logo

logo

logo

logo

logo

أثر جوزيفسون

اثر جوزيفسون

Josephson effect - Effet Josephson



أثر جوزيفسون

 الناقلية الفائقة وأثر النفق

تطبيقات أثر جوزيفسون

 

أثر جوزيفسون Josephson Effect هو ظاهرة جهرية لمفعول كوانتي (كمومي) تحدث بين ناقلين فائقين يفصل بينهما عازل.

الناقلية الفائقة وأثر النفق

اكتشف الهولندي أونيس Kamerlingh Onnes ظاهرة الناقلية الفائقة عام 1911 عند دراسته للمقاومة الكهربائية للمعادن في درجات حرارة قرّية cryogenic منخفضة، فوجد أنها تنعدم عند درجة حرارة معينة أطلق عليها اسم درجة الحرارة الحرجة  (Tc)ء  critical temperature؛ أي إنه يمكن مرور تيار كهربائي من دون تبديد للطاقة في المادة.

تمتاز المواد ذات الناقلية الفائقة أيضاً بخاصية مهمة هي القدرة على إقصاء التدفق المغنطيسي من معظم حجمها عند تبريدها إلى ما دون درجة الحرارة الحرجة الخاصة بها بوجود حقل مغنطيسي مُطبَّق عليها. تُعرَف هذه الحادثة بأثر مايسنر- أوشنفيلد Meissner-Ochsenfeld effect تيمناً بالعالمين اللذين اكتشفاها عام 1933، حيث يبدي الناقل الفائق عندها حالة مغنطيسية معاكسة diamagnetism  تامة؛ وذلك خلافاً للمعدن المثالي الذي لا يتمتع بالمزية الأخيرة. يُعزى سبب هذه الحالة إلى نشوء تيارات كهربائية متحرضة في سطح الناقل الفائق تؤدي إلى توليد حقل مغنطيسي يساوي الحقل المطبق في الشدة ويعاكسه في الإشارة على نحو يدع كامل حجم المادة خالياً تماماً من الحقل المغنطيسي، غير أن هذا يصح حتى قيمة معينة للحقل المغنطيسي؛ إذ تتحول بعدها إلى حالة عادية مقاومة، تسمى هذه القيمة الحقل الحرج Hc، ويتغير الحقل الحرج اللازم مع تغير درجة الحرارة أيضاً، ونظراً لارتباط أثر مايسنر- أوشنفيلد بالتيار السطحي فإنه يوجد أيضاً تيار حرج Ic.

يتضح مما سبق وجود ثلاثة عوامل مرتبطة فيما بينها تسهم في تحديد ما صار يُدعى الحالة الفائقة لمثل هذه المواد؛ التي فسّرت بازدواج pairing الإلكترونات لتشكل أزواجاً في الشبكة البلورية للمادة (اقتران BCS  للإلكترونات نسبة إلى العلماء باردين وكوبر وشرايفر Bardeen, Cooper, Schrieffer ) بمساعدة الفونونات وهي: درجة الحرارة، الحقل المغنطيسي وكثافة التيار الكهربائي.

تُصنف النواقل الفائقة التقليدية (التي يستخدم الهيليوم السائل في تبريدها) في نوعين: النمط I والنمط II؛ ويكون للأول حقل حرج أدنى  تزول بتخطيه الناقلية الفائقة للمركب، في حين يتميز الثاني باحتفاظه بالمقاومية المعدومة، بيد أن الحقل المغنطيسي  يخترقه حتى الوصول إلى قيمة تزول بعدها المقاومية الكهربائية والمغنطيسية المعاكسة؛ أي يتحول إلى حالة عادية، والحقل الحرج الثاني  أعلى من الأول، بيد أن ثمة مجالاً محدداً بـ   توجد فيه حالة مختلطة mixed state (تسمح المادة بولوج دوامات vortices التدفق المغنطيسي فيها) تنشأ من أجل  وتتميز بوجود مشترك لمناطق عادية  normal تختلط على نطاق مجهري microscopic  بأخرى ذات ناقلية فائقة. من ناحية أخرى قدّمت نظرية غينزبرغ- لانداو Ginzburg-Landau تعريفاً رياضياً بسيطاً لهذين النمطين بفرض الوسيط  الذي1 يعطى بالعلاقة (1) :

