة التي تتطلب الحذر يتم تخفيض كل من جرعة البدء والجرعة المحافظة تخفيضاً بسيطاً وبالوقت ذاته يتم تقييم تأثيرات الدواء.
٣- الأدوية التي يطرح جزء منها بالكلية في حين يتم استقلاب الجزء الآخر؛ تطبق بجرعة بدء طبيعية، أما الجرعة المحافظة فيتم تعديلها أو يصار إلى إطالة الفترة بين الجرعات، وكل ذلك على ضوء ما هو معروف عن وظائف الكلية عند المريض وعن الدواء بحد ذاته إذا كانت له خصائص سمية من جهة؛ وإذا ما كان إطراحه معتمداً على الكليتين من جهة أخرى.
يجب التنبه لأن الزمن اللازم للوصول إلى حالة ثبات تراكيز steady state الدواء بالدم تعتمد فقط على العمر النصفي للدواء؛ وأن الدواء يبلغ ٩٧٪ من تركيزه النهائي الثابت بعد فترة زمنية تعادل خمسة أضعاف عمره النصفي ٥ × 1/2 t، ومن ثم فعندما يزداد العمر النصفي لدواء بسبب القصور الكلوي يزداد معه الزمن اللازم لبلوغ حالة ثبات التراكيز.
تحصي الكلية Nephrolithiasis:
الحصيات الكلسية Calcareous stones تنجم عن فرط كلسيوم البول وفرط أوكزالات البول ونقص سيترات البول. وتؤدي حالة فرط كلسيوم البول وفرط أوكزالات البول إلى جعل البول مفرط الإشباع بأملاح الكلسيوم، أما السيترات فهي تؤدي دوراً مهماً في جعل أوكزالات الكلسيوم أكثر انحلالاً وذوباناً ومن ثمّ تحول دون ترسبها.
الحصيات غير الكلسية تحدث غالباً بوجود العضويات الشاطرة لليوريةurea-splitting organisms، مما يخلق وسطاً يؤهب لتشكل حصيات يدخل في تركيبها المغنيزيوم والأمونيوم والفوسفات. أما بالنسبة إلى حصيات حمض البول فهي تتشكل عندما يكون وسط البول على غير العادة حامضياً (pH أقل من ٥,٥).
التدبير: يجب على الأشخاص المؤهبين لتكرار تشكل الحصيات أن يحافظوا على صادر بولي يتجاوز ٢,٥ لتر يومياً. يمكن جني بعض الفائدة من تحديد الوارد الغذائي من الكلسيوم أو خفض الوارد من الأغذية الغنية بالأوكزالات، ومن الأمثلة عليها الراوند والسبانخ والشاي والشوكولا والفول السوداني.
• المدرات الثيازيدية: تخفض من إطراح الكلسيوم والأوكزالات في البول وتقلل من معدل تشكل الحصيات.
• فوسفات سللوز الصوديوم (Calcisorb): ترتبط بالكلسيوم في الأمعاء وتقلل من الإطراح البولي للكلسيوم، ويمكن لها أن تفيد أولئك الذين تتشكل لديهم حصيات كلسية.
• ألوبورينول :Allopurinol فعال عند أولئك الذين يطرحون كميات كبيرة من حمض البول بالبول.
• سيترات البوتاسيوم: تقلون البول، ويجب أن تعطى في الوقاية من الحصيات التي لا يدخل في تركيبها إلا حمض البول والتي تسمى بحصيات حمض البول النقية.
الجوانب الدوائية للتبول Pharmacological aspects of micturition:
الفيزيولوجيا:
تشكل الألياف العضلية الملساء عضلة مثلث المثانة (النافصة) detrusor - جسم المثانة- ويتم تعصيبها رئيسياً بالأعصاب نظيرة الودية، وهي أعصاب منبهة وتسبب تقلص العضلة.
