logo

logo

logo

logo

logo

التداخل (مقاييس-)

تداخل (مقاييس)

Interferometers -

 التداخل

التداخل (مقاييس-)

مقياس تداخل ماك-زيندر استعمال مقاييس التداخل في المجالات المختلفة
مقياس تداخل جامين Jamin interferometer تطبيقات التداخل البصري
مقياس تداخل فابري-بيرو Fabry-Perot مقاييس التداخل الفلكية
 

مقاييسس التداخل interferometers -أو المداخلات- مقاييس تستفيد من خاصة التداخل الموجية الكهرطيسية أو الصوتية في استعمالات كثيرة، إذ تتصف الأمواج بسعة الموجة وتواترها (ترددها) وطورها وتبعيتها للزمن والمكان. فيستفاد من تغير سعة الموجة لموجتين تتلاقيان وما ينجم عنهما، أو يُستعمل تواترا موجتين تتلاقيان وما ينجم عنهما من تواتر للموجة المركبة، أو يستعمل فرق الطور بين موجتين تتلاقيان في حيّز مكاني معيّن؛ ما يدعو إلى استعمال صدر الموجة الذي هو المحل الهندسي للنقاط المتساوية الطور.

يُعدّ مقياس التداخل ذو الشقين المعروف باسم مقياس شقيّ يونغ Youngs two-slit أول المقاييس المشهورة التي أظهرت الصفة الموجية للضوء، فقد قام العالم الفيزيائي البريطاني توماس يونغ عام 1801 بإجراء تجربته التي بيّن فيها أن الموجتين الضوئيتين المتراكبتين تتداخلان لتشكلا أهداب تداخل مضيئة ومظلمة متتابعة، مما يخالف وجهة النظر الجسيمية السائدة عندئذٍ.

وقد زاد من أهمية هذه التجربة أنه تمكن بوساطتها من تعيين الطول الموجي للضوء. يوضح الشكل (1) أساس عمل هذه التجربة حيث يسقط الضوء من مصدر ضوئي أحادي اللون (أي أحادي الطول الموجي) monochromatic على فتحة مستطيلة
s0 ضيقة موضوعة على بعد مناسب منه، فحسب مبدأ هويغنز Christiaan Huygens تصبح كل نقطة من صدر الموجة الملاصقة للفتحة منبعاً للأمواج الصادرة على شكل أنصاف كرة تسقط على لوح معتم فيه فتحتان مستطيلتان ضيقتان ومتقاربتان s1 وs2، فتصبحان بدورهما منبعين ثانويين للأمواج نصف الكروية المترابطة حيث إن لهما التواتر نفسه والطور نفسه؛ لأنهما يتلقيان الضوء من منبع واحد s0، وأيضاً لهما السعة نفسها لأن للفتحتين الاتساع ذاته.

الشكل (1) تجربة شقي يونغ وشكل توزع الأهداب (يميناً).

الشكل (2) رسم تخطيطي لحساب فرق المسير بين موجتين متلاقيتين في p.

تتراكب الموجات الصادرة من الفتحتين بعضها مع بعض في المنطقة c، وعند نقطة مثل p يكون فرق المسير بينهما مختلفاً باختلاف بعدها x عن المنتصف، وبالتالي إما أن تقوي بعضها بعضاً فتنتج مناطق مضيئة وإما أن تضعف بعضها بعضاً فتنتج مناطق مظلمة. فالأشعة التي لها فرق مسير تقابل نهايات عظمى، والنقاط التي لها فرق مسير: تقابل نهايات صغرى. ويوضح الشكل (3) أن الهدب المركزي المتكون عند النقطة التي تقابل منتصف المسافة بين الفتحتين يكون هدباً مضيئاً؛ وذلك لأن طول المسار الذي تقطعه الموجتان الصادرتان من الفتحتين إلى هذه النقطة يكون متساوياً، أي إن فرق المسير يساوي الصفر، وبذلك يكون التداخل بناء، ويسمى الهدب المركزي أيضاً الهدب الصفري.

الشكل (3) شدة الأهداب المتكونة في تجربة شقي يونغ.

يعطى العرض الهدبي (المسافة من منتصف هدب مضيء إلى منتصف هدب مضيء تالٍ) فيما لو قيست المسافة التي يغطيها عدد m من الأهداب بالمعادلة (1):

كما ترتبط بالبعد بين المنبعين d والمسافة بينهما والحاجز L وفق تشابه المثلثين بالعلاقتين (2 أو 3):

أو

مما جعل قياس طول موجة الضوء ممكناً بهذه الطريقة ومثيلاتها.

