أمراض الغدد ال صم / السكري.
امراض غدد صم / سكري.
-
السكريالسكري هو مجموعة من الظواهر المرضية التي يرتفع فيها سكر الدم، وهو مرض شائع وفي تزايد مستمر وكثير حول العالم، سببه تزايد مستوى البدانة. يتسبب السكري بمضاعفات خطرة أهمها: العمى المحدث باعتلال الشبكية السكري، والقصور الكلوي، والغنغرينة، وبتر الأطراف، وكذلك الأمراض القلبية والموت المبكر. يجب أن يهدف العلاج المكثف للسكري إلى خفض سكر الدم، وخفض ضغط الدم وضبط الشحوم معاً، وقد أدى ضبط هذه الأمور الثلاثة إلى إنقاص خطر مضاعفات السكري.
يصنف السكري في نمط أول ونمط ثانٍ وأنماط أخرى.
- النمط الأول: يسمى سابقاً المعتمد على الأنسولين، وهو نموذجي يحدث في الأشخاص الصغار السن حيث لا تفرز المعثكلة الكمية الكافية من الأنسولين.
- النمط الثاني: يسمى سابقاً السكري غير المعتمد على الأنسولين، والذي يحدث عادةً في الأشخاص الأكبر سناً والذين عادة ما يكونون بدينين. ويعتقد أن النمط الثاني هو مجموعة من الاضطرابات التي تتصف بنقص إفراز الأنسولين من المعثكلة؛ والمقاومة ضد عمل الأنسولين في الدم.
تتضمن الأنماط الأخرى: السكري الحملي والسكري بسبب أمراض في الجلد أو المعثكلة: مثل التليف الكيسي والسكري الشبابي أحادي الجين Monogenic (MODY).
يصنع الأنسولين في جزر بتا في المعثكلة، ويفرز يومياً ما يقارب ٣٠- ٤٠ وحدة من الأنسولين، والمحرض الأكبر لإفراز الأنسولين هو ارتفاع معدلات سكر الدم، إضافة إلى ذلك يفرز الأنسولين بتحريض من وجبة غنية بالنشويات.
الأنسولين هو عديد الببتيد ذو سلسلتين ألفا وبتا. البنية الأساسية للأنسولين متشابهة في كل الثدييات ولكن هناك بعض الاختلافات:
- فالأنسولين البقري يختلف عن الإنساني بثلاثة حموض أمينية (والأنسولين الخنزيري يختلف عن الأنسولين الإنساني بحمض واحد).
- الأنسولين البشري يتكون بوساطة التعديل الإنزيمي للأنسولين الخنزيري؛ أو صناعياً عن طريق إدخال الدنا DNA المأشوب على جراثيم الإشريكيات القولونية أو الفطريات.
- مضاهيات الأنسولين Analogue واسعة الاستعمال حالياً، وهي أنسولين أجريت عليه تعديلات عبر الهندسة الوراثية تؤدي إلى سرعة أكبر في بدء الفعالية أو تصبح مديدة التأثير.
مستقبلات الأنسولين: توجد مستقبلات الأنسولين على سطح الخلايا الهدفية كالكبد والعضلات والنسيج الشحمي، وعند ارتباط الأنسولين بالمستقبلات يبدأ سيل الإشارات مما يؤدي إلى استجابة بيولوجية.
تأثيرات الأنسولين: أهمها خفض مستوى سكر الدم عن طريق زيادة قبط Uptake الغلوكوز في الأنسجة المحيطية التي تقوم بأكسدة الغلوكوز أو تحزينه بمادة الغليكوجين أو نسيج شحمي، ويقوم الأنسولين كذلك بخفض إنتاج الكبد للغلوكوز عن طريق إنقاص تحلل الغليكوجين.
ومنها تأثيرات أخرى فهو هرمون ابتنائي Anabolic يساعد على بناء البروتينات، وكذلك يقوم الأنسولين بتثبيط تحلل النسيج الشحمي وتثبيط إنتاج الكيتون، ويؤثر في الشوارد فهو يزيد من قبط البوتاسيوم إلى داخل الخلايا، ويزيد من حبس الكلية للصوديوم كعمل مضاد للإدرار، أما في الدماغ فللأنسولين وظائف؛ إذ إنه ينشط الذاكرة ويؤثر في تنظيم الشهية.
استخدامات الأنسولين: الاستطباب الرئيسي للأنسولين هو السكري، كما أن له دوراً رئيسياً في علاج فرط بوتاسيوم الدم؛ إذ إنه يحرض مرور البوتاسيوم إلى الخلايا عن طريق تحريض أتباز صوديوم / بوتاسيوم NA /K ATEPase الموجود على سطح الخلية، مما يساعد على علاج فرط بوتاسيوم الدم.
الحركية الدوائية للأنسولين:
يُفرز الأنسولين في حالة الصحة من المعثكلة ويدخل وريد الباب ومنه إلى الكبد حيث يؤخذ نصفه والباقي يتوزع في الدوران الجهازي؛ بحيث يكون تركيزه في الدوران يعادل ٢٠٪ فقط من الكمية التي أدخلت إلى الكبد.
يتم إفراز الأنسولين إفرازاً متواصلاً مع جرعات إضافية تفرز لدى تناول الكربوهيدرات، وتستهدف طرائق العلاج الجديدة للسكري استعمال الأنسولين بطريقة تحاكي طريقة عمل المعثكلة إلى أبعد مدى ممكن. ويبلغ العمر النصفي للأنسولين خمس دقائق فقط، لكن التخلص من الأنسولين في الأنسجة المحيطية يأخذ وقتاً أطول وهذا مهم لدى استخدام تسريب الأنسولين وريدياً؛ إذ قد يستمر أثر الأنسولين وتأثيره ساعة كاملة قبل أن ينتهي.
يتوفر الأنسولين في عبوة زجاجية Vial محكمة مع إبرة تسحب الكمية المحددة من العبوة أو يعطى عبر قلم الأنسولين pen device المزود بشاشة تحدد عليها كمية الجرعة. أما داخل المشافي فيمكن تسريب الأنسولين في الوريد؛ حيث توضع ٥٠ وحدة من الأنسولين في ٥٠ مل من محلول المصل الملحي النظامي؛ بحيث يكون تركيز الأنسولين وحدة واحدة في المليلتر الواحد. وهناك طريقة بديلة وشائعة لإعطاء الأنسولين ولا سيما في المرضى من النمط الأول للسكري وهي مضخة الأنسولين/ تحت الجلد (Insulin pump)، وهي جهاز صغير بحجم الجوّال يقوم بتزويد كمية أساسية ثابتة ومستمرة من الأنسولين تحت الجلد مع إمكان إعطاء جرعات داعمة عند اللزوم، وذلك لتغطي أوقات الوجبات؛ أو جرعات تصحيحية لارتفاع سكر الدم بسرعة؛ أو تعديل الحقن وقت الأمراض الحادة، وكثير من هذه المضخات حالياً مزود ببرامج تقوم بحساب الجرعة اللازمة قبل الوجبة. تبشر هذه النجاحات بإمكان تصنيع معثكلة صناعية بالمستقبل بحيث يكون تسريب الأنسولين جزئياً أو كاملاً يعتمد على التحليل الآني لسكر الدم.
المستحضرات المتوفرة للأنسولين:
هناك ثلاثة عوامل مهمة ومؤثرة في مستحضرات الأنسولين، وهي: أولاً قوة الأنسولين وتعتمد على تركيزه، ثانياً مصدره إنساني أم خنزيري أم بقري، وثالثاً يقصد به سريع أم بطيء.
عموماً فإن هناك أربعة أنواع من الأنسولين تختلف في توقيت عملها متوفرة لعلاج السكري وهي:
١- أنسولين قصير مدة التأثير وسريع البدء بالوقت نفسه وهو يسمى الأنسولين النظامي، وهناك أنواع أخرى أضيفت إلى هذا النوع من الأنسولين هي: أنسولين ليسبرو Lispro وأنسولين أسبارت Aspart وأنسولين غلوليزين Glulisine، وهي أنسولينات إنسانية معدلة بالهندسة الوراثية عن طريق تعديل السلسلة بتا؛ مما يؤدي إلى امتصاص أسرع بعد الحقن تحت الجلد وفترة تأثير أقصر. وهناك نوع جديد يدعى «أسبارت فياسب» هو أسرع تأثيراً يحتوي على الأرجنين والنياسينامايد، ويزيد من سرعة الامتصاص تحت الجلد.
٢- أنسولين متوسط مدة التأثير: بداية التأثير هي أبطأ أيضاً حيث تم تعديل الأنسولين فيزيائياً عن طريق ربطه بالبروتامين أو مادة الزنك، وهذا ما يعطيه تحريراً بطيئاً للأنسولين تحت الجلد، كما أن هناك الأنسولين إيزوفان isophane المشهور برمز NPH وهو معلّق مع البروتامين، وما يزال واسع الاستعمال.
