logo

logo

logo

logo

logo

البنى الفضائية (تصنيع)

بني فضاييه (تصنيع)

-

البنى الفضائية (تصنيع ـ)

محمد خالد شاهين

خصوصية تصنيع البنى الفضائية بعض أهم البنى الفضائية
تصنيف البنى الفضائية التصنيع في الفضاء
المتطلبات الخاصة بإنتاج البنى الفضائية الآفاق المستقبلية
المواد المستخدمة في التصنيع  
 

البنى الفضائية space structures هي طيف واسع من المنتجات المخصَّصة للتطبيقات الفضائية من سواتل satellites، وصواريخ إطلاق، ومركبات فضائية، ومحطات فضائية. من هذه البنى والمكوِّنات: ألواح المركبات الفضائية، والبنى المَسْرَوية bus، والمنظومات البنيوية القابلة للنشر deployable، ومنظومات الألواح الشمسية، وعواكس الهوائيات، وخزانات وقود الدفع propulsion.

يتطلب تصنيع البنى الفضائية الحديثة عادةً، استخدام مواد مُركّبة composites مقاومة للحرارة، ومكوِّنات متعددة الوظائف، وإنشاءات مرنة ومتينة ورقيقة الجدران، بهدف ضمان جودة الأداء، وخفة الوزن، وقابلية النشر، إضافةً إلى القدرة على التكيّف مع البيئة الفضائية.

خصوصية تصنيع البنى الفضائية

نظراً لأن المشاريع الفضائية ذات تكلفة باهظة، وأن نتائج الإخفاق قد تكون كارثية خاصة فيما يخص المهمات الفضائية المأهولة؛ يتوجب على مصنّعي البنى الفضائية ومركبات الإطلاق اعتماد إجرائيات تصميم وتصنيع واختبار صارمة ومتطورة، للتأكد من أن كل مادة وكل مكوّن وكل منظومة فرعية subsystem وبنية مستخدمة؛ تحقق أعلى المعايير من حيث الأداء والتحمّل durability.

فعلى سبيل المثال يتوجب على بنية ساتلية satellite structure تحقيق متطلبات جمّة، أهمها:

- مقاومة الحمولات loads الناجمة عن بيئة الإطلاق مثل التسارع.

- تحقيق الأداء الوظيفي المطلوب على المدار، مثل الاستقرار البُعدي dimensional stability.

- تحقق التواجه interface مع المنظومات الجزئية مثل التحكم الحراري.

- تسهيل إجرائية التجميع وسلسلة المكاملة.

- التوافق مع إجرائيات التصنيع المعيارية، واستخدام مكوِّنات معيارية.

ينبغي أخذ جميع تلك القيود بالحسبان في أثناء مرحلة التصميم البنيوي الأولية مع بداية المشروع، عندما تُجرى غالبية الموازنات trade off الميكانيكية (مثل الجائز truss مقابل الهيكل shell، أو الألواح المتكاملة integrated panels مقابل المنصة النسيقية modular). إذ يعدّ وضع المركبة على مدارها جزءاً مهماً من تكلفة المهمة، ومن ثمَّ يمثل تخفيض وزن البنية مع مراعاة مستوى الموثوقية المطلوب، تحدياً رئيسياً في التصميم البنيوي.

تصنيف البنى الفضائية

يمكن تصنيف البنى الفضائية في عدة فئات، أهمها:

- البنى الرئيسة primary: تهدف هذه البنى إلى نقل حمولات إلى قاعدة الساتل (أو المركبة) عبر مكوّنات مصمَّمة لهذه الغاية مثل أنبوب مركزي، أو منصة مُنْخرَبة honeycomb (يشبه قرص العسل)، أو جائز قضباني bar truss. توفر هذه البنية نقاط توصيل attachment points للحمولة المفيدة payload وللمعدات المرافقة. يقود إخفاق البنية الرئيسة إلى انهيار الساتل.

