logo

logo

logo

logo

logo

الإسفنجيات

اسفنجيات

Porifera - Porifera

الإسفنجيات

حسن حلمي خاروف

تكاثر الإسفنجيات بنيتها
تصنيفها وبيئتها أنماط القنوات
الإسفنجيات المستحاثة أنماط هيكل الإسفنجيات
  حياة الإسفنجيات
 

 

الإسفنجيات حيوانات مائية، تنتمي إلى شعبة حاملات الثقوب Porifera، وهي مجموعة معروفة منذ ما قبل الكمبري. تضم اليوم نحو 5000 نوع أغلبها بحري، لكن منها نحو 150 نوعاً تكيفت للمعيشة في الماء العذب. تعيش متثبتة على المستندات، وتأخذ أشكالاً وألواناً مختلفة، فمنها الكروي (الشكل1) ومنها المتشعب، أو يتمدد على الصخور. ومن الأنواع اللافتة للنظر جنس سَلَّة فينوس Euplectella الزجاجية الذي يعيش في الأعماق السحيقة من المحيط الهادئ، والذي له شكل البوق، يكون مغروساً في الطين، ويصل طوله إلى نحو 50 سم (الشكل 2). وتضم الإسفنجيات حيوانات تراوح أبعادها بين بضعة ميليمترات حتى مترين أو أكثر. كثير منها ذو ألوان براقة بسبب أصبغة توجد في خلايا أدمتها، منها الأصفر والأحمر والبرتقالي والأخضر والأرجواني، علماً أن هذا اللون غالباً ما يبهت بسرعة لدى خروجه من الماء.

الشكل (1): الإسفنج يعيش في جماعات وبأشكال مختلفة، وتتميز بالثقوب الغزيرة على جسمها
الشكل (2): سلة فينوس، الجنسEuplectella

وهي حيوانات تعتمد في حياتها على التيارات المائية التي تسير في مجموعة من القنيوات التي تتشعب داخل أجسامها، حاملة الغذاء والأكسجين للحيوان، والفضلات إلى خارج الجسم. يدعم جسمها هيكل مؤلف من شويكات كلسية أو سيليسية أو كولاجينية.

بنيتها:

تتميز الإسفنجيات بجسمها المؤلف من طبقتين من الخلايا، الخارجية منها ظهارية بسيطة تتألف من خلايا تسمى الخلايا البشرية pinacocytes، والداخلية منها تسمى الخلايا المُطَوَّقَة choanocytes أو collar cells (الشكل3)، فهي مجهزة باستطالات سيتوبلاسمية تشبه الطوق تحيط بسوط يسبب تياراً مائياً داخل جسم الإسفنج. ويشغل الفراغ بين الطبقتين هلامة متوسطة mesoglea تضم عناصر الهيكل التي تفرزها خلايا خاصة تدعى الخلايا المولِّدة للأشواك، وعدة أنواع من الخلايا الأميبية الابتدائية archeocytes التي تؤدي دوراً كبيراً في تغذية الإسفنج، والخلايا الكولانشيمية collencytes (الشكل 4).

الشكل (3): بنية جدار جسم الإسفنج
الشكل(4): أنواع الخلايا والأشواك في جدار الإسفنج

كما تتميز هذه الحيوانات بجسمها المثقب بثقوب عديدة تسمى المِسَمّات ostia (مفردها ostium)، يدخل من خلالها التيار المائي المحمّل بالغذاء إلى جوف الإسفنج spongocoel بعد أن يجول في شبكة من القنوات الشعاعية الترتيب التي تحدها الخلايا المطوقة، تنفتح في جوف الإسفنج بفوهات تسمى فوهات الدخول apopyles، ومن ثَم يخرج التيار المائي من جوف الإسفنح عبر فوهة زفيرية osculum. وهكذا تتشكل في جسم الإسفنج منظومة من القنوات يوضحها الشكل (5).

الشكل (5): البنية المفصلة لجدار الإسفنج، تبدي جملة القنوات المائية المعقدة فيه

أنماط القنوات:

تتعقد القنوات والأجواف التي تخترق جسم الإسفنج وتصل الثقوب الشهيقية بالثقوب الزفيرية، بحيث يمكن تمييز ثلاثة أنماط من البنية (الشكل6).

الشكل (6): الأنماط المختلفة من بنية الإسفنجيات

 النمط الزِقّي ascon type: يوجد هذا النمط في الإسفنجيات البسيطة كما في الجنس لوكوسولينيا Leucosolenia، فيأخذ الإسفنج شكلاً أنبوبياً ويكون جداره رقيقاً. يشغل جوف الحيوان ما يسمى الجوف المركزي الذي يكون مبطناً بالخلايا المطوقة، ويشتمل هذا النمط على فوهة زفيرية وحيدة توجد في قمة الإسفنج.

