logo

logo

logo

logo

logo

استسقاء الرأس (أدوات تشخيص ومعالجة-)

استسقاء راس (ادوات تشخيص ومعالجه)

Hydrocephalus (tools for diagnosis and treatment-) - Hydrocéphalie(outils de diagnostic et de traitement)

استسقاء الرأس (أدوات التشخيص والمعالجة)

عبد الرزاق الحناوي

 

استسقاء الرأس Hydrocephalus أو استسقاء الدماغ هو التراكم المتزايد للسائل الدماغي الشوكي cerebrospinal fluid (CSF) داخل فراغات محددة في الدماغ تُدعى تجاويف أو بطينات الدماغ brain ventricles، حيث يوجد أربعة بطينات داخل الدماغ متصلة بعضها ببعض عبر ممرات أو قنوات صغيرة (الشكل1).

الوصف: 17-1.psd
الشكل (1): تجاويف الدماغ عند الإنسان

يُقدم هذا السائل مواد التغذية اللازمة إلى أنسجة الدماغ والنخاع الشوكي، كما يقوم بدور وسادة مائية للحماية من أثر الصدمات التي قد تحصل للإنسان، ثم يعود مجدداً إلى الدورة الدموية عن طريق امتصاصه من قبل الأوردة الدموية في أنسجة الدماغ والنخاع الشوكي.

يُمكن للسائل الدماغي أن يتراكم في حال أُغلقت الممرات بين البطينات؛ أو في حال أن امتصاص السائل الدماغي قد توقف جزئياً أو كلياً، وفي حالات نادرة يمكن أن يتراكم السائل الدماغي بسبب ازدياد إنتاجه بحيث يفوق مقدرة الدماغ على امتصاصه.

يبلغ معدل الإصابة بهذا المرض عند الأطفال تقريباً طفل من أصل 2000 طفل حديثي الولادة، وعند الكبار 1 من أصل 1000 شخص. وقد أدى تطور تقنيات التشخيص والمعالجة الحديثة إلى خفض الوفيات بسببه من 54 % إلى 5 % من الحالات في أثناء ربع القرن الماضي، وانخفضت الإعاقات الذهنية من 62 % إلى 30 %.

ثمة توازن في الحالة الطبيعية بين كمية السائل الدماغي المنتجة وكمية السائل الممتصة. ولما كان السائل يُنْتَج باستمرار فإن أي خلل في دوران السائل بين التجاويف الدماغية؛ أو أي خلل في امتصاصه يؤدي إلى تراكمه ومن ثمَّ إلى تضخم التجاويف وازدياد الضغط غير المحمود على بقية أنسجة الدماغ (الشكل 2). تُدعى هذه الحالات اسم استسقاء الرأس، ويوجد منها نوعان رئيسيان: يُطلق على الأول اسم استسقاء الرأس غير المتصل non- communicating hydrocephalus إشارة إلى الإغلاق الجزئي أو الكلي لبعض الممرات المائية التي تصل البطينات بعضها ببعض؛ في حين يُطلق على حالة خلل امتصاص السائل الدماغي اسم استسقاء الرأس المتصل، إشارة إلى سلامة الممرات المائية بين البطينات، ولكن آلية امتصاص السائل الدماغي لا تتم على نحو صحيح. تُصنَّف حالة استسقاء الرأس أيضاً في صنفين بحسب تاريخ الإصابة؛ الصنف الأول: هو استسقاء الرأس الجنيني congenital hydrocephalus الذي يحدث في أثناء نمو الجنين في رحم أمه، أما الصنف الثاني فهو استسقاء الرأس عند الأطفال أو البالغين والكبار. وهناك نوع آخر هو ضغط استسقاء الرأس الطبيعيnormal pressure hydrocephalus وهو أقل شيوعاً، ونادراً ما يصيب الأشخاص دون سن الـ 60 عاماً.

الوصف: 17-2.psd
الشكل(2): البطينات الدماغية الطبيعية (يسار) والمتوسعة نتيجة لاستسقاء الرأس (يمين).