- البنى الثانوية secondary: يُطلب من هذه البنى - مثل عارضة التوجيه baffle- دعم ذاتها فقط، وهي موصولة بالبنى الرئيسة التي تضمن السلامة البنيوية الكلية. ولا يمثل إخفاق بنية ثانوية عادةً تهديداً للسلامة الكلية، إنما قد تكون له آثار خطيرة على المهمة.

- الملحقات المرنة flexible appendages: يكون لهذه البنى عادة ترددات تجاوب (رنين) resonant منخفضة تتفاعل مباشرة مع السلوك الديناميكي للساتل ويتطلب تصميمها عناية خاصة. من هذه الملحقات عواكس الهوائيات والصفيفات الشمسية solar arrays.

- البنى الضخمة الخاصة: هذه البنى لا يمكن تصنيفها ضمن الفئات السابقة نظراً لتعقيدها الكبير، وأصالتها، ومتطلباتها الخاصة. تضم هذه الفئة بنى المركبات الفضائية المأهولة، والمحطات الفضائية، والمقاريب (التلسكوبات) telescopes الفضائية، والقواعد الأمامية outposts المنظورة على القمر والكواكب الأخرى. يبيّن الشكل (1) المقراب الفضائي من الجيل الجديد جيمس وب James Webb الذي يتوقع إطلاقه في العام 2021.

الشكل (1) المقراب الفضائي جيمس وب في أثناء تصنيعه.

المتطلبات الخاصة بإنتاج البنى الفضائية

يتوجب على هندسة إنتاج البنى الفضائية ضمان القدرة على تصنيع البنية وجميع أجزائها بالطريقة المرغوبة، وأن تكون البنية ذات جودة وموثوقية وقابلية لإعادة الإنتاج reproducibility بالمستويات المطلوبة.

يشتمل إنتاج البنى الفضائية مراحل عدة تبدأ من تموين المواد، والمكوّنات، والأجزاء، فتصنيع المكوّنات، ثم تجميعها assembly، وأخيراً تجميع البنى الفرعية substructures؛ لتشكيل البنية النهائية، وذلك إما داخل المصنع وإما في موقع الإطلاق في حالة الحمولات المفيدة ومركبات الإطلاق.

1- التموين:

يعتمد التصنيع الناجح للبنى الفضائية على التزوّد المضمون بالمواد والأجزاء ذات جودة محدّدة ومقبولة، مثبتة بالاختبار أو التفتيش. ثمة عوامل عديدة يتوجب تقييمها في أثناء مراحل التصميم من أهمها: التوصيف specification، وقابلية التطبيق، وتحديد المصادر، وتنفيذ التموين استناداً إلى المواصفات المستمدة من الزبون وبما ينسجم مع طلب الشراء التفصيلي.

2- إجرائية التصنيع:

ينبغي استخدام الإجرائيات المعيارية في تصنيع المكوّنات الفضائية. ويتوجب أن تكوّن هذه الإجرائيات جزءاً من متطلبات ضمان الجودة الشاملة.

تُعرِّف معايير خاصة بمتطلبات ضمان الجودة، مثل التعاون الأوربي من أجل المعايير الفضائية European Cooperation for Space Standardization (ECSS)-Q-20 وتشمل التموين وإجرائية التصنيع.

3- رسومات التصنيع:

يجب استخدام رسومات drawings تصنيع مستمدة من رسومات التصميم، ومؤسسة بحيث تنسجم مع المتطلبات الوظيفية. وعلى رسومات التصنيع أخذ متطلبات الجودة وإجرائية التصنيع ومختلف مراحل التصنيع بالحسبان.

4- التشكيل بالقَطْع:

يتوجب على المتطلبات الخاصة بالتشكيل بالقَطْع tooling- بما فيها معدات التثبيت الدليلية jigs الخاصة بالتجميع- الأخذ بالحسبان المواد المستخدمة في التصنيع، والشكل الهندسي للأجزاء، والعدد المطلوب من الأجزاء، ومعدل الإنتاج. كما ينبغي على تصميم التشكيل بالقَطْع أن يلحظ مقبولية acceptability المكوِّنات المنجَزة من حيث الجودة والحجم والشكل.

