logo

logo

logo

logo

logo

البروتينات الفسيفسائية

بروتينات فسيفساييه

Mosaic proteins -

 البروتينات الفسيفسائية

البروتينات الفسيفسائية

فيروس فسيفساء التبغ tobacco mosaic virus (TMV)

الأغشية الحيوية 

نماذج الأغشية الحيوية والبروتينات الفسيفسائية 

 

كلمة فسيفساء mosaic بمفهومها العام تعني تشكيل لوحة أو أي موضوع آخر بتجميع أجزاء صغيرة من القطع كالزجاج أو الأحجار أو الجزيئات الكيميائية، التي تتنوع بحسب طبيعة الهدف من العمل. ويُعَدُّ ذلك نوعاً من فن (الديكور).

ظهر مفهوم البروتينات الفسيفسائية mosaic proteins في علم كيمياء البروتينات في العقود الأخيرة فقط، وبدأ الاهتمام بدراسة هذا النوع من المركبات على صُعدٍ متعددة وباهتمامات علمية تخصصية متنوعة. ويمكن عند متابعة الأبحاث التي تهتم بموضوع البروتينات الفسيفسائية ملاحظة أنها تتعرض لثلاثة أنواع من التركيبات البروتينية الجزيئية: البروتينات ذات الوظائف الفيزيولوجية الحيوية، والبروتينات التي تشكل الغلاف الخارجي للفيروسات، والبروتينات التي تساهم ببنية الأغشية الخلوية.

إن البروتينات الفسيفسائية- وينتمي إليها العديد من البروتينات خارج الخلوية extracellular proteins بروتينات مُصَنَّعَة مُعادَة التجميع ومُصَمَّمة من مجموعة من البروتينات الصغيرة من نموذج بنيوي واحد أو تجمعات تتاليات بروتينية protein sequences متكررة تنتمي إلى نماذج بنيوية مختلفة تتمتع بفعاليات ووظائف مختلفة. وهي تتكون من تكرار نسخ عديدة من «قِطاعات domains» وحيدة أو أكثر، تكون جميعها ضمن سلسلة ببتيدية واحدة. ويطلق على «القِطاع» في هذا الموضع مصطلح «معامل (نسيقة) module»، يكون في بعض الحالات صغير التركيب.

تُوَصِّف البنية الثالثية tertiary structure الوحدات ضمن القِطاعات، وكذلك تبين الطريقة التي تتلاءم بها القِطاعات فيما بينها، الشيء الذي يجب ألا يُشَوِّش ويتداخل مع مفهوم البنية الرابعية quaternary structure للبروتين التي تصف الطريقة التي ترتبط بها السلاسل متعددة الببتيد بعضها ببعض. وربما يمكن عد القِطاع وحدة البنية الثالثية، بالطريقة نفسها التي تُعَدُّ الحلزونات helices والصفيحات sheets وحدات البنية الثانوية.

تم تحديد الوحدات الأولية بوساطة «مجموع التتابع (التتالي) consensus sequence الذي يتضمن عادة الروابط ثنائية السلفيد المحفوظة conserved disulphide bonds». ولكن على الرغم من وجود المعلومات عن تتابع الحموض الأمينية (التسلسل) مازالت المعلومات قليلة عن البنية الثالثية للبروتينات الفسيفسائية.

ظهرت فكرة البروتينات الفسيفسائية نتيحة تراكم المعلومات عن التتاليات sequences والاهتمام بظاهرة تطور البروتينات. تتشكل البروتينات الفسيفسائية نتيجة تضاعف duplication مجموعات مشتركة من الوحدات البنيوية العامة وإقحامها insertion وحذفها deletion، مع احتفاظ هذه المجموعات بفعاليات وظيفية مختلفة وقدرتها على المساهمة بالوظائف الحيوية مثل التصاق الخلايا وتشكل الأجنة وتفاعلات تخثر الدم وتحليل الألياف إنزيمياً وغيرها.

يمكن متابعة المثال النموذجي للبروتينات الفسيفسائية في البروتين الفسيفسائي مُنَشِّط (مُوَلِّد) البلاسمين النسيجي tissue plasminogen activator (tPA) (الشكل 1).

الشكل (1) بنية القِطاعات البنيوية لعدد من البروتينات الفسيفسائية.

أشير إلى قِطاع كرينغل Kringle بالحرف K، وبالحرف F إلى الشكل الإصبعي، وبالحرف C إلى الموقع الرابط لإيونات الكلسيوم Ca++، أما tPA فتشير إلى منشط (مولد) البلازمين النسيجي.

يحتوي tPA على أربعة قطاعات وظيفية: القِطاع المشابه لعامل نمو البشرة epidermal growth factor-like domain (EGF) وقِطاعي كرينغل Kringle domainsرُمِزَ إليهما بالحرف K أو RK، وقِطاع سيرين بروتيناز serine proteinase (SerPr) domain (الشكل 2).

الشكل (2) مولد البلازمين النسيجي t-PA 

ومن المعتقد أن قِطاعات الدنا DNA المشفِّرَة لهذه القِطاعات البروتينية قد يُجمع بعضها مع بعض في جين (مورثة) مستقل، إما نتيحة انزياحات القطعات، وإما انزياحات الإكزون في أثناء التطور.