 النمط التيني sycon type: يشتق هذا النمط من النمط الزقِّي، فهو يحافظ على الشكل الأنبوبي للحيوان، ويحتوي الفرد على فوهة زفيرية واحدة، لكن الجدار يكون أكثر ثخناً وتعقيداً، وتحيط بالجوف المركزي خلايا ظهارية مسطحة بدلاً من الخلايا المطوقة التي تتمركز في الأنابيب الشعاعية فقط، كما في الجنس سايكون Sycon.

نمط الإسفنجيات البيضاء leucon type: تنتسب إلى هذا النمط غالبية الإسفنجيات الكبيرة الحجم التي لها عدد كبير من الفوهات الزفيرية. كما تتشكل في هذا النمط حجرات بيضوية أو دائرية محاطة بالخلايا المطوقة، تُسمى بالحجرات المهتزة flagellated chambers، كما في الجنس أوسبونجيا Euspongia.

أنماط هيكل الإسفنجيات:

يدعم جسم الإسفنجيات هيكل مؤلف من شويكات دقيقة سيليسية أو كلسية، غالباً ما يضاف إليها ألياف بروتينية قاسية ناعمة تدعى ألياف الإسفنجين spongin. ويمثل الشكل ( 7) الأنماط الرئيسية من هذه الشويكات وأشكالها، ومثالاً عن الإسفنجيات التي تحويها في جسمها.

الشكل(7): أنواع الأشواك في جدار الأنواع المختلفة من الإسفنجيات

حياة الإسفنجيات:

تعتمد النشاطات الحيوية للإسفنج على التيارات المائية التي تعبر جسم الحيوان. والواقع أن الإسفنج يضخ كميات هائلة من الماء ضمن جسمه. ففي الإسفنج لوكوسولينيا – مثلاً- الذي لا يتجاوز طوله الـ 10 سم وقطرة 1 سم يقدر عدد قنيوات الدخول incurrent canals فيه بنحو 81000 قناة، وتقدر سرعة الماء الذي يدخلها بنحو 0,1 سم/ثانية، وهذه السرعة تسمح للخلايا المطوّقة بالتقاط كمياتٍ كبيرة من الغذاء. وبسبب وجود فوهة خروج واحدة فإن التيار ينطلق بسرعة تقدر بنحو 8,5 سم/ثانية، وهي سرعة تسمح بانطلاق الفضلات بعيداً عن الحيوان، علماً أن الإسفنجيات الكبيرة تستطيع أن تصفّي نحو 1500 من الماء يومياً.

يتم الهضم عند الإسفنجيات داخل الخلايا intracellular digestion، ويبدو أن ما يقوم بذلك هو الخلايا الابتدائية التي تمرر الغذاء لها الخلايا المطوّقة.

ليس لجهاز التنفس وجود في الإسفنجيات، ويبدو أن التبادل الغازي يتم بالنفاذ عبر جدار الخلايا. أما الإفراغ فيتم بفجوات نابضة توجد في الخلايا الابتدائية والمطوقة في إسفنجيات المياه العذبة.

أما فعاليات النشاط والاستجابة فإنها تقتصر فضلاً عن ضخ الماء، على تغيرٍ قليلٍ في شكل الحيوان، وفتح فوهات الدخول والخروج وإغلاقها ببطء شديد. والاستجابة الواضحة كثيراً هي فتح الفوهة الزفيرية وإغلاقها. ويعتقد بعض الباحثين أن الحس ينتقل من خلية إلى أخرى بمواد تنتقل مع التيار المائي، كما حاول بعض العلماء تمييز بعض الخلايا العصبية.

تكاثر الإسفنجيات:

يُميز في الإسفنجيات تكاثر جنسي وتكاثر غير جنسي.

التكاثر الجنسي: معظم الإسفنجيات منفصلة الجنس، ونادراً ما تكون خناثى. وتُشتق الأعراس من الخلايا الأميبية المنتشرة في الطبقة الهلامية، فتنقسم الخلية وتعطي نطافاً وبيوضاً.

يتم الإلقاح بدخول النطاف جسم الإسفنج عن طريق الثقوب الشهيقية، ثم تدخل النطفةُ إحدى الخلايا المطوّقة التي تفقد طوقها وسوطها متحولة إلى خلية ناقلة للنطفة. تدخل هذه الخلية الطبقةَ الهلاميةَ لتصل إلى الخلية البيضية وتحقنها بالنطفة ثم تتراجع. في أثناء ذلك تُنهي الخلية البيضية انقساماتها النضجية، وتتحد النواتان الذكرية والأنثوية فتتشكل البيضة المُخصَبَة zygote.

