logo

logo

logo

logo

logo

البروتينات

بروتينات

Proteins -

 البروتينات

البروتينات

تنوع البروتينات ووظائفها

بنية البروتينات

البنية الفراغية للبروتينات

علاقة البروتينات بوظائفها

تحليل البروتينات

 

البروتينات proteins مركبات عضوية ذات بنية شديدة التعقيد وأوزان جزيئية كبيرة، تمثل أكثر من 50% من الوزن الجاف من معظم الخلايا، ما يشير إلى أهميتها الكبيرة في بنية الكائنات الحية ووظائفها في الجسم. ينعكس ذلك في اسمها الذي يشتق من الكلمة اليونانية proteios وتعني «في المكان الأول».

تنوع البروتينات ووظائفها

تبدي البروتينات تنوعاً كبيراً، فقد تم تمييز أكثر من 10 ملايين نوع من البروتينات، ويعود ذلك إلى تنوع الوحدات التي تؤلفها، وترتيب هذه الوحدات واختلاف عددها. وتعتمد أيضاً على نوعية الخلايا والنسج ووظائفها؛ لذلك يميز من وظائف البروتينات ما يلي:

1- تقوم بروتينات الأكتين والميوزين- مثلاً- بتحريك العضلات، فهي بروتينات محركة motor proteins.

2- من البروتينات ما يقوم بدور ناقل transporter ، فبعض البروتينات الغشائية تقوم بنقل المواد مثل الإيونات والكربوهدرات (السكريات)؛ دخولاً في الخلية أو خروجاً منها، وقد يحتاج ذلك إلى تغيير شكل البروتين الغشائي. كما يقوم صباغ الهيموغلوبين الذي يوجد في كريات الدم الحمر بنقل الأكسجين إلى نسج الجسم المختلفة، وتقوم السيتوكرومات- المهمة في التنفس الخلوي- بنقل الإلكترونات.

3- يقوم بعض البروتينات بدعم الأعضاء والأنسجة، فالغضروفين مثلاً يدعم المفاصل؛ والكولاجين يدعم الجلد.

4- والإنزيمات هي أيضاً بروتينات تُسَرِّع التفاعلات الكيميائية في الجسم وتحفزها، فالهضم مثلاً يتم بإنزيمات هاضمة هي بروتيازات proteases، وكذلك تقويض المواد الغذائية لتحرير الطاقة منها يتم عادة بإنزيمات بروتينية. وليست الهرمونات التي تحفز بعض الفعاليات- كالإنسولين وبعض المواد المهمة كالهستامين وصبغة الميلانين في الجلد- إلا مركبات بروتينية.

5- ومن البروتينات ما يقوم بالدفاع عن الجسم مثل الأضداد antibodies.

6- كما تَخْزِنُ بعضُ البروتينات الحموضَ الأمينيةَ إلى حين الحاجة إليها؛ من أجل بناء النسج وصيانتها وتجديد التالف منها؛ مثل زلال البيض ovalbumin.

7- وتقوم بعض البروتينات بتعرف الخلايا بعضها إلى بعض cell-cell recognition. فالبروتينات السكرية glycoproteins الموجودة في غشاء بعض الخلايا تقوم بالتعرف إلى البروتينات الغشائية للخلايا الأخرى، وبذلك تحقق الاتصال بين الخلايا وتنبهها، فهي بمنزلة بروتينات مُؤَشِّرَة signaling proteins؛ أي تنقل الإشارات. ولهذا الأمر أهميته فيما يتعلق بعمل الهرمونات، وكذلك له أهمية كبيرة من الناحية الطبية في التعرف إلى البكتريا والڤيروسات الممرضة.

بنية البروتينات

تتألف البروتينات من ارتباط وحدات- مونوميرات monomers- بعضها ببعض، مُشَكِّلَةً ما يسمى بوليمِرات polymers. هذه الوحدات هي الحموض الأمينية التي يتألف كل منها من ذرة ألفا كربونcarbon،- ترتكز عليها ذرة هدروجين وزمرة أمين
(
–NH2) من جهة؛ ومن الجهة الأخرى زمرة كربوكسيل (–COOH)، إضافة إلى مجموعة تُمَثَّل بـ R تختلف باختلاف الحموض الأمينية (الشكل1) ماعدا الغلايسين glycine الذي تتمثل المجموعة R فيه بالهدروجين فقط. ويعرف من الحموض الأمينية نحو 20 حمضاً.

