logo

logo

logo

logo

logo

الأخضورة وخرائط المنظومات البيئية

اخضوره وخرايط منظومات بيييه

Vegetation and ecosystem mapping - Végétation et cartographie de l'écosystème



الأخضورة وخرائط المنظومات البيئية

 

النباتات في النظام البيئي

الأخضورة والبيئة

المستويات التنظيمية المتكاملة للنظام البيئي

خرائط المنظومات البيئية

 

 

 

تضم الكرة الأرضية قسمين: يتمثل الأول بالكائنات الحية على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها وأماكن وجودها، إضافة إلى الإنسان حيثما وأينما حلّ؛ والثاني قسم غير حي يشمل الهواء الذي يغلف الأرض بغازاته المختلفة، والماء بجميع حالاته وأماكن وجوده، والصخور وما ينتج منها من ترب مختلفة في خصائصها الفيزيائية والكيميائية والخصوبية. ويتميز كوكب الأرض بصفات وخصائص مختلفة تماماً عن تلك التي تتمتع بها بقية كواكب المجموعة الشمسية، الأمر الذي يكسبه بيئة متميزة أهم ما فيها أنها مناسبة للحياة  وملائمة لها.

يعود استعمال مصطلح علم البيئة ´ecologie  إلى عام 1866 من قبل إرنست هيكل Ernst Heackel، أما مصطلح المنظومة البيئية  écosystèmeفقد عُرف أول مرة من قبل تانسلي Tansley عام 1925. ويُعرف مصطلح المحيط (أو البيئة) énvironnement بأنه كل مكان - مهما كانت مساحته وموقعه الجغرافي -  بما يتضمنه من مكونات حية (نباتات وحيوانات وإنسان) وغير حية (ماء وهواء وتراب وطاقة) مع ما ينشأ بينها من علاقات متبادلة مترابطة. أما المنظومة البيئية فهي وحدة بيئية ذات بنيان مستقر نسبياً، متكامل وبالغ التعقيد ومتجدد الموارد ومتميز بعلاقات مستمرة متداخلة مترابطة مرنة ومتوازنة قائمة بين مختلف مكوناته الحية وغير الحية التي يعتمد بعضها على بعض في كل أو جزء من وجودها وتطورها، كما يقوم كل منها بوظيفته في هذا البنيان.

النباتات في النظام البيئي:

استعملت مصطلحات عديدة للتعبير عن  المجموعات النباتية في المنظومة البيئية، ومن أبرزها مصطلح الأخضورة أو النبت végétation الذي يدل على كل ما ينبت ويشير إلى كل ما هو أخضر اللون من النباتات، كما شاع في الآونة الأخيرة استعمال مصطلح النبيت الإقليمي flore، وهذان المصطلحان يستثنيان الفطريات والطحالب والبكتريا.

وفي الواقع تمثل النباتات بمفهومها الواسع أعمدة البناء الحيوي لأي منظومة بيئية ولبناته؛ إلى جانب الحيوانات والإنسان؛ لأن النباتات - والخضراء منها تحديداً - وحدها القادرة على استقلاب الطاقة الضوئية الشمسية وتحويلها إلى طاقة كيميائية بعملية التركيب الضوئي مصنِّعة بذلك مواد بنائها وغذائها ومخزنة هذه الطاقة في خلاياها ونسجها ؛ مؤسسة بذلك القاعدة الغذائية الرئيسة والوحيدة والمباشرة للعواشب، وغير المباشرة لآكلات اللواحم والآكلات المتنوعة.

تُعدُّ الأخضورة صلة الوصل الوحيدة بين المصدر الطبيعي للطاقة ومستهلكيها من الأحياء، كما أنها تمثل الجسر المهم جداً بين العالم المعدني والعالم العضوي؛ لأن العناصر المعدنية وأشباهها المتوفرة في البيئة تنتقل إلى بقية الأحياء عن طريق النباتات الخضراء، فهي تمثل بذلك حلقة رئيسة ومصيرية في دورة العناصر في الطبيعة.

تقوم النباتات بتنقية الجو من بعض الغازات الملوثة ولاسيما ثنائي أكسيد الكربون وثنائي أكسيد الكبريت والنتروجين، كما تعمل على إغناء الجو بالأكسجين وبخار الماء والحد من ارتفاع درجة الحرارة وتخفيف الجفاف، إضافة إلى ذلك تقلل الأخضورة إلى حد كبير الضجيج في المدن وعلى جانبي الطرق، كذلك تسهم إلى جانب الأحياء الدقيقة في تخليص البيئة من خطر تراكم الكثير من النفايات والفضلات من خلال عمليات التحليل والتفكيك والتبسيط التي تقوم بها.

