logo

logo

logo

logo

logo

البئر (حفر)

بير (حفر)

-

البئر (حفر-)

جريس شاهين

طرائق حفر الآبار

أنماط حفر الآبار

تطبيقات الحفر الموجّه

حفر الآبار

تحت سطح البحر

الصعوبات التي تعترض عمليات الحفر

تلافي انحراف الآبار واستعصاءاتها

 

حفر الآبار well drilling هي الوسيلة المباشرة للحصول على المياه الجوفية والنفط والغاز الطبيعي، وتَعرُّف التشكيلات الجيولوجية تحت سطح الأرض وتحديد خصائصها البنيوية والليتولوجية والبتروفيزيائية وتقييم خاماتها المطمورة.

تدل الوثائق التاريخية على أن الصينيين هم أول من قام بحفر بئر للحصول على النفط عام 1125 قبل الميلاد. وتشير الحفريات في بلاد الرافدين وفي مصر القديمة إلى استعمال القار المستخرج من باطن الأرض لأغراض عديدة، خاصة للتحنيط والعلاج. الجدير بالذكر أن طرائق حفر الآبار وتقنياتها لم تتغير كثيراً منذ 600 سنة قبل الميلاد حتى مرحلة قريبة من الوقت الحاضر.

طرائق حفر الآبار

تحفر الآبار العميقة بطرائق مختلفة بالاستعانة بمكنات حفر خاصة تدعى الحفارات، وتختلف الآبار وتصنف عموماً بحسب الطريقة المستخدمة في الحفر، والأجهزة المستخدمة فيه. وأقدم تلك الطرائق بعد الحفر اليدوي هي طريقة الحفر بالدق، إذ يستخدم أنبوب ينتهي بمثقاب حاد بمساعدة محرك بخاري، وتلتها طريقة الحفر الرحوي التي مازالت في تطور إلى اليوم.

1 - الحفر بالدق drilling percussion:

تعتمد هذه الطريقة مبدأ ثقب الأرض بتحطيم التربة بآلة حادة مؤنَّفة الرأس هي عمود الحفر أو الثقب (الشكل 1) معلقة بكبل، مع غرز أنابيب معدنية بالطَّرْق بآلة تسمى «الدقاق».

الشكل (1- أ ) بعض أنواع أعمدة الحفر بالدق في التربة الرخوة وغير المتماسكة.
الشكل ( 1- ب ) بعض أنواع أعمدة الحفر بالدق في الصخور و التربة القاسية جداً.

وأول بئر حفرت بهذه الطريقة كانت لاستخراج النفط عام 1859 بعمق 22م في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، وقد طُوّرت هذه الطريقة فيما بعد مع تطور المكنات والآلات المستخدمة فيها. وغدت عمليات الحفر تجري برفع عمود الحفر بكبل فولاذي إلى مسافة معينة ثم تركه يهوي بقوة مع ضخ كميات قليلة من المياه للحفاظ على تماسك نواتج الحفر وتسهيل إخراجها من البئر، وقد يُلجأ فيها إلى الحفر بالدق الهدروليكي بعمود حفر أنبوبي يمر فيه سائل الحفر لتسهيل الحفر وتنظيف البئر وإخراج النواتج إلى سطح الأرض. وقد مكنت هذه الطريقة من زيادة سرعة الحفر وعمقه ومنع جدران البئر من الانهيار، حيث يتسرب جزء من سائل الحفر -في أثناء صعوده إلى سطح الأرض- إلى جدار البئر في عملية تبطين طبيعية، مشكلاً ما يسمى كعكة الحفر. إن زيادة عدد الضربات في واحدة الزمن، وزيادة شدة دق عمود الحفر على قعر البئر، وزيادة وزن رأس الحفر وعمود الحفر، إضافة إلى زيادة الارتفاع الذي يسقط منه عمود الحفر؛ يسرع في تنفيذ عملية الحفر ويختصر الوقت.

تُنصب أجهزة الحفر بالدق ثابتة في منطقة العمل، أو تكون محمولة على شاحنات خاصة يمكن نقلها بسهولة إلى أماكن الحفر. ويمكن أن تصل أعماق الآبار التي تحفر بالدق إلى 200 - 2400م. يمثل الشكل (2) مخططاً عاماً لجهاز حفر آبار المياه بالدق.