الشكل(1) البنية الأساسية للحموض الأمينية.

تحتوي بعض البروتينات - إضافة إلى الحموض الأمينية- على مواد شبيهة بالليبيدات، فتتشكل ما تسمى ليبوبروتينات lipoproteins، تضاف إلى البروتين عادة بعد اكتمال تشكل سلاسل الببتيدات، وقد تحتوي على بعض الكربوهدرات، فتتشكل ما تسمى البروتينات السكرية glycoproteins. قد يختلف نوع هذه الكربوهدرات أو موقع ارتباطها على جزيء البروتين، كما في الزمر الدموية A وB وO مثلاً التي يختلف فيها نوع الكربوهدرات الموجود على سطح خلايا الكريات الحمر، الأمر الذي ينعكس على تخثر الدم. إن كل هذه المواد الإضافية تؤثر في الخصائص الوظيفية للبروتينات؛ لأنها تغير من البنية الفراغية لجزيء البروتين.

الببتيدات: هي بوليمِرات، وحداتها هي الحموض الأمينية التي يرتبط بعضها ببعض بتفاعل تكاثف condensation reaction يتم بنزع الماء dehydration من زمرتي الكربوكسيل والأمين. وهكذا يتشكل ببتيد ثنائي dipeptide برابطة تساهمية (تشاركية)
covalent bond تسمى الرابطة الببتيدية peptide bond (الشكل 2).

الشكل(2) تشكل الببتيد الثنائي بالرابطة الببتيدية بنزع الماء.

تتشارك الذرات في هذه الرابطة بالإلكترونات بصورة غير متساوية؛ لأن الأكسجين أكثر كهرسلبية electronegative من الآزوت، لذا فإن الهدروجين الذي يتمتع بشحنة موجبة أكثر قليلاً يرتبط بالآزوت؛ في حين يكون الأكسجين ذا شحنة سالبة أكبر بقليل (الشكل 3). إن قطبية الرابطة الببتيدية هذه تعني أن ارتباط الهدروجين ممكن بين –CO من حمض أميني و –NH من حمض أميني آخر في البولي ببتيد.

الشكل(3) الرابطة الببتيدية.

يتألف الببتيد peptide من حمضين أمينيين أو أكثر، أما البولي ببتيد فيتألف عادة من سلسلة من عدد كبير من الحموض الأمينية مرتبط بعضها ببعض بروابط ببتيدية، في حين أن البروتين قد يحتوي على أكثر من سلسلة ببتيدية واحدة، وهذا يعني احتواء البروتين على عدد كبير من الحموض الأمينية؛ مرتبة بترتيب محدد، الأمر الذي يؤثر في وظيفته، وأي خلل في ذلك قد يؤدي إلى عواقب قد تسبب أمراضاً كثيرة، إضافة إلى اضطراب فعاليات الاستقلاب المختلفة، بسبب الإنزيمات - وهي من طبيعة بروتينية - التي تتحكم بالتفاعلات الكيميائية في الخلايا، علماً أن الفرق بين الببتيد المتعدد والبروتين لم يحدد بالضبط، لكن بعض الباحثين يرى أن الببتيد المتعدد يمكن أن تطلق عليه تسمية البروتين عندما يتجاوز عدد الحموض الأمينية فيه الخمسين.

تتشكل السلسلة الببتيدية من «عمود فقري backbone» يتألف من الأجزاء المتماثلة في كل الحموض الأمينية التي تتكرر على طول العمود (ذرات الكربون وزمر الأمين والكربوكسيل)، ومن «سلاسل جانبية side chains» تتألف من الجذور التي تختلف من حمض إلى آخر (الشكل 4).

الشكل(4) الخصائص المختلفة للسلسلة الببتيدية.

