logo

logo

logo

logo

logo

التداخل الراديوي (قياس-)

تداخل راديوي (قياس)

Radio interferometry -

 التداخل الراديوي

التداخل الراديوي (قياس ـ)

مبدأ العمل مقاييس التداخل ذات الخط القاعدي الطويل جداً
مقياس التداخل الراديوي ذو العنصرين قياس التداخل عند الأطوال الموجية الميليمترية
صفيفات مقاييس التداخل وتركيب الفتحة الدراسات الحديثة
 

قياس التداخل الراديوي radio interferometryو المقياسية التداخلية الراديوية) هو طريقة تُستخدم لدراسة خواص موجتين مترابطتين coherent (أو أكثر)؛ بوساطة دراسة أهداب التداخل fringes الناتجة من تراكب هاتين الموجتين، وهذا يساعد على تفسير هذه الأمواج قبل تداخلها وتشخيصها. ويسمى الجهاز الذي يستخدم في عملية القياس مقياس التداخل interferometer. ويُعدّ هذا المقياس من الأجهزة المهمّة المستخدمة في علم الفلك ودراسة الأجرام السماوية ونشأتها؛ إذ تصدر الأجرام السماوية جميع الأطياف الكهرطيسية (الشكل 1) المرئية منها وغير المرئية.

الشكل (1) الطيف الكهرطيسي.

مبدأ العمل

يحدِّد المَيْز الزاوي (مقدرةُ الفصل الزاويِّة) angular resolution تفصيلاتِ الصورة المأخوذة بوساطة المرصد، ويعبِّر عن مدى قدرته على التمييز بين جسمين متجاورين في الفضاء، ويقاس بواحدة تدعى الثانية القوسية arcsecond اعتماداً على العلاقة (1)، علماً أن الدرجة القوسية تساوي 60 دقيقة قوسية أي 3600 ثانية قوسية. ويمكن التعبير عن زوايا أصغر باستخدام البادئات المترية، وعلى الأخص الميلي ثانية قوسية milliarcsecond (mas) المستخدمة في علم الفلك.

حيث طول موجة الضوء وD قطر الهوائي المستقبل.

أي إن المَيْز يتحسن بزيادة قطر الهوائي D وصِغَر طول الموجة الملتقطة . وتكافئُ هذه القيمةُ عرضَ حزمة الإشعاع الأساسي (الفص الأساسي) للهوائي المستخدم في المرصد. ويبيّن الشكل (2) مقدرة الفصل لهوائي قطره 25 م عند التردد 1 غيغاهرتز.

الشكل (2) استجابة هوائي بقطر 25 متراً عند تردد 1 غيغاهرتز.

ولما كان طول الأمواج الراديوية أكبر من طول الأمواج المرئية بآلاف المرات؛ فللحصول على مَيْز مماثل لمَيْز المراصد البصرية ثمة حاجة إلى هوائيات عملاقة لا يمكن تنفيذها عمليّاً. فمثلاً يتطلب الحصول على مَيْز 1 ثانية قوسية هوائياً قطره 12 كيلومتراً (الجدول 1)، في حين أن هوائياً بقطر 100 متر يحقق ميْزاً قدره دقيقتان زاويتان فقط، الشكل (3).

الجدول (1) قيم أقطار المراصد اللازمة لتحقيق الميْز الزاوي لعدة أطوال موجية مرئية وراديوية.

5 m

D=20 km

D=1200 km

50 cm

D=2 km

D=120 km

5 cm

D=200 m

D=12 km

500 nm

D=2 mm

D=12 cm

D=120 m

يبيّن الشكل (3) مقارنة بين ميْز كل من المسبار هبل Hubble، والعين البشرية، ومقراب إيفلسبرغ Effelsberg في ألمانيا؛ وهو ثاني أكبر المقاريب الراديوية القابلة للتوجيه steerable كلياً في العالم.

الشكل (3) مقارنة بين ميْز عدة أجهزة.