يعدّ مقياس تداخل يونغ أحد أنواع مقاييس التداخل التي تعتمد تجزئة صدر الموجة وحساب فرق المسير بين موجتين، إذ طُورت مقاييس تعمل على الفكرة ذاتها باستعمال أدوات ضوئية مختلفة عن الحاجز ذي الشقين. على سبيل المثال: عدسة بيييه المشطورة Billet bi-lenses (الشكل 4) حيث يشكل كل شطر من العدسة خيالاً حقيقياً للمنبع الأصلي فيعمل الخيالان s1 وs2 عمل المنبعين، وتظهر أهداب تداخل في المنطقة المخططة.

الشكل (4) عدسة بييه المشطورة.

وموشورا ومرآتا فرينل Fresnel، (الشكلان 5 و6) حيث يكون المنبعان وهميين فيهما، لكن ذلك لن يؤثر في تشكل الأهداب بل سيؤثر في تباعدها بسبب بعد الحاجز عنهما.

الشكل (5) موشورا فرينل.

الشكل (6) مرآتا فرينل.

ومرآة لويد Lloyd&http://arab-ency.com.sy/tech/details/1116/7#39;s mirror (الشكل 7) حيث يكون أحد المنبعين حقيقياً والآخر وهمياً. وكانت الفائدة الرئيسية من هذا المقياس هي البرهان على أن الموجة المنعكسة عن سطح يفصل بين وسط أشد كسراً من وسط الورود سيتغير فرق المسير بينهما أو فرق طور بمقدار .

الشكل (7) مرآة لويد.

الصنف الثاني من مقاييس التداخل المقاييس التي تعمل بتجزئة سعة الموجة:

في هذا النوع تُجزأ سعة الموجة الأساسية بالانعكاس الجزئي من دون المساس بصدر الموجة حيث تقسم الموجة قسمين أو أكثر يكون لهما صدر الموجة نفسه ولكن بسعة أقل، فينتشران في مسارين مختلفين قبل أن يعودا إلى التداخل، ومثال هذا النوع من مقاييس التداخل: مقياسا تداخل مايكلسون Michelson interferometer وماك-زيندر Mach-Zehnder interferometer.

يعدّ مقياس تداخل مايكلسون ‎من أهمّ أنواع المقاييس؛ لمكانته التاريخية المتعلقة بالبحث عن الأثير، الوسط الذي افترض ضرورة وجوده لانتشار الضوء، لكنه أمكن بوساطة هذا المقياس البرهان على عدم وجوده. ويتألف من مقسم حزمة موضوع بزاوية 45 ما بين مرآتين متعامدتين؛ إحداهما ثابتة M1 والأخرى M2 يمكن إزاحتها إلى الأمام أو إلى الخلف باستعمال ذراع متصلة بها مع دوارة لولبية (الشكل 8).

الشكل (8) مقياس مايكلسون التداخلي.

يقسم مقسم الحزمة ذات الانعكاسية %50 الضوء الصادر من المصدر حزمتين متماثلتين يتجه كل منهما إلى المرآة المقابلة وينعكس عنها، ثم يعودان ليجتمعا ضمن مقسم الحزمة ليخرجا كحزمة ضوئية واحدة متداخلة. تمر إحدى الحزمتين ثلاث مرات من خلال مقسم الحزمة، في حين تمر الأخرى مرة واحدة، وبالتالي هناك فرق مسير بينهما نتيجة تدخل قرينة انكسار المقسم في الحساب، ولكي تتفق الحزمتان في المسير توضع صفيحة معدّلة (لوح زجاجي) في طريق الحزمة التي تمر مرة واحدة ضمن مقسم الحزمة. يتكون نموذج التداخل في حال التوازي الكامل للمرآتين من أهداب دائرية تسمى أهداب تساوي الميل الدائرية fringes of equal inclination؛ وذلك لأن فرق الطور بين الحزمتين المتداخلتين يتعلق فقط بزاوية الميل ، أما في حال عدم توازيهما فيتشكل مايدعى بالأهداب المكانية localized fringes المستقيمة؛ وذلك لأن فرق المسير في هذه الحالة يتعلق بسمك المنطقة بين إحدى المرآتين وخيال الأخرى عندها. يعطى فرق المسير بين المرآتين عند تحريك إحداهما مسافة d بالعلاقة (4):

حيث هو عدد الأهداب المستقيمة المُزاحة.

يوجد مقاييس تداخل مماثلة تعمل على تجزئة السعة ولتطبيقات مختلفة، على سبيل المثال:

مقياس تداخل ماك-زيندر:

هو مقياس تداخل مشابه لمقياس مايكلسون ولكن باستعمال مقسمي موجة beam splitter حيث يعمل مقسم الحزمة الأول على تقسيم الحزمة الضوئية حزمتين ضوئيتين تسيران في مسارين منفصلين لتعودا إلى الاتحاد عند عبوريهما مقسم الحزمة الثاني، كما هو موضح في الشكل (9).