تجدر الإشارة إلى أن سلسلة الببتيد مهما استطالت بإضافة حموض أمينية إليها فإنها تحمل دوماً في إحدى نهايتيها زمرة الأمين، لذا تسمى هذه بالنهاية الأمينية amino end أو النهاية الآزوتية N-terminus، وتحمل النهاية الأخرى زمرة الكربوكسيل، لذا يطلق عليها اسم النهاية الكربوكسيلية carboxyl end أو النهاية الكربونية C-terminus (الشكل 4)، يبين ذلك أيضاً البنية الترسيمية لسلسلة جزيئة المضاد البكتري الليزوزيم (الشكل 5) الذي يتألف من تتالي 129 حمضاً أمينياً. إن البروتين ما هو إلا مجموع هذه السلاسل الببتيدية.

 الشكل (5): بنية ترسيمية للمضاد البكتري الليزوزيم، تظهر فيها النهاية الأمينية والنهاية الكربوكسيلية.

البنية الفراغية للبروتينات

ما إن تُرَكِّب الخلية ببتيداً متعدداً حتى تنطوي السلسلة لتأخذ شكلاً معيناً. يتثبت هذا الشكل بمجموعة من الروابط التي تربط الأجزاء المختلفة من السلسلة بعضها مع بعض. وتتخذ معظم البروتينات عامة أحد شكلين مميزين؛ شكلاً كروياً globular، وهي عادة بروتينات ذوابة في الماء؛ أو شكلاً ليفياً fibrous، وهي عادة بروتينات غير ذوابة في الماء. (الشكل 6)، ومع ذلك تًميَّز بين هذين الشكلين أشكال أخرى متنوعة.

الشكل (6) الشكلان الرئيسيان للبروتينات: أ- الليفي ب - الكروي.

يمكن النظر إلى بنية البروتينات من مستويات عدة، فهناك بنية أولية primary structure وبنية ثانوية secondary structure وبنية ثالثية tertiary structure. ثمة بنية رابعية quaternary structure تُمَيَّز عندما يتألف البروتين من سلسلتين من الببتيدات المتعددة أو أكثر.

أ- في البنية الأولية ترتبط الحموض الأمينية بعضها ببعض بروابط تساهمية (تشاركية) لتتكون سلاسل خطية كما يبينه الشكل (5) الذي يمثل البنية الأولية لسلسلة المضاد البكتري الليزوزيم.

ب- في البنية الثانوية تترتب فيه السلاسل في الفراغ فتتلفف وتنطوي أجزاءُ البنية الأولية بصورة تُمَهِّد لتمنح البروتين شكله العام. يتم ذلك بارتباط مُكَوِّنات العمود الفقري للببتيد المتعدد (وليس السلاسل الجانبية) بروابط هدروجينية، وذلك بارتباط ذرات الأكسجين ذات الشحنة الكهربائية السالبة (في العمود الفقري) بذرات الهدروجين (المرتبطة بذرات النتروجين) ذات الشحنة الموجبة.

يتشكل نتيجة ذلك شكلان من السلاسل، الأول حلزوني يسمى حلزون ألفا helix- ، تحافِظ على شكله روابط هدروجينية تتم بين كل حمض أميني والحمض الرابع الذي يليه (الشكل 7). والشكل الآخر- الذي يتكون في البنية الثانوية- يسمى الصفائح المتثنية بتا pleated sheets-، وفيها تصطف سلسلتان ببتيديتان أو أكثر؛ جنباً إلى جنب، يطلق على كل منها اسـم السـلسـلة بتا strand-، ترتبطان أيضاً بروابط هدروجينية.

الشكل (7) البنية الثانوية للبروتينات بشكليها حلزون ألفا وسلاسل بتا في الصفائح المتثنية.

يتمثل الشكل الأول بكثير من البروتينات الليفية مثل كيراتين الشعر، في حين يتمثل الشكل الثاني بكثير من البروتينات الكروية وبعض من البروتينات الليفية كما في خيوط شبكات العنكبوت (الشكل 8).