وبدلاً من بناء هوائي عملاق غير قابل للتنفيذ عملياً يمكن استخدام مبدأ قياس التداخل، وفيه يقوم الهوائيان المشكِّلان لمقياس التداخل باستقبال الموجات الراديوية الصادرة عن الجرم الفلكي ذاته، وتُجمع الموجات المستقبلة بوساطة منظومة استقبال مشتركة. وتكافئ هذه المنظومة في عملها هوائياً عملاقاً يماثل قطره طول الخط القاعدي (المسافة القاعدية) baseline الفاصل ما بين الهوائيين (الشكل 4)، فيسمح ذلك بزيادة الميْز ليصل إلى بضع ميلي ثانية قوسية.

الشكل (4) التكافؤ بين مقياس تداخل راديوي ذي هوائيين وهوائي عملاق غير قابل للتنفيذ.

مقياس التداخل الراديوي ذو العنصرين

اكتشف العالم مارتن ريل Martin Ryle في عام 1950 حدوث فرق مسار بين المنبع الراديوي وبين الهوائيين المشكِّلين لمقياس التداخل الراديوي نتيجةً لدوران الأرض حول محورها، وهذا يؤدي إلى تشكل أهداب تداخل بطريقة مشابهة لما يحدث في مقياس التداخل البصري، كما هو مبيّن في الشكل (5)، حيث ينتُج تداخلٌ بنَّاء عند توافق طورَي الموجتين؛ وتداخلٌ هدَّام عند تعاكسهما. ويجري تحديد موقع الجرم المُصدِر للإشعاع الراديوي بتحليل إشارة خرج مقياس التداخل ومعالجتها؛ والتي تعبّر بمنحى أو بآخر عن مُرَكِّبة فورييه Fourier component لتوزع نصوع brightness الجرم الكوني.

الشكل (5) أهداب التداخل وعلاقتها بطول الخط القاعدي.

تزداد دقة القياس مع ازدياد طول الخط القاعدي، وكلَّما كان طول موجة الأشعة الملتقطة أكبر أمكن تحديد تغير فرق طورها بدقة أكثر، ولهذا السبب جرى استخدام الموجات الراديوية الطويلة في بدايات استخدام مقياس التداخل الراديوي.

يبيّن الشكل (6-أ) مخططاً توضيحياً لمقياس تداخل راديوي ذي عنصرين (هوائيين) two elements radio interferometer. وللتبسيط يمكن عدّ الإشارة المستقبلة مستقرة زمنياً وذات تردد وحيد، بحيث يمكن التعبير عن الفرق في مسار الإشارة إلى الهوائيين بفرق طور وحيد (الشكل 6-ب).

الشكل (6) مخطط لمبدأ عمل مقياس التداخل الراديوي ذي العنصرين.

وبحساب الترابط correlation بين الإشارَتين المستقبَلتين يمكن الحصول على مطال الإصدار الموجي للمنبع المطلوب دراسته وحساب طوره.

تُعطى إشارتا دخل الهوائيين و بالعلاقتين (2) و (3) على الترتيب.

وفيها يمثل التأخير الزمني الناجم عن فرق الطور، وB طول الخط القاعدي، وC سرعة الضوء في الفراغ.

وبإجراء عملية الترابط التي يجري فيها ضربٌ وتكامل يجري الحصول على إشارة الخرج وفق العلاقة (4).

وفي حالة هوائيين متماثلين يكون ، وتُختزل العلاقة (4) إلى العلاقة (5).

يتناسب خرج عملية الترابط بين الإشارتين مباشرة مع كثافة الاستطاعة الطيفية للمنبع المُصدر للإشعاع الراديوي. وحيث إن طور أهداب التداخل يُعطى بالعلاقة (6):

يمكن كتابة تغير الطور بالنسبة إلى بالعلاقة (7).

