logo

logo

logo

logo

logo

الاستشراب اللوني (الكروماتوغرافية)

استشراب لوني (كروماتوغرافيه)

Chromatography - Chromatographie

الاستشراب اللوني

عصام قلق

النظرية العامة لكروماتوغرافيا الأعمدة
R التفريق الكروماتوغرافي
تطبيقات الكروماتوغرافيا
 

 

الاستشراب اللوني (الكروماتوغرافيا) chromatography - في الكيمياء - تقنية فيزيائية تستعمل لفصل مكونات مزيج من مواد بعضها عن بعض اعتماداً على الاختلافات في توزع المكوِّنات بين طورين: أحدهما ثابت stationary phase والآخر متحرك mobile phase؛ حيث يتحرك الطور المتحرك عبر الطور الثابت في اتجاه معيّن. وينبغي أن تتأثر المواد مع الطور الثابت الذي يحتفظ بها، ويفصلها بعضها عن بعض. وتستعمل الكروماتوغرافيا على نحو واسع؛ لأنها تسمح بفصل مرضٍ وكشفٍ نوعيّ وتعيين كميّ للمكونات الكيميائية في مزائج مُعقّدة، لا توجد طريقة فصل قوية الأداء وقابلة للتطبيق في مجال واسع كما هي الحال في الكروماتوغرافيا.

يُنفّذ الفصل الكروماتوغرافي بإمرار طور خالٍ من العينة يدعى الطور المتحرك عبر طور ثانٍ ثابت وخالٍ من العينة. وتُحقن العينة أو توضع في الطور المتحرك، وعندما تتحرك العينة المحمولة بالطور المتحرك؛ فإن مكوناتها تتوزع بين الطورين الثابت والمتحرك. يصنَّف الفصل التحليلي الكروماتوغرافي وفقاً:

- للحالة الفيزيائية للطورين المتحرك والثابت.

- لطريقة التلامس بينهما.

- للآلية الكيميائية أو الفيزيائية المسؤولة عن فصل مكونات العينة.

يكون الطور المتحرك عادة سائلاً أو غازاً، والطور الثابت يكون صلباً أو طبقة رقيقة تُغطي سطحاً صلباً. وغالباً ما تسمى تقنيات الكروماتوغرافيا بذكر نوع الطور المتحرك يلي ذلك ذكر نوع الطور الثابت؛ وعليه عندما يقال: كروماتوغرافيا غاز ـ سائل فهذا يعني أن الطور المتحرك غاز والطور الثابت سائل، وإذا أشير إلى طور واحد فقط كما هي الحال في كروماتوغرافيا الغاز؛ فيفترض أن يكون الطور المتحرك غازاً.

هناك أسلوبان لتوفير التلامس بين الطورين المتحرك والثابت. ففي كروماتوغرافيا الأعمدة column chromatography يوضع الطور الثابت في عمود ضيق، وينتقل الطور المتحرك فيه تحت تأثير الجاذبية الأرضية أو الضغط، ويكون الطور الثابت مادة صلبة ناعمة أو طبقة سائل رقيقة تغطي مادة صلبة ناعمة، أو تغطي جدران العمود. أما في الكروماتوغرافيا المستويةthin layer chromatography؛ فيُفرشُ الطور الثابت على شكل طبقة رقيقة على سطح صفيحة مستوية من الورق أو الزجاج أو المعدن أو البلاستيك، ويكون بتلامس مع الطور المتحرك، وينتقل الطور المتحرك عبر الطور الثابت بالخاصية الشعرية أو الجاذبية الأرضية أو بكمون كهربائي.

أما الوسيلة الثالثة لتوصيف عملية الفصل فهي الآلية التي تفصل بها المذابات. ففي كروماتوغرافيا الامتزاز adsorption يرتكز فصل المذابات على قدرة امتزازها في الطور الثابت الصلب، وفي كروماتوغرافيا التجزئة تستخدم طبقة سائلة رقيقة تغطي سانداً صلباً بصفتها طوراً ثابتاً، ويرتكز الفصل على التوزع partition التوازني بين الطور الثابت السائل والطور المتحرك.