تحمي الأخضورة التربة من الحت والانجراف والإشعاع الشمسي الشديد، كما تغنيها بالمخلفات العضوية وتساعدها على التشكل والتطور والتراكم، كذلك تحافظ على رطوبتها وتنظم جريان الماء على سطحها وتصريفه بداخلها، إنها تمثل الصيدلية الطبيعية المستدامة لقاصديها، وما الطب الشعبي إلا دليل قاطع على ذلك. وهي كذلك مصدر إلهام وراحة نفسية واجتماعية وعنوان محبة للناس وذلك من خلال أشكالها وألوانها وأزهارها وروائحها.

كانت الأخضورة والمغارات والكهوف المأوى والملاذ الآمن للإنسان قبل أن يعرف الاستقرار والسكن، وهي لا تزال كذلك بالنسبة إلى كثير من الحيوانات من مختلف الأنواع والأحجام؛ كما تمثل الأخضورة المستحاثية شواهد حقيقية للتاريخ البيئي الغابر للأرض.

الأخضورة والبيئة:

إذا كان الإنسان ابن بيئته، فإن النبات ابنها وصورتها والدال على حقيقتها، فعلى الرغم من التشابه الكبير بين النباتات والحيوانات والإنسان في مقومات الحياة ومتطلباتها من التغذية والاستقلاب والتنفس والنمو والتكاثر والحركة والإحساس لكن هذه النباتات تختلف بشدة حتى في آليات تحقيق هذه المقومات ووسائلها.

وفي الواقع تعتمد النباتات على ما توفره البيئة التي تنمو فيها من عناصر ومواد ضرورية لحياتها ونشاطاتها، وهي بخلاف الحيوانات والإنسان لا تستطيع التنقل أو الحركة بحثاً عن الماء والهواء وعن الضوء والدفء والتربة الخصبة وعناصرها المعدنية، كما أنها لا تستطيع الهروب من الحرّ والقرّ أو من النار والسيول أو من المفترس وحامل الفأس، في حين تستطيع الحيوانات  الحركة والتنقل لأبسط الأسباب وبآليات مختلفة تتغير من المشي إلى الطيران مروراً بالجري والقفز والدبيب والزحف والسباحة.

وهكذا تخضع النباتات لأمر البيئة بأدق تغيرات عناصرها وعواملها ومقوماتها، وتقوم باصطفاءٍ طبيعي وتلقائي لنباتاتها التي ليس لها أي خيار سوى القبول بما توفره هذه البيئة، فتُناغم نشاطاتها مع أدق تغيرات مكونات البيئة وأبسطها؛ محاولة التساهل والتأقلم والتكيف والمقاومة؛ وإذا أخفقت كل هذه المحاولات يظهر التقهقر جلياً على النبات، ويستمر لينتهي بالموت والاختفاء من البيئة. ومن ثم فإن النبت (الأخضورة) تمثل - بحكم وجودها واستمرارها ودرجة نموها وإنتاجيتها - صورة البيئة التي تعيش فيها، وهي مؤشرات حيوية bio-indicateurs على طبيعة البيئة والمنظومات البيئية ونوعيتها ودرجة تطورها وخصائصها كالغابات والسافانا والمانغروف والأخضورة الاستوائية والأخضورة المتوسطية، حتى إن وجود بعض أنواع الأخضورة وتوزعها يرسم الحدود الجغرافية لهذه البيئة أو تلك المنظومة البيئية؛ إلى درجة تطابق الحدود الجغرافية والمساحية لتوزع بعض النباتات مع الحدود الجغرافية والمساحية لبيئاتها ونظمها البيئية والأمثلة كثيرة في هذا المجال، مما ساعد على استعمال الأخضورة في تمييز البيئات والنظم البيئية وتحديدها جغرافياً.