الشكل (9) مقياس ماك زيندر التداخلي.

يمكن التحكم بطول الطريق الضوئي عن طريق التحكم بزاوية ميل أحد مقسمي الحزمة، فيمكن قياس قرينة انكسار الهواء عند ضغط ما باستخدام المداخل عن طريق إدخال حجرة تخلية ضمن إحدى ذراعي المداخل. ستؤدي عملية التخلية إلى تغير ضغط الهواء، وبالتالي تغير قرينة انكساره n داخل الحجرة، حيث إن قرينة الانكسار هي تابعٌ خطي للضغط‏p ‎‏، ‏أي إن (المعادلة 5):

ويمكن حساب قرينة انكسار الهواء (أو أي غاز) عند ضغط ما بدلالة تغير رتبة التداخل مع الضغط المقيس من خلال العلاقة (6):

مقياس تداخل جامين Jamin interferometer:

وهو مثل المقياس السابق الذي يُستعمل لإيجاد قرينة انكسار الضوء لوسط تحت ظروف مختلفة من ضغط ودرجة حرارة ورطوبة، ويتكون من لوحين زجاجيين مستويين و متماثلين ومتوازيين تماماً، والسطح الأمامي لكليهما نصف مفضض (نسبة الانعكاسية قرابة 50%)، أما الخلفي فمفضض كله. يرد الشعاع الساقط على من منبع ضوئي بزاوية 45 درجة فيتحلل إلى مركبتين (1) و(2) تمران عبر أنبوبين T1 و T2، ثم يجتمعان بوساطة ويتداخلان في مجال الرؤيا E (الشكل 10).

 

الشكل (10) مقياس جامين.

لا يحدث وضْعُ الأنبوبين و المسدودين والمفرغين من الهواء في مسار الشعاعين أي تغير في أهداب التداخل، وما يحدث التداخل في هذه الحالة اختلاف قرينة الانكسار بين الوسطين فيما يعرف عموماً بفرق المسير الضوئي. فعند ضخ الغاز تدريجياً في أحدهما بشكل هادئ وتدريجي يتم عدّ الأهداب المزاحة m التي تعبر نقطة معينة خلال عملية الضخ إلى أن يساوي الضغط في الأنبوب قيمة الضغط الجوي العادي، ومن أجل طول الأنبوب يكون (المعادلة 7):

حيث قرينة انكسار الخلاء وتساوي الواحد، وn قرينة انكسار الهواء عند الضغط الجوي، من ذلك تؤول المعادلة السابقة إلى المعادلة (8):

وبهذه الطريقة يمكن حساب قرينة الانكسار لأي غاز يُضخّ ضمن أحد الأنبوبين مع بقاء الآخر مفرّغاً. كما يمكن استخدام لوحين إضافيين و للتعويض عن أي فرق في مسار الشعاعين (1) أو (2) ناجم عن مرور الغاز بتغيير الزاوية بينهما، وبتزويد أحد اللوحين بمؤشر D معاير مسبّقاً يمكن تعيين قرينة الانكسار المطلوبة مباشرة.

ويعدّ مقياس قرينة الانكسار لرايلي Rayleigh refractometer مقابل هذا المقياس، ولكن بتجزئة صدر الموجة الشكل (11).

 

الشكل (11) مقياس الانكسار لرايلي

ظهر تطور آخر لتحسين التباين والتعامل مع تداخل أمواج بسعات مختلفة، ففي حالة صفيحة شفافة متوازية الوجهين يمكن أن تتداخل أمواج بعد بضعة انكسارات وانعكاسات على وجهيها. يظهر الشكل (12) صفيحة متوازية الوجهين مكونة من مادة شفافة سمكها h ترد عليها الأشعة الضوئية فتنقسم جزأين: جزء منها ينكسر داخل الصفيحة (الشعاع 1) ثم ينعكس عن الوجه الآخر للصفيحة إلى الوجه العلوي فينفذ جزء منه وهو الشعاع منكسراً خارج الصفيحة، وينعكس الجزء المتبقي مجدداً عن الوجه العلوي لينفذ من الوجه الآخر. أما الجزء الثاني من الشعاع (الموصوف بالشعاع رقم 2) فينعكس جزء منه وهو عن الوجه العلوي، في حين يتابع الجزء الآخر وهو ˝2 طريقه لينفذ منكسراً من الوجه الآخر. في حالة الانعكاس تتداخل الأشعة 1΄و. أما في حالة البروز فإن الأشعة المتداخلة هي و2. تتفاوت شدات الأشعة تفاوتاً شديداً في حال الصفيحة الزجاجية؛ إذ إن نسبة شدة الأشعة المنعكسة قرابة 4% من الأشعة الواردة ما يجعل الأهداب قليلة الوضوح. ويمكن أن تعدّل هذه النسبة بطلي الزجاج بمواد مناسبة تغير من شدة انعكاسه، يصبح عندها التداخل بين أشعة متعددة. ويعدّ مقياس تداخل فابري بيرو تطبيقاً لتداخل أشعة متعددة.

