logo

logo

logo

logo

logo

البيطرة (علم)

بيطره (علم)

Veterinary madicine -

البيطرة (علم ـ)

تطور الطب البيطري

العلاقة مع العلوم الأخرى

أهمية علم البيطرة

مجالات علم البيطرة

المدارس البيطرية والعلوم التي تدرس فيها

عبد الكريم خالد

 

يُعدُّ علم البيطرة Veterinary science أو ما يسمى أيضاً الطب البيطري veterinary medicineأحد فروع علوم الطب والحياة، الذي زادت أهميته مع التقدم الهائل في أنواع العلوم، وتطوّرت مفاهيمه يوماً تلو الآخر، حتى أضحى أحد العلوم الرئيسة سواءً بالنسبة إلى الطب أم إلى علوم الحياة والحياة الحيوانية والزراعية على حدّ سواء، وهو يعني تطبيق المبادئ الطبية التشخيصية والاتقائية والعلاجية على الحيوانات الإنتاجية والمنزلية والبرية، وقد عُدّ أحد فروع العلوم الطبية التي تعنى بالوقاية والعلاج وتخفيف الألم من أمراض الحيوانات وإصاباتها، وخاصةً الأليفة منها.

تطور الطب البيطري

اهتمّ الإنسان بالحيوان منذ القدم، وما زال الطب البيطري فناً طبياً ومهمة سامية، ويعد ترويض الحيوان نقطة تحول مهمّة في تاريخ حضارة الإنسان القديم. نُظمت مهنة الطب البيطري في عهودٍ سابقة كعهد حمورابي في بابل بقوانين تشريعية، ومورست في بلاد ما بين النهرين منذ 4000 سنة قبل الميلاد. وازدهر طب الحيوان في بلاد الهند والصين واليابان ومصر. وقسّم الطب البيطري عند الإغريق إلى طب الخيول وطب الفيلة، وحَدَّد أرسطو أُسس تعليم العلوم الطبية، وألّف كتاب «تاريخ الحيوان». وبلغ الفن في طب الحيوان في اليونان ذروته في مجموعة من النصوص التي كتبت في القرون الثالث والرابع والخامس قبل الميلاد، وجمعت في القرن العاشر تحت اسم «هيباتريكا» وشهد الطب البيطري وطب الخيول خاصةً في روما نمواً ملحوظاً، واكتسى الطب البيطري في إيطاليا حُلّة علميةً، واستعمل سكان وادي الرافدين القدماء العقاقير والأعشاب لمعالجة أمراض الإنسان والحيوان قبل الميلاد بآلاف السنين. وأخذ العديد من الأدوية من فضول الحيوانات وأعضائها.

وفي العصور الوسطى -ولاسيّما عصر الحضارة العربية الإسلامية- كان للطب البيطري حظّ وافر من الاهتمام واستئناس للحيوان، وألّف العديد من الكتب، مثل: كتاب «البيطرة» للصاحب تاج الدين، و«الخيال والبيطرة» لابن أخي حزام، وكتاب «الفلاحة» لأبي زكريا يحيى بن محمد بن العوام الإشبيلي، و«الأحوال الكافية والفصول في علم البيطرة» للمجاهد علي بن داود الرسولي السلطان الأول، و«حياة الحيوان» للدَّميري، و«مختصر كتاب البيطرة والفروسية» لأحمد بن الحسن بن الأحنف- البيطار، وكتاب «الفروسية والبيطرة» لأبي يوسف يعقوب بن إسحاق بن أخي حزام، وكتاب «رسالة في علم البيطرة ومعرفة أعمار الخيل» لـلفتى قنبر سايس ميمون خادم الإمام علي بن أبي طالب وغيرها.

ونظر الإسلام في عصر الرسالة إلى عالم الحيوان نظرةً واقعيةً، فلاقى عنايةً كبيرة بفضل تعاليمه، وسُمّي الكثير من سور القرآن الكريم بأسماء الحيوان (البقرة، الأنعام، النحل، النمل، العنكبوت، الفيل)، وأوجب الإسلام الرفق بالحيوان. ونبّه القرآن الكريم على ضرورة تجنب الأمراض (مبدأ الوقاية)، وشرّع الرسول محمد قانون علم الوبائية والحجر الصحي. وترعرعت البيطرة في العصر العباسي، وأضحت علماً جليلاً اهتمّ به العلماء. وتطوّر العلاج البيطري عند العرب في كل جوانبه، وذكر الرازي في كتابه «الحاوي الكبير في الطب» نصوصاً في التشخيص بتشريح الحيوانات. وكان من أبرز علماء المسلمين الذين تناولوا الحيوان في أبحاثهم: الجاحظ، ابن مسكويه والدَّميريّ وغيرهم. وفي أوربا؛ وخلال العصور الوسطى شهد تاريخ الطبابة البيطرية تطوراتٍ مهمّة، فكان للألماني فريدريك الثاني Frederic II دور مهمّ في إحيائها، وألّف الإيطالي روفوس Ruffus .J كتاباً حول طب الحصان.