٣- أنسولين مديد التأثير: الجديد منه هو الأنسولين غلارجين Glargine الذي أصبح واسع الاستعمال ولا سيما في مرضى السكري من النمط الأول. أجريت تغييرات بسيطة على الحموض الأمينية للأنسولين غلارجين أدت إلى إبطاء أكثر في الامتصاص عن طريق تحت الجلد. وهناك مستحضرات أخرى أكثر تركيزاً من غلارجين تحتوي على ٣٠٠ وحدة في المليلتر الواحد أيضاً مع مدة فعالية أطول تدعى أنسولين توجيو Toujeo.
الأنسولين ديتمير Detemir يعتمد في عمله على ارتباطه بالألبومين بالدم بعد الامتصاص والذي يؤخر من فعاليته فتكون مديدة أكثر.
الأنسولين ديغلوديك :Degludec ويحتوي على حمض أميني وحيد مع سلسلة طويلة من الحموض الدسمة؛ مما يؤدي إلى مفعول طويل الأمد جداً.
٤- أنسولين مختلط أو ثنائي الطور Biphasic: يحتوي على مضاهي Analogue أنسولين قصير مدة التأثير مع أنسولين متوسط التأثير مثل NPH.
ملاحظات تؤخذ في الحسبان لدى وصف الأنسولين:
المزج الملائم بالمحقنة ذاتها: يمكن أن يمزج الأنسولين المنحل أو السريع في المحقنة ذاتها مع الأنسولين المعلق الزنك المتوسط التأثير وكذلك مع الأنسولين إيزوفان NPH أو الأنسولين المختلط، ولكن يجب أن يستعمل مباشرة. وبالنسبة إلى الأنسولينات المديدة التأثير وأنسولين بروتامين لا ينبغي أن تخلط في المحقنة ذاتها مع أنسولين قصير الأمد.
استخدام الأنسولين وريدياً يجب أن يستعمل فقط الأنسولين النظامي أو مضاهيات الأنسولين؛ إذ إن لها نموذج عمل مشابه عندما تعطى وريدياً؛ مع أن الأنسولين النظامي يستعمل بهذا الخصوص واسعاً.
القوة المستعملة المعتمدة لمستحضرات الأنسولين هي فقط ١٠٠ وحدة في كل مليلتر، وهناك مستحضرات بقوة ٢٠٠ وحدة في المليليتر أو أكثر، ولمنع الخطأ في أثناء الاستخدام فإن المستحضرات المركزة أكثر من ذلك صنعت على شكل أقلام حقن مجهزة بشاشة. كما أنه نادراً ما يستعمل مستحضر قوة ٥٠٠ وحدة في المليلتر الواحد من الأنسولين في مركبات للمرضى الذين لديهم مقاومة شديدة للأنسولين، لذلك فإن المساعد الصحي يجب أن يكون على دراية بذلك والانتباه للتركيز.
اختيار نظام (بروتوكول) لتطبيق الأنسولين:
هناك ثلاثة أنظمة معتمدة لاستخدم الأنسولين وهي:
١- نظام (BB) Basal-bolus: حيث تعطى جرعات متعددة من الأنسولين السريع في اليوم لتقلد إفراز المعثكلة المتكرر من الأنسولين الذي يحدث وقت أخذ الوجبات، وإضافة إلى هذه الجرعات تعطى جرعة مرة واحدة أو مرتين من الأنسولين المتوسط أو المديد، والتي توفر جرعة قاعدية مديدة طوال اليوم من الأنسولين، وهذه المقاربة تهدف إلى محاكاة الإفراز الطبيعي لعمل المعثكلة السليم. وتقسم الجرعة الكلية اليومية للأنسولين المعطاة بحيث يكون ٤٠-٦٠٪ منها بطيئاً أو متوسط المفعول، ومنها سريع المفعول. ويتنبه في هذا النظام لإعطاء الأنسولين النظامي قبل ٣٠ دقيقة من الوجبة، في حين أن (مماثل) مضاهي الأنسولين القصير المفعول يمكن أن يُعطى مباشرة قبل الوجبة؛ أو في أثناء الوجبة؛ أو كذلك بعد انتهاء الوجبة مباشرة. وإن فعالية مضاهيات الأنسولين هي سريعة التأثير أكثر، وهي ميزة بحيث يصبح خطر سكر الدم معها قُبيل الوجبة التالية أقل من الأنسولين النظامي.
يتميز مضاهي الأنسولين المديد التأثير - مثل غلارجين أو ديغلوديك- بأن خطر هبوط سكر الدم الليلي أقل من الأنسولين إيزوفان المشهور باسم NPH، مع أن الأنسولين إيزوفان قد يحمل مرونة أكبر إذا كان المريض يحتاج إلى تغيير توقيت إعطاء الأنسولين القاعدي بين فينة وأخرى كما في المرضى الرياضيين مثلاً أو السيدات الحوامل.
٢- نظام مضخة الأنسولين تحت الجلد: يستعمل نظام مضخة الأنسولين المبدأ السابق المسمى بروتوكول بي بي، لكنه يقوم باستخدام فقط أنسولين سريع التأثير، وعادة ما يكون مضاهي الأنسولين هو المختار، وفي هذه الحالة فإن الأنسولين القاعدي يأتي من واقع أن الأنسولين السريع يعطى باستمرار عبر المضخة بطريقة تحاكي إفراز المعثكلة الطبيعي المستمر للأنسولين.
٣- نظام الحقنتين من الأنسولين ثنائي الطور: بهذا النظام تُعطى يومياً حقنتان تحت الجلد من الأنسولين المختلط، أو ما يسمى الأنسولين ثنائي الطور تحت الجلد، ومع أن هذه الطريقة هي أقل فيزيولوجيةً من الطريقة السابقة المسماة بي بي لكنها أكثر سهولة وأقل عدد جرعات. ويتألف تركيز الأنسولين المختلط الأكثر استخداماً منها عادةً من ٣٠٪ سريع التأثير مقابل ٧٠٪ متوسط التأثير.
في هذه الطريقة نموذجياً يعطى ثلثا الجرعة اليومية في الصباح أو نصفها قبل الفطور، كما يُعطى ثلث الجرعة اليومية أو نصفها قبل وجبة العشاء. يمكن استخدام مشاركة من الأنسولين ثنائي الطور أو المختلط عند الإفطار مع الأنسولين السريع التأثير عند وجبة العشاء وعند وقت النوم، وهذا قد يكون مفيداً في الأطفال ذوي النمط الأول من السكري، وذلك لتجنب إعطاء حقن الأنسولين في المدرسة.
الجرعة وتقنية الحقن:
يحتاج المريض من النمط السكري الأول إلى جرعة يومية من الأنسولين هي 0.5-0.8 u/kg، ٥٠٪ منها يتكون من أنسولين قاعدي مديد. ولقد دعا الانتشار الواسع لهذا النمط من السكري إلى تدريب المرضى على حساب النشويات لتحديد الجرعة المطلوبة من الأنسولين، وهذا يفيد في التأقلم مع حاجات الأنسولين المتغيرة بحسب عوامل كثيرة هي: الأطعمة ومحتوياتها من النشويات، سرعة الهضم المتوقعة للوجبة، زيادة عدد الوجبات أو نقصانها، الرياضة والنشاط، أوقات المريض أو الشدة النفسية، تعاطي الكحول، السفر، الدورة الشهرية. وهذه المبادئ تطبق أيضاً لدى استخدام مضخة الأنسولين؛ مع أن الكثير من المرضى المستخدمين لمضخة الأنسولين يحتاجون فعلياً إلى كمية من الأنسولين أقل يومياً.
تقدر الجرعة اليومية البدائية لبدء علاج مريض سكري من النمط الأول غير مصاب بالحماض السكري بـ ٣,٠ وحدة/ كغ من الوزن، يمهد هذا التدبير المبدئي للبدء بإعطاء جرعات من الأنسولين السريع للمريض مع مراقبة متكررة لمستوى سكر الدم، مع رفع متزايد لضبط أشد للسكري وتدريجياً في الأسابيع الأولى أو الأشهر الأولى.
وقد يكون لدى بعض مرضى السكري من النمط الأول بقية من الأنسولين المفرز من المعثكلة، وقد لا يحتاجون إلى الأنسولين لبعض الوقت أو بعض الأشهر أحياناً بعد التشخيص، وتسمى هذه الفترة فترة شهر العسل، في حين أن بعضهم الآخر يمكن أن يبدأ بجرعات صغيرة من الأنسولين القاعدي المديد وحده أو الأنسولين السريع للوجبات وحده، وذلك بحسب الحالة السريرية وبحسب ما إذا كان لديهم بقية من الأنسولين الداخلي المفرز من المعثكلة وقت ظهور التشخيص.
