logo

logo

logo

logo

logo

الإلكترونيات الفضائية

الكترونيات فضاييه

Space electronics - Electronique spatiale

الإلكترونيات الفضائية

ياسر عمار

مصادر الإشعاع

التأثيرات المختلفة للإشعاعات

طرائق زيادة المناعة للإشعاعات

 

الإلكترونيات الفضائية space electronics هي مجمل العناصر والدارات الإلكترونية المصمَّمة والمصنَّعة للاستخدام على متن المركبات الفضائية المختلفة من سواتل ومسابر وصواريخ حاملة وغيرها. ويُطلق عليها أيضاً الإلكترونيات المَنِيعَة للإشعاع (Rad-Hard) radiation-hardened.

تتميز العناصر الإلكترونية المجهَّزة للعمل في الفضاء الخارجي بمواصفات خاصة تختلف عن مواصفات العناصر الإلكترونية المستخدمة في الأجهزة والمنظومات الأرضية. إذ تعمل العناصر الإلكترونية الفضائية في بيئة تحتوي على جسيمات وإشعاعات ذات طاقة عالية، وهذا ما يستوجب حمايتها حفاظاً عليها من الأعطال.

مصادر الإشعاع

تتألف الإشعاعات الفضائية من إلكترونات وبروتونات ونترونات وجسيمات ألفا وأشعة غاما وإيونات. ويبيّن الشكل (1) بعض مصادر الإشعاع الفضائي.

الشكل (1): بعض مصادر الإشعاع في الفضاء

يمكن تصنيف هذه الإشعاعات بحسب المصدر إلى:

1 - أحزمة ڤان ألِن Van Allen belts: وهي أحزمة ناجمة عن تأثير الحقل المغنطيسي الأرضي في الجسيمات الفضائية. وتتألف هذه الأحزمة - كما هو مبيّن بالشكل (2) - من منطقتين؛ الأولى داخلية رقيقة وقريبة من الأرض، وتحتوي على إلكترونات ذات طاقة قليلة، أما الثانية فأبعد وأعرض، وتحتوي على إلكترونات ذات طاقة عالية.

الشكل (2): أحزمة ڤان ألِن

2 - الجسيمات الشمسية: هي الجسيمات الناجمة عن النشاط الشمسي (رياح وثورات شمسية)، حيث تبلغ مدة النشاط سبع سنوات ضمن دورة شمسية تصل لإحدى عشرة سنة. وتُصد معظم هذه الجسيمات بوساطة الحقل المغنطيسي الأرضي.

3 - الإشعاع الكوني: وهي الإشعاعات القادمة من خارج المجموعة الشمسية، وتؤثر في المركبات الفضائية التي تعمل على ارتفاعات عالية.

4 - الإشعاع الجوي: وينجم عن التصادم بين الأشعة الكونية والذرات المكوَّنة للغلاف الجوي. وتكون مهيمنة في ارتفاعات الطيران الجوي.

5 - الإشعاعات الأرضية: وهي تنتج على نحو رئيسي قرب المفاعلات النووية.

التأثيرات المختلفة للإشعاعات

للإشعاعات تأثيرات مختلفة، من أهمها:

1 - جرعة الإشعاع الكلية total radiation dose: وهي التأثير التراكمي للجسيمات الإشعاعية التي تصطدم بالدارة خلال عملها، إذ يؤدي هذا التصادم إلى تناقص فعالية الدارة على نحو بطيء حتى تتعطل جزئياً أو كلياً. تؤثر كمية الإشعاع الكلية في معظم العناصر الإلكترونية خصوصاً الفعالة منها. فعلى سبيل المثال؛ يعتمد العمل الصحيح للترانزستور على الانتقال من مقاومة عالية (حالة القطع off) إلى مقاومة منخفضة (حالة التمرير on)، وذلك عند تجاوز جهد البوابة gate لجهد العتبة threshold voltage. قد يؤدي التعرض الطويل للإشعاع إلى انزياح جهد العتبة، كما يؤدي إلى زيادة تيارات التسريب. وتسبِّب زيادة تيارات التسريب بدورها زيادة استهلاك الطاقة في الدارة، نظراً لتوفر ملايين الترانزستورات في الدارة الواحدة، وهذا ما يُسرّع نضوب مصدر الطاقة في المنظومة الفضائية، كما يسرع في تعطل الإلكترونيات نتيجة ارتفاع درجة الحرارة.