أما في كروماتوغرافيا التبادل الإيوني ion exchange؛ فيستخدم طور ثابت مكوَّن من ساند صلب (مبادل إيوني) صمغي مرتبط كيميائياً بمجموعة وظيفية أنيونية مثل الوصف: 17173.jpg(أوكاتيونية مثل الوصف: 17164.jpg). وترتبط المذابات الإيونية بالطور الثابت بقوى كهراكدة. ويستخدم الهلام المسامي طوراً ثابتاً في كروماتوغرافيا استبعاد الحجم size-exclusion chromatography، وفيها يُبنى الفصل على الاختلاف في حجم المذابات حيث تكون المذابات الكبيرة غير قادرة على الدخول في الطور الثابت؛ وبالتالي تمر بسرعة عبر العمود، أما المذابات الأصغر حجماً فتدخل في الطور الثابت المسامي، فيزداد الزمن الذي تَقضيه في العمود. ولا تحتاج جميع طرائق الفصل إلى طور ثابت كما هي الحال عند استخدام كروماتوغرافيا الرحلان الكهربائي electrophoresis حيث تهاجر المذابات المشحونة تحت تأثير مجال كهربائي مطبَّق، ويؤخذ الفرق في حركية الإيونات في الحسبان لفصلهما عن بعضهما. ويبين الشكل (1) الآلية التي تفصل المُذابات على أساسها بتقنية الكروماتوغرافيا.

الوصف: 19-1.psd
الشكل(1): مخطط يبيِّن أسس الفصل لـ (أ) كروماتوغرافيا الامتزاز، (ب) كروماتوغرافيا التجزئة، (جـ) كروماتوغرافيا التبادل الإيوني، (د) كروماتوغرافيا استبعاد الحجم، (هـ) كروماتوغرافيا الرحلان الكهربائي.

 

النظرية العامة لكروماتوغرافيا الأعمدة

اكتشَف عالم النبات الروسي الإيطالي المولد ميخائيل تسفيت Mikhail Tswett الاستشرابَ اللوني عام 1906. ويعود إليه الفضل في وضع المبادئ الأساسية العلمية لطرائق الفصل الكروماتوغرافي؛ إذ فَصَل الأصبغة النباتية (أنواع من الكلوروفيل) بصب مستخلص الأوراق النباتية المذاب في إتر البترول في فوهة عمود معبأ بمسحوق كربونات الكلسيوم تعبئة متراصة، وجرف المستخلص خلال العمود بإضافة إتر البترول النقي، فتحركت الأصبغة النباتية المتنوعة بسرعات مختلفة مشكلة شرائط ملونة أفقية، ويعود كل شريط إلى أحد الأصبغة. ووفقاً لتسفيت فقد أزاحت الأصبغة النباتية الأكثر قوة امتزاز الأصبغة النباتية التي قوة امتزازها أضعف؛ أي إن الأصبغة الممتزة بقوة تحركت ببطء (ب في الشكل 2) والأصبغة التي امتزازها ضعيف تحركت بسرعة أكبر (أ في الشكل 2). وأطلق تسفيت على هذه التقنية اسم الكروماتوغرافيا (من اليونانية chroma وتعني اللون وgraphein وتعني يكتب) أي تفريق المركّبات اعتماداً على الألوان.

استعمل تسفيت إتر البترول طوراً متحركاً لإحداث الفصل، وعند وقت معيّن فرّغ الأصبغة المنفردة من مناطقها، وكشف عنها. وضعت تجربة تسفيت أساس تطوير نظرية عامة يمكن تطبيقها على أي شكل لكروماتوغرافيا العمود، ومع تعديلات بسيطة يمكن تطبيقها على الكروماتوغرافيا المستوية. ويبين الشكل (2) حدوث فصل كروماتوغرافي نموذجي متدرج بعمود.

الوصف: 19-2.psd
الشكل(2): حدوث فصل كروماتوغرافي متدرج بالعمود لشريطين مذابين (أ) و (ب) في المذيب (م)

يمكن التعبير عن هذا الفصل بتمثيل بياني بين تركيز المذاب والمسافة التي يقطعها خلال العمود (الشكل 3). ففي البداية تكون العينة في قمة العمود على شكل مستطيل (3 -أ)، وعندما تبدأ هذه العينة بالتحرك باتجاه أسفل العمود تبدأ مكونات العينة بالانفصال؛ أي تبدأ شرائط المذابات المنفردة بالتوسع عرضاً آخذة شكل الجرس (شكل منحنى غاوس) (3 -جـ) فإذا كانت قوة التأثير المتبادل لكل مذاب في الطور الثابت مختلفة اختلافاً كبيراً؛ عندها تنفصل المذابات على شكل شرائط منفردة (الشكل 3 - د).

