logo

logo

logo

logo

logo

الاحتياجات المائية للجسم

احتياجات ماييه جسم

Body water requirements - Besoins en eau du corps

الاحتياجات المائية للجسم

نزار حمد

تنظيم إفراز الماء الماء في الغذاء
وظائف الماء في الجسم الماء في الجسم
متطلبات الماء التحكم في تناول الماء
الماء وصحة الإنسان

فقد الماء من الجسم

 

 

الماء أساسي للحياة؛ إذ يمكن للإنسان أن يعيش من دون طعام مدة قد تمتد إلى نحو ثمانية أسابيع، إلا أن غياب الماء يقَّصرها إلى أيام معدودات.

ويقدر الماء بما يزيد على نصف وزن الجسم، فهو الوسط الناقل للعناصر المغذية، ويسهم بدور أساسي بالتخلص من قسم منها، ذلك لأنه يتم من خلال وظائفه المتعددة طرح مخلفات العمليات الحيوية المختلفة. وعلى الرغم من أنه يتم توزع الماء داخل الجسم على نحو منضبط فإنه لا يمكن تخزينه. وإن أي تغيرات شديدة تطرأ من حيث كميته ومسالك توزعها داخل الجسم قد تخلَّف آثاراً خطرة. وفي حالة تعاظم الفاقد من الماء بسسب التمارين الرياضية أو التعرض للأجواء الحارة فإنه ينبغي تزويد الجسم به بما يقيم توازناً بين العناصر المختلفة ويعيدها إلى سابق عهدها.

الماء في الغذاء: يعدّ الغذاء المصدر الرئيس لماء الجسم، فهناك الماء الذي يشرب صرفاً وماء الأطعمة السائلة وتلك الصلبة، فالحليب مثلاً يمتلك الماء بنسبة 90 %، وكذلك تحتويه ثمار التفاح بنسبة تبلغ نحو 85 %، في حين أنه يدخل بنسبة تصل إلى 50 % في شرائح شواء لحم البقر. ويذكر أنه يتم إطلاق كمية محدوة من الماء داخل الجسم نتيجة لعمليات الاستقلاب metabolism إلا أنها كمية محدودة لا تفي بالاحتياجات الحيوية.

الماء في الجسم: تبلغ نسبة ماء البالغ نحواً من 60 % من جسم الإنسان وتزيد على ذلك في الأطفال الصغار، إلا أنها تتراجع مع تقدم العمر إلى سن البلوغ. ويتوزع الماء بين مختلف أعضاء الجسم بنسب متفاوتة، فهو يبلغ في الدم نحوًا من 82 %، وفي العضلات 75 % وفي العظام نحو 25 %. ويتفاوت تركيز المواد الذائبة في ماء الجسم - أو ما يدعى بالمواد المذابة solutes - تبعاً لأقسام الجسم المختلفة، إذ يوجد البروتين بأعلى تركيز له في السائل المتوضع فيما بين الخلايا وبأدنى تركيز في السائل خارج الخلايا، وبتركيز أكثر انخفاضاً في سائل ما بين النسج. وتمثل حركة الماء في الجسم وانتقاله من قسم إلى آخر انعكاساً لخاصية ضغط السوائل وتراكيز المواد الذائبة في أجزائه المختلفة. ويدعى انتشار الماء عبر غشاء من حيز يضم مادة ذائبة بتركيز مرتفع إلى حيز آخر ومجاور يحتويها بتركيز أدنى بالحلول الأسموزي osmosis، ويمكن للجسم من خلال هذه الآلية أن يتحكم بكل من كمية الماء وبتركيز المواد الذائبة فيه.

التحكم في تناول الماء: إن الجسم بحاجة مستمرة إلى الماء. ويتطلب تحقيق التوازن المائي في الجسم أن تكون كمية الماء التي يتم تناولها مساوية لتلك التي تفقد. ويذكر أن ما يُحدث الرغبة بتجرع الماء - وهو يدعى بالظمأ- يرجع إلى مركز العطش في الدماغ عندما يتحسس انخفاضاً في حجم الدم وازدياداً في تركيز المواد الذائبة فيه. كما يُحدث انخفاض كمية الماء في الدم انخفاضاً موازياً في إفراز اللعاب saliva. وتؤدي الإشارات المنبثقة من الدماغ المترافقة وجفاف الفم إلى تشكل شعور يكون مؤداه الرغبة في تناول السوائل، وهذا يتم في وقت مبكر كثيراً للحظة التي يتحقق فيها التوازن في محتوى الماء. كما أن الإحساس بالظمأ يأتي في وقت لاحق لحاجة الجسم إلى الماء. ومثال ذلك أن الرياضيين الذين يجرون تدريباتهم في جو حار سرعان ما يفقدون الماء، ومع ذلك فهم لا يتعرضون للشعور بالظمأ الحاد إلا بعد أن يفقدوا الكثير من ماء أجسادهم. فالشخص الذي يعاني الحمى وارتفاع الحرارة والتقيؤ أو الإسهال يفقد الماء بسرعة، ومع ذلك لا تتشكل لديه آلية الشعور بالعطش بما يكفي للتعويض عن السوائل المفقودة. وكذلك فإنه لا يُعتمد كثيراً على آلية الشعور بالظمأ لدى كبار السن، لدرجة أنهم ربما لا يشعرون بالظمأ حتى مع فقدان قسم كبير من ماء أجسادهم.