 

(1)

حيث و عاملان يحددان مدى اختراق  penetration depth الحقل المغنطيسي للمادة، وطول ترابط coherence length   الأزواج الإلكترونية (أزواج Cooper) على التوالي. فمن أجل كون الناقل الفائق من النمط I حيث يبدي ظاهرة مايسنر- أوشنفيلد على نحو عادي. أما عند كون يكون الناقل الفائق من النمط II حيث يخترقه تدفق مغنطيسي مكمَّم بوحدات من كم التدفق flux quantum  (حيث h هو ثابت بلانك و e شحنة الإلكترون) من أجل حقل أكبر من تدوم حالة دوامات التدفق هذه مادام الحقل المطبق أصغر من الحقل الحرج الأعلى .من الجدير بالذكر أن ثمة طائفة من المواد المركَّبة الخزفية تبدي ناقلية فائقة في درجة حرارة أعلى من درجة غليان الآزوت السائل 77 كلفن؛ دُعيت باسم النواقل الفائقة ذات درجة الحرارة الحرجة العالية ء(HTSC) ء   تمييزاً لها من تلك التي تُظهِر النقل الفائق في درجة حرارة الهيليوم السائل، وقد كان العالمان موللر وبدنورز Bednorz و Müller أول من توصل إلى هذه المواد عام 1987، مما فتح آفاقاً جديدة  لتطبيقات النواقل الفائقة في شتى المناحي التقنية.

أدى التفسير الكمومي لحالة الناقلية الكهربائية إلى التساؤل عن الآثار الكمومية الأخرى، ومنها أثر النفق tunnel effect؛ إذ تمر الإلكترونات بين طرفي مادتين (معدنين مثلاً) تفصلهما طبقة عازلة رقيقة تكوّن حاجزاً كهربائياً بآلية غير تقليدية بسبب السلوك الموجي للإلكترونات؛ وعلى نحو لا تسمح قوانين الميكانيك التقليدي بها عادة. يرتبط ارتفاع الحاجز بقوة اقتران أزواج الإلكترونات التي يُعبر عنها بوجود ثغرة طاقة في الناقل الفائق وتقاس عادة عند درجة حرارة الصفر المطلق، وقد كان لهذا الأثر وقع مهم في الناقلية الفائقة أدى إلى اكتشاف ما يدعى أثر جوزيفسون.

أثر جوزيفسون 

عندما يفصل عازل رقيق -تناهز سماكته المسار الحر الوسطي للإلكترون- بين معدنين تتشكل وصلة junction.  ولما كانت قوانين النظرية الكوانتية تقضي بوجود احتمال محدَّد لمرور إلكترون من أحد المعدنين ودخوله إلى الآخر عبر الوصلة فيما يدعى أثر النفق -وهذا يتطلب وجود سويات إلكترونية شاغرة بحيث تعبر الإلكترونات وتشغلها عندئذ- فإن تياراً كهربائياً صغيراً يمر عبرها. تزود قياسات أثر النفق الباحثين بمعطيات كمية دقيقة عن ثغرة الطاقة (ة(energy gap الحاجز الطاقي)  واعتمادها على درجة الحرارة في المادة المدروسة. وقد جرى تطبيق تقنية القياس هذه بنجاح لدراسة النواقل الفائقة التقليدية وذات درجة الحرارة المرتفعة، وكان غييڤر Giaever من الرواد الأوائل الذين عملوا على استقصاء العبور النفقي الإلكتروني تجريبياً عام 1961 وشارك إيساكي Esaki في جائزة نوبل عام 1973، والذي كان قد عمل على دراسة أثر النفق في أنصاف النواقل. وقد توصل غييڤر من دراسته هذه إلى علاقة (2) بسيطة تربط بين الجهد على طرفي الحاجز العازل  من جهة وشحنة الإلكترون e وثغرة الطاقة للناقل الفائق  من جهة أخرى، وهي:

 

(2)
 : الشكل (1) : أنواع وصلات جوزيفسون وفقاً لتشكيلها الهندسي
( أ )
وصلة ذات تماس نقطي point contact  (ب) وصلة جسر دقيق micro bridge (ج) وصلة متطبقة layerd  مع الرمز الكهربائي لها .