(أ)

(ب)
 الشكل (8) البنية الثانوية للبروتينات، حيث يتألف كيراتين الشعر من حلزونات ألفا (أ)، وتتألف شبكات العناكب من الصفائح المتثنية (ب).

ج- في البنية الثالثية للبروتينات يتم ارتباط السلاسل بعضها ببعض بربط المجموعات الجانبية للحموض الأمينية- أي المجموعات R- بروابط مختلفة، قد تكون هدروجينية أو إيونية أو كبريتية أو كارهة للماء hydrophobic أو فاندر فالس (الشكل 9).

الشكل (9): تمثيل الارتباطات المختلفة في البنية الثالثية.

د- تتألف بعض البروتينات من أكثر من سلسلة بروتينية، وتتجمع في جزيئة ضخمة واحدة؛ في بنية تسمى البنية الرابعية. والمثال النموذجي لهذه البنية الكولاجين collagen ذو البنية الليفية، المؤلف من ثلاثة حلزونات، ما يمنح هذا البروتين قدرته على ربط النسج بعضها ببعض، لذا يكثر هذا البروتين في النسج الضامة والأربطة بين المفاصل المختلفة. والمثال الآخر عن البنية الرابعية هو خضاب الدم (الهيموغلوبين) ذو البنية الكروية؛ الذي يتألف من أربع سلاسل من الببتيدات المتعددة، اثنتان من نوع ألفا α واثنتان من نوع بتا β، ترتبط كل سلسلة منها بمادة غير ببتيدية تسمى الهيم hem تحمل ذرة حديد، هي التي ترتبط بالأكسجين (الشكل 6).

ويمثل الشكل (10) التالي السويات الأربع المختلفة لبنية البروتينات.

 الشكل (10) السويات الأربع المختلفة لبنية البروتينات.

إن ثبات هذه البنى يتقوض بعوامل خارجية عديدة، منها درجة الحموضة (الباهاء) pH ودرجة الحرارة والملوحة وغير ذلك، ما يؤدي إلى ترسب البروتينات غير العكوس، فيحدث ما يسمى تَمَسُّخ denaturation البروتين وتغير ترتيب سلاسله، مما يفقده وظيفته.

علاقة البروتينات بوظائفها

لشكل جزيء البروتين أهميته الكبيرة في تحديد عمله، من ذلك اعتماد قدرة البروتين على التعرف إلى الجزيئات الأخرى والاستجابة لها والارتباط بها، مثل تعرف الضد antibody إلى المستضد (مولد الضد) antigen وذلك بتطابق شكل جزيء الضد مع شكل جزيء المستضد. ويبين الشكل (11) صورة حاسوبية تم الحصول عليها بالتصوير بأشعة إكس لبروتين ضد (اللون الأزرق والبرتقالي إلى اليسار) وتطابقه مع بروتين مستضد فيروس الإنفلونزا (الأخضر والأصفر إلى اليمين)؛ تمهيداً لارتباطهما؛ ومن ثم القضاء على الفيروس.

الشكل (11) يعتمد ارتباط الضد ببروتين فيروس الإنفلونزا على إمكان تعرف البروتين (الضد) إلى الفيروس.

يحدد نوع الحموض الأمينية وعددها شكل البروتينات ومن ثم وظائفها. والمثال النموذجي لذلك مرض فقر الدم المنجلي sickle-cell anemia الذي ينجم عن تبدل حمض أميني واحد في جزيء الهيموغلوبين - هو حمض الغلوتامي glutamic acid- وحلول حمض أميني آخر محله هو الڤالين valine (الشكل 12)، ما يسبب تغير شكل المجموعة بتا في الهيموغلوبين ومن ثم شكل الكرية الحمراء، وبالتالي وظيفة الهيموغلوبين في نقل الأكسجين.

الشكل (12) تغير حمض أميني واحد يغير شكل جزيء الهيموغلوبين، ما يشير إلى أهمية نوع الحموض الأمينية في شكل البروتينات ومن ثَم وظائفها.