بالنسبة إلى مرض السكري من النمط الثاني فإن الرقم المستهدف لسكر الدم أصبح أصغر في العقد الأخير من الزمن؛ ولذلك فإن الكثير منهم أصبح يُعطى الأنسولين، وعلى الرغم من أنه تم استخدام حاسبات الجرعات ولاسيما في بعض الدراسات السريرية، فإنه عملياً ما يتم بدء المريض على جرعة صغيرة من الأنسولين باستخدام نظام معين وتزاد الجرعات تدريجياً بحسب اللزوم وبحسب استجابة الدم. وإن معظم هؤلاء المرضى ذوي النمط الثاني من السكري لديهم مقاومة للأنسولين، والاستراتيجية المفيدة في مقاربتهم هي إشراك العلاج الفموي مثل: المتفورمين والبيوغليتازون Pioglitazone مع حقن الأنسولين. ويجب الانتباه إلى أن الحالات المقاومة للأنسولين بشدة جديرة بإجراء استقصاءات مهمة لمعرفة السبب وراء ذلك.
مكّن استخدام رؤوس الإبر الحديثة - التي تم فيها مراعاة طول الإبرة والمحاقن ذات شكل القلم الحديثة - المريض من أن يحقن نفسه قبل الوجبات من دون التعرض لخطر أن تصل الإبرة إلى العضلات بدلاً من تحت الجلد؛ وذلك لأن امتصاص الأنسولين عن طريق العضلات يكون أسرع بضعف من الامتصاص الجلدي تقريباً.
هناك عوامل تؤثر جلياً على سرعة امتصاص الأنسولين مثل الحرارة أو الجهد، كما تؤثر بوضوح في سرعة جريان الدم في العضلات، ومن ثم في سرعة تأثير الأنسولين. وبالنسبة إلى مكان حقن الأنسولين فإنه يجب أن يكون متغيراً وبشكل دائري بهدف التقليل من المضاعفات الموضعية من مثل الحثل الشحمي، وعادة ما يكون الامتصاص أسرع عبر الذراع والبطن منه عبر الفخذ أو الورك.
التأثيرات الضارة للأنسولين:
نقص سكر الدم: إن نقص سكر الدم هو التأثير الجانبي الرئيسي للعلاج بالأنسولين، وهو يحدث نتيجة جرعة زائدة من الأنسولين. والأسباب الشائعة هي: خطأ تقدير الجرعة اللازمة، أو عدم تناول الوجبة الطعامية، أو جهد ورياضة زائدة، أو تناول الكحول. وإن نقص سكر الدم مؤذٍ لأن الدماغ يعتمد على السكر مصدراً شبه وحيد للطاقة لعمله، ولذلك فإن انخفاضاً حاداً في مستوى السكر قد يؤدي إلى نقص التجاوب ونوام Lethargy قد يصل إلى سبات أو اختلاجات، وربما الوفاة.
إن نوب نقص السكر هي مشكلة حقيقية للمرضى الذين لديهم نقص عتبة الإحساس بنقص سكر الدم، ويحدث ذلك عادة عند المرضى الذين مضى على إصابتهم بالسكري سنوات طويلة وهذا بسبب اعتلال الأعصاب السكري الذاتي.
إن الوقاية من حدوث نوب نقص السكر يعتمد كثيراً على تثقيف المريض، لكن النوب الطفيفة من نقص سكر الدم يصعب تجنبها في المرضى المحتاجين إلى الضبط المكثف للسكري، لذلك فإن مريض السكري يجب أن يكون متيقظاً لهذه المشكلة؛ ولاسيما عند المصابين بنقص الإحساس بهذه النوب؛ فعليه أن يحمل في جعبته دائماً بعض المآكل السكرية لعلاج نوبة نقص السكر في حال حدوثها، ولاسيما في أثناء الرياضة أو قيادة المركبات.
تعالج نوب نقص السكر بإعطاء ١٥-٢٠غ من النشويات سريعة الامتصاص مثل حبوب الدكستروز أو الفاكهة أو العصير أو مشروبات محلاة، ويجب أن يعطى ذلك مرة أخرى بعد عشر دقائق إذا لم يكن المريض فاقد الوعي. أما في حالة نقص الوعي فإن الإسعاف يكون عن طريق علاج غير فموي مثل محلول الدكستروز السكري الوريدي، أو حقن عضلي لحقنة جاهزة من غلوكاغون Glucagon. في حال استخدام محلول الدكستروز الوريدي فإنه ينصح بتجنب التركيز ٥٠ ٪ لأنه مخرش ولاسيما إذا حدث تسرب خارج الوعاء الدموي؛ ولذلك فإن إعطاء محلول الدكستروز تركيز ٢٠٪ (٥٠- ١٠٠مل) هو أقل تخريشاً، أو أن يُعطى حقنة (الغلوكاغون) التي نصف عمرها أربع دقائق؛ وهي هرمون عديد الببتيد يعزل من خلايا بتا في المعثكلة ويتحرر استجابةً لنقص السكر من معثكلة المريض غير السكري في الأحوال الطبيعية، ولكنه لا يتحرر من معثكلة المريض السكري من النمط الأول. الفائدة الرئيسية من الغلوكاغون هي أنه يتواجد بشكل جاهز الاستعمال المباشر في المنزل ويحقن 1mg Sc /im تحت الجلد أو في العضلات علاجاً إسعافياً بوساطة الوالدين أو مرافق المريض من دون انتظار طاقم الإسعاف، وتحدث الاستجابة له سريعاً عادة. يجب أن يعطى المريض بعد العلاج وجبة خفيفة تحتوي على النشويات السريعة الامتصاص وذلك لمنع تكرار نوبة نقص السكر، كما يجب مراجعة علاج المريض بالسكري بدقة وتعديله وتثقيف المريض، ومن المهم سؤال المريض إذا كانت نوب نقص السكر هذه تتكرر بكثرة أو أنها تحدث فقط نادراً وعابراً بعد إعطاء جرعة عالية من الأنسولين ولاسيما الأنسولين المديد أو السلفونيلوريا Sulphonylurea؛ إذ إن التصحيح قد يحتاج إلى محلول الدكستروز المركز بنسبة ٢٠٪ تسريباً وريدياً لمدة ساعات أو أيام.
تؤدي نوب نقص السكر المديدة إلى وذمة دماغية، وإن إعادة سكر الدم إلى النسبة الطبيعية سريعاً هي التي تضمن عودة درجة الوعي إلى حالتها الطبيعية، ولكن إذا لم تعد درجة الوعي إلى حالتها الطبيعية بعد عودة سكر الدم إلى نسبته الطبيعية في نصف ساعة؛ فإن الشك كبير بحدوث وذمة دماغية، ومن ثم يجب أن يعطى دكساميثازون وريدياً، وعلى الرغم من أن الأذية الدماغية بسبب نقص السكر عادة ما تكون أقل من المحدثة بسبب رضوض الدماغ، أو بسبب نقص أكسجة الدماغ؛ فإن نقص السكر المديد قد يؤدي بلا شك إلى أذية دماغية طويلة المدة.
قد يتطور التضخم الشحمي Lipohypertrophy مكان الحقن المزمن إذا كان حقن الأنسولين يتم بالمكان ذاته وذلك بسبب الفعل الابتنائي للأنسولين الموضعي وهذا مهم سريرياً؛ لأن امتصاص الأنسولين من منطقة التضخم الشحمي يصبح متغيراً ولا يمكن التنبؤ به؛ مما يؤدي إلى تذبذب نقص السكر وكذلك ارتفاع سكر الدم. أما الحثل الشحمي في منطقة حقن الأنسولين فقد أصبح نادراً بفعل الأنسولين ذي المواصفات الحديثة، وينبّه ظهور الحثل الشحمي أو التضخم الشحمي كليهما لضرورة تغيير مكان حقنة الأنسولين.
تقسم الأدوية غير الأنسولين إلى:
- أدوية محرضة لإفراز الأنسولين الداخلي secretagogues.
- أدوية لتحسين الحساسية للأنسولين الداخلي وإنقاص المقاومة للأنسولين sensitizers.
- أدوية تزيد من طرح الغلوكوز عن طريق الكلى.
- أدوية تهدف إلى تقليل امتصاص الغلوكوز.
١- الأدوية المحفزة لإفراز الأنسولين الداخلي:
تتم زيادة إفراز الأنسولين الداخلي عن طريق إحصار (إغلاق) قنوات البوتاسيوم الحساسة في خلايا بتا البنكرياسية، مما يؤدي إلى إطلاق الأنسولين المختزن رد فعل على تزايد سكر الدم.