الشكل (2) رسم تخطيطي لجهاز حفر آبار المياه بالدق.

لهذه الطريقة الكثير من الإيجابيات؛ فتكلفة المعدات الأولية والتشغيل ونفقات الصيانة والمحروقات قليلة، ولا تحتاج إلا إلى عدد قليل من العمال، و كمية المياه المستعملة فيها قليلة نسبياً. غير أن سرعة الحفر وعمقه محدودان نسبياً، ولا يمكن السيطرة تلقائياً على الضغوط الهائلة التي يمكن مصادفتها عند تدفق الموائع المختلفة من البئر؛ كذلك قد تتعرض حبال الحفر للانقطاع مع زيادة العمق وتتسبب في سد قناة البئر. يُلجأ إلى هذه الطريقة عموماً لحفر آبار المياه، والإعداد للحفر الرحوي. إذ يجري الحفر بالدق أولاً حتى عمق معين، وتبطن البئر ثم يتابع الحفر رحوياً، كما تستخدم أيضاً في إصلاح الآبار المحفورة بطرائق أخرى وتنظيفها.

2 - الحفر الرحوي (الدوراني) الهدروليكي:

يجري الحفر في هذه الطريقة بتدوير رأس الحفر مع وضع ثقل فوقه لزيادة الضغط. ويكون الحفر بإحدى طريقتين:

أ - الحفر الرحوي الهدروليكي بوساطة محركات عنفية أو كهربائية مثبتة على رأس الحفر مباشرة داخل البئر.

ب - الحفر الرحوي الهدروليكي: وهي الطريقة الأكثر استخداماً، وفيها يدير رأسَ الحفر بحركةٍ رحويةٍ محركٌ على سطح الأرض بوساطة منضدة رحوية تدير أنابيب الحفر ويحقق ثقلها ضغطاً على رأس الحفر. تنقل أنابيب الحفر الحركة الدورانية من المنضدة إلى رأس الحفر في أسفل البئر، ويجري داخلها سائل الحفر الذي يخرج من ثقوب الرأس ليعود إلى سطح الأرض من خارج الأنابيب حاملاً نواتج الحفر. يمثل الشكل (3) مخططاً عاماً لجهاز حفر رحوي.

الشكل (3) مخطط عام لجهاز حفر (دوراني) رحوي.

3 - الحفر التوربيني:

هي طريقة حديثة جداً في حفر الآبار. يصل عمق الحفر بهذه الطريقة إلى آلاف الأمتار، كما يمكن بوساطتها تنفيذ عمليات الحفر المائل والأفقي. وهي تمتاز من الحفر الرحوي العمودي بإمكانية تجاوز الكثير من العقبات الفيزيائية والعمرانية للوصول إلى الخام المراد استخراجه- وخاصة النفط والغاز الطبيعي- في الطبقات المحدودة السماكة والقليلة النفوذية. يبدأ حفر آبار النفط بهذه الطريقة بقطر يقارب 75سم عند سطح الأرض، ثم يتناقص تدريجياً مع التعمق بالحفر حتى 10سم عند قعر البئر.

أنماط حفر الآبار

ثمة نمطان من حفر الآبار (خاصة آبار النفط)؛ هما الحفر الشاقولي، والحفر الموجه المائل أو الأفقي.

1 - الحفر الشاقولي:

يبدأ الحفر من سطح الأرض متعامداً مع سطح الأرض ويستمر حتى الوصول إلى مكامن الخام. ويجري الحفر بإحدى طرائق الحفر المذكورة أعلاه. وقد تستخدم أكثر من طريقة للوصول إلى الهدف، كأن يبدأ الحفر بالدق، ثم يتابع بعد عمق معين بالحفر الرحوي. كما يمكن لأسباب خاصة أن يتحول الحفر الشاقولي إلى الحفر المائل بزاوية معينة أو إلى الحفر الأفقي.

