logo

logo

logo

logo

logo

التجاذب

تجاذب

Gravitation -

التجاذب

سهام الطرابيشي

دور التجاذب في تشكيل النجوم والمجرات

قانون نيوتن في التجاذب الكوني 

آثار الحقل التجاذبي

الأمواج التجاذبية

الدراسات الحديثة

 

التجاذب (التثاقل) gravitation خاصية فيزيائية أساسية تتمثل في تجاذب الأجسام فيما بينها. أما الجاذبية (الثقالة) gravity فهي جذب الأجسام نحو الأرض على أن تكون الأجسام أصغر بكثير من الأرض وغير بعيدة جداً عنها. ويمثل كلٌّ من قانون نيوتن Newton في التجاذب الكوني ونظرية آينشتاين Einstein في النسبية العامة حجري الأساس في وصف الجاذبية.

دور التجاذب في تشكيل النجوم والمجرات

أسهم التجاذب في تشكيل النجوم والمجرات بالدرجة الأولى؛ إذ بدأ الكون وفق النموذج المعياري بالانفجار العظيم big bang قبل نحو 14 بليون سنة، أعقبه توسع ما يزال مستمراً حتى الآن. يمكن وصف الكون في عصر مبكر وقبل وجود النجوم تقريباً؛ بأنه مادة غازية متجانسة وإشعاع، وكان معظمها يتكون من ذرات الهدروجين ونيوترونات neutrons ومادة سوداء dark matter (وهو شكل للمادة غير معروف يتفاعل بوساطة الجاذبية ولكن طبيعته الحقيقية ما تزال غير محددة). وأدى التجاذب بين مكونات المادة في مناطق من الفضاء ــــ التي تجاوزت فيها كثافة المادة قليلاً القيمة المتوسطة ـــــ إلى التئام الغاز في غيوم ضخمة. كما أدى الاحتكاك داخل الغيوم بفعل التصادمات بين الذرات والمزيد من التجاذب إلى التئام مناطق الغيوم في كثافات من الارتفاع من شأنها إضرام الاندماج النووي مصدر طاقة النجوم الشكل (1).

الشكل (1) صورة بالمقراب الفضائي هبل Hubble لمنطقة تشكل النجوم في الغمامة الماجلانية الصغيرة. 

يمكن أن ينهار النجم (المستعر) الضخم الذي استنفد وقوده النووي بفعل الجاذبية مشكلاً ثقباً أسود black hole؛ وهو منطقة من الفضاء تكون الجاذبية فيها شديدة جداً لا ينجو حتى الضوء من قوة جذبها؛ أي إن أضعف قوى الطبيعة تطبِّق بالقرب من الثقب الأسود أشدَّ قوة في الكون.

قانون نيوتن في التجاذب الكوني

ينص قانون نيوتن في التجاذب الكوني universal gravitationa على أن كلَّ جسمين يتجاذبان بقوة تتناسب طرداً مع جداء كتلتيهما وعكساً مع مربع البعد بينهما، ويُطلق على ثابت التناسب اسم ثابت التجاذب الكوني وقيمته يمكن استخدام هذا القانون في حساب القيمة الصغيرة لقوة التجاذب الكتلي بين البروتون والإلكترون داخل ذرة الهدروجين (الشكل 2). فإذا كانت كتلة البروتون وكتلة الإلكترون و البعد الوسطي بين البروتون والإلكترون في ذرة الهدروجين فإن قوة التجاذب بينهما وهي أصغر بنحو 39 مرتبة من القوة الكهرطيسية التي تربط الإلكترون بالبروتون في ذرة الهدروجين.

يصف قانون التجاذب الكوني القوة بين جسمين نقطيّين. كما يصف بدقة قوة التجاذب بين الأرض والقمر بالنظر إلى الجسمين على أنهما نقطتان تتركز كتلتاهما في مركزيهما.

الشكل (2) قانون نيوتن في التجاذب الكوني.

