logo

logo

logo

logo

logo

الخراجات حول الشرج والنواسير الشرجية

خراجات حول شرج ونواسير شرجيه

perianal abscess and fistulae - abcès périanals et fistules



الخراجات حول الشرج والنواسير الشرجية

 عصام العجيلي

الجرثوميات

معالجة النواسير الشرجية في داء كرون

 

      ينظر عادة إلى الإصابة بالخراج حول الشرج والنواسير الشرجية Perianal absces and fistulas على أنهما آفة واحدة تسمى في شكلها الحاد خراجاً، وفي شكلها المزمن ناسوراً. ولفهم آلية حدوثهما وتوزعهما التشريحي يحسن أخذ فكرة موجزة عن تشريح الناحية. يتكون قاع الحوض من أسطوانتين قمعيتين تحيط إحداهما بالأخرى. تتألف الأسطوانة الداخلية من النهاية السفلية للطبقة العضلية الدائرية لجدار المستقيم التي تتسمك حذاء نهايتها لتشكل المصرة الباطنة. أما الأسطوانة الخارجية فتتكون من المصرة الظاهرة تدعمها العضلات الرافعة للشرج والعانية المستقيمية. هذه العناصر التشريحية تترك بينها مسافات يمكن للخراج أن يشغل إحداها. وتقسم هذه المسافات أفقياً إلى المسافة بين المصرتين والمسافة وحشي المصرة الظاهرة أو المسافة الوركية المستقيمة، وهذه المسافة الأخيرة تقسم أيضاً إلى المسافة فوق العضلة رافعة الشرج والمسافة تحتها.

الشكل (1) صورة تشريحية تظهر القناة الشرجية والمصرتين الظاهرة والباطنة. وأخرى تظهر شقاً شرجياً قد يكون مدخلاً جرثومياً يؤدي إلى حدوث الخراجات والنواسير

 

يمكن لأي خراج في إحدى هذه المسافات أن يكون وحيد الجانب أيسر الخط المتوسط أو أيمنه، أو أن يكون ثنائي الجانب محيطاً بالقناة الشرجية عبر الخط المتوسط مشكلاً ما يسمى بالخراج بشكل نعل الفرس.

تحوي القناة الشرجية الغدد الخبيئية التي تصب قنواتها في فتحات متوضعة حذاء الخط المسنن. يبدأ الخمج عادة في هذه الغدد بعد انسداد قنواتها إما بجسم أجنبي أو كتلة برازية أو بسبب رضي. وبعد تشكل القيح يأخذ بالانتشار نحو إحدى المسافات السابقة حيث يتظاهر بأعراضه المعروفة.

الأعراض والتشخيص

في المرحلة الحادة يشكو المريض موضعياً من عرضين رئيسيين هما الألم والانتباج في ناحية الشرج، ومن أعراض عامة كالحرارة وما يرافقها من توعك ونقص شهية وعرواءات. يزداد الألم عند الجلوس والحركة والسعال والعطاس. قد يشكو المريض من نوب إسهال أو خروج مفرزات قيحية أو قيحية دموية عن طريق الشرج.

أما في المرحلة المزمنة: فيذكر المريض قصة خراج حول الشرج انبثق عفوياً أو شق جراحياً واندمل، لكن فوهته ظلت تنز على نحو مستمر أو متقطع. قد يتصاحب وجود فوهة الناسور هذه والنز المستمر بحكة أو ألم في أثناء التغوط أو بنزف قليل الكمية.

الفحص الفيزيائي

في المرحلة الحادة تلاحظ علامات الخراج المعروفة وهي الألم والانتباح والاحمرار والحرارة الموضعية، يضاف إليها في مرحلة متقدمة التموج وهو علامة يجب عدم انتظارها حتى وضع التشخيص لتأخر ظهورها في هذه الناحية، كما قد يغيب الانتباج في ناحية العجان إذا كان الخراج عميقاً، وفي هذه الحالة يشعر به المريض بالمس الشرجي الذي يكون شديد الإيلام. وقد يكون متعذراً مما يتوجب معه إجراؤه تحت التخدير العام. وقد تكشف بفحص البطن علامات تخرش صفاقي في الخراجات العميقة التي تلامس قاع الحوض.