كما أن الهرمونات يجب أن ترتبط بسطح مستقبِلٍ لتنشيط رد فعل الخلية، ويجب أن ترتبط الإنزيمات بركيزة substrate (المادة المتفاعِلة) لتحفز التفاعل، وكل ذلك يتطلب تطابق الشكل الجزيئي للمادتين المتفاعلتين.

تحليل البروتينات:

توجد البروتينات في الخلايا مختلطةً مع مواد أخرى، ولدراسة هذه المركبات - فيزيائياً أو كيميائياً- لابد من عزلها نقية أولاً، ثم إجراء التحاليل المناسبة. ويتمثل التحدي الكبير لذلك باختلاف قابلية انحلالها وشحنتها وحجمها ومدى ارتباطها بالمواد الأخرى.

تتمثل المرحلة الأولى في تحليل البروتينات بعزلها، ويكون ذلك ميكانيكياً لنزعها من النسج والخلايا التي تحتويها- الأمر الذي يتم باستخدام «الخلاط mixer»- ثم معالجتها بعمليات، وفيما يلي ملخص لها:

1- التمليح salting: وذلك لتسهيل ترسيبها من المحاليل التي تحويها؛ إذ تختلف البروتينات من حيث ترسبها بحسب تركيز الأملاح. والملح الأكثر استعمالاً لذلك هو كبريتات الأمونيوم، بسبب قابلية انحلاله العالية في درجات الحرارة المنخفضة؛ أي بين التجمد ودرجة حرارة الغرفة. يلي ذلك إخضاعها للتثفيل centrifugation.

2- الاستشراب اللوني بالتبادل الإيوني ion-exchange chromatography: يتم ذلك بوساطة الراتنجات (راتينات) resins والمشتقات المختلفة للسلولوز المُحَوَّرَة التي تتآثر مع السطوح ذات الشحنات المختلفة في جزيئات البروتينات. وبذلك تُفصَل البروتينات منخفضة الوزن الجزيئي، خصوصاً الحامضية (موجبة الشحنة) أو القلوية (سالبة الشحنة) مثل الريبونوكليازات والهستونات والليزوزيمات.

3- الاستشراب الإلفي affinity chromatography: يمكن تحسين قدرة تمييز الاستشراب اللوني بربط جزيء صغير أو بروتين له إلفة بالهدف برابطة تساهمية. فالسترِبتاڤيدين K-streptavidin، مثلاً وهو بروتين يُستخلَص من بكتريا السترِبتومايسيس
Streptomyces، يرتبط بقوة بالبيوتين biotin، يُنَقّى عادة بربطه بِراتنج مرتبط بالبيوتين، وهكذا يستخدم الستريبتاڤيدين لتنقية البروتينات الأخرى. ومن خلال هندسة البروتينات يُربَط الستريبتافيدين تساهمياً ببروتين آخر. ويُنَقّى البروتينان المرتبطان بإلفة الاستشراب اللوني للبيوتين.

4- التوزيع المعاكس للتيار countercurrent distribution: تعد هذه الطريقة وسيلة فعالة للتنقية من أجل فصل الببتيدات اعتماداً على اختلاف انحلاليتها في سائلين لا يمتزجان.

لا تستخدم هذه الطريقة كثيراً، ومع ذلك فقد تمكنت من فصل الإنسولين إلى مُكَوِّنَين يختلف بعضهما عن بعض بحمض أميني واحد فقط. كما أن هذه الطريقة تستخدم لتجزئة fractionation الببتيدات وليس البروتينات.

5- التثفيل الفائق ultracentrifugation: يستخدم في ترسيب البروتينات عالية الكتلة الجزيئية، وذلك بالتثفيل بسرعات عالية ولفترة زمنية أطول، وهكذا فإن المحاليل ذات الكثافة الأعلى من المُحِل solvent تسمح للبروتينات بالطفو. وقد نجحت هذه الطريقة في دراسة مصل البروتينات الشحمية lipoproteins التي- بسبب محتواها من الشحوم- تتمتع بكثافة أقل من كثافة البروتينات الأخرى؛ أي بروتينات المصل التي لا تحتوي على الشحوم. يضاف عادة الملح إلى المصل لرفع كثافة البروتينات التي لا تحتوي على الشحوم لتصبح كثافتها أعلى من كثافة البروتينات الشحمية، وهكذا تطفو هذه الأخيرة وتُجْمَع.