2 - الحفر الموجّه:

هي تقنية أكثر تعقيداً وكلفة، وتهدف إلى حرف محور البئر عن الاتجاه الشاقولي بزاوية مائلة للوصول إلى الهدف (مكمن النفط)، بعمق رأسي حقيقي وإزاحة أفقية لأسباب عدة منها: حفر أكثر من بئر في منطقة واحدة من سطح الأرض، توجه كل منها باتجاه وزاوية محدّدَين (الشكل 4)، أو لوجود عوائق طبيعية أو لضيق المساحة المتاحة على سطح الأرض لنصب منصة الحفر، أو للحفر في البحر، حيث تتطلب عمليات الحفر وجود معدات إنتاج خاصة (المنصة البحرية)، لأن إنشاء منصة خاصة بكل بئر يزيد تكاليف الحفر.

 الشكل (4) الحفر الموجّه لأكثر من بئر في منطقة واحدة على سطح الأرض.

يُعد الحفر الموجّه ثورة في صناعة النفط والغاز الطبيعي، و أكثر الطرائق تطبيقاً في العالم، ويُمكِّن من استثمار أكبر كمية ممكنة من نفط الطبقة المنتجة، ويجري توجيه الحفر بأساليب متعددة:

أ - التوجيه بثبات الزاوية: أي حرف البئر من الاتجاه الشاقولي بزاوية ميل ثابتة، حتى الوصول إلى الهدف عند العمق المطلوب. وغالباً ما يُلجأ إلى هذا الأسلوب على الشواطئ للوصول إلى أهداف تحت سطح البحر. (الشكل 5).

الشكل (5) توجيه البئر من الاتجاه الشاقولي بزاوية ميل ثابتة للوصول إلى الهدف.

ب - التوجيه الأفقي: أي حرف وجهة البئر الشاقولية بزاوية 90º درجة للوصول إلى الهدف بإزاحة أفقية كبيرة عن مكان الحفر، أو عند الرغبة في زيادة إنتاجية البئر الواحدة (الشكل 6).

الشكل (6) حفر الآبار الأفقية

ج - التوجيه المتعرج: تحفر البئر بزاوية ميل محددة، ثم يعدل الحفر شاقولياً، ثم تعاد إمالته مجدداً وهكذا. ونادراً ما يُلجأ إلى هذا الأسلوب؛ لأنه يزيد الاحتكاك بين أنابيب الحفر وجدار البئر، إلى جانب صعوبات عمليات الضخ والإنتاج فيما بعد.

د - الحفر المائل: تُستخدم في هذه الحالة أجهزة حفر متخصصة، بحيث تكون زاوية ميل برج الحفر derrick مساوية زاوية ميل البئر-أي أكبر من الصفر- من بداية الحفر.

تطبيقات الحفر الموجّه:

يُعدّ الحفر الموجّه بديلاً من زيادة كثافة شبكة الآبار العمودية عند مكمن الخام، أو لاستثمار مكمن على مسافة أفقية بعيدة عن مكان الحفر، أو من أجل زيادة إنتاج البئر الواحدة. كما يلجأ إليه عادة عند تحسين استثمار النفط الثقيل والعالي اللزوجة، أو حل مشكلة استخراج النفط من تحت المناطق المأهولة ، أو للوصول إلى مكمن تعترضه فوالق مع عدم تجاوز حدودها، أو للوصول إلى مكامن تحت القباب الملحية. كذلك يلجأ إلى الحفر الموجّه في حال انسداد البئر عند عمق معين فيحول اتجاهها عند ذلك لتخفيف التكاليف، أو عند الحفر في المناطق الرملية المتعددة المكامن. وفي هذه الحالة تُحفر بئر واحدة فقط، وعند بلوغ عمق معين؛ يشرع في عدة آبار موجهة نحو عدة أهداف ومن ثم إسالة النفط نحو البئر المركزية.

التجهيزات والأدوات المستعملة في حفر الآبار وطرائق عملها

تعمل معدات الحفر على اليابسة أو الماء. تستعمل معدات الحفر الكبيرة لحفر الآبار العميقة، وقد تصل أعماقها إلى سبعة آلاف متر أو أكثر، وتقسم إلى معدات حفر على اليابسة ومعدات حفر بحرية.

وتعد معدات الحفر البرية الأوسع انتشاراً، وتصنف في أربع فئات:

1 - معدات حفر خفيفة: تحفر آباراً تقع أعماقها بين 1000 و1500م.