أما في المرحلة المزمنة فتشاهد بالفحص الفوهة الخارجية وسط ارتفاع خفيف ومحاط بقليل من النسيج الحبيبي. يسيل من هذه الفوهة نز قيحي أو قيحي دموي. ومن المفيد لدى الفحص تعيين مكان الفوهة وعددها وبعدها عن فوهة الشرج.

بجس الجلد: يشعر أحياناً بحبل قاس تحت الجلد يمثل المجرى الليفي للناسور.

وبالمس الشرجي: قد يشعر من خلال الغشاء المخاطي بهذا المجرى الليفي كما قد يشعر بالفوهة الداخلية أو ببروز. كما يمكن سبر مجرى الناسور بوساطة مسبار خاص يدخل في الفوهة الظاهرة ويوجه بلطف نحو الباطنة، وقد يستعان لكشف هذه الفوهة بحقن مادة ملونة كزرقة الميتلين أو الهواء. كما يفيد تنظير الشرج والمستقيم في تعيين مكان الفوهة الباطنة وفي معرفة حالة الغشاء المخاطي والكشف عن أي آفة مرافقة أو مسببة كداء كرون مثلاً.

الشكل (2) ناسور حول الشرج متشعب يمر عبر المصرة

 

الدراسة الشعاعية: قليلة الفائدة وتستطب لدى بعض المرضى المصابين بنواسير عميقة متعرجة. وتجري بحقن مادة ظليلة ضمن مجرى الناسور لرسمه، كما يستعان أحياناً بالحقنة الباريتية في الحالات التالية:

- عند وجود أعراض معوية تشير إلى مرض مسبب أو مرافق.

- في حال النكس المتكرر.

الجرثوميات

إن زرع مفرزات الناسور وكشف العامل الجرثومي قليل الفائدة في تدبير هذه الحالة لأن العلاج أولاً وأخيراً هو الجراحة. أما بالنسبة إلى الصادات فهي غير فعالة إلا في المرحلة الحادة ودورها قليل وغير مهم في الحالات المزمنة، ولكن إعطاءها يصبح ضرورة لدى السكريين والرثويين والمصابين بالأدواء الصمامية في القلب لحمايتهم من التهاب الشغاف الجرثومي وكذلك في المضعفين مناعياً.

المعالجة

وهي في المرحلة الحادة كمعالجة أي خراج في أي مكان من البدن؛ أي التفجير ومبكراً حتى قبل ظهور التموج خوفاً من امتداد الخمج إلى مسافات خلوية أخرى، ولاسيما أن علامة التموج تتأخر بالظهور وخاصة في التوضعات العميقة.

يتم التفجير إما عبر الغشاء المخاطي للمستقيم أو عبر الجلد وذلك حسب التوضع التشريحي للخراج ومكانه نسبة إلى العضلات الرافعة للشرج، وقد يستوجب الأمر خزع المصرة الباطنة في الخراجات بين المصرتين. أما في الخراجات بشكل نعل الفرس فيجب إجراء أكثر من شق بحسب الشكل التشريحي للخراج.

من الأمور التي هي موضع النقاش هو ما إذا كان من المستحسن استئصال الناسور في المرحلة الحادة أم يكتفى بالتفجير ويترك أمر الاستئصال إلى مرحلة متأخرة بعد أن تخف الوذمة وتهدأ الحالة الالتهابية؟. يبدو أن أكثر الجراحين يميلون إلى الحل الثاني ولاسيما أن عدداً من المرضى- قد يصل إلى الثلث أو حتى الثلثين - قد لا يحتاج إلى هذه المرحلة الثانية ويتم الشفاء بعد العمل الأول فقط.

وفي الحالة السريرية الخاصة من خراجات حول الشرج والتي تسمى بالتهاب النسج الرخوة النخري ومنها يمتد الخمج إلى مسافات واسعة وبسرعة؛ فإن المعالجة تكون بإجراء شقوق واسعة مبكرة مع تنضير واسع ومتكرر للأنسجة المتموتة، وبالمعالجة بالصادات الواسعة الطيف بمقادير عالية.

أما في المرضى المصابين بابيضاض الدم مع خراج حول الشرج فإن الإنذار سيئ بسبب المقاومة المتدنية وتأخر الاندمال خاصة إذا كانت المحببات أقل من ألف في الميلمتر المكعب، كما أن شق الخراج وتفجيره في هذه الفئة الأخيرة لا يحسن الحالة العامة.