6- الترشيح الهلامي gel filtration: هو تقنية تُسْتَعْمَل لتنقية البروتينات التي تنفصل بسبب وزنها الجزيئي. وتُستخدَم خرزات دِكستران dextran beads، ذات القطر المِكروني لاستبعاد البروتينات عالية الوزن الجزيئي والسماح للبروتينات الأصغر بالانتشار إلى الداخل والخارج. ففي عمود مملوء بهذه الخرزات يحدث إعادةُ توزعٍ وفصلٍ باستمرار؛ لأن مزيج البروتين يتحرك عبر العمود، علماً أنه تتوافر خرزات بمساميات مختلفة من أجل فصل بروتينات ذات كتل جزيئية مختلفة.

يُستكمل تحليل البروتينات بتحليل الحموض الأمينية ومعرفة تتاليها sequencing وقياس طيفيتها الكتلوية mass spectrometry وتبئير تساوي كهربيتها isoelectric focusing ورَحَلانها الكهربائي بالهلام gel electrophoresis وتحديد نشاطها.

1- تحليل الحموض الأمينية: لاتصلح الطرائق الكيميائية التقليدية لتحليل الحموض الأمينية بسبب أوزانها الجزيئية العالية. ويستعاض عن ذلك بتحديد عدد الحموض ونسبة كل منها في البروتين. وهكذا تتم حلمهة hydrolysis البروتين بحمض كلور الماء لتحرير الحموض الأمينية؛ التي يمكن معرفة كميتها بتحليل الحموض الأمينية. ويمكن أن تقود هذه المعطيات؛ مع قياس الكتلة الجزيئية (التي يمكن تحويلها إلى عدد الحموض الأمينية في البروتين) إلى معرفة تركيب الحمض الأميني؛ أي إلى عدد كل حمض أميني ونوعه.

2- معرفة متتاليات البروتين: كان فريدريك سانغر F. Sanger أول من حدد متتاليات الببتيدات المتعددة من خلال جزيء الإنسولين؛ الذي يحتوي على سلسلتي A وB، المرتبطتين بروابط ثنائية الكبريت disulfide bonds (الشكل 13). وقد فصل سانغر السلسلتين باستخدام حمض النمل (في يسار الشكل) وß مركابتو إيتانول (في يمين الشكل)، ثم فصم كل سلسلة إلى ببتيدات أصغر باستخدام التريبسين والكيموتريبسين والببسين، ثم عزل هذه الببتيدات وعالجها بالحمض لفك الروابط الببتيدية والحصول على ببتيدات تتألف من حمضين أو ثلاثة حموض أمينية، ثم عامَلَ كل ببتيد بـ 1- فلورو 2- 4- دي نترو بنزين 1-fluoro-2,4-dinitrobenzene (محلول سانغر). وهكذا فرز مجموعات ألفا أمينو من النهاية الآزوتية (النهاية الأمينية) من السلسلة، ثم حدّد محتوى كل ببتيد من الحموض الأمينية وتعرّف إلى الحمض الأميني في النهاية الأمينية.

الشكل (13) فصل سلسلتي ببتيد الإنسولين المرتبطتين برابطة ثنائية الكبريت (المبينة باللون الأزرق) بحمض النمل وبمركابتو إيتانول.

تتفاعل زمرة الأمين ε في الليزين أيضاً مع محلول سانغر، لكن بما أن النهاية الأمينية لليزين تتفاعل مع 2 مول من محلول سانغر؛ فإن هذه النهاية تتمَيَّز من الليزين داخل الببتيد. وقد استطاع سانغر- بعمله على ببتيدات ثنائية وثلاثية ومن ثم سلاسل ببتيدية أطول- تحديد التتالي الكامل للإنسولين، وحصل بذلك على جائزة نوبل عام 1958.