من ناحية أخرى تنبأ بريان جوزيفسون Brian Josephson في عام 1962 أنه عند وضع ناقلين فائقين مفصولين بعضهما عن بعض بعازل ذي سماكة رقيقة تناهز طول ترابط أزواج كوبر (10-100أنغستروم)؛ فإن تياراً كهربائياً ينشأ ويستمر بالجريان بين الناقلين من دون تطبيق فرق كمون بينهما. يُدعى هذا النمط من تشكيل الناقلين وصلة جوزيفسون  Josephson junction، كما أُطلق على ظاهرة مرور التيار بآلية النفق فيها اسم أثر جوزيفسون. وعليه تتكون وصلة جوزيفسون من ناقل فائق- عازل- ناقل فائق، ويمكن تشكيلها وفق بنى structures متعددة تعتمد على الوضع الهندسي للمادتين الفائقتي الناقلية بالنسبة إلى العازل الذي يفصلهما

 ( الشكل 1 )

يقترن الناقلان الفائقان بعضهما ببعض في الوصلة بما يسمى عموماً الارتباط الضعيف weak link الذي يعني اقتران كُثافتي condensates النقل الفائق لهما على نحو ضعيف عبر العازل الرقيق، بحيث ينتج من ذلك أيضاً تداخل لكلتا الدالتين الموجيتين wavefunction. إذاً تسلك الوصلة سلوك حاجز كموني حيث تستطيع أزواج كوبر المترابطة coherent فقط اكتساب طاقة حركية أكبر من حاجز الكمون كي تعبر بآلية النفق إلى الناحية الأخرى للوصلة؛ وأن يتشكل تيار كهربائي فائق supercurrent. لذلك يُعد أثر جوزيفسون أحد الظواهر المهمة التي تجسد دينامية ميكانيكية كوانتية مترابطة لأزواج الشحنة الكهربائية على الصعيد الجهري macroscopic التي تظهر في وصلة الارتباط الضعيف(وصلة جوزيفسون )

هناك نمطان مميَزان من أثر جوزيفسون:

1- أثر جوزيفسون المستمر: يجري تيار فائق متغير بشكل جيبي من دون أن يعاني التبديد في غياب جهد مطبق على طرفي الوصلة، ويعطى بالعلاقة التالية

(3)

حيث  هو التيار الحرج للوصلة الذي يعتمد على درجة الحرارة، و هو الفرق بين طوري التابعين الموجيين  للناقلين المقترنين المشكلين للوصلة. يدوم جريان التيار الفائق في الوصلة مادام باقياً من دون قيمة التيار الحرج عند جهد معدوم لثغرة الطاقة، وعند تجاوز هذه القيمة ينشأ جهد ضمن ثغرة الطاقة ويبدأ آنئذ جريان تيار عادي (غير فائق) مميز لأشباه الجسيماتquasiparticles(   أزواج كوبر). يكون تيار أشباه الجسيمات في البداية ذا قيمة صغيرة عند قيم منخفضة لجهد ثغرة الطاقة، لكنه يزداد مع الوصول إلى جهد العتبة  ؛ أي عندما يزداد تيار النفق العادي على نحو متسارع. يُستفاد من هذه العلاقة اللاخطية بين تيار الثغرة والجهد المستمر المطبق في تطبيقات مفيدة عديدة.