المستويات التنظيمية المتكاملة للنظام البيئي

تتمتع المنظومة البيئية من حيث كونها مفهوماً بيئياً بمرونة واسعة جداً ولاسيما من الناحيتين الجغرافية والحيوية، فقد تشغل حيزاً صغيراً بوحدات بيولوجية صغيرة أو دقيقة (وسط نمو خلية بكترية)، وقد تشمل أصقاع الأرض كافة بما تحويه من كائنات حية. ويمكن تحديد مستويات أي منظومة بيئية بناءً على الوحدات البيولوجية التي تتضمنها والوحدات الجغرافية التي تشغلها؛ وتضم الوحدات البيولوجية الأنواع النباتية والحيوانية الموجودة في هذه المنظومة إضافة إلى الإنسان ونشاطاته المختلفة؛ مركزة على الصفات الحيوية والبيئية، الاجتماعية والجماعية، الجغرافية والبيئية. أما الوحدات الجغرافية فتمثل المساحة التي تشغلها المنظومة البيئية وموقعها الجغرافي وبالتالي خصائصها البيئية وعلاقتها بالمنظومات الأخرى؛ وهكذا تترتب المستويات التنظيمية للمنظومة البيئية من الأكبر إلى الأصغر كما يلي:

1- منظومة بيئية فائقة أو عملاقة hyper écosystème: هي منظومة واحدة تتمثل ببيئة الكرة الأرضية مقارنة بمنظومات بقية كواكب المجموعة الشمسية، وغالباً ما تقسم إلى منظومة بيئية مائية écosystème aquatique، ومنظومة بيئية قارية écosystème terrestre.

2- منظومة بيئية ضخمة super écosystème: تنتج من تقسيم المنظومة البيئية العملاقة إلى عدة منظومات تتحدد وفقاً لدرجات العرض وما ينتج منها مثل المنظومات البيئية الاستوائية والمدارية والمعتدلة والباردة والقطبية.

3- منظومة بيئية كبيرة macro-écosystème أو إقليمية écosystème régional: وتنتج من تقسيم المنظومة البيئية الضخمة إلى عدة منظومات بيئية كبيرة، تتحدد وفقاً للموقع الجغرافي وتوزع المسطحات المائية، وما ينتج منها كالمنظومة البيئية المتوسطية التي تمثل جزءاً من المنظومة البيئية المعتدلة.

4- منظومة بيئية وسطية méso-écosystème أو محلية ´ecosystème local: تتحدد في إطار كل منظومة بيئية كبيرة، وذلك بناءً على الخصائص الطبوغرافية (سفح، جبل، منحدر، وادٍ، منخفض) والترابية (تربة رملية، كلسية، دبالية..)؛ كمنظومة بيئة الساحل السوري والغاب ومنخفض البحر الميِّت، وجميعها منظومات بيئية محلية واقعة في إطار المنظومة البيئية المتوسطية.

5- منظومة بيئية دقيقة micro-écosystème: ترتبط بتوفر ظروف بيئية خاصة جداً وفي مكان محدد بدقة، وهكذا تتكون كل منظومة بيئية محلية من عدد لا نهائي من المنظومات البيئية الدقيقة، وهي متفاوتة الحجم مثل وسط نمو مستعمرة بكترية، أو جذع شجرة متحلل بما يؤويه من أحياء، أو ظل شجرة بمواصفاته البيئية والحيوية، أو التربة الناتجة من الصخور الخضراء في شمال غربي سورية التي تتميز بظاهرة التوطن.

6- منظومة بيئية اصطناعية écosystème artificiel: هي حالة خاصة لا ترتبط بالزمان ولا بالمكان؛ بل بنشاط الإنسان كحقول الزراعة والسدود والبيت الزجاجي وحوض تربية الأسماك وغير ذلك.

خرائط المنظومات البيئية

يجب التمييز بين مخطط schéma النظام البيئي وبين خريطته plan؛ فالمخطط يوضح الهيكل البنيوي الحيوي والفيزيوغرافي للمنظومة البيئية من دون الخوض في تفاصيل تتعلق بأنواع الكائنات الحية وأعدادها وموقع المنظومة ومساحتها وخصائصها البيئية، وغالباً ما يظهر المخطط رسماً تخطيطياً لمقطع أفقي أو شاقولي للمنظومة البيئية ( الشكلان  1 و2).