يبدأ التقسم لدى الإسفنجيات الكلسية، وتتشكل أُصَيْلَة (أريمة) blastula تتجه سياطها نحو الداخل (الشكل 8). يطرأ على هذه الأُصيلة انقلاب inversion يشبه انقلاب إصبع القفاز، يؤدي إلى تشكيل جنين مهدب يسمى الأُصَيلة (الأريمة) المزدوجة amphiblastula تتجه سياطها نحو الخارج. تترك هذه اليرقة جسم الإسفنج الأم وتتابع تناميها في الماء، وتسبح قليلاً ثم تتثبت على القاع متحولة إلى مُعَيْدة gastrula ثم إلى يرقة تدعى «أولنتوس» olynthus ارتفاعها نحو 2 مم، وهي مرحلة يرقانية تمر بها أغلب الإسفنجيات الكلسية.

الشكل (8): مراحل التنامي الجنيني في الإسفنج التيني Sycon

أما في الإسفنجيات الغروية فيترك الجنين المهدَّب جسمَ الإسفنج الأم على شكل أُصيلة أو على شكل «حَشَوِيّة» parenchymula ذات أدمتين. يمر التنامي بعد ذلك بمرحلة يرقية تدعى التوتية rhagon يمكن مقارنتها بيرقة «أولنتوس».

لا يبدي التنامي الجنيني للإسفنجيات إلا وريقتين جنينيتين هما الأدمة الخارجية والأدمة الداخلية، مما يجعل من الإسفنجيات حيواناتٍ توالي Metazoa ثنائية الأدمة، كاللاسعات (القراصيات) Cnidaria، وحاملات المشط Ctenophora.

التجديد والتكاثر اللاجنسي: تتمتع الإسفنجيات بمقدرة كبيرة على التجديد regeneration، حيث يمكن تقطيع بعضها إلى قطع، يتحول كل منها إلى فرد جديد. وهكذا تعطي الأجزاء الصغيرة من إسفنج الحمّام مثلاً أفراداً ذوات قَدٍّ طبيعي، وهو ما يُطلق عليه التكاثر بالفسيلة، وهي طريقة تستخدم في إكثار الإسفنجيات تجارياً. كما وُجد أن نسج الإسفنج المعزولة عن طريق الهرس والغربلة يمكنها التجمع وتشكيل أفراد جديدة.

أما التكاثر اللاجنسي فإنه يتم على شكلين:

- تبرعم خارجي: وهو معروف عند إسفنج التيتيا، حيث تتشكل براعم صغيرة على سطح الجسم، تتألف من خلايا غير متمايزة لا تلبث أن تنفصل وتتثبت على مرتكز وتتمايز لتعطي أفراداً جديدة.

- تشكل دُرَيرات gemmules: وهذا ما يشاهد في إسفنج الماء العذب «سبونجيلا البحيرية» Spongilla lacustris الذي يشكل في الخريف ما يسمى الدُرَيرات (الشكل9)، التي يتألف كل منها من مجموعة من الخلايا الابتدائية يحيط بها غلاف من الأشواك الصغيرة. وعندما تتفسخ نسج الإسفنج في فصل الشتاء تتحرر الدريرات التي تسقط على القاع ويعطي كل منها في الربيع أفراداً جديدة.

الشكل (9): الدريرة عند الإسفنجيات

تصنيفها وبيئتها:

تعد هذه الحيوانات كثيرات خلايا، لكنها لا تشارك شعب الحيوانات التوالي Metazoa الأخرى إلا بالقليل من الصفات، فهي لذلك تبدو وكأنها تقع خارج الخط التطوري للحيوانات الذي يؤدي بالسوطيات المطوَّقة Choanophlagellata إلى الحيوانات التوالي الأخرى؛ لذا يسميها بعض الباحثين الحيوانات الجانبية Parazoa.

على كل حال يعتمد تصنيف الإسفنجيات على طبيعة الهيكل، فهي تقسم إلى ثلاثة صفوف:

1 - صف الإسفنجيات الكلسية Calcarea: هيكلها أشواك كلسية تكون إبرية الشكل أو ثلاثية التشعب أو رباعية التشعب، غالباً ما تصطف حول المِسَمّات. يُذكر منها القنوية البيضاء Leucosolenia والتيتية Tethya وغرانْتية Grantia والتينية Sycon. وتعيش هذه الإسفنجيات في المناطق الشاطئية، وقد تنزل بعض أنواعها حتى عمق 100م.