بدأ علم البيطرة أكاديمياً عام 1761 عندما أسس بوغليه C.Bougelat في ليون مدرسة للطب البيطري، وفي العصر الحديث ازدادت المعارف في علوم التشريح والفيزيولوجيا وفهم آليات الهضم والتنفس ومعرفة المسببات المرضية، وتطوَّر علما الأمراض والوبائيات، كما تطورت طرائق التشخيص المخبري وأجهزته. وحدثت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تبدّلات في كل مجالات الطب وفي طرائق البحث العلمي والصيدلة والعقاقير وعلم التخدير، وارتقت مهنة الطب البيطري وبدأت تتوسع اهتمامات هذا العلم.

واتخذت المجتمعات البشرية منحى أكثر نضجاً وفهماً أكثر عمقاً لعلم البيطرة، واستيعاباً أشمل لمعانيه ومفاهيمه وضروراته في الحياة العامة؛ ولاسيما مع تحسين مستوى آليات تربية الحيوانات ونظمها، وانبثقت أهمية الإشراف الطبي البيطري الميداني الذي يضمن سلامة الأغذية الحيوانية وصحتها.

أمّا في الجانب العلمي الطبي والمهني المادي، ومع تطور التقنيات والأجهزة العلمية والتحليل والتشخيص الحقلي والمخبري؛ فقد استخدمت الطرائق الحديثة في مجال الطب البيطري، كما أضحى هناك ثورة حقيقية في مجال التصنيع الدوائي واللقاحات vaccines ورفع فاعلية المركّبات الدوائية ونوعيتها، حتى تمّ الوصول لمجموعاتٍ دوائية فعّالة التأثير في كل من البكتريا والطفيليات والحمّات الراشحة (الفيروسات) والفطور، كما تنافست الشركات في تحسين هذه النوعية وتوسيع طيف تأثيرها والتقليل من تأثيراتها الجانبية.

العلاقة مع العلوم الأخرى

تكمن علاقات هذا العلم في ارتباطه الوثيق بالعديد من علوم الحياة، فمثلاً يتوازى مع الطب البشري في جميع تخصصاته الأكاديمية العلمية حتى الميدانية، فوضع على قدم المساواة معه، وقد تلازم طب الحيوان وطب الإنسان كما ورد في علم الأساطير اليونانية القديمة. إنّ علوم التشريح والأنسجة والأجنة ووظائف الأعضاء وعلم الحيوان والوراثة والتشريح المرضي من الأساسيات سواء للطب البشري أم للطب البيطري. أمّا بالانتقال إلى مسببات الأمراض كالبكتريا والحمّات الراشحة (الفيروسات) والطفيليات والفطريات فهي تشترك على نحو مطلق في المجالين، ومن هنا فإنّ الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان zoonosis تحتلّ حيّزاً مهمّاً وجوهرياً في حياة البشر والحيوان؛ إذ ينتقل الكثير منها إلى الإنسان مسببة له إصاباتٍ معيّنة وتظاهرات مرضية متعددة عضوية أو جلدية أو دموية. هذا إضافة إلى أنّ مبادئ التشخيص وأشكاله وأنواعه وكذلك استراتيجيات المكافحة التي تشمل الاتقاءprophylaxis والعلاج بالمركّبات الدوائية therapeutic تكون متشابهة ومتماثلة من حيث المبدأ في كلتا الحالتين، ويكمل بعضها بعضاً في حالاتٍ معيّنة. وللبيطرة علاقة وثيقة مع علم الأدوية الذي يُعدّ بدوره جزءاً لا يتجزأ من الطب؛ ولاسيّما أنّ هناك ثورة كونيّة كبرى في المجتمع العالمي في مجال التصنيع الدوائي وتطويره ورفع مستواه وتأثيرات الأدوية وكفايتها.

ترتبط علوم أخرى عديدة؛ ولاسيما علوم الأحياء والبيئة والعلوم الزراعية بعضها ببعض؛ وحول تلك العلاقة مع العلوم الزراعية يرتبط بها الطب البيطري في بنيانه وهيكليّته، ويتمثل ذلك خاصةً في عمل مؤسسات الزراعة وإنتاج الحيوان وتربيته وتغذيته والمراكز البحثية وغيرها؛ إذ يبرز التكامل سواءً في آليات العمل والتربية والرعاية للحيوانات أم تكميلياً بالإنتاج الحيواني والنباتي. كما أنّ لبعض علوم الهندسة والتقنيات علاقة به، وذلك من حيث استخدام أجهزة التحليل والتشخيص وغيرها، هذا إضافة إلى العلاقة القوية مع علوم الحاسوب والمعلوماتية وعلوم الاقتصاد المهمة جداً في البرمجة وحفظ المعلومات وتخزينها وتصميم البرامج المتعلقة بعمل مؤسسات إنتاج الحيوانات ورعايتها.