يعدّ اكتشاف مركبات السلفاميد أمراً عظيماً؛ إذ إنه في عام ١٩٣٠م لوحظ أن مركبات السلفوناميد تسبب نقصاً في السكر، وفي عام ١٩٤٢م لوحظ انخفاض شديد في سكر الدم في المرضى الذين لديهم الحمى التيفية في أثناء علاجهم بمادة السلفوناميد. وفي عام ١٩٥٤م بُدئ بتطبيق مركبات السلفونيلوريا في معالجة السكري، وأصبحت أدوية مهمة في علاج النمط الثاني من السكري لكنها غير مفيدة في علاج مرضى النمط الأول من السكري؛ إذ إن العلاج الناجح بها يتطلب وجود ٣٠٪ على الأقل من خلايا بتا عاملة وفعالة، وعادةً ما يحدث تناقص متدرج في الاستجابة لمركبات السلفونيلوريا مع الزمن بسبب تناقص فعالية خلايا بتا المعثكلية.
والتأثيرات الضارة الرئيسية لهذه المركبات هي نوب نقص السكر وزيادة الوزن، وقد يكون نقص السكر بها شديداً ومديداً، وقد يمتد إلى أيام وقد يكون قاتلاً في عشر الحالات، ولاسيما في المسنين ومرضى قصور القلب، ولذلك فإن مركبات السلفونيلوريا المديدة يجب أن يتم تجنبها في هؤلاء المرضى، كما يجب الانتباه إلى أنه بسببها كثيراً ما تشخص الحالة خطأً على أنها سكتة دماغية.
ثمة العديد من الأشكال الصيدلانية للسلفونيلوريا، وتقسم بحسب مدة فعاليتها بحسب عمر المريض ووظيفة الكلية.
أ- يرافق استخدام مركبات السلفونيلوريا المديدة التأثير - مثل glibenclamide- كثيراً نوب نقص سكر الدم، ولهذا السبب يجب تجنبها في المسنين وإعطاء المركبات القصيرة المفعول بدلاً منها Glipizide /Gliclazide أو أدوية أخرى غير السلفونيلوريا، وهي مفضلة في مرض القصور الكلوي لأنها لا تطرح عبر الكلى.
غليكلازايد هو مركب من الجيل الثاني كثير الاستخدام، وإذا تجاوزت جرعته ٨٠ملغ فإنه يجب أن يعطى بجرعتين على دفعتين قبل الوجبات؛ أو بجرعة وحيدة إذا كان المستحضر مديد التحرر. أما مركب غليميبرايد Glimepiride فقد صنع للاستخدام مرة واحدة يومياً، وهو أقل إحداثاً لنقص السكر من مركب غليبنكلامايد.
ب- الميغليتيندات Meglitinides: هي مركبات قصيرة المفعول لم تستخدم سريرياً على نحو واسع؛ ومثال عليها ريباغلينيد repaglinide، وهي تعمل عن طريق إغلاق قنوات البوتاسيوم المعتمدة على إنزيم أتباز ATPase، وإن المفعول القصير مقارنة بمركبات السلفونيلوريا يقلل من خطر نوب نقص السكر.
ج- مضاهيات الإنكريتين ومحاكياته Incretin analogues and mimetics والأمثلة عنها كثيرة منها:Exenatide, liraglutide, lixisenatide, dulaglutide, albiglutide ، وهي تعزز إفراز الأنسولين استجابة لارتفاع سكر الدم، وإضافة إلى تعزيز إفراز الأنسولين فإن لديها أفعالاً أخرى مفيدة أكثر من الأدوية المحرضة لإفراز الأنسولين الأخرى في السكري فهي تنقص إفراز الغلوكاغون Glucagon وتبطئ إفراغ المعدة وتعمل على مستقبلات (GLP-1) Glucagon-Like Peptide-1 في الدماغ حيث تنقص الشهية. ويهدف العلاج بها حالياً أيضاً إلى إنقاص وزن مرضى السكري من النمط الثاني، في حين أن مركبات السلفونيلوريا أو العلاج بالأنسولين قد يؤدي إلى زيادة وزن المرضى. وتستخدم هذه المركبات بالحقن تحت الجلد مرة أو مرتين يومياً وتتوفر حالياً مستحضرات مديدة المفعول للاستعمال مرة واحدة في الأسبوع، أما الأشكال الفموية منها فقد تم الاعتراف بمستحضر وحيد منها وهو مستحضر سيما غلوتايد من التأثيرات الجانبية الرئيسية لها الغثيان الذي يكون شديداً في بعض الأحيان مما يمنع المريض من استمرار العلاج.
د- مثبطات دي ببتيديل- ببتيداز-٤ DPP-4 (inhibitors) Dipeptedyl peptidase- 4: من هذه المجموعة مستحضرات مثل: alogliptin وsaxagliptin وlinagliptin وvildagliptin وsitagliptin. يتزايد استعمال هذه الزمرة، والفائدة الرئيسية لها هي إمكان إعطائها عن طريق الفم وعدم إحداثها لزيادة الوزن، كما أن خطورة نقص السكر فيها مهملة مقارنة بمركبات السلفونيلوريا؛ لكنها عموماً أقل فعالية من مركبات GLP-1. وتتضمن التأثيرات الجانبية لها: الغثيان والطفح الجلدي والتهاب البلعوم الحاد، وعادة ما تكون هذه التأثيرات طفيفة ومحتملة. وتطرح معظم هذه المركبات عن طريق الكلية وتحتاج إلى تعديل الجرعة في المرضى الذين لديهم قصور كلوي ماعدا ليناغلبتين الذي يطرح في معظمه عبر الطريق الهضمي، وبذلك فهو بديل مناسب من المتفورمين في المرضى الكلويين.
٢- الأدوية المخففة لمقاومة الأنسولينInsulin sensitizers أو المحسنة للحساسية تجاه الأنسولين وتشتمل على:
أ- مجموعة بيغوانيد Biguanides: تتوفر أدوية هذه المجموعة منذ عام ١٩٥٧م، وأشهرها مادة المتفورمين وهي المادة الوحيدة المستخدمة حالياً، والأثر الفيزيولوجي الأكثر أهمية لها أنها ترفع من حساسية الكبد للأنسولين، وتقلل من إنتاج الكبد من الغلوكوز.
ويفضل أن يؤخذ المتفورمين الذي نصف عمره خمس ساعات بعد الوجبات، ويمكن مشاركته مع الأنسولين أو مع أدوية السكري الأخرى، وهو الخط الأول لعلاج النمط الثاني من الداء السكري في معظم التوصيات العالمية، كما أنه يستعمل في علاج مرضى النمط السكري الأول إضافة إلى الأنسولين ولاسيما في المرضى البدينين منهم، وكذلك علاج أول في السكري الحملي. وهو غير فعال بغياب الأنسولين، وتأثيراته الجانبية قليلة وتتضمن: الغثيان والإسهال والطعم المعدني في الفم، وهذه التأثيرات عادة ما تكون عابرة وتتراجع بمجرد إنقاص الجرعة، وبالإمكان تجنبها عن طريق الزيادة التدريجية للجرعات والتأكد من أخذ الدواء بعد الوجبات. وتتوفر منه مستحضرات مديدة المفعول، وتشير الدراسات إلى أن تحملها الهضمي أفضل وتأثيراتها الجانبية أقل من المتفورمين العادي.
وثمة تأثير ضار خطر لكنه نادر للمتفورمين هو الحماض اللبني، وهو يحدث في سياق الأمراض الشديدة الخطرة التي عادةً ما تزيد من نسب حمض اللبن في الدوران؛ ولاسيما منها القصور الكلوي، أو القصور الكبدي والصدمة الإنتانية، لذلك فإن المتفورمين هو مضاد استطباب في هذه الحالات بما فيها القصور الكلوي الخفيف، ولذا فإن جرعته يجب أن تنقص إذا تجاوز الكرياتينين ١٣٠ ملي مول في اللتر الواحد، أو كانت التصفية أقل من ٤٥، كما أنه يجب أن يوقف نهائياً إذا وصل رقم الكرياتينين إلى أكثر من ١٣٠ ملي مول في اللتر الواحد؛ أو التصفية الكلوية انفضت عن ٣٠ في الدقيقة.
تنصح معظم التوصيات السريرية بأن يوقف المتفورمين على نحو عابر قبل الجراحات أو قبل إعطاء مادة اليود الظليلة بسبب المخاوف من إحداثه قصوراً كلوياً، وكذلك خطر الحماض اللبني إذا تطور القصور الكلوي.
وبعيداً عن السكري فإن مجموعة الأدوية التي تزيد حساسية الأنسولين في الجسم قد تكون مفيدة في «داء المبيض متعدد الكيسات»، وفي هذا المرض فإن المقاومة للأنسولين تزداد وتؤدي إلى زيادة في هرمون الأندروجين مؤدية إلى إحداث شعرانية واضطراب في الدورة الشهرية.