2 - معدات حفر متوسطة: تحفر آباراً تقع أعماقها بين 1200 و3000م.

3 - معدات حفر ثقيلة: تحفر آباراً تقع أعماقها بين 3500 و5000م.

4 - معدات حفر ثقيلة جداً: تحفر آباراً تقع أعماقها بين 5500 و7500م.

أ- مكونات أجهزة الحفر:

الحفر بالدق: يجري الحفر بهذه الطريقة بغرز عمود الحفر الذي يرفعه ملفاف بوساطة كبل فولاذي ثم يتركه ليهوي بضربات شديدة على قعر البئر فتتفتت الصخور وتتعمق البئر. وكان هذا الحفار في أول أمره بدائياً ويعمل يدوياً ثم جُهِّز بمحرك. أما أجزاؤه الرئيسية فهي:

1- عمود الحفر: ويتألف من:

- رأس دقاق، يسمى إزميل الحفر، وهو ذراع فولاذية دقيقة طولها عادة 1,5-3م، تصنع نهايتها السفلى من مادة قاسية جداً.

- ساق فولاذية أسطوانية الشكل طولها 3-7م، تربط على الرأس الدقاق فتمنحه ثقلاً إضافياً.

- رجّاج من حلقتين من الفولاذ الثقيل، متداخلتين كحلقتي السلسلة، تضربان أعلى العمود لرّجه ومخضه لتخليصه من الطبقات الرخوة اللزجة.

- الرباط، وهو وصلة ملولبة لربط الرأس الدقاق وساق الحفر والأنابيب. إن الشد المحكم لهذه الوصلة مهم جداً لمنع تحلل أجزاء عمود الحفر بسبب الارتجاج الشديد في أثناء الحفر.

2- الكبال: وهي كبال فولاذية من ضفائر سلكية، تصنف بحسب وظيفتها إلى: كبل الحفر، وكبل التنظيف، وكبل إنزال الأنابيب أو التبطين (الإكساء):

- كبل الحفر: يلف على ملفاف ضخم، ويمر على بكارة في أعلى برج الحفر، وتتعلق به الذراع المتأرجحة، بوساطة لولب، لإطالته مع تقدم عمق البئر، وهو أكثر الكبال تعرضاً للإجهاد. ويجب أن يتحمل ثقل عمود الحفر والارتجاج وحمولات الحفر المتغيرة واحتكاك أنابيب التبطين بجدار البئر.

- كبل التنظيف: ويلف على بكارة مثبتة في قمة البرج، وتعلق في طرفه الآخر مغرفة (دلو)، ويستعمل عند تراكم النواتج بين حين وآخر، فيوقف الحفر وترفع أجهزته، وتنفذ عملية التنظيف.

- كبل إنزال البطانة: يُلف على دولاب المرفاع، ويستعمل لتنزيل أنابيب البطانة في البئر.

3- معدات السطح: ومنها الدولاب الدوَّار الضخم، ودولاب كبل التنظيف، والذراع المتأرجحة المعلقة بعمود سامبسون Sampson post لحمل معدات الرفع، وهي تنقل الحركة الترددية إلى كبل الحفر، وترتبط ببكرة كبيرة ذات سيور بوساطة ذراع التدوير وذراع التوصيل، ويدير البكرة على التعاقب ناقل الحركة من المحرك الرئيسي.

4- المحركات الرئيسية: هي محركات احتراق داخلي، أو كهربائية، ويختار المحرك وفقاً لمهمة الحفر على أساس كلفة التشغيل في المنطقة التي يجري الحفر فيها.

5- المنزح أو دلو التنظيف: يكون دلو التنظيف على شكل قرص من النوع القلاب، وله صمام يفتح بوساطة نتوء بارز عندما يرتطم بقعر البئر، ويغلق عند رفعه، وهو معلق بكبل التنظيف.

6- برج الحفر: وهو الجزء الذي يوفِّر المجال الشاقولي اللازم لإدارة عمليات الحفر، وسحب المعدات، وتنزيل أنابيب الإكساء، ويصمم بحيث يتحمل جميع الإجهادات والحمولات المطبقة عليه، والتي تتغير بتغير عمق البئر وقطرها وأنابيب الإكساء.