إن نموذج الغلوبولينات المناعية immunoglobulins من الأمثلة النموذجية المعروفة تماماً عن حالة تعديل الإكزون exon shuffling وتضاعفه، وتنتشر هذه الحالة على نطاق واسع في الكثير من التشكيلات البروتينية التي تتوضع على سطح الخلايا. يتكون هذا التجمع البروتيني من تسع جدائل من البنية بيتا strands– β مشكلة صفحتي بيتا على شكل شطيرة sandwich (الشكل 3).

الشكل (3) 

ويأخذ القطاع الذي يساهم بتشكيله جسرٌ ثنائي الكبريت (الشكلَ 4) التالي:

الشكل (4)

يتكون الجسم المضاد- مثل IgM- من سلسلتين بروتينيتين ثقيلتين two heavy chains تحتوي كل منهما على أربعة قطاعات غلوبولينية مناعية، ومن سلسلتين بروتينيتين خفيفتين two light chains تحتوي كل منهما على قِطاعين اثنين من الغلوبولينات المناعية (الشكل 5).

الشكل (5) السلسلتان الخفيفتان والسلسلتان الثقيلتان في الأجسام المضادة

تُعرَف القطاعات الطرفية بـالقِطاعات المتغيرة في كل من السلاسل الأربع حيث تكون العُرا loops التي تربط جدائل بِتا عرضة للتعديل الإكزوني exon shuffling مانحةً الجسم المضاد قدرتَه على الارتباط بمختلف مولدات الأضداد antigens. وهنا يجب ملاحظة أنه في جميع مضادات الأجسام تتشابه السلسلتان الخفيفتان بعضها مع بعض، وتتشابه السلسلتان الثقيلتان فيما بينهما لتعطيا موقعين رابطين لمولدات الضد متشابهين في نهاية كل ذراع.

يقوم البابايين papain والببسين pepsin كلاهما بفصل السلسلتين الثقيلتين بين القِطاعين الثاني والثالث. ويفكك البابايين الطرف النهائي الآزوتي N-terminus للرابطتين ثنائيتي الكبريت اللتين تربطان السلسلتين الثقيلتين، وهذا ما يعطي شُدفَتَين (أو جزأين) fragments (Fab) متشابهتين، ويعطي كل نهاية كربونية C-terminus من السلسلتين الثقيلتين شدفتي (أو جزأي) Fc (الشكل 6).

 

الشكل (6)

يقوم الببسين من ناحية أخرى بتفكيك الروابط ثنائية الكبريت من طرف النهاية الكربونية مشكلاً قطعة F(ab1)2 مكونة من قطعتي2F(ab1) ، (وهي أطول بقليل من Fab) ترتبطان برابطتين ثنائيتي الكبريت (الشكل 7).

 

الشكل (7)

يمتلك العديد من البروتينات الأخرى أكثرَ من قِطاعٍ وظيفي واحد، ويمكن عدها بروتينات فسيفسائية، يحمل كل من هذه القِطاعات وظيفته الخاصة. وهكذا يمكن عد البروتين الفسيفسائي مركباً بروتينياً متعدد الوظائف؛ لذلك فإن للبروتينات الفسيفسائية أهمية كبيرة في مفهوم التطور، وذلك لقدرتها على إنشاء وظائف متعددة للبروتينات.

من الأمثلة الأخرى على مفهوم البروتينات الفسيفسائية تصميم اللقاحات، فمثلاً يكون الهدف من تصميم لقاح جدري البقر هو إمكان استخدام التتاليات الطبيعية لتشكيل عدد محدود من التواليات الفسيفسائية المحتوية على التنوع الأكبر الذي تملكه الخلايا التائية T-cell الحاتِمَة epitope من التتاليات الطبيعية. وكانت النتيجة أن البروتينات الفسيفسائية في اللقاح المطروح كانت مزيجاً مشابهاً للبروتين الطبيعي الذي تم اشتقاقه منها (التصميم التجريبي training set، ولكن كان تجمعاً لـقِطاعات أجزاء fragments) من البروتينات الطبيعية المستخدمة للمعطيات الوراثية (الطريقة الحسابية المثلى)، وقد استُخدِمَت هذه الطريقة أول مرة من أجل فيروسHIV، ولكن يمكن أن تطبق على نطاق واسع لحالات أخرى.

فيروس فسيفساء التبغ tobacco mosaic virus (TMV):

يدخل الغطاء البروتيني لهذه الجزيئات الكبيرة في مفهوم البروتينات الفسيفسائية، إذ يُحاط جزيء الرنا RNA في جزيء فيروس فسيفساء التبغ بغمد مكون من نحو 2130 نسخة من الجزيئات البروتينية (الشكل 8).

 
الشكل (8) مخطط جزيئة فيروس فسيفساء التبغ، وفيه تشكل سلسلة RNA الحلزونية قالباً تتوضع حوله الجزيئات البروتينية المتماثلة لتشكل غطاء واقياً له 

وكما هي الحال عند الكثير من الفيروسات يمتلك فيروس فسيفساء التبغ إمكان التحول الكيميائي الذي يُحْدِث تغييرات بنيوية ملائمة لتغيرات البيئة المحيطة.