ب- ثيازوليدين ديون Thiazolidinedione: ومنها الـ Pioglitazone: ينقص هذا الدواء المقاومة المحيطية مؤدياً إلى إنقاص سكر الدم. وهذه المجموعة من الأدوية تقوم بتحفيز الحساسية المحيطية للأنسولين وتحسينها؛ ومن ثم زيادة أخذ العضلات المحيطية الهيكلية للغلوكوز، ولكن تأثيرها أبطأ من المتفورمين أو السلفونيلوريا، بيد أن التأثير الضار المهم لهذه المجموعة هو زيادة الوزن، وعادة ما تكون ثلاثة كليوغرامات إلى أربعة في السنة الأولى للاستعمال؛ وكذلك احتباس السوائل مع وذمة محيطية بالطرفين ونقص كثافة العظام.
ج- الأدوية التي تزيد إفراز الغلوكوز البولي وهي مثبطات لـ SGLT2I مثل: Empagliflozin, dapagliflozin, canagliflozin. تحفز هذه المستقبلات إعادة امتصاص الغلوكوز عبر الكلية، ويؤدي تثبيطها عن طريق هذه المجموعة من الأدوية إلى بيلة سكرية وإنقاص نسبة سكر الدم. وتُعطى هذه المستحضرات عن طريق الفم وتؤدي إلى إنقاص الوزن، ولكن يضعف تأثيرها في القصور الكلوي حتى عندما يكون خفيفاً.
أما التأثيرات الجانبية الرئيسة لهذه المجموعة فهي الأخماج البولية التناسلية، كما أن البيلة السكرية التي تحدثها هذه الأدوية تؤدي إلى زيادة كمية البول، وقد تؤدي إلى انخفاض الضغط القيامي لدى بعض المرضى.
وهناك بعض المخاوف من حدوث ما يسمى الحماض السكري سوي السكر بسبب هذه المجموعة ولذلك ينصح بإجراء فحص الكيتون للمرضى المصابين بمرض حاد منهم حتى لو كان سكر الدم طبيعياً.
د- الأدوية التي تنقص الامتصاص الهضمي للغلوكوز:
الأكاربوزAcarbose : هو مثبط لإنزيم Alpha- glucosidase inhibitor، ينقص هذا المركب هضم النشويات المعقدة ويبطئ امتصاصها من الأمعاء؛ وبذلك ينقص ارتفاع السكر بعد الوجبات الطعامية.
الجرعة الاعتيادية هي ما بين ٥٠- ٣٠٠ ملغ يومياً، ومن تأثيراتها الجانبية الشائعة الإسهال والغازات، مما يؤدي إلى أن نسبة عالية من المرضى توقف هذه الأدوية. وقد أصبحت نادرة الاستخدام في الوقت الحاضر عامة.
اختيار خافضات السكر الفموية في النمط الثاني من السكري:
يتوفر الكثير من العلاجات لداء السكري النمط الثاني الآن والتي تراوح ما بين الحمية إلى تعديل نمط الحياة فقط؛ إلى العلاج بدواء واحد فموي؛ إلى المشاركة بأكثر من علاج فموي؛ إلى اشتراك الأنسولين معها أيضاً.
إن طبيعة النمط الثاني للداء السكري هي أن عدم تحمل السكر يميل إلى التزايد؛ بحيث إن معظم المرضى يحتاجون إلى زيادة الأدوية والجرعات، ومن ثم فإنه من المهم التأكيد أن التوقيت والعلاج الأمثل ليسا أمراً متفقاً عليه.
ويتظاهر بعض المرضى البالغين بأعراض ارتفاع سكر دم شديدة، وهم في الحقيقة يحتاجون إلى علاج فوري بالأنسولين يشابه علاج النمط الأول للسكري، ويسمى هذا النوع من الداء السكري المناعي المتأخر في البالغين LADA، وهو سكري مشابه للنمط لأول لكنه متأخر في الحدوث، ومن ثم يحتاج هؤلاء المرضى إلى الأنسولين منذ اليوم الأول من التشخيص.
وفيما يلي التوصيات التي تنصح بها منظمات الصحة الوطنية لعلاج النمط الثاني من السكري:
- المتفورمين وبغياب أي مضاد استطباب له يبقى هو العلاج المبدئي الأول لمعظم مرضى النمط الثاني من السكري.
- مثبطات دي بي بي فور DPP4 ومثبطات س جي إل تي تو SGLT2 يتزايد استخدامها خطاً ثانياً بعد المتفورمين: كما أنها قد تستخدم خطاً أوليّاً في العلاج إذا كان المتفورمين غير مقبول أو غير متحمل من قبل المريض.
- مركبات السلفونيلوريا قلّ استخدامها خطاً أولياً للعلاج ولكنها بديل للمتفورمين، أو قد تضاف دواء ثانياً عند الحاجة.
- هناك مركبات يمكن أن تستخدم بالمشاركة مع الأدوية السابقة الذكر مثل ناهضات GLP-1 في المرضى البدينين، وهدف المعالجة عند هؤلاء هو الحفاظ على مستوى الخضاب السكري بين ٥,٦ إلى ٥,٧، وعندما لا يتحقق هذا الهدف فإن الأنسولين يمكن إضافته وحده أو بالمشاركة مع المتفورمين أو مع بقية الأدوية الفموية.
من المهم جداً الاستشارة الغذائية للحمية وتعديل نمط الحياة في تدبير السكري، ويجب أن يتم السماح للمرضى بمتابعة ما يفضلونه من الطعام ما دام ذلك عملياً ومفيداً. ويجب أن يتلقى المرضى النصح بأن عليهم أن يأخذوا النشويات المعقدة في حميتهم بحيث تؤلف نحو ٦٥٪ من الحريرات الكلية مع كمية من الدسم أقل من ٣٠٪ من الحريرات، كما يجب التشديد على إنقاص الشحوم المشبعة وزيادة تناول الشحوم غير المشبعة أو وحيدة الإشباع، ويجب أن ينقص الوارد من الحريرات (الكالوري) وأن يشجع المريض على الوصول إلى الوزن المثالي. وبعض الأطعمة تُسوَّق على أنها أطعمة مناسبة لمرضى السكري، ولكن هناك بعض التحفظات، إذ قد تكون قليلة الغلوكوز، في حين أن محتواها عالٍ من الحريرات. ويجب أن تحتوي الحمية على كميات عالية من الألياف والكثير من الفواكه الطازجة والخضار، وينصح المريض بالتوقف عن الكحول والتدخين، كما يجب وتشجيع ممارسة الرياضة والتمارين الرياضية.
التداخلات بين أدوية السكري والأدوية الأخرى:
تتعدد التداخلات الدوائية المحتملة في الممارسة السريرية وهي مهمة، وعموماً فإنه لدى إضافة أي دواء جديد لمريض السكري يجب مراقبة التغير في سكر الدم بسبب الدواء المضاف.
وقد تقلل الأدوية حاصرات بتا من التحفيز الودي المعتاد لإطلاق السكر من الكبد استجابة لنقص سكر الدم، ومن ثم تقلل من الأعراض الودية التي تحدث عادة لدى هبوط سكر الدم باستثناء التعرق الذي يبقى موجوداً، ومن ثم فإن هبوط سكر الدم بسبب الأنسولين قد يمتد لفترة طويلة أو يبقى غير ملاحظ من قبل المريض ومرافقيه بسبب غياب الأعراض، ولذلك فإن مريض السكري في حال احتياجه إلى حاصرات بتا، فإنه من المفضل أن يعطى حاصرات بتا واحد الانتقائية مثل بيسوبرولول Bisoprolol.
- وقد تؤدي المركبات الثيازيدية بجرعات عالية - والتي تستخدم في علاج ارتفاع الضغط الشرياني- إلى ارتفاع سكر الدم، كما أنها قد تؤدي إلى انخفاض إفراز الأنسولين.
- وإن الأدوية التي تحرض إنزيمات الكبد قد تحرض استقلاب مركبات السلفونيلوريا التي تستقلب في الكبد، في حين أن مادة السيميتدين - وهي من كابحات استقلاب الإنزيمات الكبدية - ترفع من مستوى المتفورمين في الدم وتزيد من تأثيراته.
- وتزيد الأدوية المثبطة للمونو أمين أوكسيداز MAO من فعالية خافضات سكر الدم الفموية، وربما تزيد من فعالية الأنسولين أيضاً، كما أنها قد تنقص من الشهية؛ ومن ثم يضطرب ضبط سكر الدم.
- ويمكن أن يحدث التداخل بين الكحول وأدوية السكري مما يؤدي إلى هبوط سكر الدم.
- وتزيد الساليسلات والفايبرات من الحساسية للأنسولين، وتؤدي إلى انخفاض سكر الدم انخفاضاً أكبر.