يتبيّن أنَّ طور أهداب التداخل يتحسس كثيراً لموقع الإصدار الراديوي؛ لأن قيمة B تكون كبيرة جداً مقارنة بـطول الموجة ، وهي من رتبة آلاف الكيلومترات في حالة صفيفة من الهوائيات ذات الخط القاعدي الطويل جداً Very Long Baseline Array (VLBA)، وتتألف أكبر هذه المنظومات من عشرة مقاريب راديوية يبلغ قطر كل منها 25 متراً، وتمتد على مسافة تزيد على ثمانية آلاف كيلومتر، وتُشغّل من بعد من قاعدة في نيو مكسيكو New Mexico.

صفيفات مقاييس التداخل وتركيب الفتحة

للحصول على صور ذات دقة عالية باستخدام مقياس التداخل ثمة حاجة إلى تغيير المسافة بين الهوائيين المشكِّلين للمقياس، أو استخدام أكثر من زوج واحد من الهوائيات؛ لذا يُشكّل العديد من مقاييس التداخل باستخدام مجموعة من الهوائيات المتباعدة فيما بينها لتشكيل صفيفات مقاييس تداخل ذات خطوط قاعدية مختلفة (الشكل 7)، وتُوزع الهوائيات على ثلاثة محاور لزيادة الدقة في جميع الاتجاهات؛ إذ ينجم عن توزيع هذه الهوائيات على نسق واحد زيادة الدقة باتجاه واحد فقط. وتُجمع الإشارات الملتقطة من الهوائيات وتُعالج للحصول على خريطة أو صورة عالية الدقة للمنبع المصدر، وتزداد هذه الدقة بازدياد عدد الهوائيات المستخدمة. ويبلغ عدد الخطوط القاعدية التي يمكن تشكيلها من N هوائيّاً خطاً قاعدياً، وهي تماثل عدد القياسات التي يمكن إجراؤها.

الشكل (7) مقياس تداخل ذو أربعة هوائيات.

فعلى سبيل المثال يُلاحظ أنه يمكن الحصول على ستة خطوط قاعدية باستخدام أربعة هوائيات، ومن ثمَّ إجراء ستة قياسات مختلفة كما هو مبيّن في الشكل (8).

الشكل (8) إشارات خرج صفيفات مقياس تداخل ذي أربعة هوائيات.

وقد تمكّن العلماء باستخدام تقنية تركيب الفتحة aperture synthesis من رسم صورة (خريطة) للسماء بدقة عالية (الشكل 9). تعتمد هذه التقنية على الاستفادة من حركة دوران الأرض حول محورها، واستخدام هوائيات قابلة للتوجيه بغية الحصول على عدد كافٍ من مركبات فورييه Fourier اللازمة لرسم صورة تماثل في دقتها صورةً مُركَّبة باستخدام هوائي ذي فتحة كبيرة.

الشكل (9) صورة للمجرتين دوينغلو 1 و2، Dwingeloo 1, 2 الواقعتين على بعد عشرة ملايين سنة ضوئية عن الأرض مأخوذة بتقنية تصوير تركيب الفتحة.

مقاييس التداخل ذات الخط القاعدي الطويل جداً

تتضمن الإشارات المستقبلة بوساطة صفيفات الهوائيات جميع المعلومات اللازمة لحساب الترابط، لذا يمكن تسجيل هذه الإشارات على أشرطة مغنطيسية وتجمعيها في مكان واحد ومعالجتها حاسوبياً؛ وحساب الترابط التصالبي cross- correlation فيما بينها، وهذا ما سمح ببناء مقاييس تداخل من هوائيات موزعة على مسافات شاسعة؛ والحصول على صور بدقة عالية جداً (1 ميلي ثانية قوسية).

وقد أنشئت عدة منظومات تداخل ذات خط قاعدي طويل جداً VLBA في أوربا وكندا واليابان وروسيا وأستراليا، ويتألف أكبر هذه المنظومات من عشرة هوائيات، يبلغ قطر كل منها 25 متراً، موزعة في الولايات المتحدة على مسافة 8000 كيلومتر (الشكل 10).

الشكل (10) أماكن توزع هوائيات أ- صفيفات VLBA في الولايات المتحدة

ب- شبكة صفيفات VLBI الأوربية (EVN) مع صفيفات VLBI الميليمترية العالمية (GMVA).