أما معالجة الحالات المزمنة أي معالجة الناسور حول الشرج فهي دوماً جراحية؛ لأن الاندمال العفوي نادر جداً؛ ولأن النواسير المهملة تتعرض للاحتباس ولتكرر الهجمات الحادة إضافة إلى نسبة ضئيلة من تسرطن مجرى الناسور.

إن الهدف من المعالجة هو شفاء الناسور مع أقل نسبة من النكس وأقل نسبة من اضطرابات التغوط، وفي أقصر مدة زمنية ممكنة. وللوصول إلى ذلك يجب تعيين الفوهة الباطنة وتحديد مجرى الناسور جيداً، ثم تحديد علاقة هذا المجرى برافعات الشرج والعمل على قطع أقل ما يمكن من العضلات التي تشترك في الآلية المصرية. وقبل إجراء العمل الجراحي يجب تحديد درجة استمساك المصرة الشرجية وتحذير المريض وإعلامه؛ لأن جراحة النواسير الشرجية ذات سمعة سيئة بسبب العقابيل المحتملة بعد العمل الجراحي.

معالجة النواسير الشرجية في داء كرون:

هذه النواسير غالباً ما تكون شديدة التشعب عميقة المجرى وتصيب المصرة وتخترقها بدرجات مختلفة، كما قد تكون متعددة. يجب الانتباه إلى أن هؤلاء المرضى لديهم استعداد لتأخر الاندمال وخاصة إذا كانت جروحهم واسعة، كما أن هذه النواسير بسبب صفاتها السابقة الذكر، كثيراً ما تعرض أصحابها إلى عدم استمساك الغائط أو إلى نقص فيه. وفي النواسير المتعددة أو البعيدة عن الشرج والتي تخترق المصرة عالياً قد يكون بتر المستقيم وإجراء شرج مضاد للطبيعة هو الحل الأمثل.

ولابد من القول: إن المصابين بداء كرون قد يصابون كباقي الناس بناسور حول الشرج لا علاقة له بالداء، يجب أن يعالج في هذه الحالة المعالجة الاعتيادية.

قد يصاب المرضى في عواقب العمل الجراحي ببعض المضاعفات أهمها احتباس البول المؤقت والنزف وهجمة بواسير حادة وخثرات باسورية وعدم استمساك الغائط والتهاب النسيج الخلوي المنتشر والمنخر، والنكس.

إن الهاجسين المهمين في جراحة النواسير الشرجية هما: النكس وعدم الاستمساك. ولابد من التذكير أن المبالغة في الاستئصال تعطي ضمانة أكبر ضد النكس لكنها تترافق بنسبة أعلى من عدم الاستمساك والعكس صحيح أيضاً.

 

 

علينا أن نتذكر

> التشخيص الباكر للخراجات حول الشرج وخاصة العميقة منها قد لايكون ممكناً إلا بالمس الشرجي الذي يكون عادة شديد الإيلام.

> بعد شق الخراج حول الشرج أو انفجاره العفوي ينقلب غالباً إلى مجرى ناسوري يحتاج إلى العمل الجراحي لاحقاً لاستئصاله، أما الشفاء العفوي فهو قليل المصادفة.

> السبب الرئيس في نكس النواسير الشرجية هو عدم التمكن من استقصاء  مجرى الناسور وتحديده كاملاً، وبقاء قسم منه أو شعبة منه.

> النواسير التي تمر عبر العضلة رافعة الشرج تطرح مشكلة في علاجها وقد تحتاج إلى إجراء العمل الجراحي في عدة أزمنة.

> في النواسير الناكسة يساعد تصوير مجرى الناسور الظليل المشرك بالتصوير المقطعي المحوسب على وضع خطة العلاج.

> تزداد صعوبة العمليات وإنذارها في حال النكس وتزداد أكثر في النكس المتكرر. لذا يستحسن تحديد مجرى الناسور والتعامل معه منذ المحاولة الأولى.

 

 


التصنيف : أمراض الشرج والمستقيم
النوع : أمراض الشرج والمستقيم
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 331
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 477
الكل : 31186178
اليوم : 11335