الأغشية الحيوية:

لايقتصر مفهوم الفسيفسائية بالنسبة إلى الأغشية الحيوية على التركيب البروتيني فيها، بل يتعداه إلى مفهوم أوسع. فمن حيث المبدأ يتركب الغشاء الحيوي من تجمعات جزيئات متعددة وصغيرة نسبياً، تشكل بمجموعها البنية الغشائية المتكاملة والفعالة حيوياً، إلا أن الغشاء هو مجموع أنواع عديدة من الجزيئات هي البروتينات المنغرسة embedded proteins والبروتينات المحيطية peripheral proteinsوالبروتينات السكرية glycoproteins والبروتينات الشحمية lipoproteins، إضافة إلى الفُسفوليبيدات phospholipids والغليكوليبيدات glycolipids والكولستِرول cholesterol (الشكل 9). وهكذا تحتوي الأغشية الحيوية على كميات كبيرة من البروتينات، قرابة 50% من حجم الغشاء، وتصل نسبة المورثات (الجينات) التي تُشَفِّر بروتينات الأغشية إلى أكثر من ثلث الجينات الخلوية في الخمائر، وإلى النصف في الأحياء متعددة الخلايا. وتساهم هذه البروتينات في ربط الخلايا بالوسط الخارجي، وفي ربط الخلايا بعضها ببعض، إضافة إلى العديد من الوظائف الأخرى مثل تَعَرُّف مُكَوِّنات السطوح surface recognition والارتباطات الهيكلية cytoskeleton contact ونقل الإشارات signaling والفعاليات الإنزيمية enzymatic activity أو النقل عبر الأغشية transporting across the membrane.

 

الشكل (9) الغشاء السيتوبلاسمي

نماذج الأغشية الحيوية والبروتينات الفسيفسائية

بدأت دراسة سينجر Singer للأغشية الحيوية في الخمسنيات من القرن الماضي عندما لاحظ الباحثون أن العديد من البروتينات المنحلة بالماء- مثل البروتينات الخلوية- تكون قادرة على الذوبان في المذيبات اللاقطبية والمذيبات اللامائية، إذ تأقلمت تلك البروتينات مع مختلف أشكال الوسط المحيط الكارهة للماء والمُحِبَّة له. كما تبين أن هذه البروتينات غنية بالشحوم، مما دفع سينجر إلى النظر في العلاقة بين البروتينات والشحوم الغشائية .

وقبل توضيح سينجر ونيكلسون لطبيعة الأغشية الخلوية الفسيفسائية اقتُرِحَت نماذج غشائية ثلاثية الطبقات، اقترحها العلماء دافسون-دانيِلي-روبِرتسون (DDR) Davson-Danielli-Robertson. وتقترح هذه البنية تَوَضُّع طبقة شحمية بين طبقتين بروتينيتين بشكل صفيحي. لكن هذا النموذج لم يتم قبوله كله لأسباب تتعلق بالطاقة وبعدم استقرار العلاقة بين الأقسام المحبة للماء والأقسام الكارهة للماء بين مكونات هذه الأغشية. فقد دفعت التفاعلات الكارهة للماء والمحبة له بين بقايا الحموض الأمينية في البروتينات سينجر إلى اقتراح أن تَوَضُّع البروتينات في هذه الأغشية يكون على شكل الحزم وليس الصفائح كما في نموذج DDR، ولهذا اقترح سينجر شكلاً أكثر منطقيةً للغشاء الحيوي له ثباتية عالية من الطاقة، هو أن البروتينات لاتكون منفصلة عن شحوم الغشاء ثنائية الطبقة ولكن تندمج معها كأنها جزء من هذا الغشاء. وقد دُمِجَت هذه المقترحات معاً فيما تمت تسميته نموذج الغشاء الفسيفسائي المائع fluid mosaic model، حيث يشكل القسم الشحمي الفسفاتي ثنائي الطبقة القالب المائع، وتكون كل من الشحوم والبروتينات قادرة على الحركة الانتقالية الجانبية.

أحمد مالو

مراجع للاستزادة:

- P. Bork, B. Bairoch, Extracellular protein modules: A proposed Nomenclature. TIBS 20 (3), 1995.

- KBM. Reid, Aj. Day, Structure-function relationships of the complement components. Immunol. Today 10:177-80.| Article | PubMed | ISI | ChemPort, |1989.

- S. Marder, Vj. Sherry, Thrombolytic therapy: Current status. N. Engl. J. Med. 318: 1512–1520, 1988.

- L.Martin. The Fluid Mosaic Model of the Cell Membrane - The Mosaic. Connexions. 15 Oct. 2007.

- E. Martin, R.H. Pine, A.F. DeBlase, A Manual of Mammalogy, McGraw-Hill. 2001.

- D.L. Nelson, M. C, Lehninger Principles of Biochemistry. W.H. Freeman, and Company, 2005.


التصنيف :
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 500
الكل : 31257438
اليوم : 5626