يدور رأس الحفر في الحفر الرحوي ويندفع في التربة بوساطة قطار من أنابيب أسطوانية مجوفة اعتباراً من رأس الحفر حتى منصة الحفر، يدير هذه المجموعة جذع مدير للحركة مقطعه مربع أو مسدس، مربوط بالمنضدة الرحوية المرتبطة بمجموعة المحركات عن طريق أجهزة نقل حركة. يعلق قطار الحفر بخطاف رافع، وتتولى مضخة حقن سائل الحفر باستمرار من حوض خاص عبر أنابيب مرنة إلى جهاز يدفع السائل تحت ضغط معين داخل قطار الحفر حتى قاع البئر ليخرج من ثقوب رأس الحفر، ومن ثم يصعد في الفراغ الحلقي بين الأنابيب وجدران البئر حتى السطح حاملاً معه نواتج الحفر، حيث يصب في خزان تتخلله مناخل مهتزة تفصل نواتج الحفر، ثم يعود السائل إلى الحوض الذي ضُخَّ منه في دورة مغلقة. (الشكل 7).

الشكل (7) المكونات الأساسية لجهاز الحفر الرحوي.

7- رؤوس الحفر: وهي نوعان:

- رؤوس الحفر المزودة بشفرات: وهي مزودة بشفرتين أو أربع أو ست شفرات على مستويين، ثلاث شفرات صغيرة الأبعاد في المستوى السفلي لمباشرة الحفر، وثلاث شفرات أكبر منها في المستوى العلوي لتوسيع فوهة الحفر بالقطر المطلوب. يستعمل هذا النوع من رؤوس الحفر في التربة الرخوة (الشكل 8).

الشكل (8) رؤوس الحفر المزودة بشفرات: أ - رأس سداسي الشفرات. ب - رأس ثلاثي الشفرات.
جـ - رأس على شكل ذيل سمكة (شفرة واحدة).

- رؤوس الحفر المزودة بأقراص مسننة: وهي مزودة بثلاثة أو أربعة أقراص مسننة، تقرض بأسنانها قعر البئر فتفتته. ومنها رؤوس ثلاثية المخاريط لحفر مختلف الأراضي ولاسيما القاسية منها، وهي الأكثر استخداماً (الشكل 9).

 الشكل (9) رؤوس الحفر المزودة بأقراص مسننة.

8- أنابيب الحفر: تُصنع أنابيب الحفر من خلائط الفولاذ و الكروم أو النيكل وأحياناً المولبدنيوم. وهي إما أن تكون أنابيب ثقيلة جداً كبيرة الأقطار تربط مباشرة إلى رأس الحفر، وإما أنابيب صغيرة الأقطار متنوعة الأشكال، مهمتها نقل الحركة الدورانية من منضدة الحفر إلى رأس الحفر.

9- منصة الحفر الرحوي: وهي قاعدة ضخمة على ارتفاع 3 - 4م عن مستوى الأرض، تسمح بوضع صمامات الأمان على فوهة البئر عند سطح الأرض، وعليها أجزاء منظومة الدوران الرحوي.

10- جهاز الحفر الدوَّار: ويتألف من منظومتين:

أ- منظومة توليد القوى المحركة prime mover ونقلها: وتتألف من محرك ديزل أو كهربائي أو أكثر، ويجري نقل الحركة منها عن طريق عمود أو زنجير مدير إلى المنظومات الأخرى.

ب- منظومة الرفع hoisting system: وهي مخصصة لإنزال عمود الحفر والأنابيب إلى داخل البئر وإخراجها منها، وتتألف من برج أو صارٍ ارتفاعه مناسب ومجهز بشرفة لتخزين الأعمدة وأنابيب الحفر، ويتحمل الوزن الديناميكي للأحمال المختلفة، ويقاوم العزم الناتج من تأثير الرياح. وهناك أبراج تقليدية (قياسية) ثابتة بأربع قوائم تستخدم على نطاق واسع عند الأرصفة البحرية لمتانتها، وأبراج محمولة للأجهزة المتنقلة لسهولة نقلها وسرعة نصبها.

11- مجموعة البكارة (المجموعة التاجية) block crown: وهي جملة بكرات في قمة البرج يمر عليها كبل الحفر وتتألف من مجموعتين:

- مجموعة بكرات ثابتة في قمة البرج.