تشخيص استسقاء الرأس

يمكن إجراء ذلك باستخدام إحدى وسائل التصوير الطبي:

1- التصوير بالرنين المغنطيسي magnetic resonance imaging (MRI): يعتمد على وضع المصاب ضمن حقل مغنطيسي وتطبيق أمواج راديوية بالتزامن مع تطبيق ثلاثة حقول مغنطيسية متدرجة بالشدة ومتعامدة بعضها مع بعض، وذلك من أجل قياس الاختلاف في كثافة البروتونات في الأنسجة المختلفة لتشكيل صورة عن هذه الأنسجة في المنطقة التي يُرغب دراستها أو فحصها. تُعدّ هذه الطريقة ممتازة في فحص الأنسجة الرخوة، كما هي الحال بالنسبة للرأس، كما أنها لا تؤدي إلى حدوث جرعة إشعاعية غير مرغوب فيها.

تُستخدم هذه التقنية لتصوير رأس المواليد وكذلك الكبار، ولكن لا يمكن استخدامها لفحص الإصابة باستسقاء الرأس عند الجنين في الرحم؛ لأن الصورة تصبح غير جيدة بسبب حركة الجنين الدائمة داخل الرحم، حيث يؤثر سلباً في جودة صورة رأس الجنين في الرحم. يبيّن الشكل (3) حالة طبيعية وأخرى غير طبيعية لتجاويف الدماغ، كما تظهر في تقنية التصوير بالرنين المغنطيسي.

الوصف: 17-3.psd
الشكل(3): صور MRI (أ) البطينات الدماغية الطبيعية (ب) البطينات الدماغية المتوسعة نتيجة لاستسقاء الرأس.

2- التصوير المقطعي المحوسب بالأشعة السينية X-Ray computed tomography (CT): يعتمد على قياس مقدار تخامد الأشعة السينية في الأنسجة المدروسة لتشكيل صورة مقطعية عند أي مستوى من جسم الإنسان.

على الرغم من جودة الصور الناتجة، لكن الجرعة الإشعاعية التي ترافق التصوير حصرت استخدام هذه التقنية في فحص استسقاء الرأس فقط عند البالغين، أما الأطفال الحديثي الولادة أو الجنين فلا يُنصح تصويرهم بهذه التقنية؛ لأن أنسجة الأطفال الحساسة جداً للأشعة يجعلها خطراً عليهم. يوضح الشكل (4) الحالة الطبيعية والحالة غير الطبيعية لتجاويف الدماغ كما تظهر في تقنية التصوير المقطعي بالأشعة السينية.

الوصف: 17-4.psd
الشكل(4): (آ)البطينات الدماغية الطبيعية (ب) البطينات الدماغية المتوسعة نتيجة لاستسقاء الرأس في صور CT.

 

3- التصوير بالأمواج فوق الصوتية ultrasound imaging: يعتمد على قياس صدى الأمواج عند المناطق الفاصلة بين الأنسجة المختلفة لتشكيل صورة. هذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً من الطريقتين السابقتين لأنها تستطيع إنتاج صور في زمن قصير مقارنة بالطريقتين السابقتين، إضافة إلى أنها تستطيع إنتاج الصور بالزمن الحقيقي الذي يسمح بكشف استسقاء الرأس عند الجنين في الرحم من دون التأثر بحركة الجنين، ومن دون أن يرافق ذلك أي جرعة إشعاعية غير مرغوب بها، ومن ثم لا تؤثر في تطور نمو أنسجة الجنين. تتميز هذه التقنية أيضاً بإمكانية رؤية الفواصل بين الأنسجة والماء بسهولة، ومن ثم يمكن رؤية البطينات الدماغية بدقة.

أدى تطوير تقنيات التصوير بالأمواج فوق الصوتية العالية الدقة إلى معرفة تطور تشكل البطينات والرأس عند الجنين، فصار ممكناً تمييز جمجمة الجنين في الأسبوع الثامن من الحمل، ويمكن رؤية البطينين الجانبيين في الأسبوع 15، أما البطين الثالث والرابع فيظهران في الأسبوع 20 من الحمل، ومن ثم يتوقف تشكلهما ويصغر حجم جميع البطينات بعد الأسبوع 24 من الحمل، ولهذا صار ممكناً فحص الإصابة باستسقاء الرأس في المدة الواقعة بين الأسبوع 15 والأسبوع 24 من الحمل. يوضح الشكل (5) صورتين: إحداهما حالة سليمة لدماغ الجنين في الأسبوع 34 من الحمل (آ)، والثانية لجمجمة جنين له العمر نفسه ولكنه مصاب باستسقاء الرأس (ب).