الشكل (1) مخطط نظام بيئي لمستنقع:  1 - عوالق نباتية، 2- عوالق حيوانية، 3- حشرات ويرقات مائية
ء4- سمك الشبوط 5 - أسماك مستطيلة الشكل 6 - يرقات 7- بكتريا  
الشكل (2) مخطط نظام بيئي لغابة استوائية:ء
هذا الشكل يمثل التوزع الشاقولي للنباتات في الغابة بحسب حاجتها إلى الضوء

أما خريطة المنظومة البيئية فهي رسم مساحي بمقياس معين لموقعها مع حدودها الجغرافية، وغالباً ما يرافق ذلك تحميل بعض الخصائص المميزة لها، ولا سيما تلك التي تدل من دون شك على وجود هذه المنظومة وقيامها؛ كبعض الخصائص المناخية أو التربية أو التوزع الجغرافي لبعض أنواع الأخضورة أو وحداتها، لأن النباتات تمثل الصورة الحقيقية والظاهرة للعيان لتكيف هذه النباتات مع الظروف البيئية السائدة والمحددة والمميزة للمنظومة البيئية.

يرتكز استعمال الأخضورة في رسم حدود المنظومة البيئية على إجراء مسح شامل للنبيت ينجم عنه حصر الأنواع النباتية وأفرادها وعدها وتحديد الأجناس والفصائل التابعة لها، ثم محاولة ربط التوزيع الجغرافي لهذه النباتات بالمساحة التي تشغلها المنظومة البيئية وتحديد مدى تطابق حدود توزع بعض الأنواع أو الوحدات النباتية مع الحدود الجغرافية لها، وهنا تبرز أهمية الأخضورة في رسم حدود الخريطة الجغرافية للمنظومة البيئية، وهناك أمثلة عديدة على ذلك كاستعمال التوزع الجغرافي لشجرة الزيتون Olea لرسم الحدود الجغرافية للمنظومة البيئية المتوسطية ( الشكل 3)، وكذلك الاعتماد على التوزع الجغرافي لأشجار النخل Phoenix في رسم حدود المنظومة البيئية الصحراوية.

وعندما تصبح الأخضورة دالة على المنظومة البيئية من خلال الارتباط الوثيق لبعض خصائصها وصفاتها بالمنظومة؛ فإن الرابط الأساس بين الأخضورة والمنظومة هو معيار الوجود؛ أي إن وجود النبات يعني تماماً وجود المنظومة البيئية. ومن أبرز خصائص الأخضورة المستعملة في رسم المنظومة البيئية وتحديدها ما يلي:

1 - الوحدات التصنيفية:

تعبر عن درجة القرابة الوراثية بين النباتات، وهذه الوحدات مرتبة من الأكبر إلى الأصغر: المملكة، الشعبة، الصف، الرتبة، الفصيلة، الجنس، النوع، تحت النوع، الضرب؛ تزداد درجة القرابة من الوحدات العليا إلى الوحدات الدنيا، ويحدث العكس بالنسبة إلى رقعة التوزع الجغرافي.

ثمة تطابق كبير بين التوزع الجغرافي لبعض المستويات التصنيفية  للأخضورة ومساحة بعض المستويات التنظيمية للمنظومة البيئية، فحدود توزع العديد من تحت نوع الصنوبر الجبلي  Pinus montana يتوافق وتوفر منظومات بيئية محلية أو دقيقة (الشكل4  )، أما حدود التوزع الجغرافي لبعض الأنواع النباتية فيتوافق وحدود المنظومة البيئية الإقليمية المتوسطية مثال السنديان الأخضر  Quercus ilex والملول   Quercus infectoria والقطلب  Arbutus unedo والبطم  Pistacia terebinthus (الشكل 5)، أما التوزع الجغرافي لبعض الصفوف النباتية أو الرتب والشعب والمملكة فيشمل المنظومات البيئية الضخمة والمنظومة البيئية العملاقة أو الفائقة (الشكل 6).

الشكل (3) التوزع الجغرافي لشجرة الزيتون في حوض المتوسط  
 
الشكل (4) توزع تحت نوع من الصنوبر الجبلي   
 
الشكل (5) توزع أربعة أنواع شجرية مميزة للنظام البيئي المتوسطي: السنديان الأخضر - السنديان - القطلب - البطم    
 
الشكل (6) توزع الممالك النباتية    

2ـ الوحدات الاجتماعية:

 
الشكل (7) توزع جنسين بديلين
Nothofagus و Fagus
1. F.grandifelia 2- F.silvatica 3-F.crenata; F.japonica 4- Nothofagus 
   
 

هي محصلة العلاقات الاجتماعية القائمة بين مجموعة نباتية، وتأخذ عدة مستويات مرتبة من الأكبر إلى الأصغر: الصف classe، الرتبة ordre، الحلف alliance، المجتمع association، تحت المجتمع sous-association، السحنة faciès، المغاير variant.