2 - أثر جوزيفسون المتناوب: تتحقق في الحالة المتناوبة لأثر جوزيفسون المعادلة التالية:

 

(4)

 

حيث   ثابت بلانك المختزل. تبين هذه العلاقة أنه عند وجود جهد مستمر  مطبق (بضع وحدات من النانوڤولت) على طرفي الوصلة؛ فإن تياراً متناوباً فائق الناقلية يتولد عندئذ وبتردد  يقع في مجال الأمواج الميكروية ويعطى بالعلاقة التالية :

 

(5)

حيث (ڤيبر)  هو كم التدفق المغنطيسي. كذلك يترافق نشوء هذا التيار مع إصدار فوتونات ذات طاقة ذلك لموازنة الجريان غير المبدِّد للأزواج الإلكترونية عبر الوصلة. كذلك تعطي مكاملة المعادلة (4) من أجل جهد ثابت علاقة الطور التالية:

 

(6)

حيث  هي قيمة الطور عند زمن t=o. من خلال المعادلة (6) يمكن ملاحظة ازدياد فرق الطور خطياً مع الزمن، حيث يكون بالإمكان إعادة صياغة المعادلة (3) على النحو الآتي:

 

(7)

 

وتشمل هذه المعادلة كلاً من أثري جوزيفسون: المستمر والمتناوب، وتسمح استجابة الوصلة المذهلة لكم التدفق الوحيد بالاستفادة منها في محسّات sensors الحقول المغنطيسية الضعيفة (10-14 تسلا) ولاسيما عندما يجري قصرها بحلقة ذات ناقلية فائقة لتشكيل ما يدعى السكويد (SQUID)د superconducting quantum interference device ، وهو جهاز التداخل الكوانتي الفائق الناقلية.

تطبيقات أثر جوزيفسون

لأثر جوزيفسون تطبيقات عديدة منها أجهزة السكويد، وهي مقاييس حساسة جداً للحقول المغنطيسية الضعيفة التي تستخدم على نطاق واسع على صعيد العلوم الأساسية والهندسة. كذلك يستفاد من أثر جوزيفسون في علم المقاييس metrology من خلال تحديد الجهد وتعريفه بدقة واستخدامه في عملية التحويل من تردد إلى جهد وبالعكس. تحتاج وصلة جوزيفسون إلى تغذية صغيرة جداً ( بضع وحدات من النانوڤولت) في عملها وتتمتع بضجيج منخفض وسرعة استجابة مرتفعة مما يؤهلها للاستعمال مرشِّحاً قوياً في الدارات الإلكترونية ككواشف للأمواج الميكروية والمذبذبات ذات الترددات العالية والمازجات. فضلاً عن ذلك إن وصلات جوزيفسون واعدة في تطبيقات الحاسوب الرقمية كبوابات منطقية وكريوتروناتcryotrons (الكريوترون هو أداة تبديل switch يعمل بتيار فائق الناقلية). كما أن تشكيل وصلة جوزيفسون كترانزستور حقلي JJ-FET يمكّن أيضاً من الحصول على سرعة عالية في معالجة المعطيات الرقمية وتخزينها، وبالتالي يمكن الوصول إلى سرعة في المعالجات الرقمية تصل إلى مرتبة تقدّر بـ Petaflop ( ألف تريليون نقطة عائمة في كل ثانية). كذلك يُستفاد من عمل وصلات جوزيفسون -ولاسيما السكويدات- في الحوسبة الكوانتية quantum computation؛ وتبادل المعطيات عن طريق التعمية الكوانتية quantum cryptography باستخدام مفاهيم التراكب superposition والتشابك entanglement واللامحليّة  non-locality، ما يجعل تشغيل الحواسيب على نحو متوازٍ واقعاً حقيقياً.       

 

سمير خواجة

 

 

مراجع  للاستزادة:

- A. Barone and G. Paterno, Physics and Applications of the Josephson Effect, Wiley & Sons, USA, 1982.

 - J. D. Doss, Engineer’s Guide to High-Temperature Superconductivity, Wiley & Sons, Inc., USA, 1989.

- S. Al-Khawaja, Time Dependent Phenomena in SQUID Ring Circuits, Ph.D. Thesis, University of Sussex Press, 1999.

- M. Nakahara and T. Ohmi, Quantum Computing from Linear Algebra to Physical Realizations, CRC Press, 2008.

- D. R. Tilley, Superfluidity and Superconductivity, IOP Publishing, London, 1990.

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 217
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 585
الكل : 31287493
اليوم : 35681