5- تصنيع المكوِّنات:

ينبغي مراعاة متطلبات التصنيع بعناية في أثناء مرحلة التصميم. تكوّن تقنيات التجميع المستخدمة جزءاً من التصميم، لذا من الضروري أخذها بالحسبان عند تقييم التصاميم المتنافسة.

يُعد تطبيق متطلبات ضمان الجودة الخاصة بتصنيع المكوِّنات، والموصَّفة في المعيار ECSS-Q-20؛ أمراً إلزامياً. وكذلك ينبغي مطابقة جميع عمليات التصنيع لمتطلبات ضمان المنتج. ويجري أيضاً إيلاء عناية خاصة لتلوث contamination البنى المحدَّدة ورطوبتها moisture.

6- التجميع:

تخضع عملية التجميع أيضاً للمعيار المشار إليه أعلاه. وينبغي أن تشتمل إجرائيات تجميع المكوِّنات على توصيف الأجزاء والمواد، وتعليمات التجميع (بما فيها التحضير والمعدات والأجزاء والمواد والطريقة والتطهير)، والتدقيق inspection، والاختبار. يبيّن الشكل (2) عملية تدقيق البنية الرئيسية من المركبة الفضائية مافن Mars Atmosphere and Volatile Evolution (MAVEN) التي قامت بتصنيعها شركة لوكهيد مارتن Lockheed Martin لصالح وكالة الناسا National Aeronautics And Space Administration (NASA)، والتي جرى إطلاقها في الثامن عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2013 على متن صاروخ من نوع أطلس 5 Atlas V.

الشكل (2) إجراء تدقيق على البنية الرئيسية من المركبة الفضائية مافن

تُصنّف عمليات التجميع في فئتين: تجميع المكوِّنات والتجميع الرئيسي. ويُقصد بتجميع المكوِّنات وصل الأجزاء الإفرادية لتشكيل مجموعات أو بنى فرعية. ويمكن للمكوِّنات أن تكون صغيرة أو كبيرة تبعاً لتصميم البنية.

في حين يُطلق اسم التجميع الرئيسي على وصل البنى الفرعية substructures الكبيرة أو البناء النهائي لمركبة الإطلاق وحمولاته والتحضير للإطلاق. وتخضع عمليات التجميع الرئيسية لأعمال التدقيق لاختبارات ميكانيكية ووظيفية عديدة.

7- التعبئة والمناولة والنقل:

تتوفر معايير خاصة بتعبئة packaging البنى الفضائية ومناولتها handling ونقلها، كتلك المتضمنة في المعيار ECSS-Q-20.

المواد المستخدمة في التصنيع

1- الخصائص المطلوبة

يُعد اختيار المواد لتصنيع البنى الفضائية خطوة مهمة في إجرائية التصميم. فالانتقاء التقليدي بالاعتماد على نسبة المتانة إلى الكثافة ليس كافياً. إذ يتوجب أخذ الكثير من الخصائص الأخرى بالحسبان مثل الجسوء (الصلبية) stiffness، ومقاومة التأكل بالإجهاد stress corrosion، ومقاومة الصدع fracture toughness، والخواص المميزة الحرارية، والتسامي sublimation، والخصائص الكهربائية والمغنطيسية، وسهولة التصنيع، والتوفر (المتاحية) availability، والتكلفة.

أ- المتانة النوعية: تُعرَّف المتانة النوعية لمادة بأنها الإجهاد الذي يتسبب باستطالة قدرها %0.2 ضمن حدود المرونة مقسومة على الكثافة. يُستخدم هذا الموسط في عمليات المقارنة الأولية بين المواد. وللمعادن المشابة بالتيتانيوم titanium، والمرَكَّبات المعزَّزة بالألياف (مثل الكيفلار Kevlar) مقاومات نوعية عالية نموذجياً.

ب- الجسوء النوعي: يعرَّف الجسوء النوعي على أنه معامل يونغ Young’s modulus مقسوماً على الكثافة. ومعامل يونغ هو نسبة الإجهاد المطبَّق إلى الانفعال الحاصل ضمن حدود المرونة. ويؤدي هذا الموسط دوراً مهماً في اختيار المادة الفعالة من حيث الكتلة.

