logo

logo

logo

logo

logo

الإشباع

اشباع

Saturation - Saturation

الإشباع

فرنسواه قره بيت

العلاقة بين الذوبانية والإشباع

فوق الإشباع supersaturation

التنضيد layering

 

الإشباع saturation في الكيمياء - وإن اختلفت تعاريفه وتعددت - هو في النهاية الوصول إلى السعة العظمى. وثمة في الكيمياء ستة أنواع من التعاريف للإشباع يمكن إيجازها على النحو التالي:

1 - في الكيمياء الفيزيائية: الإشباع هو النقطة التي لا يمكن لمحلول مادة ما عندها إذابة المزيد من هذه المادة، وإن أي كميات إضافية منها ستظهر على شكل راسب منفصل عن المحلول. تعتمد نقطة التركيز الأعظمي هذه - والتي تسمى نقطة الإشباع - على كل من درجة حرارة المحلول وعلى الطبيعة الكيميائية لكل من المادة التي تذاب والسائل المذيب الذي تحلّ فيه. وكثيراً ما تستعمل نقطة الإشباع هذه في تقنيات إعادة التبلور التي تهدف إلى تنقية المواد الكيميائية، وخاصة الصلبة منها، وتقوم هذه التقنيات على إذابة المادة المشوبة وصولاً إلى نقطة الإشباع في مذيب ساخن، ثم يترك المحلول حتى يبرد فيتناقص عندها ذوبان المادة المعنية في المذيب المستخدم، ويبدأ الزائد منها الذي كان منحلاً بالترسب. وبما أن الشوائب التي تكون موجودة بنسبة تركيز ضئيلة لا تشبع المذيب؛ لذا تبقى منحلة فيه إبان التبريد، وهكذا تنفصل عن المادة الراسبة فتتحقق بذلك تنقيتها.

2 - وفي الكيمياء الفيزيائية أيضاً - في حالة العمليات السطحية - يكون المقصود هنا بالإشباع الدرجة التي تكون مراكز الارتباط على السطح مشغولة بالمادة الممتزة كلها. فمثلاً يشير الإشباع القاعدي إلى كسر الكاتيونات القاعدية القابل للتبادل. وبالمثل يشير الإشباع بالآزوت في علم التربة البيئي إلى أن منظومة بيئية ما - كالتربة مثلاً - لا يمكنها احتواء المزيد من الآزوت وتخزينه.

3 - أما في الكيمياء العضوية فيشير الإشباع إلى أن المركب المشبع يكون خالياً من أي روابط مزدوجة أو ثلاثية، ففي مركبات الفحوم الهدروجينية الخطية المشبعة تكون ذرات الكربون فيها جميعاً مرتبطة بذرتي هدروجين؛ باستثناء الذرات في نهاية السلسلة حيث ترتبط بثلاث ذرات هدروجين. فمثلاً في حالة الميتان المشبع ثمة أربع ذرات هدروجين ترتبط بذرة كربون واحدة مركزية فهو مشبع، ومن الأمثلة الأخرى على مركبات الفحوم الهدروجينية المشبعة تلك التي تضم الألكانات، وعلى العكس من الألكينات التي تكون غير مشبعة. يحدِّد درجةَ الإشباع في هذه المركبات مقدارُ عدد ذرات الهدروجين الذي يمكن للمركب الارتباط به. ويستخدم هذا التعبير بالمقابل مع مكونات الحموض الدهنية (الدسمة) من الشحوم lipids، حيث يوصف الدسم عندها بأنه مشبع أو غير مشبع، وذلك بحسب ما تحتويه الحموض الدهنية فيه من روابط الكربون -الكربون المزدوجة. ويوصف المركب الكربوني أنه غير مشبع عندما يحتوي على روابط كربون - كربون مزدوجة أو ثلاثية. وفي العديد من الزيوت النباتية نسب متفاوتة من الحموض الدهنية، وتكون إما أحادية الإشباع برابطة مزدوجة واحدة؛ وإما متعددة الإشباع فيها رابطتان مزدوجتان على الأقل. وتقاس قرينة عدم الإشباع في الزيوت بعدد البروم.