الوصف: 19-3.psd
الشكل(3): طريقة ثانية لوصف حدوث فصل متدرج لشريطين مذابين بكروماتوغرافيا العمود.

ولمراقبة حدوث الفصل الكروماتوغرافي يوضع مكشاف مناسب في نهاية العمود الكروماتوغرافي. إن التمثيل البياني بين إشارة المكشاف كتابع لزمن الطور المتحرك الخارج من العمود أو حجمه يدعى الكروماتوغرام (الشكل 4)، وهو يتألف من قمة لكل شريط مذاب قد فصل.

توصف القمة الكروماتوغرافية على نحو متميز بمقدارين مهمين، يدعى المقدار الأول زمن الاستبقاء retention time، ويرمز له بـ tr؛ وهو الزمن الذي يستغرقه المذاب للانتقال من نقطة الحقن حتى ذروة قمته، ويمكن قياسه على نحو غير مباشر عند تقسيم حجم الاستبقاء بمعدل سرعة تدفق الطور المتحرك. وحجم الاستبقاء هو حجم الطور المتحرك اللازم لتحريك المذاب من نقطة الحقن حتى ظهور ذروة قمته. والمقدار المهم الثاني هو عرض القمة عند خط الأساس baseline width، ويرمز له بـ w، ويُعيَّن عرض خط الأساس بتقاطع خط الأساس مع ميلي الخطين المرسومين من خلال نقطة الانعطاف على كل جانب من القمة الكروماتوغرافية، وهذا ما يوضحه الشكل (5). ويُقاس عرض خط الأساس بوحدة الزمن أو الحجم. وتظهر في الشكل أيضاً قمة صغيرة مباشرة بعد حقن العينة في الطور المتحرك، وهذه القمة تشكلها المذابات التي تتحرك بمعدل سرعة الطور المتحرك نفسه. وبما أن هذه المذابات ليس لها تأثير متبادل مع الطور الثابت؛ فتُعدّ من المذيبات التي لا يستبقيها الطور الثابت. إن زمن الطور المتحرك أو حجمه اللازم لجرف المكونات التي لا يستبقيها الطور الثابت من نقطة الحقن حتى المكشاف يدعى زمن الفراغ void time ويرمز له بـ tm؛ أو حجم الفراغ، ويرمز له بـvm.

الوصف: 19-4.psd
الشكل(4):كروماتوغرام نموذجي لتجاوب المكشاف كتابع لزمن الاستبقاء.
الوصف: 19-5.psd
الشكل(5): قياس زمن الفراغ tm وزمن الاستبقاء tr وعرض خط الأساس w لمذاب

التفريق الكروماتوغرافي R

تهدف الكروماتوغرافيا إلى فصل مكوِّنات العينة إلى سلسلة من القمم الكروماتوغرافية بحيث تمثل كل قمة واحداً من مكونات العينة، والتفريق (الميَز) الكروماتوغرافي chromatographic resolution هو مقياس كميّ لدرجة الفصل بين قمتين كروماتوغرافيّتين لمكوِّنين A وB، ويعرَّف كالآتي:

R= (tr,B- tr,A)/ 0.5(WB+WA) = 2∆tr /( WB +WA)

حيث: tr,B زمن الاستبقاء للمذاب B، tr,A زمن الاستبقاء للمذاب A، WB عرض القمة عند خط الأساس للمذاب B، WA عرض القمة عند خط الأساس للمذاب A.

يبيّن الشكل (6) أن درجة الفصل بين قمتين كروماتوغرافيّتين تتحسن بازدياد قيمة R. فمن أجل قمتين متماثلتي الحجم وقيمة لـ R تساوي 1.5 يحدث تشابك في مساحة القمتين قدره 0.13 % فقط. وبما أنّ التفريق يُعدّ مقياساً كميّاً لنجاح الفصل؛ فإنه يوفر طريقة مفيدة للتعيين الكميّ؛ إذا أدى التغيير في الشروط التجريبية إلى فصل أفضل. وتبيِّن المعادلة المذكورة أعلاه أنه يمكن تحسين التفريق إما بزيادة tr∆ أو بنقصانwA أو wB (الشكل7). ويمكن زيادة tr∆ بتعزيز التأثير المتبادل للمذابات مع العمود أو بزيادة انتقائية العمود تجاه أحد المذابات.