ج- الخواص المميزة الحرارية: يُعدّ معاملا الناقلية الحرارية والتمدد الحراري موسطين حرجين يتوجب أخذهما بالحسبان عند اختيار مادة لتطبيق بنيوي محدد.

د- التصدّع والكلال: لمقاومة التصدّع والكلال fatigue دور رئيس في تحسين معاملات الأمان وزيادة الفاعلية البنيوية. إذ يُفترض وجود التشقق الصُغري microcracking في جميع البنى، ويتوجب على المصمِّم ضمان عدم حدوث أعطال نتيجة هذه الثلمات flaws، طوال مدة خدمة البنية من جهة، والتحقق من قدرة التصميم والمواد على تحمّل التشققات غير الكارثية non-catastrophic حتى حجم معين. كما يمكن استخدام تقنيات الاختبارات اللاتخريبية (غير الإتلافية) non-destructive للتثبت من عدم وجود تشققات أكبر من الحجم الحرج، قبل الإطلاق. تُجرى هذه الاختبارات عادة اعتماداً على السبر بالأمواج فوق الصوتية ultrasonic sounding، وبالأشعة السينية X-ray، والتصوير الحراري thermography، والتصوير التجسيمي (الهولوغرافي) holography.

هـ- سهولة التصنيع: ينبغي على مصمِّم البنى الفضائية مراعاة إجرائية التصنيع عند تصميم البنى الفضائية. فبعض البنى المؤلفة من مواد مختلفة قد تكون ذات تكلفة تصنيع باهظة، ويمكن الاستعاضة عنها ببنى مؤلفة من مواد وأشكال هندسية أقل تعقيداً، تؤدي الوظيفة المطلوبة. كما يمكن لبعض المواد مثل البريليوم beryllium وخلائط الألمينيوم والليثيوم aluminium-lithium أن تتسبب بمخاطر في أثناء التصنيع.

ولما كان من الضروري إجراء تعديلات متأخرة في أثناء تجميع المكوِّنات الإفرادية؛ يتوجب على المصمِّم إتاحة هذه الإمكانية على مستوى التجميع إذا اقتضت الضرورة ذلك.

2- المعادن

أ- الألمنيوم: تمثل خلائط الألمنيوم غالبية مواد بنى المركبات الفضائية. إذ يتميز الألمنيوم بنسبة جسوء إلى كثافة عالية، وقابلية تشكيل workability ممتازة، وعدم تأثر بالمغنطيسية، وتكلفة معقولة، وليونة عالية، ومقاومة عالية للتأكل، ومتاحية في أشكال متعددة، كل هذه العوامل تجعل من الألمنيوم الخيار الأفضل لمعظم التطبيقات. أما المثلب الرئيس له فهو تدني مقاومة الخضوع yield strength.

تسمح خلائط الألمنيوم- الليثيوم Al-Li بخفض وزن مركبة الإطلاق بقرابة %30. يمكن لهذه المواد امتلاك مقاومة شد تربو على 100 ksi (1 كيلو باوند بالإنش المربع، ويساوي 6.89476 ميغا باسكال)، ومقاومة فرط تبريد cryogenic strength أكبر من أي خليط ألمنيوم آخر، وهو معامل مهم بالنسبة إلى خزانات الوقود ذي التبريد المفرط.

ب- الفولاذ: تعاني الإنشاءات الفولاذية structural steels من خصائصها المغنطيسية، على الرغم من أن الفولاذ الأوستنيتي غير قابل للصدأ austenitic stainless لا يتمغنط. إلا أن نسبة الجسوء إلى الكثافة للفولاذ الأوستنيتي أخفض من خلائط الألمنيوم. ومع ذلك يمكن استخدام هذه المواد نظراً لمتانتها العالية.