- مجموعة البكرات المتحركة: وعدد بكراتها أقل من سابقتها ببكرة واحدة، وتُعلق بها جملة الخطاف وذراعا الرفع والقابض، ويمر عليها سلك الحفر بالتبادل مع البكرات التاجية، ويمكن أن ترتفع أو تهبط بتدوير المرفاع أو بثقلها عند فك المكابح.

12- المرفاع draw works: هو العنصر الأساسي في منظومة الرفع والتنزيل، وعمله ربط وصلات أنابيب الحفر أو فكها.

13- منظـومة الـدوران الرحـوي rotary system: وتتألف من:

- المنضدة الرحوية (الطاحون) rotary table: ومهمتها نقل الحركة الدورانية إلى الدقاق عن طريق جذع الدوران المضلع.

- خطاف عمود التدوير: ويستعمل لإدارة جذع الدوران المضلع وانزلاقه نحو الأعلى والأسفل.

- وصلة التعليق الدوَّارة (قمع الغضارة swivel): ومهمتها السماح لسائل الحفر بالدخول إلى أنابيب الحفر في أثناء الدوران.

- الجذع المضلع kelly pipe: أنبوب عالي القساوة طوله نحو 15م، مقطعه مربع أو مسدس، مهمته تحمل الوزن الناتج من عمود الحفر وأنابيبه وعزم الدوران.

- وحدة التدوير العلوية: منظومة تضاف إلى جهاز الحفر، مرتفعة الثمن، فعالة وعالية الكفاءة. وتتألف من محرك كهربائي قادر على تحريك عمود الدوران. تعلق هذه المجموعة بالكامل بالخطاف، وتتحرك على سكة.

تمتاز منظومة الدوران الرحوي بإمكان إضافة ما يلزم من الأنابيب إلى مجموعة الحفر بسرعة وأمان والتعمق في الحفر بمقدار ثلاثة أنابيب من دون توقف توفيراً للوقت، وكذلك منع التصاق عمود الحفر بجدار البئر.

حفر الآبار تحت سطح البحر

تتطلب عمليات حفر الآبار في المناطق المغمورة بالمياه تجهيزات حفر إضافية، أهمها منصة الحفر التي تحمل الحفَّارة، ويجب أن تكون متسعة بحيث توفّر المكان المناسب للعمل، وثابتة ومقاومة للرياح والأمواج، وأن تكون مزودة بنظام رسو متوازن قادر على تحقيق شروط الاستقرار والثبات الضرورية لعمليات الحفر (الشكل 10)، وأن تكون مزودة بنظام إنقاذ في حال الطوارئ، وهناك كثير من التجهيزات الخاصة للحفر في قيعان الأنهار والمستنقعات وعلى الشواطئ وفي عرض المحيطات والبحار.

الشكل (10) منصة عائمة للحفر تحت سطح البحر.

عندما تكون المكامن النفطية تحت قاع البحر بعيداً عن الشاطئ، تختار منطقة قريبة من المستوى الشاقولي لمكمن النفط، أو فوقه بالتحديد، مع توفر بعض الشروط؛ كأن يكون عمق المياه قليلاً، وأن تكون أرضية البحر الصخرية قوية، بحيث يمكن أن تستند إليها دعامات منصة الحفر، وأن تكون قليلة الأمواج.

وغالباً ما يكون الحفر موجهاً بزوايا مختلفة من المنصة لزيادة الإنتاج ، وتسمى الحفر العنقودي أو الآبار المتعددة من فتحة بئر واحدة multi -well drilling from a single well-bore.

وفي حال تعذر نصب المنصة تستخدم سفن حفر خاصة مجهزة بمثل هذه المنصات. تثبت السفينة في مكانها بمراسٍ ضخمة تزرع بزوايا معينة في قاع البحر، وهي عملية صعبة ومعقدة وباهظة التكاليف، ولكنها ممكنة وجدواها الاقتصادية موجبة على الرغم من الصعوبات التي تعترضها. وهناك أكثر من طريقة مجدية اقتصادياً للحفر تحت سطح البحر، وأولها الحفر الموجَّه التوربيني.

