logo

logo

logo

logo

logo

الاستشعار من بعد

استشعار من بعد

Remote sensing - Télédétection

الاستشعار من بعد

نبيل حامد 

 

الاستشعار من بعدremote sensing : هو تحصيل المعطيات عن جسم (أو ظاهرة) دون إجراء اتصال فيزيائي معه. ويُطلق هذا المصطلح - في الاستخدامات المعاصرة - على تقانات الاستشعار الجوية التي تعتمد على أخذ عينات من الأشعة الكهرطيسية الواردة من مصدر محدَّد بعيد؛ واستخدامها في جمع المعطيات الجيومكانية geospatial؛ وتفسيرها للحصول على معلومات حول الظواهر والأجسام والأصناف الموجودة على سطح الأرض وفي المحيطات وفي الغلاف الجوي. وعادةً ما تُستخدم الصورة لتمثيل تلك المعطيات وتكوين مشهد يصف مجموعة من الأجسام المتلاصقة من خلال نقاط تسمى عناصر الصورة (عنصورة) pixels ؛ لها شدة إضاءة تتناسب وكمية الأشعة المرئية أو الكهرطيسية المنعكسة أو الصادرة عن الأجسام الطبيعية. ويُبنى الاستشعار من بعد على أربعة مكوِّنات رئيسية: الهدف، المنصة، المحسّات، الإشارة وهي الإشعاع الكهرطيسي.

المنصات المستخدمة في الاستشعار من بعد

مهمة المنصات في الاستشعار من بعد هي حمل الحسّاسات sensors، وتكون المنصات في معظم الحالات متحركة مما يتسبب في انتقال حقل رؤيتهاfield of view للتركيز على أهداف جديدة. ومن أكثر المنصات المستخدمة شيوعاً السواتل التي تدور حول الأرض، إضافة إلى المركبات الفضائية والمحطات المدارية والطائرات على ارتفاعات مختلفة. ويبين الشكل (1) أنواع المنصات المستخدمة في الاستشعار من بعد.

الوصف: 20-1.psd
الشكل(1):المنصات المختلفة المستخدمة في الاستشعار من بعد

مبادئ الاستشعار من بعد

تقوم الحسّاسات المركبة على المنصات الفضائية بقياس كمية الأشعة المنعكسة ضمن مجال طيفي محدَّد. وتتعلق كمية الأشعة المنعكسة بمقدار التداخل بين الأشعة الواردة والأشعة المتعلقة؛ وبالبنية الذرية والجزيئية للمادة على الأرض؛ وبطبيعة الغلاف الجوي؛ وبمنحني استجابة الكاشف detector المستخدم في الحسّاس. وتُقاس هذه الإشعاعات ضمن عدة مجالات طيفية لتكوين ما يسمى بمنحنيات البصمة الطيفية spectral signature للمادة.

يغلب في الوقت الحاضر استخدام مصطلح الاستشعار من بعد للدلالة على استخدام السواتل لمراقبة الظواهر الموجودة على سطح الأرض؛ المرتبطة باليابسة أو بالمياه على حد سواء، من أجل الحصول على معلومات مفيدة في إعداد الخرائط؛ واستخدام الأراضي وإدارة الموارد وغير ذلك من التطبيقات. وتُستخدم من أجل ذلك ماسحات متعددة الأطياف؛ أي إن مراقبة الأرض تجري ضمن مجالات محددة من الطيف الكهرطيسي بما فيها المجال المرئي. ويمكن لمحلِّلي الصور المتعددة الأطياف استخلاص المعلومات حول المناطق المدروسة فيما يخص وضع المحاصيل وأنواعها؛ وأنماط التلوث وحالة البحار وغيرها.

معالجة معطيات الاستشعار من بعد

يتمثل الهدف الأساسي من المعالجة باستخلاص المعلومات من البيانات بعد تحويلها إلى صور وتحسينها من أجل تفسيرها، وتعتمد المعالجة أساساً على منحنيات الاستجابة الطيفية؛ وعلى ربط هذه المعلومات بالمحيط المكاني لمحتويات المشهد وما فيه من أصناف، فعلى سبيل المثال يمكن عدّ صنف النبات مؤلفاً من أصناف مختلفة مثل الأشجار والمحاصيل والعشب، وثمة تقسيمات أكثر تفصيلاً للأصناف؛ إذ يمكن استخدام خواص إضافية للتمييز بين الأصناف مثل: الشكل الهندسي ومعطيات البيئة المحيطة، أو الموقع الجغرافي.