الوصف: 17-5.psd

الشكل(5): (آ) البطينات الدماغية الطبيعية (ب) البطينات الدماغية المتوسعة نتيجة لاستسقاء الرأس في صور الأمواج فوق الصوتية.

هناك عدة قياسات يمكن استخدامها على الصور الناتجة، أشهرها قياس نسبة عرض البطين الجانبي lateral ventricle width (LVW) إلى عرض نصف الكرة المخية cerebral hemisphere width (CHW)، وفي الحالة الطبيعية تتناقص هذه النسبة مع تقدم نمو الجنين في الرحم. وتجدر الإشارة إلى قدرة هذه التقنية على فحص النخاع الشوكي عند الجنين بدقة ووثوقية عاليتين وفحص معظم تشوهات الجهاز العصبي المركزي عند الجنين بوجه عام.

على الرغم من أن التصوير بالرنين المغنطيسي (MRI) يعطي الدقة العليا بين جميع تقنيات التصوير المستخدمة، لكن حركة الجنين داخل الرحم لا تسمح بالتقاط صور دقيقة باستعمالها، لذلك تستخدم هذه التقنية لكشف الإصابة عند الكبار فقط، في حين تُعدّ تقنية الأمواج فوق الصوتية التقنية الأكثر شيوعاً في فحص الإصابة باستسقاء الرأس عند الجنين أو الأطفال الحديثي الولادة.

علاج استسقاء الرأس

تعتمد الطريقة الجراحية للعلاج على زراعة مصرف – مسرب- shunt يقوم بتحويل السائل الدماغي من البطينات إلى تجاويف الجسم الأخرى مثل البطن ventriculo-peritoneal shunt (VP) أو القلب (عبر الوريد الأجوف العلوي superior vena cava) أو الرئة ventriculo-pleural shunt (VP) (الشكل 6).

الوصف: 17-6.psd
الشكل(6): زرع الأنبوب من الدماغ إلى البطن أو القلب أو الرئة (من اليمين إلى اليسار)

يتألف المسرب المزروع من ثلاثة أجزاء رئيسية (الشكل 7)، الأول منها هو أنبوب دقيق بلاستيكي مرن يُدخَل من خلال ثقب في الجمجمة. يُعطى الطفل في هذه العملية تخديراً عاماً، ويُحفر ثقب صغير في جمجمته ثم يولج عبره الأنبوب الدقيق – قثطرة دماغية ventricular catheter- ليصل إلى التجاويف الدماغية التي تحتوي على تراكم السائل الدماغي. يتصل الأنبوب الدقيق بصمام أحادي الاتجاه يُزرَع تحت فروة الرأس. يُفتح الصمام ويُغلق آليّاً بناءً على قيمة ضغط السائل الدماغي في النظام، بحيث يسمح بالتحكم في معدل تدفق السائل من البطين الدماغي إلى مكان آخر في الجسم، ولا يسمح بعودته إلى الدماغ. يقوم الطبيب الجراح بتحديد قيمة ضغط السائل الذي يعمل عنده هذا الصمام قبل زراعته تحت فروة الرأس، والذي يتصل من الجهة الثانية بالجزء الثالث من المسرب وهو أنبوب دقيق آخر – قثطرة distal catheter- يُزرَع تحت الجلد من الرأس عبر الرقبة، ويمتد ليصل إلى مجرى الدم في تجويف آخر من الجسم.

الوصف: 17-7.psd
الشكل(7): الأجزاء الثلاثة للمسرب المزروع

يحتوي المصرف المزروع أحياناً خزاناً للسائل الدماغي يوضع خارج جسم الإنسان أو داخله، تكمن فائدة هذا الخزان في اختبار عمل الجهاز والتحكم في معدل تدفق السائل أو أخذ عينة منه باستعمال حقنة طبية لدراسته مخبرياً.

في حالة الأطفال الحديثي الولادة يعود رأس الطفل بعد العملية إلى حجمه الطبيعي تدريجياً، ويعود الطفل إلى حياته الطبيعية بعد عدة أيام، ومع نموه يمكن أن تُستبدل هذه الأنبوبة كلما نما الطفل، أو عند الكبار عندما يحتاج الأمر.