- ويرفع الأدرينالين والإبينفرين مستويات الغلوكوز في الدم عن طريق تحلل غليكوجين الكبد والعضلات، في حين يكبح إفراز الأنسولين.
- وقد يحدث ارتفاع سكر الدم في المرضى الذين لديهم فيوكروموسيتوما؛ والذي عادةً ما تتم معاكسته عن طريق إعطاء حاصرات مستقبلات ألفا الأدرينية.
الستيروئيدات الكظرية Adrenal steroids:
تناهض (تعاكس) Antagonize الستيروئيدات الكظرية سواء الداخلية المنشأ أم الخارجية عمل الأنسولين، بيد أن تأثيرها خفيف باستخدام الستيروئيدات المعدنية، لكن الستيروئيدات القشرية تزيد من إنتاج الغلوكوز وتقلل من أخذ الغلوكوز وتحلله داخل الأنسجة.
أما الاستعمال العلاجي بجرعات عالية من الستيروئيدات القشرية - مثل حالات الجراحة العصبية والحالات الروماتيزمية والحالات الرئوية- فقد تؤهب لحدوث سكري في بعض المرضى، أو أنها ترفع مستويات الغلوكوز في الدم للمرضى السكريين مسبقاً. وإن السكر المحدث بالستيروئيدات غالباً ما يتطلب إعطاء الأنسولين وليس خافضات السكر الفموية؛ لإعطاء مرونة في أثناء زيادة جرعة الستيروئيد التدريجية، وبالمثل فإن المرضى الذين لديهم متلازمة كوشينغ قد يتطور أيضاً لديهم داء سكري ثانوي مع مقاومة للأنسولين واضحة، وبخلاف ذلك فإن المرضى الذين لديهم قصور في غدة الكظر بسبب مرض أديسون، أو قصور الغدة النخامية، أو بسبب إيقاف إعطاء الستيروئيد المفاجئ بعد فترة طويلة من إعطائه؛ قد يكونون زائدي الحساسية للأنسولين، مما قد يؤدي إلى نوب متكررة من انخفاض سكر الدم.
هرمون النمو Growth hormone: يعاكس هرمون النمو عمل الأنسولين داخل الأنسجة. ويسبب نقص هذا الهرمون زيادة حساسية الأنسجة للأنسولين وميلاً إلى حدوث نقص سكر الدم، في حين أن زيادة هرمون النمو، كما في مرضى ضخامة النهايات قد يتطور لديهم سكري يتطلب العلاج بالأنسولين.
موانع الحمل الفموية: تنقص موانع الحمل الفموية من تحمل النشويات لكن باعتدال، في حين أن زيادة هرمون النمو تؤدي إلى زيادة الاحتياج من الأنسولين.
السكري والحمل: إن الضبط الجيد للسكري - قبل الحمل كما في أثنائه - يعدّ أمراً ضرورياً جداً، وينبغي للمرأة الحامل أن تضبط الداء السكري قبل التخطيط للحمل. وإن الرقم المستهدف للغلوكوز في الحمل يجب أن يكون محدداً ويهدف إلى الحفاظ على أرقام الخضاب الغلوكوزي في الحدود الطبيعة، أي أقل من ٥,٦.
والتوصيات الحالية للنساء اللواتي يستعملن المتفورمين وخططن للحمل والإنجاب تدعو إلى أن تكمل المرأة العلاج بالمتفورمين، وأن توقف بقية الحبوب الخافضة للسكر وتغييرها بالمتفورمين أو بالأنسولين. وليس ثمة دليل حالياً على أن بقية الحبوب الخافضة للسكر تؤدي إلى تشوهات في الأجنة، أما بالنسبة إلى بقية الأدوية المستخدمة في السكري - مثل خافضات الشحوم وأدوية ارتفاع الضغط الشرياني- فإنه يجب مراجعتها جميعاً قبل بدء الحمل أو عند اكتشاف الحمل، وأن توقف أو تبدل إلى أدوية آمنة في الحمل. وقد يحدث سكري حديث في أثناء الحمل ويتراجع السكر الحملي بعد الولادة، لكن يجب أن يؤخذ في الحسبان بأنه في أثناء الحمل قد يظهر السكري من النمط الثاني، أو كذلك السكري من النمط الأول.
ومن الأخطار التي ترافق السكري والحمل زيادة معدل الإجهاضات والتشوهات الجنينية، وإن ارتفاع سكر المرأة الحامل قد يؤدي إلى ارتفاع سكر الدم لدى الجنين مع تضخم خلايا جزر المعثكلة لدى الجنين وارتفاع وزن المولود، مما يؤدي إلى صعوبات في التوليد، وكذلك إلى نقص سكر الدم بعد الولادة لدى المولود.
ويجب ملاحظة أن بيلة الغلوكوز هي ليست مقياساً موثوقاً لسكر الدم ومستواه في الحمل؛ لأن عتبة الكلية للغلوكوز وكذلك لمادة اللاكتوز تنخفض في أثناء الحمل مع وجود سكر دم طبيعي.
تتزايد الحاجة إلى الأنسولين تدريجياً بعد الشهر الثالث من الحمل، وتبدي بعض النساء عدم تحمل واضح للنشويات مع ميل إلى ارتفاع سكر الدم بعد الوجبات، وقد يتطلب الأمر إعطاء الأنسولين بالتسريب الوريدي في أثناء المخاض، وإن إعطاء ناهضات بتا ٢ B2 Adrenoreceptor أو دكساميثازون لمنع حصول متلازمة الضائقة التنفسيةRespiratory Distress في المولود. وجدير بالذكر أن احتياج الأنسولين يقل مباشرةً بعد الولادة، وقد يبقى قليلاً في الأسابيع التالية ولاسيما مع الإرضاع.
مبادئ التدبير للعمليات الجراحية لدى مرضى السكري: تسبب العمليات الجراحية شدة كبيرة لمريض السكري، ويزداد الاحتياج إلى الأنسولين غالباً في أثناء الجراحة. ويجب أن يتم تنفيذ برنامج ضبط السكري في أثناء الجراحة بترتيب ما بين اختصاصي التخدير والطبيب المعالج وكذلك تعديل الحمية، وإن معظم المستشفيات لديها أنظمة (بروتوكولات) خاصة بذلك، وهناك العديد من التقنيات التي تؤدي إلى نتائج مرضية.
١- سكري النمط الأول:
يفيد النظام اللاحق في علاج مرضى السكري من النمط الأول، وكذلك قد يفيد في علاج المرضى من النمط الثاني المعالجين بالأنسولين، ولكن الجرعات قد تحتاج إلى التعديل إذا كانت هناك مقاومة للأنسولين؛ ومن ثم احتياج إلى كميات أكبر من الأنسولين.
الجراحات الكبرى الانتخابية: في الليلة ما قبل الجراحة يعطى المريض الجرعة المعهودة من الأنسولين.
في يوم الجراحة تحذف الجرعة الصباحية من الأنسولين تحت الجلد ويبدأ الأنسولين بالتسريب الوريدي مع المحلول الملحي نصف النظامي مع السكر ٥٪ ومع كلور البوتاسيوم بتركيز ٥.١٥٪-٠.٣٠٪. ويجب أن يتم تسريب الأنسولين من خلال مضخة بسرعة نحو وحدتين بالساعة، ويتم تعديل سرعة التسريب بحسب عيار سكر الدم، ويجب الحفاظ على مستوى سكر الدم بين ٦- ١٠ ملي مول في اللتر الواحد، وعملياً يقبل بمستوى سكر دم ما بين ٤-١٢عشر ملي مول في اللتر.
يوقف التسريب الوريدي للأنسولين بعد إعطاء الجرعة الأولى من الأنسولين السريع تحت الجلد بساعة واحدة والذي يحدث عادة بعد نهاية العمل الجراحي، وعندما يسمح للمريض بتناول الطعام حيث يتابع العلاج بالأنسولين تحت الجلد. وقد تكون الكميات المتطلبة من الأنسولين عالية، وقد تصل ما بين ١٠- ١٥ وحدة في الساعة في حال العمليات الكبرى أو الأخماج الشديدة أو استعمال الستيروئيدات الكظرية.
العمليات الصغرى أو الإجراءات الصغرى: مثال على ذلك عند خلع سن بسيط أو التنظير أو الإجراءات القصيرة التي لا ترافقها شدة؛ فإنه ليس ثمة حاجة إلى التسريب الوريدي للأنسولين عادة، فعندما يبدأ التوقف عن الطعام يجب أن تحذف جرعة الأنسولين السريع التي تعطى عادة قبل الطعام.