ج- التيتانيوم: يُستخدم التيتانيوم titanium -وهو مادة لا تتمغنط- في الكثير من التطبيقات التي لا يمتلك الألمنيوم فيها المتانة المطلوبة. وعلى الرغم من صعوبة تشغيل machining التيتانيوم فهو يمتلك مقاومة خضوع كبيرة ونسبة جسوء إلى كثافة عالية، ويلائم بصورة خاصة تطبيقات درجات الحرارة المنخفضة (مثل تخزين الوقود ذي التبريد المفرط). أما عند درجات الحرارة العالية فيتفوق الفولاذ على التيتانيوم، مع احتفاظ التيتانيوم بأفضلية على الألمنيوم.

ثمة نوع جديد من المواد المعتمدة على التيتانيوم هو التيالومينيد Ti aluminides، وهي ذات كثافة منخفضة وتبدي متانة عالية عند درجات حرارة أعلى من 700°س، وتقاوم الأكسدة عند جميع درجات الحرارة. وتُستخدم هذه المواد مادة مركبّة ترابط مؤلِّفة composite matrix material، وفي البنى المنخربة.

د- المغنيزيوم: للمغنيزيوم نسبة جسوء إلى كثافة قريبة من الألمنيوم، إلا أنه- كما خلائطه- عرضة للتصدّع القَصِفي brittle fracture. لذا يقتصر استخدامه على التطبيقات التي يمكن فيها الإفادة من مقاومته النوعية الأعلى نسبياً، أو من سلوكه الجيد عند درجات الحرارة المنخفضة.

هـ- البريليوم beryllium: وله تطبيقات محتملة كثيرة نظراً لأن كثافته لا تتجاوز 60% من كثافة الألمنيوم، ونسبة جسوء إلى وزن أفضل بست مرات من الألمنيوم أو التيتانيوم. ولما كان هذا العنصر أكثر جسوءاً من المواد الأخرى، فإنه يفيد في تفادي ترددات الرنين resonant frequencies التي قد تحدث بين ساتل وصاروخ المرحلة الأولى booster في أثناء الإطلاق. كما أن البريليوم لا يتمغنط، وله معامل مرونة elastic modulus عالٍ (قرابة 303 جيغاباسكال Gpa)، ومقاومة نوعية عالية. يمكن خفض الوزن بصورة مهمة عند استخدام البريليوم عوضاً عن الألمنيوم، كما تجعل ناقليته الحرارية العالية منه خياراً ممتازاً للمكوِّنات المراد منها نقل الحرارة. إضافةً إلى ذلك فهو لا يتفاعل مع الهدروجين. إلا أن البريليوم غير متناح (متباين الخواص اتجاهياً) anisotropic، وحساس للأضرار، وهو قصيف (هش) أكثر بمرتين من قَصَف الألمنيوم.

يعاني البريليوم انخفاضاً في مقاومته للتصدّع عند درجات الحرارة المفرطة البرودة. وتسمح خلائط البريليوم-الألمنيوم بتجاوز هذا المثلب. كما أنه يحتاج إلى أدوات ومنشآت تصنيع خاصة نظراً لسميّة غباره، وهذا ما ينعكس زيادةً في التكلفة.

3- المواد المركبة (المُرَكَّبات)

تحتل المُرَكَّبات المكانة الأولى بين المواد المستخدمة في التطبيقات الفضائية والجوية. إذ إنها تمتلك نسب جسوء إلى وزن تفوق جميع المعادن، ويسمح ذلك بتخميد damping الاهتزازات غير المرغوبة. وتسمح المُركَّبات -بفضل معاملها المحوري السالب axial coefficient للتمدد الحراري- للبنى بأن لاتتشوه عند درجات الحرارة القصوى في الفضاء. كما أنها تتفوق على النحاس من حيث الناقلية الحرارية، وبذلك توفر أيضاً إدارة حرارية ومصرِّفات (مشعات) حرارية heat sinks أخف وزناً.

تُعد مركَّبات الألياف الكربونية carbon fibers الخيار الطبيعي عندما يكون الجسوء حرجاً، كما هي الحال في المقاريب والهوائيات والعواكس. كما تُعدّ المركَّبات المعدنية القالب metal matrix، والكربونية القالب، والخزفية القالب ceramic-matrix؛ الخيار الأفضل من أجل التطبيقات ذات الحرارة العالية، مثل الأسطح الخارجية للمركبات الراجعة re-entry vehicles، حيث إنها تتحمل درجات حرارة تفوق 2500 °س، من دون تبريد فعال.