تُحدد هذه الأصناف بوساطة تقانات معالجة الصورة مثل: الإظهار والتحسين والتصنيف والتفسير. وتعبر قيمة كل نقطة من الصورة عن كمية الأشعة الواردة إلى الكاشف، وتتم تكميتها بين 0 و255 مثلاً للحصول على صورة رقمية رمادية، ويعبِّر موضع النقطة عن موقع جغرافي محدَّد على الأرض.

يُحسَّن مظهر الصور بزيادة شدة قيم الإضاءة للنقاط لتغطي كامل مجال درجات الرمادي، وهذا من أكثر المعالجات المستخدمة. كذلك يمكن توليد صور مركَّبة ملوَّنة من خلال دمج ثلاث صور رمادية للمشهد ذاته؛ مأخوذة بأطوال موجة مختلفة لزيادة القدرة على التفسير والتحليل البصري للصور. كما تُستخدم طرق التحليل إلى المركِّبات الأساسيةprincipal component analysis لفك الترابط بين الصور المتعددة الأطياف قبل إجراء التركيب اللوني.

وتُولد خارطة وصفية thematic map بتقسيم المشهد إلى مجموعة من الأصناف مثل أصناف استعمالات الأراضي وأنواع التربة وغيرها، ويجري ذلك باستخدام الطرق الآلية التي تجزئ المشهد إلى عناصر متجانسة من حيث المواصفات الطيفية؛ أو بالرجوع إلى المشهد وانتقاء نماذج عينات تُستخدم لتقدير المواصفات الطيفية لبعض الأصناف، ومن ثَمّ يجري البحث ضمن كامل المشهد عن النقاط التي تشابه ذلك الصنف وعدّها مماثلة له بناء على قياس درجة التشابه.

وتُستخدم تقانات تعرُّف الأشكال pattern recognition لتصنيف المواضيع الموجودة في المشهد ضمن مجموعة محددة من الأصناف من خلال قياس التشابه بين الموضوع قيد الدراسة والمواضيع التي تنتمي إلى الصنف المحدَّد، وكذلك حساب مدى الاختلاف بينه وبين المواضيع التي تنتمي إلى الأصناف الأخرى. ويجري ذلك غالباً بالاعتماد على قياسات تفيد في توصيف مجموعة من السمات attributes واستخراج الخواص المرتبطة بها، ثم إجراء المقارنة لبيان المطابقة من عدمها.

يُعد تعرّف الأشكال أساساً للتطبيقات التي ترتبط بمفهوم الذكاء الصنعي artificial intelligence والمنظومات الخبيرة expert systemsوالشبكات العصبونية neural networksومعالجة الإشارة والمعلومات. ويؤدي تعرّف الأشكال دوراً مهماً في مجال الاستشعار من بعد بسبب استخدامه في التحليل الجيومكاني، ولوظيفته الأساسية في منظومات المعلومات الجغرافية geographic information systems (GIS)  ؛ والتي احتلت سريعاً مكاناً بارزاً في التحليل المكاني (المرتبط بالموقع الجغرافي) للبيانات بهدف المساعدة على صنع القرار. وتعتمد هذه التقانة على توفر مرجع مكاني موحد كالإحداثيات الجغرافية لجميع البيانات التي تُمثَّل كخريطة أو شريحة layer، ويمكن للشرائح المختلفة أن تتكدس فوق بعضها بسبب استخدام الإرجاع الجغرافي الموحّد كما هو موضح في الشكل (2).