قوانين كبلر Kepler:

تتألف قوانين كبلر في الفلك من ثلاثة قوانين تصف حركة الكواكب حول الشمس (الشكل 3):

- الأول: مدار أي كوكب حول الشمس إهليلجي، تشكل الشمس إحدى بؤرتيه.

- الثاني: يمسح الخط الواصل بين الكوكب والشمس مساحات متساوية في فواصل زمنية متساوية.

- الثالث: يتناسب مربع الدور المداري للكوكب طردياً مع مكعب نصف المحور الكبير للمدار.

 

الشكل (3) حركة الكواكب حول الشمس بحسب قوانين كبلر.

آثار الحقل التجاذبي

للحقل التجاذبي gravitational field آثار متعددة منها أداء دور عدسة مقرِّبة للضوء؛ ففي غياب التجاذب تبدو مجرَّة بعيدة بالنسبة إلى مراقب على الأرض على أنها منبع ضوئي صغير، غير أنه في حال وجود توزعات للكتلة كالمجرَّات الأخرى أو غيوم المادة السوداء على مقربة من خط الرؤية بين الأرض ومنبع الضوء البعيد؛ فمن شأن جاذبية تلك التوزعات أن تحرف ضوء المجرَّة البعيدة لتظهر صورتها على شكل حلقة أو قوس أو عدة أقواس. يدعى هذا التشوه لضوء المنابع البعيدة التعدس التجاذبي gravitational lensing. وتُستخدم هذه الظاهرة للاستدلال على منابع الجاذبية التي تقبع بين الأرض ومنابع الضوء البعيدة.

تمدد الزمن هو أيضاً من آثار التجاذب؛ إذ يسجل مقياس التواتر (التردد) على الأرض لدى ورود حزمة ضوئية إليها من الفضاء الخارجي؛ تواتراً أعلى منه للحزمة نتيجة انزياح دوبلر Doppler shift، وهي ظاهرة تشيع ملاحظتها بوساطة التزايد الظاهري لتواتر صافرة الإسعاف لدى اقترابها والانخفاض الظاهري في تواترها لدى ابتعادها. يؤكد مبدأ التكافؤ في هذه الحالة تزايد تواتر حزمة ضوئية تنتشر نحو الأرض حيث ينزاح نحو الطرف الأزرق من الطيف؛ في حين ينخفض تواتر حزمة الضوء التي تصدر من سطح الأرض نحو الأعلى مع الارتفاع، وهذا ما يعرف بمفعول أو انزياح الأحمر التجاذبي gravitational redshift. وقد أيدت التجارب هذه الظاهرة. واعتماداً على مبدأ التكافؤ تدق الساعات في حقل تجاذبي ببطء أشد منه في غياب الحقل؛ وبقدر ما يكون الحقل أشد، تكون الساعة أبطأ. وتفقد الساعة الذرية عند مستوى البحر خمس مِكروثانية في السنة بالنسبة إلى ساعة مماثلة على ارتفاع 1524م. وتعتمد منظومة تحديد الموقع الشامل Global Positioning System (GPS) بقوة على دقة الساعات، وتُجرى تصحيحات على تمدد الزمن التجاذبي لبلوغ الدقة المطلوبة.

الأمواج التجاذبية

تتنبأ نظرية النسبية العامة في مناطق الزمكان space-time الخالية من المادة؛ بوجود أمواج تجاذبية (ثقالية) gravitational waves تهتز كالأمواج الكهرطيسية، في مستوى عمودي على منحى انتشارها. ويعتقد أن الأمواج التجاذبية تنتشر بسرعة انتشار الأمواج الكهرطيسية التي تربط المكان بالزمان بحسب النظرية النسبية الخاصة، وتفاعلها مع المادة ضعيف، وتؤدي إلى تشوه الزمكان: حيث يتمدد المكان وفق أحد محوري المستوي العمودي على منحى انتشار الموجة التجاذبية في نصف الدورة الأول، وينضغط وفق المحور العمودي الآخر في نصف الدورة الثاني (الشكل 4). وقد عرف علماء الكون أن هذه الأمواج أضعف من أن تُكشف مباشرة، فبحثوا في آثارها على خلفية الأمواج المِكروية الكونية cosmic microwave background radiation.