يجري تأريض grounding المنظومات الكهربائية بإضافة شرائح strips ناقلة، وهذا ما يزيد كتلة البنية. كما أن الفُرَض nicks والأسنان، التي يمكن إصلاحها أو إهمالها في البنى المعدنية؛ يمكنها تدمير كامل الليف، وجعل المركَّب غير صالح للاستخدام.

ومن الأمثلة على تطبيقات المُركَّبات المدعمة بالألياف fiber reinforced الزجاج الذي يمتاز بشدة وتكلفة منخفضتين وعدم الحساسية للإجهاد، ويُستخدم في غطاء casing المحرك الصاروخي الصلب، وفي أوعية الضغط، وفك الاقتران decoupling الحراري. ويُستخدم الكيفلار الذي يمتاز بشدة عالية وتكلفة منخفضة وشفافية للترددات الراديوية ومقاومة الصدم؛ في غطاء المحرك الصاروخي الصلب والهوائي العاكس الثنائي الشبكة bi-grille، والدروع shrouds وأوعية الضغط.

ومن الأمثلة على المُركَّبات أيضاً المتماثرات (البوليمرات) المدعمة بألياف الكربون العالية الشَّد High-Tension Carbon Fiber Reinforced Plastic (HT-CFRP) المستخدمة بين مراحل صاروخ الإطلاق، والمتماثرات المدعمة بألياف الكربون ذات معامل الشَّد العالي High-Modulus CFRP (HM-CFRP) المستخدمة في الألواح الشمسية وعواكس الهوائيات، والبوليمرات (المتماثرات) المدعمة بألياف الكربون ذات معامل الشَّد الفائق Ultra High Modulus CFRP (UHM-CFRP)، التي تمتاز بجسوء عالٍ وتكلفة عالية، والمستخدمة في المقاريب والبنى المستقرة المرونة الحرارية المتطورة وعواكس الهوائيات.

وقد جرى حديثاً اقتراح مواد متعددة الوظائف على أنها جزء متكامل من بنية المركبة الفضائية، ومنها مركَّبات بنيوية قالبية راتنجية مدعمة بألياف البوليتيلينpolyethylene تحقق تحجيباً shielding فاعلاً وسلامة بنيوية.

بعض أهم البنى الفضائية

1- البنى الفضائية القابلة للنفخ:

بدأ الاهتمام بالبنى الفضائية القابلة للنشر والقابلة للنفخ inflatable منذ خمسينيات القرن العشرين. وتمتاز هذه البنى بانخفاض التكلفة، وفاعلية تعبئة ميكانيكية مذهلة، وموثوقية نشر، وخفة وزن.

ومن الأمثلة على أولى هذ البنى: الساتل إيكو 1
Echo 1 والساتل إيكو 2 Echo 2 (الشكل 3) اللذان أطلقا إلى الفضاء في العامين 1960 و1964 على الترتيب.

 

الشكل (3) الساتل إيكو 2.

ثم صُنعت في ستينيات القرن العشرين هوائيات رادار بحث، وعواكس قطعية مكافئة عدسية Lenticular Parabolic Reflector. ثم جرى تطوير هوائيات قابلة للنفخ زُوّد بها مكوك الفضاء الأمريكي منذ العام 1996. وكذلك مركبات اختبار صغيرة قابلة للنفخ لتوسيع المحطة الفضائية الدولية International Space Station (ISS) في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. يبيّن الشكل (4) عاكساً ذا سطح مشدود بالأضلاع قابلاً للطي collapsible Rib-Tensioned Surface (CRTS) طورته وكالة الفضاء الأوربية إيزا European Space Agency (ESA).