 

الشكل (12) الصفيحة متوازية الوجهين.

مقياس تداخل فابري-بيرو Fabry-Perot:

وفيه تغشى السطوح الداخلية للوحين زجاجيين بما يضمن وجود عدد كبير من الأشعة النافذة والمنعكسة ذات الشدات المتقاربة والتي تكوّن نموذج التداخل في حالتي الانعكاس والنفوذ (الشكل 13).

 
الشكل (13) مقياس تداخل فابري-بيرو، h سمك طبقة الهواء بين و، وهما لوحان شفافان سطحاهما المستويان الداخليان و مطليان بطلاء خاص.

يمكن التحكم بسعة الأمواج المتداخلة عن طريق التحكم بمعامل انعكاس السطوح، أي التحكم بعدد طبقات الغشاء العاكس أو سمكها، وتكون أهداب التداخل أشد ضيقاً من حالة التداخل ثنائي الأشعة بفضل تلك الانعكاسات المتعددة مما يحسّن التباين والميز.

يوجد نوع مختلف من مقاييس التداخل الذي يعتمد تداخل أمواج ذات تواترات مختلفة، حيث يتم فيها إزاحة تواتر إشارة أولى للحصول على تواتر جديد يمزج مع تواتر إشارة ثانية F، وقد يكون المزج بين إشارة ضعيفة وإشارة قوية لتضخم فيما بعد (هذا مبدأ عمل التضخيم في الراديو)، أو بقصد تخفيض تواتر الإشارة الناجمة عن المزج ليتم التعامل معها إلكترونياً نظراً لصعوبة التعامل معها ضوئياً. ويتم المزج عادة في بلورة تتمتع بخاصة ضوئية لاخطية. تنشأ من المزج غير الخطي لإشارتي الدخل إشارتان جديدتان، واحدة تواترها يساوي مجموع التواترات ، والأخرى تواترها يساوي فرق التواترات ، ويطلق على هذه العملية اسم تقارن غير متجانس heterodyne، كما يطلق الاسم نفسه على هذين التواترين. عادة يرغب في تواتر واحد من التواترين الجديدين، ويتم تصفية التواتر الآخر والتخلص منه خارج المازج. أما سعة الإشارة الناتجة فتكون حاصل ضرب سعتي إشارتي الدخل.

إن التطبيق الأكثر أهميةً لهذا المداخل هو استعماله في مجال الراديو حيث يتم مزج إشارة التوترات الراديوية الواردة من هوائي مع إشارة من هزاز محلي (LO) وتحويلها بوساطة تقنية الاقتران غير المتجانس إلى إشارة بتواتر أدنى ثابت يسمى بالتواتر المتوسط (IF). يتم تصفية هذه الإشارة وتضخيمها ومن ثم استخراج إشارة الصوت منها، و إرسالها إلى مكبر الصوت.

يمكن تطبيق تقنية الاقتران غير المتجانس على الضوء أيضاً في مداخلات أخرى، مثل مداخل مايكلسون بتغيير تواتر إحدى الموجتين المنتشرتين في إحدى الذراعين قبل تداخلها مع الموجة الأخرى في الذراع الأخرى، ويُستعمل هذا التطبيق من أجل قياس عرض النبضات بالغة القصر (في مجال البيكو ثانية ps أو الفمتو ثانية fs). ويمكن أن يعدل ذلك في مقاييس التداخل الفلكية؛ إذ يتألف المقياس من مرقابين telescopes منفصلين أو أكثر يتم الجمع بين إشارتيهما، مما يعطي دقة تعادل الدقة التي يعطيها مرقاب وحيد بقطر مساوٍ للمسافة العظمى بينها، مما يحسّن مقدرة الفصل لتمييز العناصر المرصودة.

كما طُوِّر حديثاً مقياس تداخل ماك -زيندر فأدخل عليه إمكان استعمال ألياف ضوئية وليزر فيما يسمى مقياس تداخل سانياك الحلقي Sagnac ring interferometer. بنى سانياك عام 1913 مقياسه الحلقي المؤلف من ثلاث مرايا ومقسم حزمة (الشكل 14-أ)، بحيث تتداخل الحزمتان الضوئيتان اللتان تسلكان الطريق نفسه ولكن في اتجاهين متعاكسين في مقسم الحزمة. ويستبدل الآن بالمرايا ليف ضوئي مع منبع ليزري (الشكل 14- ب). وطور جيروسكوب الليزر الحلقي اعتماداً على ذلك، ويمكن أن يقوم هذا الجيروسكوب بالحفاظ على اتجاه مفضل مثل الجيروسكوب الميكانيكي بمساعدة أدوات كشف وتصحيح لمسار طائرة أو باخرة.