فقد الماء من الجسم: يفقد الجسم بعض الماء في البول والغائط، وكذلك بالتبخر من الرئتين ومن الجلد. ويفقد الشاب نحو 2.75 لتر يومياً من الماء بالتبول والتغوط والتبخر. وينبغي إقامة التوازن المائي في الجسم بالتعويض عما يفقد منه، ويتم ذلك من خلال ما يتناوله من طعام وشراب. يطرح الإنسان البالغ كمية 1.2 لتر من الماء يومياً، إلا أن ذلك يتغير تبعاً لكمية كل من السوائل التي يتم تجرعها والمخلفات المطروحة. وتشتمل المواد التي ينبغي طرحها بالتبول على اليوريا (البولة) ومنتجات آزوتية أخرى تتشكل نتيجة لتفكك المواد البروتينية. وتشمل أيضاً الكيتونات (المتشكلة نتيجة لتمثل الدسم). كما تضم المواد الدهنية والفسفات والكبريتات ومواد أخرى. وتزداد كمية البولة (اليوريا) التي ينبغي طرحها مع ازدياد تواترالعمليات الحيوية التي تتضمن تفكك بروتينات الجسم، أو تلك التي تم تناولها عن طريق الغذاء. أما كمية الماء التي تطرح في البراز فهي قليلة في العادة وتقدّر بنحو 200 مل في اليوم الواحد. ويُذكر نحو 95 % من كمية الماء التي يستهلكها الإنسان يعاد امتصاصها في القولون قبل التبرز، ومع ذلك فإنه يتم طرح كميات كبيرة من الماء في حالات الإسهالات الشديدة. ويتم فقد الماء من جسم الإنسان عن طريق الجلد والرئتين من دون شعوره وإدراكه؛ وتدعى هذه الزمرة بالفقد غير المحسوس. ويفقد الشخص الذي لا يمارس نشاطاً محدداً نحو لتر واحد من الماء في اليوم الواحد، وذلك عند وجوده معرضاً لحرارة الجو العادية، إلا أن هذه الكمية تتفاوت ارتفاعاً وانخفاضاً تبعاً لحجم الجسم والبيئة المحيطة به من حرارة ورطوبة. أضف إلى ذلك فعالية المرء الجسدية وممارسته للتمارين الرياضية، ومثال ذلك أن البيئة المحيطة شديدة الجفاف كتلك التي تتصف بها ظروف الصحراء أو داخل الحيز المخصص لركاب الطائرة تزيد من كمية الفاقد من ماء الجسم.

تنظيم إفراز الماء: تعمل الكلى كجهاز ترشيح ينظم كمية الماء والمواد الذائبة في كل من الدم والبول المطروح، فمع انسياب الدم وتدفقه عبر الكلى يتم ارتشاح كل من الماء والجزئيات الصغيرة عبر الأوعية الدموية، ويتم أيضاً إعادة امتصاص بعض الماء وكذلك الجزيئات الصغيرة فتطرح في البول. وتتوقف كمية الماء التي يعاد امتصاصها على الظروف البيئية المحيطة بالجسم.

وظائف الماء في الجسم: يعمل الماء في الجسم وسيطاً تتم فيه التفاعلات الكيميائية، كما أنه ينقل العناصر المغذية ويقدم الحماية وينظم الحرارة ويفيد في توازن الحموضة والقلوية، وأهم وظائف الماء في الجسم هي ما يأتي:

- الماء مادة مذيبة: للماء دور مهم من حيث إنه مادة مذيبة، فهو السائل الذي تنحل فيه المواد المذابة بما يتأتى عنه تشكل المحاليل. فالماء مادة مثالية بوصفه مذيباً لبعض المواد وذلك بسبب قطبيته.

- الماء مادة نقل: يضم الدم الماء بنسبة 90 %، وبوساطته يتم نقل الأكسجين والمغذَّيات إلى خلايا الدم المختلفة، وكذلك يتم استبعاد ثنائي أكسيد الكربون ونواتج العمليات الاستقلابية الأخرى.

- الحماية والوقاية: يعمل الماء مادة تطرية وتنظيف، فالدموع تطرَّي المآقي وتبعد عنها الأوساخ. وهو سائل مزلق تفرزه أغشية المفاصل، واللعاب يطري فجوة الفم بما يساعد على مضغ الطعام وابتلاعه. ويعمل الماء في كل من كرية العين وحبل النخاع الشوكي وسادة تمنع الاهتزاز. وبالمثل فإن في ماء النخط (السائل الذي يملأ السّلى ويحيط بالجنين في الرحم) حماية للجنين ووسادة وقاية.