أكدت الدراسات الاجتماعية أن وجود الوحدات الثلاث الأخيرة (الدنيا) يتوافق مع مستوى منظومة بيئية دقيقة. أما توزع الوحدات الكبرى فيوجد في مستويات أكبر للمنظومة البيئية.

3ـ الأنماط البيئية:  

هي مجموعة من الأنواع النباتية المرتبطة بنمط محدد من البيئات، وهي بذلك دالة عليها كالنباتات المائية، والمحبة للرطوبة، والأليفة للظل، والجفافية، والصحراوية، والملحية وغيرها؛ وهناك أمثلة عديدة على ذلك: فالقصب الشائع Phragmites communis، وجار النهر Potamogeton crispus، والجرجير Nasturtium officinale، والميريوفيللوم Myriophyllum، والإيلوديا Elodea كلها نباتات مائية hydrophytes، وبالتالي حدود انتشارها تتوافق تماماً وحدود المنظومة البيئية المائية.

تضم النباتات الصحراوية بعض أنواع النخل Phoenix والصباريات Cactus، فتوزعها الجغرافي يتوافق مع المنظومة البيئية الصحراوية، إضافة إلى ذلك يرتبط وجود النباتات المَلِحَة halophytes بتوفر تربة غنية بالأملاح، فحدود انتشار هذه النباتات يتوافق ومنظومة بيئية دقيقة متمثلة بتربة مالحة مثل الشنان Anabasis، والصر Noea، والحَرْض Salsola وغيرها.

4ـ الأنماط الجغرافية:

هي نباتات ينحصر وجودها في مناطق جغرافية دون غيرها، كالنباتات الكونية cosmopolites أو عالمية الانتشار، والنباتات النطاقية، والنباتات المتوطنة endèmiques، والنباتات البديلة vicariantes، والنباتات الباقية. فتوزع بعض النباتات عالمية الانتشار كالطحالب algues يدل على منظومة بيئية عملاقة مائية، وتوزع شرابة الراعي Capsella brusa-pastoris يدل على منظومة بيئية عملاقة أرضية؛ كذلك يتوافق توزع بعض النباتات النطاقية وحدود منظومة بيئية ضخمة مثل توزع جنس الزان Fagus وأنواعه وجنس الزان الشمالي Nothofagus (الشكل 7)، وكذلك النخيلية Palmaceae الذي ينحصر توزعه بين درجتي عرض مشكلاً شريطاً أو نطاقاً حول الكرة الأرضية (الشكل 8). كما أن توزع النباتات المتوطنة كنبات الصنوبر الأسود  Pinus nigra وتحت أنواعه (الشكل9 ) وتوزع النباتات الباقية يدل على منظومة بيئية دقيقة، كذلك نبات قنطريون بتوسيموبيوس  Ptosimopappus المتوطن في شمال غربي سورية على ترب الصخور الخضراء، وبقايا الغابات المخروطية الشمالية في قمم الجبال المتوسطية؛ أما توزع النباتات البديلة فيدل على منظومة بيئية محلية كوجود السنديان العادي  Quercus calliprinus في الجزء الشرقي من حوض المتوسط والسنديان الأخضر في الجزء الغربي منه.

 
Palmacea الشكل (8) توزع النخيلية      
 
الشكل (9) توزع تحت أنواع الصنوبر الأسود في نظم بيئية دقيقة
A-ssp. australis S- ssp. salzmanii C- ssp. corsica M- ssp. mauritanica P- ssp. pallasina     
 
الشكل (10) ء     
 

5ـ الأنماط الطبيعية للأخضورة:

 
الشكل (11) : العلاقة بين توزع الأنماط البيئية للأخضورة والمناخات الحيوية      

النواميس الطبيعية  physionomyهي الأشكال العامة الناتجة من تجمع النباتات جنباً إلى جنب كالغابة والماكي maquis، والغاريق garrigues، والفريغانا phryganas، والمانغروف mangroves، والسافانا savanne، والبرِري prairies، والتايغا taïga، والتوندرا toundra (الشكل 10)، وكلها تؤلف تجمعات لنباتات مختلفة تعطي منظومات بيئية حقيقية لها التسمية السابقة نفسها، وتتميز بمواقعها الجغرافية وخصائصها النبيتية (الفلورية) والمناخية والتربية والطبوغرافية. يتطابق توزع الغابات الاستوائية المطيرة مع المنظومة البيئية الاستوائية الماطرة؛ وتدل  غابات المانغروف على وجود منظومة بيئية مائية مالحة كما في الخليج العربي وعلى السواحل الشرقية للبحر الأحمر، ويتوافق وجود التوندرا والتايغا مع المنظومة البيئية الباردة والشديدة البرودة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية.