4 - تتصف المعقدات غير المشبعة في الكيمياء العضوية المعدنية باحتوائها عدداً من إلكترونات التكافؤ أقل من 18 إلكتروناً، لذلك فهي عرضة للإضافة التأكسدية أو التساند مع مرتبطات إضافية. ويعد عدم الإشباع سمة مميزة للعديد من الحفازات؛ لأن ذلك عادة من مستلزمات تنشيط الركازة وإثارتها.

5 - أما في الكيمياء الحيوية فيشير مصطلح الإشباع إلى كسر مراكز الارتباط الكلية في البروتين المشغولة في زمن محدد.

6 - وفي الترموديناميك يُستخدم مصطلح الإشباع في وصف بخار الماء عندما يكون في درجة حرارة كافية لأن تجعله متوازناً مع الماء السائل. ففي درجة حرارة الإشباع - ومن أجل ضغط معين - يؤدي تبريد بخار الماء إلى تكاثفه، أما الاستمرار بتسخينه بعد هذه الدرجة فيعطي بخار ماء فوق مسخن superheated.

العلاقة بين الذوبانية والإشباع

ثمة صلة وثيقة بين الذوبانية solubility التي تقدر بكمية المذاب (المادة المنحلة) التي يمكن أن تُذاب في المذيب؛ وبين الإشباع، ولابد لفهم الإشباع من الإحاطة بمختلف جوانب الذوبانية، ولاسيما ما يتعلق بكمية المذاب في مقدار معين من المذيب، وما ينتج من ذلك أن يكون المحلول مخففاً أو مركزاً، وكذلك قابلية المذاب والمذيب للامتزاج أو عدمه الأمر الذي يسمح (أو لا يسمح) بذوبان الأول في الثاني وتكوين المحلول.

وعندما يبلغ المحلول حدَّه في ذوبانية المذاب في المذيب يُقال إن المحلول مشبع، الأمر الذي يَعني أن المذيب بعد هذا الحد غير قادر أن يحوي مزيداً من المذاب، أو إذا أضيف المزيد منه إلى المحلول المشبع فسوف يترسب المذاب الإضافي منفصلاً عن المحلول؛ مكوناً بذلك طبقة منفصلة مثله في ذلك مثل حال مادتين غير قابلتي الذوبان.

يمكن تكوين محلول مشبع من ملح الطعام والماء بإضافة الملح شيئاً فشيئاً إلى الماء مع التحريك باستمرار حتى يذوب الملح المضاف. ويلاحظ بادىء ذي بدء أن الملح يذوب بكامله في الماء ويصبح لون المحلول مائلاً إلى الأصفر بعض الشيء، من دون ظهور أي راسب صلب في المحلول. لكن عند إضافة مقدار معين من الملح إلى الماء يصبح المحلول مشبعاً، ولدى إضافة مزيد من الملح بعد بلوغ نقطة الإشباع يتوقف الملح عن الذوبان في الماء مهما طال أمد عملية مزج المحلول مع الملح الزائد؛ الذي يبدأ بالترسب مكوّناً طبقة واضحة في أسفل المحلول.

تؤثر عدة عوامل في ذوبان مادتين إحداهما في الأخرى، فإلى جانب نوع هذه المواد ومميزات المحيط الموجودة فيه (ولاسيما درجة الحرارة)، فضلاً عن الحال التي يوجد فيها كل من المذاب والمذيب، وهي أمور تتحكم في مجملها بمقدار المذاب الذي يمكن إذابته في المذيب؛ ثمة عوامل أخرى منها على سبيل المثال حال الأكسدة التي يكون عليها المذاب، وهي تشير إلى عدد الإلكترونات الموجودة في المادة، فالحديد والمنغنيز يذوبان في الماء وهما في حال أكسدة منخفضة؛ أي إنهما يحويان عدداً أكبر نسبياً من الإلكترونات؛ لكنهما يتأكسدان عند التعرض للهواء (أي يخسران إلكترونات)، فيصيران أقل ذوبانية في الماء. وهكذا تنفصل أملاح المعادن المؤكسدَة من المحلول، الأمر الذي يكسب الماء لوناً أميل إلى الأحمر أو الأسود، ويؤدي إلى ظهور بقع الصدأ على أحواض المغاسل والثياب.