 
الشكل (4) تمثيل تموجات الزمكان بفعل مرور الأمواج التجاذبية. 

تعكس تواترات الأمواج التجاذبية تواترات المنابع التي تولدها. وتُعدّ الأجسام الهائلة الكتلة التي تخضع لتسارع كبير كأزواج النجوم النترونية أو الثقوب السوداء؛ من أكثر المنابع فعالية للأمواج التجاذبية؛ حيث يتحرك كلٌّ من الزوجين في مدار الآخر. وتتنبأ دراسة سرعات النجوم وكتلها المدارية بأن تواتر أقوى إشعاع تجاذبي لا يتعدى 10.000 هرتز.

الدراسات الحديثة

اهتم العلماء بالكشف عن الأمواج التجاذبية لعلمهم أنها تكمل صورة الكون التي ترسمها الإشعاعات الكهرطيسية؛ فعملوا على بناء المقاريب الأرضية والفضائية المختلفة التي تسمح بالإصغاء إلى مجموعة معينة من الظواهر الكونية في درب التبانة. وتمكنت التجارب التي أجريت بوساطة المقراب بيسب 2 Background Imaging of Cosmic Extragalactic Polarization 2 (BICEP2) ؛ من تصوير استقطاب خلفية الأمواج المِكروية الكونية لمزيد من المجرات. وقد أعلن الباحثون في مطلع العام 2014 اكتشافهم انحناء ضوء الانفجار الأعظم الذي سبق التنبؤ به منذ زمن طويل، والذي يمثل الصورة الأولى لتموجات الكون (الشكل 5) التي تمثل الأمواج التجاذبية. ويُعدّ هذا الاكتشاف دليلاً مباشراً على نظرية توسع الكون بسرعة هائلة في أول جزء من النانوثانية بعد ولادته وعلى الطبيعة الكمومية للجاذبية.

 
الشكل (5) شدة استقطاب إشعاع خلفية الأمواج المِكروية الكونية.  

وتمثل نتائج القياسات هذه دليلاً على الأمواج التجاذبية التي أحدثها توسع الكون بوساطة إشعاع خلفية الأمواج المِكروية الكونية الذي جرى كشفه بوساطة التجربة BICEP2 في القطب الجنوبي من الكرة الأرضية. يأتي الدليل على شكل بصمة تدعى استقطاب النمط بي B-mode polarization، وهو انحناء اتجاه الضوء أو استقطابه الذي تدل عليه الخطوط السوداء على الصورة. يدل اللون على تموجات صغيرة في درجة حرارة الخلفية الكونية في طيف الأمواج المكروية التي تقابل تموجات كثافية في طفولة الكون؛ فتدل على أجزاء الكون التي كانت كثافتها أعلى، والتي تتكاثف لاحقاً في مجرّات وعناقيد مجرِّية. تنسجم هذه الاكتشافات مع نموذج التوسع الفوضوي (الشواشي) chaotic inflation الذي وضعه منذ نحو ثلاثين عاماً الفيزيائي الروسي أندريا ليندي Andrei Linde. ولا ينتهي فيه التوسع على نحو كامل، ولكنه يتوقف في جيوب محدودة من الفضاء (الشكل 6)، ويستمر في توسعه الأسي في مكان آخر. والتوسع الفوضوي لن يولد كوناً فحسب بل متعدد أكوان يحوي الكثير من الجيوب الكونية، لكلٍّ منها قوانينه الفيزيائية، وهي فكرة يقول النقاد إنها غير قابلة للاختبار.

 

الشكل (6) تمثيل فني للعوالم الفقاعية لمتعدد أكوان أعظم.

مراجع للاستزادة:

- G. Fraser, The New Physics for the Twenty-First Century, Cambridge University Press, 2005.

- R. Kurtus, Gravity and Gravitation: Derivations, Equations and Applications, SfC Publishing Company, 2011.

- T. Padmanabhan, Gravitation: Foundations and Frontiers, Cambridge University Press, 2010.


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 561
الكل : 30975992
اليوم : 31793