كما تساهم هيئة الأخضورة في تحديد حالة المنظومة البيئية؛ فالماكي والغاريق يدلان على منظومة بيئية غابية متوسطية متدهورة ولو بدرجات مختلفة. أما الفريغانا فهي نمط من التشكيلات النباتية الدالة على تدهور شديد جداً للمنظومة الغابية المتوسطية حيث تكاد تغيب الأشجار فيها.

إضافة إلى ذلك تدل هيئة الأخضورة بوضوح تام على المناخات الحيوية السائدة ولاسيما ما يتعلق بدرجة الحرارة وكميات الأمطار ( الشكل 11)

6ـ الأنماط البيولوجية:

يمثل كل نمط مجموعة من النباتات المتشابهة في آليات تكيفها ومقاومتها لدرجات الحرارة العالية والمنخفضة مع كل ما ينتج منهما؛ وهذه الأنماط هي النباتات البارزة phanérophytes، والنباتات المتقزمة chamaephytes، والنباتات المعمرة hémicryptophytes، والنباتات الحولية thérophytes، والنباتات تحت الأرضية géophytes، والنباتات الفوقية épiphytes؛ تكون النسب المئوية لهذه الأنماط ما يعرف بالطيف البيولوجي spectre biologique، وهو من صفات الأخضورة الدالة من دون أدنى شك على بيئة أو منظومة بيئية معينة وعلى مناخ محدد مثلاً:

عندما تؤلف النباتات البارزة غالبية الأخضورة وإلى جانبها النباتات الفوقية فهذا يؤكد قطعاً أن هذه الأخضورة تؤلف منظومةً بيئيةً غابيةً، ولتحديد ماهية هذه الغابة يكفي الاعتماد على الأنواع النباتية المكونة للأخضورة، وبربطها بالمناخ يمكن تحديد موقع المنظومة البيئية الغابية الاستوائية أو المتوسطية، متساقطة الأوراق أو مخروطية. أما عندما تسود النباتات الحولية دون غيرها فهذا يدل على منظومة بيئية صحراوية أو جافة، باردةً كانت أم حارة، وإذا كانت النسب المئوية للأنماط الحيوية متقاربة فهذا يدل على منظومة بيئية معتدلة.

وهكذا تؤكد الأمثلة السابقة أن الأخضورة بخصائصها المختلفة الحيوية والجغرافية والبيئية والفيزيولوجية تمثل العامل الحيوي المهم في رسم حدود جغرافية المنظومة البيئية ومكوناتها الحيوية وخصائصها المناخية، حتى فيما يتعلق بالحيوانات التي يرتبط وجودها بوجود الأخضورة التي تمثل الغذاء والمأوى لهذه الحيوانات، كما تدل أيضاً على الكثير من النشاطات البشرية المختلفة من زراعة وصناعة ورعي واحتطاب واستصلاح وغير ذلك.

 

سهيل نادر

 

 

 

مراجع للاستزادة:

 - يوسف بركودة ، البيئة وتوزع النبات الجغرافي، جامعة دمشق، 1989.

 - غسان سلوم، سهيل نادر، علم البيئة النباتية، جامعة دمشق، 2008.

 - سهيل نادر، الفريغانا الشرقية في سورية: دراسة بيئية واجتماعية نباتية، أسبوع العلم التاسع والثلاثون، دمشق 1999.

- G. Lemée, Précis d’écologie. Masson éditeur, Paris, 1978.

- P. Ozenda, Les végétaux dans la biosphère. Dion éditeur, Paris, 1982.

- P. Quezel et all, Carte de la végétation potentielle de la région Méditerrranéenne. CNRS edition, Paris, 1985.

 

 


التصنيف : البيئة
النوع : البيئة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 421
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1077
الكل : 31554614
اليوم : 71019