2 - تضرر البنية البلورية للمادة displacement damage: وهي التأثيرات الناجمة عن صدم تدفق flux من الجسيمات الفضائية للبنية البلورية المنتظمة لنصف الناقل، وهذا ما يؤدي إلى انزياح بعض الذرات من مكانها، كما هو مبيَّن بالشكل (3)، وإلى تغيّر المواصفات الكهربائية للمادة. تؤثر ظاهرة تخلخل البنية البلورية للمادة في المحسّات sensors والمفَعِّلات actuators.

الشكل (3): مثال على تخلخل البنية البلورية

3 - الأحداث المنفردة single  events : تطرأ هذه التأثيرات نتيجة دخول جسيمات ذات طاقة عالية إلى الدارة الإلكترونية. ينجم عن دخول هذه الجسيمات تولّد تيارات زائفة في الدارة، وهذا ما يؤدي إلى تغير الجهد الكهربائي في نقطة من الدارة، ويمكن أن يصل تأثيرها إلى تخريب الدارة. تؤثر الأحداث المنفردة في عناصر الطاقة والمضخِّمات والذواكر.

الشكل (4): مثال على نشأة تيارات زائفة نتيجة دخول جسيمات إشعاعية

يمكن تقسيم الأحداث المنفردة إلى مجموعة من الظواهر التي يمكن أن تصيب الدارة، مثل:

أ- ظاهرة الِقصَر latchup: وتحدث نتيجة تجاور ترانزستورات من النوع N وP ، وهذا ما يشكِّل ثايريستور. يؤدي عبور الشحنات في هذه التركيبة إلى وصل دائم للترانزستورين ومن ثَمّ قِصَر بين المرجِع الأرضي والتغذية. ويبيّن الشكل (5) تمثيلاً لظاهرة القصر.

الشكل (5): ظاهرة القِصر

ب- ظاهرة انهيار البوابة gate rupture: وتنجم عن انهيار المادة العازلة في بوابة الترانزستور بسبب تجمع جسيمات مشحونة في هذه المنطقة العازلة. تبدو هذه الظاهرة جلية في التقانات الحديثة حيث إن سماكة الأكسيد oxide تتناقص بتطور التقانة.

ج- ظاهرة التخريب المكاني burnout: وتنجم عن مرور تيار كبير في إحدى نقاط الدارة، ويؤدي ذلك إلى تسخين المنطقة وتخريبها.

د- ظاهرة الانقلاب upset: وتنجم عن تغيّر لحظي في الجهد الكهربائي لنقطة ما. وقد يبلغ هذا التغيّر حد تغيير قيمة خانة في الذاكرة (الشكل6). تُعدّ الذواكر الساكنة ذات النفاذ

العشوائي(SRAM) Static Randomaccess Memory  أكثر حساسية من الذواكر الديناميكية ذات النفاذ العشوائي(DRAM) Dynamic Random-Access Memory .

الشكل (6): ظاهرة انقلاب القيمة المنطقية في عنصر ذاكرة

لابدّ لضمان عمل صحيح للإلكترونيات الفضائية من تقييم الآثار الإشعاعية، وتقديم حلول لزيادة مناعة العناصر الإلكترونية للإشعاعات.

الاختبار والمحاكاة

تجري عملية اختبار الدارات ضمن بيئة إشعاعية صُنعية، وتُحدَّد الأخطاء الواقعة في الدارات نتيجة تعرضها للإشعاع. ومن الأمور المهمة الواجب تحديدها بدقة في الاختبار:

• مصدر الإشعاع ونوعه.

• الشروط المحيطة بعملية الاختبار.

• مدة التعرض للإشعاع.

• عدد النماذج التي ستخضع للاختبار.

• المحدِّدات والوظائف التي ستُختبر في الدارة.

بعد تحديد الأخطاء الناجمة عن تعرض الدارة للإشعاع يمكن معرفة مدى مناعة الدارة ومواءمتها للمهمة التي ستؤديها ضمن الظروف المحيطة. ويُقصد بضمان المناعة للإشعاع(RHA) radiation hardness assurance مجموعة الإجراءات التي تُتخذ للتوثق من حسن عمل الدارة في بيئتها المفترضة.