المصرة الداخلية internal sphincter هي تجمع مركَّز للعضلات الملس على مستوى عنق المثانة، تكون متطورة تطوراً جيداً فقط عند الرجال، أما دورها الأساسي فهو منع تدفق السائل المنوي نحو الخلف في أثناء القذف. تكون المصرة غنية بالمستقبلات الأدرينية α1 adrenoceptor، ويسبب تفعيلها حدوث التقلص. أما عند الإناث فتمتلئ الظهارة في الثلثين القاصيين من الإحليل بعدد وفير من مستقبلات الإستروجينات، وهي تتراجع بعد انقطاع الطمث في سن اليأس وتسبب فقدان السيطرة البولية أو ضعفها.
عندما يسترخي مثلث المثانة وتغلق المصرة يتم تخزين البول، يتحقق كل ذلك من خلال التثبيط المركزي للمقوية نظيرة الودية الذي يرافقه ازدياد انعكاسي في النشاط الأدريني ألفا α-adrenergic activity. تتطلب عملية التبول تقلص عضلة مثلث المثانة بالتزامن مع ارتخاء المصرات، يتم تنسيق هذه الأفعال من قبل مركز التبول والذي يغلب أنه موجود في الجسر pons بجذع الدماغ.
التشوهات الوظيفية:
الاضطرابات الأساسية التي تتطلب العلاج هي:
• المثانة غير المستقرة Unstable bladder أو عدم استقرار المثلث المثاني، تتميز بحدوث تقلصات مثانية غير قابلة للتثبط وغير مستقرة، وقد تكون مجهولة السبب أو ثانوية لأذية في العصبون الحركي العلوي أو لانسداد في عنق المثانة.
• انخفاض نشاط المثانة Decreased bladder activity أو انخفاض مقويتها نتيجة لأذية في العصبون الحركي السفلي أو نتيجة فرط تمدد المثانة أو كليهما.
• عسر وظيفة المصرة الإحليلية ينجم عن أسباب مختلفة تتضمن ضعف العضلات والأربطة حول عنق المثانة وهبوط الوصل المثاني الإحليلي والتليف حول الإحليل؛ وكل ذلك يؤدي إلى السلس الجهدي.
• تغيرات ضمورية Atrophic change تصيب الإحليل القاصي عند النساء.
الأدوية التي يمكن استخدامها للتخفيف من التبول غير الطبيعي:
- الأدوية المضادة للموسكارين (لنظير الودي) Antimuscarinic drugs ومنها على سبيل المثال أوكسيبوتينين oxybutynin وفلافوكسات flavoxate وهي تستعمل في علاج تعدد البيلات نظراً لأنها تزيد من السعة المثانية من خلال خفضها لتقلصات مثلث المثانة التي تحدث المثانة غير المستقرة. ويمكن لكلا هذين الدوائين أن يسببا جفافاً في الفم وتشوش الرؤية وقد يعجلان من حدوث الزرق، ومن هنا كان لا بد من تحديد الجرعة المناسبة منها بدقة وحذر ولاسيما عند المسنين. ومن الأدوية الأخرى المضادة للموسكارين (لنظير الودي) يُذكر: propiverine ،tolterodine، trospium وكلها يمكن أن تستخدم في علاج تعدد البيلات والإلحاح البولي وسلس البول. استعمل في السابق دواء Propantheline، ولكن نظراً لتسببه بحدوث آثار سلبية بنسب عالية أصبح اليوم استعماله محصوراً في علاج سلس البول عند الكهول خاصة. ويجب إعادة تقييم مدى الحاجة إلى الاستمرار بالمعالجة بالأدوية المضادة للموسكارين (لنظير الودي) بعد ستة أشهر من استعمالها من أجل إعادة النظر فيما إذا كانت هذه الحاجة ما تزال قائمة.
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة Tricyclic antidepressants: إيميبرامين imipramine، أميتريبتيلين amitriptyline، نورتريبتيلين nortriptyline كلها فعالة ولاسيما في سلس البول الليلي؛ وأيضاً في سلس البول النهاري، ويعود ذلك جزئياً إلى فعل هذه الأدوية في حصار الموسكارين (نظير الودي)، بيد أن الإيميبرامين يمكن أن يقدم فائدة مضافة هنا من خلال تبديله لنمط النوم عند المريض فيصبح أكثر سطحية، ومن ثمّ يقلل من فرص التبول اللإرادي في أثناء النوم العميق.