ثم قدم بير إدمان Pehr Edman طريقة لتقويض البروتينات بتفكيك حمض واحد بشكلٍ متتالٍ من نهاية السلسلة، وذلك بربط الحمض الأميني الموجود في النهاية الآزوتية للببتيد المتعدد بمادة كيميائية- وخاصة فينيل إيزوثيوسيانات phenyl-isothiocyanate (C6H5N=C=S)- تقوم بفصل هذا الحمض الأميني وبقاء بقية سلسلة الببتيد المتعدد سليمة، ثم يمكن تحديد طبيعة هذا الحمض، وتكرار ذلك من أجل بقية الحموض (الشكل 14).

الشكل (14) تفاعل إدمَن لتحديد تتالي سلاسل الببتيدات.

يمكن تحديد الحموض القليلة الأولى بهذه الطريقة بسهولة. ولما كان معظم الببتيدات المتعددة يتألف من عدة مئات من الحموض؛ فإن معظم الببتيدات المتعددة يجب فصمها أولاً إلى ببتيدات متعددة أقصر قبل تطبيق طريقة إدمَن، وهذا ما حَدَّ من استعمال هذه الطريقة، لكنها مع ذلك تستخدم لتحديد هوية البروتين من خلال تَعَرُّف تتالي الحموض الستة إلى العشرة الأولى؛ ومقارنة ذلك بتتالي جينات المتعضية التي تم الحصول على البروتين منها.

قد لا تنجح طريقة إدْمَن بسبب إحصار blockage النهاية الآزوتية للسلسلة أو تغير هذه النهاية برابطة تساهمية، لذا يتم التغلب على ذلك- كما ذُكِر سابقاً- بتفكيك البروتين إلى عدة ببتيدات متعددة، يحدد بعد ذلك التتالي في هذه القطع الأصغر بمقارنة بعضها ببعض، ومن ثم دمجها، وإلا بفصل حموض أمينية من النهاية الكربونية على مراحل بإنزيمات كربوكسي ببتيداز carboxypeptidase وتحديد المتتاليات من النهاية الأخرى للببتيد المتعدد.

3- قياس الطيف الكتلي (المطيافية الكتلية) mass spectrometry: استخدمت هذه التقنية بنجاح كبير لمعرفة متتاليات البروتينات وتحديد التغيرات التي تطرأ عليها بعد تركيبها، كما تُقَدِّر هذه التقنية أيضاً الوزن الجزيئي للبروتين.

4- تبئير تساوي الكهربية isoelectric focusing (IEF): تتناسب شحنة البروتين مع عدد الحموض الأمينية الأساسية (القلوية)، أي الليزين والهستيدين والأرجينين، والحموض الأمينية ثنائيات الكربوكسيل، أي حمض الأسبارطي والغلوتامي. تتحكم هذه الشحنة بقابلية انحلال البروتين في أوساطٍ تختلف درجاتِ الحموضة (pH) فيها؛ لأن قابلية الانحلال تعتمد جزئياً على نسبة المجموعات القطبية. ففي الحموضة العالية (pH منخفضة) تكون الشحنة موجبة، وعندما تكون الحموضة منخفضة (pH مرتفعة) تكون الشحنة سالبة، وعندما تكون شحنة البروتين صفراً يقال عن البروتين إنه في نقطة التساوي الكهربائي isoelectric point (IP) . ويتم تبئير نقطة التساوي الكهربائي- الذي يتم بالرَحَلان الكهربائي electrophoresis للبروتين بحسب نقطة تساويه الكهربائي- عادة بعمود شاقولي يحتوي على تركيزٍ متدرجٍ للسكروز أو دكستران في حالة شبه صلبة. تضاف إلى مزيج البروتين - الذي يُرادُ دراسته - بوليمراتٍ صنعية synthetic polymers من الحموض الأمينية (حموض متعددة الأمين polyamino acids) ذات نقاط تساوٍ كهربائي مختلفة. وفي حقلٍ كهربائي يهاجر كل بوليمر مصنوع نحو النقطة التي تكون الشحنة فيها صفراً. وهكذا يتحقق تدرجٌ مستقر لهذه الحموض متعددة الأمين، الأمر الذي يعني حقيقةً مدروجاً لدرجة الحموضة pH. وهكذا تنفصل البروتينات المضافة بحسب نقطة التساوي الكهربي لكل منها.