الوصف: 20-2.psd
الشكل(2): تكدس الشرائح المختلفة بفضل الإرجاع الجغرافي الموحد

تتمثل الغاية المطلوبة من المعالجة في منظومات المعلومات الجغرافية بالحصول على مجالات تطبيقية والوصول إلى قرارات تنفيذية؛ كقرار اختيار أفضل موقع لبناء محطة توليد طاقة كهربائية على سبيل المثال، وتكون المعطيات الاستشعارية جزءاً مهماً من البيانات الرافدة لمنظومات المعلومات الجغرافية.

أجهزة الاستشعار من بعد

يتطلب جمع المعلومات عن المواد والأجسام أجهزة تسمى حسّاسات مهمتها قياس الإشعاع الصادر أو المنعكس عن تلك الأجسام، ويُعد الكاشف أهم عنصر في الحسّاسات؛ إذ يقوم بتوليد تيار كهربائي يتناسب مع شدة الإضاءة التي يتلقاها في واحدة الزمن والتي تتعلق بطول الموجة.

وتُصنَّف الحسّاسات في عدة أنواع:

أ- حسّاسات فعالة

يقوم الحسّاس الفعال active بقياس الأشعة المنعكسة عن الأهداف والتي ترسل من المنصات الحاملة لأجهزة الاستشعار، وتنقسم إلى صنفين:

1- الحساسات المعتمدة على المسح scanning؛ والتي تولد صورة مثل: رادار مصفوفة طورية غير فعال passive phased array radar، والرادار ذو الفتحة الحقيقية real aperture radar ، والرادار ذو الفتحة التركيبية synthetic aperture radar.

2- الحساسات غير المعتمدة على المسح: مثل مقياس إشعاع الأمواج المكروية microwave radiometer، ومقياس الارتفاع بالأمواج المكروية، ومقياس عمق المياه الليزري، ومقياس المسافة الليزري.

ب- حسّاسات غير فعالة

تستقبل هذه الحسّاسات الأشعة المنعكسة عن الأهداف بشكل طبيعي وتنقسم إلى صنفين:

1- الحساسات المعتمدة على المسح، مثل: كاميرات التصوير التلفزيونية، والماسحات الصلبة solid scanners، والماسحات البصرية المعتمدة على الحركة الميكانيكية، ومقياس الإشعاع المِكروي.

2- الحساسات غير المعتمدة على المسح، وتُقسم إلى نوعين:

- حساسات غير مولدة لصورة مثل مقياس الإشعاع المِكروي وحسّاس الحقل المغنطيسي magnetic sensor وحسّاس الثقالة gravimeter، ومقياس طيف فورييه Fourier spectrometer.

- حساسات مولدة لصورة، مثل: التصوير الوحيد اللون monochrome، أو بالألوان الطبيعية، أو تحت الأحمر، أو تحت الأحمر الملون.

ويُعد الماسح الكهربصري من أكثر التجهيزات شيوعاً، ويتألف من الأجزاء الآتية:

- المنظومة البصرية وتشتمل على العدسات والمرايا والفتحات والمعدلات modulators.

- الكواشف وهي التي تعطي الإشارة الكهربائية المتناسبة مع الإضاءة وتُصنع من أنصاف النواقل.

- معالج الإشارة ووظيفته تحويل الإشارة الكهربائية إلى معطيات مناسبة.

ويبين الشكل (3) طريقتي المسح الأكثر شيوعاً في الحسّاسات المستخدمة.

الوصف: 20-3.psd
الوصف: 20-4.psd
الشكل(3): طريقتا المسح الرئيسيتان

ويتحدد أداء الماسح من خلال قدرات التمييز التي يتصف بها وهي:

- قدرة التمييز المكاني :spatial resolution هي القدرة على التمييز بين جسمين متجاورين في الصورة، وتقاس بالأمتار.

- قدرة التمييز الطيفي :spectral resolution هي عرض الحزمة الطيفية التي يمكن للحسّاس أن يعمل ضمنها، وتقاس بالنانومتر.

- قدرة التمييز الإشعاعي :radiometric resolution هي مستوى التكمية لشدة الإشعاع؛ أي عدد المستويات الموجودة بين الأبيض والأسود في الصورة، وغالباً ما تكون 256 قيمة.