 

الشكل (14): مقياس تداخل سانياك، (أ) الطراز الأول منه والذي يتكون من ثلاث مرايا متماثلة ومقسم حزمة تتراكب عنده الحزمتان الضوئيتان اللتان تسلكان طريقين متعاكسين. (ب) الطراز الآخر الذي يعتمد على الألياف الضوئية.

إن اختلالاً زاوياً صغيراً في رصف هذه المرايا سيؤدي إلى تشكل نموذج تداخل لأهداب مستقيمة متوازية.

تستعمل خاصة التداخل أيضاً في مقاييس تداخل ميكانيكية، فيتألف المقياس من بلورة تهتز لتوليد أمواج فوق صوتية تُرسل إلى الوسط المدروس فتصدم عاكساً موضوعاً بشكل موازٍ للبلورة فتنعكس عائدة إلى المصدر وتتداخل مع الأمواج الصادرة وتشكل أمواجاً مستقرة يتم قياس سعاتها والتباعد بين عقد الأمواج. يمكن أن يعد هذا المقياس أداة لقياس بعض الخصائص الفيزيائية للغازات أو السوائل مثل سرعة انتشار الاضطراب في ذلك الوسط وقدرة الامتصاص والإعاقة التي تبديها تلك الأوساط للاضطرابات الميكانيكية. كما يمكن أن تستعمل لدراسة التشوهات الداخلية بناء على تشوهات الأمواج المتداخلة.

استعمال مقاييس التداخل في المجالات المختلفة:

تلخص بعض استعمالات مقاييس التداخل -ولاسيما الضوئية منها- بالتالي:

1- قياس طول موجة ضوء أحادي اللون.

2- قياس الفرق بين طولين موجيين متقاربين باستعمال أهداب التداخل الناجمة عن كل منهما واستعمال تغير في فرق المسير، كأن تحرك المرآة في مقياس تداخل مايكلسون حتى يحل هدب مضيء من الأول مكان هدب مضيء من الثاني. فإذا كانت المسافة التي تحركتها المرآة L، وباستخدام التقريب ، وفرض أن يكون (المعادلة 9):

3- تعيين قرينة الانكسار لشريحة رقيقة من مادة شفافة.

4- فحص استواء السطوح بأن يوضع سطحان مستويان (الشكل 15) أو سطح كروي وسطح مستوٍ ويضاءان لتحصل أهداب تداخل تعكس انتظام السماكة بين السطحين، ومقارنة الارتفاعات لمقاييس الأطوال بطريقة مشابهة.

 
الشكل (15)

5- نفي وجود الأثير (تجربة مايكلسون-مورلي Morely)، استعمل في هذه التجربة افتراض حركة الأرض في الأثير واختلاف المسير الضوئي في ذراعي مقياس التداخل مع السرعة، فلو وُجدت حركة للأرض حول نفسها بالنسبة للأثير لوجب وجود انزياح قدره 0.4 من الهدب، ولكن مثل هذا الانزياح لم يشاهد، وقد أعيدت التجربة مرة أخرى بعد ستة أشهر مما يستوجب انزياحاً في الأهداب أكبر من ذلك ببضع مرات، لكن ذلك لم يلاحظ مرة أخرى.

6- قياس النبضات بالغة القصر، يستعمل مداخل مايكلسون لقياس النبضات القصيرة جداً، ويعرف عندئذٍ بما يسمى بالمرابط correlator، ويوضح الشكل (16) مبدأ عمله.

 

الشكل (16) الشكل العام للمرابط الذاتي.

يعتمد عمل المرابط على قياس نموذج الشدة للنبضات الناتجة إما من ترابط (تداخل) نبضتين مختلفتين في التواتر (ترابط غير متجانس) وإما من نبضتين متشابهتين في التواتر (ترابط ذاتي)، ومن ثم حساب عرض النموذج (النبضة الناتجة)، وهو عرض مكاني، ويمكن الحصول منه على العرض الزماني للنبضة بتقسيم العرض على سرعة الضوء. ففي حالة الترابط الذاتي ترد النبضة إلى مقسم الحزمة فتنقسم نبضتين متماثلتين، تعاني إحداهما تأخراً زمنياً قدره عن الأخرى نتيجة قطعها لطريق أطول، تعود النبضتان فتتحدان ضمن بلورة لاخطية ذات استجابة سريعة فيتحقق الارتباط الذاتي. وتتولد نبضة بطول موجة يساوي نصف طول موجة الضوء الوارد عليها. يوصل الكاشف الذي قد يكون مصورة رقمية مع حاسوب أو شاشة مراقبة. تُعاير في البدء خطوة للقياس هي معايرة المرابط عن طريق تحريك المرآة المتحركة مسافة معينة وملاحظة المسافة التي تتحركها النبضة على الشاشة أو الحاسوب، ومن ثم تقسم المسافة على سرعة الضوء للحصول على المحور الزمني، فإذا كان عرض متوسط النبضة المقيس هو فإن عرض النبضة الحقيقي معطى بالمعادلة (10):