فوق الإشباع supersaturation

هي حالة فريدة يحوي فيها المحلول من المذاب مقداراً يزيد على استطاعته، ليقال عندئذ: إن المحلول فوق مشبع. وتتحقق المحاليل فوق المشبعة بطرائق شتى؛ لكن المحلول فوق المشبع فيها جميعاً يكون غير مستقر، سرعان ما ينفصل منه الزائد من المذاب حالما تتغير الشروط التي يكون عليها: مثال ذلك إضافة مقدار ضئيل من المذاب؛ أو تغيير طفيف في درجة الحرارة، وعلى سبيل المثال تؤدي إضافة قسيمات الغبار إلى محلول بخار الماء في الهواء - وهو محلول قد يكون فوق مشبع بحسب درجة حرارة الهواء - إلى تغيير المحلول وانفصال بخار الماء؛ مشكلاً بذلك الغيوم والأمطار. كما يصادف أيضاً في مشروب الشاي المثلج والمحلى والذي يحضَّر بالاعتماد على خاصة المحلول المشبع، فإضافة السكر إلى الشاي الساخن تمكن من إذابة مقدار من السكر يزيد على ما يمكن إذابته منه في الشاي البارد، وهكذا عندما يبرد الشاي يبقى الزائد من السكر منحلاً فيه ومكوناً محلولاً فوق مشبع، وعندما يضاف المزيد من السكر إلى الشاي المبّرد؛ سرعان ما ينفصل منه الزائد من السكر ويصبح بذلك أقل حلاوة.

التنضيد layering

وهو ما يصادف في حال المحلول الذي تجاوز نقطة إشباعه وحال مادتين غير قابلتين للامتزاج (غير مزوجتين)؛ من الانفصال إلى طبقتين الواحدة فوق الأخرى، ولكن بإمعان النظر يتبين أن ثمة فارقاً بين الحالتين؛ إذ إن إحدى الطبقات في المحلول المشبع تحتوي على المذاب والمذيب معاً، في حين يقتصر تركيب الطبقات في المزيج غير المزوج على مادة واحدة في كل طبقة.

الشكل (1)

ينفصل المذاب الزائد المضاف إلى المحلول المشبع إما في الأعلى وإما في الأسفل من المحلول وذلك بحسب كثافة أحدهما مقارنة بالآخر.

لعل في إيراد المثال العملي التالي مزيداً من الإيضاح لمفهوم المحاليل المشبعة، وفوق المشبعة: يُفرض أنه يراد تحضير محلول من ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) في الماء بإضافة 40 غراماً - على سبيل المثال - من بلورات كلوريد الصوديوم إلى 100مل من الماء في الدرجة º20س. فمن المعلوم أن الملح مادة إيونية (شاردية) تذوب في الماء معطية إيونات Na+ و -Cl، واذا أتيحت رؤية ما يجري عند ذوبان NaCl على مستوى الإيونات تبيّن أن العملية ديناميكية، تغادر فيها إيونات الصوديوم وإيونات الكلوريد سطح بلورات كلوريد الصوديوم إلى المحلول لتتحرك بطريقة عشوائية في أرجاء المحلول، ويمكن للإيونات بمحض المصادفة أن تصطدم بسطح إحدى بلورات NaCl وتلتصق بها. ومع استمرار عملية ذوبان كلوريد الصوديوم يمر المزيد من الإيونات إلى المحلول ويزداد معدل سرعة عودتها في الوقت نفسه إلى الحالة البلورية، وينتهي الأمر إلى حال التوازن الديناميكي التي تتساوى عندها سرعة مغادرة الإيونات البلورات الصلبة إلى المحلول مع سرعة عودتها إلى البلورات. يُمثَّل هذا النوع من التوازن الديناميكي بالمعادلة:

الوصف: الوصف: 1547.jpg

(s) صلب و (aq)محلول

وعند بلوغ التوازن يتوقف ذوبان المزيد من كلوريد الصوديوم؛ أي يصبح المحلول مشبعاً، وعند ذلك يكون مقدار ما ذاب من NaCl يساوي 36 غراماً ويتخلف مقدار 4 غرامات من بلورات NaCl الصلبة في أسفل الوعاء.

فالمحلول المشبع محلول متوازن مع مقدار محدد من المادة المنحلة، والمحلول هنا مثال على محلول مشبع من كلوريد الصوديوم، ولا يمكن إذابة المزيد منه في المحلول. ومن ثم فإن ذوبانية كلوريد الصوديوم في الماء (وهي المقدار الذي يذوب منه في مقدار معين من الماء في درجة حرارة معينة لإعطاء محلول مشبع) تساوي 36.0 غراماً /100 مل من الماء في الدرجة 20 ْس.

الشكل (2): توازن الذوبان: الطور البلوري الصلب متوازن مع الإيونات (أو الجزيئات) في المحلول المشبع؛ إذ تتساوى سرعة مغادرة الإيونات (أو الجزيئات) من البلورات مع سرعة عودتها إليها.

تجدر الملاحظة أنه لدى مزج 30 غرام من كلوريد الصوديوم مع 100مل من الماء؛ يذوب الملح بكامله في الماء معطياً محلولاً غير مشبع؛ أي يمكن إذابة مزيد من الملح فيه.

يقارن الشكل (3) بين النوعين من المحاليل: المشبع وغير المشبع.

الشكل (3)

أما الحصول على محلول فوق مشبع يحتوي على مادة منحلة يزيد مقدارها على ما يمكن أن يحتويه المحلول المشبع فيمكن إيضاحه بالمثال الفعلي التالي: عند تحضير محلول مشبع من ثيوكبريتات الصوديوم Na2S2O3 في الماء في درجة الحرارة 100 ْس، حيث تساوي ذوبانية هذا الملح 231 غراماً/100 مل، لكنها تنخفض في درجة الحرارة العادية إلى نحو 50 غراماً/100 مل. ولذلك يتوقع عند تبريد المحلول المشبع أن تترسب ثيوكبريتات الصوديوم منفصلة عن المحلول، ولكن ذلك لا يحدث ويتكون محلول يحتوي 231 غراماً من الثيوكبريتات /100 مل ماء في درجة حرارة الغرفة، ويسمى محلولاً فوق مشبع من هذا الملح.

تتميز المحاليل فوق المشبعة أنها غير متوازنة مع المادة الصلبة المذابة فيها، لذا عند إضافة بلورة صغيرة من ثيوكبريتات الصوديوم إلى المحلول فوق المشبع يتبلور مباشرة الزائد من الثيوكبريتات بسرعة.

تبين الأشكال الثلاثة المبينة في الشكل (4) عملية التبلور من محلول خلات الصوديوم فوق المشبع بعد إضافة بلورة صغيرة منها إلى المحلول؛ إذ ينتشر نمو البلورات من اليسار إلى اليمين بسرعة خلال زمن لا يتعدى بضع ثوان.

الشكل (4)

 

مراجع للاستزادة:

- فيليب ماثيو Philip Matthews(، الكيمياء المتقدمة 2، ترجمة هيام بيرقدار مراجعة حسن كلاوي، المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر، دمشق 2000.

 


التصنيف : الكيمياء الفيزيائية
النوع : الكيمياء الفيزيائية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 549
الكل : 31607658
اليوم : 42513