الاستشعار من بعد بالطيف الفائق

يعتمد مفهوم التصوير بالطيف الفائق hyperspectral imaging على أخذ العينات باستمرار ضمن مجال واسع من الطيف. ويعتمد الاستشعار المتعدد الأطياف على تقسيم الطيف إلى مجالات عريضة نسبياً (100 نانو متر)، وفي حال استخدام مجالات ضيقة ( 10نانو متر) تصبح منحنيات الانعكاسية الناتجة مشابهة لتلك التي يُحصل عليها بوساطة جهاز قياس الطيف المخبري. وتسمح الصور المأخوذة بقدرة تمييز طيفية 10 نانو متر بتباين أفضل بين الأصناف؛ إذ يتم الحصول على 217 صورة عند تقسيم المجال 0,38- 2,55 ميكرو متر الى حزم بعرض 10 نانو متر، ويمكن من هذه البيانات حساب المنحني الطيفي لأي عنصر من الصورة؛ والوصول إلى المنحني الطيفي الذي يعبر عن الصنف الخالص. وقد حُددت قدرة التمييز لحسّاسات الطيف الفائق بمقدار 30 متراً، وهي كافية من أجل الأهداف الطبيعية مثل الفلزات المعدنية والغطاء النباتي.

وتمتاز المعطيات المحصلة بالاستشعار من بعد بالطيف الفائق بقدرة عالية على تعرِّف الأصناف، وهذا ما يشجع على استخدام حسّاسات الطيف الفائق في المنصات الفضائية المستقبلية.

تطبيقات الاستشعار من بعد

تغطي تطبيقات الاستشعار من بعد مجالات عديدة مثل الجيولوحيا ودراسة الثروات الطبيعية والبيئة والنباتات والمناخ وعلوم البحار وتخطيط المدن وغيرها، وفيما يأتي بعض أهم تلك التطبيقات:

أ- التطبيقات الجيولوجية: للاستفادة من الصور الفضائية في مجال الجيولوجيا يجب أن يكون الغطاء النباتي قليلاً، أي أن تكون الصخور والتربة مكشوفة؛ لذا يعد التصوير في الربيع أو بعد جني المحاصيل مناسباً.

وقد استطاع الجيولوجيون باستخدام التصوير الجوي تعرف أنواع الصخور ، ونشأة الأرض وتكوينها (الجيومورفولوجيا)، ودراسة التغيرات الديناميكية الناجمة عن الظواهر الطبيعية (الفيضانات والاندفاعات البركانية)، ودراسة التراكيب الجيولوجية (الطيات والفوالق)، والبحث عن المؤشرات السطحية بوصفها أدلة على الثروات المعدنية الباطنية كالغاز والبترول والفلزات المختلفة، ورسم الخرائط الجيولوجية بوضع الشفافات على الصور الفضائية.

ومع انتشار استخدام الاستشعار أصبح بالإمكان الاستفادة من الميزات الإضافية الآتية:

- التغطية الواسعة للمشهد الواحد مما سمح بإجراء دراسات بمقياس كبير.

- الاستفادة من الصور المتعددة الأطياف والتمثيل الرقمي لها؛ وتطبيق المعالجات الرقمية للحصول على تراكيب لونية تُظهر بطريقة أفضل الخواص والبنيات الأرضية .

- القدرة على دمج معطيات استشعارية متنوعة المصادر (صور رادارية، وحرارية، ومتعددة الأطياف، وبيانات الارتفاعات الرقمية topographic elevation data)، مع القياسات الفيزيائية والعينات الكيميائية لتحديد خواص جديدة للظواهر الأرضية.

وقد ساعدت هذه التقانات الجيولوجيين على تحسين قدراتهم على إعداد الخرائط الجيولوجية والقيام باكتشافات لمصادر الطاقة والثروة المعدنية على نطاق واسع.