- الأستروجينات Oestrogens، يمكن تطبيقها موضعياً على المهبل أو أن تؤخذ بطريق الفم، قد تكون مفيدة في حالة السلس البولي الناجم عن ضمور إبتليوم الإحليل عند النساء بعد سن اليأس.
- الأدوية المحاكية لنظير الودي parasympathomimetic drugs، ومنها: bethanechol، carbachol، distigmine، يمكن أن تستعمل من أجل تحريض مثلث المثانة عندما تكون المثانة ناقصة المقوية، والمثال عليها الحالة التي تنجم عن أذية العصبون الحركي العلوي. الديستغمين مضاد للكولين أستراز، هو الدواء المفضل لكن نظراً لأن تأثيراته لا تدوم طويلاً تكون القثطرة الإفراغية المتقطعة ضرورية في حالة نقص المقوية المزمن للمثانة.
فرط تصنع الموثة الحميد Benign prostatic hyperplasia (BPH):
هي واحدة من أكثر المشاكل الشائعة عند الرجال بعد سن الخمسين ولطالما كان التداخل الجراحي هو الحل الوحيد لهذه المشكلة لفترة طويلة من الزمن. وتتألف غدة الموثة من نسيج خليط يجمع بين المحفظة واللحمة، وهو غني بمستقبلات ألفا ١ الأدرينية α1 adrenoreceptors إضافة إلى نسيج غدي يقع تحت تأثير الأندروجينات. وتعد كل من مستقبلات ألفا الأدرينية ومستقبلات الأندروجينات أهدافاً للمعالجات الدوائية.
- مناهضات (مضادات) المستقبلات الأدرينية ألفا α-Adrenoceptor antagonists: يُذكر منها: برازوسين prazosin، alfuzosin، indoramin، terazosin، doxazosin وهي كلها حاصرات للمستقبلات الأدرينية α وانتقائية للنمط الفرعي α1 وتسبب ازدياداً ملحوظاً في المعدل الأعظمي لتدفق البول، كما تخفف هذه الأدوية من حدة الأعراض. ويكون انخفاض الضغط الناجم عن تطبيق هذه الأدوية غير ذي أهمية عند الرجال ذوي الضغط الطبيعي. وقد تتسبب هذه الأدوية بالإحساس بالدوار والتعب حتى في غياب أي تغيرات مهمة في الضغط الشرياني، كما أن احتقان الأنف قد يسبب مشكلة ولاسيما عند المرضى الذين يعانون التهاب الأنف، ويلجؤون بسببه إلى الأدوية المضادة لـ α ومثالها البسودوأفيدرين.
ويمكن تجنب هذه الآثار السلبية باستعمال التامسولوزين Tamsulosin والذي يحاصر على نحو انتقائي المستقبلات الأدرينية ألفا من نوع α1A، ولذلك يعد أقل عرضة للتأثير في ضغط الدم شريطة عدم تجاوز جرعة وحيدة باليوم تعادل ٤٠٠ مكروغرام باليوم.
فيناسترايد Finasteride: هو من الأدوية البديلة لتحسين الأعراض الموثية وينتمي إلى مجموعة النمط الثاني لمثبطات الإنزيم مختزلة الألفا - ٥ أو Type II 5α-reductase inhibitor، ويثبط تحول التستسترون إلى مستقلبه الأشد قوة منه وهو ديهيدروتستسترون. ولا يؤثر الفيناسترايد في تستسترون المصل ولا في معظم تأثيراته خارج الموثة. ويقلص الفيناسترايد حجم الموثة بنحو ٢٠٪ ويزيد من معدلات الجريان البولي بنسب مشابهة. وتؤثر هذه التغيرات في المريض فيشعر ببعض الفائدة من الناحية السريرية والتي تكون عموماً أقل من تلك التي يحصل عليها باستعماله للأدوية المضادة لـ α1.