تُعرِّف معايير عالمية طرائق اختبار الدارات الإلكترونية ضد الإشعاع، ومنها المعايير الخاصة بالأثر التراكمي للإشعاع مثل: ESCC 22900  و MIL_STD883G Method 1019.7 و MIL-STD750E Method 1019.5، والمعايير الخاصة بتأثير الأحداث المنفردة مثل: SCC-29500 و EIA/JESD57 و ASTM F1192.

يصعب تمثيل هذه البيئة بكل تفاصيلها نتيجة تعقيد الظروف الفضائية وكثرة العوامل التي تؤثر في عمل الدارة، كما أن عملية الاختبار مكلفة جداً (آلاف الدولارات لكل ساعة اختبار)، وشروط تشغيلها دقيقة للغاية. وإذا كان الاختبار يجري بعد تصنيع الدارة المتكاملة فإن معرفة أن الدارة غير مقاومة للإشعاع يؤدي إلى استبعاد هذه الدارة من الاستخدام. لذلك وللحصول على فائدة أكبر لا بد من استباق عملية التصنيع بإجراء تقدير للأخطاء بوساطة المحاكاة. تُعدّ المحاكاة عملية آمنة، ويمكن إجراؤها على مختلف المستويات التصميمية. ومن ثَمّ تنشأ الحاجة إلى تعريف نماذج models للأخطاء. يتوفر الكثير من الأبحاث التي تُعنى بتعريف نماذج للأخطاء في الدارات الإلكترونية حيث يُعرَّف احتمال ورود مؤثر خارجي (كالجسيمات الإشعاعية) على الدارة، واحتمال استجابة الدارة لهذه المؤثرات الخارجية، وهو ما يسمى انتشار الخطأ في المنظومة. تُطبَّق بعد ذلك هذه النماذج على الدارة وتُجرى عمليات المحاكاة المطلوبة.

طرائق زيادة المناعة للإشعاعات:

ثمة حلول عديدة لزيادة مناعة العناصر الإلكترونية للإشعاعات، ومنها زيادة المناعة تصنيعياً by process، أو بالتحجيب by shielding، أو تصميمياً by design.

1 - زيادة المناعة تصنيعياً

تُستخدم دارات منفَّذة بتقانات أكثر مناعة للإشعاع، كاستخدام الدارات القليلة الاستهلاك للاستطاعة low- power عوضاً عن الدارات العادية. كما تُستخدم ركائز substrates من أنماط خاصة؛ مثل نتريد الغاليوم gallium nitride وكاربيد السليكون silicon carbide، وتتميز بفجوة طاقة energy gap كبيرة لانتزاع الإلكترون. إضافةً إلى ذلك تُبنى الدارة الإلكترونية على مواد عازلة كالياقوت الأزرق sapphire، ويُطلق على هذه التقانة

اسم «السليكون على عازل»(SOI) Silicon  On Insulator . ويبيّن الشكل (7) مثالاً على كيفية تنفيذ دارة بهذه التقانة. تختلف هذه الدارات - المصنّعة خصيصاً لزيادة المناعة الإشعاعية - عن تلك المستخدمة للأغراض التجارية؛ فهي ذات تكلفة أعلى، وحجم أكبر، واستهلاك طاقة أكبر.

الشكل (7): بناء دارة إلكترونية على مادة عازلة

2 - زيادة المناعة بالتحجيب

تُستخدم عمليات تحجيب الدارات لعزلها عن المحيط الخارجي، حيث تُحاط الدارة بغلاف يمنع أو يخفف أثر العوامل الخارجية على الدارة. يُستخدم التحجيب وسيلةً لتخفيف الأثر التراكمي للشحنات، وتخفيف التأثيرات المفردة الناجمة عن الجسيمات ذات الطاقة المنخفضة، ولكنها أقل فائدة في حالة الجسيمات ذات الطاقة العالية، كما يُستخدم التحجيب لتخفيف الأثر الحراري في الفضاء الخارجي. ويبيّن الشكل (8) مثالاً على علبة عازلة لتحجيب الدارات.

الشكل (8): علبة عازلة لتحجيب الدارات

3 - زيادة المناعة تصميمياً

لمواجهة ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على الدارات الإلكترونية المصنَّعة للعمل في الفضاء بحث المصمِّمون عن بدائل عن الحلول التصنيعية. طُوِّرت طريقة زيادة المناعة للإشعاع تصميمياً، وتعتمد هذه الطريقة على تصميم الدارة بطريقة تسمح بالتغلب على الأخطاء واضطراب الوظيفة الناجم عن الإشعاع.