ب- التطبيقات النباتية: تتميز النباتات بخاصية امتصاصها للون الأحمر والأزرق من الطيف المرئي، وانعكاسيتها العالية في الجزء الأخضر وتحت الأحمر القريب. ويمكن تمييز أنواع مختلفة من النباتات بسبب التغير في انعكاسيتها؛ نتيجة اختلاف شكل الورقة وحجمها ونسبة محتواها من الماء ونوع التربة المزروعة فيها وكثافة النباتات التي تغطي التربة. ويمكن للاستشعار من بعد إظهار نوع المحاصيل ودرجة نضجها وحالتها الصحية، وكذلك التنبؤ بكمية الإنتاج، ويمكن تعرّف الغابات ودراسة التغيرات التي تطرأ عليها. وتظهر المنحنيات المبينة في الشكل (4) انعكاسية بعض المحاصيل في المجال المرئي وتحت الأحمر القريب.

الوصف: 20-5.psd
الشكل(4): انعكاسية بعض المحاصيل بدلالة طول الموجة (بالنانومتر)

ج- التطبيقات المناخية : أُطلق أول ساتل للطقس في عام 1960 ، ومنذ ذلك الحين توالت السواتل التي تدور بالتزامن مع دوران الأرض؛ والمحملة بحسّاسات معقدة لمراقبة الغلاف الجوي للأرض ودراسة التغيرات المناخية. وقد أصبحت الصور الفضائية الملتقطة بتلك السواتل جزءاً من نشرات الطقس المتلفزة. وتشمل الدورة الهدرولوجية المناخ إضافة إلى علم المحيطات وهدرولوجيا اليابسة. وقد أدت المراقبة المكثفة للطقس وللمناخ خلال السنوات الماضية إلى فهم عميق لآلية عمل الغلاف الجوي، وهذا ما ساعد على التنبؤ الدقيق بالمناخ لمدد تراوح بين 7 و 10 أيام. وتجدر الإشارة إلى أن 07% من سطح الكرة الأرضية مغطى بالمياه (المحيطات والبحيرات)، وأن 50 % من سطح الأرض مغطى دائماً بالغيوم التي تعطي الأمطار، لتكوّن فيما بعد السيول والأنهار. ويسمى دوران الماء هذا بالدورة الهدرولوجية.

وتتمثل مهمة سواتل الاستشعار الأساسية بإظهار المياه في المحيطات والبحيرات والأنهار ومراقبتها؛ وتحديد نسبة بخار الماء في الجو. ومع تطور الحسّاسات أصبح بالإمكان قياس درجات الحرارة؛ ومنها حساب الضغط الجوي وسرعة الرياح وحركة الكتل الهوائية، وقد سمحت سواتل الطقس منذ بداياتها بمراقبة الغيوم منذ تشكلها ومعرفة خواصها وأنواعها والتنبؤ بالأعاصير ومساراتها.

د- التطبيقات العسكرية: يُطلق على السواتل التي تُعنى بالتطبيقات العسكرية اسم سواتل الاستطلاع reconnaissance أو التجسسية spy، والهدف منها مراقبة المعارك للحصول على معلومات تساعد القيادة العسكرية على إدارة المعركة ومعرفة الخسائر الناجمة عن القصف الجوي للمنشآت المعادية على سبيل المثال. ومع بدء الحرب الباردة أصبح التجسس وجمع المعلومات هو الأهم، وبلغ عدد هذه السواتل المئات. ولعل أهم ما يميز هذه السواتل قدرة التمييز المكاني لها التي قد تصل إلى 2 سم، ويتحقق ذلك بفضل استخدام هذه السواتل مدارات منخفضة الارتفاع. وقد شاعت أيضاً السواتل المدنية التجارية التي تقوم بتصوير الأرض بقدرة تمييز تراوح من 1 م إلى 2 م.

الاستشعار من بعد في الوطن العربي

تتولى الهيئة العامة للاستشعار من بعد -التي تأسست في سورية عام 1986- جميع الأعمال المرتبطة بدراسة المعطيات الفضائية وتحليلها وتوظيفها في مشاريع مرتبطة باستكشاف الموارد الطبيعية واستثمارها؛ وبالبيئة في سورية. وتنفذ هذه المشاريع لمصلحة الوزارات والجهات الحكومية المختلفة، وتقع ضمن مجالات عديدة مثل: الزراعة والجيولوجية والثروة المائية والنفط والبيئة والتخطيط الإقليمي والآثار وغيرها. والهيئة عضو مشارك في المركز الجهوي للاستشعار من بعد لدول شمالي إفريقيا، وفي رابطة مراكز الاستشعار من بعد في الوطن العربي. وتضم الهيئة مجموعة من المخابر المتطورة مثل: مخبر معالجة المعطيات الفضائية، ومخبر منظومة المعلومات الجغرافية، ومخبر المسح والتصوير الجوي، ومخبر كيميائي. وقد أصدرت الهيئة معجماً للمصطلحات الاستشعارية وأطلس سورية الفضائي.