يبلغ العمر النصفي للفيناسترايد ست ساعات ويؤخذ بجرعة وحيدة كل يوم تعادل مضغوطة من عيار ٥ ملغ. أما التحسن في رشق البول فقد يستغرق فترة ٦ أشهر، وهي الفترة التي ينكمش فيها حجم الموثة، قد تتعرض نسبة قليلة من المرضى تقدر بـ ٥-١٠٪ لآثار جانبية حيث يكون تأثيرها في انكماش حجم الموثة على حساب تناقص الرغبة الجنسية libido لديهم. ينخفض التركيز المصلي للمستضد النوعي للموثة PSA تقريباً إلى نصف المستوى الذي كانت عليه قبل بدء العلاج، وقد يُبدي انخفاضاً حقيقياً في خطر حدوث سرطان الموثة. ويمكن استعمال جرعات أقل من الفيناسترايد بنجاح من أجل وقف تطور الصلع.
دوتاسترايد Dutasteride: هو دواء بديل ينتمي أيضاً إلى مثبطات الإنزيم مختزلة الألفا – ٥.
ضعف الانتصاب Erectile dysfunction:
ضعف الانتصاب هو عدم القدرة على الوصول إلى انتصاب القضيب والمحافظة عليه فترة من الوقت تكون كافية للقيام بالجماع بطريقة مرضية، ويقدر عدد الذين يعانون من هذه الحالة بأكثر من ١٠٠ مليون رجل حول العالم مع نسبة انتشار تقدر نحو ٣٩٪ عند الرجال في سن الأربعين.
له أسباب عديدة ومنها: أمراض القلب، الداء السكري، اضطرابات غدية أخرى، تعاطي الكحول والمخدرات، الاضطرابات النفسية (١٤٪)، ويعتقد أن التأثيرات الجانبية لبعض الأدوية تكمن وراء ٢٥٪ من هذه الحالات ومن أشهر تلك الأدوية مضادات الاكتئاب (مثبطات عودة قبط السيروتونين الانتقائية SSRIs وثلاثيات الحلقة tricyclics)، فينوثيازين phenothiazines، أسيتات سيبروتيرون cyproterone acetate، الفيبرات fibrates، ليفودوبا levodopa، حاصرات مستقبلات الهيستامين H2، فنيتوئين phenytoin، كاربامازبين carbamazepine، ألوبورينول allopurinol، إندوميتاسين indomethacin، وربما حاصرات مستقبلات الأدرينالين بيتا β-adrenoceptor blockers، والمدرات الثيازيدية.
تعمل الإثارة الجنسية على إطلاق ناقلات عصبية أهمها حمض النتريك neurotransmitters من الخلايا البطانية للأوعية الدموية الخاصة بالقضيب، ومن شأن هذه الناقلات أن تؤدي إلى استرخاء العضلات الملساء لشرايين وشرينات القضيب وباقي نسيجه الانتصابي ممّا سيزيد كثيراً من الجريان الدموي إلى القضيب ويسهل الامتلاء السريع للجيوب وتوسع الجسم الكهفي. تحتقن بشدة الضفيرة الوريدية والتي من خلالها يتم العود الوريدي وتصبح مضغوطة بين الجيوب المحتقنة من جهة والغلالة المحيطة بها tunica albuginea من جهة أخرى؛ ومن ثمّ التوقف شبه التام للعود الوريدي من القضيب فيصبح القضيب منتصباً مع ضغط داخل كهفي يعادل ١٠٠ملم زئبق.
- سيلدينافيل sildenafil: هو العلاج المفضل لعلاج هذه الحالة، وقد كان ظهور هذا الدواء أداة في علاج ضعف الانتصاب؛ فقدّم مثالاً عن كيف تؤدي المصادفة أحياناً دوراً في تطور صناعة الدواء. وكان هذا العقار في بداية الأمر مقرراً له أن يستعمل من أجل استطباب آخر، ولكن عندما انتهت التجارب السريرية التي أجريت عليه رفض المتطوعون في التجارب إعادة فائض الأقراص التي أعطيت لهم مع بداية التجربة؛ والسبب أنهم اكتشفوا أن الدواء قد منحهم فوائد غير متوقعة في حياتهم الجنسية، ومن بعد ذلك راج استعماله من أجل ضعف الانتصاب.
