logo

logo

logo

logo

logo

الإندورفينات

اندورفينات

Endorphins - Endorphines

الإندورفينات

شادي سكرية

أنواع الببتيدات الأفيونية

وظائف الإندورفينات

 

الإندورفينات endorphins مجموعة من الببتيدات العصبية neuropeptides صغيرة الحجم، ينتجها الجهاز العصبي المركزي - خاصة الخلايا العصبية في منطقة تحت المهاد والغدة النخامية-لدى الفقاريات. كما يمكن أن تنتجها أماكن أخرى من الجسم. وهي تعمل كهرمونات عصبية على تخفيف الألم الحاد وتسكينه، وتعطي الشعور بالراحة.

تم اكتشاف الإندورفينات صدفة في ستينيات القرن الماضي من قبل مجموعة من الباحثين، كانوا يدرسون أسباب الإدمان على المركبات الأفيونية المستخلصة من نبات الخشخاش الذي كان يعد من أشهر أنواع النباتات المخدرة في ذلك الوقت، فوجدوا أن سبب الإدمان يعود إلى ارتباط هذه المركبات بمستقبِلات على سطوح الخلايا العصبية البشرية. سُمِّيت بالمستقبِلات الأفيونية opiate receptors، وخلصوا إلى أنه لا يمكن للخلايا العصبية أن تحضّ مثل هذه المستقبلات الخاصة على الارتباط فقط بمركبات مشتقة من نبات الخشخاش، وإنما للارتباط بمركبات داخلية المنشأ يصنعها الجسم. واستمرت الأبحاث بعدها حتى توصل فريقان بحثيان في عام 1974- بشكلٍ منفصل- إلى تحديد هوية نوع جديد من الببتيدات العصبية لها خصائص مُسَكِّنَة ومُخَفِّفة للألم عرفت بالببتيدات العصبية الأفيونية opioneuropeptides. سَمَّى الفريق البحثي الأول هذه المركبات بالإنكيفالينات enkephalins، وهو اسمٌ مشتق من مصطلحٍ يوناني يعني الدماغ cerebrum أو في الدماغ، وذلك بسبب عزلها من دماغ الخنزير، في حين سَمَّاها الفريق الثاني بالإندورفينات، وهو اسمٌ مشتق من كلمتين endo أي داخلي (من endogenous) و rphine من morphine، المورفين المخدر المشهور. وهكذا يكون المعنى العام لكلمة endorphine الذي يعني المورفين داخلي المنشأ، أي الذي يصنعه الجسم على نحو طبيعي. بعدها غدا اسم الإندورفينات اسماً شائعاً وعاماً لكل الببتيدات الأفيونية التي تضم مجموعة واسعة الطيف من الببتيدات المسكنة للآلام. وبينت الأبحاث بعد ذلك أن الأثر المُسَكِّن والمُخَدِّر الذي تتمتع به الكثير من المركبات المحضَّرة والمصنَّعة من قبل الإنسان- كالأفيون والمورفين والهيروين- ما هو إلا أثر جانبي يعود إلى قدرة هذه المركبات الخارجية المنشأ على الارتباط عرضياً بالمستقبِلات الأفيونية على سطوح الخلايا العصبية المعدَّة والمخصصة طبيعياً لاستقبال الأنماط المختلفة للإندورفينات (الشكل 1).

 

الشكل (1) تمثيل البنية الكراتية للإندورفين، وتمثيل استقباله على سطح الدماغ بوساطة مسقبِل الإندورفين لإزالة الألم

أنواع الببتيدات الأفيونية

ينتمي إلى هذه العائلة ثلاث مجموعات من الببتيدات الصغيرة الحجم التي يُنتِجها الجسم، تتمتع جميعها بخواص مسكنةٍ للألم ومُعطية الشعور بالراحة والسعادة، لكنها يختلف بعضها عن بعض ببنيتها الكيميائية وبالمحفِّزات التي تحرِّض تركيبها وإفرازها في الجسم. وهذه المجموعات الثلاثة هي: الإندورفينات والإنكيفالينات والدينورفينات dynorphins.