وقد سارعت معظم الدول العربية إلى توطين تقانات الاستشعار من بعد، ففي لبنان يعتمد المركز الوطني للاستشعار من بعد على إدخال تقنيات الاستشعار ومنظومة المعلومات الجغرافية الحديثة لدراسة مواضيع إنمائية قطاعية مختلفة في لبنان وخاصة الموارد الطبيعية وحماية البيئة.

وفي مصر تقوم الهيئة القومية للاستشعار من بعد وبحوث الفضاء بالأبحاث والمشاريع ذات الصلة؛ إضافة إلى تطويرها ساتلاً مصرياً وبناء محطة أرضية تستقبل معطياته ومعطيات التابع الفرنسي “سبوت 4 “ SPOT 4. وفي الأردن يقوم المركز الجغرافي الملكي الأردني بالمشاريع المرتبطة بالاستشعار وخاصة إعداد الخرائط. وفي السعودية توجد محطة لاستقبال الصور الفضائية من العديد من السواتل وتوزيعها، وهناك العديد من البحوث والدراسات ذات الصلة التي تتم في جامعة الملك عبد العزيز في الرياض. وقامت الإمارات ببناء ساتل خاص “دبي سات DubaiSat-1 “1. وفي ليبيا توجد محطة لاستقبال الصور الفضائية من الساتل “سبوت 5” SPOT 5. وفي الجزائر توجد وكالة فضاء تعنى بأمور الفضاء والاستشعار من بعد وتمتلك الساتل ألجسات AlgSat. وفي تونس يقوم المركز الوطني لرسم الخرائط والاستشعار من بعد بالمساهمة في تطوير تطبيقات تقنيات الاستشعار من بعد ومنظومات المعلومات الجغرافية ورسم الخرائط الرقمية.

البحوث الحالية والآفاق المستقبلية

يعد التوجه نحو منظومات الاستشعار من بعد ذات الدقة العالية من أهم سمات مستقبله، ويمكن تصنيف هذه المنظومات في أربع مجموعات:

- منظومات ذات تغطية واسعة بدقة تراوح من 5 إلى 30 متراً ومتعددة الأطياف، وهي غالباً ما تمَول من قبل الحكومات نظراً لأهميتها في التنمية وارتباطها بالتطبيقات ذات البعد القومي.

- منظومات ضيقة التغطية بدقة متر أو أقل وأحادية الطيف، ضمن المجال المرئي أو تحت الأحمر القريب، يزداد التركيز عليها من الشركات الخاصة بسبب القيمة التجارية للمعطيات ذات الدقة العالية.

- منظومات مجهزة بحسّاسات فائقة الطيف بدقة قريبة من 30متراً، وهي للأبحاث التجريبية لتطوير التطبيقات المتعلقة بالتحليل الطيفي من خلال قياسات الإشعاعات المستمرة في المجال المرئي والتحت الأحمر القريب وتحت الأحمر القصير الموجة.

- منظومات مجهزة برادارات دقتها تراوح من 5 إلى 10 أمتار. تعد أداة مهمة للكثير من مهام المراقبة نظراً لقدرتها على العمل في جميع الظروف الجوية، وهذا يدفع إلى تطوير تقانات جديدة لمعالجة البيانات وتحليلها بما في ذلك دمجها مع المعطيات البصرية.

مراجع للاستزادة:

- F. K. Lutgens, E. J. Tarbuck, The Atmosphere: An Introduction to Meteorology, 4th Ed. Prentice Hall 1994.

- Nicholas M. Short, The Remote Sensing Tutorial

http://rst.gsfc.nasa.gov/

 


التصنيف :
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 618
الكل : 31552987
اليوم : 69392