الوصف: 19-6.psd
الشكل(6): ثلاثة أمثلة للفصل الكروماتوغرافي

 

الوصف: 19-7.psd

الشكل (7): طريقتان لتحسين التفريق الكروماتوغرافي:

(أ) فصل أصلي غير ناجح لمذابين (ب) تحسين التفريق بسبب رفع كفاءة العمود (جـ) تحسين التفريق بسبب ازدياد انتقائية العمود.

 

تؤثر في عرض القمة عوامل ترتبط بحركة المذاب بين الطورين الثابت والمتحرك وضمنهما، وتحكم هذا التأثير عدة عوامل تدعى كفاءة العمود.

تطبيقات الكروماتوغرافيا

إن تطبيقات الكروماتوغرافيا متعددة. فكروماتوغرافيا الغاز - على سبيل المثال - فيها فصل وتحليل نوعيّ وكميّ لمزائج عديدة من المركّبات العضوية واللاعضوية التي لها ضغط بخاري ملموس، ومستقرة حرارياً. وهي تقنية واسعة الانتشار تفيد في عمليات فصل صعبة جداً أو مستحيلة التنفيذ عملياً؛ لتجعل منها عمليات فصل بسيطة ومباشرة، ففصل مزيج من أورتو وميتا وبارا الكسيلين أو نظائر الأكسجين أو المبيدات الحشرية يتطلب فقط اختيار العمود المناسب والشروط المناسبة لكل حالة. كما يمكنها تعيين نواتج الاحتراق التي تحتوي ما يزيد على 100 مكون أو كميات ضئيلة من أحادي أكسيد الكربون في أنفاس المدخنين وغير المدخنين وعند اختيار المكشاف المناسب يمكنها الكشف عن كميات صغيرة جداً لا تتجاوز 1نانوغرام.

أما كروماتوغرافيا السائل والتي تستخدم طوراً متحركاً سائلاً، وتُطبِّق على العمود الكروماتوغرافي ضغطاً عالياً؛ فتدعى الكروماتوغرافيا ذات الضغط العالي أو الكروماتوغرافيا ذات الأداء العالي high-performance liquid chromatography (HPLC)، وتستخدم لفصل عينات من الحموض الأمينية والنووية والمتفجرات والصيدلانيات والأصبغة النباتية والمواد الفعَّالة سطحياً والدسم القطبية والبوليمرات الاصطناعية وجميع الجزيئات العضوية وتحليلها، في حين تستخدم كروماتوغرافيا الغاز لفصل 60 % من المركّبات العضوية. ولا تشترط تقنية HPLC تحويل العينات إلى حالة بخارية أو كونها مستقرة حرارياً.

وتُستعمل تطبيقات كروماتوغرافيا الورق والطبقة الرقيقة لفصل المواد المنكِّهة في النباتات، والكشف عن كميات ضئيلة من المبيدات الحشرية في الماء، وتعيين نقاوة مركّب طبيعي يستخدم في مجال الدراسات الدوائية أو الكيمياء الحيوية، أو تعرّف نواتج التفاعلات الحيوية لدواء في عينات الإفراز الحيواني، أو الكشف بالمختبر الجنائي عن الأدوية غير المشروعة والسموم ومقارنة أنواع الحبر. وتتميز الكروماتوغرافيا المستوية بجودة الفصل وبساطة التنفيذ وانخفاض كلفة تكرار القياسات.

مراجع للاستزادة:

- D. A. Skoog, D. H. West, F. J. Holler, and S. R. Crouch, Fundamentals of Analytical Chemistry, Belmond, CA: Brook-Cole.USA, 2004.

- D. Harvey, Modern Analytical Chemistry, DePauw University, McGraw-Hill, USA, 2000.

 


التصنيف : الكيمياء التحليلية
النوع : الكيمياء التحليلية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1090
الكل : 45596314
اليوم : 141295