ومع الحاجة المتزايدة للحصول على دقة أكبر جرى استخدام هوائي موضوعٍ على أحد السواتل التي تدور حول الأرض (الشكل 11)، ليشكل مع المنظومة الأرضية ما يُسمى بمقياس التداخل الراديوي ذي الخط القاعدي الكبير جداً الفضائي Space Very Long Baseline Interferometry (SVLBI).

الشكل (11) مقياس التداخل الراديوي ذو الخط القاعدي الكبير جداً الفضائي (SVLBI).

قياس التداخل عند الأطوال الموجية الميليمترية

مع استمرار التقدم العلمي أمكن بناء مقاييس تداخل تعمل في مجال الأمواج الميليمترية، فشرعت عدةُ دول ببناء مثل هذه المقاييس، وكان أضخمَها وأكثرَها تكلفة على الإطلاق صفيفة أتاكاما الميليمترية/دون الميليمترية الكبيرة Atacama Large Millimeter/sub-millimeter Array (ALMA) (الشكل 12)، وهو مشروع مشترك بين مجموعة من الدول، ويتألف هذا المشروع من ستة وستين هوائياً، أربعة وخمسون منها قطر كل منها اثنا عشر متراً، والاثنا عشر الباقية قطر كل منها سبعة أمتار، ويغطي المجال الترددي من 68 إلى720 غيغا هرتز، وقد أُقيم في منطقة جافة في صحراء أتاكاما في تشيلي Chile على ارتفاع خمسة آلاف متر عن سطح البحر، نظراً لخضوع الأمواج الميليمترية لامتصاص في المناطق الرطبة وطبقات الجو المحملة ببخار الماء.

الشكل (12) صورة لموقع صفيفات أتاكاما الميليمترية.

ويبيّن الشكل (13) صورة لمجرة سينتوروس إيه Centaurus A، مأخوذة بوساطة صفيفة أتاكاما الميليمترية، والتي لم يكن ممكناً تصويرها سابقاً بهذه الدقة بسبب الغبار الكوني الذي كان يحجب رؤيتها بالوسائط الأخرى.

الشكل (13) صورة مجرة سينتوروس إيه Centaurus A مأخوذة بوساطة صفيفة أتاكاما الميليمترية.

الدراسات الحديثة

تعكف العديد من مخابر البحث العالمية على تطوير مبادئ مقاييس التداخل الراديوي وطرائقها وأجهزتها. فعلى سبيل المثال جرى مؤخراً اقتراح طريقة للتوسيط المرتبط بالخط القاعدي Baseline Dependent Averaging (BDA) على مقاييس التداخل الراديوي الحديثة، وبخاصة مقراب صفيفة الكيلومتر المربع Square Kilometer Array (SKA) -المزمع البدء بإنشائه في عام 2021، وعلى أن يبدأ تشغيله في أواخر العشرينيات من القرن الحادي والعشرين- بهدف خفض حجم معطيات الرؤية visibility data؛ ومن ثم تكاليف معالجتها بصورة مهمّة. كما جرى اقتراح طريقة لتحسين التمييز بين المنابع اعتماداً على نظرية بايز Bayes وهي الأفضل أداءً من بين الأدوات الشائعة الاستخدام. وأخيراً اقترحت طريقة لتشكيل حزم beam forming متعددة الترددات لمقياس التداخل الراديوي، مما يسمح بزيادة الميْز وخفض التداخل.

محمد زيواني

مراجع للاستزادة:

-B.F. Burke, F. Graham-Smith, an Introduction to Radio Astronomy, Cambridge University Press, 2010.

- J.M. Marr et al., Fundamentals of Radio Astronomy: Astrophysics, CRC press, 2019.

- A.R. Thompson, J.M. Moran, G.W. Swenson Jr., Interferometry and Synthesis in Radioastronomy, Springer, 2017.

- R. Wohlleben, H. Mattes, T. Krichbaum, Interferometry in Radioastronomy and Radar Techniques, Springer, 2012.

 


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 530
الكل : 31200765
اليوم : 25922