حلَّ المرابط مشكلة قياس النبضات القصيرة جداً والتي هي من رتبة عشرات البيكوثانية إلى نحو عشرات الفمتو ثانية حيث تُعد هذه النبضات أسرع بكثير من استجابة الكواشف التقليدية، وبالتالي لا يمكن قياس عرضها باستعمال تلك الكواشف. وتوجد ترتيبات تجريبية أخرى للمرابطات.

7- كما يمكن استعمال طرائق التداخل لقياس الأطوال المعيارية النهائية end gauges بدلالة طول موجة الضوء.

تطبيقات التداخل البصري

مقاييس التداخل البصري (الضوئي) optical interferometers هي أجهزة تسمح بإجراء قياسات دقيقة للأجسام اعتماداً على مخطط pattern تداخل موجتين ضوئيتين light. تتفاعل الموجة الأولى مع الجسم موضوع القياس، ولا تتفاعل الثانية معه؛ ويُمكّن تداخلهما عند التقائهما من إجراء قياسات بدقة واحد بالألف من طول الموجة المستخدم. وقد ساعدت البحوث المتعلقة بالتداخل على فهم الطبيعة الموجية للضوء وبنية الذرات والجُزَيْئات وتطبيقات عملية متنوعة. على سبيل المثال قياس مسافات وسماكات صغيرة جداً، بما في ذلك عدم انتظام السطوح في الأجهزة البصرية (الشكل 17)، مثل المرايا، وقياس الانزياحات الميكانيكية الصغيرة أياً كان منشؤها، كقياس عامل المرونة (الشكل 18) والعامل الحراري لتمدد الأجسام، وقياس قرائن الانكسار أو الموازنة بينها أو دراسة تغيرها بتغير الشروط الفيزيائية.

 

الشكل (17) أهداب التداخل بين سطح كروي وسطح مرجعي مستوي.

 
الشكل (18) قياس المرونة بواسطة أهداب التداخل بين سطح مستوي مرجعي وسطح تحت الاختبار لقياس المرونة.

وتستطيع بعض مقاييس التداخل مراقبة التغيرات السريعة في درجات الحرارة والكثافة داخل لهب، ويمكنها أيضاً قياس المسافات الدقيقة مثل حجم نمو النبات في الثانية الواحدة. ويعد علم القياس بالتداخل تقنية استقصائية مهمّة في مجالات عديدة، مثل الأبحاث الفلكية لقياس المسافات بين النجوم وأقطارها، والألياف البصرية والمقاييس الهندسية والبصرية وعلم المحيطات وعلم الزلازل والتحليل الطيفي، وميكانيك الكم والفيزياء النووية والجسيمية وفيزياء البلازما والاستشعار عن بعد والتفاعلات الجزيئية والبيولوجية. ولأجهزة التداخل استخدامات عديدة في مجالات العلوم والصناعة والقياسات الدقيقة والطب (الشكل 19).

 

الشكل (19) أهداب التداخل للكشف عن العيوب في عدسة العين.

يعرّف التداخل (أو التراكب) على أنه تأثير ناجم عن موجتين من نوع واحد، تمرَّان عبر فراغ واحد في وقت واحد. ويحدث هذا مع كل أنواع الموجات، مثل الموجات الصوتية والموجات الضوئية وموجات الراديو وموجات الماء. والتداخل البصري optical interferometry هو ظاهرة موجية تشكل مناطق مضيئة وأخرى مظلمة عند تراكب حزمتين ضوئيتين ضمن شروط خاصة.

وكان العالم توماس يونغ Thomas Young قد أوضح في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، الطبيعة الموجية للضوء باستخدام مبدأ التداخل. واخترع ألبرت إبراهام مايكلسون Albert Abraham Michelson في العام 1881 مقياس تداخل بغرض اكتشاف تأثير حركة الأرض في السرعة الملحوظة للضوء وعلاقتها بوجود وسط الأثير أم لا، وتمكن في العام 1920 من قياس قطر النجم منكب الجوزاء Betelgeuse باستخدام تداخل الضوء ونسخة مطورة من مقياس التداخل.