أهمية علم البيطرة

انطلاقاً مما سبق ومع الاهتمام بالعلاقات والارتباطات فيما بين علم البيطرة وغيره من العلوم ولاسيما الطب والصيدلة والأدوية والإنتاجين الحيواني والزراعي عموماً؛ فإن علم البيطرة يتمتع بأهمية كبرى متجلياً في تربية الحيوان وتسمينه والعناية به وعلاجه؛ خدمةً للمجتمع البشري والاستهلاك أو الاستعمال الآدمي، وخاصةً المنتجات الحيوانية (لحوم وحليب وبيض وصوف... حتى الروث)، وبذلك فإنّ للطب البيطري دوراً متميزاً في حماية البشر من الأمراض التي تنتقل إليه من الحيوان، وفي حماية الأمن الغذائي.

ومن هنا فإنّ زيادة المعارف وتحديثها وتطويرها بالنسبة إلى أمراض الحيوان وعلاقتها مع الإنسان، ومن ثمّ فهم آليات انتقالها وسبله ووبائيتها، يُمهد - على نحو جليّ بتحديد المبادئ والأسس والخطط الاستراتيجية - لمكافحتها؛ ما يتضمن الاتقاء والعلاج الدوائي المناسب وربما الجراحي أحياناً.

مجالات علم البيطرة

لا شكّ في أنّ المجالات المهنية لعلم البيطرة أو الطب البيطري كثيرة ومتنوعة، فمنها في مجال علاج الحيوانات بكلّ فصائلها وأنواعها دوائياً أو جراحياً، والإشراف الميداني على تربية الحيوانات ونظم رعايتها وإنتاجها، والعمل والمشاركة في تصميم المؤسسات الزراعية والحيوانية وإنشائها -لتربية الحيوانات لأغراضٍ إنتاجية أو بحثية- والبيطرية لأغراضٍ علاجية، والمشاركة في التصنيع والتصريف الدوائي وفق المنظور الطبي، وهيكلة برامج لأخماجٍ تجريبية وتطبيق المركّبات الدوائية بهدف اختبار طيف تأثيراتها وفاعليتها، وتقويم الإصابات المرضية التي تصيب الحيوانات والتي تنتقل إلى الإنسان بأشكالها وأنواعها المختلفة وهل هي خمجية أو لا ؟ وهل تنتشر بيئياً أو تسبب تلوثاً ما؟ وتحديد طرائق انتقالها وأطوار الخمج بها؟ وضع برامج مؤسسية دقيقة وعامة بغية هيكلة خطط مكافحة استراتيجية سواءً في منطقةٍ ما أم في إقليم ما أم دولة أم حتى منطقةٍ إقليمية تشمل عدة بلدان؛ للحدّ أو التقليل أو التخلص من الأمراض التي تنتقل فيما بين الحيوانات أو الأمراض المشتركة التي تنتقل من الحيوان للإنسان. والبحث في مصادر الأخماج ومستودعاتها بغية وضع برامج السيطرة والتحكم في آليات كبح انتشار الإصابات عبر تحديد بؤرها ومنابعها، وهل هي إصابات جغرافية أو حيوية أو حيوانية المصدر؟

المدارس البيطرية والعلوم التي تدرس فيها

تتماثل تقريباً المناهج في المدارس البيطرية في مفرداتها عموماً، وذلك سواء في بلدان القارة الأوربية أم في بلدان أمريكا وآسيا وإفريقيا؛ إلا أنّه يجب عدم إغفال أنّ بعضاً من الجامعات تولي اهتماماً خاصاً بالأمراض والمشاكل الصحية في الحيوانات المنزلية الصغيرة (الكلاب والقطط)؛ إذ تكثر تربيتها بهدف التعامل مع حالة الوحدة التي يعيشها بعض الناس، أو عند المجترات أو الأسماك عندما تكثر تربيتها، ويعتمد عليها في الإنتاج. وعموماً تهتم المدارس البيطرية بالعلوم الأساسية (علم الحيوان والكيمياء والفيزيولوجيا وعلوم الجنين والأنسجة والتشريح والوراثة والفيزياء الطبية وطبائع الحيوان وسلوكياته...) خلال سنوات الدراسة الأولى؛ ومن ثمّ بعلوم مسببات الأمراض (الجرثوميات والفيروسات والطفيليات وغيرها) وآلياتها والتشريح المرضي وأصول التربية ونظمها والتغذية والعقاقير (الأدوية) وصحة الألبان واللحوم في المرحلة المتوسطة؛ وأخيراً بعلوم الأمراض السارية والمعدية والباطنية والجراحة عند الحيوانات في الفصول النهائية.

مراجع للاستزادة:

- عدنان عبد الرحمن الدقة، تاريخ الطب البيطري، منشورات جامعة البعث، كلية الطب البيطري. 1982.

- J. B. Lawhead, M. Baker, Introduction to Veterinary Science. Cengage Learning 2016.

- A. Victoria, C. Melanie, B. Sally and J. Andrea, Introduction to Veterinary Anatomy and Physiology Textbook, Elsevier Health Sciences, 2009.


التصنيف : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
النوع : العلوم والتقانات الزراعية والغذائية
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 483
الكل : 31178968
اليوم : 4125