تُعد هذه الجزيئات هرمونات عصبية neurohormones لها دور مُعَدِّلاتٍ عصبية neuromodulators للنواقل العصبية neurotransmitters لأنها تقوم بتغير الطريقة التي تستجيب من خلالها الخلايا العصبية للنواقل العصبية المختلفة وتعديلها، مما يؤدي إلى تعديل أثرها المرتبط بالألم وإعطاء الشعور بالراحة.

تضم الإندورفينات- وهي أكبر الببتيدات العصبية حجماً على الإطلاق- أربع مجموعات مختلفة من الجزيئات، تختلف بعضها عن بعض بتركيبها الكيميائي وبعدد حموضها الأمينية، وهي:

- الإندورفين ألفا وهو عديد ببتيد يتألف من 16 ثمالة residues حمض أميني.

- الإندورفين بيتا ويتألف من 31 ثمالة حمض أميني.

- الإندورفين غاما ويتألف من 17 ثمالة حمض أميني.

- الإندورفين سيغما ويتألف من 27 ثمالة حمض أميني.

تضم الإنكيفالينات جزيئتين صغيرتين، يتألف كل منهما من خمس ثمالات من الحموض الأمينية، تعرف الجزيئة الأولى بـ«مت-إنكيفالين met-enkephalin» لاحتوائها على الحمض الأميني الميثيونين methionine في النهاية الكربوكسيلية، في حين تعرف الثانية بـ «لو-إنكيفالين leu-enkephalin» وذلك لاحتواء النهاية الكربوكسيلية منها على الحمض الأميني اللوسين leucine، في حين تضم الدينورفينات نمطين من الجزيئات هي الدينورفينات من النمط A و الدينورفينات من النمط B. ينتج هذان النمطان من الجزيئات من شطر عديد ببتيد كبير الحجم نسبياً يتألف من 32 حمضاً أمينياً يعرف بـ «الدينورفين الكبير big dynorphin».

بيَّنت الأبحاث الحديثة احتواء الجينوم البشري على ثلاثة جينات مطابقة homologous genes على الأقل، تُرَمِّز كافةَ أنماط الببتيدات الأفيونية التي يصنِّعها جسم الإنسان. وتنتج من انتساخ هذه الجينات وترجمتها- عادة- جزيئات بروتينية طويلة السلسلة تُعد طلائع لجميع الببتيدات الأفيونية، إضافة إلى كونها طلائع لكثير من الهرمونات العصبية الأخرى. يطرأ على هذه الجزيئات البروتينية الضخمة عمليات نضج تُعرف بتعديلات ما بعد الترجمة posttranslational modifications، تتبعها عمليات شطر وتجزئة في أماكن محددة منها فتعطي وحدات ببتيدية منفصلة ومتنوعة الوظيفية. أكثر الأمثلة شهرة عن هذه الجينات الجين المعروف باسم طليعة الملانوكورفين الأفيوني (POMC) pro-opiomelanocortin المحمول على الصبغي البشري رقم 2 والذي يُعَبَّر عنه في الفص الداخلي والفص الأوسط من الغدة النخامية. ينتج من انتساخ هذا الجين وترجمته بروتيناً ضخماً يتألف من 285 حمضاً أمينياً لا يلبث أن ينضج نضجاً أولياً بإزالة 44 حمضاً أمينياً من إحدى نهايتيه، بعدها ينضج الجزء المتبقي والمؤلف من 241 حمضاً أمينياً نضجاً ثانوياً ويتقطع، فتنتج منه مجموعة من الجزيئات مختلفة الفعالية، أهمها: الإندورفين بيتا والإندورفين غاما والإنكيفالين من الببتيدات الأفيونية والميلانوتروفين ألفا وبيتا وغاما من الهرمونات المحرِّضة لتشكل الخلايا الصباغية melanocyte-stimulating hormone والهرمون المنشط لقشرة الكظر (ACTH) adrenocorticotropic hormone.