العمليات الجراحية الإسعافية: قد يرافق العمليات الجراحية الإسعافية حماض سكري وعندها يجب أن يتم ضبط الحماض قبل إجراء العملية الجراحية، في حين يشبه تدبير السكري في أثناء العمل الجراحي نظام تدبير السكري للعمليات الجراحية الكبرى؛ ماعدا أن الحالة قد تحتاج إلى كميات أكبر من الأنسولين
٢- السكري من النمط الثاني:
بالنسبة إلى العمليات الصغرى والإجراءات الصغرى في المرضى ذوي ضبط مسبق جيد للسكري، فإنه يكفي إيقاف خافض السكري الفموي صبيحة العملية.
الحماض الخلوني هو حالة مرضية شديدة ومهددة للحياة تنتج بسبب نقص الأنسولين مع وجود ارتفاع في سكر الدم. وغالباً ما يكون المرضى بالحماض الخلوني بحالة سيئة جداً حتى بعد إصلاح مستوى سكر الدم إلى الطبيعي ويكونون متجففين بشدة، ولذلك فإن تعويض السوائل هو أولوية كبرى، ويعطى الأنسولين ليس فقط بهدف خفض غلوكوز الدم ولكن أيضاً لكبح إنتاج الكيتون، مما يتطلب الإعطاء المتواصل من دون انقطاع لكمية معتدلة من الأنسولين.
إن إعطاء السوائل الوريدية مهم جداً؛ لأن مريض الحماض الخلوني السكري لديه نقص نحو خمسة لترات من السوائل، وعادة ما يكون التعويض بإعطاء المحلول الملحي النظامي كالآتي: لتر واحد في الساعة الأولى، يتبعه لتران في الساعة الرابعة، ثم أربعة لترات في الأربع والعشرين ساعة التالية.
يجب الانتباه إلى أن تعويض السوائل نفسه يؤدي إلى خفض غلوكوز الدم عن طريقين، أولهما التمديد؛ وكذلك استعادة حجم الدم الطبيعي الذي يفيد في إعادة التروية في العضلات الهيكلية التي هي أحد أهم الأعضاء المحتاجة إلى الأنسولين.
يجب أن يعطى الأنسولين السريع تسريباً وريدياً بالمضخة بتركيز وحدة واحدة في المليلتر من محلول الأنسولين في المصل الملحي النظامي، وعادة تكون الحاجة إلى جرعات كبيرة، ويجب أن تستمر المعالجة إلى ما بعد عودة سكر الدم إلى الطبيعي بهدف كبح تكون الكيتون. وعندما يصل سكر الدم ما بين ١٠- ١٥ ملي مول باللتر فإنه يجب البدء بتسريب محلول الدكستروز الوريدي لمنع استمرار هبوط السكر، وذلك أفضل من تخفيض جرعة الأنسولين بالتسريب، والتي قد تؤدي إلى تأخير زوال الحماض.
دور البوتاسيوم: يحدث لدى المرضى بالحماض الخلوني السكري نقص بالبوتاسيوم الكلي حتى لو كان تركيز البوتاسيوم في البلازما طبيعياً أو مرتفعاً. ويهبط مستوى بوتاسيوم البلازما عادةً هبوطاً حاداً بإعطاء السوائل الوريدية بآلية التمدد، ويقوم الأنسولين بإدخال البوتاسيوم إلى الخلايا في دقائق.
يجب التأكد من وجود صادر بولي أولاً، ثم إضافة كلور البوتاسيوم إلى اللتر الثاني وما بعده بحسب قياسات بلازما البوتاسيوم الاتي:
• بوتاسيوم البلازما أقل من ٣.٥ ملي مول باللتر فإنه يضاف بوتاسيوم ويفضل عبر قثطرة مركزية.
• بوتاسيوم البلازما بين ٣.٥ - ٥.٥ ملي مول فإنه يضاف ٤٠ ملي مول في اللتر.
• بوتاسيوم البلازما أعلى من ٥.٥ ملي مول باللتر لا يضاف البوتاسيوم.
البكربونات: لا يوصى بإعطاء البكربونات لأنها وبتناقص ظاهرياً قد تزيد الحموضة داخل الخلوية وتؤخر من انخفاض اللاكتات في الدم.
يتعرض المصاب بالحماض الخلوني لمضاعفات متعددة أهمها: نقص بوتاسيوم الدم والتهاب الرئة الاستنشاقي والصدمة والخمج والوذمة الدماغية، وإن النجاح في تفاديها يعتمد على المراقبة الحثيثة للحالة السريرية والمراقبة المخبرية.
الحماض الخلوني السوي السكر: قد يحدث نادراً الحماض الخلوني السكري مع تحليل سكر طبيعي وهذا يحصل عندما يستخدم الأنسولين بالمشاركة مع مثبطات Sodium- glucose transporter- 2 inhibitors (SGLT2 Inhibitors) خاصة، وطريقة العلاج تظل نفسها مع الانتباه لإعطاء محلول الغلوكوز مع المحلول الملحي النظامي منذ البداية لإمكان إعطاء كمية كافية من الأنسولين من دون إحداث نقص سكر.
القلاء الخلوني السكري: أيضاً يحدث نادراً بسبب الإقياءات الزائدة التي تؤدي إلى فقدان حموض المعدة، مما يؤدي إلى فقد الكلور ونقص كلور الدم.
التخلون السكري من دون حماض: يمكن للسكريين من النمط الأول الإصابة بتخلون الدم في سياق أحد الأمراض الداغلة، ويمكن معالجة هذه الحالة وتجنب الدخول بالحماض وذلك بأخذ جرعات الأنسولين، وهذا يعتمد على أن يكون المريض واعياً تماماً وليس لديه إقياء؛ وقادراً على شرب السوائل ومراقبة سكر الدم باستمرار ومراقبة مستويات كيتون الدم مع زيادة جرعات الأنسولين السريع التي تعطى كل ساعتين، وفي حال عدم زوال الكيتون واستمرار ارتفاع السكر؛ أو إذا بدأ المريض بالقياء فإنه يجب الإحالة إلى المستشفى.
السكري فلات باش Flatbush أو الحماض المحدث بالسكري النمط الثاني: غالب الحالات تم تسجليها عند أفارقة الكاريبي، ولوحظ أنه بعد علاج مكثف بالأنسولين فإنهم يتمكنون من السيطرة على المرض من دون الحاجة المستمرة إلى الأنسولين لأشهر أو سنوات.
- حالة فرط سكر الدم مفرط التناضح Hyperosmolar hyperglycemic state (HHS): تحدث رئيسياً في النمط الثاني من السكري بسبب الإدرار الحلولي المتزايد للسكر. وتتصف هذه الحالة بتجفاف شديد وأرقام سكر دم عالية جداً تتجاوز ٣٣ مليمول باللتر، وفي معظم الحالات ليس هناك حماض مع خلون سلبي، ويكون العلاج باستخدام المحلول الملحي النظامي وباستعمال نصف معدل التسريب الموصى به لمرضى الحماض الخلوني السكري وبكميات بوتاسيوم أقل مما يستخدم في الحماض الخلوني الشديد، وكذلك كمية الأنسولين المستخدمة هنا أقل مما هي عليه في الحماض الخلوني.
لا يسبب السكري فقط ارتفاع الغلوكوز بالدم، ولكنه يسبب أيضاً زيادة في الخطر القلبي الوعائي، ومعظم مرضى السكري من النمط الأول والنمط الثاني يصابون بمضاعفات وعائية للأوعية الكبيرة أو الصغيرة، ولاسيما نقص التروية القلبية واعتلال الكلية السكري.
إن العلاج المكثف لارتفاع الضغط الشرياني وارتفاع شحوم الدم إضافة إلى ضبط سكر الدم مهم جداً في المريض السكري، وعلى سبيل المثال أدى العلاج المكثف للسكري إلى إنقاص الخضاب الغلوكوزوي بنسبة ١٪، في حين كان هناك معدل نقص الوفيات المتعلقة بالسكري بنسبة ٢١٪ ونقض أمراض الأوعية الصغيرة بنسبة ٣٧٪ وذلك بحسب الدراسة الشهيرة UkPDS التي تناولت المصابين بالنمط الثاني من السكري، وأثبتت هذه الدراسة أن الضبط الجيد للسكري وللضغط الشرياني حسنت على نحو مستقل النتائج والعواقب المرضية، وكانت النتيجة الفائقة الأهمية بأن ضبط ارتفاع الضغط الشرياني - بغض النظر عن نوع دواء الضغط الشرياني - كان أكثر تأثيراً من ضبط سكر الدم في منع المضاعفات الوعائية الكبيرة، وبالمثل فإن إنقاص ارتفاع الشحوم ينقص المضاعفات القلبية الوعائية في السكري. وقد بينت إحدى الدراسات أن إضافة سمفاستاتين Simvastatin بجرعة ٤٠ ملغ يومياً إلى علاج أربعة آلاف مريض سكري أنقص المضاعفات القلبية الوعائية بنسبة الثلث تقريباً.