يعطى سيلدينافيل بطريق الفم وامتصاصه جيد حيث تصل تراكيزه في الدم إلى ذروتها بعد ٣٠ – ١٢٠ دقيقة من إعطائه، ويبلغ عمره النصفي نحو ٤ ساعات. يجب تناول الدواء قبل الجماع بساعة واحدة بجرعة بدء تعادل ٥٠ ملغ (٢٥ ملغ عند المسنين)، أما الجرعات التالية فتراوح من ٢٥ – ١٠٠ ملغ تبعاً للاستجابة من دون تجاوز حد ١٠٠ ملغ جرعة قصوى في اليوم. وقد يؤخر الطعام من بدء تأثير الدواء ويقلل من مفعوله. ويكون الدواء فعالاً عند ٨٠٪ من الرجال الذين يستخدمونه من أجل ضعف الانتصاب.
الآثار السلبية للدواء: تستمر فترة قصيرة وتكون مرتبطة بالجرعة، وتشمل الصداع واحمرار الوجه flushing واحتقان الأنف وعسر الهضم.
التداخلات الدوائية: يعد السيلدينافيل مضاد استطباب عند المرضى الذين يتناولون النيترات العضوية والذي يعرف عنه أنه يعطل استقلابهم لهذا الدواء، ممّا سيسبب لهم انخفاضاً شديداً وحاداً في الضغط الشرياني. كما ينبغي تجنب استعمال هذا الدواء عند المرضى الذين في سوابقهم الحديثة العهد نشبة دماغية أو احتشاء عضلة قلبية، أو الذين يعرف عن ضغطهم الشرياني أنه غالباً ما يكون أقل من ٩٠/٥٠ ملم زئبق. تتوفر الآن أدوية أكثر انتقائية وتشمل vardenafil، وهو ذو خصائص حركية شبيهة بخصائص سيلدينافيل، ويتميز tadalafil بعمره النصفي الطويل جداً (١٧ ساعة) وهي خاصية يمكن النظر إليها على أنها ذات محاسن ومساوئ بالوقت نفسه فيما يتعلق بحالة ضعف الانتصاب بحد ذاتها، ولكن من المهم استخدام هذا الصنف من الأدوية في حالة فرط الضغط الرئوي.
- ألبروستاديل Alprostadil: هو شكل مستقر من البروستاغلاندين E١، وموسع وعائي قوي وفعال في ضعف الانتصاب النفسي المنشأ والعصبي. ويزيد هذا الدواء من الوارد الدموي عبر الشرايين إلى القضيب ويقلل من العود الوريدي بوساطة تقلص العضلات الملس في جسم القضيب؛ ومن ثمّ انسداد الأوردة الصغيرة التي تعيد الدم في الأحوال الطبيعية إلى الدوران. ويمكن لهذا الدواء أن يطبق إما تحاميل إحليلية urethral suppository (٠.١٢٥-١ mg)، وإما أن يحقن مباشرة في الوجه الظهري الجانبي للثلث الداني من القضيب والتي يطلق عليها اسم الحَقن داخل الكهفية intracavernosal injection. وتتعلق مدة الانتصاب ودرجته بالجرعة. وتضع الشركة الصانعة بعض الرسومات المفيدة والتوضيحية داخل علبة الدواء. في البداية لا بد للطبيب من معايرة الجرعة اللازمة للوصول إلى انتصاب لا تتجاوز مدته ساعة واحدة وذلك في عيادته والتي تراوح من ٥ إلى ٢٠ ميكروغرام. والانتصاب المؤلم هو أكثر الآثار الجانبية شيوعاً.
- بابافيرين papaverine، مستحضر مستخرج أصلاً من الأفيون ولكنه يخلو من الخصائص المخدرة، وهو فعال في نسبة تصل إلى ٨٠٪ من حالات ضعف الانتصاب النفسي المنشأ والعصبي من خلال الحقن الذاتي داخل الكهفي للقضيب قبل الجماع بفترة بسيطة، لكن استخدامه قد تضاءل مع توفر الأدوية الفعالة بطريق الفم كالسيلدينافيل.
بسام سعيد
التصنيف :
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 57137385
اليوم : 93786
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
كتاب أمراض الشيخوخة
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
كتاب علم المناعة
-
المجلد الثامن عشر