أشار الباحثون إلى عدد من الاختلاجات التي قد تحدث بعد زراعة المصرف مثل إصابة المصرف بالأخماج infections وما يرافق ذلك من ألم في العنق والأكتاف واحمرار المنطقة الجلدية حول المصرف والحُمى، كما نبَّهوا لأنه قد يتعرض لفشل ميكانيكي في عمله يستوجب تدخلاً طبياً؛ مثل توقفه عن العمل أو زيادة معدل تصريف السائل أو نقصانه.

يوجد حل علاجي آخر يمكن استخدامه فقط في حالة انسداد الممر المائي بين البطينين الثالث والرابع بسبب عيب خلقي أو وجود ورم دماغي، تُدعى هذه الطريقة اسم منظار جراحة بطينات الدماغ endoscopic third ventriculostomy، وتعتمد على إجراء تنظير جراحي عن طريق أنبوب مزود بالألياف البصرية تسمح للطبيب الجراح الوصول إلى القناة المائية وإجراء ثقب فيها بحيث يجري تصريف السائل باتجاه البطين الرابع ليتابع مساره الطبيعي؛ أو إجراء فتحة في قاع البطين الثالث لتصريفه باتجاه قاعدة الجمجمة (الشكل 8)، ومن ثم يمكن الاستغناء عن وضع جهاز الصمام الأنبوبي وما يترتب عليه من مشاكل نفسية واجتماعية للمريض وعائلته.

الوصف: 17-8.psd
الشكل(8): منظار جراحة بطينات الدماغ

لا يوجد حل دوائي دائم لحالات استسقاء الرأس، ولكن اقترح الباحثون بعض الأدوية التي تنظم دوران السائل الدماغي إما عن طريق خفض إنتاج السائل الدماغي من البطينات الدماغية مثل مادتي الأسيتازولاميد acetazolamide والفوروسيميد furosemide، وإما عن طريق زيادة امتصاص أوردة الدماغ للسائل الدماغي مثل مادة الإيزوسوربيبد isosorbide. وهذه الحلول الدوائية مؤقتة يمكن استخدامها فقط قبل العمل الجراحي ولمدة محدودة؛ لأن لها آثاراً جانبية في بقية أنظمة الإنسان الحيوية.

أخيراً تجدر الإشارة إلى أنه لا ينصح إجراء أي عمل جراحي للجنين في الرحم في حالة اكتشاف حدوث الاستسقاء لما لهذا العمل من أخطار على نموه، وإنما المتبع هو انتظار الولادة أو إجراء عملية قيصرية إن أمكن ليصار إلى إجراء العمل الجراحي لاحقاً بعد الولادة.

مراجع للاستزادة:

-E. Garne, M. Loane, M.C. Addor, P.A. Boyd, I. Barisic, H. Dolk. Congenital Hydrocephalus - Prevalence, Prenatal Diagnosis and Outcome of Pregnancy in Four European Regions. Eur J Paediatr Neurol. Apr 30, 2009.

-J.A. Golden, C.G. Bönnemann, Developmental Structural Disorders. In: Goetz CG, eds. Textbook of Clinical Neurology. 3rd ed. Philadelphia, Pa: Saunders Elsevier, 2007.

-S.L. Kinsman, M.V. Johnston, Congenital Anomalies of the Central Nervous System. In: Kliegman RM, Behrman RE, Jenson HB, Stanton BF, eds. Nelson Textbook of Pediatrics. 18th ed. Philadelphia, Pa: Saunders Elsevier, 2007.

-M.H. Libenson, E.M. Kaye, N.P. Rosman, H.E. Gilmore. Acetazolamide and Furosemide for Posthemorrhagic Hydrocephalus of the Newborn. Pediatr Neurol. Mar, 1999.

-M.D. Partington. Congenital Hydrocephalus. Neurosurg Clin N Am. Oct, 2001.

-HL. Rekate, A Contemporary Definition and Classification of Hydrocephalus. Semin Pediatr Neurol. Mar, 2009.

-C. Sainte-Rose, Hydrocephalus in Childhood. In: Youmans JR, ed. Neurological Surgery. Philadelphia: WB Saunders Company; 1996.

 


التصنيف : الهندسة الطبية
النوع : الهندسة الطبية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 6191
الكل : 45607319
اليوم : 8002