وظائف الإندورفينات

يؤدي تحريض الكثير من العوامل والقيام بكثير من النشاطات التي يقوم بها الإنسان إلى تحرير الإندورفينات من مواقع خزنها، والتي من ضمنها الجهاز العصبي المركزي. يعرف من هذه العوامل: التأمل والتنفس العميق المنتظم والإرجاز (هزة الجماع) orgasm والجهد العضلي الشديد والتمارين الرياضية، خاصة المجهدة منها كالركض لمسافات طويلة، والألم الحاد والألم الواخز، كالذي ينتج من المعالجة بالوخز بالإبر، وحالات الإثارة والشعور بالخطر، كما هي حال الرياضات الخطرة، وحالات الشدة stress بأنواعها وتناول بعض المأكولات والأطعمة وخاصة الحارة منها.

تقوم الإندورفينات بتسكين الألم المستمر، إذ تتمتع أغلب هذه المركبات التي يصنعها الجسم بفعالية تفوق بـ 80 إلى 500 مرة فعالية كل المركبات المسكنة التي يصنِّعها الإنسان، حيث يرافق الألم الحاد الناتج من حدوث جرح عميق إرسال نمط معين من السيالات العصبية التي تسير عبر النخاع الشوكي وصولاً إلى مراكز معينة في الدماغ، فيتحرر نتيجة لها دفقة rush من الإندورفينات التي تخفف الألم فور حدوث الجرح، وتسمح بذلك لجندي مصاب في معركة مثلاً بأن يستمر في القتال، أو تعطيه القوة للهرب من مكان الخطر، أو مساعدة جندي مصاب آخر. كما يعطي إفراز هذه المركبات بعد الانتهاء من الجهد العضلي كالألعاب الرياضية المجهدة، الشعورَ بالراحة والسعادة وأحياناً اللذة، وهذا ما يجعل الكثير من الرياضيين يقبلون بإدمان على ممارسة هذا النوع من الرياضة. إن اللذة التي يعطيها إفراز الإندورفينات بعد الشعور بالخطر تجعل الكثير من الأشخاص يغامرون بحياتهم في رياضات خطرة كالتزلج على الجليد في الجبال الوعرة وركوب الأمواج العاتية وسباقات السيارات. ويمكن للتدريب على التأمل وممارسة رياضة اليوغا أن تحرض الجسم على تركيب كميات أكبر من الإندورفينات وإفرازها، مما قد يساعد على معالجة المدمنين على المخدرات نظراً لقدرة الإندورفينات على التخلص من الرغبة والحاجة إلى تعاطي المواد المخدرة.

إضافة إلى الأدوار التي تقوم بها الإندورفينات من تسكين للألم وإعطاء الشعور بالراحة والسعادة، فإنها تقوم بدور فيزيولوجي مهم في ضبط إنتاج هرمون النمو والهرمونات الجنسية. وتبين بعض الدراسات الحديثة دورها في تأخر الشيخوخة وفي تعزيز الجهاز المناعي، إذ أثبت الباحثون أن الإندورفين بيتا يستطيع أن يُفَعِّل الخلايا المناعية من نمط القتلة الطبيعيين natural killers، ويجعلها أكثر قدرة على مهاجمة العوامل الممرضة وعلى التخلص من الخلايا السرطانية.

مراجع للاستزادة:

- M. Devlin, Textbook of Biochemistry with Clinical Correlations, Wiley-Liss, 2002.

- T. McKee, and J. R. McKee, Biochemistry: The Molecular Basis of Life, McGraw-Hill, 2009.

- J. B. Reece, L. A. Urry, M. L. Cain, S. A. Wasserman, P. V. Minorsky and R. B. Jackson, Campbell Biology, Pearson, 2011.

- S. Snyder, Drugs and the Brain, W. H. Freeman, 1996.


التصنيف : الفيزيولوجيا
النوع : الفيزيولوجيا
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 534
الكل : 31751548
اليوم : 27009