ويمكن تصنيف مقاييس التداخل في فئتين:

- مقاييس التداخل بتجزئة صدر الموجة wavefront-splitting interferometers: وتعتمد على تجزئة صدر الموجة الأساسية بوساطة حواجز(أو مرايا)، حيث يؤدي الحاجز دور منبع ثانوي لأمواج يتداخل بعضها مع بعض. ومن الأمثلة عليها شقا يونغ Youngs two-slit، وموشورا فرينل Fresnel&http://arab-ency.com.sy/tech/details/1116/7#39;s biprism، ومرآتا لويد Lloyd&http://arab-ency.com.sy/tech/details/1116/7#39;s mirror ، ومقياس تداخل رايلي Rayleigh.

- مقاييس التداخل بتجزئة المطال amplitude-splitting interferometers: وتعتمد على تجزئة مطال (سعة) الموجة الأساسية بالانعكاس الجزئي فقط، حيث تقسم الموجة قسمين أو أكثر لهما صدر الموجة نفسه، ولكن بمطال أقل ويتحركان في مسارات مختلفة قبل أن يعودا إلى التداخل. ومن الأمثلة عليها مقياس مايكلسون التداخلي، ومقياس تداخل جامان Jamin، ومقياس تداخل فابري- بيرو FabryPérot (الشكل 20)، ومقياس تويمان-غرين Twyman-Green، ومقياس ماك-زندر
Mach-Zehnder.

 

الشكل (20) مقياس تداخل فابري- بيرو

مقاييس التداخل الفلكية

هي صفيفة array من المقاريب telescopes أو من مقاطع مرآوية تعمل متضافرة لتقصي التراكيب بدقة عالية جداً بوساطة التداخل. تتمثل فائدة مقياس التداخل في أن الدقة الزاويّة للأداة تساوي تقريباً نظيرتها في مقراب بنصف قطر الفتحة نفسها كأداة وحيدة كبيرة تعمل على تجميع فوتونات كل مكوّن على حدة. ولكن سلبية مقياس التداخل الفلكي هي عدم قدرته على جمع الفوتونات بقدر مماثل لأداة ضخمة جداً؛ لذلك يكون مقياس التداخل الفلكي مفيداً فقط في حالة الأجسام الشديدة الإضاءة مثل النجوم القريبة الثنائية binary star.

تُستخدم مقاييس التداخل الفلكي على نطاق واسع في علم الفلك البصري Optical astronomy وعلم الفلك تحت الأحمر Infrared astronomy وعلم الفلك الراديوي Radio astronomy. ويمكن أن تستعمل تركيبة الفتحة لأداء تصوير بدرجة مَيْز عالية وذلك باستخدام مقاييس تداخل فلكية.

يستخدم مقياس التداخل البصري ذو الخطّ القاعدي الطويل جداً Very Long Baseline Interferometry (VLBI) تقنية مرتبطة بطور (مرحلة) الإغلاق لدمج مقاريب تفصل بينها مسافات بآلاف الكيلومترات لتشكيل مقاييس تداخل راديوية بدقة صحن dish وحيد قطره آلاف الكيلومترات. وفي أطوال الموجة البصرية يسمح تركيب الفتحة بالتغلب على حدّ دقة الرؤية الجوّية، مما يسمح للدقة الزاوية ببلوغ حدّ انحراف الصفّ.

يبيّن الشكل (21) أول صورة مفصلة لقرص disc حول نجم يافع التقطتها صفيفة المقراب الكبير جداً Very Large Telescope (VLT) العائد للمرصد الجنوبي الأوربي European Southern Observatory (ESO).

 
الشكل (21) أول صورة مفصلة لقرص حول نجم يافع التقطها المقراب الكبير جداً العائد للمرصد الجنوبي الأوربي.

يمكن لمقاييس التداخل البصرية إنتاج صور فلكية بدقة عالية جداً تضاهي أي نوع آخر من المقاريب. إذ أمكن الحصول في المجال الراديوي على دقة تصوير من مرتبة مكروثانية قوسية، وفي المجال المرئي وتحت الأحمر على دقة تصوير من مرتبة الملّي ثانية قوسية.

من أبسط بنى مقاييس التداخل الفلكية المرايا الموزعة على شكل قطع مكافئ parabolic، والتي تعطي مقراباً عاكساً شبه كامل (مع فتحة متناثرة sparse أو مخفّفة dilute).