5- الرحلان الكهربائي بالهلام: يجري تحليل عينات البروتين لتحري نقائها وحجمها بطرائق عديدة من الرحلان الكهربائي بهلام البولي أكريلاميد Polyacrylamide Gel Electrophoresis (PAGE). في الحالات العادية- أي عند عدم وجود عوامل تمسخ- تهاجر البروتينات بحسب كثافة شحنتها وحجمها وشكلها. وفي الوسط خفيف القلوية تكون معظم البروتينات ذات شحنة سالبة، وكلما انخفضت شدة الشحنة تباطأت هجرة البروتين، وتسبب قوة الاحتكاك لمادة الهلام التصفية، ما يؤخر تحرك البروتينات بحسب الحجم.

أما في حالات التمسخ denaturation فيُفصَل مزيجُ البروتينات بالرحلان الكهربائي بهلام البولي أكريلاميد بحسب الحجم، فتضاف كبريتات دودِسيل الصوديوم (SDS) Sodium Dodecyl Sulfate لتمسيخ البروتين، بغض النظر عن الشكل الأساسي للبروتين (غير المتمسخ) فتصبح البروتينات- بسبب تمسخها- عصوية الشكل، الأمر الذي يسبب حذف اختلافات الأشكال بين البروتينات. إن كبريتات دوديسيل الصوديوم ذات كهربية سلبية، لذا تميل إلى الالتصاق بالعمود الفقري للبروتين بنسبة تختلف بحسب الوزن الجزيئي للبروتين، وهكذا يهاجر كل معقد «بروتين-SDS» عبر الهلام بحسب الوزن الجزيئي. ويُحسَب حجم البروتين من المسافة التي يجتازها في هجرته في الهلام مقارنة ببروتينات ذات كتلة جزيئية معروفة.

6- النشاط النوعي: تعد الوظيفة function المُنتَج النهائي للبنية، لذا يجب في النهاية قياس وظيفة البروتين كلما أمكن ذلك، ففي حالة الإنزيمات مثلاً تتمثل وظيفتها بحفز التفاعلات الكيميائية. ويشار إلى نشاط الإنزيم عادة بوحدات النشاط، مثل مكرومولات المنتَج في الدقيقة، فالنشاط النوعي لإنزيم ما هو النشاط الكلي مقسوماً على كمية البروتين. وفي أثناء تنقية الإنزيم يزداد النشاط النوعي؛ لأن البروتينات المُلَوِّثَة تُزال، فاللوسيفيراز luciferase - مثلاً- هو إنزيم يوجد في الأعضاء المولدة للضوء في ذبابة النار firefly، يحفز تفاعلاً كيميائياً يتحول بموجبه اللوسيفيرين والأدينوزين ثلاثي الفسفات والأكسجين إلى أُكسي لوسيفِرين oxyluciferin وأدينوزين أحادي الفسفات وبيروفسفات pyrophosphate وينتج عن ذلك الضوء. وهكذا يمكن قياس نشاط اللوسيفيراز في ذبابة النار بقياس شدة الضوء الناتجة.

حسن حلمي خاروف

مراجع للاستزادة:

- R. J. Brooker, E. P. Widmaier, L. E. Graham and P. D. Stiling. Biology. McGraw-Hill, 2011.

- R. K. Murray, D. A. Bender, K. M. Botham, P. J. Kennelly, V. W. Rodwell and P. A. Weil, Harpers Illustrated Biochemistry. McGraw-Hill, 2009.

- P. H. Raven, G. B. Johnson, K. A. Mason, J. B. Losos and S. R. Singer, Biology. McGraw-Hill, 2011.

- J. B. Reece, L. A. Urry, M. L. Cain, S. A. Wasserman, P. V. Minorsky and R. B. Jackson, Campbell Biology.McGraw-Hill, 2011.


التصنيف : الكيمياء والفيزياء
النوع : الكيمياء والفيزياء
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1012
الكل : 31282491
اليوم : 30679