2 - صف الإسفنجيات الغروية Demospongiae: ويتألف هيكلها من أشواك سيليسية ليست سداسية، أو تتألف من ألياف الإسفنجين، أو من كليهما، علماً أن بعضها مجرد تماماً من الهيكل. يضم هذا الصف فصيلة واحدة من إسفنجيات الماء العذب والباقي بحرية. وتضم الإسفنجيات التجارية التي يتألف هيكلها حصراً من ألياف الإسفنجين، وأجناساً أخرى مثل أوسكاريللا Oscarella والفَلّينِية Suberites والحفارة Cliona. وهي تعيش في المناطق الشاطئية.

3 - صف الإسفنجيات السيليسية أو السداسية Hexactinellida: يتألف هيكلها من أشواك سيليسية سداسية الشكل، غالباً ما يتصل بعضها ببعض لتتشكل شبكة. شكلها غالباً أسطواني، يُذكر منها: سلة فينوس 12 والخيطية الشفافة Hyalonema. تعيش في المياه السحيقة، وتكيفت للحياة في درجات حرارة منخفضة جداً، فهي تكثر في المناطق التي يصل عمقها إلى 4800م حيث لا تتجاوز درجة الحرارة + 2ْ مئوية، أما في المناطق قرب القطبية (خط العرض 50ْ) فتوجد على عمق يراوح بين 20 و 30 م.

الإسفنجيات المستحاثة:

تشهد الأشواك التي وُجدت لبعض الإسفنجيات في طبقات ما قبل الكمبري Precambrian على قِدَم هذه الشعبة. فقد شهد دور الكمبري حياةَ مجموعةٍ قريبةٍ من الإسفنجيات الكلسية، تسمى الكأسيات القديمة Archeocyathes، كوَّنَت في ذلك الحقب أرصفة بحرية reefs حقيقية، ثم ظهرت الإسفنجيات السداسية والغروية في الكمبري. أما الإسفنجيات التي تعيش في المياه العذبة فقد ظهرت فيما بعد في دور الكريتاسي.

ولعل أول إسفنج ظهر هو الجنس باليوفراغموديكتيا Paleophragmodictya، ويعود تاريخه إلى نحو 650 – 543 مليون سنة سابقة، وجد عام 1966 م في ترسبات الإدياكارا Ediacara (تشكلات دوشانتو Doushantuo) في أستراليا، في عصر الفاناديان Vanadian أواخر عصر البروتروزويك Proterozoic، وهو يبدي شبكةً من الشويكات تُذَكِّر بما يشاهد حالياً في الإسفنجيات السداسية. أما الأشواك السيليسية التي تشبه الأشواك التي توجد في الإسفنجيات الغروية فإنها لا توجد في السجلات المستحاثة، ولم تظهر إلا في العصر الكمبري، رغم وجود سجل واحد فقط لم يتم التأكد من صحته بعد ويعود إلى 750 مليون سنة سابقة. كما وجدت مستحاثات للإسفنجيات الزجاجية - تعود إلى نحو 540 مليون سنة - في صخور أستراليا والصين ومنغوليا.

تبدي إسفنجيات العصر الكمبري التي اكتشفت في المكسيك وتنتمي إلى الجنس كيويتينوكيا Kiwetinokia ما يشير إلى التحام شويكات صغيرة في أجسامها لتتشكل شويكات أكبر. أما الأشواك الكلسية فقد ظهرت في أستراليا، ويعود تاريخها إلى 530 – 523مليون سنة سابقة، وربما ظهرت بعض الإسفنجيات الغروية في الكمبري الباكر (525–520 سنة سابقة ) في Chengiang.

أما إسفنجيات المياه العذبة فيبدو أنها ظهرت بعد ذلك، إذ إن أول عينة عُرِفَت كانت تنتمي إلى الإيوسين الأوسط Mid-Eocene قبل نحو 48 – 40مليون سنة.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن نحو 90 % من الإسفنجيات الحديثة تنتمي إلى الإسفنجيات الغروية تعد مستحاثات هذه المجموعة قليلة نسبياً؛ لأن هيكلها يتألف من مادة الإسفنجين، وهي مادة صعبة الحفظ بشكل مستحاث.

مراجع للاستزادة:

- عيسى العسافين ومحمد موسى النعمة، علم الحيوان العام، الجزء الأول، جامعة دمشق،1981 .

 - A. Beaumont et P. Cassier, Biologie animale, Tome 1, Dunod Université, Paris 1981.

- C. P. Hickman Jr., L. S. Roberts and A. Larson, Integrated principles of Zoology, McGraw - Hill, 2001.

- S. S. Mader, Biology, McGraw- Hill, 2010.

- P. A. Meglische, Zoologie des invertébrés, Doin editeurs, Paris, 1973.

- P. H. Raven, G. B. Johnson, K. A. Mason, J. B. Losos, S. R. Singer, Biology, McGraw –Hill, 2011.


التصنيف :
النوع : تصنيف الأحياء
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 485
الكل : 31659030
اليوم : 13612