الشكل (4) عاكس قابل للطي

2- المحطة الفضائية الدولية:

وهي ساتل صنعي صالح للسكن يدور على مدار منخفض حول الأرض. وهي بنية نسيقية أُطلقت أولى مكوِّناتها في العام 1998، وتتكون من وحدات مكيّفة الضغط pressurized، وجوائز trusses خارجية، وألواح شمسية ومكونات أخرى. ويستمر العمل في المحطة حتى العام 2028.

الشكل (5) المحطة الفضائية الدولية.

3- البنى المعقدة (المجمعة):

تسمح التحسينات في المواد وإجرائيات التصنيع وخاصة المواد المركَّبة، بزيادة الشدة والصلابة. في حين يجري تحقيق استقرار حراري محسَّن لمكوِّنات مثل المناضد البصرية باستخدام مواد كربونية قالبية وخزفية قالبية. وتسمح مكاملة المنظومات في بنى مركَّبة بالاقتراب من البنية الذكية.

التصنيع في الفضاء

تُعدّ تكلفة إطلاق البنى الكبيرة بوساطة مركبات الإطلاق وتعقيد الإجرائية أحد أهم القيود على تطور أبحاث الفضاء.

تمثل عملية تجميع المحطة الفضائية الدولية وبنائها في الفضاء على مدار منخفض حول الأرض خير مثال على نجاح عمليات التجميع والبناء خارج الأرض. وقد مهد ذلك الطريق نحو حلم أكبر، وهو تصنيع البنى في الفضاء الخارجي.

ثمة مشاريع عديدة بالفعل قيد البحث والتطوير لبناء بنى كبيرة مثل الأشرعة الشمسية solar sails وعواكس الهوائيات وغيرها؛ في الفضاء عوضاً عن بنائها على الأرض. ومن هذه المشاريع الرائدة العَقْد الذي حصلت عليه شركة ماغنا بارفا Magna Parva البريطانية لتطوير منظومة تصنيع وتجميع خارجية off planet مدمجة consolidated للبنى الفضائية الكبيرة.

وتستخدم هذه المنظومة تقانات عدة مثل جذب ودفع pultrusion، وهي إجرائية تصنيع مستمرة لمواد مرَّكبة من أي طول وبمقطع عرضي cross-section ثابت. ويتمثل الهدف البعيد من هذه المنظومات في تطوير تقانة فضائية تسمح بتصنيع بنى كبيرة مع محسّات sensors ودارات إلكترونية ومفعلات actuators مدمجة.

الآفاق المستقبلية

تستمر الأبحاث والدراسات بهدف تصنيع بنى فضائية أكثر مرونة وخفة في الوزن ومتانة ومقاومة للحرارة وموثوقة، لرفد أسطول السواتل والمهمات الفضائية المستقبلية. ومن هذه المشاريع تصنيع مساكن قابلة للنفخ لإيواء رواد الفضاء على متن القمر بحدود العام 2025 لمصلحة وكالة الفضاء الأوربية (إيزا)، وإدارة الطيران والفضاء الوطنية الأمريكية (ناسا).

ثمة مشاريع أيضاً لتصنيع بنى مدارية هائلة أبعادها من رتبة الكيلومترات لتكون محطات تجميع ساتلية للطاقة الشمسية لسدّ الطلب المتزايد على الطاقة. ومشاريع لتصنيع معامل تصنيع إلكترونية ماكروية macro-electronics. وأخيراً برامج بحثية وصناعية عديدة لبناء بنى متنوعة في الفضاء مثل الخلايا الشمسية لتزويد السواتل الصغيرة بالطاقة، وتصنيع مكوّنات مركبات فضائية وتجميعها بوساطة روبوتات في الفضاء لتعزيز برامج استكشاف الفضاء.

مراجع للاستزادة:

- D.L. Edwards, M. Chipara, Polymeric Materials for Solar Sail, Materials Res earch Society Symposium Proceedings, volume 851, 2005.

- P. Fortescue et al., Spacecraft Systems Engineering, John Wiley and Sons, 2011.

- W. Ley et al., Handbook of Space Technology, John Wiley and Sons, 2009.


التصنيف : تقانات الفضاء والفلك
النوع : تقانات الفضاء والفلك
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 551
الكل : 31512252
اليوم : 28657