تتألف البئر الموجهة عادة من قسمين:

- قسم شاقولي حتى المستوى الأولي للوصول إلى المكمن

- قسم أفقي موجه، ويشمل تحديد عمق نقطة بدء الانحراف عن القسم الشاقولي، ومجال الحفر، وسَمْت الميل وزاويته، والانزياح الكلي عند نقطة اختراق الطبقة المنتجة.

يجب أن يصل القسم المائل حتى أعلى الطبقة المنتجة، ثم يغلق القسم الشاقولي بسدادات إسمنتية حتى نقطة الميل، ومن ثم يباشر بالحفر الموجه للبئر، وبعد الانتهاء تُنزل أنابيب تبطين البئر حتى أعلى الطبقة المنتجة ويوضع عليها الإسمنت، ثم يُنزّل مثقب ضمن البئر الموجهة من دون وضع الإسمنت. تزيد كلفة الآبار الموجهة على ثلاثة أضعاف كلفة الآبار الشاقولية فوق اليابسة وهي أكثر بكثير في البحار.

الصعوبات التي تعترض عمليات الحفر

تصنف هذه الصعوبات في ثلاث مجموعات: جيولوجية (طبيعية) وفنية وعملية.

1 - الأسباب الجيولوجية للاستعصاءات:

- تعاقب بعض الطبقات الجيولوجية المختلفة القساوة والميول، قد يؤدي إلى انحراف البئر عن مسارها المرسوم لها. فعندما يكون ميل الطبقات الصخرية بزاوية قريبة من 45° - 50° مع تناوب الطبقات القاسية والرخوة، ولدى انتقال الحفر من طبقة رخوة إلى طبقة قاسية، يتقدم رأس الحفر بسرعة في الطبقة الرخوة وببطء في الطبقة القاسية، ويؤدي هذا إلى انحراف رأس البئر، ويستمر هذا الانحراف بعد تجاوز الطبقة القاسية (الشكل 11).

الشكل (11) تعاقب بعض الطبقات الجيولوجية ذات القساوة المختلفة، خاصة المائلة منها.

- عدم تجانس الصخور ومن ثمَّ اختلاف قابليتها للتفتت، (الشكل 12)، وهذا يؤدي إلى انحراف البئر عن الخط المرسوم لها وحدوث استعصاءات نتيجة تجمع فتات الحفر حول رأس الحفر.

الشكل (12) عدم تجانس الصخور.

- وجود بعض الانقطاعات البنيوية ضمن الطبقات كالشقوق والفوالق والكهوف؛ قد يؤدي إلى انزلاق رأس الحفر بسرعة وحدوث انحراف أو استعصاء.

2 - الأسباب الفنية: تحدث نتيجة التركيب الخاطئ لجهاز الحفر، أو بسبب استخدام بعض المعدات غير المناسبة ومنها أيضاً:

- انحراف المنضدة الرحوية (الطاحون) عن الوضع الأفقي.

- عدم مركزية فوهة المنضدة مع مجموعة البكرات الثابتة، قد يسبب ميل جذع الحفر المضلع عن الاتجاه الشاقولي.

- انحراف الجذع المضلع بتأثير ثقل خرطوم سائل الحفر عند بداية حفر البئر، وهنا تكون القوة المحورية الناتجة من ثقل أنابيب الحفر قليلة.

- استخدام بعض الأنابيب المنحنية أو المقوّسة في مجموعة الحفر.

- خطأ تثبيت وصلات مجموعة الأنابيب وعدم مركزيتها.

يظهر تأثير العوامل الثلاثة الأولى بوضوح عند بداية الحفر، ويقل تأثيرها مع تزايد عمق البئر حتى ينعدم، أما تأثير العاملَين الأخيرَين فيستمر في مراحل الحفر كلها.

الشكل (13) انحراف البئر عن الخط المرسوم لها نتيجة تجمع الفتات الناتج من الحفر.

3 - الأسباب العملية: وهي تتعلق بسير عملية الحفر وطريقته وأهمها:

- تطبيق ضغوط محورية كبيرة على رأس الحفر، تؤدي إلى التواء عمود الحفر وأنابيبه وتماسكها مع جدران البئر، وهذا يسبب توزعاً غير متجانس للضغط المحوري على رأس الحفر.