- يُنظم الحرارة: ينظم الماء درجة حرارة جسم الإنسان لتكون نحو 37 درجة مئوية، فإذا ما ارتفعت لتتجاوز 42.2 درجة مئوية أو انخفضت عن 26.2 درجة مئوية فإن الموت يكون قائماً ومحققاً. يجري تغيير درجة حرارة الجسم على نحو تدريجي استجابة للمؤثرات البيئية وبما يمكَّن من مقاومة تبدلات الحرارة المحيطة، و ينظَّم الماء من خلال وجوده في بنية الدم حرارة الجسم. فعند بدء ارتفاعها تتمدد أوعية الدم في الجلد بما يتيح له الاندفاع باتجاه السطح وإطلاق بعض الحرارة في البيئة المحيطة، تأخذ هذه الظاهرة مجراها سواء أكان ذلك عند ارتفاع درجة الحرارة المحيطة أم عند ارتفاع درجة حرارة الجسم. وتتقلص الأوعية الدموية المنتشرة في الجلد في الظروف البيئية الباردة فيحد ذلك من انسياب الدم بالقرب من السطح للاحتفاظ بحرارة الجسم.

- دور الماء في التفاعلات الكيميائية: للماء دور أساسي في التفاعلات الكيميائية التي تأخذ مجراها داخل الجسم. فهنالك تفاعلات الإماهة hydrolysis التي تنطوي على كسب الماء وتفكك الجزيئات الكبيرة إلى صغيرة، طبقاً لما يحدث عند تفكك جزيء المالتوز إلى اثنين من جزيئات الغلوكوز، وبوجود الماء يتم عكس ذلك بالتحام جزيئين اثنين بعضهما ببعض ليتشكل منهما جزيء واحد.

متطلبات الماء: يحتاج الإنسان البالغ إلى لتر واحد من الماء مقابل كيلو كالوري واحد من متطلبات الطاقة، بمعنى أنه بحاجة إلى لترين اثنين حتى ثلاثة لترات من الماء في الظروف العادية في اليوم الواحد، إلا أن الحاجة تزيد على ذلك طبقاً لتغيرات كل من الظروف البيئية المحيطة وفعاليات النشاط الذي يمارسه الإنسان. ومثال ذلك أن الشخص الذي يمارس التدريبات الرياضية في جو حار يحتاج إلى كمية ماء إضافية قد تبلغ أربع لترات، أو أنها قد تزيد على ذلك كيما يتم التعويض عما يفقد من خلال عمليات التعرق. ويذكر أيضاً أن الاحتياجات المائية تتأثر أيضاً بتركيب ما يتناوله الإنسان من طعام، وكذلك بكميته. وبالمثل فإن احتواء الوجبة الغذائية على المزيد من الألياف سيزيد أيضاً من متطلبات الماء لأن بعضه سوف يحتجز في القناة الهضمية. وتزداد الحاجة إلى الماء لدى النساء في كل من حالتي الحمل والإرضاع.

الماء وصحة الإنسان: تأخذ ظاهرة التجفاف مجراها لدى الإنسان عند تجاوز كمية الفاقد من الماء تلك التي يستهلكها. وهي تتشكل عندما ينخفض حجم الماء في الجسم إلى درجة تؤدي إلى انخفاض موازٍ في حجم الدم، مما ينجم عنه انخفاض قدرة الجسم على تزويد الخلايا بالعناصر المغذية والأكسجين، مع تدنٍ موازٍ في مقدرته على التخلص من الفضلات. ويذكر أنه في حالات التجفاف المعتدلة والخفيفة منها أي عند فقد 1 حتى 2 % من الوزن؛ فإن ذلك يعوق الأداء الفيزيائي على نحو ملحوظ، وينال أيضاً من فعاليات الإدراك والبصيرة. وتنطوي أولى دلائل حالة التجفاف على الشعور بالصداع والتعب وفقد الشهية وجفاف العينين والفم، إضافة إلى ازدياد دكانة لون البول. ويمكن لفقد الماء - إن تم بنسبة 5 % من وزن ماء الجسم - أن يؤدي إلى الغثيان وصعوبة التركيز. ومع اقتراب النسبة المئوية من 7 % يضحي المرء في حالة من الارتباك، فيفقد حسه بالزمان والمكان، لا بل إنه يصبح عاجزاً عن معرفة هويته الذاتية؛ ويموت عند بلوغ الفاقد من الماء 10- 20 % من وزن الجسم. وإن ما يعرف بفرط تناول الماء أو  ما يدعى بـ “التسمم بالماء” حالة نادرة، ويرجع ذلك لأن للكلى المقدرة على تنظيم كمية الماء المطروحة. ومع ذلك فإنه يمكن لهذه الحالة أن تأخذ مجراها في حالة حقن السوائل على نحو غير سوي. وتتصف حالات التسمم بالماء- إن حدثت - بالتبلد العقلي والاضطراب حتى الموت.

مراجع للاستزادة:

-Amy Brown, Understanding Food: Principles and Preparation, Thompson Wadsworth, 2008.

- M.B. Grosvenor and L.A. Smolin, Nutrition: From Science to Life, John Wiley and Sons, 2002.


التصنيف : الأغذية والصناعات الغذائية
النوع : الأغذية والصناعات الغذائية
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 327
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1080
الكل : 45601842
اليوم : 2525