تُجرى قياسات التداخل الفلكي أساساً باستخدام مقاييس تداخل مايكلسون، وفي بعض الأحيان باستخدام مقاييس أخرى. ومن المراصد الرئيسية التي تستخدم هذا النوع من أجهزة القياس: مقياس تداخل المقراب الكبير جداً VLTI الواقع في تشرو بارانال Cerro Paranal في جنوبي تشيلي Chile، ومقياس التداخل البصري النموذجي الأولي للبحرية الأمريكية Navy Prototype Optical Interferometer (NPOI) الواقع في جنوب شرقي فلاغستاف Flagstaff في ولاية أريزونا Arizona الأمريكية، وصفيفة مركز علم الفلك ذات الميْز الزاوي العالي Center for High Angular Resolution Astronomy (CHARA) الواقعة في قمة ويلسون Wilson بالقرب من لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وتعتمد المشاريع الحالية على استخدام مقاييس التداخل للبحث عن كواكب خارج المنظومة الشمسية إما بإجراء قياسات فلكية للحركة التبادلية reciprocal motion للنجم (مثل مقياس تداخل المقراب الكبير جداً، ومقياس التداخل التجريبي في بالومار Palomar)، وإما اعتماداً على الإلغاء nulling (مثل مقياس تداخل كيك Keck وداروين Darwin)، وإما بوساطة التصوير المباشر (مثل مقراب لابيري الفائق Labeyrie hypertelescope).

حساسات الدوران

سمح التقدم في تقانات الليزر والألياف البصرية باستخدام مقاييس التداخل أجهزة استشعار "مُحِسات" لمقادير فيزيائية متنوعة. ويعود استخدام مقياس التداخل للكشف ودراسة دوران الحزم البصرية إلى التجارب التي أجراها كل من سانياك Sagnac ومايكلسون حين استخدما مقاييس تداخل ذات حزمتين تدوران حول الدارة المغلقة نفسها في اتجاهين متعاكسين. وقد تنبأت كل من الفيزياء التقليدية والنسبية بحدوث انزياح لأهداب التداخل في هذه الحالة مع الدوران، نتيجة التأخير الزمني بين الحزمتين.

المقاريب المستخدمة في الرصد الفلكي

لا تشع النجوم ونوى المجرات والمستعرات العظمى في نطاق الضوء المرئي فحسب، بل تصدر أيضاً أشعة لا تراها العين مثل أشعة غاما والأشعة السينية والأشعة تحت الحمراء والأشعة الراديوية. وتنتمي كل هذه الأنواع من الأشعة إلى طيف الموجات الكهرطيسية؛ لذا يجب عند دراسة النجوم والأجرام السماوية إجراء عمليات الرصد الفلكي لكل تلك الأنواع من الأطياف لتكوين صورة مكتملة عن الجرم السماوي. وقد ابتكر العلماء أجهزة للرصد الفلكي كان أولها مقاريب رصد الضوء المرئي، ثم ابتكروا الرصد بمقاريب الأشعة الراديوية، وهي هوائيات تشبه هوائيات البث الإذاعي والتلفازي. ويمكن استقبال الضوء المرئي والأشعة الراديوية على سطح الأرض حيث يقل امتصاص الغلاف الجوي الأرضي لهما، أما الأشعة السينية وأشعة غاما الآتيتان من أجرام سماوية فلا بد من رصدهما بوساطة مقاريب خاصة محمولة على سواتل.

التطبيقات في العلوم والهندسات

تمثل تقانة التداخل بالألياف البصرية -اعتماداً على تقانات الألياف البصرية والليزر- فرعاً مهماً في تقانة القياس؛ وقد استخدمت بكثرة في مجال المحسّات لكشف موسطات فيزيائية غير متحكم بها، أو غير معروفة ومتنوعة. وإلى جانب القياسات العالية الدقة للمسافات نقطة لنقطة، يعدّ مقياس تضاريس السطوح surface topography من أهم تطبيقات التداخل الليزري؛ لمراقبة جودة السطوح المصقولة. ويعدّ قياس السطوح جزءاً أساسياً لا غنى عنه من التصنيع الدقيق، والذي يجد تطبيقات في مجالات متنوعة؛ مثل البصريات والهندسة الدقيقة وعلم الاحتكاك والتآكل والمنظومات الكهرميكانيكية المكروية والتطبيقات الطبية.

فادي قمر- إياد مدور

مراجع للاستزادة:

- D. G. Abdelsalam, B. Yao, Interferometry and its Applications in Surface Metrology, e book 2017

- J. O. Arroyo, Investigation of Nanoscopic Dynamics and Potentials by Interferometric Scattering Microscopy, Springer 2018.

- M. D. Álvarez, Optical Cavities for Optical Atomic Clocks, Atom Interferometry and Gravitational-Wave Detection, Springer 2019.

- A. Banishev et al., Optical Interferometry, Books on Demand 2017.

- P. Rastogi, E. Hack, Phase Estimation in Optical Interferometry, CRC Press, 2014.

 


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد السابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 544
الكل : 29660753
اليوم : 40763