وأن المرضى الذين لديهم اعتلال الكلية السكري يجب أن يتلقوا مركبات حاصرات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين أو مضادات مستقبلات الأنجيوتنسين، وأن الدليل على أن الدواء الأخير ينقص من تطور القصور الكلوي مقارنة بأدوية ارتفاع الضغط الشرياني الأخرى هو قوي جداً.
وإن إضافة مركبات الإنزيم القالب للأنجيوتنسين، خاصة إلى أدوية السكري الأخرى، قد يحسن البقيا في المصابين بالسكري، إضافة إلى ذلك فإن اعتلال الكلية السكري ترافقه زيادة الأمراض الوعائية الكبرى، لذلك فإن الضبط الشديد لمستوى الشحوم وضغط الدم مهم جداً لديهم.
علاج البدانة وضبط الشهية للطعام:
إن زيادة الوزن والبدانة هي أشيع أمراض التغذية في الدول المتقدمة. وتزيد البدانة من خطر حدوث عدة أمراض مزمنة تتضمن ارتفاع الضغط الشرياني وارتفاع شحوم الدم، والسكري، والإصابات القلبية والوعائية والتنكس المفصلي.
الأشخاص الذين لديهم مشعر كتلة الجسم BMI بين ٢٥- ٣٠ غرام للمتر المربع يعدون زائدي الوزن، والذين تجاوز المشعر لديهم ٣٠ هم بالتعريف بدينون.
يتطلب تدبير البدانة عدة مقاربات تتفاوت من التثقيف الغذائي إلى تعديل نمط الحياة إلى الأدوية، وفي بعض الأحيان اللجوء إلى عمليات تكميم Bariatric المعدة أو العمليات الجراحية الأخرى.
تعمل الأدوية التي تستعمل لعلاج البدانة عامة إما موضعياً عن طريق الجهاز الهضمي بإنقاص امتصاص الأغذية؛ وإما تعمل مركزياً عن طريق إنقاص الشهية، أو تسريع الإحساس بالشبع، وحالياً هناك في بريطانيا مادة دوائية وحيدة معترف بها هي مادة أورليستات.
- أورليستات Orlistat: ترتبط هذه المادة بإنزيم اللبياز المعثكلي والمعدي مما يؤدي إلى تثبيط فعاليتها فتمنع من امتصاص نحو ٣٠٪ من الدسم المأخوذة عبر الغذاء مقارنة بـ ٥٪ تطرح في الحالات العادية. ويحدث نقص الوزن هنا بسبب نقص الوارد من الحريرات، ولكن تأثيراتها الجانبية تؤدي أيضاً إلى إنقاص تناول الطعام. ولقد أكدت الدراسات السريرية أن المرضى الذين التزموا حمية قليلة الحريرات وتناولوا مادة أورليستات خسروا ما معدله ٩- ١٠ كغ بعد عام واحد مقارنة بخسارة ٦ كلغ في أولئك الذين تناولوا الدواء الغفل Placebo.
توصي المنظمة الوطنية للصحة بأن يوصف الأورليستات فقط للأشخاص الذين مشعر كتلة الجسم لديهم يساوي ٢٨ أو أكثر مع وجود عامل خطر قلبي وعائي لديهم، أو مشعر يساوي ٣٠ أو أكثر من دون وجود خطر قلبي مرافق.
جرعة أورليستات هي ١٢٠ملغ تؤخذ مباشرة قبل الطعام أو في أثناء الطعام أو ساعة بعده مرةً إلى ثلاث مرات يومياً، وإذا كانت الوجبة لا تحتوي على الدسم يجب ألا يؤخذ الدواء. ويجب إجراء الاستشارة الطبية بعد ثلاثة أشهر بحيث يستمر العلاج في المرضى الذين خسروا ٥٪ من وزنهم بعد ثلاثة أشهر، وأيضاً تكمل في الذين خسروا أكثر من ١٠٪ من وزنهم في ستة أشهر، وعادة لا تتجاوز مدة العلاج سنة واحدة ولا يسمح بأن تتجاوز مدة العلاج سنتين.
تتضمن التأثيرات الجانبية للأورليستات الغازات والبراز الزيتي أو السائل والذي قد يؤدي أحياناً إلى آلام بطنية وشرجية وزحير برازي، ويمكن التقليل من هذه التأثيرات عن طريق تقليل الوارد من الطعام الدسم.
- ليبتين Leptin: هو هرمون مشتق من الخلية الشحمية، له بعض الأثر العلاجي في بعض المرضى المصابين بعيوب في جينات اللبتين أو مستقبلاته.
الأدوية الجديدة:
- ناهضات GLP-1: إضافة إلى إنقاص غلوكوز الدم في السكري من النمط الثاني، فإن هذه المواد تستخدم في إنقاص الوزن في المرضى غير السكريين، إذ إن مادة ليراغلوتيد liraglutide (ساكسندا Saxenda) تمت الموافقة عليها في أمريكا وفي أوربا لعلاج البدانة لدى غير السكريين.
- Lorcaserin: هو محفز انتقائي لمستقبلات ٥- هدروكسي تريبتامين 5-HT2C في منطقة الوطاء بالدماغ، وهو يزيد من الإحساس بالشبع مؤدياً إلى إنقاص تناول الطعام، وتمت الموافقة عليه في أمريكا من قبل منظمة الأغذية والدواء الأمريكية للبالغين الذين لديهم مشعر كتلة الجسم فوق ٣٠ أو مشعر فوق ٢٧ مع وجود أمراض أخرى متعلقة بالبدانة. وتُعطى هذه المادة عبر الفم، ومن تأثيراتها الجانبية الشائعة: الصداع والتهاب الطرق التنفسية العلوية والغثيان والدوخة. ومن الأدوية الجديدة: Bupropion / Naltrexone و Phentermine / Topiramate، وهما دواءان تمت موافقة منظمة الغذاء والدواء الأمريكية عليهما أيضاً؛ مع أن الدراسات السريرية عليهما ما تزال قليلة.
الداء السكري والبدانة:
تترافق البدانة مع الداء السكري من النمط الثاني، ويؤدي تنزيل الوزن إلى تحسين السكري وفي بعض الحالات النادرة يؤدي إلى شفاء السكري. وفي مقابل ذلك فإن أدوية السكري الفموية والأنسولين تؤدي إلى زيادة الوزن، وفي هذه الحلقة المعيبة من المهم التعاون والتفهم بين الطبيب والمريض. وإن الحمية والنشاط الرياضي هي خطوات مهمة جداً للأشخاص العاديين وكذلك للسكريين مع الأخذ في الحسبان تعديل أدوية السكري لتتناسب مع الحمية ومع أوقات الرياضة، فمثلاً يجب أن توقف جرعات الأنسولين لتجنب حدوث نقص سكر الدم عند ممارسة الرياضة وكذلك عند الحمية عن تناول النشويات. وإن المتفورمين وحده أو بالمشاركة مع الأدوية الأخرى مثل الأنسولين تعد جيدة في محاولة تجنب استخدام الأنسولين وتقليل جرعته.
وإن مضاهيات GLP جي إل بي - مثل ليراغلوتايد- تطرح بقوة بديلاً من الأنسولين في البدينين. وفي نهاية المطاف فإن مادة أورليستات أو عمليات الجراحة كتكميم المعدة والعمليات الأخرى قد تكون مناسبة ومفيدة لدى المرضى البدينين غير السكريين.
محمد السحلي
التصنيف :
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :اترك تعليقك
آخر أخبار الهيئة :
- صدور المجلد الثامن من موسوعة الآثار في سورية
- توصيات مجلس الإدارة
- صدور المجلد الثامن عشر من الموسوعة الطبية
- إعلان..وافق مجلس إدارة هيئة الموسوعة العربية على وقف النشر الورقي لموسوعة العلوم والتقانات، ليصبح إلكترونياً فقط. وقد باشرت الموسوعة بنشر بحوث المجلد التاسع على الموقع مع بداية شهر تشرين الثاني / أكتوبر 2023.
- الدكتورة سندس محمد سعيد الحلبي مدير عام لهيئة الموسوعة العربية تكليفاً
- دار الفكر الموزع الحصري لمنشورات هيئة الموسوعة العربية
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم ؟؟
الكل : 56531072
اليوم : 38728
المجلدات الصادرة عن الموسوعة العربية :
-
المجلد الأول
-
المجلد الثاني
-
المجلد الثالث
-
المجلد الرابع
-
المجلد الخامس
-
المجلد السادس
-
المجلد السابع
-
المجلدالثامن
-
المجلد التاسع
-
المجلد العاشر
-
المجلد الحادي عشر
-
المجلد الثاني عشر
-
المجلد الثالث عشر
-
المجلد الرابع عشر
-
المجلد الخامس عشر
-
كتاب أمراض الشيخوخة
-
المجلد السادس عشر
-
المجلد السابع عشر
-
كتاب علم المناعة
-
المجلد الثامن عشر