فعلى سبيل المثال؛ يمكن تخفيف ظاهرة الِقصر بين ترانزستورين من نوعين متعاكسين بإنشاء نطاقات عزل بين العناصر المختلفة المتجاورة. يمكن تشكيل هذه النطاقات بوساطة خنادق ذات طبيعة عازلة حول العناصر المتجاورة لزيادة قيمة التيار المطلوب لتحقيق الِقصر.

كما يمكن التغلب على المشكلات الناجمة عن قلب قيمة منطقية لدارة ما، اعتماداً على تكرارية تلك القيمة، تسمى هذه الطريقة بالتكرار النسيقي الثلاثي(TMR) Triple Modular Redundancy . يمكن في هذه الطريقة الحصول على القيمة المطلوبة باستخدام أكثر من دارة (عادة ثلاث دارات)، وتُحدَّد القيمة النهائية بتنفيذ تابع أكثرية (منظومة تصويت) voting system على مخارج هذه الدارات. ومن ثَمّ لن يؤدي تغيير قيمة خرج دارة واحدة نتيجة خطأ ما إلى تغيير القيمة المطلوبة، حيث إن هذه القيمة المطلوبة تتولد من دارات أخرى، ولن يُؤخذ تغيير في إحدى الدارات فقط بالحسبان (الشكل 9). من مثالب هذه الإجرائية زيادة حجم الدارة، وزيادة استهلاك الطاقة، وتقليل سرعة الدارة. وثمة طريقة أخرى تسمى كشف الخطأ وتصحيحه، تعتمد على إضافة بتات bits لكل كلمة، وتُقرأ هذه البتات لمعرفة حصول تغيير على قيمة الكلمة، ومن ثَمَّ تصحيحها

الشكل (9): مثال على زيادة المناعة تصميمياً اعتماداً على التكرار

إن التوجه الحالي في تصميم الدارات الإلكترونية هو استخدام صفيفة البوابات القابلة للبرمجة(FPGA) Field Programmable Gate Array  في المنظومات المختلفة، وجرى الاهتمام بتصنيع دارات من هذا النمط مضادة للإشعاع. ومن الأمثلة على ذلك صفيفة البوابات القابلة للبرمجة المبنية على تقانة مضادات الفصم antifuse التي تُعدّ أكثر مناعة من الدارات المبنية على تقانة الذواكر الساكنة ذات النفاذ العشوائي. كما تقدِّم الشركات المصنِّعة أنماطاً من الدارات ذات مواصفات خاصة تجعلها مقاومة للإشعاع مثل Actel Rad-Hard و Xilinx XQR 4000XL. إضافةً إلى ذلك توفِّر برمجيات التركيب synthesis المساعِدة إمكانات التصميم لزيادة المناعة ضد الإشعاع، حيث يجري استخدام الخلايا المناسبة لتحقيق الوظيفة المنطقية على نحو ممانع للإشعاع.

الآفاق المستقبلية

يبقى المجال مفتوحاً لزيادة مناعة الدارات للإشعاع بطرائق مختلفة، منها طرائق تحليلية تعتمد على تطوير نماذج لتوصيف الأخطاء الناجمة عن الإشعاعات، وتزويد برمجيات المحاكاة بالأدوات المطلوبة لإدخال هذه النماذج ودراسة انتشار الأخطاء في الدارة، ومنها طرائق تصنيعية تهدف إلى إنتاج دارات أكثر مقاومة للإشعاع، مثل إنتاج دارات باستخدام مواد نصف ناقلة خاصة مقاومة على نحو طبيعي للإشعاع.

مراجع للاستزادة

- C. Claeys and E. Simoen, Radiation Effects in Advanced Semiconductor Materials and Devices, Springer, 2002.        

- J.-P. Colinge, Silicon-on-Insulator Technology, Springer, 2004.        

- T. Panhofer and M. Delvai, Self-Healing Circuits for Space-Applications, International Conference on Field Programmable Logic and Applications, 2007.        

 -S. Rezgui, New Reprogrammable and Non-Volatile Radiation-Tolerant FPGA, InTech, 2010.       


التصنيف :
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 556
الكل : 31198978
اليوم : 24135