- استخدام أنابيب حفر أصغر قطراً ولا تتناسب مع قطر رأس الحفر، فيكون الفراغ كبيراً بين الأنابيب وجدران البئر.

- زيادة معدلات سائل الحفر أكثر من اللازم، أو زيادة سرعة اندفاع سائل الحفر من رأس الحفر زيادة كبيرة عند اختراق الصخور القليلة التماسك، وهذا يؤدي إلى توسع السطح الذي يعمل عنده رأس الحفر.

تلافي انحراف الآبار واستعصاءاتها

لا يمكن تلافي الأسباب الجيولوجية (الطبيعية)، ولكن يمكن تقليل تأثيرها. أما المشاكل الفنية فيمكن تلافيها بضبط مركزية مجموعة البكرات الثابتة والمنضدة والعمود، والتحقق من صلاحية عمود الحفر وأنابيبه، واستقامتها ومركزيتها عند كل عملية رفع وإنزال لرأس الحفر، والمحافظة على شاقولية الجذع المضلع في أثناء الحفر وتعديل الضغط المحوري على رأس الحفر بحسب الوضع.

ويمكن منع الاستعصاءات بسبب تهدم بعض الطبقات الرخوة بمعالجة فاقد الرشح في هذه الطبقات كي لا تنتفخ أوتنهار، أو برفع الوزن النوعي لسائل الحفر ليشكل ضغطاً مناسباً على جدران البئر، وزيادة سرعة جريان السائل لطرح نواتج الحفر.

أما الاستعصاءات الناجمة عن التصاق الأنابيب بطبقات معينة- خاصة في القشرة الغضارية- فيمكن تلافيها بحمَّام مائي أو نفطي للأنابيب وتحريرها مما يلصق بها. ومنع الالتصاق بسبب الضغط التفاضلي داخل البئر أو عندما تكون كعكة طينة الحفر سميكة.

وفي حال انغراز الأنابيب في جدران البئر عند إنزالها أو عند رفعها، ولاسيما في الأماكن التي يضيق فيها قطر البئر؛ فيجب توسيع قطر البئر.

قد يحدث الاستعصاء بسبب التوقف الطويل عن الحفر عند نقطة ما من البئر لتلافي أعطال لحقت ببعض تجهيزات الحفر، ويجري تلافيها بإبقاء سائل الحفر في دوران مستمر قدر الإمكان، وتحريك الأنابيب دورياً أو رفعها إلى منطقة آمنة ريثما يتم إصلاح الحفارة.

ومن المهم كذلك إجراء فحص دوري لمجموعة الأنابيب في مخابر خاصة، وفحص الأنابيب عند رفعها وقبل إنزالها، وصيانتها عند النقل والتخزين ومنع تشوهها، وعدم تعريضها لإجهادات زائدة. وفي حال انكسار أحد الأنابيب، وبقاء جزء منه داخل البئر يجب إجراء ما يسمى بعملية الاصطياد لإخراجه بأدوات مناسبة لنوعية الكسر تتعشق مع بقايا الأنبوب من الخارج أو الداخل بحسب الحالة المستعصية وشروط البئر بحيث يمكن سحبها خارج البئر.

مراجع للاستزادة:

- إبراهيم الأدهمي، مروان الشرع، جريس شاهين، الجيولوجيا الاقتصادية (1)، منشورات جامعة دمشق، 2010 - 2011.

- محمد القاضي، جيولوجيا النفط، منشورات جامعة دمشق، 1993 - 1994.

- نهاد بهوي، طرائق حفر الآبار، منشورات جامعة دمشق، 2007 - 2008.

-B. Aadnoy, R. Looyeh, Petroleum Rock Mechanics: Drilling Operations and Well Design, Gulf Professional Publishing 2011.

- N. J. Hyne, Dictionary of Petroleum Exploration, Drilling & Production, Oklahoma, PennWell Books, 1991.

- The Institute of Petroleum Service, Know More about Oil: Drilling and Production, London, October, 1990.

-Steve Devereux, Well Planning and Drilling Manual, PennWell Books 1998.


التصنيف : التقانات الصناعية
النوع : التقانات الصناعية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 559
الكل : 29653716
اليوم : 33726